خطاب حميدتي واتفاق جوبا
تاج السر عثمان بابو
25 July, 2022
25 July, 2022
1
كعادته ،مع بعض المحسنات اللغوية والشكلية ، جاء خطاب حميدتي منتصف الليل ذرا للرماد في العيون ومراوغا ، ومحاولة لايجاد مخرج آمن ، ومتزامنا مع ورشة (قحت) الأخيرة لتقييم تجربة الفترة الانتقالية التي أكدت المؤكد ، ولم تنفذ الي جوهر المشكلة التي هي في الشراكة مع العسكر ، التي تعمل علي اعادتها مرة أخري بشكل متوازن!!.
كما جاء الخطاب متأثرا بقرارات مؤتمر جدة الأخير ورفض السيسي لقوات المرتزقة وتجار السلاح والمليشيات، وبالضغوط الخارجية الأمريكية وتهديدها بالعقوبات بعد رصد شركات الجنجويد ، وثروات حميدتي ، و المنزعجة من تحالف حميدتي مع روسيا، والذي جاءت زيارته لها مع بداية الحرب الاوكرانية الروسية وتصريحه بامكانية قيام قاعدة روسية علي البحر الأحمر، اضافة لوجود المرتزقة الروس " فاغنر" وشركات الذهب الروسية في السودان التي تنهب ثروات البلاد من الذهب والتي تورطت في قمع المواكب السلمية قبل ثورة ديسمبر وتدريب بعض القوات التي شاركت في مجزرة فض الاعتصام كما تم رصدها في الصالحة غرب ام درمان.
اضافة لتأثر الخطاب بالضغوط الخارجية للاسراع بالتسوية التي تعيد إنتاج الشراكة مع العسكر التي فشلت واعادت إنتاج سياسات النظام البائد القمعية والاقتصادية والتفريط في السيادة الوطنية ونهب ثروات البلاد. وفي هذا الاتجاه أشار خطاب حميدتي الي ضرورة الوصول لجيش واحد بعد دمج قوات الجنجويد وقوات الحركات ، والالتزام بالدستور ، واصلاح المنظومة العسكرية والأمنية ، وتنفيذ اتفاق جوبا للسلام بما في ذلك الترنيبات الأمنية للوصول لجيش مهني يعكس تعدد السودان ، وتكرار حديث البرهان بترك الجيش الحكم للمدنيين، والتفرغ لأداء مهانه الوطنية السامية المنصوص عليها في الدستور ، وأنه اندهش في زيارته الأخيرة في دارفور من حجم الدمار الذي خلفته الحروب والتهميش !!!
فالخطاب ما هو الا مراوغة ومحاولة بائسة لاثارة البلبلة ، فمطلب الشارع " العسكر للثكنات والجنجويد ينحل"، فقوات الجنجويد هي مرتزقة حقت ثروات ضخمة بتصدير الجنود لحرب اليمن ، وتعاونت مع الاتحاد الاوربي في وقف الهجرة لدول اوربا مقابل مليارات الدولارات، ومتورطة في الابادة الجماعية التي تمت في دارفور منذ العام 2003 ، وفي قمع المواكب السلمية ومقتل أكثر من 200 شهيد في هبة سبتمبر 2013 ، وفي مجزرة فض الاعتصام ، وفي الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر ، والمجازر التي حدثت بعده، اضافة لتحقيق مليارات الدولارات من نهب الذهب وثروات البلاد وتهريبها للخارج كما اوضحت تقارير المنظمات الدولية.
فالمطلوب حل قوات الجنجويد ومليشيات الكيزان وجيوش الحركات وتكوين الجيش القومي المهني الموحد وعودة كل شركات الجيش والأمن والشرطة والجنجويد لولاية وزارة المالية ، ومحاكمة المتورطين في جرائم دارفور ومجزرة فض الاعتصام وجرائم ما بعد انقلاب 25 أكتوبر ، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها.
2
أما بخصوص ما جاء في خطاب حميدتي حول تنفيذ اتفاق جوبا فمردود ، فقد اثبت اتفاق جوبا فشله ، كما في الآتي :
- قام علي المحاصصات غير المبررة في تمثيل الموقعين علي الاتفاق في السلطة، مما نسف ما جاء في الأهداف والمبادئ العامة التي جاءت في صدر الاتفاقية، ومبدأ معالجة قضايا المناطق المهمشة في إطار معالجة الأزمة العامة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في السودان، والتنمية المتوازنة في جميع أقاليم السودان، وقيام جهاز دولة قليل التكلفة المالية، وتخفيض منصرفات الأمن والدفاع والقطاعين السيادي والحكومي ، وزيادة ميزانية التنمية ومنصرفات التعليم والصحة والدواء وخدمات المياه والكهرباء، وتوفير الخدمات البيطرية، وحماية البيئة، والاستعداد لكوارث الفيضانات والسيول، إعادة وتأهيل وإعمار المناطق الأقل نموا والمتأثرة بالحروب.
