على خلفية الزيادات الجمركية للسلع الغذائية.. حكومة الانقلاب.. أكثر من عام من الفشل الاقتصادي!!

 


 

 

” الجريدة “ هذا الصباح… تأسفت الغرفة القومية للمستوردين للزيادة الكبيرة في أسعار السلع الغذائية في النظام الجمركي، والتي تراوحت ما بين (4 إلى 40%)، والتي وصفها أمين مال الغرفة بأنها "رصاصة الرحمة"
على خلفية الزيادات الجمركية للسلع الغذائية..
حكومة الانقلاب.. أكثر من عام من الفشل الاقتصادي!!
* اقتصادي: لن تؤدي الخطوة لتحقيق إيرادات مرتفعة، بل ستظل الإيرادات ضعيفة لتراجع حجم الطلب على الاستيراد
* غرفة المستوردين: الزيادات ليس لها مبرر وأتت في وقت حرج مع دخول شهر رمضان
* اللجنة الاقتصادية: وزارة المالية الانقلابية لا زالت تفكر بطريقة تقليدية لسد عجز موازنتها
خلف إنقلاب 25 أكتوبر أزمات اقتصادية ومالية ومعيشية معقدة تفاقمت معها الاضطرابات السياسية التي انعكست سلبًا على مختلف القطاعات الاقتصادية مما زاد السخط الشعبي، بسبب تعذّر أبسط مقومات الحياة، والتي منها نقص حاد في الخدمات من الكهرباء والوقود وارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية، بالإضافة إلى مشاكل التعليم والأوضاع الصحية للأمراض والأوبئة، فالاقتصاد الوطني وإن بدأ يتعافى نوعًا ما واستقرت عملته وسعر صرفه خلال الفترة الانتقالية، لكن سرعان ما تراجعت الاوضاع بسبب انقلاب 25 أكتوبر. وعلى وقع تصاعد الأزمات الاقتصادية في البلاد، طبقت هيئة الجمارك زيادات لفئات الرسوم الجمركية لأكثر من (103) سلعة مستوردة والتي تراوحت نسبتها ما بين (4 – 40%)، القرار الذي أصدرته الهيئة يأتي وسط أزمة كبيرة تعاني منها البلاد. القرار وجد انتقادات في أوساط المستوردين وسط تحذيرات من موجة جديدة من الزيادات، مع توقعات بارتفاع في الأسعار بأرقام فلكية في اسعار هذه السلع، زيادة الرسوم الجمركية قلق يسيطر على الأسواق، وهذا القلق يمتد للمواطن الذي يحاول التأقلم بشأن رفع الدعم عن غاز الطهي والكهرباء التي لم تكمل الأسبوع وتأتي عليه هذه الزيادات الجديدة..
الجريدة ـ مآب الميرغني
(١) المواد الغذائية التي تعرضت للزيادة
تمّ تعديل التعرفة الجمركية للسكر المستورد من (10%) إلى (25%)، والصّلصة من (25%) إلى (40%)، وملح الطعام من (3%) إلى (25%)، والأسمنت من (25%) إلى (40%)، والبنزين من (3%) إلى (10%) والجازولين والفيرنس من (0%) إلى (3%)، كما تمت زيادة الصابون من (25%) إلى (40%) وورق الطباعة من (3%) إلى (10%) والملابس والأحذية من (25%) إلى (40%) والسيراميك والبورسلين من(25%) إلى (40%) وقطع غيار المُحرِّكات من (25%) إلى (40%) ومركبات النقل العام (10) راكب وأقل من (25) راكباً من (10%) إلى (25%) والركشات من (25%) إلى (40%)، وفرض رسوم جمركية بنسبة (20%) على اللحوم والأسماك والخضروات ومُنتجات صناعة الألبان وزيادة الرسوم الجمركية للفواكه من (20%) إلى (40%).
ويأتي قرار زيادة الرسوم الجمركية من ضمن سلسلة من الزيادات الكبيرة التي فرضتها الحكومة مؤخرًا في أسعار الخدمات والرسوم لتغطية العجز الكبير في موازنة الدولة لعام 2023 بسبب المشكلات المتفاقمة التي يعانيها الاقتصاد السوداني، وفقدان الحكومة لأطر التعاون الدولي بعد تعليق البنك الدولي وصندوق النقد والولايات المتحدة والبلدان الأوروبية تدفقات بأكثر من 4 مليارات دولار بسبب انقلاب 25 أكتوبر.
(٢) رصاصة الرحمة
وتأسفت الغرفة القومية للمستوردين للزيادة الكبيرة في أسعار السلع الغذائية في النظام الجمركي، والتي تراوحت ما بين (4 إلى 40%)، والتي وصفها أمين مال الغرفة قاسم الرشيد بأنها "رصاصة الرحمة" في التجارة عمومًا وقطاع الاستيراد خاصة، نسبة لحالة الركود والاحجام عن الشراء والاستيراد، وتوقع في حديثه لـ(الجريدة) أن هذه الزيادة تؤدي لارتدادات كارثية تزيد من تعميق الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها السودان، وسوف تحدث ربكة في الأسواق ويمتنع المواطن بشكل نهائي عن السلع المستوردة. ويرى الرشيد أن هذه الزيادات ليس لها مبرر وأتت في وقت حرج مع دخول شهر رمضان العظيم، وأضاف: عادة ما يقوم المستوردين في هذه الوقت يفتحوا باب الطلبات على حجم المواد المستوردة وفق الاحتياجات الرمضانية، وبهذا القرار يكون قد شل حركة السوق تمامًا. وأبلغ عضو الغرفة الرشيد أن عدد من المستوردين خارج سوق العمل بسبب الزيادات السابقة التي تمت وبعد هذا العشرات منهم سوف يقفون عن أعمالهم. ويذكر أن في العام المنصرم 2022 واجه قطاع الاستيراد جملة من التحديات بسبب القوانين الصارمة التي تحجم عملية الاستيراد سواء من وزارة المالية والتجارة أو البنك المركزي، والتي تراجعت حركة الاستيراد بنسبة 80%..
