في الذهان النفسي لثلاثي الغدر أو (دقلوقراطية البلابسة) .. إرغام على التسليم بحزم الأسئلة
منعم عمر
16 June, 2023
16 June, 2023
(دقلوقراطية البلابسة)
(2)
منعم عمر
16 يونيو 2023 ___
أصدقاء المقال -كمراجع وحق أدبي ومقتطفات وليس بالضرورة اتفاق رؤى- عمرو صالح يس/ د. الواثق كمير/ د. محمد جلال/ رشا عوض/ د. بكري الجاك/ د. عبد الله علي إبراهيم/ فيصل محمّد صالح/ حمّور زيادة/ عزّت الماهري وربّما آخرين لهم التحية والتقدير
____________________
إنّ معظم قيادات مليشيا (الجنجويد)، عسكريين وسياسيين هم كيزان ويكذبون، فإذا كانوا يُريدون محاربة (الكيزان) - الأصل - فقد كانوا في متناول أيديهم، بسجن كوبر، فلماذا يبحثون عنهم في المستشفيات، وبيوت المواطنين؟، وما هذه المسرحيات الباعثة للغثيان، التي يتناوب بطولتها واخراجها كومبارس كأنس عمر والجزولي، وكأنهم أتوا بالمعجزات والمشاهد الخارقة حين يقولون: "أن (البرهان) قد تآمر معهم لإفشال الحكومة الأولى والثانية والثالثة"! وكيف تسقط المواقع العسكرية الاستراتيجية، حتى ولو بانقلاب من داخلها من دون أي مقاومة؟!! وأيّ معارك هذي التي تُخاض بتلك الطريقة الغريبة سيئة الحبكة، والحرب دخلت شهرها الثالث؟! لن يُصدّق أحد لا بداخل هذي البلاد ولا خارجها أنّ هذه طريقة أو خطّة جيش به ضبّاط تخرجوا في كلية القادة والأركان، وجابوا آسيا وافريقيا واوروبا وأميركتي العالم! ثم ما هذا الغثاء في الإعلام الباهت، الماسخ، الهزيل، المرتبك، -بما فيه الخبراء العسكريين الذين لم يبارحوا محطة طائرات (الجيش) وسهولة حركة (الجنجويد)- ، وهل بهذا الخطاب يتم استدعاء وحدات (الجيش) للحرب؟! لكن.. ربّما تخف درجة الاستغراب، عند استحضار السُعار الإعلامي الإقليمي الاستخباراتي تجاه هذه الحرب، وهو يغذّي الفراغ، ولا يقول شيئاً، فهل منكم من رأى مراسلاً يقف عند أحد طرفي جسر الحلفايا، ليحدثنا بسترة واقية وخوذة – ولو في أيام ذكري اغتيال شيرين أبوعاقلة – عن في قبضة من هو هذا الجسر (الجيشويدي) ؟!!
جميع مواقع "الدعم السريع" معلومة لدى (الجيش) بإحداثياتها.. وضبّاط (الجيش) هم قيادات (الدعم السريع) العسكرية، فهل الأمر -أيّها العاقل- أكثر من إرغام على التسليم؟! "أولا يبعث هذا التساؤل، على تساؤلاتٍ أُخر مصحوبة بحيرة عند المواطن الذي بالكاد يرى (الجيش) في الشارع: "ما هذا العبث بمصائر الناس؟!"؛ أو لماذا ترك (الجيش) المواطنين في مواجهة (الدعم السريع)؟ وما الرسالة؟! وهو يعلم أن (الدعم السريع) قد روّع، انتهك، سرق، قتل واغتصب وأخرج الناس من بيوتهم من غير حق وحولها لثكنات عسكرية، وعوّق حتى حركتهم بعد تهجيرهم بتفتيشهم عند (إرتكازاتٍ) حوّلت المدينة بالكامل إلى مدينة عمليات عسكرية للجنجويد! الواضح أنه ليس هناك استعداد لمواجهة مسلّحة، بل لم تُستدع كل وحدات (الجيش) للقتال، أصلاً.. فماذا يعني ذلك؟! وما معنى إحكام قوات (الدعم السريع) السيطرة على مواقع حيوية، واعتقالها لقيادات بارزة في (الجيش)؟! وبالرجوع قليلاً إلى أبريل 2019 -ريثما تزول الغرابة-هل انتشار (الجنجويد) الاستراتيجي حول الخرطوم وداخلها واستيلائه على دور المؤتمر الوطني، وبعض مقار جهاز الأمن، تمّ بدون مباركة (البرهان)!! تُرى أهي نهاية السيناريو الآن واللحظة الفارقة في تاريخ الدولة السودانية -كما يقولون-؟! فليكن.. إذاً ما هو واجب (الجيش) الصوري والحقيقي؟!
