(في الرد على المقال السادس للدكتور صديق الزيلعي)
د. أحمد عثمان عمر
29 September, 2023
29 September, 2023
abusaeeda1966@gmail.com
نعم لجبهة قاعدية واسعة، تبنى على أساس برنامج الثورة، وترفض الشراكة "نعم لتفكيك التمكين، لا للشراكة معه و إصلاحه"
في مقاله الخامس في الرد على أحد مقالاتي المنشورة، والذي عنونه "أولوية وضرورة تكوين أوسع جبهة لإيقاف الحرب "، ذكر صديقي د. صديق الزيلعي ما يلي:" الرفاق في تيار التغيير الجذري، وفي مقدمتهم الصديق والمفكر الشاب أحمد عثمان يصرون على أشياء في دماغهم، بعيدة عن الواقع، ويبنون تحليلاتهم عليها. فمثلا، حسب المقتطف أعلاه، يصف دكتور احمد انهم يريدون تفكيك التمكين، بينما تعمل قوى الحرية والتغيير على اصلاح التمكين. وبناء على تلك المعلومة يمضون في بناء تحليلات ومواقف ويرفضون التحالف، حتى من أجل إيقاف الحرب اللعينة"، ثم إستمر ليدلل على صحة زعمه المذكور بما ورد في وثائق رسمية وورش نلخصه فيما يلي: 1- تأسيس لجنة التفكيك ودورها. 2- ما ذكر من توصيات في ورشة 19 و20 سبتمبر 2021م التي أقامتها رئاسة مجلس الوزراء (أي قبل شهر واحد من الإنقلاب الأخير للجنة الأمنية للإنقاذ). وورد فيها – نقلاً عن د. صديق " ضرورة ان يشمل التفكيك كل أجهزة الدولة بما فيها الأجهزة النظامية لإحداث التحول الديمقراطي". 3- برغم الأسلوب غير الديمقراطي لنقيب المحامين المكلف ومنهج (قحت) في العمل الفوقي وعدم الحوار مع الآخرين، مسودة الإتفاق الإطاري عرضت على في إجتماعات لمختلف القوى و أصحاب الخبرات. هناك نواقص وثغرات كان يمكن إصلاحها بدلاً من الحرد. قضية ان الإتفاق الإطاري مفروض على شعبنا من القوى الاستعمارية، هو طرح يعتقد انه جانب الصواب لأن الإتفاق نص على "السلطة الانتقالية سلطة مدنية ديمقراطية كاملة دون مشاركة القوات النظامية". وخلص من ذلك إلى أن أسباب رفض الجذريين للتحالف مع (قحت) التي وصفها بالقوى الجادة في إنهاء الحرب غير مقنعة ومصطنعة، و أن الحديث عن جبهة قاعدية، فلا يوجد توضيح له وكيفية تكوين تلك الجبهة . و أرجو أن يكون تلخيصي للأفكار الواردة بمقال د. صديق صحيحة ومنصفة في حدود فهمي لها، مع التأكيد بأنني أختلف معها إختلافاً جذرياً لأنها غير مقنعة وهي تهزم نفسها بنفسها.
ما ذكره من أسباب لنفي أن قوى الحرية والتغيير (قحت) تعمل على إصلاح التمكين بدلاً من تفكيكه، لا يصلح لرد تهمة إصلاح التمكين بدلاً من تفكيكه لما يلي من أسباب:
1. ما أورده عن تأسيس لجنة التمكين ودورها يؤكد الدور الإصلاحي للتمكين بدلاً من تفكيكه. فاللجنة مكونة إستناداً إلى قانون شرع بموجب الوثيقة الدستورية المعيبة، التي أسست لشراكة كاملة مع التمكين وذراعه الضاربة اللجنة الأمنية للإنقاذ، وأعطتها اليد العليا و أخرجتها من سلطة الحكومة شبه المدنية، مما يجعل أي كلمات واردة بالقانون نفسه أو حتى بالوثيقة الدستورية مجرد كلمات لا أثر لها في أرض الواقع والتجربة أثبتت ذلك.