لكن حقيقة الأمر زادت الأوضاع سوءا بعد اتفاق جوبا الذي تم بعد اختطاف العسكر لملف السلام من رئيس الوزراء حمدوك ، والذي ساهم قادته في تعطيل قيام المجلس التشريعي وعدم تسليم البشير ومن معه للجنائية ، وتعطيل التحقيق في مجزرة فض الاعتصام . الخ كما وضح من الاتفاق تحت الطاولة قبل اتفاق جوبا كما اشار مناوي ، اضافة الي مشاركة قادته في الانقلاب علي الثورة والقمع الوحشي للمظاهرات السلمية الذي أدي لاستشهاد أكثر من 104 شهيدا، واصابة الالاف اضافة لحملة الاعتقالات والتعذيب الوحشي للمعنقلين السياسيين وحالات الاغتصاب،.
اضافة لتولي جبريل ابراهيم وزارة المالية ، الذي سار في الطريق السابق مما أدي لقطع المساعدات الخارجية ، والعجز في الميزان التجاري ، وتدهور قيمة العملة والصرف المتضخم علي جهاز الدولة وقوات الحركات والجنجويد علي حساب ميزانية التنمية والصحة والتعليم ، وتدهور قيمة الجنية السوداني والارتفاع المستمر في الأسعار والضرائب والجبايات ، والكساد التضخمي ، واستمرار نهب ثروات البلاد تهريبها للخارج ،والزيادات المستمرة في أسعار الوقود والكهرباء التي أدت للمزيد من الغلاء وتدهور الأجور وتدهور الإنتاج الزراعي والصناعي والحيواني، وانهيارالنظام المصرفي ، رفض تمويل المالية للمزارعين في توفير مدخلات الإنتاج وعجزها عن شراء القمح من المزارعين مما أدي لتصديره لمصر ، والاسوأ من ذلك مخطط وزير المالية جبريل ابراهيم لتحويل مشروع الجزيرة الي هيئة تابعة لوزارة المالية تمهيدا لبيعه ، والذي رفضه المزارعون وتتسيقية ولاية الجزيرة في بيانها ، مما يتطلب اوسع حملة جماهيرية لرفض بيع جبريل ابراهيم لمشروع الجزيرة الذي يعتبر ركيزة أساسية للاقتصاد السوداني وتوفير الغذاء.
لقد تدهورت الاوضاع حتى اصبحت البلاد علي حافة المجاعة كما تشير تقارير الأمم المتحدة أن( 18) مليون مواطن مهددين بالمجاعة. وبالتالي لابديل غير اسقاط الانقلاب مع اتفاق جوبا وقيام الحكم المدني الديمقراطي الذي يحقق السلام الشامل والعادل.
3
هذا اضافة للخلل في منهج السلام في جوبا الذي حذرنا منه منذ بدايته، والذي قاد لهذا الاتفاق الشائه الذي لن يحقق السلام المستدام، بل زاد الحرب اشتعالا، كما حدث في دارفور بعد اتفاق جوبا والدمازين بعد الفتنة العنصرية الأخيرة ، قد يؤدي لتمزيق وحدة البلاد مالم يتم تصحيح منهج السلام ليكون شاملا وعادلا وبمشاركة الجميع.
اضافة للسير في الحلول الجزئية والمسارات التي تشكل خطورة علي وحدة البلاد ، ورفضها أصحاب المصلحة أنفسهم، كما حدث في الشرق والوسط والشمال..
- السير في منهج النظام البائد في اختزال السلام في محاصصات دون التركيز علي قضايا جذور مجتمعات مناطق الحرب من تعليم وتنمية وصحة وإعادة تعمير، فقد تمّ تجريب تلك المحاصصات في اتفاقات سابقة ( نيفاشا، ابوجا، الشرق،.الخ) وتحولت لمناصب ووظائف دون الاهتمام بمشاكل جماهير مناطق النزاعات المسلحة في التنمية والتعليم والصحة وخدمات المياه والكهرباء وحماية البيئة، وتوفير الخدمات للرحل و الخدمات البيطرية، وتمّ إعادة إنتاج الحرب وفصل الجنوب..
- - ليس هناك مبررا للتدخل الدولي الكثيف في شأن داخلي مثل: تدخل محور حرب اليمن، محور الدوحة، دول الترويكا وبقية الدول الأوربية وأمريكا في شأن داخلي يمكن أن يحله السودانيون ، علما بأن التدخل الخارجي اضافة لسياسات نظام الانقاذ كان سببا في فصل الجنوب.
4
ما هو البديل لاتفاق جوبا؟
- هو اسقاط الانقلاب وقيام الحكم المدني الديمقراطي ، وترسيخ الديمقراطية والتحول الديمقراطي، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وتغيير العملة ، وعودة كل شركات الذهب والبترول والجيش والأمن والدعم السريع وشركات الماشية والمحاصيل النقدية والاتصالات لولاية المالية، ودعم الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي بما يقوي الصادر والجنية السوداني وتوفير العمل للعاطلين من الشباب، ورفض السير في السياسة الاقتصادية للنظام البائد في رفع الدعم وتخفيض العملة والخصخصة،، وانجاز مهام الفترة الانتقالية وتفكيك التمكين والانتقال للدولة المدنية الديمقراطية التعددية ، ورفض الحلول الجزئية في السلام بالحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة.
- إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات ، واجازة قانون النقابات الذي يؤكد ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية ، واطلاق سراح كل المحكومين ونزع السلاح وجمعه في يد الجيش وحل جميع المليشيات وفقا للترتيبات الأمنية، لضمان وقف الحرب والصدامات القبلية والنهب والاغتصاب الجاري الآن في دارفور والشرق. الخ، وتكوين جيش قومي موحد مهني. .
