السودان وهيمنة فكر الكوز والشيوعي الغائي اللاهوتي الديني
طاهر عمر
2 October, 2023
2 October, 2023
في ملاحظات بعض علماء الاجتماع و الانثروبولجيين نجدهم يسجلون أن هناك تقارب يصل أن يكون توأمة بين القارتين الأوربية و أسيا لدرجة تجعل تقارب الثقافات يتيح فرصة التلاقي و التوافق حتى في أحلك ظروف الإختلاف مثلا نجد الصين رغم نظامها الشيوعي إلا أن ثقافتها و حكمتها قد أفرزتا ريادي يكاد يكون في قمة الريادات الصينية الواعية و هو دينج شياه بينج عندما طرح فكرة الإنفتاح على الفكر الرأسمالي عام 1978 و بسببه ها هي الصين تقطع مسافة معتبرة في خروجها من مدى قرن من الزمن حيث يسود نظامها الشمولي أي نظامها الشيوعي و نجد كثير من الأجيال الصينية يسيرون في خطه حتى اللحظة من أجل الأستفادة من الفكر الليبرالي الذي يساعدهم على الخروج من نظام شمولي شيوعي بكل سلاسة و يجنبهم الوقوع في الفوضى.
أكيد الريادات الصينية تدرك أن علاقة الديمقراطية علاقة طردية مع الفكر الرأسمالي و علاقة عكسية مع الشيوعية و بالتالي إزدهار الصين الاقتصادي يجعل الصين تتحسب الى مسألة الإصلاح السياسي على المدى الطويل و كيفية الخروج من النظم الشمولية بكل سلام.
أما الهند فلا تحتاج لدليل و أكبر دليل على نجاحها ديمقراطيتها منذ إستقلالها قبل ثمانية عقود عكس باكستان و هي تغرق في الثقافة الاسلامية التقليدية فلم تحقق إنجاز لا على مستوى الاقتصاد كما في الصين و الهند و لا إستقرار سياسي كما في ديمقراطية الهند. و كذلك عكس باكستان و على هدى ريادات الهند قد سارت ماليزيا على طريق الإزدهارالاقتصادي و حققت نجاحات منقطعة النظير إذا ما قارناها بالدول العربية الاسلامية التقليدية.
و أحسن دليل هو كيف فشلت النهضة في مصر و قد بدأ زمن النهضة في مصر متزامن مع بعض الدول الأسيوية لماذا تعثرت نهضة مصر و نحجت في الدول الأسيوية؟ بالمناسبة باكستان رغم أنها كانت جزء من الهند قبل الإنقسام و لكن تشبعها بالحضارة الاسلامية التقليدية جعلها تخرج من خط النجاح كما حصل في الصين و الهند و بقية النمور الأسيوية و مسألة باكستان تماثل حال السودان الذي تشبّع بثقافة إسلامية تقليدية قد منعته نهائيا أن يستجيب لموعده مع الحضارات و موعده مع التاريخ.
رغم أن السودان له حضارة ضاربة في جذور التاريخ كحال الصين و الهند و لكن السودان قد تشبع بالحضارة الاسلامية التقليدية التي قد أصبحت عازل بين ثقافته القديمة التي كانت ستجعله جزء من ثقافة البحر المتوسط مثل حضوره في مسرح الأحداث و كانت جيوش السودان قد قطعت الطريق على قدوم الأسيويين الى وادي النيل و هي تحاربهم في منطقة الشام و فلسطيين و السودانيين يعتبروا أول من طبّق فكرة الضربات الإستباقية.
و لكن بعدها بعد خروج مروي من التاريخ قد سقطت الثقافة السودانية في لجة الثقافة العربية الاسلامية التقليدية و أعطتنا المثقف السوداني التقليدي الفاشل العاجز عن مجابهة أي تحدي و التغلب عليه و أصبح حال السودان مثل حال ايران و هي في تخبط ليس له أول و لا آخر في زعمه لجمهورية اسلامية لا تعرف الطريق للمصالحة مع نفسها و بالتالي المصالحة مع العالم الغربي الذي يعتبره العرب و المسلميين التقليديين أنه عدو أبدي و يجب الوقوف في وجههه الى الأبد.