2. لجنة تفكيك التمكين لم تستطع تفكيك التمكين الأساسي وهو سيطرة اللجنة الأمنية على السلطة عبر شراكة الدم، وهيمنتها على 82% من الإقتصاد، وسيطرتها على العملية السياسية، والدلالة على ذلك ما نقله د. صديق نفسه من ورشة رئاسة مجلس الوزراء أعلاه "ضرورة ان يشمل التفكيك كل أجهزة الدولة بما فيها الأجهزة النظامية لإحداث التحول الديمقراطي". فكيف تكون اللجنة للتفكيك وليس للإصلاح وهي لم تشمل الأجهزة النظامية – هذا إذا إعتبرنا أن المصطلح يشمل الجيش والجنجويد و الأمن والشرطة وغيرها- حتى قبل شهر واحد من إنقلاب اللجنة الأمنية للإنقاذ الثاني بعد إنقلاب القصر؟
3. كل ما قامت به لجنة التفكيك تم مسحه والقضاء عليه بأحكام القضاء المسيس غير المستقل التابع للإنقاذ، والذي لم تتمكن لجنة التفكيك من إصلاحه ناهيك عن تفكيك التمكين فيه. وهذا يثبت أن الشراكة مع اللجنة الأمنية للإنقاذ لم تكتف بمنح الهيمنة على السلطة التنفيذية للتمكين، بل سمحت بهيمنته على السلطة القضائية، وبإختطافه للسلطة التشريعية بمساعدة ومشاركة (قحت)، فكيف تكون (قحت) عاملة من أجل التفكيك في هذه الحالة؟ هي في أحسن صورها عملت للإصلاح وفشلت فيه كما أثبتت التجربة العيانية لا بعض النصوص الواردة في وثائق أو ورش لا أثر لها في الممارسة ولا علاقة لها بطبيعة شراكة مقننة بنص الوثيقة الدستورية المعيبة، كل ما هو أدنى منها لا أثر له على الحياة السياسية أو الواقع العملي، ولا يصح معارضتها بأي وثائق أدنى منها أو مقررات واردة في ورش.
4. الإتفاق الإطاري مفروض على شعبنا من القوى الاستعمارية، وهو وثيقة تم التوصل إليها عبر تفاوض تم ضد إرادة شعبنا وقواه الثورية الذي كان يقدم الشهداء رفضاً لهذا التفاوض ورفضاً للتسوية والشراكة الناتجة عنه حتى حدوث الإنقلاب الأخير. وهو إتفاق سبقته مسودة الدستور المنسوب للجنة تسيير نقابة المحامين والذي نص على الكثير من النصوص التي وردت لاحقاً بالإتفاق، وتم الإثنان برعاية الآلية الدولية برئاسة فولكر ولم يتما عبر نقاش شعبي جماهيري أو بمشاركة الحركة الجماهيرية. وهو مفروض حتى على اللجنة الأمنية للإنقاذ التي إضطر فصيل منها لإشعال الحرب لتفادي الإتفاق الأخير الناتج عنه وشهادة قائد الجنجويد على إصرار الدول الإستعمارية عليه بعد الإنقلاب الأخير توضح من هو وراء هذا الإتفاق. فوق ذلك، هذا الإتفاق ناهضته جماهير واسعة بقيادة لجان المقاومة التي تمثل الثورة، وسعت الآلية الدولية للدول الإستعمارية المهيمنة على مجلس الأمن على تمريره وفرضه، مثلما سعى الأمين العام لفرض إتفاق برهان/ حمدوك المشرعن للإنقلاب الأخير عبر مباركته علناً.
