السُّودان والجحيمُ القادمُ من الشرق ..! بقلم: د. فيصل عوض حسن
د. فيصل عوض حسن
12 September, 2022
12 September, 2022
شَعَرْتُ بِكَدَرٍ وحُزنٍ عميقينِ عقب مُشاهدتي للقاءٍ مُصَوَّرٍ مع أحد أهلنا البشاريين، وهو يتَحَدَّث باستسهال عَن زيارة من وصفهم بـ(مُستثمرين) إماراتيين، وبعضُ المُتخصِّصين في الموانئ، وقيامهم بالمسوحات اللازمة لإقامة ميناء (إماراتي) في السواحل (السُّودانِيَّة) بالبحر الأحمر. مُوضِّحاً أنَّ الزيارة تمَّت عقب تواصلهم مع كلٍ من أسامة داؤود ومبارك المهدي، مع غياب كامل للجهات (الرسمِيَّة)، بما يُؤكِّد (خِيانة) وانحطاط حُكَّامنا، وعَبَثهم بمُقدَّراتنا الوطنِيَّة، دون سُقُوفٍ أخلاقِيَّةٍ أو إنسانِيَّة.
الأدبيَّات الاقتصادِيَّة الرَّصينة تبدأ دائماً بخيار (إعادة التأهيل)، قبل التفكير في إنشاء مشروع جديد، ويزداد هذا الخيار أهمِّيَّة بالنسبة للموانئ السُّودانِيَّة (بورتسودان/سَوَاكِن)، لعوائدهما المضمونة من العُملات الحُرَّة رغم أنَّهما لم يعملا حتَّى الآن بكامل طاقتيهما التشغيليَّة، مما يجعلنا نتساءل بريبةٍ وقلق: بأي صِفةٍ، ولماذا يجلب أشخاص (عاديُّون) دولاً أو شركات/جماعات، ويتفاوضون ويتَّفقون معهم في مواضيعٍ (سياديَّة/استراتيجيَّة) كالميناء، بعيداً عن الرَّقابة والمُتابعة (الرسمِيَّة/الشعبِيَّة)؟! وهل تَمَّت دراسة (إعادة تأهيل) موانئ السُّودان القائمة ومُفاضلة ذلك بفكرة/دراسة إنشاء موانئ جديدة؟! إذا قالوا نعم، فما هي المعايير والمؤشرات التي استندوا إليها في تلك المُقارنة/المُفاضلة؟ ومن قام بذلك ومتى وماهي النتائج؟ ولماذا (التعتيم) على التفاصيل، وعدم إشراك عُمَّال الموانئ في ذلك، باعتبارهم أكثرِ النَّاس معرفةً بموانئنا واحتياجاتها الفعليَّة؟!
من ناحيةٍ أُخرى، فإنَّ سَواحِل السُّودان ليست مُجرَّد نطاق جُغرافي وقَبَلي/جِهَوِي محدود، كما يُحاولون تضليل العامَّة وإيهامهم، وإنَّما شأنٌ (سِيادي/استراتيجي) حَسَّاس جداً ويَهُم (جميع) السُّودانيين، والسماح بإشراك الآخرين (دول، شركات، أفراد) في استغلال هذه السواحل، أو إدارة وتشغيل موانئنا (كلياً أو جُزئياً)، يجعل منافذنا البحريَّة وجميع معلومات وارداتنا وصادراتنا ومخزوناتنا الاستراتيجيَّة (مكشوفة)، وهذا خطرٌ أمنيٌ/سِياديٌ كبير سيدفع تكلفته جميع أهل السُّودان، بغض النَّظر عن مناطقهم وأقاليمهم. بخلاف أنَّنا بحاجة ماسَّة لعوائد موانئنا (من العُمْلاتِ الحُرَّة)، لتحسين ميزان المدفوعات وزيادة النَّاتج المحلي، وتخفيض تكاليف الواردات ودعم القُدرات التنافُسيَّة للصادرات، ورفع مُستوى الدخل وتهيئة فرص العمل، بجانب عوائد/رسوم عبور ورُسُو السُفُن الأجنبيَّة. والأهم من كل هذا وذاك، هو فشل الإمارات وشركاتها في إدارة وتشغيل عدد من الموانئ، ودونكم ما جرى معها في الصومال وجيبوتي، وجميعها مُعطياتٌ تتقاطع مع إدخالها لسواحلنا مهما كانت المُبرِّرات، ويجب (مُعاقبة) من يسعى لذلك بأقصى العقوبات!
