السودان: التحقيق مع موظفين روس بتهمة تهريب الذهب.. صراع دولي بأدوات داخلية

 


 

 

العربي الجديد
يخضع العشرات من المواطنين الروس الذين يعملون في شركة تعدين في السودان للتحقيق من قبل السلطات السودانية للاشتباه في تهريبهم للذهب، في انتكاسة محتملة لطموحات موسكو في أفريقيا. وذلك حسب ما ذكر موقع "مايننغ. كوم" العالمي، المتخصص في رصد أخبار التعدين والمناجم.

وتحدث الموقع في تقرير مساء الإثنين عن اعتقال واحد واستدعاء العديد من الموظفين الروس، قبل وبعد جولة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأفريقية في فبراير/ شباط، التي سعت إلى تعزيز العلاقات مع الدول الصديقة لروسيا في القارة.

وبحسب مصادر الموقع، التي رفضت الكشف عن هويتها، فإن تحركات السلطات السودانية ضد الروس، تهدف جزئيًا إلى استرضاء القوى الغربية القلقة من تزايد نفوذ روسيا في القارة السمراء.

في هذا الصدد، أكد رياض الفاتح، المدير العام لشركة الصولج المحدودة للتعدين، ومقرها السودان، أن 36 روسيًا كانوا من بين 58 موظفًا تم استجوابهم بشأن اتهامات بالتهريب وتقويض الاقتصاد السوداني قبل إطلاق سراحهم. ولم يرد مسؤولون من الجيش الحاكم وهيئة التعدين الحكومية والقضاء على طلبات للتعليق ولا حتى السفارة الروسية في البلاد.

ويوضح الفاتح أن المدعي العام السوداني استدعى موظفين روساً وسودانيين في الفترة ما بين 14 يناير/ كانون الثاني و 14 فبراير/ شباط الماضي للتحقيق في اتهامات بتهريب الذهب خارج السودان.

ويضيف أن منشأة معالجة الذهب خارج عطبرة أغلقت في 7 فبراير/ شباط، وليس من الواضح ما إذا كان المدعون سيواصلون القضية. قائلاً: "حتى لو قام شخص ما في الشركة بتهريب بعض الذهب؛ فإن هذا لا يعني أن كل الشركة تقوم بشيء غير قانوني".

وكان مدير أمن شركة الصولج قد اعتقل في 14 يناير/ كانون الثاني، واتُهم بحمل 5 كيلوغرامات من الذهب بصورة غير مشروعة، بحسب المحامية هويدا مرسال، المستشارة القانونية للشركة.

وتدعي مرسال أن الذهب المضبوط تم شراؤه من سوق عطبرة ولم يتم تهريبه من المصنع. مضيفة أنه تم تقديم استئناف.

وبرز السودان بعد إطاحة نظام عمر البشير وسط احتجاجات حاشدة في عام 2019، كخط أمامي في الصراع على النفوذ في أفريقيا بين الغرب وروسيا. وتحاول الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهما إقناع الجيش السوداني بالعودة إلى تقاسم السلطة مع المدنيين واعدة بعودة المساعدات المالية المهمة للبلاد الواقعة على امتداد البحر الأحمر، الذي يمثل نقطة مهمة للشحن البحري العالمي.

وقال الفاتح إن "الصولج" اشترت في عام 2021 منشأة لمعالجة مخلفات الذهب مملوكة لشركة "ميرو غولد" مقابل 1.8 مليون دولار. ولكن تم فرض عقوبات على الشركة المسجلة في السودان في العام السابق من قبل وزارة الخزانة الأميركية لعلاقاتها المزعومة مع مجموعة فاغنر، الأمر الذي حاول الفاتح نفيه.

ويرى محللون في الموقع أن حملة التحقيق مع الروس قد تمثل أيضًا استعراضًا للقوة من قبل القائد العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان ضد نائبه محمد حمدان دقلو، الذي أقام علاقات وثيقة مع روسيا، ويعتقد كثيرون أن لديه طموحات رئاسية، إذ تعود التوترات إلى عدة سنوات بين البرهان ودقلو، الذي يسيطر على مليشيا "قوات الدعم السريع"، والتي يعود ظهورها إلى الصراع الدموي في دارفور في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

ويرى المحللون أن علاقات دقلو بموسكو التي زارها قبيل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية باتت نقطة خلاف جوهرية مع الدول الغربية، في أعقاب غزو موسكو لأوكرانيا. وتضغط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى على السودان لدمج قوات الدعم السريع التابعة لدقلو في الجيش النظامي، الأمر الذي من شأنه أن يحد من سلطاته.

وصدّر السودان نحو 27 طناً من الذهب بقيمة 1.6 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي 2022، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن البنك المركزي. وقالت الحكومة في وقت سابق إن ما يصل إلى 80% من إنتاج السودان من المرجح تهريبه عبر حدودها.

 

آراء