هذه الحِزَم من الأسئلة، تأبّطها المواطن، لفتراتٍ طويلةٍ، وصبر وصابر في انتقالٍ علقم؛ وها هو اليوم يجترّها مع حزم ٍ أخرى من شاكلة: "هل كان جهاز الأمن يُعِدّ ويُعَدّ لمثل هذا اليوم؟!"، "فهل تمّ إذاً تأسيس وتقنين (قوات الدعم السريع) لتكون هي جيش (الكيزان) الكامل؟!"، وهل كان على كيزان (الجيش) تسليم الطيران الحربي والتدوين المدفعي تسليم مفتاح لـــــــ(حميدتي)؟ لم لا .. وهو بدوره يُخرج عشرات الآلاف من مشاة "الدعم السريع" منذ العام 2013. لكن السؤال الأبرز لماذا غاب الدعم الشعبي لهذه الحرب؟ كما تسآءل فيصل محمد صالح بمجموعة أسئلة متفرعة قائلاً: "لماذا لا تجد الحرب الحالية الدعم الشعبي الكاسح المتوقع في هذه الحالات؟ وكيف تساوي القوى السياسية الرافضّة للحرب بين الطرفين، بينما تدور الحرب بين القوات المسلحة الوطنية وميليشيا متمردة؟))، وخلُص لإجابةٍ واحدة – والتصرّف والاختزال منّا – وهي: (( (العسكر) للثكنات و(الجنجويد) ينحل))، هذا هو الدعم الشعبي للسلام، وهو موقف مستنير متّسق مع الضمير الوطني والحسّ الشعبي السليم. هذا الشعب -الآن- يعلم وأكثر يقيناً من أي وقت مضى بأنّ انحرافات المؤسسة العسكرية، وكوزنتها وجنجويديتها أو دقلويتها تتمثّل في وقوف القيادات العسكرية ضدّ مسار الانتقال السياسي المدني، وأنّ الجهة الوحيدة التي شرّعت لقانونية وجود (الدعم السريع)، ودافعت عنها ورفضت أن تناقش أي دعوة لحلّها أو دمجها في القوات المسلحة، هي (المجلس العسكري)، بالإضافة إلى (الكيزان) الذين صنعوها وقنّنوا وجودها؛ وألغوا ما كان يُلزمها باتباع قانون القوات المسلحة.
هذا المجلس العسكري (الجيشويدي) الذي هو اللجنة الأمنية للبشير، بتآمره مع هؤلاء (الجنجويد) ومن خلفهم (الكيزان) يمنةً ويسارا، هو المؤتمر الوطني، بشحمه ولحمه وبذات دمه البارد في ارتكاب الجرائم، وهو ذات الإنقاذ التي أتت بالزبالة، لثلاثة عقود، قبيحة ومنتنة.فقام جنرال الخلاء والرفيق الفسل بانقلاب 25 أكتوبر، وألغيا وثيقة الانتقال، وأخضعا البلاد لحكم عسكري يريدونه دائماً، ونال (حميدتي) - عطاءً لا يستحقه إلا ممن لا يملكه - ثلث أسهم منظومة الصناعات الدفاعية. وقاما مع الشيطان الأكبر بإخراج هذه المسرحية الدراكولية الدموية الهزيلة وأضرما حرباً بأنهما اختلفا حول النفوذ السياسي والموقف من (الكيزان)، فقال (البرهان) أنا سأذهب "للبدروم" حبيساً وأنت تُخرج من في السجن طليقاً إلى تركيا و غيرها، ولا تبتئس حين يصوّرون الأمر على أنّ (الجنجويد) هم ابن (الكيزان) الضالّ، فيمكن أن تُنفّس عن ذلك وتشتمني كما تشاء، فنحن نعلم أنّك ابنهم البارّ، و نعلم أن الشعب سينسى (الجيشويد) المختّصين في سفك دمه، ونهب ثرواته وقمعه ومصادرة حريته، فقد نسى تدريب وتسليح (الجيش) للجنجويد، ونسى المجازر في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وقبلها في الجنوب، ونسى مجزرة فضّ الاعتصام ونسى الانقلاب على الثورة، ونسى تقاسم الذهب والثروات القومية وتهريبها، وسينخرط في أيّنا أجدر بالتأييد الشعبي!
