“من مواقع السيادة الوطنية، لا مواقع الرفض والمواجهة”

 


 

 

<abusaeeda1966@gmail.com

(في الرد على المقال الرابع للدكتور صديق الزيلعي) د.احمد عثمان عمر نشر صديقي د. صديق الزيلعي مقاله الرابع بعنوان "هل سنواصل هتاف لن يحكمنا البنك الدولي أم هناك بدائل؟"، وقال في مقاله بالحرف الواحد ما يلي:"كتب الكثير عن قضية الاقتصاد السوداني وأزماته والمقترحات لتخطي تلك الأزمات. وهنا لا نود الخوض في تلك النقاشات، ولكن سوف أناقش باختصار الموقف الرافض للتعامل مع البنك الدولي وصندوق النقد وموقفنا من المجتمع الدولي بصفة عامة (في الجوانب الاقتصادية)".

ومن الواضح أن د. صديق الزيلعي بنى كل أطروحته في هذا المقال على الرد على الموقف الرافض للتعامل مع البنك الدولي وصندوق النقد، وهذا يحتم أن نبحث عن موقفي في المقال موضوع رده، وفي موقف قوى التغيير الجذري، لنحدد هل هو رافض للتعامل مع البنك الدولي والصندوق أم لا، لنحدد أن هذا الرد في محله أم أنه إفترض موقفاً وخطاً غير موجود ليرد عليه. وفي ما يخصني سأنقل حرفياً ما أورده هو من مقالي ليرد عليه ، حين نقل عني ما يلي: " الخضوع التام لروشتة صندوق النقد الدولي، والتنكر للبرنامج الاسعافي ومخرجات المؤتمر الاقتصادي التي شاركت (قحت) نفسها في إعدادهما". وهذا يوضح أنني لم أرفض التعامل مع البنك الدولي والصندوق، بل رفضت الخضوع التام لروشتة صندوق النقد الدولي، كما رفضت التنكر للبرنامج الإسعافي ومخرجات المؤتمر الإقتصادي التي شاركت (قحت) نفسها في إعدادهما، والمقصود ب (قحت) في مقالي المجلس المركزي الحالي بالطبع.

وموقفي هذا هو موقف قوى التغيير الجذري دون إستثناء، وسآخذ لموقف هذه القوى موقف الإقتصادي النابه والكاتب الإقتصادي المتميز الأستاذ/ الهادي هباني، الذي يقول في إحدى مقالاته ما يلي: " فليس هنالك مخرجا للحكومة الإنتقالية لتتخطي الأزمة الاقتصادية الطاحنة اليوم غير السماع للجنة الاقتصادية لقوي الحرية والتغيير والتعاون معها لوضع خطة عاجلة للإصلاح تستند إلى شعارات الثورة وإلى معطيات البرنامج الاسعافي وبرنامج السياسات البديلة المقدم للحكومة الانتقالية منذ منتصف أكتوبر 2019م".

(لطفاً أنظر: https://sudanile.com/%D8%AD%D9%88%D9%84-%D9%85%D8%A7-%D8%AC%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%AF-%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A/"

 

وكذلك أنقل حرفياً التصريح المنقول عن د. صدقي كبلو عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي كما يلي: " وأوضح كبلو في حديث لـ”الترا سودان”، أنه لابد من التعامل مع صندوق النقد الدولي في ظل الوضع العالمي الحالي، لكن مع الوضع في الاعتبار للسيادة الوطنية، قائلًا إن السودان من حقه طالما نفذ شروط الصندوق؛ أن يحصل على المساعدات المالية.وأضاف كبلو: “التعامل مع المجتمع الدولي مهم لكن مع التمسك بالسيادة الوطنية وعدم التفريط فيها”، لافتاً إلى أن أحد السفراء الأوروبيين كان قد أبلغ اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير، والتي عارضت السياسات الاقتصادية لوزير المالية الأسبق إبراهيم البدوي، بضرورة القبول بالإصلاحات الاقتصادية.وتابع: “قال لنا السفير الغربي، من الذي سيوفر لكم الغذاء والدعم إذا لم تنفذوا الإصلاحات الاقتصادية؟”.وأردف قائلاً: “يجب أن نتفاوض من منطلق السيادة الوطنية. السودان نفذ جميع شروط الصندوق، ويجب أن يحصل على المقابل. إن التصريحات التي ترفض التعامل مع البنك الدولي والمؤسسات الدولية، غير واقعية”.

