فشل المشروع (الإسلاموي) وتحديات تأسيس الدولة المدنية بالسودان
موسى المكي
19 August, 2023
19 August, 2023
إن هذه المسودة وبكل تأكيد ينقصها الكثير وتبقى دائماً رؤية شخص واحد الأمر الذي يدفعني دائما لانتظار إضافات القاريء السوداني الكريم الضرورية سواء بالحذف أو التعديل متى ما كان ذلك أولوية، و بالإضافة متى ما كانت مهمة لا يستقيم الأمر إلا بها،
أو بالتأكيد على ما هو موجود بين ثناياها طالما طابقت وجهة نظري غالب شركاء الهم العام .
هذا وستظل وجهة نظري في الشأن العام ناقصة طالما غايتنا جميعاً هي البحث عن السلام والحرية والعدالة من أجل الوصول إلى الرفاه والتقدم لشعبنا والعمل على ترسيخ أسس متينة لدولة مدنية ديمقراطية مستدامة، الأمر الذي يجعل هذا الجهد قابل دائما للمراجعة والتغيير وهو (أي التغيير) سيظل دائماً حتمياً وضرورياً وسيبقى الثابت الوحيد من أجل بلوغ الغايات النبيلة والمرامي العنيدة .
موسى المكي - الترتر - جنوب كردفان
wedelmekki4@gmail.com
____________________
الحلقة رقم (1)
تعتبر الدولة الإسلاموية في السودان (1989-2019) هي آخر محطات الدولة السودانية الحديثة (التي استقلت عن الحكم البريطاني في يناير 1956)، حيث انقسمت البلاد في اعقاب إنتهاء الحرب الأهلية الأطول في تاريخ السودان إلى دولتين في يوليو 2011، تسارعت بعدها دولة السودان إلى وجهتها الأخيرة ناحية الفشل لعدة أسباب منها:
أن دولة الاسلامويين حملت في أحشائها جنيناً مشوهاً منذ مجيئها للسلطة عبر انقلاب الثلاثين من يونيو 1989، فطبيعة الإنقلاب الفاشية وتركيبته الإقصائية وتماديه في معالجة جميع إشكالات الدولة السودانية عبر الحلول الأمنية، وتجييش الشعب لمواجهة بعضه وعدم الاعتراف بالتشوهات التاريخية التي صاحبت نشأة دولة ما بعد الإستعمار وتبنيه للأحادية الثقافية وقطع الطريق أمام التعددية الديمقراطية كل تلك المصائب جعلت من المشروع الإسلاموي الأداة الأكثر فعالية في تقسيم البلاد وفشل وحدتها الوطنية وبالتالي صار مشروعهم هذا، الأفشل بإمتياز على امتداد الحقب التاريخية التي تعاقبت على حكم هذا الجزء من إفريقيا. وليس أمام السودانيين من سبيل لإنقاذ ماتبقى من بلادهم الممزقة، سوى الاستمرار في تجذير ثورة ديسمبر العظيمة عميقاً في وجدان الشعب السوداني ومقاومة كافة تصورات المتاسلمين لمسحها من ذاكرة الشعب بكافة الأساليب التي لن تكون آخرها الحرب المدمرة الحالية، وليس من سبيل كذلك إلا بقطع الطريق أمام الإنقلابات العسكرية وتبني خيارات التعددية السياسية والدولة المدنية والخيار السلمي الديمقراطي بتأسيس دولة مدنية قابلة للحياة.
وسيظل المشروع السياسي الإسلاموي في السودان حليفاً دائماً للفشل طالما اختار طريق السلطة عبر الإنقلاب واستمر في طرح أُحَادِيَّتِة الفكرية وصادر حق الآخرين في الوطن ، فنجاح أي مشروع سياسي في السودان واستمراريته رهين بمخاطبتة لقضايا الشعب السوداني كاملة والاعتراف بها وبتنوع هذا الشعب وتباين قضاياه اليومية المُلِحَّة إذ أن ما يجمع هذا الطيف المتنوع من البشر في أرض السودان هو الدولة الوطنية وليس غيرها من الإفتراضات الأخرى كالعقيدة او الأيدولوجيا أو القومية أو أية إدعاءات أخرى خلا حقيقة الدولة الوطنية الحديثة، والتي هي في الأساس عقد إجتماعي يمنح هذا التباين الشعبي حق التفويض التشريعي النيابي الكامل لهذا الطيف المتنوع بلا استثناء أو تحايل على أن يكون كل ذلك عبر الوسائل الديمقراطية جنباً إلى جنب مع أدوات استدامتها كالرقابة الدؤوبة والمحاسبة الدقيقة والحوكمة الحديثة ومتطلباتها ومنطق تحمل المسؤولية ومن ثَمَّ الإحتكام للنظام القضائي المتفق عليه وفق المباديء الدستورية وفوق الدستورية المتفق عليها من الشعب.
