مأمون الطاهر ما زال يعاني وحيداً
كمال الهدي
8 August, 2022
8 August, 2022
تأمُلات
. أحزنني أن أسمع بالأمس أن معاناة أحد إعلاميينا المخضرمين لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا بعد أن اعتقد الكثيرون أن مشكلته قد حُلت قبل سنوات.
. عن مأمون الطاهر، الهرم الإعلامي الكبير أحدثكم.
. ومأمون لا يحتاج مني لتعريف لأبناء جيلي ومن يكبروننا عمراً، فعندما فتحنا على أمور الكرة والرياضة عموماً وعرفنا الهلال والمريخ كان والدكم وعمكم مأمون الطاهر يا جيل الشباب قد سبق الآخرين بآلاف الأميال حيث بدأ يعرف الناس بالكرة والرياضة العالمية عبر تقديم فقرات تعنى بها في برنامجه التلفزيوني الشيق.
. والرجل من جيل احترم الرياضة وقدر مهنته وأدى مهامه بإتقان وهدوء مثلما يعاني الآن بذات الهدوء دون أن يعرف عنه الآخرون شيئاً إلا بمحض الصدفة.
. ولعلكم تابعتم قبل عامين تقريباً ذلك المشهد المأساوي لمقتنيات مأمون الطاهر وهي ملقية على الشارع بعد طرده وعائلته الصغيرة جداً من منزل الإيجار.
. ولو تذكرون كنت قد كتبت وقتها مُعبراً عن أسفي الشديد لبلوغ الأمور مثل هذا الحد في وطننا المكلوم، ومع رجال يُكافأ أمثالهم في بلدان أخرى بميداليات الخدمة الطويلة، ويؤمن لهم مستقبل أولادهم، أو على الأقل يُضمن لهم العيش الكريم لما تبقى لهم من أيام أو سنوات في هذه الفانية.
. ورجوت وقتها الرياضيين أيضاً بأن تكون لهم أجسام جادة تعنى بهذه الجوانب وتتعرف على أحوال البعض قبل أن تصل الأمور لمثل ذلك الحد.
. وبالأمس زاد حزني لأننا سمعنا الكثير عن التبرعات وقتذاك ومبادرات تقديم العون للرجل، فظننت كغيري أن معاناته ولت إلى غير رجعة، لإفاجأ بالأمس عبر محادثة هاتفية جمعتني بالأخ والزميل خالد أبو شيبة أن مأساة مأمون الطاهر تتفاقم مع تقدمه في العمر وعيشه وحيداً وسط أسرة صغيرة تتكون من حرمه وابنته.
. فالرجل يعيش حالياً في (نصف) بيت إيجار بمنطقة الكدرو ببحري، ويعاني كغيره من الكثير من السودانيين من شظف العيش في بلد تُنهب ثرواته الوافرة كل يوم، بل كل ساعة ، ولا يجد جُل مواطنيه سوى الفُتات ليقتسمونه فيما بينهم.
. وبجانب شظف العيش يتطلب الوضع الصحي للإعلامي مأمون الطاهر الذي تخطى الثمانين من عمره عقاقير دائمة، كما أنه مواجه حالياً بضرورة إجراء جراحة بروستات عاجلة، وتعرفون جميعاً معنى أن تكون مُعدماً ومرغماً على إجراء عملية جراحية في وطن صار مثل الغابة تماماً.
. فمن أين له ولأمثاله أن يوفروا ولو تكاليف نقلهم للمستشفى دع عنك مصاريف العملية وخلافها!
. الجميل في الأمر أن بعض الأهلة المخضرمين (انتماءً) لهذا النادي العريق قد تداعوا بالأمس سريعاً عبر قروب الواتس آب " أوفياء الهلال" وجمعوا نحو 200 ألف جنيه خلال سويعات لدعم زميلهم ، وهذا تصرف يملأ النفس بشيء من الإطمئنان على أن الخير باقٍ في هذا الشعب بالرغم من سوء الأحوال.
