عودة إلي بخت الرضا الجريحة

 


 

 

عودة إلي بخت الرضا الجريحة ولا ندري هل يوم ٢٠٢٣/٣/١٥ هو احياء لذكراها ام حفل تأبين لها بعد أن ماتت وشبعت موتا ؟!

حال المدارس اليوم لايسر صديقا ولاعدوا لأن العملية التعليمية فقدت الخطط والبرامج والكوادر التي تفهم في هذا الشأن الخطير الذي به يكون للأمة هوية وعنوان وقوة وعنفوان ومقبولية بين أمم الأرض وتنمية وعمران وحياة رغدة وأمن وأمان وتكنولوجيا وتراث وفكر وأساس ووطن جميل للديمقراطية فيه يانعة مثل زهرة اللوتس والحرية متدفقة مثل نهر النيل والعدالة منثورة مثل حبات اللؤلؤ ينعم بها الشعب دون استثناء !!..
أصبح التعليم في بلادنا الحبيبة يتيم بعد أن فقد اليد الحانية يد بخت الرضا أم المعاهد التي كانت ترعي المعلمين في صباهم التدريسي الباكر وتتعدهم بالرعاية والانبات وتصقلهم وتشذبهم وتهذبهم ومن ثم ترسلهم الي المدارس وهم في قمة النضج ويسيرون بقوة دفعها عبر السنين وكل فترة وحين يكون عطاؤهم قد زاد وخبرتهم في صعود وتجربتهم تنير لهم الطريق والطلاب في ازدهار يضعون الوطن في حدقات العيون يفكرون فقط في رفعته وليس بينهم خائن أو مغامر مجنون !!..
بخت الرضا قامت في ارض قاحلة يشنف باعوضها الليالي يالالحان الجنائزية التي تجعل النوم يهرب من العيون المسهدة والملاريا سيدة الموقف وهذا العناء والتعب لم يفت في عضد الدارسين بل كان لهم قفاز تحدي حملهم الي أقاصي البلاد ومناطق الشدة والمهمشين يحملون مشاعل المعرفة والثقافة والفكر الرصين ووقتها كانت الأمة كلها علي قلب رجل واحد والحكومة توزع بالعدل والقسطاس المدارس والمدرسين ولا كبير علي النقل الي شتي البقاع وكثيرون عملوا بغربنا الحبيب وهم من الشمال أو الوسط وذهب البعض الي الجنوب في ظروف صعبة ولم تكن الأنانية قد تفشت وسط أهل العلم الذين دار بهم الزمان دورته ورأينا منهم من أسس المدارس الخاصة علي احدث طراز ورويدا رويدا صار الدخول لهذه المدارس مثل الدخول لكمبردج واكسفورد وهارفارد بل صارت هنالك مغالاة في الرسوم تفوق المغالاة في المهور !!..
وبدأ الشرخ المجتمعي يطل بوجهه الكالح والحكومة نفضت يدها عن الصرف علي مدارسها وتركتها لما يسمي بالمجالس التربوية التي تحولت إلي جباة يرهقون الآباء المساكين بطلبات مالية مستمرة لزوم شراء الكهرباء والطباشير والمكانس واحيانا حافز للمدرسين وهذه المدارس تراجعت أمام المدارس الخاصة وصارت باهتة ونسيا منسيا ومن دخلها كان مضطراً بسبب سوء الحال ورقته والفقر المدقع!!..
بخت الرضا غابت بل تم تغييبها عمدا مع سبق الاصرار والترصد وبهذا الغياب لم يعد هنالك منهج يوضع في اناة ويجرب في كثير من الصبر ويخرج للعلن منقحا صالحا للقيادة والإرشاد وتوعية الطلاب وأخذهم لبر الامان وحب الاوطان!!..
واليوم تعددت المدارس مابين حكومي وخاص ومدارس إنجليزية واكاديميات ومعاهد وكلها تحكي انتفاخا صولة الأسد وفي داخلها يعم الخواء ولم لا وقد باتت المدارس الخاصة بمختلف مسمياتها عبارة عن مخازن تجارية كبري همها التربح وحصد العملات الصعبة والطلاب ومعهم الآباء يعيشون في وهم كبير واكبر دليل علي أن التعليم قد ( دق الدلجة ) وصار كربطة جرجير في ( الملجة) أن فلذات أكبادنا من الروضة الي الدراسات العليا صاروا في لغتهم الأم ناطقين بغيرها وفي اللغة الإنجليزية فحدث ولا حرج وقد تدهورت الرياضيات والعلوم والفنون والآداب وحتي الرياضة عم سوقها الكساد واتشحت بالسواد وصرنا ملطشة في كرة القدم وغيرها من الألعاب لحق به العدم !!..
أن احتفال بخت الرضا المزمع قيامه يوم ٢٠٢٣/٣/١٥ يصلح أن يكون إعلانا لانتقال هذا الصرح الشامخ لمثواه الاخير ولا يجوز عليه إلا الرحمة والغفران وان يرقد في راحة وطمأنينة مع ذكريات خلت عم فيها نوره اركان البلاد ودول الجوار وتخرج فيه كفاءات كانوا البسمة والشمعة أعطوا ومابخلوا وسددوا ضريبة الوطن بالتضحية ونكران الذات !!..
التحية والتقدير والاحترام لكل من تتلمذ أو كان مدرسا ببخت الرضا فقد أدوا الأمانة بكامل وجهها وجعلوا من بلادهم منارة للعلم في افريقيا والعالم العربي !!..

حمدالنيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم.

ghamedalneil@gmail.com

 

آراء