سرقة الأحذية – تعقيب على مقال الأستاذ الموقر حمد النيل القرشي على سودانايل

 


 

 

شكرا للاستاذ الموقر حمد النيل القرشي على تسليطه الضوء على هذه الظاهرة القبيحة وغير حضارية بل غير إنسانية. ربما يحاول البعض إيجاد التبريرات بأن الحاجة وضيق ذات اليد هي التي تدفع بعض الناس الي اتباع هذا السلوك الذي هو بدون شك غير سليم بل جداً مشين ويسبب مشكلة للمظلوم المعتدي عليه "صاحب الحداء ". الحذاء مهم لصاحبه وإن قل شأنه وفي فقدانه ضرر كبير ، كيف يتحمل الإنسان قطع مسافة الوصول الي سيارته ورمضاء تراب السودان تشوي الجلود، وهكذا يتضاعف الضرر إن كان المصلي قد جاء من منزله للجامع راجلاً. فى نظري الذي يسرق قليله سيسرق كثيره إن وجد فرصة لذلك

سرقة الأحذية من عند مداخل بيوت الله ظاهرة متجذرة فى السودان وحتى خارجه فى بلاد كثيرة إسلامية وعربية وهلم جراً منذ عهود قديمة . القصص كثيرة في هذا المجال وبهذه المناسبة أذكر أنني شخصياً قد تضررت خلال ثمانينيات القرن الماضي من تجربة مماثلة أثناء عملي فى راس الخيمة بالإمارات العربية المتحدة في إحدي ليالي رمضان المبارك. كان معي زائراً وقتئذ شقيقي الشيخ مجذوب "رحمة الله عليه " . كنا فى طريقنا الي دبي في مجرد رحلة للتغيير خلال سهرة رمضانية بأسواق دبي العامرة .ونحن خارجين من الإمارة وقع علينا أذان العشاء عند آخر دوار وهو دوار مدخل راس الخيمة قرب قصر الشيخ خالد بن صقر القاسمي(كان هو ولي العهد) فقال لي شيخ مجذوب رحمة الله عليه دعنا نتبرك بالصلاة مع الأمير. لم أخالفه رغم عدم رغبتي فى دخول جامع قصر الشيخ لأسباب لم أفصح له بها . كنت لأول مرة انتعل صندلاً جديداً مصنوعاً من جلد فاخر مكتمل التصميم والجودة من فوق وتحت ومختوم على الجلد بالحفر " مصنوع في المكسيك". كانت عبارة عن تحفة فنية. جاء الشيخ بصحبة حرسه المدجج بالسلاح وكان يوجد نفر قليل من عمال جالية الباتان الذين غادروا بسرعة عقب انتهاء صلاة العشاء. وعندما خرجنا لم أجد الصندل! فقط وجدنا حذاء شيخ مجذوب وشبشب قديم بائس الحال قد تركه صاحبه بجانب حذاء شقيقي. بالطبع أصابتني دهشة وخيبة أمل ، فصار شيخ مجذوب يهديء من إنفعالي وقال لي مبروك عليك أنت الليلة الغانم وسيعوضك الله أفضل منه لأنك قد أفرحت عاملا فقيراً ولو مرة فى عمره. قلت له لماذا لم يسرق حذاء الشيخ أو أحد حراسه؟؟

أما مشوار دبي طبعا قد اتلغى وعلى الفور عدنا أدراجنا "بخفي حنين" الي عمارة بن لادن حيث كنا نسكن بحي النخيل. عدنا وأنا اسوق سيارتي حافي القدمين فصرت بعدها أضحك وقلت لشقيقي والله اليوم كأنني مثل بعض من مراجعيننا البدو الكان يجونا فى المستشفى شعث غبر سكان الجبال ، وعندما نسأل أحدهم من اين اتيت يقول "من اليبل" وهذا يعني من الجبل. كانوا حفاة الأقدام مشمرين ومتحزمين بحزام الجلد الذي عليه يثبتون خناجرهم وملاقط الشوك التي هي من أهم أدوات الاسعاف الأولي فى حالة طعن أقدامهم بشوك السلم الحاد.
رحم الله ولي العهد آنذاك لإمارة راس الخيمة الشيخ خالد بن صقر القاسمي ورحم الله شقيقي شيخ مجذوب ورحم الله ذلك السارق الباتاني الذي أعجبه نعالي المكسيكي الصنع فاستأثر به لنفسه وقد عفوت عنه في نهاية تلك الليلة، والحمد لله ربنا قد عوضني بفضله عنه ما لا يخطر على قلب بشر.
تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام والدعاء

ختاماً: تعليق منقول:
"هي بقت على حرامي احذية المصلين
للأسف بلدنا ولاة الامر فيها لصوص وحرامية وفاسدون ينهبون ثروات البلد وخيراتها وقوت أهلها بلا وازع من ضمير او خوف من حساب يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم
سارق الأحذية كالجايع الذي يسرق لقوت عياله حسب علمي لا يقام عليه الحد وإنما المفروض يقام على ولي الأمر فهو السارق الأول والآخر
الله المستعان"

drabdelmoneim@gmail.com

 

آراء