مهنة تجمع بين التعب والمتعة والشغف
خالد البلولة
3 September, 2023
3 September, 2023
*ايام الديمقراطية الثالثة ركبت مواصلات من الجزيرة متجها للخرطوم بغية التدريب فى صحيفة السوداني،وكانت مكاتبها جهة عمارة الفيحاء بنك فيصل الاسلامي ولا اعرف احدا فيها، هناك وجهوني الى الاستاذ راشد عبد الرحيم اظنه سكرتير التحرير وشرحت له هدفي من الزيارة ،فقال(يعنى انت داير تشتغل فى مهنة البحث عن المتاعب ؟)اندهشت من الوصف فقال:(اهم حاجة عندنا الالتزام يوميا تجي بدري وتطلع متين ما معروف)شعرت انني تورطت بكلامه ده يفترض احضر يوميا من الجزيرة الى الخرطوم وارجع والتذكرة طرادة عند الذهاب والاياب (٢٥ قرش) =٥٠ قرش ومازلت طالبا وبعدها امشي راجلا من مطعم العيلفون بالسوق العربي حتي مبنى الصحيفة فكرت استطيع الاستمرار.
*عرفت الصحافة بمسميات كثيرة بصاحب الجلالة وبالسلطة الرابعة،الذي تعود نشأته إلى بداية بزوغ الأنظمة الديمقراطيّة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر،عندما قال المفكّر البريطاني أدموند بروك في إحدى جلسات مجلس البرلمان البريطاني:(هناك ثلاث سلطاتٍ تجتمع تحت سقف البرلمان لكن في قاعة المراسلين تجلس السلطة الرابعة وهي أهمّ منكم جميعاً)،وظيفة الصحافة منذ ظهورها البحث والتنقيب عن حياة الناس وتفاصيلهم، فهي تقتات وتتغذي على الاحداث والوقائع التي ترتبط بهم،لذلك تعد مهنة مضنية ومرهقة فى لذلك نعتت بمهنة البحث عن المتاعب،ونعتت الصحافة باسماء عدة وسميت بمهنة الموت لان الصحفي أثناء تغطيته للاحداث فى مناطق الازمات والكوارث يتعرض لضغوط شديدة ومتابعة مستمرة متقصيا عن الاحداث وصناعة الاخبار ويكون عرضة لامراضٍ مميتة وصدق الشاعر العباسي ابن نباتة السعدي عندما قال:
ومن لم يمت بالسيف مات بغيره
تعددت الأسباب والموت واحد.
ولم يخطر ببال الشاعر أن مهنة الصحافة تعد من اسباب المؤدية الى فقدان الحياة،وتشير نتائج دراسة أعدها ونشرها علماء فى معهد قوانغتشو في الصين بشأن أخطر المهن على صحة وحياة الإنسان وشملت الدراسة حوالي 140 ألف شخص يمارسون مهناً مختلفة، صنّفت الصحافة واحدة من تلك المهن المميتة خاصة المراسلين الذين يغطون الحروب والكوارث حيث يتعرض معظمهم للتهديد بالاغتيال والاعتقال والتعذيب وامتدت خطورتها إلى الصحفيين العاملين في مجالات آمنة كمقدمي البرامج والمخرجين والباحثين حيث يعانون من توتر وضغط كبيرين بسبب الرغبة في الوصول الي السبق الصحافي إلى جانب ما تفرضه بعض الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية القائمة في مجتمع ما،قد يضعهم تحت تأثير الضغط النفسي الشديد والاحتراق الوظيفي الذي ينتج عن الإجهاد المزمن في مكان العمل.
ويواجه الصحفيون اليوم ايضا تحديات كثيرة وتهديدات مزعجة منها الرقابة والترهيب والاعتداء المباشر و بالاضافة للتحولات التقنية الحديثة التي طالت المهنة واصبحت مهددا لاستمرار الصحفيين فى وظائفهم.