هذا الذي لم تفعله الصين و الهند و بقية الدول الاسيوية التي إستفادت من تجربة الغرب الصناعية و نقلها الى مجتمعاتها بعد إدخال أفكارهم كم فعلت الصين على يد دينغ شياو بينج و يمكن الوصول الى أن المفكريين في الصين و الهند قد إستفادوا من تطور الفكر في الغرب و لم تكن لهم حساسية العرب و المسلميين التقليديين في محاربة الغرب و فكره لهذا نجحت الديمقراطية في الهند و فشل السودانيين في أي تحول ديمقراطي طيلة سبع عقود و ما زالوا يظنون أن الفكر الليبرالي بشقيه السياسي و الاقتصادي خاص بأوروبا لأنه يجسد تاريخها الخاص بها في تطورها.
و هنا يكمن إختلاف النخب في الهند من نخب السودان الفاشلة بل يمكننا التدليل على فشل نخب السودان في إستعجال الإسلاميين السودانيين بإنقلابهم عام 1989 و كأنهم يريدون أن يبرروا للعرب التقليديين أنهم عرب العرب و مسلميين المسلميين فكانت تجربة الحركة الاسلامية السودانية و ثمرتها المرة الإنقاذ أكبر دليل على أن النخب السودانية قد غاصت عميقا في ليل الجنون و التوهم بأن الثقافة الإسلامية التقليدية صالحة لكل زمان و مكان و هيهات و ما زالوا يمارسون جنونهم في تعطيل التحول الديمقراطي و هذا يدل على أي مدى بعيد يمتد تخلفهم نتاج غباءهم الموروث.
و نقول ذلك ها هم الإسلاميين السودانيين في حيرة بعد تجربة ولي العهد السعودي و إبعاده لتجربة الوهابية المتطرفة و هو يقول مع مثل هذا الفكر لا يمكن تحقيق تنمية و لا نقل تجربة صناعية و رغم ذلك نجد النخب السودانية في حيرة و لا تقبل فكرة عقلنة الفكر و علمنة المجتمع بل نجدهم و حتى الشيوعيين السودانيين و هم يمثلون جبن اليسار في مجابهة الخطاب الديني في السودان ما زالوا يتحدثون عن علمانية محمد ابراهيم نجد المحابية للأديان و أنها تقدم فكر يجعله في مصاف المفكريين و هيهات.
نقول هيهات لأن محمد ابراهيم نقد لو كان يعرف مفهوم الديني التاريخي لما تورط في طرح فكرة العلمانية المحابية للأديان و لكن نعذره لأنه يحمل عبء الخنوع الكامن في النخب السودانية منذ أزمنة إتفاقية البقط و من حينها قد فارقت الثقافة السودانية ريادتها للعالم و بالتالي قد أصبح المثقف السوداني متغير تابع لا يقدر على فعل ريادات وطنية كدينغ شياو بينغ أو كما فعلت ريادات الهند في ترسيخ ممارسة الديمقراطية.
لهذا لا تتوقع من محمد ابراهيم نقد فكر يرفعه في مرتبة دينغ شياو بينغ و لا في مستوى أنديرا غاندي لأن محمد ابراهيم نقد ابن ثقافة عربية اسلامية تقليدية علّمته كيف يقلّد العربي المسلم الغالب منذ زمن إتفاقية البقط لأن المغلوب دوما ينبهر بالغالب و هذا هو حال محمد ابراهيم نقد و لهذا السبب كان مخلص لشيوعية تقليدية هي نفسها لا يقبل بها إلا من يخرج من ثقافة سلطة الأب و ميراث التسلط و هي في طيات ثقافتنا السودانية منذ زمن إتفاقية البقط و حاله حال الشيوعي السوداني الذي يرزح تحت شيوعية سودانية متكلسة لا تعرف سبيل الى نمط الانتاج الرأسمالي الذي أخذه دينغ شياو بينغ و أقنع به شيوعيي و ريادات الصين في وقت يظل محمد ابراهيم نقد في تبعيته لشيوعية لا تجسد غير فكر غائي لاهوتي ديني.