إن لم يكن ابتعاث مليشيا لصراع دولي، ومنحها مناطق تعدين، والتعامي عن إدخال عصابات المافيا البلاد، وجرائم القتل والاغتصاب التي ترتكبها، واستباحة القصر الجمهوري، انتهاكاً للسيادة وتهديداً للأمن القومي وتفكيكاً للدولة، فماذا يكون؟!! كل هذا، ويريدون منك -أيّها العاقل- أن تُكيّف المواجهة بين (الجيش) و(الجنجويد) وتؤيّد أحدهما!! فهل هي -أيّها العاقل- سوى علاقة عميل خائن مرتزق مصنوع مع عميل خائن صانع، منشئ ومؤسس؟! فإن كانت هذه المواجهة حقيقية فمتى تكون غير ذلك؟! هل ظهر النمر حقيقة لمحمود الكذّاب؟! إذا الإجابة بلا، فمتى سيظهر؟! هوّن عليك -أيها العاقل- فكل ما يحدث هو اجتماع الذئاب والكذّابين؛ (كيزان) و(جيشويد)!
والآن، يريدونك أيها -العاقل- أن تُشرعن لهم حربهم، وتتولى أيها الجائع الفقير الذليل المشرّد مسؤولية حربهم التي أشعلوها مختبئين وراء (الجيش)، وهم في الأصل وراء (الجنجويد)، وهذه الحرب مسرحية لصراع سلطة عارٍ بين (الكيزان) و (الدعم السريع)، فعندما يفشل (الجيش) في حسمها خلال ساعات كما زعموا وصوّروا للناس -لا كما يريدون- يقرّر (الكيزان) المرابطة في ميدان الفيسبوك متسلّحين بفقه ادخار القوة، الدفع بالشعب إلى مذبحة جديدة وادّخار قوّتهم لقمع واذلال واستعباد من تبقى بعد أن يضع الوسطاء والمسهّلين القلم بأن الحرب قد وضعت اوزارها! هذه هي مسرحية حرب (الكيزان) مع الوطن والوطنية باستخدام (الجيشويد) وهي مسرحية تقتيل وكذب وانعدام ضمير وعبث بأرواح الناس، لجلب الديمقراطية.. إنها دقلوقراطية البلابسة.. وكفى!
يحاول (الكيزان) - قصارى جهدهم - تجريم وتخوين موقف "لا للحرب" المنحاز للسلام والرافضّ للاصطفاف خلف أي من (طرفيها -الواحد المتواطئ –) ؛ فهي مسرحية لتصوير صراع سلطة بين رأسي طرف واحد ولغ في دم الشعب السوداني عقوداً، وهذان الرأسان يلعبان داخل رحم واحد أيهما خرج فهو رأس الشيطان؛ كما يتم ابتذال كل نبل في موقف "لا للحرب" بتصويره انحيازاً للجنجويد! بل وبمنتهى الصفاقة يقوم (الكيزان) بتفتيش الضمير الوطني ليصنّفوا غير المنحاز للجيش كخائن.. وبالمقابل، يتم تجريم وشيطنة كل من يناشد وطنيي (الجيش) الاضطلاع بدورهم في حماية الناس، بتصوير موقفه كمنحاز للفلول، أو أنّه مركزي ضد الهامش، أو صفوي في أحسن الأحوال! إنّ تأييد (قوات الشعب المسلّحة) رمزاً وحلماً في مؤسسة وطنية نظامية تحمي الأرض والعرض، لا يستوجب التماهي مع خطاب (الكيزان)، كما أنّ اعتماد موقف "لا للحرب" مبدأً لحماية الحق في الحياة، لا يؤهّل للذرائعية التي إن فلتت من الخيانة تدنو من الجبن وإن نجت تقع في حقن الدماء "الحمدوكي" وإلا فلا مناص من فشل التقدير.. بيد أن البعد مسافة واحدة من الرأسين و-ليس الطرفين-، هو الموقف الأصيل الناتج عن معاناة هذا الشعب العظيم مع ثالوث العداء والعذاب (العسكر)، و(الجنجويد) وشيطانهما الأكبر (الكيزان).