. والواقع أن هناك العديد من المجموعات التي تعمل في صمت في كل ما له علاقة بالجوانب الإنسانية وبعيداً عن الكاميرات وفلاشاتها الجاذبة لبعض مرضى النفوس.
. قدمت لكم هذا المثال، وأذكر أيضاً قروب " هلال الملايين" الذي ظننت في وقت سابق أنه محتكر لهلالاب الدوحة من كثر عدد المشاركين فيه من هناك قبل أن يصححني الأخ الباشمهندس نصر الدين، أحد أعلام القروب بأن المجموعة الكبيرة تضم عدداً مُقدراً من السودان وقطر وغيرهما من البلدان.
. المهم في الأمر أن هؤلاء الإخوة ما أن يسمعوا بحالة إنسانية تستدعي الدعم يهبون سريعاً هبة رجل واحد ولا يهدأ لهم بال إلا بعد أن يجود كل بما يستطيع.
. وهناك أيضاً قروب " هلالاب بأدب" الذي وقفت على مساهمة أعضائه في الكثير من القضايا الإنسانية المُلحة، وغيره من المجموعات التي تعنى بمثل هذه الجوانب الإنسانية.
. كل هذه جوانب مشرقة وتبعث في النفس الطمأنينة والأمل.
. لكن مثل هذه الجهود لا تكفي مع مثل ما يعيشه السودانيون من ضائقة معيشية فاقت حدود المعقول، ولابد من دخول مؤسسات كبيرة على الخط، أو رجال الأعمال ذوي الخلق القويم والحس الإنساني، ويا حبذا لو فكر الناس في تأسيس مشروع يذهب ريعه لمثل هذه الحالات.
. أقدم مثل هذه المقترحات كحلول عاجلة، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا في ثورة السودانيين وتستقيم أوضاع هذا الوطن الجريح.
. ناشدت رجال الأعمال والخيرين، لأنني لست حالماً حتى أطلب من مسئولين يسرقون ثروات من يمشون على أرجلهم مساعدة من أقعدهم المرض والتقدم في السن.
. وعلى ذكر المسئولين فقد أعلن أحد وزراء الرعاية الاجتماعية السابقين عن تبرع للأستاذ مأمون الطاهر حسب علمي، لكنه لم يقدم ذلك التبرع حتى لحظة مغادرته الوزارة.
. ومثل مأمون لا يفترض أن يعلن مسئول (غفلة) عن تبرعه له، بل يجب أن يعلن المسئول عن تكفل الدولة بعلاجه وحل مشكلته.
. لأنكم لا تدفعون يا مسئولي هذا الزمان من أموال ورثتموها عن آبائكم حتى يسميها الواحد منكم تبرعاً.
. عموماً أتمنى أن يتداعى كافة الرياضيين ورجال البر في هذا البلد لحل مشكلة الإعلامي المهول مأمون الطاهر حتى تنتهي معاناته بشكل نهائي ليعيش باقي أيامه بأمان، فمن المعيب والله أن يواجه إعلامي ورياضي مثله كل هذا الألم في وقت ينشغل فيه العديد ممن يملكون المال بالمانشيتات التي تحمل أسماءهم وظهور صورهم بجانب لاعب كرة، مطرب أو مسئول لا يعرف عن مسئوليته تجاه الوطن والمواطن شيئاً.
. وختاماً لا يفوتني تقديم تحية كبيرة لابن مدينة بحري الوفي والإنسان العميد سبيتي، فلولاه لما عرف زميلي خالد بمعاناة مأمون الحالية ولما صافحت أعينكم هذه المادة، فالرجل (سبيتي) يتفقد أحوال الناس ويقوم بأعمال خيرية مُقدرة رغم صعوبة الحال ومشاغل الحياة المتزايدة فنقول له " جزاك الله خيراً ومتعك بالصحة والعافية".
kamalalhidai@hotmail.com
/////////////////////////////
. أحزنني أن أسمع بالأمس أن معاناة أحد إعلاميينا المخضرمين لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا بعد أن اعتقد الكثيرون أن مشكلته قد حُلت قبل سنوات.
