السلطات المصرية والاسلاميين السودانيين والنظرة المختلفة عن جماعة الاخوان المصريين
محمد فضل علي
12 October, 2022
12 October, 2022
تعامل مصر الرسمية ونظرتها الي اخوان السودان تختلف كثيرا عن نظرتهم وتعاملهم مع جماعة الاخوان المصرية هذه حقيقة وامر واقع ولكن ماهي الدواعي والاسباب ..
جماعة الاخوان المسلمين المصرية جماعة مسلحة ظلت تمارس العنف بطريقة غير محدودة منذ فترة الاربعينات علي ايام الحكم الملكي الوكيل الدائم للمستعمرين العثمانيين والغربيين في حكم مصر واستعباد المصريين في ارضهم ونهب ثرواتهم ومواردهم.
تبادل النظام الملكي وجماعة الاخوان المسلمين العنف الذي وصل الي درجة عمليات الاغتيال السياسي والتصفيات الجسدية التي طالت مرشد التنظيم حسن البنا الذي لقي حتفه علي يد عملاء البوليس السياسي الملكي الذين تركوه ينزف ومنعوا وصول الاسعاف اليه حتي لفظ انفاسه.
الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كتم انفاس الجماعة الارهابية خاصة بعد ان حصل علي دعم شعبي ليس له مثيل في تاريخ مصر وعلي دعم مثلة في كل البلاد والشعوب العربية وحاز علي حب واحترام مماثل من كل شعوب المعمورة واسقط في يد الجماعة التي تركت مصر وهربت الي بلاد عربية اخري .
عادوا ايام السادات والرئيس السابق حسني مبارك لممارسة الاغتيالات السياسية والعمليات التفجيرية واستغلال الحماس الديني لبعض المتهوسين في تنفيذ تلك العمليات الاجرامية ومارسوا اقبح انوع الابتزاز والاجرام المسلح باسم الدين والاسلام بطريقة ليس لها مثيل منذ فجر الرسالة المحمدية باستهداف تجار الذهب المسيحيين والكنائس ودور العبادة المسيحية واستهداف السياحة الاجنبية بعمليات تفجيرية راح ضحيتها اعداد من الناس الابرياء الذين قدموا الي مصر للتعرف علي تاريخ البلد العريق وذلك لاعتقادهم ان ذلك هو الطريق المناسب لاضعاف الدولة المصرية...
الفرق بين اخوان مصر والسودان كبير جدا علي الرغم من انهم كلهم مجرمين في النهاية ولكنه فرق نسبي في بعض التفاصيل في طريقة العمل والوسائل التي يستخدمونها لتحقيق اهدافهم باسم الله وباسم الدين .
رحم الله السيد الصادق الصديق عبد الرحمن المهدي الزعيم السوداني المهذب الخلوق ورئيس الوزراء المنتخب لاكثر من مرة الذي اختلف مع مصر الرسمية عشرات المرات في كل الحكومات التي تعاقبت علي حكم مصر ولكنه كان مهذبا في خصومته ولم ينطق بحرف واحد ضد مصر والمصريين وعلي شاكلته كان انصارة في حزب الامة وكيان الانصار ...
استهدف اخوان السودان العلاقات التاريخية بين مصر والسودان وقاموا بعد الاستيلاء علي السلطة والسيطرة علي الدولة السودانية بتصفية مؤسسات التعليم المصرية المجانية التي قامت بتاسيسها ثورة الثالث والعشرين من يوليو التقدمية في السودان واغلاق جامعة القاهرة فرع الخرطوم احد منارات الفكر والوعي التي كانت اشبه بخلية للنحل تعمل علي مدار اليوم لاستيعاب العاملين في الدولة وبعض المرافق الاخري من الغير المتفرغين للتعليم الجامعي اضافة الي اغلاق كل مدارس البعثة التعليمية المصرية في الخرطوم وعدد من مدن البلاد بعد ان اشاعوا انها تتبع للمخابرات المصرية وحرموا عدد كبير من الطلاب السودانيين من التعليم المجاني وارسلوا اولادهم للدراسة في المدارس الخاصة بعد ان خربوا العملية التعليمية كلها واصبحت مدارس السودان اما مرافق استثمارية او خرابات تسرح فيها البهائم...
