عودة الميرغني الي الخرطوم وقرار الاسلاميين بتفكيك الجيش السوداني
محمد فضل علي
23 November, 2022
23 November, 2022
في اعقاب توقيع الخطوط العريضة لمشروع اتفاقية السلام السودانية مع الحركة الشعبية والزعيم الجنوبي الراحل جون قرنق في نوفمبر 1988 وعودة السيد محمد عثمان الميرغني الي الخرطوم وسط ترحيب جماهيري كبير ومثلة من اغلبية القوي السياسية والاجتماعية والنقابية التي علقت امال كبيرة علي ذلك الاتفاق في وقف الحرب الدائرة في الجنوب وعودة الامن والاستقرار في كل انحاء السودان ..
انفردت الجبهة القومية الاسلامية بموقف مخالف لكل الاجماع الوطني المشار اليه وعقدت اجتماع علي درجة عالية من الاهمية والخطورة بعد ساعات قليلة من وصول الميرغني الي الخرطوم باحد ضواحي مدينة بحري ومدنها الطرفية اتخذت فيه مجموعة قرارات بوضع كل اجهزة الحركة الاخوانية في حالة استنفار واستعداد دائم للتعامل مع التداعيات المحتملة لتوقيع ذلك الاتفاق .
وتسارعت الاحداث بعد ذلك التاريخ وقامت الاقلية الاخوانية بتحدي كل الشعب السوداني عن طريق امبراطوريتها الاعلامية وسارعت من ناحية اخري الي خنق الاسواق واخفاء السلع عن طريق اذرعها الاقتصادية القذرة ومؤسساتها الامنية السرية وخلق حالة من الضيق المعيشي والهلع في الشارع السوداني واحتشدت القوي السياسية كلها خلف اتفاقية السلام السودانية باستثناء الحزب الحاكم السيد الصادق المهدي وابن عمه السيد مبارك الفاضل المهدي ..
بعد ان نجحت مخابرات الحركة الاسلامية عن طريق الاختراق والدسائس في اشعال حرب اعلامية بينهم وبين القوي السياسية الداعمة لخط السلام ووقف الحرب ومعركة اخري بين حزب الامة و الحكومة المصرية وسفارتها في الخرطوم لارباك حركة الشارع السوداني وغادر الدكتور صديق بولاد رئيس تحرير صحيفة الامة البلاد في ذلك الوقت بدون اعلان بصورة مفاجئة بدون اخطار مؤسسات وقيادة الحزب .
ومن المفارقات ان الرجل الذي كان مقربا من السيد رئيس الوزراء والاجهزة العليا في الحزب الحاكم لم يعلن عن اسباب مغادرته البلاد في ذلك الوقت حتي هذه اللحظة ويومنا هذا كونه انسان عفيف وصادق امين وقد عاد وتجاهل الاسباب التي دعته الي مغادرة البلاد ومنصبة في رئاسة تحرير صحيفة الحزب الحاكم انذاك لينخرط مع نفس قيادة الحزب في معارضة النظام بعد ان خرجت من البلاد بعد الانقلاب بعد اللقاء بينه وبين السيد مبارك الفاضل المهدي الذي ورطه الاسلاميين في خلافات عميقة مع المصريين والبعثيين عن طريق معلومات مفبركة ومدسوسة عليه صرفته عن ممارسة واجبه المفترض في رصد مؤامرات الاسلاميين من موقعه كوزير للداخلية في ذلك الوقت .
اعقبت ذلك المذكرة التي قامت برفعها اخر قيادة شرعية ومهنية ووطنية للجيش السوداني القومي برئاسة الفريق فتحي احمد علي الي السيد رئيس الوزراء والقوي السياسية السودانية ومطالبتها الاسراع في تنفيذ اتفاقية السلام من اجل وقف الحرب ووحدة البلاد والاستقرار والسلام ..
اجتمعت قيادة الجبهة القومية الاسلامية بعد ساعات قليلة من مذكرة القوات المسلحة واتخذت قرارها الانتقامي بشن الحرب علي الجيش السوداني والاستيلاء علي الحكم وكل مؤسسات الدولة السودانية وكان ذلك واضح وضوح الشمس في مفردات اخر خطاب جماهيري للترابي قبل الانقلاب الذي تم تنفيذه في عملية مشابهة في خطوطها العريضة دون التفاصيل لما حدث في ايران بعد عودة الخميني الي طهران اواخر السبعينات ..