5. نص الإتفاق على أن " السلطة الانتقالية سلطة مدنية ديمقراطية كاملة دون مشاركة القوات النظامية"، لا يعني أنه غير مفروض على شعبنا، لأن هذا النص نفسه غير صحيح متناقض ومخالف لنصوص أخرى واردة بالإتفاق نفسه. فالسلطة الإنتقالية يستحيل أن تكون سلطة ديمقراطية ، لأن الدستور الذي تكونت على أساسه غير ديمقراطي من حيث وسيلة تشريعه (دستور منحة بالحتم)، ولأن محتواه لابد أن يحتوي على شرعية ثورية تفكك وتقصي وتستبعد، ولأن مؤسساته التنفيذية والتشريعية لا تأتي بالإنتخاب، ولأن سلطته القضائية لا يمكن أن تصبح مستقلة إلا بإعادة هيكلة سياسية تمس مبدأ إستقلال القضاء في حال أخذه بشكل أكاديمي. كذلك الإتفاق نفسه نص على جسم دستوري غريب هو مجلس الأمن والدفاع، يرأسه رئيس مجلس الوزراء المدني ويخضع لقراراته حتماً، وهو مجلس سلطاته غامضة ، تهيمن عليه اللجنة الأمنية للإنقاذ وحلفائها ، ويمثل أصل الشراكة المستمرة ومركز السلطة الفعلي بموجب هذا الإتفاق. وهو أيضاً أخرج الجيش والجنجويد من سلطة الحكومة المدنية الإنتقالية، وجعل إصلاحهما في يدهما، وجعل من السلطة مجرد واجهة بلا سلطة فعلية وبلا حق في إحتكار إستخدام العنف الذي بقي فعلياً في يد اللجنة الأمنية للإنقاذ، وكل هذا ضد إرادة شعبنا وقواه الثورية الرافضة للإتفاق بمليونيات إستمرت في تقديم الشهداء. فمن كان يريد فرض هذا الإتفاق المشرعن للجنجويد و المؤسس لشراكة دم جديدة على شعبنا، (قحت) واللجنة الأمنية للإنقاذ وحدهما أم بضغط ورعاية وتوجيه الدول الإستعمارية؟.
ما تقدم يؤكد أن ما ذكره د. صديق من أسباب لنفي أن (قحت) تسعى لإصلاح التمكين بدلاً من تفكيكه غير مقنعة ولا تنهض بهذه المهمة، خصوصاً وأن رغبة (قحت) للعودة للتسوية السياسية أو الحل السياسي (التي تقود حتماً لشراكة دم جديدة) ليست سرية بل معلنة،و لم نسمع من هذا التحالف أنه لن يدخل في تسوية جديدة مع طرفي اللجنة الأمنية للإنقاذ ، أو أنه يدعو لطردهما من الخارطة السياسية. لذلك يبقى قولنا قائماً بأن "قوى التغيير الجذري تسعى لتفكيك التمكين، و(قحت) تسعى لإصلاحه)، لأن التفكيك ببساطة مستحيل في حال الشراكة مع العدو الذي يجب تفكيكه.
وللتوضيح بأن رؤية قوى التغيير الجذري حول الجبهة القاعدية المطلوبة لإيقاف الحرب، و أنها سابقة لمقالات د. صديق ولقوله أن الحديث عن جبهة قاعدية لا يوجد توضيح له وكيفية تكوين تلك الجبهة، أعيد نشر ما ورد بمقالي المنشور بتاريخ 7/6/2023م في عدد من المواقع الإلكترونية ومنها سودانيزأونلاين فيما يلي:
العامل الاساس في ايقاف الحرب ، هو الرفض الجماهيري لها ، وتحويل هذا الرفض الى وعي متكامل ومنظم ، تبنى على اساسه جبهة قاعدية واسعة ، ببرنامح يقصي الطرفين المتحاربين ، ويرفض مشاركتهما في الخارطة السياسية ، وتقديم بديل ثوري مبني على مشروع ثورة ديسمبر المجيدة ، يهزم الدعاية التي تجيش للحرب ونصرة طرف على آخر. وحتى لا يفهم من ذلك ان المقصود هو لملمة المدنيين كيفما اتفق ، يجب ان نؤكد بان هذه الجبهة اساسها البرنامج الرافض للحرب و للسماح برسلمة نتائجها من قبل الطرفين المتحاربين. والحد الادنى لهذا البرنامج الموحد هو ما يلي:
١- رفض وجود الطرفين المتحاربين في الخارطة السياسية ، والتمسك بشعار " العسكر للثكنات و الجنجويد يتحل " ، ويترتب على ذلك رفض اي حوار او تفاوض مع الطرفين او اي منهما ، مع رفض المشاركة في اي عملية تفاوضية تجمعهما.
٢- التمسك بمحاسبة الطرفين على جميع الجرائم التي ارتكباها قبل الحرب بما فيها فض الاعتصام وقتل الشهداء ، وكذلك جرائم الحرب التي تمت اثناء الحرب.
٣- إلغاء الوثيقة الدستورية المعيبة ووضع وثيقة جديدة لسلطة مدنية خالصة.