- تسليم البشير والمطلوبين للجنائية الدولية ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب وضد الانسانية.
- عودة النازحين لقراهم وحواكيرهم ، وإعادة تأهيل وتعمير مناطقهم ، وعودة المستوطنين لمناطقهم ، وتحقيق التنمية المتوازنة.
- السيادة الوطنية ووقف ارسال القوات السودانية لمحرقة الحرب في اليمن، فلا يمكن تحقيق سلام داخلي، والسودان يشارك في حروب خارجية لا ناقة له فيها ولا جمل، والخروج من المحاور العسكرية، وعودة اراضي السودان المحتلة ، واعادة النظر في كل اتفاقات الاراضي والتعدين والمجحفة ، وقيام علاقاتناخارجية متوازنة مع جميع دول العالم علي اساس المنفعة والاحترام المتبادل، وتصفية كل بؤر الارهاب والحروب في السودان.
alsirbabo@yahoo.co.uk
التغيير الجذري لمفارقة غياهب التخلف .. بقلم: تاج السر عثمان
1
دار جدل الايام الماضية عن ماهية " التغيير الجذري " الذي طرحه الحزب الشيوعي وأصوله كما أشار د. هشام عمر النور ، وكأن مفهوم التغيير الجذري شئ جديد في أدبيات الحزب الشيوعي السوداني يحتاج للبحث عن اصوله !! ، بالتالي من المهم الوضوح السياسي والنظري حول التغيير الجذري الذي يعني مفارقة غياهب التخلف بانجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية طرحه الحزب الشيوعي بعد الاستقلال عام 1956 ، والذي رفض "شعار تحرير لا تعمير" الذي طرحته الأحزاب الاتحادية بعد الاستقلال ، وطرح الشعار البديل " لا تحرير بلا تعمير" ، أي استكمال الاستقلال السياسي بالاستقلال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي يجدد حياة شعبنا ويرفع مستواه المعيشي والاقتصادي والثقافي وبناء المجتمع الصناعي الزراعي المتقدم ، والحل الديمقراطي السلمي للمسألة القومية، والثورة الثقافية الديمقراطية التي تؤكد علي وحدة البلاد من خلال تنوعها الثقافي واللغوي والديني والقبلي وبعث ثقافاتها ،والتخلص من التبعية والتخلف ، والعض بالنواجذ علي السيادة الوطنية.
هذا وقد فصّل الحزب الشيوعي التغيير الجذري أو البرنامج الوطني الديمقراطي بعد الاستقلال في برامجه المجازة في المؤتمرات الثالث فبراير 1956، والرابع اكتوبر 1967 ، والخامس يناير 2009 ، والسادس يوليو 2016م .
علي سبيل المثال جاء في برنامج الحزب الشيوعي المجاز في المؤتمر السادس ص 59 ما يلي:
" الثورة الوطنية الديمقراطية هي مرحلة ثورية علي طريق بناء المجتمع الاشتراكي في البلدان النامية التي لم تحظ بنمو وتطور بنيات وركائز النظام الرأسمالي الكافية التي تؤهلها للتحول الاشتراكي ، وتستهدف استكمال الاستقلال السياسي والتطور المستقل بانجاز مهام ما بعد الاستقلال السياسي واحداث التغييرات الجذرية في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية . ان القضية المركزية في مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية هي احداث الاصلاح الزراعي الجذري لتغيير علاقات الإنتاج في الريف وتطوير الوراعة رأسيا وافقيا ، وخلق علاقات غنتاج اجتماعية ، وبذلك تصبح الزراعة هي الأساس المادي والمدخل الرئيسي للبناء والتنمية والاقتصادية".
يواصل البرنامج ويقول:
" تتبني ونناضل من أجل تحقيق هذه المرحلة طبقات وفئات اجتماعية ثورية صاحبة مصلحة حقيقية في التطور الوطني الديمقراطي وبناء تحالف بقيادة الطبقة العاملة، ويتكون من القوي الرئيسية صاحبة المصلحة الحقيقية في الثورة الوطنية الديمقراطية والمناط بها استكمال مهام هذه المرحلة وهي تحالف العمال والمزارعين والمثقفين الثوريين والرأسمالية الوطنية المنتجة التي تتناقض مصالحها مع مصالح الرأسمال الأجنبي (الاستعمار)".
2
معلوم أنه بعد الاحتلال البريطاني للسودان ( 1898- 1956) ، سارت البلاد في طريق التنمية الاستعماري الرأسمالي حيث كان الاقتصاد السوداني متوجها خارجيا ، أي أن الاقتصاد السوداني كان خاضعا لاحتياجات بريطانيا يمد مصانعها بالقطن الذي كان المحصول النقدي الرئيسي ويشكل 60 % من عائد الصادرات ، وتم تغليب وظيفة زراعة المحصول النقدي على وظيفة توفير الغذاء الأساسي في الزراعة ، هذا إضافة لسيطرة الشركات والبنوك البريطانية على معظم التجارة الخارجية ، وارتباط السودان بالنظام الرأسمالي العالمي ، وفي علاقات تبادل غير متكافئة ، هذا إضافة لتصدير الفائض الاقتصادي اللازم للتنمية للخارج .
