إبراهيم الشيخ: لن أشارك في الحكومة القادمة والحرية والتغيير ستمضي في تشكيل الحكومة وقتما فرغت من ورش القضايا الخمس
رئيس التحرير: طارق الجزولي
5 February, 2023
5 February, 2023
لن أشارك في الحكومة القادمة وآن لنا أن نفتح الطريق لجيل جديد يستجيش ضراوة ومصادمة وقادر على ان يعطي أفضل منا
القيادي بالمجلس المركزي للحرية والتغيير إبراهيم الشيخ لـ(الجريدة):
* الحرية والتغيير ستمضي في تشكيل الحكومة وقتما فرغت من ورش القضايا الخمس
* جذرية الحزب الشيوعي ضرب من التهويم
* أفضل حكومة كفاءات وطنية خليط من كفاءات سياسية ومستقلين يتم اختيارهم بمنهج صارم
* حمدوك من الكفاءات الوطنية وسيخضع للمعايرة اسوة بالآخرين
* الحرية والتغيير ومصر بينهما أزمة ثقة ولا سبيل للرهان على المجهول.
* سأعود إلى السودان منتصف فبراير الجاري ووطني هو قدري
تطورات متسارعة تشهدها الساحة السياسية السودانية، ولازال الانقسام والاستقطاب يلازم قوى ثورة ديسمبر المجيدة.. وفيما يبدو إن الراهن السياسي إزداد تعقيداً ولتسليط الضوء على هذا التعقيد طرحت صحيفة (الجريدة) عدد من الأسئلة على القيادي بالمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير ورئيس حزب المؤتمر السوداني السابق إبراهيم الشيخ، وناقشت معه تعقيدات المشهد السياسي الراهن وانقسام قوى الثورة، تطرقنا معه إلى تراجع الحراك الثوري على مستوى الشارع والمواكب، ومواقف حركتي مناوي وجبريل، وعرجنا معه إلى المبادرة المصرية وشكل الحكومة القادمة وإمكانية عودة حمدوك، هذه الأجندة وغيرها كانت حاضرة في حوارنا مع إبراهيم الشيخ الذي رد عليها بكل طيبة نفس واريحية وكانت حصيلة ردوده هذا الحوار.
حوار - عبدالرحمن العاجب
* إبراهيم الشيخ قيادي بارز بقوى الحرية والتغيير غادر السودان في ظروف غامضة.. ماهي دوافع وأسباب مغادرتك للبلاد؟
- غادرت البلاد إلى تركيا في خواتيم شهر رمضان الماضي وبعد خروجي من المعتقل بفترة قصيرة حاولت قبلها المغادرة إلى مصر للوقوف على حالة شقيقتي التي كانت تلزم سرير المستشفي هناك بسبب الكورونا، ولكني منعت من السفر رغم ان اسمي لم يكن في قائمة الحظر، ولكن ضابط الأمن اخطرني اني ممنوع من السفر بأوامر عليا ولابد من مراجعة القصر ومن ثم وضع اسمي في قائمة الحظر في كمبيوتر المطار وعدت ادراجي، طبعا انا خرجت من المعتقل ليس بإطلاق السراح، ولكن بضمانة حامد الذي لا أعرفه والله، ولكني علمت لاحقا انه عضو في حزب البعث، وكان قد تم اقتيادي من المعتقل إلى نيابة آمن الدولة حيث اطلق سراحي هناك ومعي اسماعيل التاج وجعفر حسن بالضمانة في قضية تحت المواد (٦٠ / ٦١) وغيرها، وعرفت لاحقا انها مواد تحريض الجيش ودعوته للتمرد، وقضيت وقت وانا أسعى لشطب البلاغ، ورفع اسمي من قائمة الحظر حتى فعلها وكيل نيابة أعلى، ولم اضيع بعدها وقتا للخروج العاجل متحررا من قبضة الانقلابيين، وليترك بعدها ايضا وكيل النيابة الخدمة ويغادر هو الآخر البلاد من غير رجعة.
* هل انتفت أسباب وجودك خارج السودان.. ومتى ستعود إلى أرض الوطن؟
- لا استطيع أن أقول إن أسباب وجودي خارج السودان قد انتفت، لكني عائد حتما منتصف فبراير ووطني هو قدري، وهذه هي المرة الأولى في تاريخ حياتي لست عقود أغيب عن بلادي لثمانية شهور.