و الفكر الرأسمالي الذي زرعه دينغ شياو بينغ في السلسلة الفقرية لشيوعية الصين هو الذي فتح لها طريق النجاح و الإزدهار الإقتصادي و لكن الفرق شاسع بين دينغ شياو بينغ و محمد ابراهيم نقد لأن فكرة شياو و نقله للفكر الرأسمالي للتجربة الصينية هو طريق طويل سوف يخرج الصين من نظامها الشمولي الذي إمتد لأزمنة طويلة.
و هنا نكاد نكون قد وصلت لفكرة بداية المقال أي أن تقارب ثقافة القارتيين منذ أزمنة بعيدة أي أوروبا و أسيا كما تحدث عنه كلود ليفي إشتروس هو السبب في وصول الهند و الصين و ماليزيا و كوريا و اليابان الى شبه تصالح مع الحضارة الغربية مما جعل إمكانية نقل تجارب الغرب السياسية و الصناعية ممكنة و بالتالي أتاح لشعوب اسيا مغادرة ثقافاتهم التقليدية.
في وقت نجد أن إشتراك دول عربية كثيرة مع أوروبا في حضارة البحر الأبيض المتوسط كان يمكن أن يكون سبب كافي لتصالح العالم العربي و الاسلامي التقليدي مع الغرب و الإستفادة من تجاربه بدلا من جعله عدو أبدي و هذا هو المستنقع الذي غطست فيه باكستان و السودان و ايران و كلهم الآن ضحية الإخلاص الزائد لثقافة عربية إسلامية تقليدية لم تعرف الطريق الى النزعة الإنسانية في الحضارة الإسلامية و بالتالي تضاعف لها الجهد مع قطيعتها مع الحداثة أيضا.
من هنا ننبه النخب السودانية الى أن طريق تصالحنا مع الفكر الليبرالي بشقيه السياسي و الاقتصادي يأتي من تحليلنا الى تجربة نخب سودانية ذهبت للغرب و لكنهم عندما ذهبوا للغرب فات عليهم بأنهم لم ينتبهوا لمفهوم القطيعة مع التراث مثل حال الترابي عندما جاء من فرنسا في منتصف الستينيات من القرن المنصرم كأنه القادم لتوه من تخوم إتفاقية البقط فكان حريص على تطبيق فكر ديني قد تخطته أفكار عقل الأنوار.
و قبله الدكتور عبد الله الطيب عندما جاء من الغرب بعد دراسته هناك جاء و كأنه عائد لتوه من الكوفة بلغة عربية متحجرة كما يقول هشام شرابي لذلك ظل عبد الله الطيب و كذلك الترابي في حيز المفكر التقليدي الى لحظة مغادرتهما للدنيا و المضحك ظل تلاميذهما و حتى اللحظة يتحدثون عن نبوغهما و هذا ليس غريب وسط نخب تقليدية كنخب السودان الفاشلة.
ركّزنا على الدكتور عبد الله الطيب و الدكتور الترابي لأن زمنهما كان يتيح لهما إمكانية فهم ما قدمه العالم بعد فترة الكساد الاقتصادي العظيم و ما ترتب عنه من أفكار جديدة و أصبحت حد فاصل بين زمن فلسفة التاريخ التقليدية و فلسفة التاريخ الحديثة و نهاية فلسفة الليبرالية التقليدية و بداية الليبرالية الحديثة و كان ذلك حد فاصل بين عالمين. و هذا كان لا يمكن فهمه في زمنة أتباع مؤتمر الخريجيين نسبة لتدني مستوى وعيهم بسبب ضعف تعليمهم و لكن كعادة النخب السودانية فقد إمتد العطب ليغطي زمن عبد الله الطيب و أمتد ليطغى على زمن الدكتور الترابي.
رغم أن زمنهما كان يتيح لهما إمكانية الرؤية الواضحة و تمييز أن زمن عقل الأنوار و زمن الحداثة قد أصبح لا يصارعه إلا من يريد أن يخرج من التاريخ كما فعل أتباع الحركة الإسلامية السودانية الآن و سوف يكون خروجهم من التاريخ الى الأبد.