في المقابل تنطوي فكرة المشروع الإسلاموي على أسس تتناقض مبدئياً مع الطريق الديمقراطي ومع سيادة حكم الدستور ومع التداول السلمي للسلطة داخل حدود الدولة الوطنية، وهذه الأخيرة (أي الدولة الوطنية) لا تمثل لجماعة المتأسلمين أية قيمة حقيقية سوى أنها درج عابر في سلم التمكين المُوْصِل إلى أستاذية العالم حسب مرتكزات التنظيمات الإسلاموية بما فيها مجموعة السودان صاحبة التجربة موضوع المبحث والتي يجمعها وبقية تيارات المتأسلمين الأخرى النهل من معين جماعة الأخوان المسلمين الآسن؛ حيث أن مؤسس هذه الجماعة قد رسم سلفاً طريق الإنتقال من (واقع الضعف إلى سطوة التمكين تدرجاً عبر الفرد فالأسرة فالمجتمع ثم الدولة ثم الخلافة الإسلامية وأخيراً إلى أستاذية العالم، والتي تستبطن في محصلتها النهائية مفاهيم الإقصاء وتُرَسِّخ للظلامية وتَعَهُد القطيعية والتجهيل والإدعاء بامتلاك الحقيقة المطلقة كما وتنطوي أيضاً على الطاعة العمياء والاستعلاء والجزم بأخوة العقيدة دون أخوة الوطن ومبدأ الحاكمية وغيرها من المفاهيم التي تتعارض مع فكرة الدولة الديمقراطية الحديثة)*
وفي المقابل تُكَرِّس لديكتاتورية ثيوقراطية تُأَلِه الجماعة المتأسلمة وترفض كل ما سواها داخل المذهب الواحد والملة الواحدة ناهيك عمن هم بداخل الدولة المتعددة الملل والإثنيات والثقافات كالسودان.
وبما أن هذه الجماعة لم تعترف مطلقاً بسقوط مشروعها السياسي في السودان قبل وبعد ثورة ديسمبر 2018 والمستمرة حتى كتابة هذه السلسلة، فإنها في المقابل قد توعدت الجماعة المتأسلمة الشعب السوداني بالويل والثبور والهلاك إن استمر في رفضه لمشروعها السياسي الذي هو مشروع (الله) في السودان وأن جماعة المتأسلمين لا غيرهم، هم الوكلاء المقدسين لإنزال هذا المشروع من السماء للأرض كل ذلك حسب رؤية الجماعة ووفق استعلائها وأسلوبها في (سواقة الناس) ووفق مصادرتها لفضاءات الآخرين في اختيار ما يناسبهم من مشاريع سياسية، وبالطبع في مقدمة هؤلاء المستهدفين بالوعيد قوى الثورة بكامل طيفها مع التركيز على مجموعات الحرية والتغيير ولجان المقاومة والقوى الرافضة لمشروع الجماعة من داعمي التغيير الجذري والقوى المسلحة المستعصمة برؤية الحل الشامل لقضايا السودان وليس الاختزال المخل في قضايا السلطة والثروة.
إن رفض الجماعة المتأسلمة لمبدأ الثورة على مشروعها السياسي وعدم المراجعة الفكرية لأهم مرتكزات مشروعها الإقصائي وتماديها في عرقلة الإنتقال الديمقراطي في السودان لدرجة تفجير الوضع في 15 أبريل 2023 كحرب شاملة تهدد كل الإقليم بعدم الاستقرار، ماهو إلا ترجمة عملية لرفضهم الإعتذار للشعب السوداني عن أخطاء تجربتهم المدمرة والمضي قدماً على ذات نهج المرتكزات الفكرية لمشروعهم المناويء والمحطم لآمال الشعب السوداني في الحرية والسلام والعدالة والبحث عن حياة كريمة للشعب السوداني على بينةٍ من الوحدة والمشاركة والرفاه والتقدم.
فقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن المتورطين في هذه الحرب العبثية الدائرة الآن بالسودان، هم أعداء التحول الديمقراطي والحكم المدني من أئمة الإرهاب المتأسلم وطبقة الفاسدين المرتبطين بهم. وهم نفس الجماعة التي لا ترى في التحول المدني الديمقراطي سوى الطريق لاسترداد الحقوق التي سلبوها من الشعب وعودتها بالوسائل القانونية لأهلها ومستحقيها كما وتدرك الجماعة المجرمة أيضاً أن التحول المدني الديمقراطي يستوجب المشي في طريق العدالة وذاك حتماً سيؤكد إنزال العقاب المناسب على كل ما اغترفت هذه الجماعة من جرائمٍ عظيمةٍ في حق الشعب السوداني طيلة الأربع والثلاثين عاماً الماضية التي فصلت بينهم وبين آخر تجربة حكم مدني انتهت في صباح الثلاثين من يونيو عام1989، وهنا سيمضي الشعب وسيستمر في نعتهم بتحالف الشر و الشيطان الآثم بين جماعات المتأسلمين بمشروعهم السياسي والمجموعات الإنقلابية داخل المؤسسة العسكرية والمليشيات المسلحة التي تتبع للجماعات المتأسلمة(كتائب الظل الإرهابية حسب وعيد أحد قادتهم إبان ثورة ديسمبر) والتي تعمل كظهير للمجموعات الانقلابية تتوزع بين القوى العسكرية والأمنية والشرطية وداخل سلك الخدمة المدنية والإتحادات النقابية والمنظمات الطوعية والطلابية والجمعيات الخيرية والتشكيلات الأهلية والقبلية متخذة أسماء عديدة تؤكد طبيعتها الإرهابية والاستعلائية وغير الدستورية، والتي أُنشئت أصلاً لتكون خط رجعة مناسب يُمَكٍِن هذا التحالف المجرم من عرقلة أية جهد من الشعب السوداني لاستعادة قواته المسلحة وأجهزته العسكرية والمدنية وردها إلى سلطان الشعب ودستور الدولة والحكم المدني الديمقراطي والتبادل السلمي للسلطة في بلد متعدد الهويات والثقافات والأديان فضلاً عن تعدد الجيران في محيط جيوسياسي أقل ما يوصف بالمهم والاستراتيجي للسلم والأمن الدوليين.