. كما كانت الصناعة تشكل 9 % من إجمالي الناتج القومي ، واجهض المستعمر أي محاولات لقيام صناعة وطنية ،اضافة الي سمات التخلف مثل : ضعف ميزانية التعليم والصحة ، واقتصاد غير مترابط ومضعضع داخليا، وتنمية غير متوازنة، مع غلبة القطاع التقليدي في السكان والمساهمة في الناتج المحلي الاجمالي، ونسبة أمية تجاوزت 85% جسب احصاءات 1956..
وبعد الاستقلال طرح الحزب الشيوعي الخروج من مسار طريق التنمية الرأسمالي الاستعماري الذي اورث البلاد التخلف والفقر والتبعية ، بالتغيير الجذري، أي انجاز مهام المرحلة الوطنية الديمقراطية
ولكن البلاد سارت في طريق التنمية الرأسمالية بعد الاستقلال ، ودخلت البلاد في الحلقة الجهنمية ( ديمقراطية – انقلاب . الخ) حيث أخذت الانقلابات العسكرية حوالي 52 عاما من عمر الاستقلال البالغ 66 عاما ، وتم اجهاض وعدم تنفيذ مهام الفترات الانتقالية واستقرار الديمقراطية بعد الاستقلال، وثورة اكتوبر 1964 ، وانتفاضة ابريل 1985 ،والفترة الانتقالية بعد ثورة ديسمبر ( ابريل 2019- أكتوبر 2921) التي انتهت بانقلاب 25 أكتوبر.
لقد كانت حصيلة طريق التنمية الرأسمالية الغربية بعد الاستقلال فاشلة وكان من نتائجها : تدمير القطاع الزراعي الذي يعتبر المصدرالرئيسي للفائض الاقتصادي اللازم للتنمية والمصدر لتأمين الغذاء، وبالتالي تأمين قرارنا وسيادتنا الوطنية، حنى اصبحت البلاد علي حافة المجاعة ، مع استمرار وتعميق الفقر والتفاوت الطبقي، والتنمية غير المتوازنة التي ادت للحروب وانفصال الجنوب، و اتفاقات سلام هشة مثل اتفاق جوبا التي تهدد وحدة ماتبقي من السودان، اضافة للتبعية للعالم الرأسمالي الغربي والخضوع لشروط صندوق النقد الدولي القاسية ، الديون الخارجية التي بلغت حوالي60 مليار دولار، فضلا عن تدمير الإنتاج الزراعي والصناعي، وظهور طبقات رأسمالية تقليدية وطفييلة اسلاموية وجديدة عسكرية ومدنية نهبت ثروات البلاد الزراعية والحيوانية والبترولية والمعدنية" الذهب" وهربتها للخارج.
هذه الطبقات المعادية لمصالح شعبنا وقوي "الهبوط الناعم" المعبرة عن مصالحها والمرتبطة بالاستعمار الحديث والدوائر الاقليمية هي التي تقف في تحالف معه ضد انجاز التغيير والجذري ، وقطع الطريق أمام ثورة ديمسبر للوصول الي اهدافها، باعادة إنتاج الشراكة مع العسكر والسياسات السابقة القمعية والاقتصادية والتفريط في السيادة الوطنية، واستمرار نهب ثروات البلاد.
3
وأخيرا ، لا بديل غير مواصلة الثورة حنى اسقاط الانقلاب وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة ،وانجاز مهام الفترة الانتقالية كما في:
- تفكيك التمكين واستعادة أموال الشعب المنهوبة ، وعودة شركات الجيش والأمن والدعم السريع والشرطة لولاية وزارة المالية، وحل مليشيات الجنجويد والكيزان ، وجيوش الحركات المسلحة ، وقيام الجيش القومي المهني الموحد .
- تحسين الاوضاع الاقتصادية والمعيشية، وتركيز الاسعار ومجانية التعليم والصحة ودعم السلع الاساسية من وقود وكهرباء ودواء.الخ، ودعم الإنتاج الزراعي والصناعي ، وتأمين الغذاء ، لموتجهة شبح المجاعة.
- الغاء كل القوانين المقيدة للحريات، واصلاح النظام العدلي والقانوني، واجازة قانون النقابات الديمقراطي للنقابات الذي يحقق ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية، وارجاع كل المفصولين العسكريين والمدنيين ، وترسيخ الديمقراطية والدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو اللغة أو الثقافة أو العرق، وتمكين الشباب والمرأة.
- والحل الشامل والعادل لتحقيق السلام المستدام بالغاء اتفاق جوبا والمسارات الذي فشل في وقف الحرب ، بل زادها اشتعالا كما في جنوب النيل الآزرق حاليا، وعودة النازحين لقراهم واعمار مناطقهم وعودة المستوطنين لمناطقهم وحل المليشيات وتقديم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية .
- وقف نهب ثروات البلاد ، والسيادة الوطنية، واستعادة اراضي السودان المحتلة، واعادة النظر في اتفاقات التعدين والاراضي المجحفة ، واجلاء قوات مرتزقة " فاغنر " من السودان، ووقف قيام أي قواعد عسكرية ، أو تأجير الميناء أو قيام ميناء جديد علي حساب ميناء بورتسودان.
- قيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية والتوافق علي دستور ديمقراطي وقانون انتخابات ديمقراطي يضمن قيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.