و دعوتنا للنخب السودانية أن تجسر الهوة التي تفصل بيننا و العالم الحديث و تحتاج لأفكار قد بدأت في زمن الكساد الاقتصادي العظيم 1929 أي أفكار نحتاج لتوطينها في وسط النخب السودانية و يفصلنا عنها قرن من الزمن و بغيرها سنكون ضحايا أفكار المؤرخ التقليدي السوداني الذي يداوم على تغبيش الوعي و يؤسس للوعي الزائف.
taheromer86@yahoo.com
أكيد الريادات الصينية تدرك أن علاقة الديمقراطية علاقة طردية مع الفكر الرأسمالي و علاقة عكسية مع الشيوعية و بالتالي إزدهار الصين الاقتصادي يجعل الصين تتحسب الى مسألة الإصلاح السياسي على المدى الطويل و كيفية الخروج من النظم الشمولية بكل سلام.
أما الهند فلا تحتاج لدليل و أكبر دليل على نجاحها ديمقراطيتها منذ إستقلالها قبل ثمانية عقود عكس باكستان و هي تغرق في الثقافة الاسلامية التقليدية فلم تحقق إنجاز لا على مستوى الاقتصاد كما في الصين و الهند و لا إستقرار سياسي كما في ديمقراطية الهند. و كذلك عكس باكستان و على هدى ريادات الهند قد سارت ماليزيا على طريق الإزدهارالاقتصادي و حققت نجاحات منقطعة النظير إذا ما قارناها بالدول العربية الاسلامية التقليدية.
و أحسن دليل هو كيف فشلت النهضة في مصر و قد بدأ زمن النهضة في مصر متزامن مع بعض الدول الأسيوية لماذا تعثرت نهضة مصر و نحجت في الدول الأسيوية؟ بالمناسبة باكستان رغم أنها كانت جزء من الهند قبل الإنقسام و لكن تشبعها بالحضارة الاسلامية التقليدية جعلها تخرج من خط النجاح كما حصل في الصين و الهند و بقية النمور الأسيوية و مسألة باكستان تماثل حال السودان الذي تشبّع بثقافة إسلامية تقليدية قد منعته نهائيا أن يستجيب لموعده مع الحضارات و موعده مع التاريخ.
رغم أن السودان له حضارة ضاربة في جذور التاريخ كحال الصين و الهند و لكن السودان قد تشبع بالحضارة الاسلامية التقليدية التي قد أصبحت عازل بين ثقافته القديمة التي كانت ستجعله جزء من ثقافة البحر المتوسط مثل حضوره في مسرح الأحداث و كانت جيوش السودان قد قطعت الطريق على قدوم الأسيويين الى وادي النيل و هي تحاربهم في منطقة الشام و فلسطيين و السودانيين يعتبروا أول من طبّق فكرة الضربات الإستباقية.
و لكن بعدها بعد خروج مروي من التاريخ قد سقطت الثقافة السودانية في لجة الثقافة العربية الاسلامية التقليدية و أعطتنا المثقف السوداني التقليدي الفاشل العاجز عن مجابهة أي تحدي و التغلب عليه و أصبح حال السودان مثل حال ايران و هي في تخبط ليس له أول و لا آخر في زعمه لجمهورية اسلامية لا تعرف الطريق للمصالحة مع نفسها و بالتالي المصالحة مع العالم الغربي الذي يعتبره العرب و المسلميين التقليديين أنه عدو أبدي و يجب الوقوف في وجههه الى الأبد.
هذا الذي لم تفعله الصين و الهند و بقية الدول الاسيوية التي إستفادت من تجربة الغرب الصناعية و نقلها الى مجتمعاتها بعد إدخال أفكارهم كم فعلت الصين على يد دينغ شياو بينج و يمكن الوصول الى أن المفكريين في الصين و الهند قد إستفادوا من تطور الفكر في الغرب و لم تكن لهم حساسية العرب و المسلميين التقليديين في محاربة الغرب و فكره لهذا نجحت الديمقراطية في الهند و فشل السودانيين في أي تحول ديمقراطي طيلة سبع عقود و ما زالوا يظنون أن الفكر الليبرالي بشقيه السياسي و الاقتصادي خاص بأوروبا لأنه يجسد تاريخها الخاص بها في تطورها.
