المشكلة … السودانيون يعيشون اليوم في جزر مختلفة
شوقي بدري
20 January, 2023
20 January, 2023
تكدس السودانيون في المدن التي هى غير منتجة بمعنى الكلمة لانعدام المصانع الورش والمشاغل الخ ؟ من عاش في المدن لا يعرف كيف ياتي الخضار والفاكهة التي يلهطوها ؟ ليس عندهم فكرة عن حياة المزارع . لايعرفون الحواتي الذي يصطاد السمك والراعي الذي يرفد المدن باللحوم لانهم يعيشون في جزيرة مختلفة .
الوالد ابراهيم بدري كان يدفعنا كأشتراكي مطلع شاعر ومفكر للتعامل مع جميع قطاعات المجتمع لنتعرف على الحياة السودانية. ارسلت لملكال عاصمة اعالي النيل وعشت في الداخلية مع اعظم البشر وكانت تلك اكبر تجربة في حياتي . كنت اسافر لوحدي وانا في الثانية عشر بالقطار والباخرة . ارسل شقيقي ايمان والشنقيطي الى مدرسة المسلمية الداخلية في الجزيرة .
كان من المفروض أن نأكل مع جون وموسى ومحمد السواق الذين يشاركونا السكن ويعملون في المنزل ويقول ابراهيم بدري .....؟ الناس البيشتغلوا هم احسن الناس واشرف البشر ، ويجب أن نحبهم ونحترمهم . عندما كان والدي مفتشا كان يزود ببعض المساجين من من حسن سلوكهم للعمل في البيت نظام ،، المضمون ،،. اذكر منهم جيدا من صار صديقي واستاذي محمد الهمباتي كان يأخذني في جولات في سوق سنجاوهو بملابي السجن . ابراهيم بدري كان يقول . ما ترفضوا الناس يمكن تبقوا زيهم بسب حادث او ظروف سيئة الدنيا ما معروفة اتعودوا على الخشونة والتحمل .
مشكلة الجنوب والشمال هى أن الاغلبية من الشماليين ينظرون الى الجنوبيين بطريقة اسوا من طريقة المصريين والعرب التي ينظرون بها الى السودانيين ، والتي نرفضها. عندما اسمع بعض العبارات التي تدين الجنوبيين وتسيئلهم تعودت أن اسأل ......انت في كل حياتك عاشرت وصادقت كم جنوبي ،غرباوي او نوباوي . يكون الرد.... ولا واحد . نحن نعيش في جزر مختلفة ونبني اسوار حول انفسنا .
والدتي واهلها الكثيرون عرفوا الدنيا في جبال النوبة ترعرعوا فيها تزوج والدي والدتي في تلودي . تزوج خيلاني من نوبيات سكن بعض ابناءهم والبنات منهم معنا في امدرمان . تعلمنا من الوالدة ان نحب النوبة نثق بهم ونحس بالانتماء لهم بسبب حب والدتي لاهلها النوبة وبسبب روعة النوبة. عاش ابراهيم بدري لثلاثة عقود وسط الجنوبيين خاصة الدينكا الذين تزوج منهم واعتبر نفسه دينكاويا ، تزوج ام عمر بنت السلطان ام عمر بدري وابنه السلطان عمر مرجان . عاش كدينكاوي قام بتربيتنا كدينكا ، وعيت بالدنيا في رمبيك بلد ،، الاقر ،، . احسسنا بحب واحترام والدي ،،ماريل،،لاهله الدينكا لدرجة انه كان فخورا باسمه ولا ننادية ونتكلم عنه في البيت الا ب ،، بنج ،، وتعني الرجل الكبير او الزعيم . تعلم ماريل لغة الدينكا لدرجة انه وضع لها القواعد والحروف اللاتيبنية وكان يدرسها في كلية غردون للاداريين من سودانيين وبريطانيين . لم نعش في جزيرة منفصلة تعاملنا مع الجميع .
كتب ابراهيم بدري في المدونة السودانية في الثلاثينات بالانجليزية عن مثلوجية الدينكا تاريخهم اسماء القبائل تاريخ التنقل ،كتب عن الدين ورجال الدين وتقسيم المجتمع الخ .قامت الدكتورة لمياء ابراهيم بدري بترجمة الدراسة الى العربية يمكن مشاهدتها تحت عنوان اهلي الدينكا شوقي بدري .
منزلنا في العباسية كان مفتوحا لكل الجيران حتى لصانعات العرقي والمريسة العسلية الخ كنا كجيران نحترمهم . لم نعش ابدا في جزيرة معزولة عن محيطنا ولا ندين او نستبعد الآخرين وقد ننفر تماما من المتكبرين ومن يحسبون انفسهم اولاد العوائل والقبائل الخ .
ابن عمتي المحاضر في الاحفاد الطيب ميرغني شكاك استاذ التاريخ . كتب كتابا عن الاحياء في امدرمان . ارسل لى الكتاب قبل نشره . انتقدته لانه تطرق فقط للوزير فلان الدكتورعلان المهندس الزعماء الصوفيين المدير الناظر الفنان الخ . كتبت له .... امدرمان ليست بلد النخبة . كل قبائل السودان ممثلة في امدرمان خاصة حينا نحن العبسنجية . امدرمان بلد بنتها النساء ، بعد كرري مات الرجال او رحلوا حمل النساء المسؤولية تم توظيفهم في حمل الطوب الحجارة نظافة الشوارع الانتاج ورعاية الايتام في العائلة .
في كتابه حوش بابكر بدري كتب الطيب ميرغني شكاك ان جده بابكر بدري قد كتب لهم الوصايا العشرة ، منها عدم اللعب مع اولاد الشارع . قلت له أن هذا لاسلوب خطا من بابكر بدري . نحن كنا اولاد الشارع الذين حذروكم منهم . والدتي طيب الله ثراها كانت تسمح لنا منذ السادسة بالخروج الى الشارع والمشي لمسافات طويل الى بيوت جداتنا خالاتنا واقربائنا ، كما يفعل ابناء جبال النوبة في عمرنا وهم يرعون الاغنام من عمر مبكر. لهذا يمتاز ابناء النوبة بالشجاعة والفروسية . الشارع هو الذي ،، يربي ،، الطفل مثل المدرسة والمنزل .ولهذا صار ابناء النخبة ومن سيتولون المناصب ويحددون حياة الناس لا يعرفون عن الاغلبية الكثير ، لانهم عاشوا في جزيرة معزولة داخل المجتمع الذي ،، سيحكموه ،، او يديرونه .
كنت اقول لاخي الطيب ميرغني شكاك . ان امدرمان هى بلد العرامة العتالة الميكانيكيين الجزارين الخدرجبة البنائين النجارين الطيانة النقاشين التشاشة مجلدي العناقريب الحلاقين السمكرية الترزية الحمارة العربجية الحداحيد الدباغين السروجية الصرماتة الخ . يمكن قوقلة شوقي بدري . نحن العتالة ونحن الترابلة العجلاتية التكاسا الخ. او شوقي بدري المركب والطوف ونجاري المراكب و صانعي الطوف الطوف . لقد مارست بعض هذه المهن في امدرمان وفي اوربا واحببتها.
كنت ازرع مع اخي واستاذي مبارك بسطاوي عليه رحمة الله في توتي وعرفت ماذا يعني العمل كتربال. كنت اساعد الريس ميرغني ريس مركب توتي التي تمتلئ بالتلاميذ الخدرجية الحمير الرجال والنساء . وفي بعض الاحيان كنت ابحر بالمعدية لوحدي عنما يكون الريس ميرغني مشغولا وانا في الثامنة عشر . كان عندي جوع للتعلم من الجميع وكل شئ .
المشكلة أن الناس الذين اتوا من مناطقهم الفقيرة مثل آل بدري الذين اتوا من الرباطاب وجزهم التي ضاقت عليهم الى امدرمان قد نسوا تاريخهم . من جزرهم النشوير الكبيرة والصغيرة اتبا الكبيرة والصغيبرة ام بكول الغيرة والكبيرة .جزيرة مرو واكبر الجزر هى مقرات التي طرد اهلها بابكر بدري وارادوا الفاك به عندما اتى عارضا عليهم،، مصيبة كبيرة ،، افتتاح مدرسة مجانية من الحكومة !!! كشوي هي الجزيرة التي هرب منها آل بدري بسيب الجوع . الكثيرون من آل بدري قد صاروا من اولاد المصارين البيض مثل الكثير من الاسر التي نسيت الفقر والجهل لم نشاهدهم في شوارع امدرمان . صار الجيل الثالث منهم مترفعا عن البسطاء وقد يدينون من لم يصب حظا مثلهم بالكسل والغباء . لهذا صرنا نعيس في جزر منفصلة . لا يعرف اهل المدينة كيف ومن ينتج الفاكهة الخضار ومن هو صياد السمك وتاجر الماشيبة وكيف يعمل الجزار . لا يستطيعون ذبح خروف الضحية يأتوت بالضباح من جزيرة بعيدة . ليس عندهم فكرة عن الاسماك والسماكي . لقد احببت مهنة السماكي كانت لي صريمتان شبكة طراحة ولنا طوف من الطرور وسرتق حراز .