كالوا السباب الي مصر واهلها في اعلامهم الرسمي وصحفهم ومواكبهم بطريقة غير مسبوقة لايقرها عرف ولادين ..
ثم عادوا بعد ذلك يلتمسون الحماية المصرية بعد قرارات المحكمة الجنائية الدولية وامر القبض علي البشير وتزايد الضغوط الغربية عليهم وجلسوا في حضرة المخابرات المصرية التي كانوا يتهمون المعارضين السودانيين بالعمالة لها يطلبون المشورة والنصح عندما جلس صلاح قوش مثل اي تلميذ فاشل في مشهد ذليل امام الراحل المقيم عمر سليمان مدير المخابرات المصرية .
لم يكونوا صادقين لا في الود ولافي الخصام انتقلوا من حالة الفجور والشتم واللعن والسباب لبلد وشعب شقيق الي التزلف والتملق والمداهنة ..
علي سبيل المثال اختطفوا قصيدة الشيخ الصوفي الاديب عبد الرحيم البرعي عن مصر واولياء الله الذين سكنوا في ربوعها ولم يطلب البرعي اجر او مقابل عن قصيدته ولكن اخوان السودان ونظام البشير فعلوا ذلك بعروضهم الاسطورية والمونتاج الفاخر لقصيدة البرعي الذي حشدوا له فنانين مصريين وسودانيين واستخدموا قصيدته وحب الشيخ البرعي وهيامه باولياء الله في مصر في محاولة للتقرب من مصر الرسمية ..
وذهب البشير اكثر من ذلك بتبرعه بعربات فاخرة لكل لاعبي المنتخب المصري في اطار عمل العلاقات العامة وفي سبيل كسب ود مصر الرسمية وطلب الحماية المستحيلة من الكوارث القادمة من وراء الحدود المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من منظمات الضغط الغربية والامريكية .
الشاهد ان مصر كانت قد استضافت المعارضة السودانية بعد ايام قليلة من استيلاء الاسلاميين علي الحكم وقيامهم باعادة صياغة كل مؤسسات الدولة السودانية وشهدت مصر اطلاق الرصاصة الاولي علي نظام الترابي من خلال السماح بعمل المعارضة السودانية التدريجية ونشاط الاحزاب والمنظمات التي كانت تشارك في مؤتمرات دولية انطلاقا من مصر باسم المعارضة السودانية.
شهدت تلك الايام ايضا صدور صحف سودانية يومية من القاهرة في تجربة تعتبر الاولي من نوعها في تاريخ السودان من خلال صحافة مهجرية كانت تطبع في القاهرة وتوزع في دول الخليج والسعودية وكانت توزع سرا داخل السودان مثل اي منشور سياسي وذلك بعد ان تغلبت علي كل الظروف والتحديات وصدرت صحيفة الاتحادي الدولية التي تحولت الي صحيفة قومية في تلك الايام علي الرغم من اسم الصحيفة الحزبي والاشراف عليها بواسطة السيد محمد عثمان الميرغني واخرين وشرفتني الاقدار بالعمل في تلك الصحيفة مع نفر كريم من الاعلاميين والصحفيين من المستقلين والمتحزبين حتي اخر يوم ومغادرتنا مصر اواخر التسعينات.
وهناك تجربة اخري من خلال صدور صحيفة الخرطوم بواسطة الاستاذ الباقر احمد عبد الله الذي اسند رئاسة التحرير الي الراحل المقيم الصحفي والشاعر الاديب الاستاذ فضل الله محمد وعدد من الصحفيين .
نظام الاخوان في الخرطوم اشتكي السلطات المصرية وتظلموا لدي القذافي من تورط السلطات المصرية في مؤامرة لقلب نظام الحكم في الخرطوم وتقديم تسهيلات للمعارضة السودانية في هذا الصدد .