٤- إعادة هيكلة القوات المسلحة بواسطة مفصولي الخدمة العسكرية بعد إعادتهم للخدمة بقرار سياسي، وحل جهاز الامن ومليشيا الجنجويد.
٥- إعادة هيكلة الاجهزة العدلية ابتداءا بالسلطة القضائية بقرارات سياسية ، تؤسس للتخلص من اجهزة الانقاذ لبناء اجهزة انتقالية قادرة على تنفيذ مهام الانتقال.
٦- تعيين جهاز تشريعي من قبل الجبهة القاعدية ليقوم بمهام التشريع في الفترة الانتقالية.
٧- تعيين سلطة سيادية بصفة مستعجلة لملء الفراغ ، قبل ان تنتهي الحرب ، والبحث لها عن إعتراف دولي كبديل عن سلطة الامر الواقع الانقلابية، ضعيفة السيطرة قبل الحرب ، ومنعدمة السيطرة خلالها.
كل من يقبل بهذا الحد الادنى من غير الاسلاميين و غيرهم ممن يدعمون طرفي الحرب، هو عضو في الجبهة القاعدية العريضة المطلوبة بكل تأكيد.
الجبهة المطلوبة ، تقودها لجان المقاومة ، بعد إعادة هيكلة نشاطها في جميع المدن الاقليمية غير المتأثرة بالحرب ، على ان تبدأ من نشاط درء آثار الحرب ومواجهة مآسيها الانسانية ، وان توسع قاعدتها بإستيعاب كل الناشطين في المجال الانساني والاغاثي ، وان تنفتح على المواطنين جميعا بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية طالما انهم مؤمنين ببرنامج الحد الادنى المذكور أعلاه. يساند اللجان تجمع المهنيين غير المختطف، والنقابات المهنية في فرعياتها الاقليمية ، ومنظمات المجتمع المدني ، وتدعمها الاحزاب السياسية الوطنية. يبدأ هذا النشاط في كل مدينة ، لتفرز قيادة جبهوية للمدينة ، تنسق مع قيادة المدن الاخرى ، لتكون قيادة تنسيقية لكل المدن ، وتجعل من النهوض بالمهام المنوه عنها أعلاه أمرا متاحاً. هذه الجبهة عليها ان تقود النشاط المناهض للحرب بكافة وجوهه ، ابتداءاً من معالجة اوضاع المواطنين بالتعاون مع المغتربين الذين دعموا ثورة ديسمبر المجيدة ، مروراً بوضع تصور لبرنامج اعادة الاعمار وبناء الدولة و انتهاءاً بالعمل الدعائي و الاعلامي المنظم ، والبحث عن الاعتراف الدولي بها.
ووسيلة هذه الجبهة لاسقاط الطرفين المتحاربين ، هي الحفاظ على المدن غير المتاثرة بالحرب بعيداً عن سلطة الطرفين المتحاربين ، وبناء سلطة بديلة ، تفرض نفسها بقوة الجماهير عبر عصيان مدني تستصحب فيه تجربة الحرب والتدابير التي اتخذت لمساعدة المواطنين في ادارة حياتهم ، في حال رفض الطرفين الانصياع للضغط الجماهيري ، ولتسليم السلطة للشعب. تمكن الجبهة في مدن الاقاليم ، يرجح إنضمام عسكريين وطنيين أيضا إليها. وبكل تأكيد ستكون وسائلها (سلمية ضد الحرامية) ، ولن تحتكم الى السلاح.
ما تقدم يوضح المطلوب ، وضرورة التحرك الآن لا انتظار الحرب ان تنتهي او ان يفرض المجتمع الدولي وقف إطلاق نار على الطرفين المتحاربين ، لأن الانتظار يعني ان يفرض وقف إطلاق النار مع شروط سياسية دولية ، ستجعل من الطرفين جزءاً اصيلاً من المعادلة السياسية ، بعد ان تجلب الذين ينادون بالعودة للعملية السياسية من التسوويين ، للاتفاق على شراكة دم جديدة. وهذا يعني ان بناء الجبهة القاعدية يحقق هدفين، هما طرد الطرفين المتحاربين من العملية السياسية ، ومنع التسوويين من الدخول معهما في شراكة جديدة تمكنهما من حماية تمكينهما ، والإفلات من العقاب.