و هنا يكمن إختلاف النخب في الهند من نخب السودان الفاشلة بل يمكننا التدليل على فشل نخب السودان في إستعجال الإسلاميين السودانيين بإنقلابهم عام 1989 و كأنهم يريدون أن يبرروا للعرب التقليديين أنهم عرب العرب و مسلميين المسلميين فكانت تجربة الحركة الاسلامية السودانية و ثمرتها المرة الإنقاذ أكبر دليل على أن النخب السودانية قد غاصت عميقا في ليل الجنون و التوهم بأن الثقافة الإسلامية التقليدية صالحة لكل زمان و مكان و هيهات و ما زالوا يمارسون جنونهم في تعطيل التحول الديمقراطي و هذا يدل على أي مدى بعيد يمتد تخلفهم نتاج غباءهم الموروث.
و نقول ذلك ها هم الإسلاميين السودانيين في حيرة بعد تجربة ولي العهد السعودي و إبعاده لتجربة الوهابية المتطرفة و هو يقول مع مثل هذا الفكر لا يمكن تحقيق تنمية و لا نقل تجربة صناعية و رغم ذلك نجد النخب السودانية في حيرة و لا تقبل فكرة عقلنة الفكر و علمنة المجتمع بل نجدهم و حتى الشيوعيين السودانيين و هم يمثلون جبن اليسار في مجابهة الخطاب الديني في السودان ما زالوا يتحدثون عن علمانية محمد ابراهيم نجد المحابية للأديان و أنها تقدم فكر يجعله في مصاف المفكريين و هيهات.
نقول هيهات لأن محمد ابراهيم نقد لو كان يعرف مفهوم الديني التاريخي لما تورط في طرح فكرة العلمانية المحابية للأديان و لكن نعذره لأنه يحمل عبء الخنوع الكامن في النخب السودانية منذ أزمنة إتفاقية البقط و من حينها قد فارقت الثقافة السودانية ريادتها للعالم و بالتالي قد أصبح المثقف السوداني متغير تابع لا يقدر على فعل ريادات وطنية كدينغ شياو بينغ أو كما فعلت ريادات الهند في ترسيخ ممارسة الديمقراطية.
لهذا لا تتوقع من محمد ابراهيم نقد فكر يرفعه في مرتبة دينغ شياو بينغ و لا في مستوى أنديرا غاندي لأن محمد ابراهيم نقد ابن ثقافة عربية اسلامية تقليدية علّمته كيف يقلّد العربي المسلم الغالب منذ زمن إتفاقية البقط لأن المغلوب دوما ينبهر بالغالب و هذا هو حال محمد ابراهيم نقد و لهذا السبب كان مخلص لشيوعية تقليدية هي نفسها لا يقبل بها إلا من يخرج من ثقافة سلطة الأب و ميراث التسلط و هي في طيات ثقافتنا السودانية منذ زمن إتفاقية البقط و حاله حال الشيوعي السوداني الذي يرزح تحت شيوعية سودانية متكلسة لا تعرف سبيل الى نمط الانتاج الرأسمالي الذي أخذه دينغ شياو بينغ و أقنع به شيوعيي و ريادات الصين في وقت يظل محمد ابراهيم نقد في تبعيته لشيوعية لا تجسد غير فكر غائي لاهوتي ديني.
و الفكر الرأسمالي الذي زرعه دينغ شياو بينغ في السلسلة الفقرية لشيوعية الصين هو الذي فتح لها طريق النجاح و الإزدهار الإقتصادي و لكن الفرق شاسع بين دينغ شياو بينغ و محمد ابراهيم نقد لأن فكرة شياو و نقله للفكر الرأسمالي للتجربة الصينية هو طريق طويل سوف يخرج الصين من نظامها الشمولي الذي إمتد لأزمنة طويلة.
