ثلاثية الدوريش -الانا- المعتقد- ايضاح الكتابة

 


 

 

جلسنا بالأمس ثلة من المهمومين بالأدب الأفريقي الذي يكتب بالغة العربية تحدديا المعاصر في مقهى أيوب الأفغاني ويقع هذا المكان علي الطريق السريع في أحدي عواصم الصمت والعزلة العربية وأبتدرنا الحديث عن الكتابات الجديدة وكنا ننقاش قيمة ما كتب بالرغم كم التحديات التي نعيشها الآن وهنالك بعض المثقفين يقولون أن المعاصرة تعمي لأسباب كثيرة أهمها الغَيْرَة المهنية ولكن وَسْط هذا كله قلت لهم هل يمكننا قبل لدخول في أطروحة الزمان التاريخي وهو سجال بعض النخب الان في شمال أفريقيا وهل من الممكن أن نقول بأن الراهن يشهد تناقضًا بين مركزية الإنسان من جهة ومركزية العلم فيما تعينه ثورته المعلوماتية وما يترتب على ذلك بازدياد مركزية الثروة على حساب القيم الإنسانية ( لا شك بأن هذا التناقض واقع في كل أنحاء الوجود الإنساني الآن، وهذا ما يخلق حالة من الضياع لم تشهد مثلها البشرية وهذا ما نعاني منه نحن في هذه السانحة من النقاش والطرح , غير أن هناك أمكنة تحت الشمس مازالت تعيش التناقض بين قيم الإله وعقلية الإنسان، في مرحلة الضياع هذه ونشهد راهن ما يمكن تسميته بالصراع من أجل مستقبل يقيم في الماضي ومستقبل يتجاوز الحاضر قالوا أن ما قلت هو دعوة صريحة لأنكار قيمة الحضور الانساني مهما أتخذ ثوبا عقلاني واستندت الي أطروحات علم الكلام, قد أكون أعاني من حكاية تشكل الوعي، والتبدلات الفكرية لذاتين عايشتا مختلف الأنماط والاتجاهات بدءَا من المدنية التي ليست تشبه مدن الحضارة الآن, الحالية التي تكتنفها الهُوِيَّة الضيقة، مرورًا بالمدينة حيث تتشكل الذات مثل شرنقة ترنو للخلاص، وانتهاء بالاغتراب الداخلي الذي مهد للغربة الجسدية حيث المآل لاحتمي لمن يرفض الخنوع ويختار النمط الأصعب من العيش في مقابل ألا تسلب كلمته منه, و من الشاق جدًا أن تشق لنفسك طريقة خاصة بك بهذا العالم الهمجي الفوضوي بحق تبتذلنا كثيرَا المنظومات المعرفية، لاسيما الدينية ، وتجعلنا مرتبطينا بالتراب والأرض إسفافا وبالقليل من شأنهما لمملح غريب ما أدرك كنه و هنا الجسد نص منفتح الوعي على العُلاقة بين الذات والآخر تعلمت من تجربتي كيف يسوغ لأحد أن يدعي اليقين في دائرة الهوية، والجماعة والدولة، إن من يدعي اليقين واحد من اثنين إما أن يكون مخبولَا، وإما أن يكون وهو بالأرجح النفاق الفكري لقبائل المفكرين في أن تكون الكتابة ملجأ وملتحدا، وعقارًا مهدئَا للبعض منا ولكن يبقي التحدي صاغية خطاب فكري يخدم قيم الانسانية قي التعايش السلمي فيمًا تغدو الكتابة مفارقة للزمن، وخروجًا مؤقتا عن شروط الواقع المَعِيش، ومعايشة لعوالم مخلوقة بيد الكاتب نفسه في بعض الاحيان يعيش هزيمة النص أو فكرة النص المكتوب وهنا ليتقمص الكاتب دور الخالق هو من يخلق الشخوص والافكار ، يحيي، يميت في أن نخترق الزمن، ونحاول الخلود، تمامَا كفعل الرب بالاساطير القديمة وفي النهاية، ألسنا مخلوقين على صورته, في جدلية العِلاقة بالسلطة المجتمعية والسلطة الحاكمة، تتوه الذاتان اللتان تحاولان تحقيق شروط الإنسانية في بقعتنا الوطن لا تسمح بذلك إلا في حدود ضيقة، بعد أن تتأكد أن ذلك لا يتماس ومصالحها بأي ضرر
يا صديقي انت حزين وأنا معذب لعمر طويل وهنالك أخر مقموع لدرجة السحل فكيف الطبابة والعلاج ؟ وهل هنالك من مكان لعلاجنا غير كتاب ربي والغرق في العبادة , وهو القائل في محكم تزيله (وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء:82]
ربي أنت الشافي الرحيم أرحمنا برحمتك من عنت الدنيا وأهواء الشيطان أنك سميع مجيب