* كيف تنظر للمشهد والراهن السياسي .. وبرأيك إلى أين تمضي البلاد؟
- واضح من مجريات الأحداث وتطوراتها أن الانقلاب قد فشل تماما، وعجز قادته من إيجاد مخرج أو إعلان حكومة، والحصول على دعم دولي أو إيجاد حاضنة يعتمد عليها، ومن ثم أمام مقاومة الشارع والضغط الدولي الكبير لم يجد العسكر مناصا من التوقيع على اتفاق إطاري مع الحرية والتغيير يخضعون بموجب نصوصه للحكم المدني والعودة للثكنات.. صحيح الاتفاق الاطاري الذي انتقل إلى المرحلة النهائية الان عبر العديد من الورش المناط بها نقاش المحاور الخمس أو الست العالقة يتعرض لضغوط، وتمتنع حركتي مني اركو مناوي وجبريل من اللحاق به، وتمتنع بعض لجان المقاومة عن دعمه، وخرج البعث من صفوف المجلس المركزي بسببه الا انه يمضي نحو غايته المتفق عليها في الآجال المحددة له رغم هجرة البعض شمالا وورش العمل المصرية وتلك الجنوبية القادمة.. كنت أتمنى لو اتسعت دائرة المشاركة أكثر وأكبر وتم اعلاء شأن الوطن على الاجندات الذاتية الضيقة والتمترس في معاندة التاريخ ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.
* العملية السياسية تمضي إلى نهايتها ولا زالت الحرية والتغيير منقسمة على نفسها إلى ثلاثة مجموعات.. كيف تنظر لهذا الواقع المعقد؟
- لا نستطيع أن نقول إن الكتلة الديمقراطية حرية وتغيير وان تزيت بزيها وخلعت على نفسها الاسم، ولنا في المواقف والتاريخ سند وحجة تسقط عنهم شرف الاسم ولك أن تراجع مراجعاتهم للوثيقة الدستورية الأولى واعتصامهم أمام القصر، وحتى هتافهم هناك ومباركة للانقلاب، والسير في ركابه حتى ساعة توقيع الاتفاق الاطاري، بعدها ستدرك هويتهم ومن هم.. نتفق مع السؤال إن قوى الثورة ممثلة في الحرية والتغيير التي قادت التغيير انقسمت على نفسها في محطات مختلفة
خرج الشيوعي عليها توقا لحل جذري، وانقسم تجمع المهنيين بذرائع شتى، وأخيراً خرج البعث لانه غير واثق ان الاتفاق سيحقق مدنية الدولة.
* كيف تنظر لمواقف الحزب الشيوعي وحزب البعث العربي الاشتراكي الرافضة للاتفاق الإطاري والمطالبة بالتغيير الجذري؟
- جذرية الحزب الشيوعي ضرب من التهويم، وعدم يقين البعث من حتمية قيام دولة مدنيه بآلية الاتفاق وساوس استبدت بهم وحجبت عن أبصارهم صحيح الرؤيا..
تاريخ قادة الانقلاب ومواقفهم منذ قيام الثورة مرورا بفض الاعتصام.. فالانقلاب ربما عزز عدم يقينهم من جدوى الاتفاق.
* هناك من يرى أن مواقف الشيوعي والبعث الرافضة للإتفاق الإطاري تعبر عن أشواق الثوار في الشارع.. ماهو تعليقك على هذا الحديث؟
- مواقف البعث والشيوعيين لا نستطيع أن نقول أن لا صدى لها في بعض أروقة الشارع وعند انصارهم، ولكن المقولة الخالدة تقول (من فش غبينتو خرب مدينتو) وإن التشاؤم والتفاؤل كلاهما فكر منحاز، وأن توازن القوى على الارض محدد أساسي في اجتراح الحلول جذرا أو تسوية تضمن عبورا آمنا.