آل بدري جاوروا آل البرير في ايام الفقر .محمد البرير كان صاحب مهنة بسيطة . لم نشاهد آل البرير ابدا في ليل امدرمان او نشاطات امدرمان . صدمت عندما عرفت أن عبد الملك البرير الذي لم اشاهدة ابدا خارج مدرسة الاحفاد ولا يعرف اى شئ عن امدرمان قد صار معتمدا على امدرمان التي لا يعرف عبد الملك كيف تتنفس وتتفاعل . ليس غريبا انه ركل عدة ست شاي عندما علق بنطلونه بمعداتها . اين عبد الملك من ابن امدرمان البار اول ضابط مجلس بلدي مكاوي سليمان اكرت و محمد صالح عبد اللطيق وقيع الله ثم ابن بيت المال الفارس مامون الامين .هؤلاء تخرجوا من الادارة التي كان يختار لها النابغين فقط ومن عرفوا كل كبيرة وصغيرة عن المجتمع السوداني .
هل سمع عبد الملك بالخالات هجوة ورابحة في سوق الانجيرة حيث يبعن الكسرة . بت الحناوي التي قامت بتربية اولاد اخيها الحناوي الفتوات حسن وحسين كانت المرأة الوحيدة في سوق الخضار ، يتجنب حتى الرجال الاصطدام بها . هل يعرف عبد الملك الخالة ،،من الله ،، قائدة جيش القشاشات اللائي يجعلن كل السوق نظيفا بعد الظهر ؟
اخي الرشيد عبد الحليم حامد موجود اليوم في ايرلندة . قابله طبيب اخصائي وعندما عرف انه من السويد قال له ... انه يقرأ لشوقي بدري ويعجب بكتاباته الا أن شوقي بدري صعلوك . غضب الرشيد وقال له أن السجارة التي يحملها في يده لايقبل شوقي بتعاطيهاوينتقدها بشدة ، لا يتعاطى اى نوع من المسكرات او المكيفات وهو ابعد انسان من الصعلكة . عندما تنتقد الآخرين بالواضح وتأتي بالدليل يطلقون عليك كل الصفاة مثل ادمان السكر التهتك وصفوني بابن السفاح او تبنتني اسرة بدري او وصفي بأن امي جنوبية ولهذا اكره الشماليين واحقد عليهم وبالنسبة لى هذا شرف لا ادعيه وهم يعتبرونه مسبة . قالوا اني تربيت في الاصلاحيات والسجون . نحن لا نعرف فقط نسمع عن بعض لأننا لا نعيش في نفس الجزبرة .
التباعد الفكري المادي قد جعل المجتمع السوداني غير منسجم ن خاصة بعد أن ،، شبع ،، الكيزان بعد جوع .
العم ابراهيم جبريل كان من اكثر البشر اناقة وشياكة كان مسؤول المراسيم في القصر الجمهوري. انه الرجل طويل القامة الذي يظهر في الصور بجانب الميرغني وعبد الرحمن المهديفي يوم الاستقلال . سكن في منزل جميل في نمرة اتنين. القت به الظروف الكريهة في سجن كوبر . قام بالشكوى لمسؤول السجن أن ،، الغرفة ،، ليس بها ،، بيدي ،، حوض للجلوس للاغتسال بعد قضاء الحاجة . رد المسؤول الكبير.... يا عم ابراهيم البيدي ده شنو ؟ احد رجال الاعمال وشخص مسؤول اعطوه برشا في كوبر . ارجعه للضابط قائلا ....شكرا يا ابني انا معاي مصلاية . البرش كان للنوم .
طلب من عساكر السجن مصادرة الكتب والصحف . حاول أحد محاضري الطب أن يشرح ان عنده كتب طب لا داعي لاخذها لانها كتب علمية لا دخل لها بالسياسة . رفضوا الاستماع . بعد مدة اعيد أحد كتب الطب وقد تعرض لماء المطر لدرجه انه صار ،،مصوفنا ،،. طالب المحاضر بتعويض الكتاب وان سعره اكثر من 200 دولارويمكن تزويدهم بعنوان المكتبة لشراء الكتاب . تدخل الشاويش وقال بكل بساطة مافي مشكلة نوديه الدراي كليننق . الغسيل الجاف . انفعل المسؤول وطرد الشاويش من المكتب . المشكلة ليست الشاويش ، المشكلة المجتمع قد تقسم الى جزر متباعدة .
ابن الخال احمد اسماعيل ابتر عمل في هوتيل هيلتون بسبب معرفته التامة بالخرطوم ومكان ميلاده نمرة اتنين . قدموا طلبا لوزارة التجارة لاستيراد اسرة بدل عن القديمة . وجدوا ردا سريعا بالرفض لانه يمكن شراء الاسرة من السوق المحلي . ذهب احمد للنقاش مع المسؤول الذي كان رجلا بسيطا ومعقولا الا ان وجه نظره كانت أن السرايبر موجودة في سوق السجانة . احس احمد اللماح أن الرجل ما ناقش . طاب من المسؤول أن يحضر الى الهوتيل لالقاء نظرة لانه من المفروض أن يزور الموقع حسب اللوائح. وضح أن الرجل لم يدخل اى هوتيل من قبل على مستوى عالمي . ولم يفهم بعد زيارته أن الاجانب يدفعون 100 دولار لختة الراس فقط كل يوم . سأله احمد تفتكر الزول البيدفع 100 دولار حيقبل بسراير من سوق السجانة ودي عملة صعبة بتدخل للسودان ؟ وافق المسؤول ....... الفرقة بقت كبيرة بين الجزر في السودان .
ساعطيكم لمحة عن مجموعة من الناس تواجدوا في مجتمعاتنا وسيتواجدون بكثافة اكبر اذا لم نتعرف عليهم ونتواصل معهم . كيف تريد أن تعالج ما لا تعرف .
اقتباس
الكمخ
فى المواضيع السابقه تطرقنا للسفسفه حسب ما كان يقوله صديقى عبد العزيز المتحدى ..... عندما يخلص من عمله كنجار ويقبض المال ويأتي للقهوة ....يصرخ ترطيب سفسفه وراحات .... والآن نتطرق لما كان يعتبر من الراحات . احد تلك الراحات كانت فى امدرمان القديمه هو الكمخ . ولمن لا يعرفون الكلمه فالمقصود هو البنقو . ومن يدخنون البنقو لا يزكرون ابداً كلمه البنقو ويتجنبون الكلمه . ويقولون الدخانه او السجاره الخضرا او الواو او المنقة او اى شئ آخر . ويستعملون كلمه البنقو فقط فى حاله غضب او عندما يقولون . ( ياخى البنقو جننا . بقه ما بتلقى او البلد قاطه او الواحد بقه بدون البنقو ما بقدر يعمل حاجه .
عالمياً عرف البنقو بالماريوانا او القنب الهندى او الكانبيس وهذا الاسم العلمى . وبالرغم من ان الكثير فى السودان لا يحبون الكلام عن الكمخ الا انه منتشر ومتفشى فى كل قطاعات المجتمع السودانى . وفى امدرمان القديمه كان هنالك ما لا يقل عن عشرين مخنجى دائمين يعرفهم كل الناس ويقصدونهم بانتظام . والمنزل يعرف بالخانه والبائع يعرف بالمخنجى .
الكمخ الجيد كان يأتى من حفره النحاس والردوم جنوب دارفور . وبعد وصول القطار الى واو صار الوارد منتظماً والاسعار ثابته . ويأتى الكمخ كذلك من الزاندى وهو نوعيه جيده الا انه لا يصل مستوى حفرة النحاس . والكمخ الجيد لا ينمو الا فى التربه جيده التصريف . ولهذا لم يكن ينمو جيدا فى اعالى النيل ذات الارض الطينيه . وهنالك نوعيه غير جيده كانت تأتى من الشماليه وهذا ما عرف بالفله الذى يأتى فى شكل حشائش جافه . اما الكمخ من حفرة النحاس والزاندى يأتى فى شكل قناديل . وما عرف بكمخ لبكه على عكس فله . ويجب ان يكون القندول متماسكاً لدرجه انه فى حاله النفخ او الشفط لا يسرب الهواء .
الرطل من المصدر كان لا يزيد عن اربعه او خمسه جنيهات للرطل ولكن عندما يصل امدرمان يصير السعر عشرين جنيهاً للجمله . او يباع فى شكل عبوات صغيره اكبرها ربع الوقيه التى تباع بخمسه وسبعين قرشاَ وبما ان الرطل اثنا عشر وقيه فهذا يعنى ان سعر القطاعى هو سته وثلاثين جنيهاً . ولكن الحجم الطبيعى هو الوزنه . او التعريفه . وتعنى كميه من الكمخ تساوى وزن القطعه المعدنيه التعريفه وهى نصف القرش . والتعريفه عادة من الكمخ الجيد وسعرها طراده او خمسه وعشرين قرش . وتعنى سبعه سجارات وحرباشه . والحرباشه هى ما يكفى لاقل من سجاره . او سجاره زول واحد . وعاده ما يدخرها المدخن لاصطباحيه او سجاره الصباح . وهنالك طبعا الشحفوفه وهى اقل من الحرباشه .
المدخنون كانوا عادة اصحاب مزاج وكيف . يمتازون باللبس الجميل وحب الاشياء الجميله يظهر هذا فى مساكنهم وكثيراً ما يتعهدون بحديقه صغيره فى المنزل . ولا يحبون الازعاج والصراخ . ويبعدون عن المشاكل والعراك والمشاجره . وجلسات الكمخ لهذا قواعدها وقوانينها . وقد تجمع المدير والوزير والامير والبنا والنجار وسائق التاكسى وكل قطاعات المجتمع . واكثر شخص مكروه فى قعدات الكمخ هو الانسان الشره . الذى لا يفك السجاره بسرعه او يسخن السجاره بالشفط المتلاحق . وقد يقول له البعض , ريحها ريحها الله يريحك ، لان السجلرة عندما تسجن تصير غير لذيذة. ويقولون ، شنان فكو . لان شنان بعد محاوله انقلاب حكم عليه بتأبيده ثم اطلق سراحه .