قد تكون حَجَّة الكثيرين، بأن هؤلاء السياسيين والمفكرين المتميسين يبغمون فقط التحشيد وكسب الحلفاء من أجل الظُّفُر بنصر مبين في هذه الحرب، عن طريق تحريك الانفعال الديني والعواطف الروحية لدى الطوائف والشعب والأمة التي تتشارك نفس النظرة الأخروية لنهاية العمر ، ولا يرقى ذلك إلى إيمان ديني راسخ لدى النخب الحاكمة، التي تتحرك وفق شريعة ذرائعية وفقه مصلحي بلا نواظم أو ضوابط، في ضوء أفكار وتوجيهات ميكيافيلي الخالدة، وعلى رأسها الفكرة الصنم الغاية تبرر الوسيلة والتي تجعل الحكومة توظف الدين لأغراض السيطرة، فالدين ضروري للحكومة لا لخدمة الفضيلة ولكن لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس، فالعامل الديني أحد أقوى التأثيرات المحركة للشعب ولصراعاته، خاصة في المناطق التي ليس لديها من التجارِب ألإنسانية الحضارية ؛ لكن الواقع والتاريخ يدحضان هذا الطرح، فجميع الحروب بين الحضارات أو الأديان، شُنت بدافع ديني صرف، وحماسة المقاتلين لطالما كانت تُذْكَى وتُسَعَّر باستثارة عواطفهم عن طريق المرويات الدينية ولأي درجةٍ يمكنُ أن يتحولَ المعتقدُ الديني إلى سبيلٍ للاضطهادِ والتَنكيلِ بالبَشر؟ فعلى الرغم من أن معظم الأديان بل حتى الأفكار الوضعية اللادينية والبشرية و تقومُ على مبدأ التسامح، وعلى فكرة نشر السلام والخير في الأرض، إلا أن الاضطهاد الذي وقع متذرعاً باسم الأديانِ وتحت رايتِها على مرِّ التاريخ من بعض البشر الذين يدّعون الإيمان، تجاه البشر الآخرين غير المؤمنين، من أجلِ التخلصِ من هؤلاء عَبَدة الشيطان ليعم العالم الخير والسلام، بغض النظر عن الإثم في إزهاق هذه الأرواح البريئة، أمرٌ يدعو للتأمل والتعجب , وقد تمتد هذه الصدمة بشكل أعنف , رمزيَا للمبدع والمثقف؛ قصد التأمل في الوقائع والوسائط، في الأحداث والصور، في العنف المتبادل بصور مختلفة في آفاق هذه التحركات يغلب ظني أن هذا التعدد على اختلاطه والتباسه، يدعونا لمحاولة الإحاطة بما يجري بصفة حدث وخطاب وترويج , وبالتالي تتعدد الأسئلة وتتدافع، نصوغ منها السؤال المركَب وهل هو حَراك يذهب في اتجاه تأسيس أفق ديمقراطي حقيقي، يؤسس لفضيلة الاختلاف التي بإمكانها وحدها أن تخلخل بنيات وعقليات وتكلسات في الواقع والمخيل أم أننا نقدم قرابين شبيهة بالدم الأسطوري، لنتيه بين الانكمشات والاحتوائيات المتعددة الأقنعة؟ على أي، المبدع مطالب بهذا الفهم العسير؛ وبإمكانه أن يقدم تحليله وموقفه الذي يمتد لكتابته بشكل ما لي، أبحث الآن عن نص منفتح على هذا الذي يحدث، من دون أن يفقد النص ماءه اللصيق بالعمق والروابط المعرفية للإنسان كذات بالحياة والوجود وعليه، فالنص يمكنه أن يكون حاضرا وشاهد, لكن ليس بالمعنى التاريخي والسياسي؛ بل بالمعنى الإنساني التي يعيد بناء الأشياء وفق متخيل يغني المعركة، أي يجعلها ذات خلفية وامتدادات
ولم يقتصر البؤس الأخلاقي في المجتمع السوداني على عامة الناس وإنما هي مأساة عامة فالمثقفون في حالات التنافس يحاربون زملاءهم المثقفين والأكاديميون يحاربون زملاءهم الأكاديميين بأساليب منحطة وتصرفات غير لائقة من أجل تفاهات إدارية مثل المنصب أو التمثيل الدبلوماسي أو الزعامة السياسية أو نحو ذلك من الرغبات التافهة التي لا تستحق مثل هذا العراك والمنافرة لذلك تتكرر الشكوى من بعض الأكاديميين والمثقفين أنفسهم الذين يؤكدون أن الكثيرين منهم يتبادلون الهدم بكل شراسة بدلًا من أن يكونوا متكاتفين يكمل بعضهم بعضًا ويُسند بعضهم بعضًا فالأكاديمي أو المثقف يكون أحيانًا أول من يبادر للإجهاز على زميله وإسقاط السُلَّم الذي يحمله بالدس والغدر أو بالعلن والجهر , إن غَيْرَة الإنسان من كل الناس تدل على أنه يشيخ وهو مازال في مرحلة الطفولة فهو يريد أن ينفرد وحده بالاهتمام والمكانة شأنه شأن الطفل الذي يريد لنفسه كل شيء ولا يرضى أن ينال الأطفال الآخرون أي شيء بينما أن الحياة الناجحة كما يقول علماء النفس تتطلب من الإنسان أن يحقق قدراً من النضج وتستلزم أن يقلع عما درج عليه في طفولته من اهتمام بذاته دون غيرها فالحياة الفجة التي لا يتسع فيها الخيال لرغبات الآخرين وحاجاتهم والدافع الرئيس لمثل هذه الحياة الفجة هو المصالح الشخصية بأضيق معانيها وبكل ما فيها من قوة وإلحاح ولكن هذا المطلب الضروري يغيب عنا ليس فقط عن التفكير والسلوك بل حتي في أسلوب الكتابة خطاب خشبي لا يحمل غير صورة ذاتية , أن التعريف الصادق بالنفس لا يعني الركون إلى العيوب أو الزهو بها مثلا، دون محاولة التجاوز والتخطي، ورصد سبل السيطرة عليها، أو السعي نحو الاعتدال، وكل ما كتبت تقول أكثر أيضاح وتعريف بفكرك وما تريد من رسالة تعالَوا نترك كل ممارسات الجنون ونكون أكثر واقعية علي الأقل فيمَا نكتب .

zuhairosman9@gmail.com

 

آراء