* ماهو المبرر الموضوعي لانسحاب الأحزاب والاجسام الموقعة على الاتفاق الإطاري من الشارع والحراك الثوري؟
- لا نستطيع القول على الاطلاق ان الاحزاب الموقعة على الاتفاق الاطاري قد انسحبت من الشارع والحراك الثوري، واظنه قد سمعت أكثر من مرة ان قادة الحرية والتغيير قالت ان حراك الشارع مطلوب ليدرك الفاعلين جيدا ما ينشده الشارع والالتزام به على نحو صميم.
* كيف تفسر موقف حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة الرافض للاتفاق الإطاري؟
- موقف جبريل ومني اركو مناوي يدعو للحيرة والدهشة هما متمسكان باتفاقية السلام ويرفضان المساس بها وهما من دعما الانقلاب الذي داس على الوثيقة الدستورية وحل حكومتها ورمى بطرفها الاصيل في المعتقلات .. اتفاقية السلام حددت نصيب الرجلين والحركتين في السلطة، وان كانا يريدان واقعا جديدا غير ما رسمته الوثيقة الدستورية فذلك الواقع لا يستثنى اتفاقية سلام جوبا ونصيبهما في السلطة.. يعني جبريل ومناوي لا يستطيعان ان يكيلا بمكيالين عبر صناعة كتلة ضرار، وحشد الموالين فيها لحصد المزيد من السلطة من غير وجه حق.
* في حال تعنت الحركتين هل سيتم تجاوزهما والمضي إلى تشكيل حكومة انتقالية؟
- بذلت الحرية والتغيير جهدا خارقا لاقناع حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان للتوقيع على الاتفاق الاطاري واستعانت بأكثر من وسيط ومباشرة لإيجاد حل وسط ولم تحرز اي نتيجة ذات جدوى.. الحرية والتغيير لم تقنط من لحاق الحركتين بالاتفاق في اي يوم، ولكنها حتما لن ترهن مصالح البلاد والناس بما يعرض مصالح الوطن للمخاطر جراء الانتظار الطويل.. الحرية والتغيير ستمضي في تشكيل الحكومة وقتما فرغت من ما بقي من ورش القضايا العالقة وستترك الباب مفتوحا للحركتين لادراك ما فاتهم.
* كيف تنظر للمبادرة المصرية وورشة القاهرة.. وبرأيك ما هو الهدف منها؟
- الحرية والتغيير ومصر بينهما أزمة ثقة وتبادل اتهامات بسبب الانقلاب، في الطريق للاتفاق الاطاري سقط مئات الشهداء ببندقية الانقلاب، وعودة العسكر للثكنات والانتصار للدولة المدنية، وكل محتوى الاتفاق الاطاري ليس بالكسب الرخيص الذي يمكن للحرية والتغيير التفريط فيه والذهاب شمالا في معية من والى الانقلاب،
دعوة مصر جاءت متأخرة، وبعد أن صار الاتفاق الاطاري واقعا يمشي بين الناس، ولا سبيل للرهان على المجهول.
* هل ستكون الحكومة القادمة حكومة كفاءات وطنية مستقلة أم حكومة محاصصات حزبية؟
- الحكومة القادمة هي حكومة كفاءات وطنية، وهي بهذا التعريف حزمة من الكفاءات السياسية الملتزمة والمستقلين التكنوقراط أهل الدربة والخبرة والكفاءة
وحتما السياسي ليس نقيض الكفاءة ولا عاطلا عن المواهب بل هو يملك أدوات التحليل والمعرفة والافق السياسي المعين على اتخاذ القرار الصحيح .. والفارق بين الحكومة القادمة والسابقة ان الاحزاب لن تصارع على مقاعدها بطلب المحاصصات وتوزيعها قسمة بينهم
بل سيتم ذلك على منهج الكفاءة والقدرة على العطاء والبذل والتضحية خيار من خيار.
* هل ستشارك في الحكومة القادمة إذا تم اختيارك؟
- لن أشارك في الحكومة القادمة وآن لنا أن نفتح الطريق لجيل جديد يستجيش ضراوة ومصادمة وقادر على ان يعطي أفضل منا.
* أيهما تفضل حكومة حزبية أم حكومة كفاءات وطنية مستقلة؟
- من تجربتي الحكومتين السابقتين بعد الثورة.. أفضل حكومة كفاءات وطنية خليط من كفاءات سياسية ومستقلين يتم اختيارهم بمنهج صارم لا يعرف المجاملة أو تراخي الاختيار.. الحزب يقدم أصلب عناصره وأكثرهم استقامة وكفاءة وتأهيل، والبحث والتنقيب عن الكفاءات السودانية المستقلة في كل مدن الدنيا للاتفاق بهم لقيادة التغيير المنشود وخدمة الناس.