*منذ أن ذاع صيت مصطلح السلطة الرابعة مع المؤرّخ توماس كارليل في كتابه(الأبطال وعبادة البطل في التاريخ) توقع كارليل (أن تؤدي الصحافة دورٌا أساسياً في ولادة الديمقراطيّة ونموِّها وتنشر (الحقائق وتُثير الثورات ضدّ الطغيان.ورغم قناعتي أن مهمة الصحافة هي البحث عن الحقيقة لكنها لا تستطيع قول الحقيقة لتقديرات سياسية وتعقيدات قانونية وضغوط اقتصادية متباينة وهذه هي عين الحقيقة التي تتحاشاها الصحافة وتغض الطرف عنها رغم انها مكتوبة بنارها. ومن هذه التعقيدات ان الاعلام يمارس سياسة وضع الاجندة ونجدها عند انتشار بعض الاامراض المعدية التي ترمي بظلالها على الاوضاع السياسية والاقتصادية فى بلدما ،تفضل الصحافة عدم النشر او البث و تبتكر مسميات يكون ضررها اخف على البلاد مثل(فجوة غذائية تعنى المجاعة،الاسهال المائي وهي الكوليرا الخ ))او يبرر لذلك بقول نسب لسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قوله:(ليس كل ما يُعْرَف يُقال وليس كل ما يُقال حَضَرَ أهلُه وليس كل ما حَضَرَ أهلُهُ حان وقته وليس كل ما حان وقته صَحَّ قوله)ونسب للشاطبي :(ليس كل علمٍ يُبَث ويُنْشَر، وإنْ كان حقاً).
تعد هذه المهنة المضنية المرهقة المرتبطة بالمتاعب تجدها فى الوقت نفسه ،مهنة ممتعة ومشوقة وفيها مغامرة محببة راس مالها الاطلاع المستمر والشغف الدائم عن المعرفة وتجمعك بانماط مختلفة من البشر بدءاً من عامة الناس الي خاصتهم(الوزير والخفير والعامل والمدرس والرئيس والتاجر).
*ضمن المحاضرات التدريبية فى مقرر التحرير الصحفي،اقول للطلاب الصحافة مهنة تجمعك بانماط مختلفة من الناس،قد تلتقي الرئيس يوما وتلتقي محكوما بالاعدام فى اليوم التالي، سالني احد الطلاب يمكن ان نلتقي المسؤول الفلاني،فقلت ولم لا ؟وقمنا ذات يوم بزيارة مع عدد من الطلاب الى احد المسؤولين الكبار فى الدولة،وقابل المسؤول الطلاب بترحاب شديد،واستمتع الي استفساراتهم دون حرج، فساله احد الطلاب (لم اتوقع يوما ان اتحدث اليك؟) فرد عليه :(انت سلطة رابعة )،وقلت له :(وايضا هي مهنة المتاعب)
khalidoof2010@yahoo.com
*عرفت الصحافة بمسميات كثيرة بصاحب الجلالة وبالسلطة الرابعة،الذي تعود نشأته إلى بداية بزوغ الأنظمة الديمقراطيّة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر،عندما قال المفكّر البريطاني أدموند بروك في إحدى جلسات مجلس البرلمان البريطاني:(هناك ثلاث سلطاتٍ تجتمع تحت سقف البرلمان لكن في قاعة المراسلين تجلس السلطة الرابعة وهي أهمّ منكم جميعاً)،وظيفة الصحافة منذ ظهورها البحث والتنقيب عن حياة الناس وتفاصيلهم، فهي تقتات وتتغذي على الاحداث والوقائع التي ترتبط بهم،لذلك تعد مهنة مضنية ومرهقة فى لذلك نعتت بمهنة البحث عن المتاعب،ونعتت الصحافة باسماء عدة وسميت بمهنة الموت لان الصحفي أثناء تغطيته للاحداث فى مناطق الازمات والكوارث يتعرض لضغوط شديدة ومتابعة مستمرة متقصيا عن الاحداث وصناعة الاخبار ويكون عرضة لامراضٍ مميتة وصدق الشاعر العباسي ابن نباتة السعدي عندما قال:
ومن لم يمت بالسيف مات بغيره
تعددت الأسباب والموت واحد.