(الكيزان) و(الجيشويد) هم الذين بدأوا الحرب وصاغوا خطابها ويخبرون الجميع بما يجب عليهم التفكير فيه. لم يتأسفوا على جرائمهم ولم يكفّوا عن إيذاء الناس قبل قتلهم، ولم يرد في خطابهم سوى أنّهم بلابسة، لأنّ همّهم كان اخراج خطاب (الجنجويد) ودعاية حربه الرخيصة عدّة وانساناً ومغانم! وبرغم ذلك لم يُفلحوا في إخراج هذا الخطاب، وكل يحاول قوله دون فعله أنه أدرك أن غول (الكيزان) يريد ابتلاعه، فقال أنا مع التحول الديمقراطي ، علماً بانه هو غول (الكيزان)، ولا يحترم أصلاً الشعب السوداني الديمقراطي ولا عقله، لأنه يعلم أن الشعب السوداني يعرف تماماً أنه غول الإمبراطورية المليشياوية العشائرية (الجيشويدية) سارقة مناجم الذهب والاستثمارات خارج ولاية المالية، ناسجه العلاقات الدولية والاقليمية الخؤونة خارج ولاية وزارة الخارجية! إنها دقلوقراطية البلابسة.. وكفى!
علاقة (الكيزان) بإشعال هذه الحرب إذاً، علاقة مفضّوحة -صورة وصوت- فهي حرب اشعلها (علي كرتي) و (أنس عمر) و (أحمد هارون) و (صلاح قوش) و (الكباشي) و (دقلو) و(البرهان)، يناورون بالاصطفاف خلف جيش مدفوع للحرب بأجندة (الكيزان)، في سياق مشروع لُحمته وسداه الثورة المضادة كاملة الدسم؛ وأدواته هي ذات الأدوات الصدئة التي اُستخدمت في إنتاج (الجنجويد) و (الجيشويد) وغيرهما من المليشيات! نعم كل ذلك صحيح يا رشا، وأنّ (الكيزان) الآن يمتطون ظهر (الجيش) عبر وجودهم الكبير في مفاصله ومواقعه القيادية، ويريدون استغلاله في طريق عودتهم إلى السلطة ولكن من بوّابة (الجنجويد) بحرب دنيئة في قلب الخرطوم تعوّدوا عليها في قلب دارفور، وفي قلب الانسان السوداني، ذلك الذي يترقّب نتيجة الحرب فإن فاز (الجيش) فالكيزان مباشرةً أبطال هذه الحرب، وإن فاز (الجنجويد) فالكيزان سيُديرون كامل المشهد على اعتبار أنهم لسوا بكيزان .. وفي كلٍّ شر، ونظام سياسي منحط يتخفّى خلف الجهل والبندقية.
هذه الحرب مسرحية تدميرية، يقف ورائها (الكيزان) في ثوبٍ جديدٍ قبيح، وتقف وراءها جهات دولية واقليمية وخونة في الداخل بلا شك، لتدمير السودان باسم محاربة "الفلول" و(الكيزان)، وما ميليشيا (الجنجويد) إلا أداة لها. فقالوا انهم يحاربون (الكيزان) والفلول.. بينما يحتلون البيوت والمستشفيات ويغتصبون النساء، وينهبون ويسرقون ويخرّبون الممتلكات، ويعتقلون ويهينون المتقاعدين من (الجيش) (حتى مللنا من تعداد جرائمهم).. وقالوا انهم يحاربون الفلول و(الكيزان)؛ بينما (الكيزان) أمثال حسبو عبد الرحمن نائب المخلوع وأولاده الثلاثة، وأبو القاسم بركة والخير أبو مريدات وعثمان محمد حامد -مسؤول كتائب الظل- وعلى الدخرو، ومحمد معتصم بدوي، ومحمد طاهر أدروب، قادة كبار في المؤتمر الوطني وقادة مناطق ومسؤولي استخبارات كبار في الدعم السريع. وقالوا انهم يحاربون الفلول و(الكيزان)؛ وبينهم عبد الغفار الشريف، وعوض الكريم القرشي وعبد الله مسار وطه عثمان الحسين، وهؤلاء فقط، على سبيل المثال لا الحصر، ذلك أن الواقع، يشير إلى أن معظم قيادات هذه الميليشيا الدموية من الفلول و(الكيزان).
(الجنجويد) هم من أصل كيزاني.. و(الكيزان)، هم الذين صنعوهم، وسلّطوهم على أهالي دارفور وجبال النوبة وعلى كل مناطق السودان، وعليه يتوجّب تكذيب إعلام ميليشيا (الجنجويد)، الذي يزعم أنّ الحرب الدائرة، هي مع (الكيزان) والفلول .. فإذا كان للكيزان بقيّة في السودان بعد ثورة ديسمبر المجيدة، فهم (الجنجويد)، و (الجنجويد) هم الفلول، وليس لديهم سوى الكذب و(دقلوقراطية بلابسة)!