وكان النظام الاخواني في السودان قد تملق القذافي ونظامه ايضا واقاموا له ساحة خضراء في قلب الخرطوم واستغلوا حبه المعروف للزعامة والفخامة وحصلوا منه علي اموال هائلة لدعم نظريته الخضراء في السودان بينما كانت اموال القذافي تستخدم دون علمه في تاسيس اجهزة القمع والتجسس والبوليسية العابرة للحدود وعسكرة الدولة والمجتمع والحروب الجهادية في جنوب وغربي البلاد.
الوساطة الليبية احرجت السلطات المصرية بعد ان قدم الجانب السوداني في اجتماع انعقد في هذا الصدد والذي كان يمثله مدير المخابرات في ذلك الوقت نافع علي نافع وثائق هامة عن الدعم الذي كانت تقدمه مصر الي المعارضة السودانية والذي تسربت معلوماته الي الخرطوم عن طريق شخصية جنوبية قيادية في المعارضة السودانية وقيادة التجمع الوطني الديمقراطي وقد قامت مصر بابعاد القيادي الجنوبي المشار اليه في وقت لاحق.
بعد اتفاقية نيفاتشا والمصالحة بين نظام الخرطوم وحركة قرنق باشراف ودعم دولي من الفاتيكان والولايات المتحدة والاتحاد الاوربي تمت تصفية كل انشطة المعارضة السودانية في مصر بطريقة سلمية وعادت اعداد كبيرة من المعارضين الي الخرطوم.
الخلاصة ان مصر الرسمية تنظر الي اخوان السودان باعتبارهم شراذم من المنافقين الانتهازيين المتلونيين والمتعاونيين من الدرجة الاولي مع كل مؤسسات الدولة المصرية خاصة اجهزة الامن والمخابرات لذلك تعتبر ان اخوان السودان لايمثلون خطر استراتيجي علي مصر وتعتبر ان ذلك امر كافيا الي حد كبير حتي اشعار اخر يقوم فيه السودانيين بواجبهم المفترض في تصفية اثار الاسلاميين واعادة بناء مؤسسات الدولة السودانية شبه المنهارة .
ومع ذلك فيبدو ان مصر تتحسب لاحتمال تواصل الاسلاميين السودانيين مع التنظيم الدولي لجماعة الاخوان في ظل انباء تتحدث عن معسكرات تدريب لميليشيات الاسلاميين السودانيين في الاجزاء التي تسيطر عليها الجماعات المتطرفة غرب ليبيا ..
وكانت مصر قد وجهت تحذير مباشر لمن يهمهم الامر في ليبيا والسودان وقيادة التنظيم الاخواني في المنطقة العربية وتركيا عشية افتتاح قاعدة عسكرية مصرية علي حدود السودان في البحر الاحمر اعتبرت فيه انها تملك حق الدفاع عن الدولة المصرية بموجب القوانين الدولية وانها تملك الحق ايضا في توجيه ضربات استباقية لحماية بلادهم بحدودها الافتراضية في ليبيا والسودان وان لم تقل ذلك بصورة علانية وحذرت مصر ايضا علي لسان بعض القادة العسكريين بقطع اليد التي ستمتد الي الجوار المصري ويقصدون بذلك ليبيا والسودان.
الخلاصة ان مصر دولة لها مصالحها التي تقتضي التواصل مع اي نظام امر واقع في السودان ولكنها لن تكون دولة اخوانية الي ابد الابدين ولن تدعم مصر نظام اخواني عقائدي في السودان ولن تعترض باي حال من الاحوال مسار الثورة الشعبية عندما يحدث التغيير في السودان او تدعم زيد او عبيد البشير او الاسلاميين الجدد وتابعهم البرهان او تحول دون سقوطهم علي الرغم من وجود عدد قليل جدا من الاسلاميين الهاربين من العدالة السودانية في مصر .
العدالة السودانية المعطلة بفعل فاعل معروف والتي لم يكون لها اي وجود بعد سقوط النظام وحتي هذه اللحظة .