(٣) إكتمال الأركان
وفي الاثناء، يرى الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي، تمثل زيادة الرسوم الجمركية التي أقرت أمس الأول واحدة من زيادات عديدة فرضتها الحكومة على أسعار الخدمات والرسوم، لتغطية العجز الكبير في ميزانية الدولة بسبب المشكلات المتفاقمة التي يعانيها الاقتصاد السوداني منذ سنوات، ومضى في حديثه لـ(الجريدة) إن السبب الرئيسي لما نحن فيه الآن من مشكلة اقتصادية هو تدني حجم الصادرات لمستوى أقل من حجم الواردات، وحتي ان نقصت هذه الواردات بسبب أو بآخر، وعزا فتحي أيضًا أن السبب الرئيس في تدني الصادرات للسياسة المالية المتمثلة في زيادة الرسوم والضرائب والجمارك، مما رفع من تكلفة الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، والزيادة الكبيرة في تكلفة الترحيل وجبايات الطرق مما أخرج كثير من المنتجين من دائرة الانتاج، واعتبر أن ذلك أدى إلى شح في الكميات المعروضة من الدولار (انخفاض العرض منه) لدرجة أنه اصبح لا يلبي الطلب القائم عليه وإن قلّ، لذلك نجد أن الجنيه السوداني حالة انخفاض دائم وسوف يتواصل هذا الانخفاض. وشدّد الخبير الاقتصادي، ما لم يستطع البنك المركزي الحصول على قرض أو وديعة دولارية (وهذا غير ممكن في الوقت الحاضر بعد إجراءات 25 أكتوبر ) أو مبيعات ذهب تمكنه من التدخل وزيادة عرض الدولار في السوق. وأكد لن تؤدي خطوة الحكومة في رفع الرسوم الجمركية لتحقيق إيرادات مرتفعة بل ستظل الإيرادات ضعيفة لتراجع حجم الطلب على الاستيراد، وستقل الكميات المستوردة ويضعف العائد من الجمارك ولن تتمكن الدولة من تغطية العجز في الميزانية ومواجهة الصرف لتسيير دولاب الدولة، في ظل توقف المساعدات الدولية وتوقف حركة الإنتاج والصادرات. منوهً إلى أن المشكلة الاقتصادية الحالية بحاجة إلى الاهتمام بالاقتصاد الحقيقي القائم على الاستثمار والتشغيل والتصدير للخارج مع تقليل الواردات وإحلالها بمواد مصنعة محلياً. وتابع حديثه: الاقتصاد السوداني غير مرن ولا يملك جهازا إنتاجيًا والزراعة والصناعة، وتفتقر سياسة التجارة للضوابط الحمائية للمنتج المحلي، إضافة لانتشار الفساد المالي والإداري في دوائر القطاع العام؛ مما زاد حجم البطالة، وبهذا اكتملت جميع أركان التضخم الركودي في السودان.
(٤) طريقة تقليدية
وبلهجة حادة انتقد عضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير عادل خلف الله زيادة رسوم الاستيراد للسلع، موضحًا في حديثه لـ(الجريدة) إن الإقدام مجددًا على الزيادات عدم استيعاب ما يجابهه من عواقب وخيمة على إثر هذا القرار، منوهًا مع تدهور قيمة الجنيه السوداني وسعر الصرف أصبحت المنشآت الصناعية الحالية تعمل بطاقة لا تتجاوز الـ20% مع خروج 85% منها عن العمل. وحمل خلف الله حكومة انقلاب 25 أكتوبر مسؤولية تفاقم الأوضاع الاقتصادية واعتمادهم على الإيرادات من الجمارك والضرائب التي تنتزع جبرًا من جيب المواطنين. وتابع قائلًا: وزارة المالية الانقلابية لا زالت تفكر بطريقة تقليدية لسد عجز موازنتها بارتفاع الفئات الضريبية والنتيجة إتجاه غير صحيح، خاصة إن هذا الارتفاع يرتبط بالنمو الاقتصادي، والاقتصادي الوطني يعاني من انكماش اقتصادي. وأردف: هنالك مفارقات كبيرة تحدث عند زيادة الرسوم الجمركية لا تظهر على النفقات الحيوية، لتكون لاشباع النخب الانقلابية. وزاد: فرص الحلول موجودة لا تعد ولا تحصى، لكن لا توجد إرادة سياسية واجتماعية لاتخاذ القرار.
الجريدة

 

آراء