ثورة ديسمبر . . وقطارها المختطف !!

 


 

الطيب الزين
9 October, 2022

 

تجليات المشهد السياسي السوداني أكدت أن قطار الثورة العظيمة قد تعرض إلى اختطاف، من قبل جهات خارجية إقليمية ودولية معادية لمفردة أسمها الثورة.
قطار الثورة السودانية تم اختطافه منذ إعلان اللجنة الأمنية بقيادة العميل البرهان انحيازها للثورة. إعلان انحياز اللجنة الأمنية للنظام السابق، التي سمت نفسها المجلس العسكري وقتها هو في الواقع كان عملية تسليم وتسلم، من يد عملية إلى عملية أخرى.!
وصول عمر البشير إلى السلطة في عام ١٩٨٩م، وبقائه فيها ثلاث عقود مظلمة كان صفحة من صفحات المؤامرة ضد الشعب السوداني وضد خياراته وتطلعاته الديمقراطية.
وحتى نثبت ذلك دعونا نعود بذاكرتنا إلى الوراء كي ندرك ما فات على الكثير من أفراد الشعب السوداني إدراكه نتيجة للشعارات البراقة التي رفعها نظام الإنقاذ وقتها .. منها نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع وغيرها من شعارات زائفة..!
لكن الحقيقة التي غابت عن الملايين في وسط هذا الضجيج والصخب الإعلامي الذي مارسه الكيزان الملاعين إبان تنفيذهم انقلابهم المشؤوم على الشرعية الديمقراطية الذي سموه (بثورة الإنقاذ) هي في الواقع مصادرة للحرية وانتهاك للحقوق وتغييب للديمقراطية.
وبذات الحافز وسوء النية والغرض، أعلنت اللجنة الأمنية بقيادة البرهان في ٢٠١٩/٤/١١، انحيازها للثورة وطرحت شعارات رنانة وأطلقت وعود معسولة، لكنها في حقيقتها مسمومة.
إذن السؤال الذي يطرح نفسه إلى أي وجهة سيأخذنا هذا القطار المختطف الذي يعج بالحرامية وقطاعي الطرق، الذي يسير بسرعة جنونية في الاتجاه الخطأ..؟
بالمناسبة السودان ليس استثناءً كل ثورات الربيع العربي تعرضت للاختطاف.
أنظروا إلى مآلات الثورات العربية في تونس وليبيا، وسوريا واليمن ومصر إلى أينا انتهت..؟
هناك جهات دولية وإقليمية تعمل على عرقلة مسارات الانتقال إلى الديمقراطية في منطقة تعتبر مفتوحة لكل الطامعين في الهيمنة والسيطرة والتأثير على القرار السياسي وفرض اتفاقيات تجارية غير منصفة بهدف التحكم في الموارد الاقتصادية على رأسها النفط والغاز والذهب وهذا لن يحدث إلا في نظم استبدادية تغيب إرادة شعوبها.
لذلك بلادنا لن تستقر، والثورة لن تحقق أهدافها في الحرية والعدالة والسلام، ما لم يتم تحرير قطار الثورة المختطف من هذه العصابات والمافيات والمليشيات التي ما هي سوى حصان طروادة لتحقيق مصالح تلك الجهات على حساب المصلحة الوطنية العليا.
مسار الأحداث في الدول التي شهدت ثورات شعبية حتى الآن يشي بأن المصالح الاقتصادية والاستراتيجية للدول الكبرى تتقدم على القيم والمبادئ وربما تكون على حساب حقوق الإنسان والديمقراطية.
استيعاب هذه الحقيقة سيساعد كثيراً في دفع قوى الثورة إلى الخروج من الأطر الضيقة إلى فضاء السودان الواسع الذي يجمعنا كلنا كسودانيين أحرار لبلورة مشروع وطني مضمونه رؤية سياسية علمية استراتيجية هدفها بناء دولة المواطنة والمؤسسات والديمقراطية التي أساسها دستور دائم متفق عليه لتطبيق حكم القانون وتحقيق العدالة بالقصاص من القتلة ومحاسبة سراق المال العام والخلاص من كل الأشرار الذين يتربصون بتطلعات شعبنا في حياة حرة كريمة.
كلمة أخيرة: توحدوا أيها الثوار.. عندها ستشرق كل الأنوار وتنهار كل جبال المؤامرات، وستنطلق كل القطارات في مواعيدها نحو وجهتها الصحيحة.

الطيب الزين

Eltayeb_Hamdan@hotmail.com

 

آراء