وقد عملت هذه القوى مجتمعة على جمع ثروات هائلة عبر طرق متعددة كغسيل الأموال والرشاوي والسرقات والمصادرات والعمولات والتهريب والتهرب الضريبي والمضاربات في العملة والسلاح والمخدرات والمحروقات والسلع الضرورية كالدقيق والدواء عبر تمويلات مصرفية خارج القوانين ولا تستوفي أدنى شروط الحوكمة فضلاً عن الإعفاءات الجمركية والضريبية، الأمر الذي مَكَّنَهَا من بناء إمبراطوريات مالية هائلة ولكنها غير قانونية، تدير من خلالها كل عملياتها الإرهابية جنباً إلى جنب مع عمليات إفساد الذمم الممنهج والضروري حسب رؤيتهم داخل وخارح السودان في سبيل إبقائهم في السلطة أطول فترة ممكنة غير عابئة بمآلات ونتائج هذه الممارسات غير القانونية، كالحروبات الأهلية الناجمة عن تنكب هذا الطريق الشيطاني ونتائجه مثل المجاعات والتدهور المريع في حقوق الإنسان وبروز مهددات الوحدة الوطنية وأجندات الإنقسام الجهوي والعرقي فضلاً عن تعكير علاقات حسن الجوار والسلم الإقليمي والدولي (إيواء جماعات إرهابية ودعمها لتنفيذ جرائم - بن لادن والمدمرة كول وسفارات اميريكا بنيروبي ودار السلام ومقتل غرانفيل ومحاولة اغتيال حسني مبارك .....) وعدم المبالاة بالنتائج المترتبة على ذلك المسلك الإرهابي حتى لو أدي كل ذلك لعقوبات دولية قاسية على الشعب السوداني ( صدرت بحق الدولة السودانية قرارات إدانة وعقوبات عديدة من الأمم المتحدة)، أو ادت لإنفصال أو استقلال بعض أجزاء السودان (جنوب السودان) طالما سيمكنها ذلك من إحكام قبضتها لحكم ما تبقى من الوطن أو حتى التنازل عن بعض أجزاء السودان للجوار الطامع في مقدرات وموارد هذه الدولة المترامية والدامية الأطراف ( حلايب، الفشقة، أم دافوق).
وبناءً على ما سبق، فإن الصراع الدائر الآن في السودان مطلوب لذاته، فهو غاية في حد ذاته لجماعة الأخوان المسلمين فرع السودان لتحقيق أحد امرين ليس إلا، وهما :
*(1) إما تنفيذ خطة ممنهجة للجماعة المتأسلمة للعودة لمسرح السلطة والإنفراد بها، وبالتالي فرملة رغبة الشعب السوداني في محاكمتهم، وايقاف مد ثورة ديسمبر العظيمة التي ترتكز على موروث سابقاتها ثورتي أكتوبر وابريل وتتقدم عليها بتعاظم رصيدها النضالي وتراكم فعلها الثوري ووعي مفجريها بضرورة تأسيس دولة مدنية عظيمة توقف الدائرة الشريرة ( انقلاب - ثورة - انقلاب) مما يشكل نموذجاً يحتذى في الإقليم لا يقبله بعض جوار السودان ولا تقبله بالضرورة مخالبه المتسخة في الداخل كالجماعة المتأسلمة وغيرهم من الانقلابيين ممن لم يراهنوا يوماً على الشعب السوداني وتطوره الديمقراطي الطبيعي.