و هنا نكاد نكون قد وصلت لفكرة بداية المقال أي أن تقارب ثقافة القارتيين منذ أزمنة بعيدة أي أوروبا و أسيا كما تحدث عنه كلود ليفي إشتروس هو السبب في وصول الهند و الصين و ماليزيا و كوريا و اليابان الى شبه تصالح مع الحضارة الغربية مما جعل إمكانية نقل تجارب الغرب السياسية و الصناعية ممكنة و بالتالي أتاح لشعوب اسيا مغادرة ثقافاتهم التقليدية.
في وقت نجد أن إشتراك دول عربية كثيرة مع أوروبا في حضارة البحر الأبيض المتوسط كان يمكن أن يكون سبب كافي لتصالح العالم العربي و الاسلامي التقليدي مع الغرب و الإستفادة من تجاربه بدلا من جعله عدو أبدي و هذا هو المستنقع الذي غطست فيه باكستان و السودان و ايران و كلهم الآن ضحية الإخلاص الزائد لثقافة عربية إسلامية تقليدية لم تعرف الطريق الى النزعة الإنسانية في الحضارة الإسلامية و بالتالي تضاعف لها الجهد مع قطيعتها مع الحداثة أيضا.
من هنا ننبه النخب السودانية الى أن طريق تصالحنا مع الفكر الليبرالي بشقيه السياسي و الاقتصادي يأتي من تحليلنا الى تجربة نخب سودانية ذهبت للغرب و لكنهم عندما ذهبوا للغرب فات عليهم بأنهم لم ينتبهوا لمفهوم القطيعة مع التراث مثل حال الترابي عندما جاء من فرنسا في منتصف الستينيات من القرن المنصرم كأنه القادم لتوه من تخوم إتفاقية البقط فكان حريص على تطبيق فكر ديني قد تخطته أفكار عقل الأنوار.
و قبله الدكتور عبد الله الطيب عندما جاء من الغرب بعد دراسته هناك جاء و كأنه عائد لتوه من الكوفة بلغة عربية متحجرة كما يقول هشام شرابي لذلك ظل عبد الله الطيب و كذلك الترابي في حيز المفكر التقليدي الى لحظة مغادرتهما للدنيا و المضحك ظل تلاميذهما و حتى اللحظة يتحدثون عن نبوغهما و هذا ليس غريب وسط نخب تقليدية كنخب السودان الفاشلة.
ركّزنا على الدكتور عبد الله الطيب و الدكتور الترابي لأن زمنهما كان يتيح لهما إمكانية فهم ما قدمه العالم بعد فترة الكساد الاقتصادي العظيم و ما ترتب عنه من أفكار جديدة و أصبحت حد فاصل بين زمن فلسفة التاريخ التقليدية و فلسفة التاريخ الحديثة و نهاية فلسفة الليبرالية التقليدية و بداية الليبرالية الحديثة و كان ذلك حد فاصل بين عالمين. و هذا كان لا يمكن فهمه في زمنة أتباع مؤتمر الخريجيين نسبة لتدني مستوى وعيهم بسبب ضعف تعليمهم و لكن كعادة النخب السودانية فقد إمتد العطب ليغطي زمن عبد الله الطيب و أمتد ليطغى على زمن الدكتور الترابي.
رغم أن زمنهما كان يتيح لهما إمكانية الرؤية الواضحة و تمييز أن زمن عقل الأنوار و زمن الحداثة قد أصبح لا يصارعه إلا من يريد أن يخرج من التاريخ كما فعل أتباع الحركة الإسلامية السودانية الآن و سوف يكون خروجهم من التاريخ الى الأبد.
و دعوتنا للنخب السودانية أن تجسر الهوة التي تفصل بيننا و العالم الحديث و تحتاج لأفكار قد بدأت في زمن الكساد الاقتصادي العظيم 1929 أي أفكار نحتاج لتوطينها في وسط النخب السودانية و يفصلنا عنها قرن من الزمن و بغيرها سنكون ضحايا أفكار المؤرخ التقليدي السوداني الذي يداوم على تغبيش الوعي و يؤسس للوعي الزائف.
taheromer86@yahoo.com