(نواصل الحوار)
نعم لجبهة قاعدية واسعة، تبنى على أساس برنامج الثورة، وترفض الشراكة "نعم لتفكيك التمكين، لا للشراكة معه و إصلاحه"
في مقاله الخامس في الرد على أحد مقالاتي المنشورة، والذي عنونه "أولوية وضرورة تكوين أوسع جبهة لإيقاف الحرب "، ذكر صديقي د. صديق الزيلعي ما يلي:" الرفاق في تيار التغيير الجذري، وفي مقدمتهم الصديق والمفكر الشاب أحمد عثمان يصرون على أشياء في دماغهم، بعيدة عن الواقع، ويبنون تحليلاتهم عليها. فمثلا، حسب المقتطف أعلاه، يصف دكتور احمد انهم يريدون تفكيك التمكين، بينما تعمل قوى الحرية والتغيير على اصلاح التمكين. وبناء على تلك المعلومة يمضون في بناء تحليلات ومواقف ويرفضون التحالف، حتى من أجل إيقاف الحرب اللعينة"، ثم إستمر ليدلل على صحة زعمه المذكور بما ورد في وثائق رسمية وورش نلخصه فيما يلي: 1- تأسيس لجنة التفكيك ودورها. 2- ما ذكر من توصيات في ورشة 19 و20 سبتمبر 2021م التي أقامتها رئاسة مجلس الوزراء (أي قبل شهر واحد من الإنقلاب الأخير للجنة الأمنية للإنقاذ). وورد فيها – نقلاً عن د. صديق " ضرورة ان يشمل التفكيك كل أجهزة الدولة بما فيها الأجهزة النظامية لإحداث التحول الديمقراطي". 3- برغم الأسلوب غير الديمقراطي لنقيب المحامين المكلف ومنهج (قحت) في العمل الفوقي وعدم الحوار مع الآخرين، مسودة الإتفاق الإطاري عرضت على في إجتماعات لمختلف القوى و أصحاب الخبرات. هناك نواقص وثغرات كان يمكن إصلاحها بدلاً من الحرد. قضية ان الإتفاق الإطاري مفروض على شعبنا من القوى الاستعمارية، هو طرح يعتقد انه جانب الصواب لأن الإتفاق نص على "السلطة الانتقالية سلطة مدنية ديمقراطية كاملة دون مشاركة القوات النظامية". وخلص من ذلك إلى أن أسباب رفض الجذريين للتحالف مع (قحت) التي وصفها بالقوى الجادة في إنهاء الحرب غير مقنعة ومصطنعة، و أن الحديث عن جبهة قاعدية، فلا يوجد توضيح له وكيفية تكوين تلك الجبهة . و أرجو أن يكون تلخيصي للأفكار الواردة بمقال د. صديق صحيحة ومنصفة في حدود فهمي لها، مع التأكيد بأنني أختلف معها إختلافاً جذرياً لأنها غير مقنعة وهي تهزم نفسها بنفسها.
ما ذكره من أسباب لنفي أن قوى الحرية والتغيير (قحت) تعمل على إصلاح التمكين بدلاً من تفكيكه، لا يصلح لرد تهمة إصلاح التمكين بدلاً من تفكيكه لما يلي من أسباب:
1. ما أورده عن تأسيس لجنة التمكين ودورها يؤكد الدور الإصلاحي للتمكين بدلاً من تفكيكه. فاللجنة مكونة إستناداً إلى قانون شرع بموجب الوثيقة الدستورية المعيبة، التي أسست لشراكة كاملة مع التمكين وذراعه الضاربة اللجنة الأمنية للإنقاذ، وأعطتها اليد العليا و أخرجتها من سلطة الحكومة شبه المدنية، مما يجعل أي كلمات واردة بالقانون نفسه أو حتى بالوثيقة الدستورية مجرد كلمات لا أثر لها في أرض الواقع والتجربة أثبتت ذلك.