قد يُدافع البعض عن هذه الخيانة، بحجَّة (تَدَهْوُر) الموانئ القائمة خاصَّةً بورتسودان، وحاجتها للتطوير وتكنولوجيا التشغيل، وارتفاع تكاليف إعادة التأهيل وغيرها من الحِجَجْ/المُبرِّرات الواهية. وفي هذا نقول، بأنَّ ميناء بورتسودان دَمَّره المُتأسلمون (عَمداً)، حينما تَخَلَّصوا من كوادره الكفوءة والنَّزيهة، واستبدلوهم بآخرين لا يُجيدون سوى النهب والتدمير، وأهملوا صيانة الميناء وتطويره ليجدوا الحِجَّة للتخلُّص منه. وبالنسبة للتكنولوجيا، فيُمكن (ابتعاث) نُخبة من شبابنا في دوراتٍ تدريبيَّةٍ مُتخصِّصة، وفق شروط واعتبارات فنِّيَّة/مِهَنِيَّة دقيقة، إلى الدول المُتقدِّمة في إدارة وتشغيل الموانئ، لرفع كفاءتهم وترقية قدراتهم، ثُمَّ نَشْر وتوطين ما تَعلَّموه في هذا المجال. أو يُمكن جَلب خُبراء من تلك الدول لتدريب كوادرنا الوطنيَّة بـ(الداخل) تقليلاً للنفقات. أمَّا تكاليف التطوير، فيُمكن توفيرها عبر المُغتربين الذين أبدوا استعداداً كبيراً للمُساهمة في نهضة البلد، ويكون ذلك في شكل أسهم تُطْرَح للسُّودانيين (حصراً)، بأسعارٍ مُحدَّدة وفق الاحتياجات (الفعلِيَّة)، التي تُقدِّرها دراسات إعادة التأهيل، ومُقارنتها بدراسات إنشاء ميناء جديد، مع ضرورة إشراك العاملين والخُبراء (المحليين) في كافَّة هذه المراحل، ونشر تفاصيل (الاتفاقيات) المُقترحة بهذا الخصوص، و(استفتاء) الشعب السُّوداني عليها لمعرفة مُوافقته من عدمها!
الإمارات وحُكَّامها يُصرُّون على (خراب/تدمير) السُّودان ونهب مُقدَّراته، ولقد نَالَ شرقنا الحبيب نصيباً وافراً من أحقادهم ومُخطَّطاتهم الشيطانِيَّة، وجميعنا شَهِدنا مُحاولاتهم الدنيئة لابتلاع ميناء بورتسودان، والتي تمَّ إفشالها بلطف الله، ثمَّ بجهود الشرفاء من عُمَّال الميناء، وحينما فشلوا ابتكروا (أكذوبة) الميناء الجديد، والتي تستهدف (شَرعَنَة) وجودهم في السواحل السُّودانِيَّة كخطوةٍ أولى، ثُمَّ نشر الدمار والخراب بدءاً بقتل وتشريد أهالي المنطقة الأبرياء، وانتهاءً بابتلاع ميناء بورتسودان وما تَطاله أياديهم من شرقنا الحبيب، يُساعدهم في ذلك (الخَوَنة/سَقَط المَتَاع)، من دَّاخِل وخارج السُّودان. وبعبارةٍ أُخرى أكثر وضوحاً ومُبَاشَرة، فإنَّ السَمَاح بدخول الإماراتيين لسواحلنا بالبحر الأحمر، يُشكِّل تهديداً كبيراً لأمن وسلامة السُّودان (حاضراً ومُستقبلاً)، وسيكون (جحيماً) حقيقياً يدفع تكلفته (المُواطنون حصراً) وأوَّلهم أهلنا بالشرق، ولنتَّأمَّل بدايات دخولهم لليمن ومُبرِّرات ذلك الدخول، حينما (ادَّعوا) حرصهم على (استعادة) الشرعِيَّة التي يفتقدونها، وما لبثوا أن عاثوا فساداً وإجراماً وتنكيلاً بأهل اليمن الآمنين وما يزالون، على مَرأَى ومَسْمَع العالم الذي يهتم بمَن يُلبِّي مصالحه ويُشبه أطماعه!