رابط له علاقة بالموضوع :
https://www.youtube.com/watch?v=iB8cO0wuNMU&ab_channel=AljazeeraMediaLibrary%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8%D8%A9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A9%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%A9
جماعة الاخوان المسلمين المصرية جماعة مسلحة ظلت تمارس العنف بطريقة غير محدودة منذ فترة الاربعينات علي ايام الحكم الملكي الوكيل الدائم للمستعمرين العثمانيين والغربيين في حكم مصر واستعباد المصريين في ارضهم ونهب ثرواتهم ومواردهم.
تبادل النظام الملكي وجماعة الاخوان المسلمين العنف الذي وصل الي درجة عمليات الاغتيال السياسي والتصفيات الجسدية التي طالت مرشد التنظيم حسن البنا الذي لقي حتفه علي يد عملاء البوليس السياسي الملكي الذين تركوه ينزف ومنعوا وصول الاسعاف اليه حتي لفظ انفاسه.
الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كتم انفاس الجماعة الارهابية خاصة بعد ان حصل علي دعم شعبي ليس له مثيل في تاريخ مصر وعلي دعم مثلة في كل البلاد والشعوب العربية وحاز علي حب واحترام مماثل من كل شعوب المعمورة واسقط في يد الجماعة التي تركت مصر وهربت الي بلاد عربية اخري .
عادوا ايام السادات والرئيس السابق حسني مبارك لممارسة الاغتيالات السياسية والعمليات التفجيرية واستغلال الحماس الديني لبعض المتهوسين في تنفيذ تلك العمليات الاجرامية ومارسوا اقبح انوع الابتزاز والاجرام المسلح باسم الدين والاسلام بطريقة ليس لها مثيل منذ فجر الرسالة المحمدية باستهداف تجار الذهب المسيحيين والكنائس ودور العبادة المسيحية واستهداف السياحة الاجنبية بعمليات تفجيرية راح ضحيتها اعداد من الناس الابرياء الذين قدموا الي مصر للتعرف علي تاريخ البلد العريق وذلك لاعتقادهم ان ذلك هو الطريق المناسب لاضعاف الدولة المصرية...
الفرق بين اخوان مصر والسودان كبير جدا علي الرغم من انهم كلهم مجرمين في النهاية ولكنه فرق نسبي في بعض التفاصيل في طريقة العمل والوسائل التي يستخدمونها لتحقيق اهدافهم باسم الله وباسم الدين .
رحم الله السيد الصادق الصديق عبد الرحمن المهدي الزعيم السوداني المهذب الخلوق ورئيس الوزراء المنتخب لاكثر من مرة الذي اختلف مع مصر الرسمية عشرات المرات في كل الحكومات التي تعاقبت علي حكم مصر ولكنه كان مهذبا في خصومته ولم ينطق بحرف واحد ضد مصر والمصريين وعلي شاكلته كان انصارة في حزب الامة وكيان الانصار ...
استهدف اخوان السودان العلاقات التاريخية بين مصر والسودان وقاموا بعد الاستيلاء علي السلطة والسيطرة علي الدولة السودانية بتصفية مؤسسات التعليم المصرية المجانية التي قامت بتاسيسها ثورة الثالث والعشرين من يوليو التقدمية في السودان واغلاق جامعة القاهرة فرع الخرطوم احد منارات الفكر والوعي التي كانت اشبه بخلية للنحل تعمل علي مدار اليوم لاستيعاب العاملين في الدولة وبعض المرافق الاخري من الغير المتفرغين للتعليم الجامعي اضافة الي اغلاق كل مدارس البعثة التعليمية المصرية في الخرطوم وعدد من مدن البلاد بعد ان اشاعوا انها تتبع للمخابرات المصرية وحرموا عدد كبير من الطلاب السودانيين من التعليم المجاني وارسلوا اولادهم للدراسة في المدارس الخاصة بعد ان خربوا العملية التعليمية كلها واصبحت مدارس السودان اما مرافق استثمارية او خرابات تسرح فيها البهائم...