فيا أيها المواطن السوداني المرعوب كسير الخاطر، فقط .. لا تفقد إيمانك، وعليك مواصلة الحلم النبيل نحو فجر الحرية والسلام والعدالة، فهناك الحقيقة!
aboann7@hotmail.com
(2)
منعم عمر
16 يونيو 2023 ___
أصدقاء المقال -كمراجع وحق أدبي ومقتطفات وليس بالضرورة اتفاق رؤى- عمرو صالح يس/ د. الواثق كمير/ د. محمد جلال/ رشا عوض/ د. بكري الجاك/ د. عبد الله علي إبراهيم/ فيصل محمّد صالح/ حمّور زيادة/ عزّت الماهري وربّما آخرين لهم التحية والتقدير
____________________
إنّ معظم قيادات مليشيا (الجنجويد)، عسكريين وسياسيين هم كيزان ويكذبون، فإذا كانوا يُريدون محاربة (الكيزان) - الأصل - فقد كانوا في متناول أيديهم، بسجن كوبر، فلماذا يبحثون عنهم في المستشفيات، وبيوت المواطنين؟، وما هذه المسرحيات الباعثة للغثيان، التي يتناوب بطولتها واخراجها كومبارس كأنس عمر والجزولي، وكأنهم أتوا بالمعجزات والمشاهد الخارقة حين يقولون: "أن (البرهان) قد تآمر معهم لإفشال الحكومة الأولى والثانية والثالثة"! وكيف تسقط المواقع العسكرية الاستراتيجية، حتى ولو بانقلاب من داخلها من دون أي مقاومة؟!! وأيّ معارك هذي التي تُخاض بتلك الطريقة الغريبة سيئة الحبكة، والحرب دخلت شهرها الثالث؟! لن يُصدّق أحد لا بداخل هذي البلاد ولا خارجها أنّ هذه طريقة أو خطّة جيش به ضبّاط تخرجوا في كلية القادة والأركان، وجابوا آسيا وافريقيا واوروبا وأميركتي العالم! ثم ما هذا الغثاء في الإعلام الباهت، الماسخ، الهزيل، المرتبك، -بما فيه الخبراء العسكريين الذين لم يبارحوا محطة طائرات (الجيش) وسهولة حركة (الجنجويد)- ، وهل بهذا الخطاب يتم استدعاء وحدات (الجيش) للحرب؟! لكن.. ربّما تخف درجة الاستغراب، عند استحضار السُعار الإعلامي الإقليمي الاستخباراتي تجاه هذه الحرب، وهو يغذّي الفراغ، ولا يقول شيئاً، فهل منكم من رأى مراسلاً يقف عند أحد طرفي جسر الحلفايا، ليحدثنا بسترة واقية وخوذة – ولو في أيام ذكري اغتيال شيرين أبوعاقلة – عن في قبضة من هو هذا الجسر (الجيشويدي) ؟!!
جميع مواقع "الدعم السريع" معلومة لدى (الجيش) بإحداثياتها.. وضبّاط (الجيش) هم قيادات (الدعم السريع) العسكرية، فهل الأمر -أيّها العاقل- أكثر من إرغام على التسليم؟! "أولا يبعث هذا التساؤل، على تساؤلاتٍ أُخر مصحوبة بحيرة عند المواطن الذي بالكاد يرى (الجيش) في الشارع: "ما هذا العبث بمصائر الناس؟!"؛ أو لماذا ترك (الجيش) المواطنين في مواجهة (الدعم السريع)؟ وما الرسالة؟! وهو يعلم أن (الدعم السريع) قد روّع، انتهك، سرق، قتل واغتصب وأخرج الناس من بيوتهم من غير حق وحولها لثكنات عسكرية، وعوّق حتى حركتهم بعد تهجيرهم بتفتيشهم عند (إرتكازاتٍ) حوّلت المدينة بالكامل إلى مدينة عمليات عسكرية للجنجويد! الواضح أنه ليس هناك استعداد لمواجهة مسلّحة، بل لم تُستدع كل وحدات (الجيش) للقتال، أصلاً.. فماذا يعني ذلك؟! وما معنى إحكام قوات (الدعم السريع) السيطرة على مواقع حيوية، واعتقالها لقيادات بارزة في (الجيش)؟! وبالرجوع قليلاً إلى أبريل 2019 -ريثما تزول الغرابة-هل انتشار (الجنجويد) الاستراتيجي حول الخرطوم وداخلها واستيلائه على دور المؤتمر الوطني، وبعض مقار جهاز الأمن، تمّ بدون مباركة (البرهان)!! تُرى أهي نهاية السيناريو الآن واللحظة الفارقة في تاريخ الدولة السودانية -كما يقولون-؟! فليكن.. إذاً ما هو واجب (الجيش) الصوري والحقيقي؟!