الورقه عاده من كمخ غير جيد وتعنى اربعه سجارات وفى العاده فله . او قد يضاف اليها قليل من الكمخ الجيد لتحسين النوعيه . والورقه بريال او عشره قروش . ومن العاده ان يشتريها المفلسين او طلبه المدارس . واللف يحصل بورق الاسمنت لقوته . وتعرف هذه العمليه بالقرطسه وهى شاقه وممله .
عمليه التصريف والبيع كانت تحصل فى امدرمان عن طريق شبكه متكامله . فقد كان هنالك ثلاثه من تجار الجمله على رأسهم الف... ويسكن فى جنوب حى العرب . واتاه شاويش وطلب منه توزيع الكمنقة بسبب كشة متوقعة ، واتي امباشا وقبض وذهب لحاله بعد ان طلب منه التوزيع . عندما اتي عسكري تعبان ، وردد نفس الكلام قال له ,, ياخي هي اصلها منشورات شيوعية ؟ وزعناها زمان . عندما اتت الكشة بواسطة الشاويش الذي نقل من عطبرة . قال له ال ..... ,, جيت تقبض الكمنقة ، جدع ولدي ... وزعناها ومان . وصارت جملة جدع ولدي تستعمل كثرا . ففي لعب الوست يقولون كنت عاوز تسقط العشرة .... جدع ولدي .البوليس كان يسمح بحرية معقولة . ولا يسمح بالبيع للاطفال وطلبة المدارس . او انتشار البنقو بطريقة متفلتة. والكبت يؤدي الي الانفجار .
واحسن واكبر مخنجى كان الن....الذى امتاز بالقوه وصوت جهورى وكان يبيع عن طريق شباك عالى صغير فى منزله غرب زقاق المنفله بالقرب من سوق الحداحيد وكان لا يبيع الا اجود الاصناف . خرج من الحراسه الى القاضى الذى سأله عن الكمخ الذى كان معروضاَ . وسأله القاضي اذا كان الكمخ يخصه فانكر بشده . فغضب القاضى . قال القاضي ان الكمخ وجد فى منزله . فاكتفى بان قال انا ود الخليفه ...... يقبضونى بى فله انا البنقو بتاعى واو لبكه . البنقو ده اتغير . انا البنقو بتاعى ذى ده وادخل يده فى جيبه واخرج لفه وضعها امام القاضى . كلمة واو تستعمل في وصف جمال البنت او سيارة او كل شئ جميل ومظبوط .
بالقرب من الن...كان ابو الدرداق وهو مكوجى يبيع من مسكنه ومن محله . ويساعده ابراهيم الذى كان اسمه قديما ولسون . وابو الدرداق كان يعانى من حروق فى رجليه ويديه . وكان قبلها عاملاً فى شركه شل وتعرض للحرق ولم يستلم التعويض الذي يستحقه . وابو الدرداق كان يبيع اسوأ انواع الكمخ فى امدرمان . اراد ان يشارك ابن عمتى ...... فى شراء وزنه من الن..... . فقال ابن عمتي ساخراً عامل لينا مخخنجى وتشارك اولاد المدارس الصغار . فضحك الن..... وقال والله يا ..... انت ابداً ما كنت طالب صغير ليك سنين بتشترى منى . وبتعرف البنقو ده احسن مننا .
بالقرب من نفس المنطقه كان يسكن ود الفتير . وهو عملاق بمعنى الكلمه ولا يخلو من خلل عقلى . كان يحمل البنقو فى جيب العراقى . وفى الجيب الآخر يضع فرارا . وكان يبيع ورق . والورقه بريال وورقته اكبر من الحجم العادى . وييع بالمفتوح ولا يتعرض له انسان حتى البوليس. وشكله كان يخيف النسوه ويهربن عند مشاهدته ود الفتير حكم عليه بتابيدة لقتله رجل استفذه في الانداية . وفي السجن ادخل العسكري في الفرن . وكان شبط العسكري المحروق في مكتب مديرالسجن كتذكرة بتلك الحادثة .
من الطف المخنجيه ب...... الحلاق الذى كان يبيع الكمخ من دكانه فى ود نوباوى . وعندما يكون الموضوع جيد يقول الناس فى امدرمان ذى ما قال ..... الحلاق انحنا بنوزن الراس جوه وبره . ولا اذكر ان ب قد تعرض للقبض او المضايقه .
الك.... كان يغطى منطقه البحر ابروف تحت ومنزله فى زقاق مقفول . وهو بالحق رجل مثل لقبه . اشتهر بالشهامه والكرم ومساعده المحتاج . كانت له شاحنه يضعها تحت تصرف اهل الحى وتتصدر صينيته المآتم والمناسبات والبعض في المأتم ينتظر صينية ال ..... ويقولون في امدرمان منتظر شنو ؟ منتظر صينية ال ..... .
ع.......كان فى زقاق غرب دكاكين خال العيال . وخال العيال تاجر من المهديه وعرف الحى فى بيت المال بحى خال العيال .
تورو او ع .ح. ع . كان يغطى منطقه بانت ومنزله غرب مدرسه المؤتمر . عباره عن حوش كبير . بعده غرف . وكان له كشك فى ركن مدرسه المؤتمر كعاده مترددى الاجرام . وكان يساعده محمد عثمان الذى عرف ب..... الضنقلاوى لانه يونث المذكر والعكس . وكان قوياً . انفصل من تورو . وصارت له خانة غرب طاحونة الموردة القديمة . ولتورو سياره تاكسى كان يسوقها ابراهيم ابو دقن وهو شاب وسيم فاتح اللون ويرتدى فى بعض الاحيان بدله كامله كان يسوق سياره والدى ابراهيم بدرى فى بدايه الخمسينات . واذكر انه كان يقود السياره الفورد بقدمه . ويحضر مندفعاً للمطبخ فى بعض المرات ويقول لاختى نظيفه ادونا حاجه حلوه وبالعدم يسف سكر . وانا صغير لم افهم السبب . وعندما كبرت وعرفت ان الراجل بحبس . وناس الكمخ يحبون اكل الحلويات بعد السجاره . ويساعد الكمخ فى فتح الشهيه لانه يحرق السكر في الجسم .
القبض علي توروا كان ملحمة فلقد كان الكمخ يوضع في كيس وبداخل الكيس حجر ضخم لكي يسلم الي المرحاض في حالة الكشة . وظهر شاويش عطبرة الذي كان شابا تفتيحة . جعل اثنين من البوليس يضعون سلما علي العمود ويتطاهرون باصلاح الكهرباء . واطمأن لهم عبد العزيز وابن خالته نور الهدي وكان الجميع يتواصلون معهم حتي ابراهيم ابو دقن . وفي لحظة قفذ البوليس من فوق الحائط ونجحت الكشة .
راس حربه , كان طويل القامه بشكل ملحوظ . كنت احسب كالكثيرين ان الاسم بسبب قوته او شجاعته . ولكن عندما كان يجالسنى فى قهوه مهدى حامد بالقرب من عربه بين مكوار بائع الباسطه المشهور . لاحظت قطعاً ضخماً فى اعلى ساقه وعرفت انها طعنه راس حربه . راس حربه كان يبيع من منزله فى زقاق خلف الله . والزقاق موازى من ناحيه الغرب لشارع البوسته الذى ينتهى فى شارع العرضه . وكان يساعده البلطجيه التيمان وعمتهم التى ربتهم اشتهرت كفتوه وبائعه خضار فى الزنك .
منزل راس حربه كان ملاصقاً لمنزل آل زروق . وفى احد المرات فى كشه قذف بالكمنقه الى منزل وزير الخارجيه مبارك زروق وعندما اراد البوليس اخذه للبوليس قال ( الكمنقه لقيتوها عندى ؟ ما تسوقوا الناس اللقيتوها عندهم . الناس ديل الليل كلو عربياتهم تتطاقش انا عرفته حسه ليه . بيكون بيقرطسوا . .) خلف الله الذى سمى عليه الزقاق هو خلف الله احمد ( ود صافيات ) . اخي الاكبر وكان قدوتي طيب الله ثراه . نشأنا سوياً فى حوش ابراهيم بدرى . كان عنده لوارى وخيره كلاب الصيد كان يرافق اكبر رجال القنيص منهم الوالد الشاعر عمر البنا والشيخ تاتاي . والفرجوني .
الوش كان قوياً ولونه فاتح ويسكن فى الزقاق الذى يبدا من سوق المورده والجزر ودكان الحلاق و المغنى عطا كوكو. احد افراد مجموعه اولاد المورده . وفى هذا الزقاق سكن كذلك الظابط العظيم ووزير الدفاع بعد الاستقلال خلف الله خالد . وبينما نحن جلوس امام دكان الاخ عبد العزيز اسحق الحلاق شقيق صديقى ابو رزقه . اتى رجل بوليس وهو يجر طفلاً والطفل يبكى ويصرخ . فسأله الوش مستفسراً فقال رجل البوليس السري بفخر الولد ده اشترى بنقو من الخانه . فسأله الوش وهو لا يزال جالساً . البنقو وينو ؟ وعندما بسط رجل البوليس يده قبض الوش على يده وضغط عليها حتى صرخ الرجل من الالم وجلس على الارض . فطلب الوش من الصبى ان يجرى . ثم وضع البنقو فى جيبه وقال لرجل البوليس ( ما بتختشى قابض ليك ولد صغير . امشى اقبض الببيعوهو , البنقو ده ببيعوا انا يلا امشى .