العملية التي لاتزال الكثير من النخب السياسية والقانونية السودانية تطلق عليها للاسف الشديد اسم انقلاب الانقاذ وتتعامل معها قانونيا علي هذا الاساس بطريقة تساوي بينها وبين انقلابات عسكرية حقيقية من تدبير وتنفيذ عسكريين عاملين في الجيش ولم نسمع ان احد عناصر الحزب الشيوعي السوداني المدنية او كوادر المنظمات القومية المتحالفة مع نظام نميري في عامه الاول والثاني قد حمل سلاحه في ليلة الخامس والعشرين من مايو 1969 لمساعدة العسكريين نميري ورفاقة في تنفيذ الانقلاب وتامين المرافق الاستراتيجية وقد حدث ذلك في 30 يونيو 1989 حيث لم يكن هناك انقلاب عسكري بالمعني المتعارف عليه .
احد رجال الاعمال المنشقين عن الجبهة الاسلامية قال انهم بعد خروجهم من الاجتماع الذي اتخذوا فيه قرار الانقلاب ان السيد علي عثمان محمد طه التفت اليهم قائلا بالنص :
" موش الجيش الهزمه قرنق دا نحن برضه بنهزمه ونفرتقه طوبة طوبة "
وقد كان ونفذوا الامر بكل تفاصيلة ولم تعد هناك دولة قومية في السودان او جيش وطني منذ ذلك التاريخ و حتي هذه اللحظة ..
لانريد ان نجري مقارنة او نتحدث بالطبع عما حدث بالامس في مطار الخرطوم بعد عودة السيد محمد عثمان الميرغني الي البلاد الغارقة في الفساد والفوضي والارهاب والاغتيالات والتصفيات الجسدية شبه اليومية لشباب المقاومين السودانيين وفلذات اكباد هذه الامة المنكوبة التي عز نصيرها في البلد التي اصبحت اليوم غاب قوسين او ادني من الانهيار الشامل للمتبقي من مؤسسات الحكم والدولة في السودان .
ولانريد ان نجادل عن موقف زيد او عبيد او ابناء السيد الميرغني او نشارك اولئك الهمج الرعاع الذين قاموا بتحويل عودة الزعيم والرمز الوطني الكبير السيد محمد عثمان الميرغني الي مزاد للمزايدة السياسية دون مراعاة لخصوصية الزعيم الشيخ الكبير في السن له التحية والتقدير متجاهلين حقه في شيخوخة هادئة .
بعيدا عن السياسة من في السودان وغير السودان في كل بلاد الله يقبل بالذج بوالده علي سبيل المثال عندما يبلغ الاب مبلغ معين من العمر في اجواء مثل هذه المزايدات القبيحة الشكل والمضمون وهذا الهرج والشد العصبي والتوتر الذي يفوق طاقة الناس الذين هم في مثل عمر الزعيم الميرغني ..
لقد ظلت مكانة السيد محمد عثمان الميرغني محفوظة في ذاكرة الناس ووجدان الملايين من ابناء الشعب السوداني واحبابة ومريدية ومعها مواقفه في الدفاع المستميت عن وحدة البلاد وقد ظل محل احترام وتقدير من الشعب والحكومات المدنية والعسكرية التي تعاقبت علي حكم البلاد باستثناء فترة بسيطة من المضايقات في بدايات حكم مايو تم تصحيحها بعودة الامور الي نصابها بعد اشهر معدودة .
لكن الثابت ان السيد الميرغني قد كان محل استهداف غير لائق وكريم من صحافة التابلويد الاخوانية وقد تعرض الي الاهانة والاعتقال في بدايات حكم الاسلاميين حتي لحظة مغادرته البلادة ورئاسته لتجمع المعارضة السودانية لسنين طويلة قضاها في التنقل من بلد الي بلد من اجل اسقاط نظام الاسلاميين وحكم المعزول عمر البشير ..