هذه الحِزَم من الأسئلة، تأبّطها المواطن، لفتراتٍ طويلةٍ، وصبر وصابر في انتقالٍ علقم؛ وها هو اليوم يجترّها مع حزم ٍ أخرى من شاكلة: "هل كان جهاز الأمن يُعِدّ ويُعَدّ لمثل هذا اليوم؟!"، "فهل تمّ إذاً تأسيس وتقنين (قوات الدعم السريع) لتكون هي جيش (الكيزان) الكامل؟!"، وهل كان على كيزان (الجيش) تسليم الطيران الحربي والتدوين المدفعي تسليم مفتاح لـــــــ(حميدتي)؟ لم لا .. وهو بدوره يُخرج عشرات الآلاف من مشاة "الدعم السريع" منذ العام 2013. لكن السؤال الأبرز لماذا غاب الدعم الشعبي لهذه الحرب؟ كما تسآءل فيصل محمد صالح بمجموعة أسئلة متفرعة قائلاً: "لماذا لا تجد الحرب الحالية الدعم الشعبي الكاسح المتوقع في هذه الحالات؟ وكيف تساوي القوى السياسية الرافضّة للحرب بين الطرفين، بينما تدور الحرب بين القوات المسلحة الوطنية وميليشيا متمردة؟))، وخلُص لإجابةٍ واحدة – والتصرّف والاختزال منّا – وهي: (( (العسكر) للثكنات و(الجنجويد) ينحل))، هذا هو الدعم الشعبي للسلام، وهو موقف مستنير متّسق مع الضمير الوطني والحسّ الشعبي السليم. هذا الشعب -الآن- يعلم وأكثر يقيناً من أي وقت مضى بأنّ انحرافات المؤسسة العسكرية، وكوزنتها وجنجويديتها أو دقلويتها تتمثّل في وقوف القيادات العسكرية ضدّ مسار الانتقال السياسي المدني، وأنّ الجهة الوحيدة التي شرّعت لقانونية وجود (الدعم السريع)، ودافعت عنها ورفضت أن تناقش أي دعوة لحلّها أو دمجها في القوات المسلحة، هي (المجلس العسكري)، بالإضافة إلى (الكيزان) الذين صنعوها وقنّنوا وجودها؛ وألغوا ما كان يُلزمها باتباع قانون القوات المسلحة.
هذا المجلس العسكري (الجيشويدي) الذي هو اللجنة الأمنية للبشير، بتآمره مع هؤلاء (الجنجويد) ومن خلفهم (الكيزان) يمنةً ويسارا، هو المؤتمر الوطني، بشحمه ولحمه وبذات دمه البارد في ارتكاب الجرائم، وهو ذات الإنقاذ التي أتت بالزبالة، لثلاثة عقود، قبيحة ومنتنة.فقام جنرال الخلاء والرفيق الفسل بانقلاب 25 أكتوبر، وألغيا وثيقة الانتقال، وأخضعا البلاد لحكم عسكري يريدونه دائماً، ونال (حميدتي) - عطاءً لا يستحقه إلا ممن لا يملكه - ثلث أسهم منظومة الصناعات الدفاعية. وقاما مع الشيطان الأكبر بإخراج هذه المسرحية الدراكولية الدموية الهزيلة وأضرما حرباً بأنهما اختلفا حول النفوذ السياسي والموقف من (الكيزان)، فقال (البرهان) أنا سأذهب "للبدروم" حبيساً وأنت تُخرج من في السجن طليقاً إلى تركيا و غيرها، ولا تبتئس حين يصوّرون الأمر على أنّ (الجنجويد) هم ابن (الكيزان) الضالّ، فيمكن أن تُنفّس عن ذلك وتشتمني كما تشاء، فنحن نعلم أنّك ابنهم البارّ، و نعلم أن الشعب سينسى (الجيشويد) المختّصين في سفك دمه، ونهب ثرواته وقمعه ومصادرة حريته، فقد نسى تدريب وتسليح (الجيش) للجنجويد، ونسى المجازر في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وقبلها في الجنوب، ونسى مجزرة فضّ الاعتصام ونسى الانقلاب على الثورة، ونسى تقاسم الذهب والثروات القومية وتهريبها، وسينخرط في أيّنا أجدر بالتأييد الشعبي!