نور.... كان يسكن فى نهايه حى العرب تتواجد بعض الصخور امام منزله . وكان يعرف بآخر بيت . فى سنه 1964 كان لاعب المريخ حسن ود العبد يقوم ببعض المقاولات. وكان اصدقائي الكهربجيه مصطفى والتوم يقومون بادخال الكهرباء لمنزل نور الله وكنت اتواجد معهم . والغريب اننى كنت الاحظ كثير من اهل الباديه يأتون للشراء او التدخين وكنت احسب ان الكمخ معروف فقط لاهل المدن الكثير من شعراء الحقيبة كانوا يتعاطون الكمخ . عرفت ان الكمخ يساعد فى الرحلات الطويله الممله ويجعل الانسان ينسى الوقت . ولهذا يستعمل العمال الامريكيون الذين يأدون الاعمال الروتينيه مثل صناعه السيارات كثيراً من الماريوانا .
السدلى بابكر مخير له دراسات فى الكمخ وتأثيره لانه صيدلى وله منظمه اسمها انسان تعنى بالمخدرات والادمان . ذكر لى انه فى دراساته قد سأل جدنا عبد الكريم بدرى طيب الله ثراه ، عن استعمال الكمخ . وعرف منه انه معروف منذ قديم الزمان وان النواته والريس فى رحلات المراكب التى تأخذهم الى الشماليه كانوا يستخدمون الكمخ ويقولون انه لطرد البرد . ولكن السبب الرئيسى طبعاً هو احتمال الرحله الطويله الممله . وفى البواخر التى كانت تتجه الى الجنوب . كنت الاحظ ان البحاره يدخنون سجائر غريبه . ويقولون عنها انها قامشه . والقامشه هى التبغ الفلت الذى كان يدخننه السودانيين .
الكثير من ضباط البوليس والعساكر كانوا يدخنون الكمخ . كنت اشاهد بعض عساكر الجنوبي ياتون لمنزل تورو في بانت ويدخنون وقد يفطرون . احدهم ما كان معروفا ب ،،جاور السعيد ،، لانه عندما يقبض على السجارة كان يقول جاور السعيد تسعد ... جاور السعيد . الصيدلي الذي كان يعمل في المعمل الجنائي كان يستخلص عصارة الكمخ وتتم تعبئته في زجاجة قطرة العيون . ويمكن وضع المحلول في سجارة عادية وتتم السطلة . تعظيم جنابك . اذا اردت أن تتعامل مع موضوع فيجب دراسته بتروي . من اسوأ الاشياء أن يتولى الجهلاء الحلول . .
صديقى فتحى اللبخ كان يعمل فى مصنع الالمونيا . ويحتاج الامر لقوه جسديه وقوه احتمال . لان الضراب او العصى الخشبيه التى يعمل بها العامل تحتاج لقوه والعمل ممل . وكان اغلب زملائه فى العمل يضربون سجاره ويواصلون الى الساعه الرابعه والخامسه مساء . والعمل بالمقطوعيه . ويدفعون بعدد الكيزان او البسلات او الحللالتي يتم صنعها . .
الاخ ابو ع . كان يعمل فى منطقه جنوب حى العرب وهو رجل ودود وجنتل مان بمعنى الكلمه يبادرك بجمله وين يا اخونا وحتى اذا كان قد قابلك قبل ساعات . هو والكثيرون كان يدخنون ويبيعون للأخرين لان هنالك مشترى . ولم يكونوا جشعين كانوا يساعدون بمالهم وبوقتهم .
يبدو ان التدخين كان معروفاً فى السودان منذ القدم . فلقد كرم الازهر الشيخ ادريس الارباب لانه كتب دراسه وافتى بتحريم الدخان والتمباك بانواعه . وعندما اتت المهديه حرمت الدخان والتمباك وصار يحد من يمارسهم . واستقل الجهاديه كما ذكر بابكر بدرى هذا الامر وكانوا يضعون التمباك فى وسط البضاعه ويصادرون البضاعه . وعلى رأس الجهاديه كان طلق النار وهو مملوك سابق للتاجر الجعلى طلق النار . ويبدو شهرته كانت في تسبيب المشاكل و ضر البشر . عثمان عبد الكريم بدري عرف منذ طفولته بطلق النار بسبب شيطنته . .
الحردلو كان من المدخنين لانه فرح بدخول الانجليز منطقه دنقلا لهذا قال لخليفه المهدى ( خليفه المهدى ود ام كمفوس وكت جوك النصارى كان در سجاره وكان در كدوس . ) واحد الشكريه اتى للشيخ عوض الكريم ابو سن عندما كان مديراً للخرطوم فى التركيه . وعندما لم يلبى الشيخ طلبه انصرف صامتاً . فاحس الشيخ بانه يضمر شرا فناداه وطيب خاطره وقضى امره وعندما سأله كنت بتدور تمشى تسوى شنو كان الرد . ولا حاجه بس كنت بدور اولع كدوسى بين ريره والصفيه . والقصد انه كان سيحرق البلد . وهذا يؤكد ان التدخين قديم فى السودان وليس شغل حضاره ومدنيه .
انا لم ادخن فى حياتى . حتى ولا سجاره حمرا وكما كنت اقول دائماً لا انصقعته لا كتحته . ولكن كنت اتواجد فى مجموعات الكمخ التى كانت علي شاطئ النيل . تبتدى من بر ابو البتول مكان البرلمان الحالى الى جنوب ابروف والكبجاب . وهنا تتجمع فى الاصيل اظرف المجموعات . من عربجيه واثرياء وفنانين وعازفين وكبار الظباط ومديرين ومسئولين . ولقد سأل البعض تؤام الروح بله رحمه الله عليه اذا كان تواجد وسط هؤلاء بسبب حبى للكمخ . وكان الناس يستغربون عندما يعرفون اننى لا اتعاطى الكمخ ولكن احب اهله وجلساته . .
كل رجال مايو كانوا من اصحاب الكمخ . ولقد قال لهم ود عمسيب الفاضل اب احمد صاحب الفرن في فريق الرباطاب . يعنى تشربوا سجارتى وتاكلوا حلتى وتمشوا تعملوا انقلاب . اسمع بيهو من الناس ذى الغريب . وذلك الانقلاب انقلاب مسطول . تحرلك من الفرن ومن الممكن انه لولا الكمخ لما قام . وهنالك لواءات فى الشرطه والجيس والبوليس كانوا يدخنون الكمخ .
ود نكير كان المخنجى الوحيد الذى يبيع الافيون . واصحاب الافيون كانوا طبقه خاصه اغلبهم من التجار ومعلمين القهاوى والاثرياء او مرضى الدسنتاريه اللذين كانوا يجدوا راحه فى الافيون لانه يخدر آلام المعدة التي تسببها الدسنتاريا . ود نكير لم يقف ابدا امام قاضي .
منظومه الكمخ كانت تشمل الكشيفين والسريحين . والكشيفون يراقبون الزبائن والبوليس ويتسقطون الاخبار لمعرفه الكشات . من الكشيفين عين ديك وغراب وجنى . جنى فى آخر ايامه صار ملحوساً . ويبدو ان الدخانه اثرت عليه فاتجه لغسل العربات . السريحون هم من يجوبون المقاهى والاحياء ويوصلون البضاعه الى من لا يريد ان يخاطر بالذهاب الى المخخنجيه . وفى اغلب الاوقات يصيرون معلمين واصحاب خانات .
بعد اكثر من عشرين سنه فى الغربه رجعت فى الثمانينات . وكان معى اثنين من الاصدقاء دخلا منزل فى فريق عمايا لشراء كمنقه ـقاما بتبخيس البضاعة. وفجأه خرجا يتبعهم المخخنجى وهو رجل قوى بشكل ملفت . وكان على وشك ان يشتبك معهم فى معركه . وعندما شاهدنى تقدم لتحيتى قائلاً الافنديه ديل معاك يا شوقى . وعندما لم اعرفه عرفنى بأسمه وشقيقه كان من اصدقائى اللصيقين فى العباسيه وهو كان طفلاً صغيراً. وانتهى الامر بمصالحه ، بل اعطاهم من حق المعلم مجاناً . ونفس الاصدقاء رفضا شراء كمنقه بدعوى انها غير جيده . وعندما شاهدا احد كبار الاعلاميين في التلفزيون يخرج من الدار حاملاً ثلاثه قناديل رجعا وقاما بشراء كميه محترمه لان ذلك الاعلامى لا يشترى الا ما هو اكثر من رائع فى عالم الكمخ .
ليس الغرض هنا تمجيد الكمخ . لاننى قد شاهدت ولاحظت انه لا يناسب كل الناس والبعض قد فقد عقله منهم اقرب الاصدقاء وزملاء الطفولة في المدارس. واتمنى ان يبعد المجتمع السودانى عن كل المخدرات والمسكرات . ولكن ما شاهدت فى الثمانينات من الحبوب والهروين الذى بدا ينتشر فى السودان كنت اقول البنقو رحمه . واتمنى ان يتمكن المجتمع من استيعاب طاقات الشباب فى الانشطه الرياضيه والاجتماعيه والثقافيه . وانا هنا احكى فقط ما كان حاصل بدون دس الرأس فى الرمال .