وغير ذلك من مهام الفترة الانتقالية التي تفتح الطريق للتغيير الجذري..
alsirbabo@yahoo.co.uk
كعادته ،مع بعض المحسنات اللغوية والشكلية ، جاء خطاب حميدتي منتصف الليل ذرا للرماد في العيون ومراوغا ، ومحاولة لايجاد مخرج آمن ، ومتزامنا مع ورشة (قحت) الأخيرة لتقييم تجربة الفترة الانتقالية التي أكدت المؤكد ، ولم تنفذ الي جوهر المشكلة التي هي في الشراكة مع العسكر ، التي تعمل علي اعادتها مرة أخري بشكل متوازن!!.
كما جاء الخطاب متأثرا بقرارات مؤتمر جدة الأخير ورفض السيسي لقوات المرتزقة وتجار السلاح والمليشيات، وبالضغوط الخارجية الأمريكية وتهديدها بالعقوبات بعد رصد شركات الجنجويد ، وثروات حميدتي ، و المنزعجة من تحالف حميدتي مع روسيا، والذي جاءت زيارته لها مع بداية الحرب الاوكرانية الروسية وتصريحه بامكانية قيام قاعدة روسية علي البحر الأحمر، اضافة لوجود المرتزقة الروس " فاغنر" وشركات الذهب الروسية في السودان التي تنهب ثروات البلاد من الذهب والتي تورطت في قمع المواكب السلمية قبل ثورة ديسمبر وتدريب بعض القوات التي شاركت في مجزرة فض الاعتصام كما تم رصدها في الصالحة غرب ام درمان.
اضافة لتأثر الخطاب بالضغوط الخارجية للاسراع بالتسوية التي تعيد إنتاج الشراكة مع العسكر التي فشلت واعادت إنتاج سياسات النظام البائد القمعية والاقتصادية والتفريط في السيادة الوطنية ونهب ثروات البلاد. وفي هذا الاتجاه أشار خطاب حميدتي الي ضرورة الوصول لجيش واحد بعد دمج قوات الجنجويد وقوات الحركات ، والالتزام بالدستور ، واصلاح المنظومة العسكرية والأمنية ، وتنفيذ اتفاق جوبا للسلام بما في ذلك الترنيبات الأمنية للوصول لجيش مهني يعكس تعدد السودان ، وتكرار حديث البرهان بترك الجيش الحكم للمدنيين، والتفرغ لأداء مهانه الوطنية السامية المنصوص عليها في الدستور ، وأنه اندهش في زيارته الأخيرة في دارفور من حجم الدمار الذي خلفته الحروب والتهميش !!!
فالخطاب ما هو الا مراوغة ومحاولة بائسة لاثارة البلبلة ، فمطلب الشارع " العسكر للثكنات والجنجويد ينحل"، فقوات الجنجويد هي مرتزقة حقت ثروات ضخمة بتصدير الجنود لحرب اليمن ، وتعاونت مع الاتحاد الاوربي في وقف الهجرة لدول اوربا مقابل مليارات الدولارات، ومتورطة في الابادة الجماعية التي تمت في دارفور منذ العام 2003 ، وفي قمع المواكب السلمية ومقتل أكثر من 200 شهيد في هبة سبتمبر 2013 ، وفي مجزرة فض الاعتصام ، وفي الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر ، والمجازر التي حدثت بعده، اضافة لتحقيق مليارات الدولارات من نهب الذهب وثروات البلاد وتهريبها للخارج كما اوضحت تقارير المنظمات الدولية.
فالمطلوب حل قوات الجنجويد ومليشيات الكيزان وجيوش الحركات وتكوين الجيش القومي المهني الموحد وعودة كل شركات الجيش والأمن والشرطة والجنجويد لولاية وزارة المالية ، ومحاكمة المتورطين في جرائم دارفور ومجزرة فض الاعتصام وجرائم ما بعد انقلاب 25 أكتوبر ، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها.
2
أما بخصوص ما جاء في خطاب حميدتي حول تنفيذ اتفاق جوبا فمردود ، فقد اثبت اتفاق جوبا فشله ، كما في الآتي :
- قام علي المحاصصات غير المبررة في تمثيل الموقعين علي الاتفاق في السلطة، مما نسف ما جاء في الأهداف والمبادئ العامة التي جاءت في صدر الاتفاقية، ومبدأ معالجة قضايا المناطق المهمشة في إطار معالجة الأزمة العامة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في السودان، والتنمية المتوازنة في جميع أقاليم السودان، وقيام جهاز دولة قليل التكلفة المالية، وتخفيض منصرفات الأمن والدفاع والقطاعين السيادي والحكومي ، وزيادة ميزانية التنمية ومنصرفات التعليم والصحة والدواء وخدمات المياه والكهرباء، وتوفير الخدمات البيطرية، وحماية البيئة، والاستعداد لكوارث الفيضانات والسيول، إعادة وتأهيل وإعمار المناطق الأقل نموا والمتأثرة بالحروب.
لكن حقيقة الأمر زادت الأوضاع سوءا بعد اتفاق جوبا الذي تم بعد اختطاف العسكر لملف السلام من رئيس الوزراء حمدوك ، والذي ساهم قادته في تعطيل قيام المجلس التشريعي وعدم تسليم البشير ومن معه للجنائية ، وتعطيل التحقيق في مجزرة فض الاعتصام . الخ كما وضح من الاتفاق تحت الطاولة قبل اتفاق جوبا كما اشار مناوي ، اضافة الي مشاركة قادته في الانقلاب علي الثورة والقمع الوحشي للمظاهرات السلمية الذي أدي لاستشهاد أكثر من 104 شهيدا، واصابة الالاف اضافة لحملة الاعتقالات والتعذيب الوحشي للمعنقلين السياسيين وحالات الاغتصاب،.