إن لم يكن ابتعاث مليشيا لصراع دولي، ومنحها مناطق تعدين، والتعامي عن إدخال عصابات المافيا البلاد، وجرائم القتل والاغتصاب التي ترتكبها، واستباحة القصر الجمهوري، انتهاكاً للسيادة وتهديداً للأمن القومي وتفكيكاً للدولة، فماذا يكون؟!! كل هذا، ويريدون منك -أيّها العاقل- أن تُكيّف المواجهة بين (الجيش) و(الجنجويد) وتؤيّد أحدهما!! فهل هي -أيّها العاقل- سوى علاقة عميل خائن مرتزق مصنوع مع عميل خائن صانع، منشئ ومؤسس؟! فإن كانت هذه المواجهة حقيقية فمتى تكون غير ذلك؟! هل ظهر النمر حقيقة لمحمود الكذّاب؟! إذا الإجابة بلا، فمتى سيظهر؟! هوّن عليك -أيها العاقل- فكل ما يحدث هو اجتماع الذئاب والكذّابين؛ (كيزان) و(جيشويد)!
والآن، يريدونك أيها -العاقل- أن تُشرعن لهم حربهم، وتتولى أيها الجائع الفقير الذليل المشرّد مسؤولية حربهم التي أشعلوها مختبئين وراء (الجيش)، وهم في الأصل وراء (الجنجويد)، وهذه الحرب مسرحية لصراع سلطة عارٍ بين (الكيزان) و (الدعم السريع)، فعندما يفشل (الجيش) في حسمها خلال ساعات كما زعموا وصوّروا للناس -لا كما يريدون- يقرّر (الكيزان) المرابطة في ميدان الفيسبوك متسلّحين بفقه ادخار القوة، الدفع بالشعب إلى مذبحة جديدة وادّخار قوّتهم لقمع واذلال واستعباد من تبقى بعد أن يضع الوسطاء والمسهّلين القلم بأن الحرب قد وضعت اوزارها! هذه هي مسرحية حرب (الكيزان) مع الوطن والوطنية باستخدام (الجيشويد) وهي مسرحية تقتيل وكذب وانعدام ضمير وعبث بأرواح الناس، لجلب الديمقراطية.. إنها دقلوقراطية البلابسة.. وكفى!
يحاول (الكيزان) - قصارى جهدهم - تجريم وتخوين موقف "لا للحرب" المنحاز للسلام والرافضّ للاصطفاف خلف أي من (طرفيها -الواحد المتواطئ –) ؛ فهي مسرحية لتصوير صراع سلطة بين رأسي طرف واحد ولغ في دم الشعب السوداني عقوداً، وهذان الرأسان يلعبان داخل رحم واحد أيهما خرج فهو رأس الشيطان؛ كما يتم ابتذال كل نبل في موقف "لا للحرب" بتصويره انحيازاً للجنجويد! بل وبمنتهى الصفاقة يقوم (الكيزان) بتفتيش الضمير الوطني ليصنّفوا غير المنحاز للجيش كخائن.. وبالمقابل، يتم تجريم وشيطنة كل من يناشد وطنيي (الجيش) الاضطلاع بدورهم في حماية الناس، بتصوير موقفه كمنحاز للفلول، أو أنّه مركزي ضد الهامش، أو صفوي في أحسن الأحوال! إنّ تأييد (قوات الشعب المسلّحة) رمزاً وحلماً في مؤسسة وطنية نظامية تحمي الأرض والعرض، لا يستوجب التماهي مع خطاب (الكيزان)، كما أنّ اعتماد موقف "لا للحرب" مبدأً لحماية الحق في الحياة، لا يؤهّل للذرائعية التي إن فلتت من الخيانة تدنو من الجبن وإن نجت تقع في حقن الدماء "الحمدوكي" وإلا فلا مناص من فشل التقدير.. بيد أن البعد مسافة واحدة من الرأسين و-ليس الطرفين-، هو الموقف الأصيل الناتج عن معاناة هذا الشعب العظيم مع ثالوث العداء والعذاب (العسكر)، و(الجنجويد) وشيطانهما الأكبر (الكيزان).
(الكيزان) و(الجيشويد) هم الذين بدأوا الحرب وصاغوا خطابها ويخبرون الجميع بما يجب عليهم التفكير فيه. لم يتأسفوا على جرائمهم ولم يكفّوا عن إيذاء الناس قبل قتلهم، ولم يرد في خطابهم سوى أنّهم بلابسة، لأنّ همّهم كان اخراج خطاب (الجنجويد) ودعاية حربه الرخيصة عدّة وانساناً ومغانم! وبرغم ذلك لم يُفلحوا في إخراج هذا الخطاب، وكل يحاول قوله دون فعله أنه أدرك أن غول (الكيزان) يريد ابتلاعه، فقال أنا مع التحول الديمقراطي ، علماً بانه هو غول (الكيزان)، ولا يحترم أصلاً الشعب السوداني الديمقراطي ولا عقله، لأنه يعلم أن الشعب السوداني يعرف تماماً أنه غول الإمبراطورية المليشياوية العشائرية (الجيشويدية) سارقة مناجم الذهب والاستثمارات خارج ولاية المالية، ناسجه العلاقات الدولية والاقليمية الخؤونة خارج ولاية وزارة الخارجية! إنها دقلوقراطية البلابسة.. وكفى!