أو
* (2) في حالة فشل الأمر الأمر الأول، فإن الصراع سيأخذ شكل الحرب الأهلية الشاملة بغية تدمير الدولة السودانية بالكامل وإيصالها لمرحلة الفشل الماحق وبالتالي سيسقط عملياً مشروع العدالة والمحاسبة والقصاص على جرائم انقلابهم على النظام الديمقراطي وسرقة موارد السودان وجرائم الإبادة الجماعية والقتل والاغتصاب والتعذيب والاختطاف والإخفاء القسري والإرهاب والإغتيالات الممنهجة وكل القبح الذي تراكم عبر سنوات الديكتاتوريات والمظالم التاريخية، ليكون المناخ العام في هكذا دولة فاشلة مناسباً فقط للمقايضة بين استتباب الأمن وبين السماح لهؤلاء المجرمين بالمشاركة في تأسيس الدولة ومن ثم ايقاف الحرب واستيعابهم في أية معادلة قادمة للحل السياسي، ينافسهم في ذلك شريكهم في الإنقلاب الأخير على الإنتقال ( الدعم السريع) والذي ولدته الجماعة المتأسلمة من رحم فسقها ووحي ألاعيبها الشيطانية واختارت له الإسم والسلاح والقوانين والقيادة ومكنته من موارد الشعب وضربت به خصومها السياسيين في كافة الجبهات المدنية والمسلحة بأقسى أساليب العنف الإجرامي كفصيل مسلح لجهاز مخابراتها أولاً ثم ذراع للجيش لاحقاً، دون مراعاة لأدنى استراتيجيات الأمن القومي برغم إدعاءاتهم المفضوحة وتبجحهم المتكرر بالمقدرات الأمنية والتي لايجيدون منها سوى أفاعيل الظلاميين في الممارسات الإرهابية مثل دق المسامير في رؤوس النقابيين الشرفاء (د. علي فضل) وإدخال الخوازيق في أدبار المعلمين الشجعان الأوفياء (أستاذ: أحمد الخير)، ثم بعد ذلك قلبت للدعم السريع ظهر المجن حينما إشتدت شوكته وربى سنامه، فتشككت الجماعة في ولائه واستنكرت رغبته في الافلات من استغلالها له، ومن ثم أرادت ولأجل مسحه من الوجود أن تمتطي للمرة الرابعة (1989- 2019- 2021- 2023) ظهر القوات المسلحة السودانية المسلوبة الإرادة والمختطفة من أعلى قيادتها من مجرمي الجماعة المتأسلمة،
وهي التي سبق وأن سَخَّرَت للدعم السريع قبل ذلك الشرعنة والحماية عبرالأجهزة الأمنية والعسكرية والشرطية والعدلية والمالية والإعلامية واستغفلت فيه كل هذه الأجهزة والرأي العام السوداني والإقليمي لتمرير مخططاتها للانفراد بالسلطة مستبقة بذلك الجهد المبذول من بعض فصائل الثورة ومن البعثة الأممية لتسهيل الانتقال الديمقراطي ومن بعض أيادي الخير من الجيران والعالم الخارجي والذين سعوا فيما سعوا إلى دمج الدعم السريع وكافة قوات الحركات المسلحة في الجيش السوداني بغية الوصول لجيش مهني محترف يحمي الدستور والدولة المدنية ، ولإفشال هذا الجهد استعانت جماعة المتاسلمين ببعض أجهزة المخابرات الإقليمية والدولية لتحقيق أهدافهما الشريرة وطبعاً بحبلٍ من بعض القوى المحسوبة على الثورة زوراً من أجل اسقاط الوثيقة الدستورية أولاً ثم الاتفاق الإطاري لاحقاً.
بينما تورط هذا الدعم السريع في جرائم الذين صنعوه من مجرمي المتاسلمين فولغ في دماء الشعب السوداني وموارده وأعرافه وقِيَمِه ثم طفق يبحث عن سبيل لمسح ما لحق بسمعته التي لطَّخَهَا صانعيه وقد كشفت هذه الحرب ألا فرق بين الرمضاء والنار طالما المستجير بأحدهما او كليهما هو شعب السودان العظيم.
وفي تناقض بائن من حيث مكان ونقطة انطلاقة إسقاط الثورة (شرق السودان ومصر) ومن حيث تبني مبدأ تخوين الآخرين، قامت جماعة المتأسلمين الإرهابية عبر بعض قياداتهم الاستخبارية والامنية (المطلوب للعدالة قائد جهاز الأمن والمخابرات السابق المتواجد في ضيافة المخابرات المصرية) وبعض القيادات الدستورية (آخر رئيس وزراء في حكومة البشير المطلوب للعدالة) وبعض القبيليين والهاربين من العدالة والمتواجدين بالجوار السوداني (مصر) قاموا مع آخرين طبعاً بتوريط الجيش السوداني والشعب السوداني في حرب لمصلحة التنظيم المجرم (وهذا مكمن التناقض) لتعود جماعة المتأسلمين للمرة الأخيرة عبر بوابة الجيش في مشهد أقل ما يوصف به هو العمالة والإرتهان للمخابرات الأجنبية والإستعداد الفطري للخيانة وتلاعب الجيران بأمن السودان القومي، بينما سَخَّر الطرف الثاني ( الدعم السريع)، زراع المتأسلمين الذي (غدر) بهم ومن أجل تحقيق طموح قادته في إعادة تشكيل معادلة السلطة من ناحية، ومن أجل الهروب من العدالة جراء ما اغترفت يداه في حق الشعب السوداني منذ تأسيسه في أعقاب حروب دارفور الأهلية إلى ما بعد إنقلاب 25 أكتوبر 2021 من ناحية أخرى، وهو الذي قد اُستُخدِم سابقاً لعرقلة التحول المدني الديمقراطي وارتكب فظائع في سبيل ذلك، فقد سَخَّرَ واستخدم أموال الشعب السوداني المسروقة مرتبطاً بمجموعات ارهابية دوليه
واخرى اقليمية وثالثة من بعض فصائل الحرب في دول مجاورة، لمحاربة الجيش السوداني بغية تفكيكه بإعادة تشكيله ليناسب فرضية تعديل معادلة السلطة في السودان أو بإحلال المليشيات القبلية العابرة للحدود مكانه بالتعاون مع المخابرات الأجنبية وبعض الجوار ومن ثم احكام سيطرتهم على السودان وإدخاله ضمن منظوماتهم الممتدة عبر الصحراء الإفريقية ليتضح للجميع وهنا فقط أن كلا الطرفين (المتأسلمين بضباطهم الإنقلابيين وقوات الدعم السريع) متفقين على تفكيك الجيش السوداني وتدمير الدولة السودانية تبعاً لذلك.