في حالتنا هذه ستكون أوضاعنا أسوأ بكثير من اليمن، لأسبابٍ عديدة، أبرزها أنَّ البُرهان ورُفقائه العَسْكَر/الجنجويد (أزلامٌ) للكيزان وسادتهم بالخارج، ومن ضمنهم الإمارات التي (ارتزقوا) لأجلها في اليمن المجروح وما يزالون! والأخطر من ذلك أنَّ البرهان ورُفقائه العَسْكَر/الجنجويد يستكملون تنفيذ أخطر المُخطَّطات الإسْلَامَوِيَّة، وهو (مُثلَّث حمدي) الذي حصر السُّودان في محور (دُنْقُلا، الأُبَيِّض وسِنَّار)، واستبعد جميع المناطق السُّودانِيَّة خارج هذا المحور، ومن ضمنها الشرق بكامله، مما يعني أنَّ البُرهان ورُفقائه سيكونون عوناً لكل من ينال من الشرق وغيره من المناطق المُسْتَهْدَفة بالإبعاد من السُّودان، وهذا ما حدث وما يزال يحدث وسيستمر إذا تركناهم، وللمزيد من التفاصيل يُمكن الإطلاع على مقالاتي (اِسْتِكْمَاْلُ تَنْفِيْذِ مُثَلَّث حَمْدِي اَلْإِسْلَاْمَوِي) بتاريخ 15 مايو 2016، و(اَلْمَشَاْهِدُ اَلْأَخِيْرَةُ لِمَخَطَّطِ تَمْزِيْقِ اَلْسُّوْدَاْنْ) بتاريخ 19 أبريل 2019، و(أزمةُ الشَرْقِ حَلَقةٌ مِنْ حَلَقَاتِ تَذويبِ اَلسُّودان) بتاريخ 18 أغسطس 2020 وغيرها. ومن ناحيةٍ ثانية، فإنَّنا (اُبْتُلِينا) بأسوأ جيران في العالم، وجميعهم طَّامعون ومُتكالِبون على بلادنا، ودونكم الاحتلالين المصري والإثيوبي لأراضينا. وهناك إريتريا التي يُعدُّ ضررها (مُركَّباً)، فمن جهة يرأسها كائنٌ خسيس يُمارس الارتزاق دون سُقُوفٍ أخلاقِيَّةٍ أو إنسانِيَّة أو أخلاقِيَّة، ومن جهةٍ ثانية لا تنفصل عن الأولى، يحيا داخل السُّودان مئات الآلاف من الإريتريين الذين نالوا الجنسيَّات السُّودانِيَّة، عبر الكيزان، وظَلُّوا (أداة) البطش الإسْلَامَوِيَّة الرئيسيَّة بالسُّودان وأهله، وقد نَالَ الشرقُ وأهله نصيباً وافراً من أضرارهم وأحقادهم وما يزال. وكلاهما، سواء النِّظام الإريتري أو مُجَنَّسيهم المُتغلغلين في السُّودان، يأتمرون بأمر الإمارات، ويجدون منها كل الدعم لإفراغ أحقادهم وكراهيتهم (المُعْلَنَة) لكل ما هو سُّوداني، وهي في مُجملها تدفعنا لمُناهضة أي وجود للإمارات في السُّودان بكامله وليس فقط الشرق!
أقول لأهلي السُّودانيين عموماً، وأهلي في الشرق خصوصاً، أنَّ سَواحلنا على البحر الأحمر حالة استثنائيَّة، لأبعادها السياديَّة/الاستراتيجيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، وهي آخر مُقدَّراتنا الوطنيَّة/القوميَّة، وهي مِلْكٌ لكل السُّودان، وتنميتها أو دمارها سيؤثر على (جميع) أرجاء البلاد دون استثناء، والعاقل من يتَّعِظ بغيره ولا يسمح باستمرار (أخطائه) أو تكرارها، وأنَّ الآخرين لن يصعدوا فوق ظهورنا ما لم نَنْحَنِ لهم، وأنَّ أمننا المُسْتَدَام يبدأ باتحاد السُّودانيين (الأصيلين)، باعتبارهم أصحاب الوَجْعَة.
