ما بين بيان احمد هارون وبيان الجيش

خرج أحمد هارون ، الهارب طريد العدالة الدولية ، والمتهم بالابادة الجماعية في دارفور من مخبئه بعد هروبه من سجن كوبر ، ليخاطب الجيش والناس بأن حزبه المندحر يقف خلف الجيش في معركة أسرة " دقلو " ، ولو كان هناك عمل سيئ يمكن أن يقدم للجيش في هذا التوقيت الحرج لما كان هناك أسوأ من هذا البيان . ومن هذا الشخص بالذات .
فالكيزان متهمون الآن بأنهم هم الذين أشعلوا الفتنة بين الجيش والدعم السريع ، بل هناك من يقول أن هذه الحرب يخوضها الكيزان تحت ستار الجيش و باسمه ، والجيش وقياداته في أغلبها لم تكن تعلم بها أصلا وإلا ما وقع كبار ضباطه في الأسر المهين .
فيأتي هذا المجرم الهارب من العدالة الدولية ليزكي الشك ويجعله كاليقين بأن من وراء هذه الحرب هم الكيزان اللئام ، وأن المرحلة التي هم فيها الآن مرحلة اخراج قياداتهم من السجن قسرا ، ثم يليه ما يليه من القفز على الكرسي الذي ظل حلمهم وامنيتهم ان يرجعوا إليه .
ولم يكذب الدعم السريع خبرا ، فقد جاءه التبرير الكافي لما ظل يردده من أن من يحاربهم هم كتائب الظل و مجاهدي الإخوان المتأسلمين .
وفي وقت لاحق أعلن الجيش براءته من هذا البيان ، وأعلن ان لا علاقة للجيش بمحتواه .
ما بين بيان المجرم احمد هارون و بيان الجيش تقوم ثلاثة احتمالات لا رابع لها :
أولها : أن يكون كلام احمد هارون دلالة على اتهام الدعم السريع من أن الكيزان هم وراء كل هذه الفتنة .
وثانيها : أن يكون البيان كما وصفه الجيش ، وأن لا علاقة للجيش بالمتأسلمين .
وثالثهما : أن تكون هناك فعلا علاقة للكيزان بكل ما جري ويجري الآن ، ولكن قيادة الجيش لا تعلم بمدى ضلوع المتأسلمين في هذه الفتنة ، وأنهم انساقوا إلها بمآمرة من زملائهم في الجيش كأمثال شمس الذين الكباشي .
الواقع الذي يرجح الاحتمال الثالث بقوة ، وأن ليس كل الجيش منخرط في تلك المؤامرة ، بل قسم كبير منهم تفاجأ باندلاع القتال وأن كثيرا من كبار الضباط حضر لمكان عمله ووجد جنود الدعم السريع في انتظاره ليأسروه .
عناصر الاخوان المتاسلمين المزروعة داخل الجيش والامن هي التي قادت الجيش باكمله لخوض حرب خطط لها كيزان السوء ، ولوحوا بها مرارا وكانت اجتماعاتهم تعقد علنا في رمضان .
هذه الحرب فعلا مفروضة على الجيش – مع علاته - وعلى الشعب ولكن لم يفرضها حميدتي ولم يفرضها الواقع المتأزم بين حميدتي والبرهان . ولكن فرضته جماعة الكيزان اللئام .
لقد ظن الكيزان ان معركتهم لاستعادة السلطة تبدأ بضرب أكبر مهدد لهم وعنده السلاح مثلهم تماما وهو حميدتي وقواته .
وكان ظنهم انها معركة يخوضونها باسم الجيش ودون علمه تماما كما فعلوا ليلة الثلاثين من يونيو ، والكل يعلم أن الانقلاب الانقاذي لم ينفذه ضباط الجيش ولا جنوده ولكن منسوبي الكيزان بلباس عسكري وحتى العربات لم تكن للجيش بل كانت مموهة بطلاء الجيش – بشهادة عرابهم الهالك دز الترابي - ، وظنوا أن الأمر نزهة كما كانت في الثلاثين من يونيو .
