فيصل محمد صالح والعذر الأقبح من الذنب

 


 

طاهر عمر
28 January, 2023

 

فيصل محمد صالح الصحفي الأزهري عروبي الهوى و ناصري الهوية المعجب بعلي شمو لدرجة قد سمى الاستديو الجديد في زمن ثورة ديسمبر التي جاءت لكنس ربيب الدكتوريات علي شمو و اذا بفيصل يسمي الاستديو في زمنه كوزير اعلام استديو علي شمو.
ربما يكون إعجاب فيصل بعلي شمو لأن الأخير يشبهه في مسيرته أي مسيرة دراسته في مصر زمن انبهار السودانيين بالأزهريين و هم بذرة لشجرة كبيرة تضم المدافعيين عن الثقافة العربية الاسلامية التقليدية في السودان و قد نتجت منهم مجموعة الوقوف بجانب التراث و الدين و الامة و من حيث لا يدرون قد شكّلوا بيئة صالحة لنبتة الكيزان.
بسبب الكساد الفكري نتاج التفاعل الموضعي الذي يقطع نجاح أي تجربة تفتح على فكرة التحول الهائل في المفاهيم التى تفضي لترسيخ مفهوم الدولة كمفهوم حديث و مفهوم السلطة و في غياب مفهوم الدولة الحديثة يجسد التقليديون علاقاتهم كما علاقة فيصل محمد صالح مع علي شمو و تعكس هذه العلاقة مفهوم السلطة بمعنى سلطة الاب و ميراث التسلط مع غياب مفهوم الفرد الساعي للحرية كقيمة القيم و بدلا عن تبجيل الفرد يظهر مفهوم الراعي و الرعية و بالتالي ضاعت فرصة أن يزدهر علم الاجتماع كشريعة مجتمع و خاتم علوم بسبب مقاومة المثقف التقليدي أمثال فيصل محمد صالح و بسبب وعيه الزائف يخلد لنا ربيب الدكتاتوريات علي شمو.
بجانب سيطرة مفهوم الراعي و الرعية في ثقافة التقليديين السودانيين المدافعيين عن الثقافة العربية الاسلامية التقليدية كانت هناك مجموعة الشيوعيين السودانيين بنسختهم المتخشبة بدلا من الإهتمام بالفرد فاذا بهم يتوهمون في مفهوم الطبقة و فكرة الصراع الطبقي. في زمن قد قال أن الفرد بديلا للطبقة و الفرد بطبعه عقلاني و اخلاقي في لحظة قد اتضح فيها خطاء فكرة نهاية التاريخ و إنتهاء الصراع الطبقي.
و ما بين التقليديين و الشيوعيين السودانيين بنسختهم المتكلسة كسد الفكر و أنتج ميداس الخشبي بديل لميداس صاحب اللمسة الذهبية و ميداس الخشبي نجده بين النخب من حين لآخر و اللحظات الاخيرة قد مثله فيصل بلعب دور وزير ثقافة فاشل و قد إعتذر على ذلك بتقديم عذر أقبح من الذنب و هو يزعم أن أخطاءه قد جاءت لأنه جاء للسياسة من جانب المهتمين بحقوق الانسان و نحن نسأله متى كان إهتمام المهتميين بالحق في الحقوق مخالف مع المهتمين بالسياسة كشرط انساني؟.
بالمناسبة إعتذار فيصل محمد صالح الأقبح من الذنب يجب أن يكون مدخل لدراسة حالة النخب السودانية كافة و هم يخرجون للعمل العام بلا أي مؤهل و في الغالب تكون النتيجة كارثية و إذا بالعذر أقبح من الذنب. حيث يقول أنه قد جاء للسياسة كصحفي قادم للصحافة من إتجاه الصحافة و ليس من إتجاه الفلسفة أو علم الاجتماع أو الاقتصاد المهتم بالحقوق و هذا يدخل في حكم أي كلام كما يقال لكي يخرج من مأزقه الذي أدخل نفسه فيه و هو يمثل حال كثر من المثقفين السودانيين و قد رأينا تلفيقهم و ترقيعهم و توفيقهم الكاذب.
لماذا نقول توفيقهم الكاذب أتذكر جيد كيف كان يلعب الطيب زين العابديين بالنخب السودانية و كان الطيب ككوز يدافع عنه النخب بأنه انتقد الكيزان و في حقيقة الأمر كان الطيب كوز ماهر يلعب بأمثال فيصل محمد صالح و الشفيع خضر و الحاج وراق و حتى محجوب محمد صالح الصحفي الكبير و كانت آخر لجنة و ثورة ديسمبر في قمة مقاومتها للكيزان حاول الكوز الطيب زين العابدين إحياء لجنة كان من ضمنها أمثال المذكورين لكي تتفاوض مع نظام الكيزان و هو يتهاوى و تتساقط أجزاءه أمام جسارة شباب ثورة ديسمبر و عندما أيقن المذكورين من نجاح الثورة اعتذروا بانسحابهم من لجنة الكوز الطيب زين العابدين.
