لم يمارس عسكر السودان عملهم الرسمي الموكل إليهم لمدة بلغت حتي يوم الناس هذا سبعة وخمسون عاما

 


 

 

لم يمارس عسكر السودان عملهم الرسمي الموكل إليهم لمدة بلغت حتي يوم الناس هذا سبعة وخمسون عاما استولوا فيها علي الحكم وجثموا علي الرقاب وعم البلد الخراب وهذه الحرب اللعينة جاءت تتويجا لعبثهم وقلة حيلتهم الوطنية وانشغالهم بملذاتهم الذاتية !!..

منذ الاستقلال وحتي اليوم ومنذ أن ذاق العسكر حلاوة السلطة التي تجعل يدهم طليقة في السلب والنهب والبطش وبيع الوطن بالجملة والقطاعي ومن مجمل حصيلة تسعة وستين عاما تخللتها اثنتا عشر عاما سادت فيها الديمقراطية نجد أن أربعة من الجنرالات كانوا علي رأس الحكم وهم كما تعرفون : عبود ، النميري ، البشير والبرهان وقد تلاعبوا ببلادنا الطيبة سبعة وخمسين عاما كانت تكفي لأن يحكم امريكا أكثر من عشرة من الرؤساء ( علي افتراض أن بعضهم يجدد له لفترة ثانية ) !!..
نعم إن افريقيا والبلاد المتخلفة عموما تعرف هذه البدعة المسماة استيلاء الحكم بالقوة بواسطة العسكر لأسباب منها تفشي الأمية وطمع دول الجوار في الثروة القومية وانعدام الوطنية ووفود ايدولوجيات مستوردة تريد ان تجعل من الوطن كامل الخضوع لاسيادهم بالخارج والمفارقة أن النظام الأيديولوجي اسد علي الشعب لكنة نعامة أمام الاسياد ...
ونقولها بصراحة إن انقلاب الشيوعيين المشؤوم في مايو ٦٩ كان معظم همه القضاء علي الإخوان المسلمين فسامهم الخسف ونكل بهم وطردهم من وظائفهم وشردهم أيما تشريد ... وجاء الإخوان الي الحكم بالدبابة عام ٨٩ وتجددت لعبة توم وجيري وصارت مهمة النظام الجديد المقدسة هي القضاء على شافة الشيوعيين وطاردوهم في كل مكان وفصلوهم من عملهم وتعقبوا من كان شيوعيا بالتقادم وسودوا عيشتهم ولكن المشكلة أن حقد الإخوان طال كل من ليس معهم وليس أهل القبيلة الحمراء وحدهم !!..
ونخلص من العداء التاريخي بين الاخوان والشيوعيين أن المسألة كلها مكايدات وحزازات دفع ثمنها الشعب السوداني المسالم الطيب الذي ليس له ناقة ولا جمل في لينين وبولقانين وحسن البنا وحسن الترابي .
هؤلاء المؤدلجين حتي النخاع دخلوا علينا بالساحق والماحق والبلاء المتلاحق ... تسللوا الي الأحزاب السياسية بكل مسكنة وانكسار وخربوها من الداخل وصيروها لعبة في أيديهم وقسموها الي شرائح فذهبت ريحها وتشتت ايدي سبأ وبعد ان فعلوا فعلتهم الشيطانية روجوا ما استطاعوا بأن هذه الأحزاب غير ديمقراطية وعليها أن تطبق الديمقراطية في داخلها وبعدين تجي تتفاصح ... ومن سخرية الأقدار أن الشيوعيين والكيزان عملهم كله يقوم علي السرية والطاعة العمياء والغاية تبرر الوسيلة ... فمن أين لهم من معرفة بها حتي ولو النذر اليسير ناهيك عن أن يطالبوا الآخرين بتطبيقها علي أنفسهم قبل بسطها علي الآخرين .
احزاب السودان كانت من العراقة والأناقة بمكان وضمت أفاضل الناس في القيادة والقاعدة وهذه الأحزاب كانت فيما بينها سمن علي عسل والتنافس بينهم شريف ولم يعرفوا ساقط القول وسفاسف الأمور وهذه القيادات كانت بحق هم الآباء المؤسسون للدولة الديمقراطية دولة العلم والإيمان الي ان دخلت في جسمنا الوطني جرثومة الانقلابات العسكرية التي كما نري الآن نتيجتها دمار شامل وكان الختام عند الجنرالين اللذين خربا الوطن وجلسا علي تله !!..
باختصار شديد انتهت هذه الحلقات عن انقلابات السودان التي لم نجني منها غير الخراب وقد ضاع كل شيء ( لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ) .

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم بمصر .

ghamedalneil@gmail.com

 

آراء