في هذه المرة وفي الضربة المضادة لهجومهم كال لهم الدعم السريع الصاع صاعين والحرب التي ظنوا انها ستنتهي في يوم او يومين دخلت اسبوعها الثاني دون ان يحققوا النصر الذي يتمنونه .
لعل من فوائد هذا البيان لاحمد هارون – إن كانت له فائدة - انه كشف المندسين من نشطاء الكيزان داخل الجيش مثيري الفتنة ومشعلي النار .
لا نقول ذلك ونشمت فيهم ولكنهم يتمتعون بقدر من البلادة والغفلة لا مثل لهما ، فقد انكشف المستور وبانت عورتهم حتى للمجرم الآخر القابع في جحره وترك لهم قيادة معركة خاسرة
البرهان الذي هو اعجز من اتخاذ قرار بمواجهة الدعم السريع شأنه شأن من وجد نفسه في لجة البحر فإما يسبح أو يموت .
الموقف إلى الآن غير واضح ، ولا يمكن ان يدعي فريق انه انتصر ، حرب اعلامية بعد أن انهكهم القتال ، وأصبح كل فريق ينبح في جحره .
ونقول لهما : ثم ماذا بعد كل هذا الدمار وهذا القتل ؟
هل ستجلسون للحوار ؟ وبأي وجه ستقابلون هذا الشعب بعد أن ذاق على يديكم الويلات .
وكيف سيثق بكما ، فكلاكما ملطخ اليدين بدماء الشرفاء ، وكلاكما شريك أصيل في كل هذا الدمار .
لا رجعة للخلف ، لابد أن يقضي احدكما على الآخر ، والمنتصر سيكون مصيره أسوأ من الخاسر ، فحسابه سيكون عسيرا أمام الشعب .
هذه مؤامرة كيزانية بامتياز ، تورط فيها الجيش في أغلبيته دون قرار من قيادته العليا ، وعندما يقول البرهان أن هناك هجوم مفاجئ من الدعم السريع ، لم يكن يعلم أن من يجلس معه هو الذي أرسل كتائبه لضرب معسكرات الدعم السريع دون علمه ودون علم الكقير من ضباطه ، وقرار ضرب الدعم السريع اتخذ بعيدا عنه ، وأول من يسأل عنه هو شمس الدين الكباشي الجالس قرب البرهان ويدعي أنه فوجئ بهجوم الدعم السريع .
لقد كشف المجرم الهارب احمد هارون بغباء لا يحسد عليه حجم المؤامرة ضد البلد وضد كبار ضباط الجيش لذا سارعت تلك القيادة بالتبرء من بيانه ، في محاولة للم الأمر .
لقد كشف بيان احمد هارون ظهر الجيش ، ولو انتصر وهذا متوقع فإن للأمر ما بعده ، سيكون هناك فريقان في الجيش ، فريق يدعم ما حدث ويحاول تبريره ، وفريق منكر لتهميشه واتخاذ قرارات مصيرية دون علمه . وسنشهد هذا الصراع قريبا جدا ، حتى ولو تم الاتفاق بين الدعم السريع والجيش .
لا نقول ذلك من باب نصرة الجاهل حميدتي ، صحيح انه انساق لحرب مفروضة عليه ، لكنه اساسا خطأ في تكوينه وفي وجوده ، وأنه بجهله وفي غفلة من الزمن وترهل في الرجولة تمدد و أصبح شوكة أو من طعنت طعنت في حلق سيدها وراعيها ، ولا خير فيه لعهد جديد في البلد .
الطامعون في حميدتي ان ياتي لهم بالديمقراطية واهمون تماما ، فالرجل لا يملك اي مؤهل لقيادة البلد في اي مرحلة من المراحل . ولو انتصر غدا فلن يسلمها للمدنيين الحالمين بالمدنية .
على جموع الشعب ان تقف وقفة واحدة ، ضد الحرب و تدويلها ، كموقف ثابت وان يحل الدعم السريع باسرع ما يمكن و ان يترجل ضباط اللجنة الامنية من الجيش ويعاد للجيش قوميته بعودة من فصلتهم الانقاذ اللعينة .

zahidzaidd@hotmail.com
//////////////////////////