* هل سيعود حمدوك مرة أخرى رئيسا للوزراء؟
- ما دمنا قلنا ان القادمين للحكومة كفاءات وطنية بالتالي ان حمدوك واحدا من هؤلاء وليس استثناء، وسيخضع للمعايرة أسوة بالآخرين ومن ترجح كفته سيتقدم لقيادة السفينة ربانا ماهرا في بحر بلادنا متلاطم الأمواج.
* متى سيتم تشكيل حكومة الفترة الانتقالية القادمة؟
- تشكيل الحكومة رهين بالفراغ من ملفات الورش للشرق والترتيبات الامنية والجيش القومي الواحد.. ولم يتبقى الكثير لتشكيل الحكومة وبات تشكيلها أمر بالغ الضرورة وعاجلا.
* هل تعتقد أن المؤسسة العسكرية صادقة وجادة في مسألة انسحابها من الحياة السياسية؟
- حتى الآن تبدو المؤسسة العسكرية جادة وملتزمة بالخروج من المشهد السياسي والعودة للثكنات ومدركة بوعي عميق مغبة العودة والردة عن الاتفاق الاطاري،
ومن جانبنا ليس لنا التشكك في نواياهم، بل المطلوب إحسان الظن فيهم.
* هناك تخوف من قيام انقلاب أخر قبل نهاية الفترة الانتقالية .. وماهي ضمانات عدم حدوث انقلاب؟
- مآلات انقلاب البرهان ليست محفزا لأي انقلاب آخر رغم ان الجيش لن يخلو من مغامر.
* برأيك ماهي الوصفة الموضوعية للخروج من المأزق التاريخي والعبور بالبلاد إلى الضفة الأخرى؟
الخروج من المأزق التاريخي الراهن كامن في نصوص ومحتوى الاتفاق الاطاري بكل نصوصه.. وعودة العسكر للثكنات وألتزامهم الصميم بعدم التفريط في آمن البلاد وتركها نهبا للفوضى بأية ذريعة كانت، وتحقيق سلام شامل وكامل وعادل.
الجريدة
القيادي بالمجلس المركزي للحرية والتغيير إبراهيم الشيخ لـ(الجريدة):
* الحرية والتغيير ستمضي في تشكيل الحكومة وقتما فرغت من ورش القضايا الخمس
* جذرية الحزب الشيوعي ضرب من التهويم
* أفضل حكومة كفاءات وطنية خليط من كفاءات سياسية ومستقلين يتم اختيارهم بمنهج صارم
* حمدوك من الكفاءات الوطنية وسيخضع للمعايرة اسوة بالآخرين
* الحرية والتغيير ومصر بينهما أزمة ثقة ولا سبيل للرهان على المجهول.
* سأعود إلى السودان منتصف فبراير الجاري ووطني هو قدري
تطورات متسارعة تشهدها الساحة السياسية السودانية، ولازال الانقسام والاستقطاب يلازم قوى ثورة ديسمبر المجيدة.. وفيما يبدو إن الراهن السياسي إزداد تعقيداً ولتسليط الضوء على هذا التعقيد طرحت صحيفة (الجريدة) عدد من الأسئلة على القيادي بالمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير ورئيس حزب المؤتمر السوداني السابق إبراهيم الشيخ، وناقشت معه تعقيدات المشهد السياسي الراهن وانقسام قوى الثورة، تطرقنا معه إلى تراجع الحراك الثوري على مستوى الشارع والمواكب، ومواقف حركتي مناوي وجبريل، وعرجنا معه إلى المبادرة المصرية وشكل الحكومة القادمة وإمكانية عودة حمدوك، هذه الأجندة وغيرها كانت حاضرة في حوارنا مع إبراهيم الشيخ الذي رد عليها بكل طيبة نفس واريحية وكانت حصيلة ردوده هذا الحوار.