2. لجنة تفكيك التمكين لم تستطع تفكيك التمكين الأساسي وهو سيطرة اللجنة الأمنية على السلطة عبر شراكة الدم، وهيمنتها على 82% من الإقتصاد، وسيطرتها على العملية السياسية، والدلالة على ذلك ما نقله د. صديق نفسه من ورشة رئاسة مجلس الوزراء أعلاه "ضرورة ان يشمل التفكيك كل أجهزة الدولة بما فيها الأجهزة النظامية لإحداث التحول الديمقراطي". فكيف تكون اللجنة للتفكيك وليس للإصلاح وهي لم تشمل الأجهزة النظامية – هذا إذا إعتبرنا أن المصطلح يشمل الجيش والجنجويد و الأمن والشرطة وغيرها- حتى قبل شهر واحد من إنقلاب اللجنة الأمنية للإنقاذ الثاني بعد إنقلاب القصر؟
3. كل ما قامت به لجنة التفكيك تم مسحه والقضاء عليه بأحكام القضاء المسيس غير المستقل التابع للإنقاذ، والذي لم تتمكن لجنة التفكيك من إصلاحه ناهيك عن تفكيك التمكين فيه. وهذا يثبت أن الشراكة مع اللجنة الأمنية للإنقاذ لم تكتف بمنح الهيمنة على السلطة التنفيذية للتمكين، بل سمحت بهيمنته على السلطة القضائية، وبإختطافه للسلطة التشريعية بمساعدة ومشاركة (قحت)، فكيف تكون (قحت) عاملة من أجل التفكيك في هذه الحالة؟ هي في أحسن صورها عملت للإصلاح وفشلت فيه كما أثبتت التجربة العيانية لا بعض النصوص الواردة في وثائق أو ورش لا أثر لها في الممارسة ولا علاقة لها بطبيعة شراكة مقننة بنص الوثيقة الدستورية المعيبة، كل ما هو أدنى منها لا أثر له على الحياة السياسية أو الواقع العملي، ولا يصح معارضتها بأي وثائق أدنى منها أو مقررات واردة في ورش.
4. الإتفاق الإطاري مفروض على شعبنا من القوى الاستعمارية، وهو وثيقة تم التوصل إليها عبر تفاوض تم ضد إرادة شعبنا وقواه الثورية الذي كان يقدم الشهداء رفضاً لهذا التفاوض ورفضاً للتسوية والشراكة الناتجة عنه حتى حدوث الإنقلاب الأخير. وهو إتفاق سبقته مسودة الدستور المنسوب للجنة تسيير نقابة المحامين والذي نص على الكثير من النصوص التي وردت لاحقاً بالإتفاق، وتم الإثنان برعاية الآلية الدولية برئاسة فولكر ولم يتما عبر نقاش شعبي جماهيري أو بمشاركة الحركة الجماهيرية. وهو مفروض حتى على اللجنة الأمنية للإنقاذ التي إضطر فصيل منها لإشعال الحرب لتفادي الإتفاق الأخير الناتج عنه وشهادة قائد الجنجويد على إصرار الدول الإستعمارية عليه بعد الإنقلاب الأخير توضح من هو وراء هذا الإتفاق. فوق ذلك، هذا الإتفاق ناهضته جماهير واسعة بقيادة لجان المقاومة التي تمثل الثورة، وسعت الآلية الدولية للدول الإستعمارية المهيمنة على مجلس الأمن على تمريره وفرضه، مثلما سعى الأمين العام لفرض إتفاق برهان/ حمدوك المشرعن للإنقلاب الأخير عبر مباركته علناً.
