التسوية نحو الديمقراطية تحدي المرحلة
أبوذر على الأمين ياسين
16 October, 2022
16 October, 2022
abuzaryassin27@gmail.com
بات واضحا أن السودان وصل نهاية خط التغيير، بمعنى أن التغيير أصبح ضرورة تستوجب أول ما تستوجب الايفاء بشروطه لأن دون ذلك مواجهة البلاد لكابوس المواجهة العنيفة ومن ثم أن تكون عرضةً للتقسيم والتجزئة، حيث لا تصلح هنا معادلات الايديولوجيا، ولا الانتماءات السياسية، ولا طائفية ارثية ولا صفوة نخبوية ايا كانت. فقد استنفذ الصراع بين المتعلمين و التقليديين كل سني الاستقلال وبلغ الان بعد مُضي أكثر من ست عقود نهاياته، وهي نهايات كنا نبلغ محطته عند كل ثورة منذ أكتوبر مرورا بأبريل وأخيرا سبتمبر، لنعيد مرة بعد مرة انتاج ذات سيناريو وتفاصيل صراع الصفوة مع الطائفية في شكله العام، ونطور من حيث لا نشعر صراع اشد ضراوة بين الصفوة ذاتها، صراع يُعمل ذات الاهداف التي كان المستهدف بها الطائفية والمحدد في استئصالها و أزاحتها عن الوجود، ليصبح سلاحا مشروع تَستهدف به كل فئة الاخرى، ثم أصبح راسخا في لا شعور الفعل والنشاط السياسي يوجه السلوك بوعي و بلا وعي احيانا، لكنه صار رتيب ومعتاد، أي تم تطبيعه وهنا خطورته.
على خلفية العسكرة و بسببها الاستئصال أصبح عقدة وأزمة بين الكيانات الحزبية والمدارس المذهبية لا تكاد تقبل أياً منها الاخرى، حتى داخل الكيان أو الحزب الواحد فالاختلاف هنا أشبه بالتوأم السيامي قبل تطور الطب، خياره فقط التخلص من أحد التوأمين ليعيش الاخر. عشنا أصعب تجارب الاختلاف داخل الاحزاب والقوى السياسية مع مايو والصراع داخل الحزب الشيوعي وانقلاب 19 يوليو وفداحة الخسارات أينما وليت وجهك. ثم أعدنا ذات التجربة مع مفاصلة الاسلاميين في الانقاذ و خسرنا زمنا استطال و بخسائر لا حصر لها، وفي كلا الحالتين كان الخيار واحد فقط هو تخلص طرف من الأخر واستئصاله رغم الانتماء لذات الحزب أو الحركة.
ثورة سبتمبر تعلن بوضح أن مسار توظيف العسكر كان المسار الخطأ، وأنه الان بات مستهدفاً بإعتباره أكبر العوائق التي تسد مسار التغيير. و أن ابتعاد العسكر عن الحكم وتعاطي السياسة، هو أهم مفتاح وأقوى بداية لطريق التغيير. وأن عدم حسم أمر العسكرة لن يؤدي إلا الي الفشل المستدام. وأن التغيير، لنقل الثورة تفرض الأن على المدنيين أن يكونوا مدنيين، وعلى العسكر أن يكونوا عسكريين.
الازمة كانت في استعانة المدنيين بالعسكر، ثم تنتهي السلطة موضوع الصراع للعسكر مرة بعد مرة رغم التكرار. و حل الازمة هو ضرورة أن يصير المدنيين مدنيين يتعاملوا ويطوروا الوسائل والسبل المدنية في المنافسة والصراع السياسي فيما بينهم . أصبح التغيير أن يطور المدنيين ما أهملوه طيلة الست أو السبع عقود الماضية، تأسيس مؤسسات وتقاليد سياسية بينهم عالية المرونة والقابلية للتطور، وتمتين قابليتها للتعاون والتحالف والتشارك مع الآخر فلا نظام ديمقراطى يمكن أن يوجد ويستمر دون نسق موضوعى للتحالفات السياسية، ورغم الصعوبة إلا أن هذا هو اتجاه التغيير الذي تدفع به الثورة والثوار في الشوارع. وهنا بالتحديد المشكلة في صعوبة أحالة الامر بين القوى المدنية، وخير دليل على ذلك فترة الانتقال المتأزمة هذه.
