من ادب الموتى…. صور من حكايات الموتى السودانيين في الاخرة

 


 

 

صاح احدهم هذا الانتظار لا يطاق هذا الانتظار سيقتلني غيظا .
اجابه صوت جاف من خلفه ..... الانتظار يكتلنا كيف يا زول انت نسيت انو نحن أصلا ميتين ولا شنو وانفجر كل الواقفين في الصف ضاحكين ..
هكذا بدا المشهد في الاخرة ..هذا المكان الذي لم تره عين ولم تسمع عنه اذن ولا خطر بقلب بشر .
كان محمد احمد يقف سارحا في صف الموتى وهو يتمم وبعدين مع الانتظار الماعارفين نهايتو متين دا ما هو ما ممكن...
انتظار في المستشفيات
انتظار في المقابر
انتظار في المعابر
انتظار في صف الجوازات
انتظار عشان الحرب دي تنتهي
قطع عليه التفكير صوت احد الموتى متسائلا يا خوانا الهناك ديل انتو من وين ؟...
رد احدهم والله نحن جينا هسه دي من سوق قورو ...يا داب دخلونا و سألنا قالو لينا امشوا بي جاي تلقوا السودانيين كلهم واقفين هناك .
و انتو من وين .. رد السائل نحن من الجنينة والله كنا مارقين ماشين تشاد بعد ضربة السوق لموا فينا الدعامة في الطريق قرضونا ليك ...كلنا من طلع مننا زول 45 شخص تصدق ...عشان يسترونا ما لقو زمن ...الا حفروا لينا حفرة و كبونا فيها يعني الواحد لا قدر يعيش بي كرامة ولا قدر كمان يموت بي كرامة ...
و انتو يا الناس الواقفين هناك ديل تبع وين ..
نحن والله ناس امبدة ...
بالله انتو ال 21 الضربوهم بي الدانة ...
أي ياهم زاتم .
وانت ياحاج طلقة ولا شنو ...
لا والله انا جيت من حلفا ...
يا زول معركة الكرامة دي حصلت هناك برضو
لا لا والله انا جيت من المعبر كنت ماشي القاهرة للعلاج ظهر لي سرطان في عز الحرب دي ....اها لمن جينا المعبر قالو جوازي منتهي و لازم يتجدد المهم هاك يا انتظار و جري ورا السماسرة في النهاية قالو لينا ممكن الجواز يتمدد بي استيكر ...اها عملنا التمديد . جينا نقدم للفيزا قالو بالصف ولازم ننتظر 3 شهور عشان فيزة ولدي المرافقني تمرق .... ياهو نحن في الانتظار و الملاوة دي ربنا شال امانتو ....
اها لمن جيت هنا لموني معاكم ..قالو لي انت برضو تعتبر من ضحايا الحرب .
الظريفة لقيت واحد من الملايكة اللافين ديل قبيل سألني مستغرب قال لي انتو السودانيين ديل الحاصل ليكم شنو ؟ .من يوم 15 ابريل بقينا نستقبل يومي ما لا يقل عن 70 نفر لمن اضطرينا نفرزكم و نعمل ليكم حوش براكم .
و لان الشوق للوطن لا يعرف حدودا فإن بعض قدامى الأموات جاءوا وهم يحرقون شوقا لمعرفة اخبار السودان . وقد دلهم احد الملايكة الى حوش السودانيين وعندما وصلوا للحوش بدأوا يتساءلون مستقصين الأنباء سال احدهم شلة من الموتى في طريقهم يا اخوانا فيكم زول من الخرطوم ؟
رد أحد الموتى الجدد شفت الدكشة دي كلها من الخرطوم واحد وعشرين نفر من ام بدة جو في يوم واحد وفي لحظة واحدة .
رد الميت القديم مندهشا يا زول دا كلام شنو دا 21 ليه اصلو اصلو ضاربنهم بي دانة.
اجابه الميت الجديد وانت الصادق تصور سخريتك دي في محلها. والله فكونا ليك بي دانة ما شهدتنا زاتو ..ياخ انا مسافة ما اطلع القروش لي بتاع الدكان عشان أحاسبو انا وبتاع الدكان تمينا باقي حسابنا في الآخرة .
أما الزول الجنبي دا كانوا في عرس هو و اولادو ... دخلتهم البيت كدا بس لسه باقي العفش ما نزولو من العربية و العربية زاتو لسه ما بطلها الدانة جابت ليك خبرو هو و العيال ... مامرق منهم الا الولد الكبير و ياريت زاتو لو جا معاهم ... كان على الأقل اتلمو هنا سوا في مكان واحد ..... هسه خلو هناك لا ايد لا كراع ما معروف مصيرو شنو.
غرق محمد احمد مجددا في أفكاره .... و هو يغمغم ما كنت اظن انني سأشاهد في موتي احداث كهذه
واهم من ظن ان مصيره سيختلف عنا .... جميعهم سيأتون الى هذا المكان مرغمين .....جميعهم سيحاسبون على ما فعلو و سنكون يومها شاهدين على ذلك و سنقتص منهم امام الله .
وكان عند باب الحوش سمة قادمين جدد يتم التحقق من بياناتهم
سال احد الملائكة مستفسرا انو جاين من وين
رد احدهم انا تابع للدعم السريع
وانت .. انا من كتيبة البراء بن مالك
وانت .. انا من دارفور من القوات المشتركة
وانت .. انا من قوات العمل الخاص
أشار الملك بيده تجاه اليسار وقال لهم.... اذهبوا جميعا الى الجحيم فانتم السبب في امتلاء هذا الحوش .

yousufeissa79@gmail.com
//////////////////////

 

آراء