حوار - عبدالرحمن العاجب
* إبراهيم الشيخ قيادي بارز بقوى الحرية والتغيير غادر السودان في ظروف غامضة.. ماهي دوافع وأسباب مغادرتك للبلاد؟
- غادرت البلاد إلى تركيا في خواتيم شهر رمضان الماضي وبعد خروجي من المعتقل بفترة قصيرة حاولت قبلها المغادرة إلى مصر للوقوف على حالة شقيقتي التي كانت تلزم سرير المستشفي هناك بسبب الكورونا، ولكني منعت من السفر رغم ان اسمي لم يكن في قائمة الحظر، ولكن ضابط الأمن اخطرني اني ممنوع من السفر بأوامر عليا ولابد من مراجعة القصر ومن ثم وضع اسمي في قائمة الحظر في كمبيوتر المطار وعدت ادراجي، طبعا انا خرجت من المعتقل ليس بإطلاق السراح، ولكن بضمانة حامد الذي لا أعرفه والله، ولكني علمت لاحقا انه عضو في حزب البعث، وكان قد تم اقتيادي من المعتقل إلى نيابة آمن الدولة حيث اطلق سراحي هناك ومعي اسماعيل التاج وجعفر حسن بالضمانة في قضية تحت المواد (٦٠ / ٦١) وغيرها، وعرفت لاحقا انها مواد تحريض الجيش ودعوته للتمرد، وقضيت وقت وانا أسعى لشطب البلاغ، ورفع اسمي من قائمة الحظر حتى فعلها وكيل نيابة أعلى، ولم اضيع بعدها وقتا للخروج العاجل متحررا من قبضة الانقلابيين، وليترك بعدها ايضا وكيل النيابة الخدمة ويغادر هو الآخر البلاد من غير رجعة.
* هل انتفت أسباب وجودك خارج السودان.. ومتى ستعود إلى أرض الوطن؟
- لا استطيع أن أقول إن أسباب وجودي خارج السودان قد انتفت، لكني عائد حتما منتصف فبراير ووطني هو قدري، وهذه هي المرة الأولى في تاريخ حياتي لست عقود أغيب عن بلادي لثمانية شهور.
* كيف تنظر للمشهد والراهن السياسي .. وبرأيك إلى أين تمضي البلاد؟
- واضح من مجريات الأحداث وتطوراتها أن الانقلاب قد فشل تماما، وعجز قادته من إيجاد مخرج أو إعلان حكومة، والحصول على دعم دولي أو إيجاد حاضنة يعتمد عليها، ومن ثم أمام مقاومة الشارع والضغط الدولي الكبير لم يجد العسكر مناصا من التوقيع على اتفاق إطاري مع الحرية والتغيير يخضعون بموجب نصوصه للحكم المدني والعودة للثكنات.. صحيح الاتفاق الاطاري الذي انتقل إلى المرحلة النهائية الان عبر العديد من الورش المناط بها نقاش المحاور الخمس أو الست العالقة يتعرض لضغوط، وتمتنع حركتي مني اركو مناوي وجبريل من اللحاق به، وتمتنع بعض لجان المقاومة عن دعمه، وخرج البعث من صفوف المجلس المركزي بسببه الا انه يمضي نحو غايته المتفق عليها في الآجال المحددة له رغم هجرة البعض شمالا وورش العمل المصرية وتلك الجنوبية القادمة.. كنت أتمنى لو اتسعت دائرة المشاركة أكثر وأكبر وتم اعلاء شأن الوطن على الاجندات الذاتية الضيقة والتمترس في معاندة التاريخ ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.
* العملية السياسية تمضي إلى نهايتها ولا زالت الحرية والتغيير منقسمة على نفسها إلى ثلاثة مجموعات.. كيف تنظر لهذا الواقع المعقد؟
- لا نستطيع أن نقول إن الكتلة الديمقراطية حرية وتغيير وان تزيت بزيها وخلعت على نفسها الاسم، ولنا في المواقف والتاريخ سند وحجة تسقط عنهم شرف الاسم ولك أن تراجع مراجعاتهم للوثيقة الدستورية الأولى واعتصامهم أمام القصر، وحتى هتافهم هناك ومباركة للانقلاب، والسير في ركابه حتى ساعة توقيع الاتفاق الاطاري، بعدها ستدرك هويتهم ومن هم.. نتفق مع السؤال إن قوى الثورة ممثلة في الحرية والتغيير التي قادت التغيير انقسمت على نفسها في محطات مختلفة
خرج الشيوعي عليها توقا لحل جذري، وانقسم تجمع المهنيين بذرائع شتى، وأخيراً خرج البعث لانه غير واثق ان الاتفاق سيحقق مدنية الدولة.