. عن مأمون الطاهر، الهرم الإعلامي الكبير أحدثكم.
. ومأمون لا يحتاج مني لتعريف لأبناء جيلي ومن يكبروننا عمراً، فعندما فتحنا على أمور الكرة والرياضة عموماً وعرفنا الهلال والمريخ كان والدكم وعمكم مأمون الطاهر يا جيل الشباب قد سبق الآخرين بآلاف الأميال حيث بدأ يعرف الناس بالكرة والرياضة العالمية عبر تقديم فقرات تعنى بها في برنامجه التلفزيوني الشيق.
. والرجل من جيل احترم الرياضة وقدر مهنته وأدى مهامه بإتقان وهدوء مثلما يعاني الآن بذات الهدوء دون أن يعرف عنه الآخرون شيئاً إلا بمحض الصدفة.
. ولعلكم تابعتم قبل عامين تقريباً ذلك المشهد المأساوي لمقتنيات مأمون الطاهر وهي ملقية على الشارع بعد طرده وعائلته الصغيرة جداً من منزل الإيجار.
. ولو تذكرون كنت قد كتبت وقتها مُعبراً عن أسفي الشديد لبلوغ الأمور مثل هذا الحد في وطننا المكلوم، ومع رجال يُكافأ أمثالهم في بلدان أخرى بميداليات الخدمة الطويلة، ويؤمن لهم مستقبل أولادهم، أو على الأقل يُضمن لهم العيش الكريم لما تبقى لهم من أيام أو سنوات في هذه الفانية.
. ورجوت وقتها الرياضيين أيضاً بأن تكون لهم أجسام جادة تعنى بهذه الجوانب وتتعرف على أحوال البعض قبل أن تصل الأمور لمثل ذلك الحد.
. وبالأمس زاد حزني لأننا سمعنا الكثير عن التبرعات وقتذاك ومبادرات تقديم العون للرجل، فظننت كغيري أن معاناته ولت إلى غير رجعة، لإفاجأ بالأمس عبر محادثة هاتفية جمعتني بالأخ والزميل خالد أبو شيبة أن مأساة مأمون الطاهر تتفاقم مع تقدمه في العمر وعيشه وحيداً وسط أسرة صغيرة تتكون من حرمه وابنته.
. فالرجل يعيش حالياً في (نصف) بيت إيجار بمنطقة الكدرو ببحري، ويعاني كغيره من الكثير من السودانيين من شظف العيش في بلد تُنهب ثرواته الوافرة كل يوم، بل كل ساعة ، ولا يجد جُل مواطنيه سوى الفُتات ليقتسمونه فيما بينهم.
. وبجانب شظف العيش يتطلب الوضع الصحي للإعلامي مأمون الطاهر الذي تخطى الثمانين من عمره عقاقير دائمة، كما أنه مواجه حالياً بضرورة إجراء جراحة بروستات عاجلة، وتعرفون جميعاً معنى أن تكون مُعدماً ومرغماً على إجراء عملية جراحية في وطن صار مثل الغابة تماماً.
. فمن أين له ولأمثاله أن يوفروا ولو تكاليف نقلهم للمستشفى دع عنك مصاريف العملية وخلافها!
. الجميل في الأمر أن بعض الأهلة المخضرمين (انتماءً) لهذا النادي العريق قد تداعوا بالأمس سريعاً عبر قروب الواتس آب " أوفياء الهلال" وجمعوا نحو 200 ألف جنيه خلال سويعات لدعم زميلهم ، وهذا تصرف يملأ النفس بشيء من الإطمئنان على أن الخير باقٍ في هذا الشعب بالرغم من سوء الأحوال.