كالوا السباب الي مصر واهلها في اعلامهم الرسمي وصحفهم ومواكبهم بطريقة غير مسبوقة لايقرها عرف ولادين ..
ثم عادوا بعد ذلك يلتمسون الحماية المصرية بعد قرارات المحكمة الجنائية الدولية وامر القبض علي البشير وتزايد الضغوط الغربية عليهم وجلسوا في حضرة المخابرات المصرية التي كانوا يتهمون المعارضين السودانيين بالعمالة لها يطلبون المشورة والنصح عندما جلس صلاح قوش مثل اي تلميذ فاشل في مشهد ذليل امام الراحل المقيم عمر سليمان مدير المخابرات المصرية .
لم يكونوا صادقين لا في الود ولافي الخصام انتقلوا من حالة الفجور والشتم واللعن والسباب لبلد وشعب شقيق الي التزلف والتملق والمداهنة ..
علي سبيل المثال اختطفوا قصيدة الشيخ الصوفي الاديب عبد الرحيم البرعي عن مصر واولياء الله الذين سكنوا في ربوعها ولم يطلب البرعي اجر او مقابل عن قصيدته ولكن اخوان السودان ونظام البشير فعلوا ذلك بعروضهم الاسطورية والمونتاج الفاخر لقصيدة البرعي الذي حشدوا له فنانين مصريين وسودانيين واستخدموا قصيدته وحب الشيخ البرعي وهيامه باولياء الله في مصر في محاولة للتقرب من مصر الرسمية ..
وذهب البشير اكثر من ذلك بتبرعه بعربات فاخرة لكل لاعبي المنتخب المصري في اطار عمل العلاقات العامة وفي سبيل كسب ود مصر الرسمية وطلب الحماية المستحيلة من الكوارث القادمة من وراء الحدود المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من منظمات الضغط الغربية والامريكية .
الشاهد ان مصر كانت قد استضافت المعارضة السودانية بعد ايام قليلة من استيلاء الاسلاميين علي الحكم وقيامهم باعادة صياغة كل مؤسسات الدولة السودانية وشهدت مصر اطلاق الرصاصة الاولي علي نظام الترابي من خلال السماح بعمل المعارضة السودانية التدريجية ونشاط الاحزاب والمنظمات التي كانت تشارك في مؤتمرات دولية انطلاقا من مصر باسم المعارضة السودانية.
شهدت تلك الايام ايضا صدور صحف سودانية يومية من القاهرة في تجربة تعتبر الاولي من نوعها في تاريخ السودان من خلال صحافة مهجرية كانت تطبع في القاهرة وتوزع في دول الخليج والسعودية وكانت توزع سرا داخل السودان مثل اي منشور سياسي وذلك بعد ان تغلبت علي كل الظروف والتحديات وصدرت صحيفة الاتحادي الدولية التي تحولت الي صحيفة قومية في تلك الايام علي الرغم من اسم الصحيفة الحزبي والاشراف عليها بواسطة السيد محمد عثمان الميرغني واخرين وشرفتني الاقدار بالعمل في تلك الصحيفة مع نفر كريم من الاعلاميين والصحفيين من المستقلين والمتحزبين حتي اخر يوم ومغادرتنا مصر اواخر التسعينات.
وهناك تجربة اخري من خلال صدور صحيفة الخرطوم بواسطة الاستاذ الباقر احمد عبد الله الذي اسند رئاسة التحرير الي الراحل المقيم الصحفي والشاعر الاديب الاستاذ فضل الله محمد وعدد من الصحفيين .
نظام الاخوان في الخرطوم اشتكي السلطات المصرية وتظلموا لدي القذافي من تورط السلطات المصرية في مؤامرة لقلب نظام الحكم في الخرطوم وتقديم تسهيلات للمعارضة السودانية في هذا الصدد .
