حول مشاركة الكيزان في مفاوضات السلام

 


 

رشا عوض
4 August, 2023

 

معركتنا ضد الكيزان (فيروس نقص المناعة الوطنية) ما زالت في بدايتها، وسوف تستمر طويلا ، قوى السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية المتوازنة والوحدة الوطنية في دولة مدنية ما زال أمامها الكثير جدا من المهام التاريخية.
بخصوص هذه الحرب هناك سؤال: كيف ندير العلاقة مع الاسلامويين ؟ هل يمكن إدارة مفاوضات سلام دون مشاركة من اشعلوا الحرب ومليشياتهم تخوضها وهم عقلها المدبر ويعملون جاهدين لاستمرارها إلى أن تعيدهم إلى السلطة؟
بصراحة المنطقي ان يشاركوا في المفاوضات كفصيل عسكري شأنهم شأن الجيش والدعم السريع، ولو أرادوا توحيد وفدهم مع وفد الجيش فلهم ذلك وهم اصلا ملتصقين بالجيش كتوأم سيامي ملتصق من الرأس!
لكن لا منطق في جلوس المؤتمر الوطني في ضفة القوى المدنية ، بغض النظر عن انه حزب سلطة وقد سقطت السلطة الحاضنة له بثورة شعبية، فإن المؤتمر الوطني الان تنظيم عسكري والحركة الاسلامية برمتها الان مجرد فصيل عسكري متعدد المليشيات ومتمحور حول نواة أمنية وعسكرية هي خلاصة مشروع التمكين العسكري على مدى ثلاثين عاما! وهذه النواة الأمنية العسكرية لا تحرس شيئا سوى شبكات المصالح التي نبتت ونمت وتعملقت في حضن الفساد اوكسجين حياتها هو دولة أمنية عسكرية .
الدمج والتسريح عندما يحين وقته يجب أن يشمل إلى جانب قوات الدعم السريع والحركات المسلحة مليشيات الحركة الاسلامية، ويجب أن تتم عملية جادة لبناء جيش قومي مهني واحد.
أما الاستهبال والبهلوانيات المصروكيزانية التي تهدف إلى تركيع الشعب السوداني مجددا للكيزان دون قيد او شرط، وان يكون ثمن السلام هو القبول بإعادة الكيزان للسلطة تحت ارهابهم وابتزازهم بمنطق انهم ما داموا قادرين على إشعال الحرب فيجب ان يسمح لهم بالحكم تفاديا للحرب فهذا منطق تافه ، أقصى مكافأة ممكنة لمن اشعل الحرب ممكن أن تكون إعفاء من المساءلة الجنائية ومخرج آمن للرؤوس الكبيرةمن القيادات كثمن لشراء السلام الان ووقف اتساع رقعة الحرب، وبالنسبة للمستقبل السياسي للكيزان العاديين غير الضالعين في الاجرام الغليظ والحرب فامامهم فرصة العمل السياسي وفق الضوابط الدستورية والقانونية لدولة مدنية ديمقراطية كمواطنين سودانيين عاديين، وهذا الكلام ليس بالمجان بل بقبول مشروع للإصلاح الشامل للدولة والعدالة الانتقالية يجعل الملعب السياسي مهيأ للتنافس السياسي العادل والنزيه.
أما ان ينبعث مشروع الاستبداد والفساد الكيزاني الارعن من بين ركام هذه الحرب ويتوج نفسه مجددا على جماجم واشلاء السودانيين فهذه مسخرة بمعنى الكلمة! مسخرة لن يوقفها الا انتظام كل القوى الحية في الشعب السوداني في جبهة صلبة ومنظمة للسلام والتحول الديمقراطي تكون هي صوت الشعب الحقيقي المدافع عن مصالحه قبل وأثناء المفاوضات وبعدها وفي أي زمان مستقبلي ، فلن يحرس الديمقراطية الا قواها الحية المؤمنة بها.
ويجب أن تعلم القوى المدنية الديمقراطية أن من مآلات الحرب المحتملة عقد صفقة بين أطراف الحرب محورها التخلص من قوى التحول الديمقراطي وتدشين كلبتوقراطية ثنائية بين الكيزان والدعم السريع لو حكم توازن القوى على الأرض بذلك، ابتلاع الديمقراطية سيظل رغبة رئيسية لدى الأطراف المتحاربة بلا استثناء، انتصر الدعم السريع سوف يبتلعها ، انتصر الكيزان سوف يبتلعونها، عقدوا صفقة توازن قوى أيضا سوف يبتلعونها.
التحدي هو كيف نجعل الديمقراطية سدا منيعا لنهضتنا غير قابل بطبيعته للابتلاع؟

 

آراء