//////////////////////
أو بالتأكيد على ما هو موجود بين ثناياها طالما طابقت وجهة نظري غالب شركاء الهم العام .
هذا وستظل وجهة نظري في الشأن العام ناقصة طالما غايتنا جميعاً هي البحث عن السلام والحرية والعدالة من أجل الوصول إلى الرفاه والتقدم لشعبنا والعمل على ترسيخ أسس متينة لدولة مدنية ديمقراطية مستدامة، الأمر الذي يجعل هذا الجهد قابل دائما للمراجعة والتغيير وهو (أي التغيير) سيظل دائماً حتمياً وضرورياً وسيبقى الثابت الوحيد من أجل بلوغ الغايات النبيلة والمرامي العنيدة .
موسى المكي - الترتر - جنوب كردفان
wedelmekki4@gmail.com
____________________
الحلقة رقم (1)
تعتبر الدولة الإسلاموية في السودان (1989-2019) هي آخر محطات الدولة السودانية الحديثة (التي استقلت عن الحكم البريطاني في يناير 1956)، حيث انقسمت البلاد في اعقاب إنتهاء الحرب الأهلية الأطول في تاريخ السودان إلى دولتين في يوليو 2011، تسارعت بعدها دولة السودان إلى وجهتها الأخيرة ناحية الفشل لعدة أسباب منها:
أن دولة الاسلامويين حملت في أحشائها جنيناً مشوهاً منذ مجيئها للسلطة عبر انقلاب الثلاثين من يونيو 1989، فطبيعة الإنقلاب الفاشية وتركيبته الإقصائية وتماديه في معالجة جميع إشكالات الدولة السودانية عبر الحلول الأمنية، وتجييش الشعب لمواجهة بعضه وعدم الاعتراف بالتشوهات التاريخية التي صاحبت نشأة دولة ما بعد الإستعمار وتبنيه للأحادية الثقافية وقطع الطريق أمام التعددية الديمقراطية كل تلك المصائب جعلت من المشروع الإسلاموي الأداة الأكثر فعالية في تقسيم البلاد وفشل وحدتها الوطنية وبالتالي صار مشروعهم هذا، الأفشل بإمتياز على امتداد الحقب التاريخية التي تعاقبت على حكم هذا الجزء من إفريقيا. وليس أمام السودانيين من سبيل لإنقاذ ماتبقى من بلادهم الممزقة، سوى الاستمرار في تجذير ثورة ديسمبر العظيمة عميقاً في وجدان الشعب السوداني ومقاومة كافة تصورات المتاسلمين لمسحها من ذاكرة الشعب بكافة الأساليب التي لن تكون آخرها الحرب المدمرة الحالية، وليس من سبيل كذلك إلا بقطع الطريق أمام الإنقلابات العسكرية وتبني خيارات التعددية السياسية والدولة المدنية والخيار السلمي الديمقراطي بتأسيس دولة مدنية قابلة للحياة.
وسيظل المشروع السياسي الإسلاموي في السودان حليفاً دائماً للفشل طالما اختار طريق السلطة عبر الإنقلاب واستمر في طرح أُحَادِيَّتِة الفكرية وصادر حق الآخرين في الوطن ، فنجاح أي مشروع سياسي في السودان واستمراريته رهين بمخاطبتة لقضايا الشعب السوداني كاملة والاعتراف بها وبتنوع هذا الشعب وتباين قضاياه اليومية المُلِحَّة إذ أن ما يجمع هذا الطيف المتنوع من البشر في أرض السودان هو الدولة الوطنية وليس غيرها من الإفتراضات الأخرى كالعقيدة او الأيدولوجيا أو القومية أو أية إدعاءات أخرى خلا حقيقة الدولة الوطنية الحديثة، والتي هي في الأساس عقد إجتماعي يمنح هذا التباين الشعبي حق التفويض التشريعي النيابي الكامل لهذا الطيف المتنوع بلا استثناء أو تحايل على أن يكون كل ذلك عبر الوسائل الديمقراطية جنباً إلى جنب مع أدوات استدامتها كالرقابة الدؤوبة والمحاسبة الدقيقة والحوكمة الحديثة ومتطلباتها ومنطق تحمل المسؤولية ومن ثَمَّ الإحتكام للنظام القضائي المتفق عليه وفق المباديء الدستورية وفوق الدستورية المتفق عليها من الشعب.