إعتذار فيصل بأنه جاء للسياسة من اتجاه الصحافة يجب أن يعيد للأذهان تهافت نخب كثر ملحاحين كالذباب و هو يتساقط على المائدة بغير ما يكون لديهم أي فكر غير تنافسهم بينهم بعضهم بعض تدفعهم قوة محاكاة الغريم لا غير و النتيجة فشل مزمن.
أتذكر جيد بعد نجاح ثورة ديسمبر هناك صحفي كوز إقترح أن يكون فيصل محمد صالح رئيس وزراء لأنه يعرف أن فيصل سوف يغطّس حجر الثورة كما فعل و هو وزير إعلام. المضحك فيصل في لقاء معه قرأءته في الراكوبة قال أنه يفكر في الاقتراح لكي يكون رئيس وزراء و لك أن تتصور كيف يكون الحال و يأتي بعدها ليقدم عذر أقبح من الذنب؟ و هذا يدلنا على أن النخب السودانية لا يهمهم شئ ما عليك إلا أن تجرّب و خلاص و هذا هو عدم المسؤولية و عدم تقدير النفس و هو أن تقارن نفسك بنفسك حيث لا ترى أحسن منك و عندما تحل المصيبة تعتذر بعذر أقبح من الزمن كما فعل فيصل محمد صالح عندما حاصره فشله.
أتذكر حينها كتبت تعليق على قوله في الراكوبة و ذكرت فيه يجب أن يكون رئيس الوزراء من الاقتصاديين و وزير الاقتصاد كذلك من الاقتصاديين لأن الاقتصاديين هم الأنسب لقيادة دول العالم الثالث و الخروج بها من حيز المجتمعات التقليدية و لهذا الأنسب لرئاسة الوزراء حمدوك و ليس فيصل محمد صالح كصحافي جاء للسياسة من إتجاه الصحافة.
و فعلا بعدها جاء حمدوك لرئاسة الوزراء و فيصل وزير اعلام و للأسف هو و حمدوك قد قالوا أنهم لم يأتوا لقطع رزق أحد عندما طالبهم الشعب بتفكيك التمكين و التعامل مع الكيزان بلا رحمة في سبيل أن تظهر ملامح الدولة التي لم تظهر حتى لحظة إنقلاب البرهان الفاشل.
و قد كانوا بالواضح ضد سير ثورة ديسمبر و هي من الثورات الكبرى التي تعقبها تشريعات كبرى و بموجبها تتيح فرصة تفكيك التمكين بلا رحمة مع الكيزان و لكن فيصل وقف و لعب دور الحجّاز و دافع عن رأيه بأنه لا يقطع رزق الكيزان الحرامية سارقي قوت الشعب المتمتعين بمال الشعب المنهوب و فيصل لا يهمه أن تكون مصادرة المال المنهوب يجب ان تذهب لمجانية التعليم و مجانية العلاج.
لم نسمع لفيصل محمد صالح نقدا لمحاصصة الاحزاب مثلا لتقسيم كيكة السلطة و لم نسمع لفيصل أي حس و لا صوت عندما إختفت ملامح الدولة في ظل تهافتهم على السلطة و الوزارات و لكن كان فالح جدا و صالح في رده القاسي عندما يطلب منه التعامل بحزم مع الكيزان و تفكيك التمكين في الصحافة و التلفزيون و غيره من أعشاشهم كدبابير و كان رد فيصل جاهز بأنه لم يأتي لكي يقطع رزق أحد.
و لم يسأل نفسه لماذا أتى أصلا في حكومة الثورة؟ و هو بهذا المستوى المتردي عندما يحوّل عملته كعملة رديئة صادرة من الصحافة التقليدية مقابل عملة جيدة صادرة من مفهوم السياسة بمعناها الحديث. و من أتى به و كان الشعب لحظاته و دنياه قبائل ثورة كما يقول أهلنا و الدنيا قبائل عيد أي عيد ثورة ديسمبر المجيدة و شعارها العظيم حرية سلام و عدالة؟
و زاد الطين بلة عندما سمى الأستديو الجديد على علي شمو ربيب الدكتوريات و هذا يكشف عن شئيين لا غير اما جهل فيصل محمد صالح بفكرة التحول الديمقراطي الذي يفارق تخليد أمثال على شمو أو إعجابه حد التخمة بأمثال على شمو و هذا يدل على أن فيصل لم يدرك أن ثورة ديسمبر كانت حدا فاصل بين نهاية النخب الفاشلة و هو يمثل آخر أشعتها و أن عهد جديد قد بداء رغم عرقلة أمثال فيصل محمد صالح. و في الختام مثل إعتذار فيصل محمد صالح إعتذار مضحك و لا يسعنا إلا أن نقول له زدنا فيك تحيّر.

taheromer86@yahoo.com

 

آراء