من السَذَاجة تصديق حُكَّامنا الذين أدمنوا (الانحناء/الانبطاح)، وساعدوا الغُرباء على قتلنا وتشريدنا نهب وتمزيق بلادنا، مما يُحتِّم علينا التكاتف والاستقامة والصمود وحماية أنفسنا سُوداننا، وعدم السماح بمزيد من الاحتلال من أراضينا ومُقدَّراتنا، دون رهبةٍ من ضجيج الأرزقِيَّة والغافلين، أو الاصطفاف خلف الطَّامعين ووصفهم بـ(الأشقَّاء).
awadf28@gmail.com
الأدبيَّات الاقتصادِيَّة الرَّصينة تبدأ دائماً بخيار (إعادة التأهيل)، قبل التفكير في إنشاء مشروع جديد، ويزداد هذا الخيار أهمِّيَّة بالنسبة للموانئ السُّودانِيَّة (بورتسودان/سَوَاكِن)، لعوائدهما المضمونة من العُملات الحُرَّة رغم أنَّهما لم يعملا حتَّى الآن بكامل طاقتيهما التشغيليَّة، مما يجعلنا نتساءل بريبةٍ وقلق: بأي صِفةٍ، ولماذا يجلب أشخاص (عاديُّون) دولاً أو شركات/جماعات، ويتفاوضون ويتَّفقون معهم في مواضيعٍ (سياديَّة/استراتيجيَّة) كالميناء، بعيداً عن الرَّقابة والمُتابعة (الرسمِيَّة/الشعبِيَّة)؟! وهل تَمَّت دراسة (إعادة تأهيل) موانئ السُّودان القائمة ومُفاضلة ذلك بفكرة/دراسة إنشاء موانئ جديدة؟! إذا قالوا نعم، فما هي المعايير والمؤشرات التي استندوا إليها في تلك المُقارنة/المُفاضلة؟ ومن قام بذلك ومتى وماهي النتائج؟ ولماذا (التعتيم) على التفاصيل، وعدم إشراك عُمَّال الموانئ في ذلك، باعتبارهم أكثرِ النَّاس معرفةً بموانئنا واحتياجاتها الفعليَّة؟!
من ناحيةٍ أُخرى، فإنَّ سَواحِل السُّودان ليست مُجرَّد نطاق جُغرافي وقَبَلي/جِهَوِي محدود، كما يُحاولون تضليل العامَّة وإيهامهم، وإنَّما شأنٌ (سِيادي/استراتيجي) حَسَّاس جداً ويَهُم (جميع) السُّودانيين، والسماح بإشراك الآخرين (دول، شركات، أفراد) في استغلال هذه السواحل، أو إدارة وتشغيل موانئنا (كلياً أو جُزئياً)، يجعل منافذنا البحريَّة وجميع معلومات وارداتنا وصادراتنا ومخزوناتنا الاستراتيجيَّة (مكشوفة)، وهذا خطرٌ أمنيٌ/سِياديٌ كبير سيدفع تكلفته جميع أهل السُّودان، بغض النَّظر عن مناطقهم وأقاليمهم. بخلاف أنَّنا بحاجة ماسَّة لعوائد موانئنا (من العُمْلاتِ الحُرَّة)، لتحسين ميزان المدفوعات وزيادة النَّاتج المحلي، وتخفيض تكاليف الواردات ودعم القُدرات التنافُسيَّة للصادرات، ورفع مُستوى الدخل وتهيئة فرص العمل، بجانب عوائد/رسوم عبور ورُسُو السُفُن الأجنبيَّة. والأهم من كل هذا وذاك، هو فشل الإمارات وشركاتها في إدارة وتشغيل عدد من الموانئ، ودونكم ما جرى معها في الصومال وجيبوتي، وجميعها مُعطياتٌ تتقاطع مع إدخالها لسواحلنا مهما كانت المُبرِّرات، ويجب (مُعاقبة) من يسعى لذلك بأقصى العقوبات!