التحيه
شوقى
shawgibadri@hotmail.com
الوالد ابراهيم بدري كان يدفعنا كأشتراكي مطلع شاعر ومفكر للتعامل مع جميع قطاعات المجتمع لنتعرف على الحياة السودانية. ارسلت لملكال عاصمة اعالي النيل وعشت في الداخلية مع اعظم البشر وكانت تلك اكبر تجربة في حياتي . كنت اسافر لوحدي وانا في الثانية عشر بالقطار والباخرة . ارسل شقيقي ايمان والشنقيطي الى مدرسة المسلمية الداخلية في الجزيرة .
كان من المفروض أن نأكل مع جون وموسى ومحمد السواق الذين يشاركونا السكن ويعملون في المنزل ويقول ابراهيم بدري .....؟ الناس البيشتغلوا هم احسن الناس واشرف البشر ، ويجب أن نحبهم ونحترمهم . عندما كان والدي مفتشا كان يزود ببعض المساجين من من حسن سلوكهم للعمل في البيت نظام ،، المضمون ،،. اذكر منهم جيدا من صار صديقي واستاذي محمد الهمباتي كان يأخذني في جولات في سوق سنجاوهو بملابي السجن . ابراهيم بدري كان يقول . ما ترفضوا الناس يمكن تبقوا زيهم بسب حادث او ظروف سيئة الدنيا ما معروفة اتعودوا على الخشونة والتحمل .
مشكلة الجنوب والشمال هى أن الاغلبية من الشماليين ينظرون الى الجنوبيين بطريقة اسوا من طريقة المصريين والعرب التي ينظرون بها الى السودانيين ، والتي نرفضها. عندما اسمع بعض العبارات التي تدين الجنوبيين وتسيئلهم تعودت أن اسأل ......انت في كل حياتك عاشرت وصادقت كم جنوبي ،غرباوي او نوباوي . يكون الرد.... ولا واحد . نحن نعيش في جزر مختلفة ونبني اسوار حول انفسنا .
والدتي واهلها الكثيرون عرفوا الدنيا في جبال النوبة ترعرعوا فيها تزوج والدي والدتي في تلودي . تزوج خيلاني من نوبيات سكن بعض ابناءهم والبنات منهم معنا في امدرمان . تعلمنا من الوالدة ان نحب النوبة نثق بهم ونحس بالانتماء لهم بسبب حب والدتي لاهلها النوبة وبسبب روعة النوبة. عاش ابراهيم بدري لثلاثة عقود وسط الجنوبيين خاصة الدينكا الذين تزوج منهم واعتبر نفسه دينكاويا ، تزوج ام عمر بنت السلطان ام عمر بدري وابنه السلطان عمر مرجان . عاش كدينكاوي قام بتربيتنا كدينكا ، وعيت بالدنيا في رمبيك بلد ،، الاقر ،، . احسسنا بحب واحترام والدي ،،ماريل،،لاهله الدينكا لدرجة انه كان فخورا باسمه ولا ننادية ونتكلم عنه في البيت الا ب ،، بنج ،، وتعني الرجل الكبير او الزعيم . تعلم ماريل لغة الدينكا لدرجة انه وضع لها القواعد والحروف اللاتيبنية وكان يدرسها في كلية غردون للاداريين من سودانيين وبريطانيين . لم نعش في جزيرة منفصلة تعاملنا مع الجميع .
كتب ابراهيم بدري في المدونة السودانية في الثلاثينات بالانجليزية عن مثلوجية الدينكا تاريخهم اسماء القبائل تاريخ التنقل ،كتب عن الدين ورجال الدين وتقسيم المجتمع الخ .قامت الدكتورة لمياء ابراهيم بدري بترجمة الدراسة الى العربية يمكن مشاهدتها تحت عنوان اهلي الدينكا شوقي بدري .
منزلنا في العباسية كان مفتوحا لكل الجيران حتى لصانعات العرقي والمريسة العسلية الخ كنا كجيران نحترمهم . لم نعش ابدا في جزيرة معزولة عن محيطنا ولا ندين او نستبعد الآخرين وقد ننفر تماما من المتكبرين ومن يحسبون انفسهم اولاد العوائل والقبائل الخ .
ابن عمتي المحاضر في الاحفاد الطيب ميرغني شكاك استاذ التاريخ . كتب كتابا عن الاحياء في امدرمان . ارسل لى الكتاب قبل نشره . انتقدته لانه تطرق فقط للوزير فلان الدكتورعلان المهندس الزعماء الصوفيين المدير الناظر الفنان الخ . كتبت له .... امدرمان ليست بلد النخبة . كل قبائل السودان ممثلة في امدرمان خاصة حينا نحن العبسنجية . امدرمان بلد بنتها النساء ، بعد كرري مات الرجال او رحلوا حمل النساء المسؤولية تم توظيفهم في حمل الطوب الحجارة نظافة الشوارع الانتاج ورعاية الايتام في العائلة .
في كتابه حوش بابكر بدري كتب الطيب ميرغني شكاك ان جده بابكر بدري قد كتب لهم الوصايا العشرة ، منها عدم اللعب مع اولاد الشارع . قلت له أن هذا لاسلوب خطا من بابكر بدري . نحن كنا اولاد الشارع الذين حذروكم منهم . والدتي طيب الله ثراها كانت تسمح لنا منذ السادسة بالخروج الى الشارع والمشي لمسافات طويل الى بيوت جداتنا خالاتنا واقربائنا ، كما يفعل ابناء جبال النوبة في عمرنا وهم يرعون الاغنام من عمر مبكر. لهذا يمتاز ابناء النوبة بالشجاعة والفروسية . الشارع هو الذي ،، يربي ،، الطفل مثل المدرسة والمنزل .ولهذا صار ابناء النخبة ومن سيتولون المناصب ويحددون حياة الناس لا يعرفون عن الاغلبية الكثير ، لانهم عاشوا في جزيرة معزولة داخل المجتمع الذي ،، سيحكموه ،، او يديرونه .
كنت اقول لاخي الطيب ميرغني شكاك . ان امدرمان هى بلد العرامة العتالة الميكانيكيين الجزارين الخدرجبة البنائين النجارين الطيانة النقاشين التشاشة مجلدي العناقريب الحلاقين السمكرية الترزية الحمارة العربجية الحداحيد الدباغين السروجية الصرماتة الخ . يمكن قوقلة شوقي بدري . نحن العتالة ونحن الترابلة العجلاتية التكاسا الخ. او شوقي بدري المركب والطوف ونجاري المراكب و صانعي الطوف الطوف . لقد مارست بعض هذه المهن في امدرمان وفي اوربا واحببتها.
كنت ازرع مع اخي واستاذي مبارك بسطاوي عليه رحمة الله في توتي وعرفت ماذا يعني العمل كتربال. كنت اساعد الريس ميرغني ريس مركب توتي التي تمتلئ بالتلاميذ الخدرجية الحمير الرجال والنساء . وفي بعض الاحيان كنت ابحر بالمعدية لوحدي عنما يكون الريس ميرغني مشغولا وانا في الثامنة عشر . كان عندي جوع للتعلم من الجميع وكل شئ .
المشكلة أن الناس الذين اتوا من مناطقهم الفقيرة مثل آل بدري الذين اتوا من الرباطاب وجزهم التي ضاقت عليهم الى امدرمان قد نسوا تاريخهم . من جزرهم النشوير الكبيرة والصغيرة اتبا الكبيرة والصغيبرة ام بكول الغيرة والكبيرة .جزيرة مرو واكبر الجزر هى مقرات التي طرد اهلها بابكر بدري وارادوا الفاك به عندما اتى عارضا عليهم،، مصيبة كبيرة ،، افتتاح مدرسة مجانية من الحكومة !!! كشوي هي الجزيرة التي هرب منها آل بدري بسيب الجوع . الكثيرون من آل بدري قد صاروا من اولاد المصارين البيض مثل الكثير من الاسر التي نسيت الفقر والجهل لم نشاهدهم في شوارع امدرمان . صار الجيل الثالث منهم مترفعا عن البسطاء وقد يدينون من لم يصب حظا مثلهم بالكسل والغباء . لهذا صرنا نعيس في جزر منفصلة . لا يعرف اهل المدينة كيف ومن ينتج الفاكهة الخضار ومن هو صياد السمك وتاجر الماشيبة وكيف يعمل الجزار . لا يستطيعون ذبح خروف الضحية يأتوت بالضباح من جزيرة بعيدة . ليس عندهم فكرة عن الاسماك والسماكي . لقد احببت مهنة السماكي كانت لي صريمتان شبكة طراحة ولنا طوف من الطرور وسرتق حراز .
آل بدري جاوروا آل البرير في ايام الفقر .محمد البرير كان صاحب مهنة بسيطة . لم نشاهد آل البرير ابدا في ليل امدرمان او نشاطات امدرمان . صدمت عندما عرفت أن عبد الملك البرير الذي لم اشاهدة ابدا خارج مدرسة الاحفاد ولا يعرف اى شئ عن امدرمان قد صار معتمدا على امدرمان التي لا يعرف عبد الملك كيف تتنفس وتتفاعل . ليس غريبا انه ركل عدة ست شاي عندما علق بنطلونه بمعداتها . اين عبد الملك من ابن امدرمان البار اول ضابط مجلس بلدي مكاوي سليمان اكرت و محمد صالح عبد اللطيق وقيع الله ثم ابن بيت المال الفارس مامون الامين .هؤلاء تخرجوا من الادارة التي كان يختار لها النابغين فقط ومن عرفوا كل كبيرة وصغيرة عن المجتمع السوداني .
