السودان بين خياري الدمقرطة والتمزيق
الطيب الزين
23 January, 2023
23 January, 2023
السودان ليس أمامه خيارات كثيرة، بعد مغامرات العسكر العبثية التي أدت إلى إنفصال جنوب السودان في 2011، في عهد النظام السابق الذي تسيد مشهده طاغية أرعن يدعى عمر البشير سار في ركبه حفنة من الإنتهازيين منهم ساسة وصحفيين وبعض مدعي الثقافة، الذين أظهروا هشاشة مدهشة أمام إغراء السلطة والمال، فباعوا عقولهم وضمائرهم للطاغية الذي ظن نفسه وقتها من الخالدين فيها أبد الدهر!
ولما لا؟ ما دام الإنتهازيين قد قدموا إقتراحاً مضمونه أن يكون الطاغية حاكماً الحياة متناسين قدرة الخالق عز وجل وإرادة الشعب التي أطاحت بالفريق إبراهيم عبود، والعقيد جعفر محمد نميري!
في ثورة إكتوبر 1964، وإنتفاضة مارس أبريل/1985، اللتان كشفتا عظمة الشعب السوداني وتطلعاته المشروعة في بناء نظام ديمقراطي، إتساقاً مع بدايات إستقلال السودان في عام 1956، من داخل البرلمان، بناءاً على مقترح قدمه عضو البرلمان وقتها السيد عبدالرحمن محمد إبراهيم دبكة، ممثل دائرة بقارة نيالا غرب، وثناه نائب دائرة دار حامد غرب، السيد مشاور جمعة سهل، وكلله الزعيم إسماعيل الأزهري برفع العلم الوطني إيذاناً بإستقلال السودان من داخل البرلمان الذي كان حدثاً تاريخياً كتب بحروف من ذهب فجر إنعتاق السودان من نير الإستعمار.
لكن لسوء الحظ بعد سنتين فقط وقع إنقلاب الفريق إبراهيم عبود في 1985/11/17! ومن ثم توالت دورة الإنقلابات العسكرية اللعينة وصولاً إلى إنقلاب البرهان على حكومة الفترة الإنتقالية بقيادة المؤسس الدكتور عبدالله حمدوك الذي وضع السودان في الطريق الصحيح بعد أن إستطاع رفع أسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب وخفف ديونه الخارجية، وأدخل أكثر من مليار ونصف دولار لحزينته العامة، بجانب إدخار أربع طن ذهب، وحصاد زراعي غير مسبوق وتأهيل لقطاعي السكة حديد والخطوط الجوية السودانية ودمج السودان في دورة الإقتصاد العالمي، وإنعاش آمال السودانيين بسودان واعد بالخير والأمل.
لكن سوء الحظ عاد وطل من جديد، بتمزيق البرهان الوثيقة الدستورية وتغييب كامل مؤسسات الفترة الإنتقالية.
فالسودان الآن أصبح بين خيارين، إما دمقرطة أو تمزيق.
لذلك لابد من تصحيح المسار الذي أوصل البلاد إلى ما هي عليه الآن!
فالتصحيح يتطلب بناء قاعدة جماهيرية عريضة واعية تتصدى للمؤامرة الخطيرة التي تستهدف الديمقراطية التي هي صمام أمان السودان وقاعدة بناء مستقبله.
وتفهم الإنقلابيين ومن يقفون خلفهم بأن الديمقراطية هي حق وليست منة من أحد، حتى يتمكن الشعب السوداني من وضع حد للفوضى والعبث الذي أوصله إلى الدرك السحيق!
ومن ثم صياغة عقد إجتماعي جديد أساسه الحقوق والحريات والإرادة الوطنية لبناء مؤسسات وهياكل السلطة المدنية وتحديد طرق ممارستها بحيث تكون في صالح الشعب وليس ضده كما حدث في تجارب الحكم الدكتاتورية التي إحتكرت صنع القرار السياسي وأعطت نفسها حق التصرف المطلق في ثروات الشعب بما عزز هيمنتها وسيطرتها بالسلطة والمال والقوة!
بينما الديمقراطية التي يتطلع إليها الشعب السوداني ستُمكنه من صنع قراره السياسي والأشراف على ثرواته وتوظيفها بما يؤدي إلى زيادة معدلات الإنتاج من خلال ربط العلم بالعمل لرفع الوعي والخبرة التي تقود إلى تطوير الكفاءة التي تزيد المردود وتقلل الجهد المبذول في الريف السوداني الذي ما زال يمارس الرعي والزراعة بطرق تقليدية تستهلك طاقة الإنسان بينما المردود في مواسم الحصاد ضعيف نتيجة لغياب الوعي العلمي الحديث بسبب الإنقلابات العسكرية التي أخرت السودان وأعاقت نهضته وتطوره السياسي والإقتصادي، لاسيما في العهد الحالي الذي يتربع فيه البرهان على سدة السلطة بقوة السلاح والدعم الخارجي الذي يدفع بالسودان نحو الهاوية خشية من الديمقراطية كما ظل يفعل في الماضي!