* كيف تنظر لمواقف الحزب الشيوعي وحزب البعث العربي الاشتراكي الرافضة للاتفاق الإطاري والمطالبة بالتغيير الجذري؟
- جذرية الحزب الشيوعي ضرب من التهويم، وعدم يقين البعث من حتمية قيام دولة مدنيه بآلية الاتفاق وساوس استبدت بهم وحجبت عن أبصارهم صحيح الرؤيا..
تاريخ قادة الانقلاب ومواقفهم منذ قيام الثورة مرورا بفض الاعتصام.. فالانقلاب ربما عزز عدم يقينهم من جدوى الاتفاق.
* هناك من يرى أن مواقف الشيوعي والبعث الرافضة للإتفاق الإطاري تعبر عن أشواق الثوار في الشارع.. ماهو تعليقك على هذا الحديث؟
- مواقف البعث والشيوعيين لا نستطيع أن نقول أن لا صدى لها في بعض أروقة الشارع وعند انصارهم، ولكن المقولة الخالدة تقول (من فش غبينتو خرب مدينتو) وإن التشاؤم والتفاؤل كلاهما فكر منحاز، وأن توازن القوى على الارض محدد أساسي في اجتراح الحلول جذرا أو تسوية تضمن عبورا آمنا.
* ماهو المبرر الموضوعي لانسحاب الأحزاب والاجسام الموقعة على الاتفاق الإطاري من الشارع والحراك الثوري؟
- لا نستطيع القول على الاطلاق ان الاحزاب الموقعة على الاتفاق الاطاري قد انسحبت من الشارع والحراك الثوري، واظنه قد سمعت أكثر من مرة ان قادة الحرية والتغيير قالت ان حراك الشارع مطلوب ليدرك الفاعلين جيدا ما ينشده الشارع والالتزام به على نحو صميم.
* كيف تفسر موقف حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة الرافض للاتفاق الإطاري؟
- موقف جبريل ومني اركو مناوي يدعو للحيرة والدهشة هما متمسكان باتفاقية السلام ويرفضان المساس بها وهما من دعما الانقلاب الذي داس على الوثيقة الدستورية وحل حكومتها ورمى بطرفها الاصيل في المعتقلات .. اتفاقية السلام حددت نصيب الرجلين والحركتين في السلطة، وان كانا يريدان واقعا جديدا غير ما رسمته الوثيقة الدستورية فذلك الواقع لا يستثنى اتفاقية سلام جوبا ونصيبهما في السلطة.. يعني جبريل ومناوي لا يستطيعان ان يكيلا بمكيالين عبر صناعة كتلة ضرار، وحشد الموالين فيها لحصد المزيد من السلطة من غير وجه حق.
* في حال تعنت الحركتين هل سيتم تجاوزهما والمضي إلى تشكيل حكومة انتقالية؟
- بذلت الحرية والتغيير جهدا خارقا لاقناع حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان للتوقيع على الاتفاق الاطاري واستعانت بأكثر من وسيط ومباشرة لإيجاد حل وسط ولم تحرز اي نتيجة ذات جدوى.. الحرية والتغيير لم تقنط من لحاق الحركتين بالاتفاق في اي يوم، ولكنها حتما لن ترهن مصالح البلاد والناس بما يعرض مصالح الوطن للمخاطر جراء الانتظار الطويل.. الحرية والتغيير ستمضي في تشكيل الحكومة وقتما فرغت من ما بقي من ورش القضايا العالقة وستترك الباب مفتوحا للحركتين لادراك ما فاتهم.