في المقابل تنطوي فكرة المشروع الإسلاموي على أسس تتناقض مبدئياً مع الطريق الديمقراطي ومع سيادة حكم الدستور ومع التداول السلمي للسلطة داخل حدود الدولة الوطنية، وهذه الأخيرة (أي الدولة الوطنية) لا تمثل لجماعة المتأسلمين أية قيمة حقيقية سوى أنها درج عابر في سلم التمكين المُوْصِل إلى أستاذية العالم حسب مرتكزات التنظيمات الإسلاموية بما فيها مجموعة السودان صاحبة التجربة موضوع المبحث والتي يجمعها وبقية تيارات المتأسلمين الأخرى النهل من معين جماعة الأخوان المسلمين الآسن؛ حيث أن مؤسس هذه الجماعة قد رسم سلفاً طريق الإنتقال من (واقع الضعف إلى سطوة التمكين تدرجاً عبر الفرد فالأسرة فالمجتمع ثم الدولة ثم الخلافة الإسلامية وأخيراً إلى أستاذية العالم، والتي تستبطن في محصلتها النهائية مفاهيم الإقصاء وتُرَسِّخ للظلامية وتَعَهُد القطيعية والتجهيل والإدعاء بامتلاك الحقيقة المطلقة كما وتنطوي أيضاً على الطاعة العمياء والاستعلاء والجزم بأخوة العقيدة دون أخوة الوطن ومبدأ الحاكمية وغيرها من المفاهيم التي تتعارض مع فكرة الدولة الديمقراطية الحديثة)*
وفي المقابل تُكَرِّس لديكتاتورية ثيوقراطية تُأَلِه الجماعة المتأسلمة وترفض كل ما سواها داخل المذهب الواحد والملة الواحدة ناهيك عمن هم بداخل الدولة المتعددة الملل والإثنيات والثقافات كالسودان.
وبما أن هذه الجماعة لم تعترف مطلقاً بسقوط مشروعها السياسي في السودان قبل وبعد ثورة ديسمبر 2018 والمستمرة حتى كتابة هذه السلسلة، فإنها في المقابل قد توعدت الجماعة المتأسلمة الشعب السوداني بالويل والثبور والهلاك إن استمر في رفضه لمشروعها السياسي الذي هو مشروع (الله) في السودان وأن جماعة المتأسلمين لا غيرهم، هم الوكلاء المقدسين لإنزال هذا المشروع من السماء للأرض كل ذلك حسب رؤية الجماعة ووفق استعلائها وأسلوبها في (سواقة الناس) ووفق مصادرتها لفضاءات الآخرين في اختيار ما يناسبهم من مشاريع سياسية، وبالطبع في مقدمة هؤلاء المستهدفين بالوعيد قوى الثورة بكامل طيفها مع التركيز على مجموعات الحرية والتغيير ولجان المقاومة والقوى الرافضة لمشروع الجماعة من داعمي التغيير الجذري والقوى المسلحة المستعصمة برؤية الحل الشامل لقضايا السودان وليس الاختزال المخل في قضايا السلطة والثروة.
إن رفض الجماعة المتأسلمة لمبدأ الثورة على مشروعها السياسي وعدم المراجعة الفكرية لأهم مرتكزات مشروعها الإقصائي وتماديها في عرقلة الإنتقال الديمقراطي في السودان لدرجة تفجير الوضع في 15 أبريل 2023 كحرب شاملة تهدد كل الإقليم بعدم الاستقرار، ماهو إلا ترجمة عملية لرفضهم الإعتذار للشعب السوداني عن أخطاء تجربتهم المدمرة والمضي قدماً على ذات نهج المرتكزات الفكرية لمشروعهم المناويء والمحطم لآمال الشعب السوداني في الحرية والسلام والعدالة والبحث عن حياة كريمة للشعب السوداني على بينةٍ من الوحدة والمشاركة والرفاه والتقدم.
فقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن المتورطين في هذه الحرب العبثية الدائرة الآن بالسودان، هم أعداء التحول الديمقراطي والحكم المدني من أئمة الإرهاب المتأسلم وطبقة الفاسدين المرتبطين بهم. وهم نفس الجماعة التي لا ترى في التحول المدني الديمقراطي سوى الطريق لاسترداد الحقوق التي سلبوها من الشعب وعودتها بالوسائل القانونية لأهلها ومستحقيها كما وتدرك الجماعة المجرمة أيضاً أن التحول المدني الديمقراطي يستوجب المشي في طريق العدالة وذاك حتماً سيؤكد إنزال العقاب المناسب على كل ما اغترفت هذه الجماعة من جرائمٍ عظيمةٍ في حق الشعب السوداني طيلة الأربع والثلاثين عاماً الماضية التي فصلت بينهم وبين آخر تجربة حكم مدني انتهت في صباح الثلاثين من يونيو عام1989، وهنا سيمضي الشعب وسيستمر في نعتهم بتحالف الشر و الشيطان الآثم بين جماعات المتأسلمين بمشروعهم السياسي والمجموعات الإنقلابية داخل المؤسسة العسكرية والمليشيات المسلحة التي تتبع للجماعات المتأسلمة(كتائب الظل الإرهابية حسب وعيد أحد قادتهم إبان ثورة ديسمبر) والتي تعمل كظهير للمجموعات الانقلابية تتوزع بين القوى العسكرية والأمنية والشرطية وداخل سلك الخدمة المدنية والإتحادات النقابية والمنظمات الطوعية والطلابية والجمعيات الخيرية والتشكيلات الأهلية والقبلية متخذة أسماء عديدة تؤكد طبيعتها الإرهابية والاستعلائية وغير الدستورية، والتي أُنشئت أصلاً لتكون خط رجعة مناسب يُمَكٍِن هذا التحالف المجرم من عرقلة أية جهد من الشعب السوداني لاستعادة قواته المسلحة وأجهزته العسكرية والمدنية وردها إلى سلطان الشعب ودستور الدولة والحكم المدني الديمقراطي والتبادل السلمي للسلطة في بلد متعدد الهويات والثقافات والأديان فضلاً عن تعدد الجيران في محيط جيوسياسي أقل ما يوصف بالمهم والاستراتيجي للسلم والأمن الدوليين.