(لطفاً أنظر: https://www.alrakoba.net/31549312/%D8%B5%D8%AF%D9%82%D9%8A-%D9%83%D8%A8%D9%84%D9%88-%D9%85%D9%86-%D9%8A%D8%B1%D9%81%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84-%D9%85%D8%B9-%D8%B5%D9%86%D8%AF%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82/)

ومفاد ما تقدم هو أن د. صديق الزيلعي إفترض وجود موقف رافض للتعامل مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ورد عليه، في حين أن موقف قوى التغيير الجذري هو التعامل مع صندوق النقد الدولي من مواقع السيادة لا رفض التعامل، وهذين موقفين مختلفين تمام الإختلاف. فالحزب الشيوعي نفسه، طور موقفه من الرفض التام للتعامل مع صندوق النقد الدولي وتبنى المواجهة معه في ظروف تاريخية مغايرة تواجدت فيها فرص الإقتراض والإستدانة من المعسكر الإشتراكي السابق بشروط أفضل، إلى التعامل مع الصندوق من مواقع السيادة الوطنية، وهذه نقلة تعكس مرونة في التكتيك، مع موقف مبدئي يرفض الخضوع للإستعمار وحكمه. فقصارى ما تطلبه قوى التغيير الجذري هو التعامل مع الصندوق من مواقع السيادة، وفقاً للبرنامج الإسعافي المتوافق عليه. وهو برنامج تعامل مع الدين الخارجي ولم يتجاهله كما يقول د. صديق الزيلعي حين أورد في مقاله موضوع الرد ما يلي: " والأهم ان كل البرنامج الاسعافي المقدم لم يتعرض لقضية الديون، وهي أم مشاكلنا الاقتصادية"، في حين أن البرنامج الإسعافي خصص فقرة كاملة بعنوان " الدين الوطني العام"، ورد فيها ما يلي:" تتطلب عملية إعادة هيكل الديون الحصول على تمويل عاجل وخاص من صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الإقليمية لإحتياج البلاد في اثناء فترة إعادة الهيكلة أموال خارجية لتمويـل العجـز في الحـساب الجـاري وتمويل التجارة،يفضل الحصول على منح مالية عوضا عن القروض لمده عام للإيفاء بمتطلبات استيراد السلع الضرورية كالقمح مثالاً، وفي هذا الإطار نرى ضرورة أن تقوم الحكومة الإنتقالية بمخاطبة المجتمع الدولي و الإقليمي لطلب دعم على غرار خطة مارشال أوروبا عقب الحرب العالمية الثانية لأهمية تـدفقات المـساعدة الإنمائية الرسميـة في تحقيق اهداف التنمية المستدامة".

(لطفاً أنظر: https://rakobanews.com/sudan-news/political/20491/)

وهذا هو البرنامج الذي طالبت في مقالي بعدم التنكر له بالخضوع التام لروشتة صندوق النقد الدولي، وهو نفس البرنامج الذي تنادي قوى التغيير الجذري بالرجوع إليه، وتقبل التعامل مع صندوق النقد الدولي على أساسه من مواقع السيادة لا الخضوع والتبعية.

وحتى لا يقال بأن موقف قوى التغيير الجذري موقف آيدلوجي أو هتافي  كما يستشف من عنوان مقال صديقي د. صديق الزيلعي، يجدر بنا التنويه إلى تصريح الأمين العام للأمم المتحدة بشأن الصندوق حين نقل عنه ما يلي: "  يقول غوتيريس: «إن صندوق النقد الدولي إنتفعت به الدول الغنية بدلاً من الدول الفقيرة»، واصفاً إستجابة كلاً من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لجائحة كوفيد-19 بأنها فشل ذريع ترك عشرات البلدان مثقلة بالديون ......... وقال غوتيريس: «إن الوقت قد حان لمجالس إدارات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتصحيح الأخطاء التاريخية، والتحيز والظلم المتضمن في الهيكل المالي الدولي الحالي".

(لطفاً أنظر: http://nabdapp.com/t/121159597)

و لا أظن أن هناك من سيتهم غوتيريس بأنه يساري أو بأن موقفه آيدلوجي.

و الخلاصة هي أن صديقي د. صديق الزيلعي قد تصور وجود موقف رافض للتعامل مع البنك الدولي وصندوق النقد ورد عليه ناقداً، وهذا الموقف – إن وجد- هو ليس موقفي الوارد بمقالي الذي تعرض له بالنقد حتماً. فموقفي وموقف قوى التغيير الجذري هو عدم الخضوع لروشتة صندوق النقد الدولي، والتعامل معه من مواقع السيادة لا التبعية، مع عدم التنكر للبرنامج الإسعافي الذي وضعته قوى الحرية والتغيير (قحت) قبل إنقسامها، ولا أظن بأن د. صديق يخالفنا في ذلك. ولكن (قحت) تنكبت هذا الطريق، ووافقت رئيس الوزراء السابق على الخضوع التام لروشتة صندوق النقد الدولي والتعامل معه من مواقع التبعية، على عكس التجربة الفيتنامية التي ذكرها رئيس الوزراء نفسه في المؤتمر الإقتصادي على سبيل التهكم من إقتصاديي قوى الحرية والتغيير حينها، والتي قامت على التعامل مع الصندوق من مواقع السيادة الوطنية.

(نواصل الحوار)

 

 

آراء