اضافة لتولي جبريل ابراهيم وزارة المالية ، الذي سار في الطريق السابق مما أدي لقطع المساعدات الخارجية ، والعجز في الميزان التجاري ، وتدهور قيمة العملة والصرف المتضخم علي جهاز الدولة وقوات الحركات والجنجويد علي حساب ميزانية التنمية والصحة والتعليم ، وتدهور قيمة الجنية السوداني والارتفاع المستمر في الأسعار والضرائب والجبايات ، والكساد التضخمي ، واستمرار نهب ثروات البلاد تهريبها للخارج ،والزيادات المستمرة في أسعار الوقود والكهرباء التي أدت للمزيد من الغلاء وتدهور الأجور وتدهور الإنتاج الزراعي والصناعي والحيواني، وانهيارالنظام المصرفي ، رفض تمويل المالية للمزارعين في توفير مدخلات الإنتاج وعجزها عن شراء القمح من المزارعين مما أدي لتصديره لمصر ، والاسوأ من ذلك مخطط وزير المالية جبريل ابراهيم لتحويل مشروع الجزيرة الي هيئة تابعة لوزارة المالية تمهيدا لبيعه ، والذي رفضه المزارعون وتتسيقية ولاية الجزيرة في بيانها ، مما يتطلب اوسع حملة جماهيرية لرفض بيع جبريل ابراهيم لمشروع الجزيرة الذي يعتبر ركيزة أساسية للاقتصاد السوداني وتوفير الغذاء.
لقد تدهورت الاوضاع حتى اصبحت البلاد علي حافة المجاعة كما تشير تقارير الأمم المتحدة أن( 18) مليون مواطن مهددين بالمجاعة. وبالتالي لابديل غير اسقاط الانقلاب مع اتفاق جوبا وقيام الحكم المدني الديمقراطي الذي يحقق السلام الشامل والعادل.
3
هذا اضافة للخلل في منهج السلام في جوبا الذي حذرنا منه منذ بدايته، والذي قاد لهذا الاتفاق الشائه الذي لن يحقق السلام المستدام، بل زاد الحرب اشتعالا، كما حدث في دارفور بعد اتفاق جوبا والدمازين بعد الفتنة العنصرية الأخيرة ، قد يؤدي لتمزيق وحدة البلاد مالم يتم تصحيح منهج السلام ليكون شاملا وعادلا وبمشاركة الجميع.
اضافة للسير في الحلول الجزئية والمسارات التي تشكل خطورة علي وحدة البلاد ، ورفضها أصحاب المصلحة أنفسهم، كما حدث في الشرق والوسط والشمال..
- السير في منهج النظام البائد في اختزال السلام في محاصصات دون التركيز علي قضايا جذور مجتمعات مناطق الحرب من تعليم وتنمية وصحة وإعادة تعمير، فقد تمّ تجريب تلك المحاصصات في اتفاقات سابقة ( نيفاشا، ابوجا، الشرق،.الخ) وتحولت لمناصب ووظائف دون الاهتمام بمشاكل جماهير مناطق النزاعات المسلحة في التنمية والتعليم والصحة وخدمات المياه والكهرباء وحماية البيئة، وتوفير الخدمات للرحل و الخدمات البيطرية، وتمّ إعادة إنتاج الحرب وفصل الجنوب..
- - ليس هناك مبررا للتدخل الدولي الكثيف في شأن داخلي مثل: تدخل محور حرب اليمن، محور الدوحة، دول الترويكا وبقية الدول الأوربية وأمريكا في شأن داخلي يمكن أن يحله السودانيون ، علما بأن التدخل الخارجي اضافة لسياسات نظام الانقاذ كان سببا في فصل الجنوب.
4
ما هو البديل لاتفاق جوبا؟
- هو اسقاط الانقلاب وقيام الحكم المدني الديمقراطي ، وترسيخ الديمقراطية والتحول الديمقراطي، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وتغيير العملة ، وعودة كل شركات الذهب والبترول والجيش والأمن والدعم السريع وشركات الماشية والمحاصيل النقدية والاتصالات لولاية المالية، ودعم الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي بما يقوي الصادر والجنية السوداني وتوفير العمل للعاطلين من الشباب، ورفض السير في السياسة الاقتصادية للنظام البائد في رفع الدعم وتخفيض العملة والخصخصة،، وانجاز مهام الفترة الانتقالية وتفكيك التمكين والانتقال للدولة المدنية الديمقراطية التعددية ، ورفض الحلول الجزئية في السلام بالحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة.
- إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات ، واجازة قانون النقابات الذي يؤكد ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية ، واطلاق سراح كل المحكومين ونزع السلاح وجمعه في يد الجيش وحل جميع المليشيات وفقا للترتيبات الأمنية، لضمان وقف الحرب والصدامات القبلية والنهب والاغتصاب الجاري الآن في دارفور والشرق. الخ، وتكوين جيش قومي موحد مهني. .