* كيف تنظر للمبادرة المصرية وورشة القاهرة.. وبرأيك ما هو الهدف منها؟
- الحرية والتغيير ومصر بينهما أزمة ثقة وتبادل اتهامات بسبب الانقلاب، في الطريق للاتفاق الاطاري سقط مئات الشهداء ببندقية الانقلاب، وعودة العسكر للثكنات والانتصار للدولة المدنية، وكل محتوى الاتفاق الاطاري ليس بالكسب الرخيص الذي يمكن للحرية والتغيير التفريط فيه والذهاب شمالا في معية من والى الانقلاب،
دعوة مصر جاءت متأخرة، وبعد أن صار الاتفاق الاطاري واقعا يمشي بين الناس، ولا سبيل للرهان على المجهول.
* هل ستكون الحكومة القادمة حكومة كفاءات وطنية مستقلة أم حكومة محاصصات حزبية؟
- الحكومة القادمة هي حكومة كفاءات وطنية، وهي بهذا التعريف حزمة من الكفاءات السياسية الملتزمة والمستقلين التكنوقراط أهل الدربة والخبرة والكفاءة
وحتما السياسي ليس نقيض الكفاءة ولا عاطلا عن المواهب بل هو يملك أدوات التحليل والمعرفة والافق السياسي المعين على اتخاذ القرار الصحيح .. والفارق بين الحكومة القادمة والسابقة ان الاحزاب لن تصارع على مقاعدها بطلب المحاصصات وتوزيعها قسمة بينهم
بل سيتم ذلك على منهج الكفاءة والقدرة على العطاء والبذل والتضحية خيار من خيار.
* هل ستشارك في الحكومة القادمة إذا تم اختيارك؟
- لن أشارك في الحكومة القادمة وآن لنا أن نفتح الطريق لجيل جديد يستجيش ضراوة ومصادمة وقادر على ان يعطي أفضل منا.
* أيهما تفضل حكومة حزبية أم حكومة كفاءات وطنية مستقلة؟
- من تجربتي الحكومتين السابقتين بعد الثورة.. أفضل حكومة كفاءات وطنية خليط من كفاءات سياسية ومستقلين يتم اختيارهم بمنهج صارم لا يعرف المجاملة أو تراخي الاختيار.. الحزب يقدم أصلب عناصره وأكثرهم استقامة وكفاءة وتأهيل، والبحث والتنقيب عن الكفاءات السودانية المستقلة في كل مدن الدنيا للاتفاق بهم لقيادة التغيير المنشود وخدمة الناس.
* هل سيعود حمدوك مرة أخرى رئيسا للوزراء؟
- ما دمنا قلنا ان القادمين للحكومة كفاءات وطنية بالتالي ان حمدوك واحدا من هؤلاء وليس استثناء، وسيخضع للمعايرة أسوة بالآخرين ومن ترجح كفته سيتقدم لقيادة السفينة ربانا ماهرا في بحر بلادنا متلاطم الأمواج.
* متى سيتم تشكيل حكومة الفترة الانتقالية القادمة؟
- تشكيل الحكومة رهين بالفراغ من ملفات الورش للشرق والترتيبات الامنية والجيش القومي الواحد.. ولم يتبقى الكثير لتشكيل الحكومة وبات تشكيلها أمر بالغ الضرورة وعاجلا.
* هل تعتقد أن المؤسسة العسكرية صادقة وجادة في مسألة انسحابها من الحياة السياسية؟
- حتى الآن تبدو المؤسسة العسكرية جادة وملتزمة بالخروج من المشهد السياسي والعودة للثكنات ومدركة بوعي عميق مغبة العودة والردة عن الاتفاق الاطاري،
ومن جانبنا ليس لنا التشكك في نواياهم، بل المطلوب إحسان الظن فيهم.
* هناك تخوف من قيام انقلاب أخر قبل نهاية الفترة الانتقالية .. وماهي ضمانات عدم حدوث انقلاب؟
- مآلات انقلاب البرهان ليست محفزا لأي انقلاب آخر رغم ان الجيش لن يخلو من مغامر.
* برأيك ماهي الوصفة الموضوعية للخروج من المأزق التاريخي والعبور بالبلاد إلى الضفة الأخرى؟
الخروج من المأزق التاريخي الراهن كامن في نصوص ومحتوى الاتفاق الاطاري بكل نصوصه.. وعودة العسكر للثكنات وألتزامهم الصميم بعدم التفريط في آمن البلاد وتركها نهبا للفوضى بأية ذريعة كانت، وتحقيق سلام شامل وكامل وعادل.
الجريدة