سعر التأشيرة إلي مصر بلغت أكثر من ألف دولار في قنصلية مصر بورتسودان!

 


 

 

أظن أنه لا يوجد بلد في الدنيا لا في التاريخ القديم ولا الحديث يستغل ظروف مواطني دول منكوبة وكمان جيرانها كما فعلت مصر ولا زالت تفعل مع السودانيين هذه الأيام ، في داخل مصر وفي المعابر إليها وفي قنصلياتها وسفارتها بالسودان .
ومنذ بدء الحرب العبثية في جارتها السودان التي تعتبرها مصر شقيقتها وجزء منها تاريخيا ودينيا وعربيا وجغرافيا ، منذ بداية الحرب ومصر تعامل السودانيين الذين اضطرتهم ظروف الحرب الي الإسراع الي حدود (الشقيقة !) مصر للدخول ولكنهم تفاجاوا بتعقيد إجراءات الدخول وبطءها مما جعل الفارين من الحرب يتكدسون بإعداد مهولة في حلفا ويعيشون في ظروف إنسانية مهينة ومزرية ادي الي وفاة بعض المرضي والأطفال وكبار السن . كل ذلك الازدحام والتكدس بسبب وجود شباك واحد في القنصلية المصرية في حلفا لعشرات الآلاف من الفارين من جحيم الحرب في الخرطوم. واستغل السماسرة هذا الوضع لرفع تكاليف الحصول علي التأشيرة وما يسمي بالموافقة الأمنية التي ابتدعتها السلطات المصرية لكسب مبالغ طائلة وصلت إلي أكثر من ألف وثمانمائة دولار يذهب معظمه الي جيوب موظفي القنصليات في السودان والي جيوب موظفين وضباط مصريين في القاهرة.
والان ويوم أمس فتحت القنصلية المصرية في بورتسودان أبوابها للراغبين في الحصول علي التأشيرة إلي مصر وتكدس الناس لأن القنصلية تأخذ عدد محدود من الجوازات لا يتعدي العشر جوازات وعليك الانتظار اسابيع لتحصل علي التأشيرة وربما لا تنالها. أما إذا أردت الحصول علي التأشيرة في ظرف أسبوع فعليك أن تدفع الف ومائة دولار (1100 دولار)!! علما بان التأشيرة اصلا مجانا في السابق. هذا المبلغ يتقاسمه السمسار أو الوسيط السوداني الذي يأخذ جواز سفرك ويدخلها القنصلية ، يتقاسمها مع الموظف المصري داخل القنصلية ولا ندري نسبة اي منهم . هذا والله عار علي مصر التي من المؤكد لا علم لوزارة خارجيتها بهذا الجرم وهذا الكسب الحرام واستغلال معاناة وظروف الحرب لابتزاز رخيص للسودانيين .
المفروض اصلا يدخلوا كلاجئين بسبب الحرب ويقيمون في مخيمات داخل حدود الدول المجاورة ويتحمل معيشتهم وايوائهم منظمة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. كما حدث للاجئين السودانيين في تشاد التي استقبلتهم الحكومة التشادية بترحاب كبير ولم تسال أحدا منهم عن جواز سفر ولا وثيقة أمنية ،بل أنشأت لهم ملاجئ واكرمتهم بوجبات دسمة وهي التي لم استفد من السودان كما استفادت وتستفيد مصر خاصة من مياه النيل الذي استحوذت من مياهها علي حصة السودان منذ أكثر من سبعين عاما ، وايضا استفادت من الحريات الأربع فاستنزفت موارد السودان من تهريب الماشية الحية وتهريب السمسم والذهب وأشياء أخري لا حصر لها .
نسال الله ان يقف استغلال مصر للسودانيين داخل مصر وفي المعابر وفي القنصليات لأن لذلك عواقب وخيمة في العلاقات بين البلدين خاصة ما بعد الحرب ووصول حكومة ديمقراطية في السودان .

د محمد علي طه سيد الكوستاوي.
ام درمان
kostawi100@gmail.com

 

آراء