قد يُدافع البعض عن هذه الخيانة، بحجَّة (تَدَهْوُر) الموانئ القائمة خاصَّةً بورتسودان، وحاجتها للتطوير وتكنولوجيا التشغيل، وارتفاع تكاليف إعادة التأهيل وغيرها من الحِجَجْ/المُبرِّرات الواهية. وفي هذا نقول، بأنَّ ميناء بورتسودان دَمَّره المُتأسلمون (عَمداً)، حينما تَخَلَّصوا من كوادره الكفوءة والنَّزيهة، واستبدلوهم بآخرين لا يُجيدون سوى النهب والتدمير، وأهملوا صيانة الميناء وتطويره ليجدوا الحِجَّة للتخلُّص منه. وبالنسبة للتكنولوجيا، فيُمكن (ابتعاث) نُخبة من شبابنا في دوراتٍ تدريبيَّةٍ مُتخصِّصة، وفق شروط واعتبارات فنِّيَّة/مِهَنِيَّة دقيقة، إلى الدول المُتقدِّمة في إدارة وتشغيل الموانئ، لرفع كفاءتهم وترقية قدراتهم، ثُمَّ نَشْر وتوطين ما تَعلَّموه في هذا المجال. أو يُمكن جَلب خُبراء من تلك الدول لتدريب كوادرنا الوطنيَّة بـ(الداخل) تقليلاً للنفقات. أمَّا تكاليف التطوير، فيُمكن توفيرها عبر المُغتربين الذين أبدوا استعداداً كبيراً للمُساهمة في نهضة البلد، ويكون ذلك في شكل أسهم تُطْرَح للسُّودانيين (حصراً)، بأسعارٍ مُحدَّدة وفق الاحتياجات (الفعلِيَّة)، التي تُقدِّرها دراسات إعادة التأهيل، ومُقارنتها بدراسات إنشاء ميناء جديد، مع ضرورة إشراك العاملين والخُبراء (المحليين) في كافَّة هذه المراحل، ونشر تفاصيل (الاتفاقيات) المُقترحة بهذا الخصوص، و(استفتاء) الشعب السُّوداني عليها لمعرفة مُوافقته من عدمها!
الإمارات وحُكَّامها يُصرُّون على (خراب/تدمير) السُّودان ونهب مُقدَّراته، ولقد نَالَ شرقنا الحبيب نصيباً وافراً من أحقادهم ومُخطَّطاتهم الشيطانِيَّة، وجميعنا شَهِدنا مُحاولاتهم الدنيئة لابتلاع ميناء بورتسودان، والتي تمَّ إفشالها بلطف الله، ثمَّ بجهود الشرفاء من عُمَّال الميناء، وحينما فشلوا ابتكروا (أكذوبة) الميناء الجديد، والتي تستهدف (شَرعَنَة) وجودهم في السواحل السُّودانِيَّة كخطوةٍ أولى، ثُمَّ نشر الدمار والخراب بدءاً بقتل وتشريد أهالي المنطقة الأبرياء، وانتهاءً بابتلاع ميناء بورتسودان وما تَطاله أياديهم من شرقنا الحبيب، يُساعدهم في ذلك (الخَوَنة/سَقَط المَتَاع)، من دَّاخِل وخارج السُّودان. وبعبارةٍ أُخرى أكثر وضوحاً ومُبَاشَرة، فإنَّ السَمَاح بدخول الإماراتيين لسواحلنا بالبحر الأحمر، يُشكِّل تهديداً كبيراً لأمن وسلامة السُّودان (حاضراً ومُستقبلاً)، وسيكون (جحيماً) حقيقياً يدفع تكلفته (المُواطنون حصراً) وأوَّلهم أهلنا بالشرق، ولنتَّأمَّل بدايات دخولهم لليمن ومُبرِّرات ذلك الدخول، حينما (ادَّعوا) حرصهم على (استعادة) الشرعِيَّة التي يفتقدونها، وما لبثوا أن عاثوا فساداً وإجراماً وتنكيلاً بأهل اليمن الآمنين وما يزالون، على مَرأَى ومَسْمَع العالم الذي يهتم بمَن يُلبِّي مصالحه ويُشبه أطماعه!