وكان النظام الاخواني في السودان قد تملق القذافي ونظامه ايضا واقاموا له ساحة خضراء في قلب الخرطوم واستغلوا حبه المعروف للزعامة والفخامة وحصلوا منه علي اموال هائلة لدعم نظريته الخضراء في السودان بينما كانت اموال القذافي تستخدم دون علمه في تاسيس اجهزة القمع والتجسس والبوليسية العابرة للحدود وعسكرة الدولة والمجتمع والحروب الجهادية في جنوب وغربي البلاد.
الوساطة الليبية احرجت السلطات المصرية بعد ان قدم الجانب السوداني في اجتماع انعقد في هذا الصدد والذي كان يمثله مدير المخابرات في ذلك الوقت نافع علي نافع وثائق هامة عن الدعم الذي كانت تقدمه مصر الي المعارضة السودانية والذي تسربت معلوماته الي الخرطوم عن طريق شخصية جنوبية قيادية في المعارضة السودانية وقيادة التجمع الوطني الديمقراطي وقد قامت مصر بابعاد القيادي الجنوبي المشار اليه في وقت لاحق.
بعد اتفاقية نيفاتشا والمصالحة بين نظام الخرطوم وحركة قرنق باشراف ودعم دولي من الفاتيكان والولايات المتحدة والاتحاد الاوربي تمت تصفية كل انشطة المعارضة السودانية في مصر بطريقة سلمية وعادت اعداد كبيرة من المعارضين الي الخرطوم.
الخلاصة ان مصر الرسمية تنظر الي اخوان السودان باعتبارهم شراذم من المنافقين الانتهازيين المتلونيين والمتعاونيين من الدرجة الاولي مع كل مؤسسات الدولة المصرية خاصة اجهزة الامن والمخابرات لذلك تعتبر ان اخوان السودان لايمثلون خطر استراتيجي علي مصر وتعتبر ان ذلك امر كافيا الي حد كبير حتي اشعار اخر يقوم فيه السودانيين بواجبهم المفترض في تصفية اثار الاسلاميين واعادة بناء مؤسسات الدولة السودانية شبه المنهارة .
ومع ذلك فيبدو ان مصر تتحسب لاحتمال تواصل الاسلاميين السودانيين مع التنظيم الدولي لجماعة الاخوان في ظل انباء تتحدث عن معسكرات تدريب لميليشيات الاسلاميين السودانيين في الاجزاء التي تسيطر عليها الجماعات المتطرفة غرب ليبيا ..
وكانت مصر قد وجهت تحذير مباشر لمن يهمهم الامر في ليبيا والسودان وقيادة التنظيم الاخواني في المنطقة العربية وتركيا عشية افتتاح قاعدة عسكرية مصرية علي حدود السودان في البحر الاحمر اعتبرت فيه انها تملك حق الدفاع عن الدولة المصرية بموجب القوانين الدولية وانها تملك الحق ايضا في توجيه ضربات استباقية لحماية بلادهم بحدودها الافتراضية في ليبيا والسودان وان لم تقل ذلك بصورة علانية وحذرت مصر ايضا علي لسان بعض القادة العسكريين بقطع اليد التي ستمتد الي الجوار المصري ويقصدون بذلك ليبيا والسودان.
الخلاصة ان مصر دولة لها مصالحها التي تقتضي التواصل مع اي نظام امر واقع في السودان ولكنها لن تكون دولة اخوانية الي ابد الابدين ولن تدعم مصر نظام اخواني عقائدي في السودان ولن تعترض باي حال من الاحوال مسار الثورة الشعبية عندما يحدث التغيير في السودان او تدعم زيد او عبيد البشير او الاسلاميين الجدد وتابعهم البرهان او تحول دون سقوطهم علي الرغم من وجود عدد قليل جدا من الاسلاميين الهاربين من العدالة السودانية في مصر .
العدالة السودانية المعطلة بفعل فاعل معروف والتي لم يكون لها اي وجود بعد سقوط النظام وحتي هذه اللحظة .
رابط له علاقة بالموضوع :
https://www.youtube.com/watch?v=iB8cO0wuNMU&ab_channel=AljazeeraMediaLibrary%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8%D8%A9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A9%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%A9