للوطن لا لزعماء الوهم و أدعياء الوطنية

 


 

 

الآن ما يحسه أي وطني هو مزيج متداخل ما بين الإحباط والحزن والخذلان شعور مؤلم بالاستفزاز من الذين لا يعرفون قيمة السودان الموحد والتعايش السلمي ولكن هنالك رضا بقبول التحدي, هي لحظة من العمر فارقة لكل أهل السودان بعد الاسبوع الحادي عشر من الاقتتال من أجل السلطة وسرقة ثروات البلاد والسيطرة على قوي الثورة, وكلاهما لا يعرفون عزيمة الثوار والاحرار من السودانيين غافل من يظن أن السودان هو منظومة من الكيانات القبلية والحزبية وأهل طبول ودجل ومثقفين يعيشون في أبراج عاجية ورجال مال وأعمال غارقين في الفساد مع قيادات الخدمة المدنية والعسكر الذين أصبحوا رجال أعمال ومال في هذه السنوات الرمادية لا يعون البعد الاخر للصراع , ولا يرون الصورة الاشمل لكل السودان
أعلم أن تقلص مساحة السماحة في تفكيرنا كالسودانيين ونحن فيما مرحلة الصراع مع قوى الظلام لتفريغ الحراك الثوري من أنبل المضامين ومحاولاتهم المستمر لقمع الأحرار هي كانت بدايات الاقتتال ,كل سوداني الان قابل ان يكون ضيق الصدر رافضا لكل الاوضاع علي الارض ومن حوله وكلنا في حالة عداء للاخر ونظن أن الاختلاف السياسي والتباين العرقي والجهوي وفي المعتقدات والاختلافات بكل صورها هي مرارا وقود للحرب بل الاساس التي قام عليه ما يسمي الوطن بداخلنا جلها مغلوطة لا نعي ما هو الوطن مساحة على الأرض أم قيمة وجدانية عظيمة نؤمن به لنا ندافع عنه نعمره نخلق فيه السكن والمستفبل العريض
أننا بالتحديد في هذه الفترة الراهنة هي مرحلة القلق والخوف العظيم والأمل الشاحب، واعترف أن لي شكوكاً جدية في أن يبقى الوطن دولة ناجحة غدا، ولعلي في غمرة تشاؤمي اتجاهل أهم خصال أهلنا التي سمحت لنا بالتغلب على المحن ما يحاك ضدنا منذ الاستقلال إلى اليوم حتى في أوقات الخطر الشبيهة بالوقت الراهن، وما هي قدرتنا على تصحيح مسارنا من ذاتنا والإيمان بأن هذه الأرض لنا , دون حاجة إلى الارتهان للخارج أو دعم المحاور الاقليمية , تعلمون قلة منا مؤمنة بعبقرية هذه الامة وخاصة وسط جموع المثقفين وأهل الراي , وأغلبهم لا يخدم الراي المناصر للحل الوطني ولا يسعون لصناعة سلام مستدام من أجل مصالحهم وخوفهم من فقدان نفوذهم والكل منكسر الي الاتكاءة القبلية أو الطائفية لا للعقل ومنطق العصر والأشياء التي نعايشها
أن الفشل ظل ملازما لمسيرة الحكم الوطني بالسودان، بدرجات متفاوتة وذلك برغم بعض النجاحات الضئيلة التي تحققت هنا و هناك عبر مسيرة الدولة السودانية منذ الاستقلال, و تبعا لذلك فقد اتسمت حقبة الحكم الوطني منذ فجر الاستقلال حتى وقتنا الحاضر بالعجز عن تحقيق الأهداف الوطنية و تلبية طموحات الشعب, و قد تمثلت محصلة ذلك في الفشل في تحقيق الاستقرار السياسي و النهضة و الرفاه الاجتماعي و ذلك لدرجة جعلت البلاد تراوح مكانها من حيث التطور وابسط ما فشلنا في تحقيقه هو بناء رأي عام موحد, ومن ثم سقطنا في مستنقع التخلف الذي طال كل اوجه الحياة, وقد اتسمت هذه الفترة من مسيرة الدولة السودانية بالنزاعات و الحروب المستمرة ما أدي لتدهور الأحوال على نحو مدمر وأخرها ما نحن فيه الآن
أقول لكم وانا اكتب مثلي غيري وبالحق أنه لا يوجد نص يعد أخلاقيا محايدا لكل منا هدف ورؤية يسعى للترويج لها وفي سطور أي نص تلتقي فيه ما لاتظن أو يكون دعاية الجنون والاسفاف الملل , وتتعقد هنا خيوط المبادرات مابين الشخصنة والمواقف الوطنية التي من شأنها إثارة مسائل عديدة منها ماهو أخلاقي والاخر أجندة سياسية أو عقائدية، وبالتالي فالراغب في استعادة ما كان عليه الماضي وخيره القليل من ناحية تكيف الصراع وتقديم حلول قد لا تسعفه جدية البحث في المراجع قبل الإيمان بالقضية الوطنية الفهم العميق للواقع المعاش، بقدر ما يمكن أن يساعده حصر الوقائع والاحداث لا الشخوص والزعامات الكرتونية وعدهم لنا بالخلاص والانعتاق من التخلف واستحضار الملابسات لفك ذممنا مما اقترفنا من تضليل لكي نتبرأ ونبرير الدوافع لما هو الترويح عن أمراضنا القديمة، و ما قد لا توفره نصوص الذكريات والاطروحات الطويلة الجوفاء وسرد البطولات الذاتية، ولذلك لابد من الالتزام الكامل لكل منا بخط وطني واضح، يقدم النصح الجريء لا المناصرة الخبيثة لبعضنا ونعلم أنهم سفهاء العصر المارقين من قيم الامة ودفعهم لكتابتها علي نفس النسق والقيم التي لايقبلها المنطق ولا العصر ولكنها تكرر، وكأنها واجبا ومصدرا معرفيا، لا بد من الإقبال عليه، في زمن لم نعد نمتلك فيه سوى بقايا ذكريات وسير، والقليل من الأمل في المستقبل. سوف يسقط بعد هذه التجربة سوف تسقط الزعامات القديمة الفاشلة وأدعياء الوطنية ومخالب المحاور في جسد الامة الى الابد
لسنا حالمين ولكنها صيرورة الاشياء وأي تحد منطقي لنا سيعتمد على وجود قيادات قادرة ومستعدة تفعيل مسالة التغيير ، وذلك غير متوفر بشكل واضح حالياً، وهناك حرب مستمرة في هذه الأثناء ولم تؤد بعد إلى إثارة حركة معارضة شعبية علنية لها حتى الآن, وهذا دليل على خيبة الذين يكتبون للرأي العام من منطلقاتهم الشخصية ولتويج أنفسهم أوصياء علينا لا لنصرة الحق والإصلاح

zuhairosman9@gmail.com

 

آراء