وقد عملت هذه القوى مجتمعة على جمع ثروات هائلة عبر طرق متعددة كغسيل الأموال والرشاوي والسرقات والمصادرات والعمولات والتهريب والتهرب الضريبي والمضاربات في العملة والسلاح والمخدرات والمحروقات والسلع الضرورية كالدقيق والدواء عبر تمويلات مصرفية خارج القوانين ولا تستوفي أدنى شروط الحوكمة فضلاً عن الإعفاءات الجمركية والضريبية، الأمر الذي مَكَّنَهَا من بناء إمبراطوريات مالية هائلة ولكنها غير قانونية، تدير من خلالها كل عملياتها الإرهابية جنباً إلى جنب مع عمليات إفساد الذمم الممنهج والضروري حسب رؤيتهم داخل وخارح السودان في سبيل إبقائهم في السلطة أطول فترة ممكنة غير عابئة بمآلات ونتائج هذه الممارسات غير القانونية، كالحروبات الأهلية الناجمة عن تنكب هذا الطريق الشيطاني ونتائجه مثل المجاعات والتدهور المريع في حقوق الإنسان وبروز مهددات الوحدة الوطنية وأجندات الإنقسام الجهوي والعرقي فضلاً عن تعكير علاقات حسن الجوار والسلم الإقليمي والدولي (إيواء جماعات إرهابية ودعمها لتنفيذ جرائم - بن لادن والمدمرة كول وسفارات اميريكا بنيروبي ودار السلام ومقتل غرانفيل ومحاولة اغتيال حسني مبارك .....) وعدم المبالاة بالنتائج المترتبة على ذلك المسلك الإرهابي حتى لو أدي كل ذلك لعقوبات دولية قاسية على الشعب السوداني ( صدرت بحق الدولة السودانية قرارات إدانة وعقوبات عديدة من الأمم المتحدة)، أو ادت لإنفصال أو استقلال بعض أجزاء السودان (جنوب السودان) طالما سيمكنها ذلك من إحكام قبضتها لحكم ما تبقى من الوطن أو حتى التنازل عن بعض أجزاء السودان للجوار الطامع في مقدرات وموارد هذه الدولة المترامية والدامية الأطراف ( حلايب، الفشقة، أم دافوق).
وبناءً على ما سبق، فإن الصراع الدائر الآن في السودان مطلوب لذاته، فهو غاية في حد ذاته لجماعة الأخوان المسلمين فرع السودان لتحقيق أحد امرين ليس إلا، وهما :
*(1) إما تنفيذ خطة ممنهجة للجماعة المتأسلمة للعودة لمسرح السلطة والإنفراد بها، وبالتالي فرملة رغبة الشعب السوداني في محاكمتهم، وايقاف مد ثورة ديسمبر العظيمة التي ترتكز على موروث سابقاتها ثورتي أكتوبر وابريل وتتقدم عليها بتعاظم رصيدها النضالي وتراكم فعلها الثوري ووعي مفجريها بضرورة تأسيس دولة مدنية عظيمة توقف الدائرة الشريرة ( انقلاب - ثورة - انقلاب) مما يشكل نموذجاً يحتذى في الإقليم لا يقبله بعض جوار السودان ولا تقبله بالضرورة مخالبه المتسخة في الداخل كالجماعة المتأسلمة وغيرهم من الانقلابيين ممن لم يراهنوا يوماً على الشعب السوداني وتطوره الديمقراطي الطبيعي.