فهل ثمة من يقرأ الأحداث بذهنية العصر الذي نعيش فيه ومنطق الظروف والمتغيرات في بنية النظام الدولي والأطماع الخارجية ويفهم ويدرك حقيقة الخطر الذي يحيق بالسودان، ويتعامل معه بما ينبغي من وعي وحس وطني مخلص يغلب المصلحة الوطنية على الأجندة الخارجية، حتى يتغلب خيار الدمقرطة على التمزيق؟
الطيب الزين
Eltayeb_Hamdan@hotmail.com
///////////////////////////
ولما لا؟ ما دام الإنتهازيين قد قدموا إقتراحاً مضمونه أن يكون الطاغية حاكماً الحياة متناسين قدرة الخالق عز وجل وإرادة الشعب التي أطاحت بالفريق إبراهيم عبود، والعقيد جعفر محمد نميري!
في ثورة إكتوبر 1964، وإنتفاضة مارس أبريل/1985، اللتان كشفتا عظمة الشعب السوداني وتطلعاته المشروعة في بناء نظام ديمقراطي، إتساقاً مع بدايات إستقلال السودان في عام 1956، من داخل البرلمان، بناءاً على مقترح قدمه عضو البرلمان وقتها السيد عبدالرحمن محمد إبراهيم دبكة، ممثل دائرة بقارة نيالا غرب، وثناه نائب دائرة دار حامد غرب، السيد مشاور جمعة سهل، وكلله الزعيم إسماعيل الأزهري برفع العلم الوطني إيذاناً بإستقلال السودان من داخل البرلمان الذي كان حدثاً تاريخياً كتب بحروف من ذهب فجر إنعتاق السودان من نير الإستعمار.
لكن لسوء الحظ بعد سنتين فقط وقع إنقلاب الفريق إبراهيم عبود في 1985/11/17! ومن ثم توالت دورة الإنقلابات العسكرية اللعينة وصولاً إلى إنقلاب البرهان على حكومة الفترة الإنتقالية بقيادة المؤسس الدكتور عبدالله حمدوك الذي وضع السودان في الطريق الصحيح بعد أن إستطاع رفع أسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب وخفف ديونه الخارجية، وأدخل أكثر من مليار ونصف دولار لحزينته العامة، بجانب إدخار أربع طن ذهب، وحصاد زراعي غير مسبوق وتأهيل لقطاعي السكة حديد والخطوط الجوية السودانية ودمج السودان في دورة الإقتصاد العالمي، وإنعاش آمال السودانيين بسودان واعد بالخير والأمل.
لكن سوء الحظ عاد وطل من جديد، بتمزيق البرهان الوثيقة الدستورية وتغييب كامل مؤسسات الفترة الإنتقالية.
فالسودان الآن أصبح بين خيارين، إما دمقرطة أو تمزيق.
لذلك لابد من تصحيح المسار الذي أوصل البلاد إلى ما هي عليه الآن!
فالتصحيح يتطلب بناء قاعدة جماهيرية عريضة واعية تتصدى للمؤامرة الخطيرة التي تستهدف الديمقراطية التي هي صمام أمان السودان وقاعدة بناء مستقبله.
وتفهم الإنقلابيين ومن يقفون خلفهم بأن الديمقراطية هي حق وليست منة من أحد، حتى يتمكن الشعب السوداني من وضع حد للفوضى والعبث الذي أوصله إلى الدرك السحيق!
ومن ثم صياغة عقد إجتماعي جديد أساسه الحقوق والحريات والإرادة الوطنية لبناء مؤسسات وهياكل السلطة المدنية وتحديد طرق ممارستها بحيث تكون في صالح الشعب وليس ضده كما حدث في تجارب الحكم الدكتاتورية التي إحتكرت صنع القرار السياسي وأعطت نفسها حق التصرف المطلق في ثروات الشعب بما عزز هيمنتها وسيطرتها بالسلطة والمال والقوة!
بينما الديمقراطية التي يتطلع إليها الشعب السوداني ستُمكنه من صنع قراره السياسي والأشراف على ثرواته وتوظيفها بما يؤدي إلى زيادة معدلات الإنتاج من خلال ربط العلم بالعمل لرفع الوعي والخبرة التي تقود إلى تطوير الكفاءة التي تزيد المردود وتقلل الجهد المبذول في الريف السوداني الذي ما زال يمارس الرعي والزراعة بطرق تقليدية تستهلك طاقة الإنسان بينما المردود في مواسم الحصاد ضعيف نتيجة لغياب الوعي العلمي الحديث بسبب الإنقلابات العسكرية التي أخرت السودان وأعاقت نهضته وتطوره السياسي والإقتصادي، لاسيما في العهد الحالي الذي يتربع فيه البرهان على سدة السلطة بقوة السلاح والدعم الخارجي الذي يدفع بالسودان نحو الهاوية خشية من الديمقراطية كما ظل يفعل في الماضي!
فهل ثمة من يقرأ الأحداث بذهنية العصر الذي نعيش فيه ومنطق الظروف والمتغيرات في بنية النظام الدولي والأطماع الخارجية ويفهم ويدرك حقيقة الخطر الذي يحيق بالسودان، ويتعامل معه بما ينبغي من وعي وحس وطني مخلص يغلب المصلحة الوطنية على الأجندة الخارجية، حتى يتغلب خيار الدمقرطة على التمزيق؟
الطيب الزين
Eltayeb_Hamdan@hotmail.com
///////////////////////////