- تسليم البشير والمطلوبين للجنائية الدولية ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب وضد الانسانية.
- عودة النازحين لقراهم وحواكيرهم ، وإعادة تأهيل وتعمير مناطقهم ، وعودة المستوطنين لمناطقهم ، وتحقيق التنمية المتوازنة.
- السيادة الوطنية ووقف ارسال القوات السودانية لمحرقة الحرب في اليمن، فلا يمكن تحقيق سلام داخلي، والسودان يشارك في حروب خارجية لا ناقة له فيها ولا جمل، والخروج من المحاور العسكرية، وعودة اراضي السودان المحتلة ، واعادة النظر في كل اتفاقات الاراضي والتعدين والمجحفة ، وقيام علاقاتناخارجية متوازنة مع جميع دول العالم علي اساس المنفعة والاحترام المتبادل، وتصفية كل بؤر الارهاب والحروب في السودان.
alsirbabo@yahoo.co.uk
التغيير الجذري لمفارقة غياهب التخلف .. بقلم: تاج السر عثمان
1
دار جدل الايام الماضية عن ماهية " التغيير الجذري " الذي طرحه الحزب الشيوعي وأصوله كما أشار د. هشام عمر النور ، وكأن مفهوم التغيير الجذري شئ جديد في أدبيات الحزب الشيوعي السوداني يحتاج للبحث عن اصوله !! ، بالتالي من المهم الوضوح السياسي والنظري حول التغيير الجذري الذي يعني مفارقة غياهب التخلف بانجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية طرحه الحزب الشيوعي بعد الاستقلال عام 1956 ، والذي رفض "شعار تحرير لا تعمير" الذي طرحته الأحزاب الاتحادية بعد الاستقلال ، وطرح الشعار البديل " لا تحرير بلا تعمير" ، أي استكمال الاستقلال السياسي بالاستقلال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي يجدد حياة شعبنا ويرفع مستواه المعيشي والاقتصادي والثقافي وبناء المجتمع الصناعي الزراعي المتقدم ، والحل الديمقراطي السلمي للمسألة القومية، والثورة الثقافية الديمقراطية التي تؤكد علي وحدة البلاد من خلال تنوعها الثقافي واللغوي والديني والقبلي وبعث ثقافاتها ،والتخلص من التبعية والتخلف ، والعض بالنواجذ علي السيادة الوطنية.
هذا وقد فصّل الحزب الشيوعي التغيير الجذري أو البرنامج الوطني الديمقراطي بعد الاستقلال في برامجه المجازة في المؤتمرات الثالث فبراير 1956، والرابع اكتوبر 1967 ، والخامس يناير 2009 ، والسادس يوليو 2016م .
علي سبيل المثال جاء في برنامج الحزب الشيوعي المجاز في المؤتمر السادس ص 59 ما يلي:
" الثورة الوطنية الديمقراطية هي مرحلة ثورية علي طريق بناء المجتمع الاشتراكي في البلدان النامية التي لم تحظ بنمو وتطور بنيات وركائز النظام الرأسمالي الكافية التي تؤهلها للتحول الاشتراكي ، وتستهدف استكمال الاستقلال السياسي والتطور المستقل بانجاز مهام ما بعد الاستقلال السياسي واحداث التغييرات الجذرية في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية . ان القضية المركزية في مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية هي احداث الاصلاح الزراعي الجذري لتغيير علاقات الإنتاج في الريف وتطوير الوراعة رأسيا وافقيا ، وخلق علاقات غنتاج اجتماعية ، وبذلك تصبح الزراعة هي الأساس المادي والمدخل الرئيسي للبناء والتنمية والاقتصادية".
يواصل البرنامج ويقول:
" تتبني ونناضل من أجل تحقيق هذه المرحلة طبقات وفئات اجتماعية ثورية صاحبة مصلحة حقيقية في التطور الوطني الديمقراطي وبناء تحالف بقيادة الطبقة العاملة، ويتكون من القوي الرئيسية صاحبة المصلحة الحقيقية في الثورة الوطنية الديمقراطية والمناط بها استكمال مهام هذه المرحلة وهي تحالف العمال والمزارعين والمثقفين الثوريين والرأسمالية الوطنية المنتجة التي تتناقض مصالحها مع مصالح الرأسمال الأجنبي (الاستعمار)".
2
معلوم أنه بعد الاحتلال البريطاني للسودان ( 1898- 1956) ، سارت البلاد في طريق التنمية الاستعماري الرأسمالي حيث كان الاقتصاد السوداني متوجها خارجيا ، أي أن الاقتصاد السوداني كان خاضعا لاحتياجات بريطانيا يمد مصانعها بالقطن الذي كان المحصول النقدي الرئيسي ويشكل 60 % من عائد الصادرات ، وتم تغليب وظيفة زراعة المحصول النقدي على وظيفة توفير الغذاء الأساسي في الزراعة ، هذا إضافة لسيطرة الشركات والبنوك البريطانية على معظم التجارة الخارجية ، وارتباط السودان بالنظام الرأسمالي العالمي ، وفي علاقات تبادل غير متكافئة ، هذا إضافة لتصدير الفائض الاقتصادي اللازم للتنمية للخارج .