ولم يخطر ببال الشاعر أن مهنة الصحافة تعد من اسباب المؤدية الى فقدان الحياة،وتشير نتائج دراسة أعدها ونشرها علماء فى معهد قوانغتشو في الصين بشأن أخطر المهن على صحة وحياة الإنسان وشملت الدراسة حوالي 140 ألف شخص يمارسون مهناً مختلفة، صنّفت الصحافة واحدة من تلك المهن المميتة خاصة المراسلين الذين يغطون الحروب والكوارث حيث يتعرض معظمهم للتهديد بالاغتيال والاعتقال والتعذيب وامتدت خطورتها إلى الصحفيين العاملين في مجالات آمنة كمقدمي البرامج والمخرجين والباحثين حيث يعانون من توتر وضغط كبيرين بسبب الرغبة في الوصول الي السبق الصحافي إلى جانب ما تفرضه بعض الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية القائمة في مجتمع ما،قد يضعهم تحت تأثير الضغط النفسي الشديد والاحتراق الوظيفي الذي ينتج عن الإجهاد المزمن في مكان العمل.
ويواجه الصحفيون اليوم ايضا تحديات كثيرة وتهديدات مزعجة منها الرقابة والترهيب والاعتداء المباشر و بالاضافة للتحولات التقنية الحديثة التي طالت المهنة واصبحت مهددا لاستمرار الصحفيين فى وظائفهم.
*منذ أن ذاع صيت مصطلح السلطة الرابعة مع المؤرّخ توماس كارليل في كتابه(الأبطال وعبادة البطل في التاريخ) توقع كارليل (أن تؤدي الصحافة دورٌا أساسياً في ولادة الديمقراطيّة ونموِّها وتنشر (الحقائق وتُثير الثورات ضدّ الطغيان.ورغم قناعتي أن مهمة الصحافة هي البحث عن الحقيقة لكنها لا تستطيع قول الحقيقة لتقديرات سياسية وتعقيدات قانونية وضغوط اقتصادية متباينة وهذه هي عين الحقيقة التي تتحاشاها الصحافة وتغض الطرف عنها رغم انها مكتوبة بنارها. ومن هذه التعقيدات ان الاعلام يمارس سياسة وضع الاجندة ونجدها عند انتشار بعض الاامراض المعدية التي ترمي بظلالها على الاوضاع السياسية والاقتصادية فى بلدما ،تفضل الصحافة عدم النشر او البث و تبتكر مسميات يكون ضررها اخف على البلاد مثل(فجوة غذائية تعنى المجاعة،الاسهال المائي وهي الكوليرا الخ ))او يبرر لذلك بقول نسب لسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قوله:(ليس كل ما يُعْرَف يُقال وليس كل ما يُقال حَضَرَ أهلُه وليس كل ما حَضَرَ أهلُهُ حان وقته وليس كل ما حان وقته صَحَّ قوله)ونسب للشاطبي :(ليس كل علمٍ يُبَث ويُنْشَر، وإنْ كان حقاً).
تعد هذه المهنة المضنية المرهقة المرتبطة بالمتاعب تجدها فى الوقت نفسه ،مهنة ممتعة ومشوقة وفيها مغامرة محببة راس مالها الاطلاع المستمر والشغف الدائم عن المعرفة وتجمعك بانماط مختلفة من البشر بدءاً من عامة الناس الي خاصتهم(الوزير والخفير والعامل والمدرس والرئيس والتاجر).
*ضمن المحاضرات التدريبية فى مقرر التحرير الصحفي،اقول للطلاب الصحافة مهنة تجمعك بانماط مختلفة من الناس،قد تلتقي الرئيس يوما وتلتقي محكوما بالاعدام فى اليوم التالي، سالني احد الطلاب يمكن ان نلتقي المسؤول الفلاني،فقلت ولم لا ؟وقمنا ذات يوم بزيارة مع عدد من الطلاب الى احد المسؤولين الكبار فى الدولة،وقابل المسؤول الطلاب بترحاب شديد،واستمتع الي استفساراتهم دون حرج، فساله احد الطلاب (لم اتوقع يوما ان اتحدث اليك؟) فرد عليه :(انت سلطة رابعة )،وقلت له :(وايضا هي مهنة المتاعب)
khalidoof2010@yahoo.com