هل سمع عبد الملك بالخالات هجوة ورابحة في سوق الانجيرة حيث يبعن الكسرة . بت الحناوي التي قامت بتربية اولاد اخيها الحناوي الفتوات حسن وحسين كانت المرأة الوحيدة في سوق الخضار ، يتجنب حتى الرجال الاصطدام بها . هل يعرف عبد الملك الخالة ،،من الله ،، قائدة جيش القشاشات اللائي يجعلن كل السوق نظيفا بعد الظهر ؟
اخي الرشيد عبد الحليم حامد موجود اليوم في ايرلندة . قابله طبيب اخصائي وعندما عرف انه من السويد قال له ... انه يقرأ لشوقي بدري ويعجب بكتاباته الا أن شوقي بدري صعلوك . غضب الرشيد وقال له أن السجارة التي يحملها في يده لايقبل شوقي بتعاطيهاوينتقدها بشدة ، لا يتعاطى اى نوع من المسكرات او المكيفات وهو ابعد انسان من الصعلكة . عندما تنتقد الآخرين بالواضح وتأتي بالدليل يطلقون عليك كل الصفاة مثل ادمان السكر التهتك وصفوني بابن السفاح او تبنتني اسرة بدري او وصفي بأن امي جنوبية ولهذا اكره الشماليين واحقد عليهم وبالنسبة لى هذا شرف لا ادعيه وهم يعتبرونه مسبة . قالوا اني تربيت في الاصلاحيات والسجون . نحن لا نعرف فقط نسمع عن بعض لأننا لا نعيش في نفس الجزبرة .
التباعد الفكري المادي قد جعل المجتمع السوداني غير منسجم ن خاصة بعد أن ،، شبع ،، الكيزان بعد جوع .
العم ابراهيم جبريل كان من اكثر البشر اناقة وشياكة كان مسؤول المراسيم في القصر الجمهوري. انه الرجل طويل القامة الذي يظهر في الصور بجانب الميرغني وعبد الرحمن المهديفي يوم الاستقلال . سكن في منزل جميل في نمرة اتنين. القت به الظروف الكريهة في سجن كوبر . قام بالشكوى لمسؤول السجن أن ،، الغرفة ،، ليس بها ،، بيدي ،، حوض للجلوس للاغتسال بعد قضاء الحاجة . رد المسؤول الكبير.... يا عم ابراهيم البيدي ده شنو ؟ احد رجال الاعمال وشخص مسؤول اعطوه برشا في كوبر . ارجعه للضابط قائلا ....شكرا يا ابني انا معاي مصلاية . البرش كان للنوم .
طلب من عساكر السجن مصادرة الكتب والصحف . حاول أحد محاضري الطب أن يشرح ان عنده كتب طب لا داعي لاخذها لانها كتب علمية لا دخل لها بالسياسة . رفضوا الاستماع . بعد مدة اعيد أحد كتب الطب وقد تعرض لماء المطر لدرجه انه صار ،،مصوفنا ،،. طالب المحاضر بتعويض الكتاب وان سعره اكثر من 200 دولارويمكن تزويدهم بعنوان المكتبة لشراء الكتاب . تدخل الشاويش وقال بكل بساطة مافي مشكلة نوديه الدراي كليننق . الغسيل الجاف . انفعل المسؤول وطرد الشاويش من المكتب . المشكلة ليست الشاويش ، المشكلة المجتمع قد تقسم الى جزر متباعدة .
ابن الخال احمد اسماعيل ابتر عمل في هوتيل هيلتون بسبب معرفته التامة بالخرطوم ومكان ميلاده نمرة اتنين . قدموا طلبا لوزارة التجارة لاستيراد اسرة بدل عن القديمة . وجدوا ردا سريعا بالرفض لانه يمكن شراء الاسرة من السوق المحلي . ذهب احمد للنقاش مع المسؤول الذي كان رجلا بسيطا ومعقولا الا ان وجه نظره كانت أن السرايبر موجودة في سوق السجانة . احس احمد اللماح أن الرجل ما ناقش . طاب من المسؤول أن يحضر الى الهوتيل لالقاء نظرة لانه من المفروض أن يزور الموقع حسب اللوائح. وضح أن الرجل لم يدخل اى هوتيل من قبل على مستوى عالمي . ولم يفهم بعد زيارته أن الاجانب يدفعون 100 دولار لختة الراس فقط كل يوم . سأله احمد تفتكر الزول البيدفع 100 دولار حيقبل بسراير من سوق السجانة ودي عملة صعبة بتدخل للسودان ؟ وافق المسؤول ....... الفرقة بقت كبيرة بين الجزر في السودان .
ساعطيكم لمحة عن مجموعة من الناس تواجدوا في مجتمعاتنا وسيتواجدون بكثافة اكبر اذا لم نتعرف عليهم ونتواصل معهم . كيف تريد أن تعالج ما لا تعرف .
اقتباس
الكمخ
فى المواضيع السابقه تطرقنا للسفسفه حسب ما كان يقوله صديقى عبد العزيز المتحدى ..... عندما يخلص من عمله كنجار ويقبض المال ويأتي للقهوة ....يصرخ ترطيب سفسفه وراحات .... والآن نتطرق لما كان يعتبر من الراحات . احد تلك الراحات كانت فى امدرمان القديمه هو الكمخ . ولمن لا يعرفون الكلمه فالمقصود هو البنقو . ومن يدخنون البنقو لا يزكرون ابداً كلمه البنقو ويتجنبون الكلمه . ويقولون الدخانه او السجاره الخضرا او الواو او المنقة او اى شئ آخر . ويستعملون كلمه البنقو فقط فى حاله غضب او عندما يقولون . ( ياخى البنقو جننا . بقه ما بتلقى او البلد قاطه او الواحد بقه بدون البنقو ما بقدر يعمل حاجه .
عالمياً عرف البنقو بالماريوانا او القنب الهندى او الكانبيس وهذا الاسم العلمى . وبالرغم من ان الكثير فى السودان لا يحبون الكلام عن الكمخ الا انه منتشر ومتفشى فى كل قطاعات المجتمع السودانى . وفى امدرمان القديمه كان هنالك ما لا يقل عن عشرين مخنجى دائمين يعرفهم كل الناس ويقصدونهم بانتظام . والمنزل يعرف بالخانه والبائع يعرف بالمخنجى .
الكمخ الجيد كان يأتى من حفره النحاس والردوم جنوب دارفور . وبعد وصول القطار الى واو صار الوارد منتظماً والاسعار ثابته . ويأتى الكمخ كذلك من الزاندى وهو نوعيه جيده الا انه لا يصل مستوى حفرة النحاس . والكمخ الجيد لا ينمو الا فى التربه جيده التصريف . ولهذا لم يكن ينمو جيدا فى اعالى النيل ذات الارض الطينيه . وهنالك نوعيه غير جيده كانت تأتى من الشماليه وهذا ما عرف بالفله الذى يأتى فى شكل حشائش جافه . اما الكمخ من حفرة النحاس والزاندى يأتى فى شكل قناديل . وما عرف بكمخ لبكه على عكس فله . ويجب ان يكون القندول متماسكاً لدرجه انه فى حاله النفخ او الشفط لا يسرب الهواء .
الرطل من المصدر كان لا يزيد عن اربعه او خمسه جنيهات للرطل ولكن عندما يصل امدرمان يصير السعر عشرين جنيهاً للجمله . او يباع فى شكل عبوات صغيره اكبرها ربع الوقيه التى تباع بخمسه وسبعين قرشاَ وبما ان الرطل اثنا عشر وقيه فهذا يعنى ان سعر القطاعى هو سته وثلاثين جنيهاً . ولكن الحجم الطبيعى هو الوزنه . او التعريفه . وتعنى كميه من الكمخ تساوى وزن القطعه المعدنيه التعريفه وهى نصف القرش . والتعريفه عادة من الكمخ الجيد وسعرها طراده او خمسه وعشرين قرش . وتعنى سبعه سجارات وحرباشه . والحرباشه هى ما يكفى لاقل من سجاره . او سجاره زول واحد . وعاده ما يدخرها المدخن لاصطباحيه او سجاره الصباح . وهنالك طبعا الشحفوفه وهى اقل من الحرباشه .
المدخنون كانوا عادة اصحاب مزاج وكيف . يمتازون باللبس الجميل وحب الاشياء الجميله يظهر هذا فى مساكنهم وكثيراً ما يتعهدون بحديقه صغيره فى المنزل . ولا يحبون الازعاج والصراخ . ويبعدون عن المشاكل والعراك والمشاجره . وجلسات الكمخ لهذا قواعدها وقوانينها . وقد تجمع المدير والوزير والامير والبنا والنجار وسائق التاكسى وكل قطاعات المجتمع . واكثر شخص مكروه فى قعدات الكمخ هو الانسان الشره . الذى لا يفك السجاره بسرعه او يسخن السجاره بالشفط المتلاحق . وقد يقول له البعض , ريحها ريحها الله يريحك ، لان السجلرة عندما تسجن تصير غير لذيذة. ويقولون ، شنان فكو . لان شنان بعد محاوله انقلاب حكم عليه بتأبيده ثم اطلق سراحه .