ولكنهم اليوم يريدون استخدامه بطريقة دعائية رخيصة لدعم اجندتهم الخبيثة ومشروعم الاستيطاني المسلح وفرض الامر الواقع في محاولة مستحيلة واشبه بمحاولة لحجب ضوء الشمس وتجاوز شرعية الثورة والانتفاضة السودانية الظافرة المنتصرة باذن الله وبسالة وشجاعة المقاوميين السودانيين .
انفردت الجبهة القومية الاسلامية بموقف مخالف لكل الاجماع الوطني المشار اليه وعقدت اجتماع علي درجة عالية من الاهمية والخطورة بعد ساعات قليلة من وصول الميرغني الي الخرطوم باحد ضواحي مدينة بحري ومدنها الطرفية اتخذت فيه مجموعة قرارات بوضع كل اجهزة الحركة الاخوانية في حالة استنفار واستعداد دائم للتعامل مع التداعيات المحتملة لتوقيع ذلك الاتفاق .
وتسارعت الاحداث بعد ذلك التاريخ وقامت الاقلية الاخوانية بتحدي كل الشعب السوداني عن طريق امبراطوريتها الاعلامية وسارعت من ناحية اخري الي خنق الاسواق واخفاء السلع عن طريق اذرعها الاقتصادية القذرة ومؤسساتها الامنية السرية وخلق حالة من الضيق المعيشي والهلع في الشارع السوداني واحتشدت القوي السياسية كلها خلف اتفاقية السلام السودانية باستثناء الحزب الحاكم السيد الصادق المهدي وابن عمه السيد مبارك الفاضل المهدي ..
بعد ان نجحت مخابرات الحركة الاسلامية عن طريق الاختراق والدسائس في اشعال حرب اعلامية بينهم وبين القوي السياسية الداعمة لخط السلام ووقف الحرب ومعركة اخري بين حزب الامة و الحكومة المصرية وسفارتها في الخرطوم لارباك حركة الشارع السوداني وغادر الدكتور صديق بولاد رئيس تحرير صحيفة الامة البلاد في ذلك الوقت بدون اعلان بصورة مفاجئة بدون اخطار مؤسسات وقيادة الحزب .
ومن المفارقات ان الرجل الذي كان مقربا من السيد رئيس الوزراء والاجهزة العليا في الحزب الحاكم لم يعلن عن اسباب مغادرته البلاد في ذلك الوقت حتي هذه اللحظة ويومنا هذا كونه انسان عفيف وصادق امين وقد عاد وتجاهل الاسباب التي دعته الي مغادرة البلاد ومنصبة في رئاسة تحرير صحيفة الحزب الحاكم انذاك لينخرط مع نفس قيادة الحزب في معارضة النظام بعد ان خرجت من البلاد بعد الانقلاب بعد اللقاء بينه وبين السيد مبارك الفاضل المهدي الذي ورطه الاسلاميين في خلافات عميقة مع المصريين والبعثيين عن طريق معلومات مفبركة ومدسوسة عليه صرفته عن ممارسة واجبه المفترض في رصد مؤامرات الاسلاميين من موقعه كوزير للداخلية في ذلك الوقت .
اعقبت ذلك المذكرة التي قامت برفعها اخر قيادة شرعية ومهنية ووطنية للجيش السوداني القومي برئاسة الفريق فتحي احمد علي الي السيد رئيس الوزراء والقوي السياسية السودانية ومطالبتها الاسراع في تنفيذ اتفاقية السلام من اجل وقف الحرب ووحدة البلاد والاستقرار والسلام ..
اجتمعت قيادة الجبهة القومية الاسلامية بعد ساعات قليلة من مذكرة القوات المسلحة واتخذت قرارها الانتقامي بشن الحرب علي الجيش السوداني والاستيلاء علي الحكم وكل مؤسسات الدولة السودانية وكان ذلك واضح وضوح الشمس في مفردات اخر خطاب جماهيري للترابي قبل الانقلاب الذي تم تنفيذه في عملية مشابهة في خطوطها العريضة دون التفاصيل لما حدث في ايران بعد عودة الخميني الي طهران اواخر السبعينات ..