في حالتنا هذه ستكون أوضاعنا أسوأ بكثير من اليمن، لأسبابٍ عديدة، أبرزها أنَّ البُرهان ورُفقائه العَسْكَر/الجنجويد (أزلامٌ) للكيزان وسادتهم بالخارج، ومن ضمنهم الإمارات التي (ارتزقوا) لأجلها في اليمن المجروح وما يزالون! والأخطر من ذلك أنَّ البرهان ورُفقائه العَسْكَر/الجنجويد يستكملون تنفيذ أخطر المُخطَّطات الإسْلَامَوِيَّة، وهو (مُثلَّث حمدي) الذي حصر السُّودان في محور (دُنْقُلا، الأُبَيِّض وسِنَّار)، واستبعد جميع المناطق السُّودانِيَّة خارج هذا المحور، ومن ضمنها الشرق بكامله، مما يعني أنَّ البُرهان ورُفقائه سيكونون عوناً لكل من ينال من الشرق وغيره من المناطق المُسْتَهْدَفة بالإبعاد من السُّودان، وهذا ما حدث وما يزال يحدث وسيستمر إذا تركناهم، وللمزيد من التفاصيل يُمكن الإطلاع على مقالاتي (اِسْتِكْمَاْلُ تَنْفِيْذِ مُثَلَّث حَمْدِي اَلْإِسْلَاْمَوِي) بتاريخ 15 مايو 2016، و(اَلْمَشَاْهِدُ اَلْأَخِيْرَةُ لِمَخَطَّطِ تَمْزِيْقِ اَلْسُّوْدَاْنْ) بتاريخ 19 أبريل 2019، و(أزمةُ الشَرْقِ حَلَقةٌ مِنْ حَلَقَاتِ تَذويبِ اَلسُّودان) بتاريخ 18 أغسطس 2020 وغيرها. ومن ناحيةٍ ثانية، فإنَّنا (اُبْتُلِينا) بأسوأ جيران في العالم، وجميعهم طَّامعون ومُتكالِبون على بلادنا، ودونكم الاحتلالين المصري والإثيوبي لأراضينا. وهناك إريتريا التي يُعدُّ ضررها (مُركَّباً)، فمن جهة يرأسها كائنٌ خسيس يُمارس الارتزاق دون سُقُوفٍ أخلاقِيَّةٍ أو إنسانِيَّة أو أخلاقِيَّة، ومن جهةٍ ثانية لا تنفصل عن الأولى، يحيا داخل السُّودان مئات الآلاف من الإريتريين الذين نالوا الجنسيَّات السُّودانِيَّة، عبر الكيزان، وظَلُّوا (أداة) البطش الإسْلَامَوِيَّة الرئيسيَّة بالسُّودان وأهله، وقد نَالَ الشرقُ وأهله نصيباً وافراً من أضرارهم وأحقادهم وما يزال. وكلاهما، سواء النِّظام الإريتري أو مُجَنَّسيهم المُتغلغلين في السُّودان، يأتمرون بأمر الإمارات، ويجدون منها كل الدعم لإفراغ أحقادهم وكراهيتهم (المُعْلَنَة) لكل ما هو سُّوداني، وهي في مُجملها تدفعنا لمُناهضة أي وجود للإمارات في السُّودان بكامله وليس فقط الشرق!
أقول لأهلي السُّودانيين عموماً، وأهلي في الشرق خصوصاً، أنَّ سَواحلنا على البحر الأحمر حالة استثنائيَّة، لأبعادها السياديَّة/الاستراتيجيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، وهي آخر مُقدَّراتنا الوطنيَّة/القوميَّة، وهي مِلْكٌ لكل السُّودان، وتنميتها أو دمارها سيؤثر على (جميع) أرجاء البلاد دون استثناء، والعاقل من يتَّعِظ بغيره ولا يسمح باستمرار (أخطائه) أو تكرارها، وأنَّ الآخرين لن يصعدوا فوق ظهورنا ما لم نَنْحَنِ لهم، وأنَّ أمننا المُسْتَدَام يبدأ باتحاد السُّودانيين (الأصيلين)، باعتبارهم أصحاب الوَجْعَة.
من السَذَاجة تصديق حُكَّامنا الذين أدمنوا (الانحناء/الانبطاح)، وساعدوا الغُرباء على قتلنا وتشريدنا نهب وتمزيق بلادنا، مما يُحتِّم علينا التكاتف والاستقامة والصمود وحماية أنفسنا سُوداننا، وعدم السماح بمزيد من الاحتلال من أراضينا ومُقدَّراتنا، دون رهبةٍ من ضجيج الأرزقِيَّة والغافلين، أو الاصطفاف خلف الطَّامعين ووصفهم بـ(الأشقَّاء).
awadf28@gmail.com