الورقه عاده من كمخ غير جيد وتعنى اربعه سجارات وفى العاده فله . او قد يضاف اليها قليل من الكمخ الجيد لتحسين النوعيه . والورقه بريال او عشره قروش . ومن العاده ان يشتريها المفلسين او طلبه المدارس . واللف يحصل بورق الاسمنت لقوته . وتعرف هذه العمليه بالقرطسه وهى شاقه وممله .
عمليه التصريف والبيع كانت تحصل فى امدرمان عن طريق شبكه متكامله . فقد كان هنالك ثلاثه من تجار الجمله على رأسهم الف... ويسكن فى جنوب حى العرب . واتاه شاويش وطلب منه توزيع الكمنقة بسبب كشة متوقعة ، واتي امباشا وقبض وذهب لحاله بعد ان طلب منه التوزيع . عندما اتي عسكري تعبان ، وردد نفس الكلام قال له ,, ياخي هي اصلها منشورات شيوعية ؟ وزعناها زمان . عندما اتت الكشة بواسطة الشاويش الذي نقل من عطبرة . قال له ال ..... ,, جيت تقبض الكمنقة ، جدع ولدي ... وزعناها ومان . وصارت جملة جدع ولدي تستعمل كثرا . ففي لعب الوست يقولون كنت عاوز تسقط العشرة .... جدع ولدي .البوليس كان يسمح بحرية معقولة . ولا يسمح بالبيع للاطفال وطلبة المدارس . او انتشار البنقو بطريقة متفلتة. والكبت يؤدي الي الانفجار .
واحسن واكبر مخنجى كان الن....الذى امتاز بالقوه وصوت جهورى وكان يبيع عن طريق شباك عالى صغير فى منزله غرب زقاق المنفله بالقرب من سوق الحداحيد وكان لا يبيع الا اجود الاصناف . خرج من الحراسه الى القاضى الذى سأله عن الكمخ الذى كان معروضاَ . وسأله القاضي اذا كان الكمخ يخصه فانكر بشده . فغضب القاضى . قال القاضي ان الكمخ وجد فى منزله . فاكتفى بان قال انا ود الخليفه ...... يقبضونى بى فله انا البنقو بتاعى واو لبكه . البنقو ده اتغير . انا البنقو بتاعى ذى ده وادخل يده فى جيبه واخرج لفه وضعها امام القاضى . كلمة واو تستعمل في وصف جمال البنت او سيارة او كل شئ جميل ومظبوط .
بالقرب من الن...كان ابو الدرداق وهو مكوجى يبيع من مسكنه ومن محله . ويساعده ابراهيم الذى كان اسمه قديما ولسون . وابو الدرداق كان يعانى من حروق فى رجليه ويديه . وكان قبلها عاملاً فى شركه شل وتعرض للحرق ولم يستلم التعويض الذي يستحقه . وابو الدرداق كان يبيع اسوأ انواع الكمخ فى امدرمان . اراد ان يشارك ابن عمتى ...... فى شراء وزنه من الن..... . فقال ابن عمتي ساخراً عامل لينا مخخنجى وتشارك اولاد المدارس الصغار . فضحك الن..... وقال والله يا ..... انت ابداً ما كنت طالب صغير ليك سنين بتشترى منى . وبتعرف البنقو ده احسن مننا .
بالقرب من نفس المنطقه كان يسكن ود الفتير . وهو عملاق بمعنى الكلمه ولا يخلو من خلل عقلى . كان يحمل البنقو فى جيب العراقى . وفى الجيب الآخر يضع فرارا . وكان يبيع ورق . والورقه بريال وورقته اكبر من الحجم العادى . وييع بالمفتوح ولا يتعرض له انسان حتى البوليس. وشكله كان يخيف النسوه ويهربن عند مشاهدته ود الفتير حكم عليه بتابيدة لقتله رجل استفذه في الانداية . وفي السجن ادخل العسكري في الفرن . وكان شبط العسكري المحروق في مكتب مديرالسجن كتذكرة بتلك الحادثة .
من الطف المخنجيه ب...... الحلاق الذى كان يبيع الكمخ من دكانه فى ود نوباوى . وعندما يكون الموضوع جيد يقول الناس فى امدرمان ذى ما قال ..... الحلاق انحنا بنوزن الراس جوه وبره . ولا اذكر ان ب قد تعرض للقبض او المضايقه .
الك.... كان يغطى منطقه البحر ابروف تحت ومنزله فى زقاق مقفول . وهو بالحق رجل مثل لقبه . اشتهر بالشهامه والكرم ومساعده المحتاج . كانت له شاحنه يضعها تحت تصرف اهل الحى وتتصدر صينيته المآتم والمناسبات والبعض في المأتم ينتظر صينية ال ..... ويقولون في امدرمان منتظر شنو ؟ منتظر صينية ال ..... .
ع.......كان فى زقاق غرب دكاكين خال العيال . وخال العيال تاجر من المهديه وعرف الحى فى بيت المال بحى خال العيال .
تورو او ع .ح. ع . كان يغطى منطقه بانت ومنزله غرب مدرسه المؤتمر . عباره عن حوش كبير . بعده غرف . وكان له كشك فى ركن مدرسه المؤتمر كعاده مترددى الاجرام . وكان يساعده محمد عثمان الذى عرف ب..... الضنقلاوى لانه يونث المذكر والعكس . وكان قوياً . انفصل من تورو . وصارت له خانة غرب طاحونة الموردة القديمة . ولتورو سياره تاكسى كان يسوقها ابراهيم ابو دقن وهو شاب وسيم فاتح اللون ويرتدى فى بعض الاحيان بدله كامله كان يسوق سياره والدى ابراهيم بدرى فى بدايه الخمسينات . واذكر انه كان يقود السياره الفورد بقدمه . ويحضر مندفعاً للمطبخ فى بعض المرات ويقول لاختى نظيفه ادونا حاجه حلوه وبالعدم يسف سكر . وانا صغير لم افهم السبب . وعندما كبرت وعرفت ان الراجل بحبس . وناس الكمخ يحبون اكل الحلويات بعد السجاره . ويساعد الكمخ فى فتح الشهيه لانه يحرق السكر في الجسم .
القبض علي توروا كان ملحمة فلقد كان الكمخ يوضع في كيس وبداخل الكيس حجر ضخم لكي يسلم الي المرحاض في حالة الكشة . وظهر شاويش عطبرة الذي كان شابا تفتيحة . جعل اثنين من البوليس يضعون سلما علي العمود ويتطاهرون باصلاح الكهرباء . واطمأن لهم عبد العزيز وابن خالته نور الهدي وكان الجميع يتواصلون معهم حتي ابراهيم ابو دقن . وفي لحظة قفذ البوليس من فوق الحائط ونجحت الكشة .
راس حربه , كان طويل القامه بشكل ملحوظ . كنت احسب كالكثيرين ان الاسم بسبب قوته او شجاعته . ولكن عندما كان يجالسنى فى قهوه مهدى حامد بالقرب من عربه بين مكوار بائع الباسطه المشهور . لاحظت قطعاً ضخماً فى اعلى ساقه وعرفت انها طعنه راس حربه . راس حربه كان يبيع من منزله فى زقاق خلف الله . والزقاق موازى من ناحيه الغرب لشارع البوسته الذى ينتهى فى شارع العرضه . وكان يساعده البلطجيه التيمان وعمتهم التى ربتهم اشتهرت كفتوه وبائعه خضار فى الزنك .
منزل راس حربه كان ملاصقاً لمنزل آل زروق . وفى احد المرات فى كشه قذف بالكمنقه الى منزل وزير الخارجيه مبارك زروق وعندما اراد البوليس اخذه للبوليس قال ( الكمنقه لقيتوها عندى ؟ ما تسوقوا الناس اللقيتوها عندهم . الناس ديل الليل كلو عربياتهم تتطاقش انا عرفته حسه ليه . بيكون بيقرطسوا . .) خلف الله الذى سمى عليه الزقاق هو خلف الله احمد ( ود صافيات ) . اخي الاكبر وكان قدوتي طيب الله ثراه . نشأنا سوياً فى حوش ابراهيم بدرى . كان عنده لوارى وخيره كلاب الصيد كان يرافق اكبر رجال القنيص منهم الوالد الشاعر عمر البنا والشيخ تاتاي . والفرجوني .
الوش كان قوياً ولونه فاتح ويسكن فى الزقاق الذى يبدا من سوق المورده والجزر ودكان الحلاق و المغنى عطا كوكو. احد افراد مجموعه اولاد المورده . وفى هذا الزقاق سكن كذلك الظابط العظيم ووزير الدفاع بعد الاستقلال خلف الله خالد . وبينما نحن جلوس امام دكان الاخ عبد العزيز اسحق الحلاق شقيق صديقى ابو رزقه . اتى رجل بوليس وهو يجر طفلاً والطفل يبكى ويصرخ . فسأله الوش مستفسراً فقال رجل البوليس السري بفخر الولد ده اشترى بنقو من الخانه . فسأله الوش وهو لا يزال جالساً . البنقو وينو ؟ وعندما بسط رجل البوليس يده قبض الوش على يده وضغط عليها حتى صرخ الرجل من الالم وجلس على الارض . فطلب الوش من الصبى ان يجرى . ثم وضع البنقو فى جيبه وقال لرجل البوليس ( ما بتختشى قابض ليك ولد صغير . امشى اقبض الببيعوهو , البنقو ده ببيعوا انا يلا امشى .