فترة الانتقال الحالية تشرح كيف صارت الخبرات في الحكم على تراكمها محصورة بين العسكر، وأن المدنيين مثلما لجأوا إلى الطائفية بعد تجربة مؤتمر الخرجيين أصبحوا كذلك يحتمون لاجئين الى العسكر. رغم أن العسكرية نسق تراتبى محكم لا يعلى عليه فإنها حولت أدوات السياسة ومنظوماتها إلى أدوات بل والاجسام تتعامل وتتقبل الطرق والوسائل العسكرية، فهى تستبد بقوتها ولا تحتمل التداخل بأى درجة مع المدنى، فالعسكرية يمكن أن تنقلب على الأوضاع كافة وتعتقل السياسيين أو تحل البرلمان أو تعلن حالة الطوارئ دون اتباع اجراءاته الدستورية، فبدل الاحزاب صار وجود وانتشار الحركات المسلحة هو الاصل، بل كانت الحركات من أقوى العوامل فى هزيمة تجربة الانتقال الحالية. وتاريخيا هذا مؤشر اساسي بدأ منذ تعقيد مشكلة الجنوب و ابدال الحلول السياسية بأخرى عسكرية على مسار تعاقب الحكومات ايا كانت منذ الاستقلال. كما تحولت الاحزاب إلى رافد ثانوي (أحزاب فكة) تُنشأ في الغالب من قبل العسكرين (في الحكم كانوا أو في الحركات) لأجل أهداف ترسيخ استمرار العسكر في الحكم، كونها تُتخذ كأدوات لاضعاف الحركات عبر اعتماد ابعاد اقليمية مناطقية أو قبلية، وهذا يزيد التعقيد ويراكم الصعوبات أمام التحولات المدنية والديمقراطية مستقبلا، ويساعد في ترسيخ العسكرة.
الانتقال الان يرفع شعار لا للعسكرة (العسكر للثكنات). والحقيقة التحدي و الصعاب محصورة في وبين القوى المدنية، أعني بين المدنيين. و لا سبيل لإزاحة العسكر سوى توحد المدنيين باختلافاتهم من اقصى اليميين إلى أقصى اليسار، فإبعاد العسكر لا يمكن أن يتم إلا بتوحد المدنيين الكامل على ذلك. وإذا تعزر فأضعف الايمان أن تؤسس غالبية المدنيين هذا التوجه وأيضا بكامل طيفهم يمينا ويسارا وعبر الاحزاب والمنظمات المدنية. يجب أن نتذكر هنا أن واحدا من أهم (ممكنات) العسكرة كان استهداف المدنيين بعضهم البعض في مؤسسات الخدمة المدنية مثلا، فأضعفوا أنفسهم وبأصرار غريب، حتى أضعفوا مؤسسات الدولة، وهي مؤسسات مهمة لايمكن أن تسعى للنظام ديمقراطي ومستدام بضعفها أو بدونها.
في تجربة الانتقال الاخيرة فشل (الخلط) الشراكة بين المدنيين والعسكريين، وفشل العسكر في (الاستفراد) بالسلطة حد العجز رغم زخم الحركات المسلحة واحزاب الفكة في تكوين حكومة أو حاضنة. وهذا واحد من أبرز نذر التغيير وضرورة التزام شروطه. لن ينفع او يجدي التلاعب وانصاف الحلول هذه المرة، على العسكر العودة إلى دورهم الطبيعي كمؤسسة من مؤسسات الدولة تتبع و تأتمر بأمر الحكومة المدنية. وعلى المدنيين أن يؤسسوا لنظام ديمقراطي و مستدام، وهذا أمر يقتضي أول ما يقتضي أن يتم باتفاق الفرقاء، و في حالتنا الاعداء، أن يتوافقوا على نظام يتبادلوا وفقا له السلطة وأن لا يحنثوا بذلك مهما كان السبب أو الدعوى. يحب أن يأخذ الكافر حظه في الحكم حتى يزيحه الشعب بالانتخاب، وكذلك أن يحكم المؤمن حتى يزيحه الشعب انتخابا. وما بين الكافر والمؤمن يحكم من يحكم منتخبا ويغادر وفقا للانتخاب. وهذا مدى (يسع الجميع).
يبقى أمر التغيير صعبا لدرجة التحدي، ويبقى أمرا مدنيا بين المدنيين، وكل من يستهن بالامر ويتعامل باعتباره مرحلة للتخلص من فئة أو مجموعة، سيكون عكس المرحلة، ولن يتم له مراده، مهما كانت أمكانياته الداخلية والدعم الخارجي له، ذلك أن التغيير الان مطلوب وفقا لشروطه وليس وفقا لشروط من يملك القوة والامكانيات والدعم الدولي، وإلا كانت الصيغة الاولي لحكومة الشراكة نجحت وعبرت، أو كان نحج العسكر بعد انقلاب اكتوبر في الانفراد بالسلطة. و لتتعرفوا على ضرورة التغيير وأنه هذه المرة حاسم ولا مفر منه، انظروا للشارع وللجماهير التي وفقت على جرح الازمة وستقود الجميع رضوا أم ابوا الى المسار المطلوب الذي يحقق توجهات و تطلعات الشارع مدنيااااااااو.
