في امريكا القطارات الفاخرة تربط الولايات والسفر بها متعة

 


 

 

في امريكا القطارات الفاخرة تربط الولايات والسفر بها متعة وقد حرمنا منها بجرة قلم كما حرمنا من الكثير الجميل والمفيد بما في ذلك البريد ومن غير الدكتاتور البليد الذي جعلنا نقف مكانك سر نكرر ونعيد ولا جديد !!..

المكان رجل الفولة والزمان في السبعينات من القرن الماضي وسيلة الترفيه الوحيدة هي محطة السكة الحديد عند وصول القطار خاصة بالليل وعرباته يشع منها النور وفي داخلها تتعدد السحنات واللهجات والمسافرون منهم من ينزل ليتمشي في المحطة ريثما يتحرك القطار ولا بأس من تناول المشروبات الساخنة عند ستات الشاي اللائي خصص لهن ركن بالمحطة مرتب علي أبدع مايكون والخدمة عالية المستوي لا تقل عن ارقي المقاهي ذات النجوم !!..
وتغير الحال فلا محطة الخرطوم باتت تضارع نظيرتها فكتوريا في عاصمة الضباب وغاب في الأبيض رصيف القطار الشهير يحمل في اناة وصبر ورقة وجمال الأفواج الطالعة من والنازلة الي عروس الرمال !!..
وفي كوستي واللقاء مع اشهي الأسماك والبسمات وبورتسودان الميناء والقطار دائما في أيد أمينة ينحدر في خفة ورشاقة ليطبع اجمل قبلة علي ثغر المدينة عروس البحر الاحمر وسر الليالي وحيدر بورتسودان وسيدي دوشكا والطاهر حسيب وهاشم بامكار في سالف العصر والاوان !!..
القطار راح في حال سبيله فلا ركاب في جوفه ولا سلع ولا نقل زهيد التكلفة وكان البديل شاحنات هزيلة كسولة تحمل القليل وتزيد من أسعار السلع وتجعلها نار ياحبيبي نار !!..
وقطار حلفا الحلقة السلسلة الذهبية وحلقة وصلنا مع اهلنا في أقصي الشمال حجب السد العالي بهارجه واطفا أنواره وعمت محطاته الظلمة !!..
وهكذا ومن وراء ستار عبثت الأيادي الآثمة بالقطارات مراسيل الشوق وحكمت بالاعدام علي بريد الغرام وشعراء العيون عبد الله النجيب وصحبه في الكبانية والتلغراف والخطابات والصناديق وكافة الخدمات والأقسام التي جعلت بريد السودان وحدة وطنية وترابط وحنية وصلاح مصطفى المهندس والمطرب يشدو أنا وأخوي ملوال مافي شمال بدون جنوب وما في جنوب بدون شمال وكنا في اجمل حال مع مصطفى سند والشعر الرصين !!..
وهجم علينا ذئاب التمكين وشتتوا شمل القطارات وبعثروا صناديق الخطابات وحطموا التلغرافات وفصلوا الجنوب الحبيب وحرمونا من الباباي والانناس وجوبا مالك عليا واللابنوس ورث الشلك والسلاطين والناس مبسوطة مع قطعان ابقارها يغنون لها اعذب الالحان وكل منهم يعتبر نفسه ثور كبير مثل جون قرنق دي مابيور !!..
الجنوب ودارفور وكردفان والشمالية وتقريبا كل أقاليم السودان كانت منسجمة تعيش مع نفسها ومع الآخرين في محبة وتعاون وامان!!..
وجاء زمن ولاة الكيزان الحهلة ومنهم البروفسور وكلهم أفسدوا الأقاليم وخربوا الكثير ولم يستثنوا شيئا واليوم نتيجة فعالهم جاءت الخلاصة ودخلت اسرائيل لتتم الناقصة وتسرق مياه النيل!!..

حمدالنيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .

ghamedalneil@gmail.com
//////////////////////////////

 

آراء