نور.... كان يسكن فى نهايه حى العرب تتواجد بعض الصخور امام منزله . وكان يعرف بآخر بيت . فى سنه 1964 كان لاعب المريخ حسن ود العبد يقوم ببعض المقاولات. وكان اصدقائي الكهربجيه مصطفى والتوم يقومون بادخال الكهرباء لمنزل نور الله وكنت اتواجد معهم . والغريب اننى كنت الاحظ كثير من اهل الباديه يأتون للشراء او التدخين وكنت احسب ان الكمخ معروف فقط لاهل المدن الكثير من شعراء الحقيبة كانوا يتعاطون الكمخ . عرفت ان الكمخ يساعد فى الرحلات الطويله الممله ويجعل الانسان ينسى الوقت . ولهذا يستعمل العمال الامريكيون الذين يأدون الاعمال الروتينيه مثل صناعه السيارات كثيراً من الماريوانا .
السدلى بابكر مخير له دراسات فى الكمخ وتأثيره لانه صيدلى وله منظمه اسمها انسان تعنى بالمخدرات والادمان . ذكر لى انه فى دراساته قد سأل جدنا عبد الكريم بدرى طيب الله ثراه ، عن استعمال الكمخ . وعرف منه انه معروف منذ قديم الزمان وان النواته والريس فى رحلات المراكب التى تأخذهم الى الشماليه كانوا يستخدمون الكمخ ويقولون انه لطرد البرد . ولكن السبب الرئيسى طبعاً هو احتمال الرحله الطويله الممله . وفى البواخر التى كانت تتجه الى الجنوب . كنت الاحظ ان البحاره يدخنون سجائر غريبه . ويقولون عنها انها قامشه . والقامشه هى التبغ الفلت الذى كان يدخننه السودانيين .
الكثير من ضباط البوليس والعساكر كانوا يدخنون الكمخ . كنت اشاهد بعض عساكر الجنوبي ياتون لمنزل تورو في بانت ويدخنون وقد يفطرون . احدهم ما كان معروفا ب ،،جاور السعيد ،، لانه عندما يقبض على السجارة كان يقول جاور السعيد تسعد ... جاور السعيد . الصيدلي الذي كان يعمل في المعمل الجنائي كان يستخلص عصارة الكمخ وتتم تعبئته في زجاجة قطرة العيون . ويمكن وضع المحلول في سجارة عادية وتتم السطلة . تعظيم جنابك . اذا اردت أن تتعامل مع موضوع فيجب دراسته بتروي . من اسوأ الاشياء أن يتولى الجهلاء الحلول . .
صديقى فتحى اللبخ كان يعمل فى مصنع الالمونيا . ويحتاج الامر لقوه جسديه وقوه احتمال . لان الضراب او العصى الخشبيه التى يعمل بها العامل تحتاج لقوه والعمل ممل . وكان اغلب زملائه فى العمل يضربون سجاره ويواصلون الى الساعه الرابعه والخامسه مساء . والعمل بالمقطوعيه . ويدفعون بعدد الكيزان او البسلات او الحللالتي يتم صنعها . .
الاخ ابو ع . كان يعمل فى منطقه جنوب حى العرب وهو رجل ودود وجنتل مان بمعنى الكلمه يبادرك بجمله وين يا اخونا وحتى اذا كان قد قابلك قبل ساعات . هو والكثيرون كان يدخنون ويبيعون للأخرين لان هنالك مشترى . ولم يكونوا جشعين كانوا يساعدون بمالهم وبوقتهم .
يبدو ان التدخين كان معروفاً فى السودان منذ القدم . فلقد كرم الازهر الشيخ ادريس الارباب لانه كتب دراسه وافتى بتحريم الدخان والتمباك بانواعه . وعندما اتت المهديه حرمت الدخان والتمباك وصار يحد من يمارسهم . واستقل الجهاديه كما ذكر بابكر بدرى هذا الامر وكانوا يضعون التمباك فى وسط البضاعه ويصادرون البضاعه . وعلى رأس الجهاديه كان طلق النار وهو مملوك سابق للتاجر الجعلى طلق النار . ويبدو شهرته كانت في تسبيب المشاكل و ضر البشر . عثمان عبد الكريم بدري عرف منذ طفولته بطلق النار بسبب شيطنته . .
الحردلو كان من المدخنين لانه فرح بدخول الانجليز منطقه دنقلا لهذا قال لخليفه المهدى ( خليفه المهدى ود ام كمفوس وكت جوك النصارى كان در سجاره وكان در كدوس . ) واحد الشكريه اتى للشيخ عوض الكريم ابو سن عندما كان مديراً للخرطوم فى التركيه . وعندما لم يلبى الشيخ طلبه انصرف صامتاً . فاحس الشيخ بانه يضمر شرا فناداه وطيب خاطره وقضى امره وعندما سأله كنت بتدور تمشى تسوى شنو كان الرد . ولا حاجه بس كنت بدور اولع كدوسى بين ريره والصفيه . والقصد انه كان سيحرق البلد . وهذا يؤكد ان التدخين قديم فى السودان وليس شغل حضاره ومدنيه .
انا لم ادخن فى حياتى . حتى ولا سجاره حمرا وكما كنت اقول دائماً لا انصقعته لا كتحته . ولكن كنت اتواجد فى مجموعات الكمخ التى كانت علي شاطئ النيل . تبتدى من بر ابو البتول مكان البرلمان الحالى الى جنوب ابروف والكبجاب . وهنا تتجمع فى الاصيل اظرف المجموعات . من عربجيه واثرياء وفنانين وعازفين وكبار الظباط ومديرين ومسئولين . ولقد سأل البعض تؤام الروح بله رحمه الله عليه اذا كان تواجد وسط هؤلاء بسبب حبى للكمخ . وكان الناس يستغربون عندما يعرفون اننى لا اتعاطى الكمخ ولكن احب اهله وجلساته . .
كل رجال مايو كانوا من اصحاب الكمخ . ولقد قال لهم ود عمسيب الفاضل اب احمد صاحب الفرن في فريق الرباطاب . يعنى تشربوا سجارتى وتاكلوا حلتى وتمشوا تعملوا انقلاب . اسمع بيهو من الناس ذى الغريب . وذلك الانقلاب انقلاب مسطول . تحرلك من الفرن ومن الممكن انه لولا الكمخ لما قام . وهنالك لواءات فى الشرطه والجيس والبوليس كانوا يدخنون الكمخ .
ود نكير كان المخنجى الوحيد الذى يبيع الافيون . واصحاب الافيون كانوا طبقه خاصه اغلبهم من التجار ومعلمين القهاوى والاثرياء او مرضى الدسنتاريه اللذين كانوا يجدوا راحه فى الافيون لانه يخدر آلام المعدة التي تسببها الدسنتاريا . ود نكير لم يقف ابدا امام قاضي .
منظومه الكمخ كانت تشمل الكشيفين والسريحين . والكشيفون يراقبون الزبائن والبوليس ويتسقطون الاخبار لمعرفه الكشات . من الكشيفين عين ديك وغراب وجنى . جنى فى آخر ايامه صار ملحوساً . ويبدو ان الدخانه اثرت عليه فاتجه لغسل العربات . السريحون هم من يجوبون المقاهى والاحياء ويوصلون البضاعه الى من لا يريد ان يخاطر بالذهاب الى المخخنجيه . وفى اغلب الاوقات يصيرون معلمين واصحاب خانات .
بعد اكثر من عشرين سنه فى الغربه رجعت فى الثمانينات . وكان معى اثنين من الاصدقاء دخلا منزل فى فريق عمايا لشراء كمنقه ـقاما بتبخيس البضاعة. وفجأه خرجا يتبعهم المخخنجى وهو رجل قوى بشكل ملفت . وكان على وشك ان يشتبك معهم فى معركه . وعندما شاهدنى تقدم لتحيتى قائلاً الافنديه ديل معاك يا شوقى . وعندما لم اعرفه عرفنى بأسمه وشقيقه كان من اصدقائى اللصيقين فى العباسيه وهو كان طفلاً صغيراً. وانتهى الامر بمصالحه ، بل اعطاهم من حق المعلم مجاناً . ونفس الاصدقاء رفضا شراء كمنقه بدعوى انها غير جيده . وعندما شاهدا احد كبار الاعلاميين في التلفزيون يخرج من الدار حاملاً ثلاثه قناديل رجعا وقاما بشراء كميه محترمه لان ذلك الاعلامى لا يشترى الا ما هو اكثر من رائع فى عالم الكمخ .
ليس الغرض هنا تمجيد الكمخ . لاننى قد شاهدت ولاحظت انه لا يناسب كل الناس والبعض قد فقد عقله منهم اقرب الاصدقاء وزملاء الطفولة في المدارس. واتمنى ان يبعد المجتمع السودانى عن كل المخدرات والمسكرات . ولكن ما شاهدت فى الثمانينات من الحبوب والهروين الذى بدا ينتشر فى السودان كنت اقول البنقو رحمه . واتمنى ان يتمكن المجتمع من استيعاب طاقات الشباب فى الانشطه الرياضيه والاجتماعيه والثقافيه . وانا هنا احكى فقط ما كان حاصل بدون دس الرأس فى الرمال .
التحيه
شوقى
shawgibadri@hotmail.com