. والواقع أن هناك العديد من المجموعات التي تعمل في صمت في كل ما له علاقة بالجوانب الإنسانية وبعيداً عن الكاميرات وفلاشاتها الجاذبة لبعض مرضى النفوس.
. قدمت لكم هذا المثال، وأذكر أيضاً قروب " هلال الملايين" الذي ظننت في وقت سابق أنه محتكر لهلالاب الدوحة من كثر عدد المشاركين فيه من هناك قبل أن يصححني الأخ الباشمهندس نصر الدين، أحد أعلام القروب بأن المجموعة الكبيرة تضم عدداً مُقدراً من السودان وقطر وغيرهما من البلدان.
. المهم في الأمر أن هؤلاء الإخوة ما أن يسمعوا بحالة إنسانية تستدعي الدعم يهبون سريعاً هبة رجل واحد ولا يهدأ لهم بال إلا بعد أن يجود كل بما يستطيع.
. وهناك أيضاً قروب " هلالاب بأدب" الذي وقفت على مساهمة أعضائه في الكثير من القضايا الإنسانية المُلحة، وغيره من المجموعات التي تعنى بمثل هذه الجوانب الإنسانية.
. كل هذه جوانب مشرقة وتبعث في النفس الطمأنينة والأمل.
. لكن مثل هذه الجهود لا تكفي مع مثل ما يعيشه السودانيون من ضائقة معيشية فاقت حدود المعقول، ولابد من دخول مؤسسات كبيرة على الخط، أو رجال الأعمال ذوي الخلق القويم والحس الإنساني، ويا حبذا لو فكر الناس في تأسيس مشروع يذهب ريعه لمثل هذه الحالات.
. أقدم مثل هذه المقترحات كحلول عاجلة، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا في ثورة السودانيين وتستقيم أوضاع هذا الوطن الجريح.
. ناشدت رجال الأعمال والخيرين، لأنني لست حالماً حتى أطلب من مسئولين يسرقون ثروات من يمشون على أرجلهم مساعدة من أقعدهم المرض والتقدم في السن.
. وعلى ذكر المسئولين فقد أعلن أحد وزراء الرعاية الاجتماعية السابقين عن تبرع للأستاذ مأمون الطاهر حسب علمي، لكنه لم يقدم ذلك التبرع حتى لحظة مغادرته الوزارة.
. ومثل مأمون لا يفترض أن يعلن مسئول (غفلة) عن تبرعه له، بل يجب أن يعلن المسئول عن تكفل الدولة بعلاجه وحل مشكلته.
. لأنكم لا تدفعون يا مسئولي هذا الزمان من أموال ورثتموها عن آبائكم حتى يسميها الواحد منكم تبرعاً.
. عموماً أتمنى أن يتداعى كافة الرياضيين ورجال البر في هذا البلد لحل مشكلة الإعلامي المهول مأمون الطاهر حتى تنتهي معاناته بشكل نهائي ليعيش باقي أيامه بأمان، فمن المعيب والله أن يواجه إعلامي ورياضي مثله كل هذا الألم في وقت ينشغل فيه العديد ممن يملكون المال بالمانشيتات التي تحمل أسماءهم وظهور صورهم بجانب لاعب كرة، مطرب أو مسئول لا يعرف عن مسئوليته تجاه الوطن والمواطن شيئاً.
. وختاماً لا يفوتني تقديم تحية كبيرة لابن مدينة بحري الوفي والإنسان العميد سبيتي، فلولاه لما عرف زميلي خالد بمعاناة مأمون الحالية ولما صافحت أعينكم هذه المادة، فالرجل (سبيتي) يتفقد أحوال الناس ويقوم بأعمال خيرية مُقدرة رغم صعوبة الحال ومشاغل الحياة المتزايدة فنقول له " جزاك الله خيراً ومتعك بالصحة والعافية".
kamalalhidai@hotmail.com
/////////////////////////////