بات واضحا أن السودان وصل نهاية خط التغيير، بمعنى أن التغيير أصبح ضرورة تستوجب أول ما تستوجب الايفاء بشروطه لأن دون ذلك مواجهة البلاد لكابوس المواجهة العنيفة ومن ثم أن تكون عرضةً للتقسيم والتجزئة، حيث لا تصلح هنا معادلات الايديولوجيا، ولا الانتماءات السياسية، ولا طائفية ارثية ولا صفوة نخبوية ايا كانت. فقد استنفذ الصراع بين المتعلمين و التقليديين كل سني الاستقلال وبلغ الان بعد مُضي أكثر من ست عقود نهاياته، وهي نهايات كنا نبلغ محطته عند كل ثورة منذ أكتوبر مرورا بأبريل وأخيرا سبتمبر، لنعيد مرة بعد مرة انتاج ذات سيناريو وتفاصيل صراع الصفوة مع الطائفية في شكله العام، ونطور من حيث لا نشعر صراع اشد ضراوة بين الصفوة ذاتها، صراع يُعمل ذات الاهداف التي كان المستهدف بها الطائفية والمحدد في استئصالها و أزاحتها عن الوجود، ليصبح سلاحا مشروع تَستهدف به كل فئة الاخرى، ثم أصبح راسخا في لا شعور الفعل والنشاط السياسي يوجه السلوك بوعي و بلا وعي احيانا، لكنه صار رتيب ومعتاد، أي تم تطبيعه وهنا خطورته.
على خلفية العسكرة و بسببها الاستئصال أصبح عقدة وأزمة بين الكيانات الحزبية والمدارس المذهبية لا تكاد تقبل أياً منها الاخرى، حتى داخل الكيان أو الحزب الواحد فالاختلاف هنا أشبه بالتوأم السيامي قبل تطور الطب، خياره فقط التخلص من أحد التوأمين ليعيش الاخر. عشنا أصعب تجارب الاختلاف داخل الاحزاب والقوى السياسية مع مايو والصراع داخل الحزب الشيوعي وانقلاب 19 يوليو وفداحة الخسارات أينما وليت وجهك. ثم أعدنا ذات التجربة مع مفاصلة الاسلاميين في الانقاذ و خسرنا زمنا استطال و بخسائر لا حصر لها، وفي كلا الحالتين كان الخيار واحد فقط هو تخلص طرف من الأخر واستئصاله رغم الانتماء لذات الحزب أو الحركة.
ثورة سبتمبر تعلن بوضح أن مسار توظيف العسكر كان المسار الخطأ، وأنه الان بات مستهدفاً بإعتباره أكبر العوائق التي تسد مسار التغيير. و أن ابتعاد العسكر عن الحكم وتعاطي السياسة، هو أهم مفتاح وأقوى بداية لطريق التغيير. وأن عدم حسم أمر العسكرة لن يؤدي إلا الي الفشل المستدام. وأن التغيير، لنقل الثورة تفرض الأن على المدنيين أن يكونوا مدنيين، وعلى العسكر أن يكونوا عسكريين.
الازمة كانت في استعانة المدنيين بالعسكر، ثم تنتهي السلطة موضوع الصراع للعسكر مرة بعد مرة رغم التكرار. و حل الازمة هو ضرورة أن يصير المدنيين مدنيين يتعاملوا ويطوروا الوسائل والسبل المدنية في المنافسة والصراع السياسي فيما بينهم . أصبح التغيير أن يطور المدنيين ما أهملوه طيلة الست أو السبع عقود الماضية، تأسيس مؤسسات وتقاليد سياسية بينهم عالية المرونة والقابلية للتطور، وتمتين قابليتها للتعاون والتحالف والتشارك مع الآخر فلا نظام ديمقراطى يمكن أن يوجد ويستمر دون نسق موضوعى للتحالفات السياسية، ورغم الصعوبة إلا أن هذا هو اتجاه التغيير الذي تدفع به الثورة والثوار في الشوارع. وهنا بالتحديد المشكلة في صعوبة أحالة الامر بين القوى المدنية، وخير دليل على ذلك فترة الانتقال المتأزمة هذه.