علاقة (الكيزان) بإشعال هذه الحرب إذاً، علاقة مفضّوحة -صورة وصوت- فهي حرب اشعلها (علي كرتي) و (أنس عمر) و (أحمد هارون) و (صلاح قوش) و (الكباشي) و (دقلو) و(البرهان)، يناورون بالاصطفاف خلف جيش مدفوع للحرب بأجندة (الكيزان)، في سياق مشروع لُحمته وسداه الثورة المضادة كاملة الدسم؛ وأدواته هي ذات الأدوات الصدئة التي اُستخدمت في إنتاج (الجنجويد) و (الجيشويد) وغيرهما من المليشيات! نعم كل ذلك صحيح يا رشا، وأنّ (الكيزان) الآن يمتطون ظهر (الجيش) عبر وجودهم الكبير في مفاصله ومواقعه القيادية، ويريدون استغلاله في طريق عودتهم إلى السلطة ولكن من بوّابة (الجنجويد) بحرب دنيئة في قلب الخرطوم تعوّدوا عليها في قلب دارفور، وفي قلب الانسان السوداني، ذلك الذي يترقّب نتيجة الحرب فإن فاز (الجيش) فالكيزان مباشرةً أبطال هذه الحرب، وإن فاز (الجنجويد) فالكيزان سيُديرون كامل المشهد على اعتبار أنهم لسوا بكيزان .. وفي كلٍّ شر، ونظام سياسي منحط يتخفّى خلف الجهل والبندقية.
هذه الحرب مسرحية تدميرية، يقف ورائها (الكيزان) في ثوبٍ جديدٍ قبيح، وتقف وراءها جهات دولية واقليمية وخونة في الداخل بلا شك، لتدمير السودان باسم محاربة "الفلول" و(الكيزان)، وما ميليشيا (الجنجويد) إلا أداة لها. فقالوا انهم يحاربون (الكيزان) والفلول.. بينما يحتلون البيوت والمستشفيات ويغتصبون النساء، وينهبون ويسرقون ويخرّبون الممتلكات، ويعتقلون ويهينون المتقاعدين من (الجيش) (حتى مللنا من تعداد جرائمهم).. وقالوا انهم يحاربون الفلول و(الكيزان)؛ بينما (الكيزان) أمثال حسبو عبد الرحمن نائب المخلوع وأولاده الثلاثة، وأبو القاسم بركة والخير أبو مريدات وعثمان محمد حامد -مسؤول كتائب الظل- وعلى الدخرو، ومحمد معتصم بدوي، ومحمد طاهر أدروب، قادة كبار في المؤتمر الوطني وقادة مناطق ومسؤولي استخبارات كبار في الدعم السريع. وقالوا انهم يحاربون الفلول و(الكيزان)؛ وبينهم عبد الغفار الشريف، وعوض الكريم القرشي وعبد الله مسار وطه عثمان الحسين، وهؤلاء فقط، على سبيل المثال لا الحصر، ذلك أن الواقع، يشير إلى أن معظم قيادات هذه الميليشيا الدموية من الفلول و(الكيزان).
(الجنجويد) هم من أصل كيزاني.. و(الكيزان)، هم الذين صنعوهم، وسلّطوهم على أهالي دارفور وجبال النوبة وعلى كل مناطق السودان، وعليه يتوجّب تكذيب إعلام ميليشيا (الجنجويد)، الذي يزعم أنّ الحرب الدائرة، هي مع (الكيزان) والفلول .. فإذا كان للكيزان بقيّة في السودان بعد ثورة ديسمبر المجيدة، فهم (الجنجويد)، و (الجنجويد) هم الفلول، وليس لديهم سوى الكذب و(دقلوقراطية بلابسة)!
فيا أيها المواطن السوداني المرعوب كسير الخاطر، فقط .. لا تفقد إيمانك، وعليك مواصلة الحلم النبيل نحو فجر الحرية والسلام والعدالة، فهناك الحقيقة!
aboann7@hotmail.com