. كما كانت الصناعة تشكل 9 % من إجمالي الناتج القومي ، واجهض المستعمر أي محاولات لقيام صناعة وطنية ،اضافة الي سمات التخلف مثل : ضعف ميزانية التعليم والصحة ، واقتصاد غير مترابط ومضعضع داخليا، وتنمية غير متوازنة، مع غلبة القطاع التقليدي في السكان والمساهمة في الناتج المحلي الاجمالي، ونسبة أمية تجاوزت 85% جسب احصاءات 1956..
وبعد الاستقلال طرح الحزب الشيوعي الخروج من مسار طريق التنمية الرأسمالي الاستعماري الذي اورث البلاد التخلف والفقر والتبعية ، بالتغيير الجذري، أي انجاز مهام المرحلة الوطنية الديمقراطية
ولكن البلاد سارت في طريق التنمية الرأسمالية بعد الاستقلال ، ودخلت البلاد في الحلقة الجهنمية ( ديمقراطية – انقلاب . الخ) حيث أخذت الانقلابات العسكرية حوالي 52 عاما من عمر الاستقلال البالغ 66 عاما ، وتم اجهاض وعدم تنفيذ مهام الفترات الانتقالية واستقرار الديمقراطية بعد الاستقلال، وثورة اكتوبر 1964 ، وانتفاضة ابريل 1985 ،والفترة الانتقالية بعد ثورة ديسمبر ( ابريل 2019- أكتوبر 2921) التي انتهت بانقلاب 25 أكتوبر.
لقد كانت حصيلة طريق التنمية الرأسمالية الغربية بعد الاستقلال فاشلة وكان من نتائجها : تدمير القطاع الزراعي الذي يعتبر المصدرالرئيسي للفائض الاقتصادي اللازم للتنمية والمصدر لتأمين الغذاء، وبالتالي تأمين قرارنا وسيادتنا الوطنية، حنى اصبحت البلاد علي حافة المجاعة ، مع استمرار وتعميق الفقر والتفاوت الطبقي، والتنمية غير المتوازنة التي ادت للحروب وانفصال الجنوب، و اتفاقات سلام هشة مثل اتفاق جوبا التي تهدد وحدة ماتبقي من السودان، اضافة للتبعية للعالم الرأسمالي الغربي والخضوع لشروط صندوق النقد الدولي القاسية ، الديون الخارجية التي بلغت حوالي60 مليار دولار، فضلا عن تدمير الإنتاج الزراعي والصناعي، وظهور طبقات رأسمالية تقليدية وطفييلة اسلاموية وجديدة عسكرية ومدنية نهبت ثروات البلاد الزراعية والحيوانية والبترولية والمعدنية" الذهب" وهربتها للخارج.
هذه الطبقات المعادية لمصالح شعبنا وقوي "الهبوط الناعم" المعبرة عن مصالحها والمرتبطة بالاستعمار الحديث والدوائر الاقليمية هي التي تقف في تحالف معه ضد انجاز التغيير والجذري ، وقطع الطريق أمام ثورة ديمسبر للوصول الي اهدافها، باعادة إنتاج الشراكة مع العسكر والسياسات السابقة القمعية والاقتصادية والتفريط في السيادة الوطنية، واستمرار نهب ثروات البلاد.
3
وأخيرا ، لا بديل غير مواصلة الثورة حنى اسقاط الانقلاب وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة ،وانجاز مهام الفترة الانتقالية كما في:
- تفكيك التمكين واستعادة أموال الشعب المنهوبة ، وعودة شركات الجيش والأمن والدعم السريع والشرطة لولاية وزارة المالية، وحل مليشيات الجنجويد والكيزان ، وجيوش الحركات المسلحة ، وقيام الجيش القومي المهني الموحد .
- تحسين الاوضاع الاقتصادية والمعيشية، وتركيز الاسعار ومجانية التعليم والصحة ودعم السلع الاساسية من وقود وكهرباء ودواء.الخ، ودعم الإنتاج الزراعي والصناعي ، وتأمين الغذاء ، لموتجهة شبح المجاعة.
- الغاء كل القوانين المقيدة للحريات، واصلاح النظام العدلي والقانوني، واجازة قانون النقابات الديمقراطي للنقابات الذي يحقق ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية، وارجاع كل المفصولين العسكريين والمدنيين ، وترسيخ الديمقراطية والدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو اللغة أو الثقافة أو العرق، وتمكين الشباب والمرأة.
- والحل الشامل والعادل لتحقيق السلام المستدام بالغاء اتفاق جوبا والمسارات الذي فشل في وقف الحرب ، بل زادها اشتعالا كما في جنوب النيل الآزرق حاليا، وعودة النازحين لقراهم واعمار مناطقهم وعودة المستوطنين لمناطقهم وحل المليشيات وتقديم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية .
- وقف نهب ثروات البلاد ، والسيادة الوطنية، واستعادة اراضي السودان المحتلة، واعادة النظر في اتفاقات التعدين والاراضي المجحفة ، واجلاء قوات مرتزقة " فاغنر " من السودان، ووقف قيام أي قواعد عسكرية ، أو تأجير الميناء أو قيام ميناء جديد علي حساب ميناء بورتسودان.
- قيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية والتوافق علي دستور ديمقراطي وقانون انتخابات ديمقراطي يضمن قيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.
وغير ذلك من مهام الفترة الانتقالية التي تفتح الطريق للتغيير الجذري..
alsirbabo@yahoo.co.uk