5. نص الإتفاق على أن " السلطة الانتقالية سلطة مدنية ديمقراطية كاملة دون مشاركة القوات النظامية"، لا يعني أنه غير مفروض على شعبنا، لأن هذا النص نفسه غير صحيح متناقض ومخالف لنصوص أخرى واردة بالإتفاق نفسه. فالسلطة الإنتقالية يستحيل أن تكون سلطة ديمقراطية ، لأن الدستور الذي تكونت على أساسه غير ديمقراطي من حيث وسيلة تشريعه (دستور منحة بالحتم)، ولأن محتواه لابد أن يحتوي على شرعية ثورية تفكك وتقصي وتستبعد، ولأن مؤسساته التنفيذية والتشريعية لا تأتي بالإنتخاب، ولأن سلطته القضائية لا يمكن أن تصبح مستقلة إلا بإعادة هيكلة سياسية تمس مبدأ إستقلال القضاء في حال أخذه بشكل أكاديمي. كذلك الإتفاق نفسه نص على جسم دستوري غريب هو مجلس الأمن والدفاع، يرأسه رئيس مجلس الوزراء المدني ويخضع لقراراته حتماً، وهو مجلس سلطاته غامضة ، تهيمن عليه اللجنة الأمنية للإنقاذ وحلفائها ، ويمثل أصل الشراكة المستمرة ومركز السلطة الفعلي بموجب هذا الإتفاق. وهو أيضاً أخرج الجيش والجنجويد من سلطة الحكومة المدنية الإنتقالية، وجعل إصلاحهما في يدهما، وجعل من السلطة مجرد واجهة بلا سلطة فعلية وبلا حق في إحتكار إستخدام العنف الذي بقي فعلياً في يد اللجنة الأمنية للإنقاذ، وكل هذا ضد إرادة شعبنا وقواه الثورية الرافضة للإتفاق بمليونيات إستمرت في تقديم الشهداء. فمن كان يريد فرض هذا الإتفاق المشرعن للجنجويد و المؤسس لشراكة دم جديدة على شعبنا، (قحت) واللجنة الأمنية للإنقاذ وحدهما أم بضغط ورعاية وتوجيه الدول الإستعمارية؟.
ما تقدم يؤكد أن ما ذكره د. صديق من أسباب لنفي أن (قحت) تسعى لإصلاح التمكين بدلاً من تفكيكه غير مقنعة ولا تنهض بهذه المهمة، خصوصاً وأن رغبة (قحت) للعودة للتسوية السياسية أو الحل السياسي (التي تقود حتماً لشراكة دم جديدة) ليست سرية بل معلنة،و لم نسمع من هذا التحالف أنه لن يدخل في تسوية جديدة مع طرفي اللجنة الأمنية للإنقاذ ، أو أنه يدعو لطردهما من الخارطة السياسية. لذلك يبقى قولنا قائماً بأن "قوى التغيير الجذري تسعى لتفكيك التمكين، و(قحت) تسعى لإصلاحه)، لأن التفكيك ببساطة مستحيل في حال الشراكة مع العدو الذي يجب تفكيكه.
وللتوضيح بأن رؤية قوى التغيير الجذري حول الجبهة القاعدية المطلوبة لإيقاف الحرب، و أنها سابقة لمقالات د. صديق ولقوله أن الحديث عن جبهة قاعدية لا يوجد توضيح له وكيفية تكوين تلك الجبهة، أعيد نشر ما ورد بمقالي المنشور بتاريخ 7/6/2023م في عدد من المواقع الإلكترونية ومنها سودانيزأونلاين فيما يلي:
العامل الاساس في ايقاف الحرب ، هو الرفض الجماهيري لها ، وتحويل هذا الرفض الى وعي متكامل ومنظم ، تبنى على اساسه جبهة قاعدية واسعة ، ببرنامح يقصي الطرفين المتحاربين ، ويرفض مشاركتهما في الخارطة السياسية ، وتقديم بديل ثوري مبني على مشروع ثورة ديسمبر المجيدة ، يهزم الدعاية التي تجيش للحرب ونصرة طرف على آخر. وحتى لا يفهم من ذلك ان المقصود هو لملمة المدنيين كيفما اتفق ، يجب ان نؤكد بان هذه الجبهة اساسها البرنامج الرافض للحرب و للسماح برسلمة نتائجها من قبل الطرفين المتحاربين. والحد الادنى لهذا البرنامج الموحد هو ما يلي:
١- رفض وجود الطرفين المتحاربين في الخارطة السياسية ، والتمسك بشعار " العسكر للثكنات و الجنجويد يتحل " ، ويترتب على ذلك رفض اي حوار او تفاوض مع الطرفين او اي منهما ، مع رفض المشاركة في اي عملية تفاوضية تجمعهما.
٢- التمسك بمحاسبة الطرفين على جميع الجرائم التي ارتكباها قبل الحرب بما فيها فض الاعتصام وقتل الشهداء ، وكذلك جرائم الحرب التي تمت اثناء الحرب.
٣- إلغاء الوثيقة الدستورية المعيبة ووضع وثيقة جديدة لسلطة مدنية خالصة.