فترة الانتقال الحالية تشرح كيف صارت الخبرات في الحكم على تراكمها محصورة بين العسكر، وأن المدنيين مثلما لجأوا إلى الطائفية بعد تجربة مؤتمر الخرجيين أصبحوا كذلك يحتمون لاجئين الى العسكر. رغم أن العسكرية نسق تراتبى محكم لا يعلى عليه فإنها حولت أدوات السياسة ومنظوماتها إلى أدوات بل والاجسام تتعامل وتتقبل الطرق والوسائل العسكرية، فهى تستبد بقوتها ولا تحتمل التداخل بأى درجة مع المدنى، فالعسكرية يمكن أن تنقلب على الأوضاع كافة وتعتقل السياسيين أو تحل البرلمان أو تعلن حالة الطوارئ دون اتباع اجراءاته الدستورية، فبدل الاحزاب صار وجود وانتشار الحركات المسلحة هو الاصل، بل كانت الحركات من أقوى العوامل فى هزيمة تجربة الانتقال الحالية. وتاريخيا هذا مؤشر اساسي بدأ منذ تعقيد مشكلة الجنوب و ابدال الحلول السياسية بأخرى عسكرية على مسار تعاقب الحكومات ايا كانت منذ الاستقلال. كما تحولت الاحزاب إلى رافد ثانوي (أحزاب فكة) تُنشأ في الغالب من قبل العسكرين (في الحكم كانوا أو في الحركات) لأجل أهداف ترسيخ استمرار العسكر في الحكم، كونها تُتخذ كأدوات لاضعاف الحركات عبر اعتماد ابعاد اقليمية مناطقية أو قبلية، وهذا يزيد التعقيد ويراكم الصعوبات أمام التحولات المدنية والديمقراطية مستقبلا، ويساعد في ترسيخ العسكرة.
الانتقال الان يرفع شعار لا للعسكرة (العسكر للثكنات). والحقيقة التحدي و الصعاب محصورة في وبين القوى المدنية، أعني بين المدنيين. و لا سبيل لإزاحة العسكر سوى توحد المدنيين باختلافاتهم من اقصى اليميين إلى أقصى اليسار، فإبعاد العسكر لا يمكن أن يتم إلا بتوحد المدنيين الكامل على ذلك. وإذا تعزر فأضعف الايمان أن تؤسس غالبية المدنيين هذا التوجه وأيضا بكامل طيفهم يمينا ويسارا وعبر الاحزاب والمنظمات المدنية. يجب أن نتذكر هنا أن واحدا من أهم (ممكنات) العسكرة كان استهداف المدنيين بعضهم البعض في مؤسسات الخدمة المدنية مثلا، فأضعفوا أنفسهم وبأصرار غريب، حتى أضعفوا مؤسسات الدولة، وهي مؤسسات مهمة لايمكن أن تسعى للنظام ديمقراطي ومستدام بضعفها أو بدونها.
في تجربة الانتقال الاخيرة فشل (الخلط) الشراكة بين المدنيين والعسكريين، وفشل العسكر في (الاستفراد) بالسلطة حد العجز رغم زخم الحركات المسلحة واحزاب الفكة في تكوين حكومة أو حاضنة. وهذا واحد من أبرز نذر التغيير وضرورة التزام شروطه. لن ينفع او يجدي التلاعب وانصاف الحلول هذه المرة، على العسكر العودة إلى دورهم الطبيعي كمؤسسة من مؤسسات الدولة تتبع و تأتمر بأمر الحكومة المدنية. وعلى المدنيين أن يؤسسوا لنظام ديمقراطي و مستدام، وهذا أمر يقتضي أول ما يقتضي أن يتم باتفاق الفرقاء، و في حالتنا الاعداء، أن يتوافقوا على نظام يتبادلوا وفقا له السلطة وأن لا يحنثوا بذلك مهما كان السبب أو الدعوى. يحب أن يأخذ الكافر حظه في الحكم حتى يزيحه الشعب بالانتخاب، وكذلك أن يحكم المؤمن حتى يزيحه الشعب انتخابا. وما بين الكافر والمؤمن يحكم من يحكم منتخبا ويغادر وفقا للانتخاب. وهذا مدى (يسع الجميع).
يبقى أمر التغيير صعبا لدرجة التحدي، ويبقى أمرا مدنيا بين المدنيين، وكل من يستهن بالامر ويتعامل باعتباره مرحلة للتخلص من فئة أو مجموعة، سيكون عكس المرحلة، ولن يتم له مراده، مهما كانت أمكانياته الداخلية والدعم الخارجي له، ذلك أن التغيير الان مطلوب وفقا لشروطه وليس وفقا لشروط من يملك القوة والامكانيات والدعم الدولي، وإلا كانت الصيغة الاولي لحكومة الشراكة نجحت وعبرت، أو كان نحج العسكر بعد انقلاب اكتوبر في الانفراد بالسلطة. و لتتعرفوا على ضرورة التغيير وأنه هذه المرة حاسم ولا مفر منه، انظروا للشارع وللجماهير التي وفقت على جرح الازمة وستقود الجميع رضوا أم ابوا الى المسار المطلوب الذي يحقق توجهات و تطلعات الشارع مدنيااااااااو.