العملية التي لاتزال الكثير من النخب السياسية والقانونية السودانية تطلق عليها للاسف الشديد اسم انقلاب الانقاذ وتتعامل معها قانونيا علي هذا الاساس بطريقة تساوي بينها وبين انقلابات عسكرية حقيقية من تدبير وتنفيذ عسكريين عاملين في الجيش ولم نسمع ان احد عناصر الحزب الشيوعي السوداني المدنية او كوادر المنظمات القومية المتحالفة مع نظام نميري في عامه الاول والثاني قد حمل سلاحه في ليلة الخامس والعشرين من مايو 1969 لمساعدة العسكريين نميري ورفاقة في تنفيذ الانقلاب وتامين المرافق الاستراتيجية وقد حدث ذلك في 30 يونيو 1989 حيث لم يكن هناك انقلاب عسكري بالمعني المتعارف عليه .
احد رجال الاعمال المنشقين عن الجبهة الاسلامية قال انهم بعد خروجهم من الاجتماع الذي اتخذوا فيه قرار الانقلاب ان السيد علي عثمان محمد طه التفت اليهم قائلا بالنص :
" موش الجيش الهزمه قرنق دا نحن برضه بنهزمه ونفرتقه طوبة طوبة "
وقد كان ونفذوا الامر بكل تفاصيلة ولم تعد هناك دولة قومية في السودان او جيش وطني منذ ذلك التاريخ و حتي هذه اللحظة ..
لانريد ان نجري مقارنة او نتحدث بالطبع عما حدث بالامس في مطار الخرطوم بعد عودة السيد محمد عثمان الميرغني الي البلاد الغارقة في الفساد والفوضي والارهاب والاغتيالات والتصفيات الجسدية شبه اليومية لشباب المقاومين السودانيين وفلذات اكباد هذه الامة المنكوبة التي عز نصيرها في البلد التي اصبحت اليوم غاب قوسين او ادني من الانهيار الشامل للمتبقي من مؤسسات الحكم والدولة في السودان .
ولانريد ان نجادل عن موقف زيد او عبيد او ابناء السيد الميرغني او نشارك اولئك الهمج الرعاع الذين قاموا بتحويل عودة الزعيم والرمز الوطني الكبير السيد محمد عثمان الميرغني الي مزاد للمزايدة السياسية دون مراعاة لخصوصية الزعيم الشيخ الكبير في السن له التحية والتقدير متجاهلين حقه في شيخوخة هادئة .
بعيدا عن السياسة من في السودان وغير السودان في كل بلاد الله يقبل بالذج بوالده علي سبيل المثال عندما يبلغ الاب مبلغ معين من العمر في اجواء مثل هذه المزايدات القبيحة الشكل والمضمون وهذا الهرج والشد العصبي والتوتر الذي يفوق طاقة الناس الذين هم في مثل عمر الزعيم الميرغني ..
لقد ظلت مكانة السيد محمد عثمان الميرغني محفوظة في ذاكرة الناس ووجدان الملايين من ابناء الشعب السوداني واحبابة ومريدية ومعها مواقفه في الدفاع المستميت عن وحدة البلاد وقد ظل محل احترام وتقدير من الشعب والحكومات المدنية والعسكرية التي تعاقبت علي حكم البلاد باستثناء فترة بسيطة من المضايقات في بدايات حكم مايو تم تصحيحها بعودة الامور الي نصابها بعد اشهر معدودة .
لكن الثابت ان السيد الميرغني قد كان محل استهداف غير لائق وكريم من صحافة التابلويد الاخوانية وقد تعرض الي الاهانة والاعتقال في بدايات حكم الاسلاميين حتي لحظة مغادرته البلادة ورئاسته لتجمع المعارضة السودانية لسنين طويلة قضاها في التنقل من بلد الي بلد من اجل اسقاط نظام الاسلاميين وحكم المعزول عمر البشير ..
ولكنهم اليوم يريدون استخدامه بطريقة دعائية رخيصة لدعم اجندتهم الخبيثة ومشروعم الاستيطاني المسلح وفرض الامر الواقع في محاولة مستحيلة واشبه بمحاولة لحجب ضوء الشمس وتجاوز شرعية الثورة والانتفاضة السودانية الظافرة المنتصرة باذن الله وبسالة وشجاعة المقاوميين السودانيين .