٤- إعادة هيكلة القوات المسلحة بواسطة مفصولي الخدمة العسكرية بعد إعادتهم للخدمة بقرار سياسي، وحل جهاز الامن ومليشيا الجنجويد.
٥- إعادة هيكلة الاجهزة العدلية ابتداءا بالسلطة القضائية بقرارات سياسية ، تؤسس للتخلص من اجهزة الانقاذ لبناء اجهزة انتقالية قادرة على تنفيذ مهام الانتقال.
٦- تعيين جهاز تشريعي من قبل الجبهة القاعدية ليقوم بمهام التشريع في الفترة الانتقالية.
٧- تعيين سلطة سيادية بصفة مستعجلة لملء الفراغ ، قبل ان تنتهي الحرب ، والبحث لها عن إعتراف دولي كبديل عن سلطة الامر الواقع الانقلابية، ضعيفة السيطرة قبل الحرب ، ومنعدمة السيطرة خلالها.
كل من يقبل بهذا الحد الادنى من غير الاسلاميين و غيرهم ممن يدعمون طرفي الحرب، هو عضو في الجبهة القاعدية العريضة المطلوبة بكل تأكيد.
الجبهة المطلوبة ، تقودها لجان المقاومة ، بعد إعادة هيكلة نشاطها في جميع المدن الاقليمية غير المتأثرة بالحرب ، على ان تبدأ من نشاط درء آثار الحرب ومواجهة مآسيها الانسانية ، وان توسع قاعدتها بإستيعاب كل الناشطين في المجال الانساني والاغاثي ، وان تنفتح على المواطنين جميعا بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية طالما انهم مؤمنين ببرنامج الحد الادنى المذكور أعلاه. يساند اللجان تجمع المهنيين غير المختطف، والنقابات المهنية في فرعياتها الاقليمية ، ومنظمات المجتمع المدني ، وتدعمها الاحزاب السياسية الوطنية. يبدأ هذا النشاط في كل مدينة ، لتفرز قيادة جبهوية للمدينة ، تنسق مع قيادة المدن الاخرى ، لتكون قيادة تنسيقية لكل المدن ، وتجعل من النهوض بالمهام المنوه عنها أعلاه أمرا متاحاً. هذه الجبهة عليها ان تقود النشاط المناهض للحرب بكافة وجوهه ، ابتداءاً من معالجة اوضاع المواطنين بالتعاون مع المغتربين الذين دعموا ثورة ديسمبر المجيدة ، مروراً بوضع تصور لبرنامج اعادة الاعمار وبناء الدولة و انتهاءاً بالعمل الدعائي و الاعلامي المنظم ، والبحث عن الاعتراف الدولي بها.
ووسيلة هذه الجبهة لاسقاط الطرفين المتحاربين ، هي الحفاظ على المدن غير المتاثرة بالحرب بعيداً عن سلطة الطرفين المتحاربين ، وبناء سلطة بديلة ، تفرض نفسها بقوة الجماهير عبر عصيان مدني تستصحب فيه تجربة الحرب والتدابير التي اتخذت لمساعدة المواطنين في ادارة حياتهم ، في حال رفض الطرفين الانصياع للضغط الجماهيري ، ولتسليم السلطة للشعب. تمكن الجبهة في مدن الاقاليم ، يرجح إنضمام عسكريين وطنيين أيضا إليها. وبكل تأكيد ستكون وسائلها (سلمية ضد الحرامية) ، ولن تحتكم الى السلاح.
ما تقدم يوضح المطلوب ، وضرورة التحرك الآن لا انتظار الحرب ان تنتهي او ان يفرض المجتمع الدولي وقف إطلاق نار على الطرفين المتحاربين ، لأن الانتظار يعني ان يفرض وقف إطلاق النار مع شروط سياسية دولية ، ستجعل من الطرفين جزءاً اصيلاً من المعادلة السياسية ، بعد ان تجلب الذين ينادون بالعودة للعملية السياسية من التسوويين ، للاتفاق على شراكة دم جديدة. وهذا يعني ان بناء الجبهة القاعدية يحقق هدفين، هما طرد الطرفين المتحاربين من العملية السياسية ، ومنع التسوويين من الدخول معهما في شراكة جديدة تمكنهما من حماية تمكينهما ، والإفلات من العقاب.
(نواصل الحوار)