أو
* (2) في حالة فشل الأمر الأمر الأول، فإن الصراع سيأخذ شكل الحرب الأهلية الشاملة بغية تدمير الدولة السودانية بالكامل وإيصالها لمرحلة الفشل الماحق وبالتالي سيسقط عملياً مشروع العدالة والمحاسبة والقصاص على جرائم انقلابهم على النظام الديمقراطي وسرقة موارد السودان وجرائم الإبادة الجماعية والقتل والاغتصاب والتعذيب والاختطاف والإخفاء القسري والإرهاب والإغتيالات الممنهجة وكل القبح الذي تراكم عبر سنوات الديكتاتوريات والمظالم التاريخية، ليكون المناخ العام في هكذا دولة فاشلة مناسباً فقط للمقايضة بين استتباب الأمن وبين السماح لهؤلاء المجرمين بالمشاركة في تأسيس الدولة ومن ثم ايقاف الحرب واستيعابهم في أية معادلة قادمة للحل السياسي، ينافسهم في ذلك شريكهم في الإنقلاب الأخير على الإنتقال ( الدعم السريع) والذي ولدته الجماعة المتأسلمة من رحم فسقها ووحي ألاعيبها الشيطانية واختارت له الإسم والسلاح والقوانين والقيادة ومكنته من موارد الشعب وضربت به خصومها السياسيين في كافة الجبهات المدنية والمسلحة بأقسى أساليب العنف الإجرامي كفصيل مسلح لجهاز مخابراتها أولاً ثم ذراع للجيش لاحقاً، دون مراعاة لأدنى استراتيجيات الأمن القومي برغم إدعاءاتهم المفضوحة وتبجحهم المتكرر بالمقدرات الأمنية والتي لايجيدون منها سوى أفاعيل الظلاميين في الممارسات الإرهابية مثل دق المسامير في رؤوس النقابيين الشرفاء (د. علي فضل) وإدخال الخوازيق في أدبار المعلمين الشجعان الأوفياء (أستاذ: أحمد الخير)، ثم بعد ذلك قلبت للدعم السريع ظهر المجن حينما إشتدت شوكته وربى سنامه، فتشككت الجماعة في ولائه واستنكرت رغبته في الافلات من استغلالها له، ومن ثم أرادت ولأجل مسحه من الوجود أن تمتطي للمرة الرابعة (1989- 2019- 2021- 2023) ظهر القوات المسلحة السودانية المسلوبة الإرادة والمختطفة من أعلى قيادتها من مجرمي الجماعة المتأسلمة،
وهي التي سبق وأن سَخَّرَت للدعم السريع قبل ذلك الشرعنة والحماية عبرالأجهزة الأمنية والعسكرية والشرطية والعدلية والمالية والإعلامية واستغفلت فيه كل هذه الأجهزة والرأي العام السوداني والإقليمي لتمرير مخططاتها للانفراد بالسلطة مستبقة بذلك الجهد المبذول من بعض فصائل الثورة ومن البعثة الأممية لتسهيل الانتقال الديمقراطي ومن بعض أيادي الخير من الجيران والعالم الخارجي والذين سعوا فيما سعوا إلى دمج الدعم السريع وكافة قوات الحركات المسلحة في الجيش السوداني بغية الوصول لجيش مهني محترف يحمي الدستور والدولة المدنية ، ولإفشال هذا الجهد استعانت جماعة المتاسلمين ببعض أجهزة المخابرات الإقليمية والدولية لتحقيق أهدافهما الشريرة وطبعاً بحبلٍ من بعض القوى المحسوبة على الثورة زوراً من أجل اسقاط الوثيقة الدستورية أولاً ثم الاتفاق الإطاري لاحقاً.
بينما تورط هذا الدعم السريع في جرائم الذين صنعوه من مجرمي المتاسلمين فولغ في دماء الشعب السوداني وموارده وأعرافه وقِيَمِه ثم طفق يبحث عن سبيل لمسح ما لحق بسمعته التي لطَّخَهَا صانعيه وقد كشفت هذه الحرب ألا فرق بين الرمضاء والنار طالما المستجير بأحدهما او كليهما هو شعب السودان العظيم.
وفي تناقض بائن من حيث مكان ونقطة انطلاقة إسقاط الثورة (شرق السودان ومصر) ومن حيث تبني مبدأ تخوين الآخرين، قامت جماعة المتأسلمين الإرهابية عبر بعض قياداتهم الاستخبارية والامنية (المطلوب للعدالة قائد جهاز الأمن والمخابرات السابق المتواجد في ضيافة المخابرات المصرية) وبعض القيادات الدستورية (آخر رئيس وزراء في حكومة البشير المطلوب للعدالة) وبعض القبيليين والهاربين من العدالة والمتواجدين بالجوار السوداني (مصر) قاموا مع آخرين طبعاً بتوريط الجيش السوداني والشعب السوداني في حرب لمصلحة التنظيم المجرم (وهذا مكمن التناقض) لتعود جماعة المتأسلمين للمرة الأخيرة عبر بوابة الجيش في مشهد أقل ما يوصف به هو العمالة والإرتهان للمخابرات الأجنبية والإستعداد الفطري للخيانة وتلاعب الجيران بأمن السودان القومي، بينما سَخَّر الطرف الثاني ( الدعم السريع)، زراع المتأسلمين الذي (غدر) بهم ومن أجل تحقيق طموح قادته في إعادة تشكيل معادلة السلطة من ناحية، ومن أجل الهروب من العدالة جراء ما اغترفت يداه في حق الشعب السوداني منذ تأسيسه في أعقاب حروب دارفور الأهلية إلى ما بعد إنقلاب 25 أكتوبر 2021 من ناحية أخرى، وهو الذي قد اُستُخدِم سابقاً لعرقلة التحول المدني الديمقراطي وارتكب فظائع في سبيل ذلك، فقد سَخَّرَ واستخدم أموال الشعب السوداني المسروقة مرتبطاً بمجموعات ارهابية دوليه
واخرى اقليمية وثالثة من بعض فصائل الحرب في دول مجاورة، لمحاربة الجيش السوداني بغية تفكيكه بإعادة تشكيله ليناسب فرضية تعديل معادلة السلطة في السودان أو بإحلال المليشيات القبلية العابرة للحدود مكانه بالتعاون مع المخابرات الأجنبية وبعض الجوار ومن ثم احكام سيطرتهم على السودان وإدخاله ضمن منظوماتهم الممتدة عبر الصحراء الإفريقية ليتضح للجميع وهنا فقط أن كلا الطرفين (المتأسلمين بضباطهم الإنقلابيين وقوات الدعم السريع) متفقين على تفكيك الجيش السوداني وتدمير الدولة السودانية تبعاً لذلك.
//////////////////////