الاختلاف بلغ صمت الحكاء
زهير عثمان حمد
27 February, 2024
27 February, 2024
زهير عثمان حمد
كنت أجادل أحد الأصدقاء في قضية الاختلاف السياسي بيننا وجري علي لساني هذا التعبير هو أننا من شدة الاختلاق أضحي الكلام بلا جدوي, وبالفعل الصمت يحكي الاختلاف وهنا تذكرت ما قاله لم يَسلم السياسي أو «قناع ابن المقفع»، إن صحَّ التعبير، من فعل التكرار أيضًا، وبدأ يكرر عبارات من قبيل التأكيد والإبانة «ما ندمت على ما لم أتكلم به قط، ولقد ندمت على ما تكلمت به كثيرًا». «عجبت لمن يتكلم بالكلمة فإن كانت له لم تنفعه، وإن كانت عليه أو أبقته». «إذا تكلمتُ بالكلمة ملكَتني، وإذا لم أتكلم بها ملكتها»., كنت دوما أقول لهذا الصديق حديثَا لرسول الله هو من الأحاديث التي وجدت في نفسي مساحة من الفهم والرضي لا وجد لها مثل أحاديث كثيرة يقال عنها أنها ضعيفة السند (يقول ﷺ: أنا زعيمٌ ببيتٍ في ربض الجنة لمن ترك المراءَ وإن كان مُحقًّا، ويقول أهل اللغة العربية أن كلمة المراء هم مرادف النقاش والجدال وبالفعل عندما تكون علي حق والآخرين علي ضلال صريح وما فائدة النقاش
شهد المجتمع السوداني تحوّلات في الرأي العام، فتغيّرت نظرتها للجيش والعسكر وبيدا يتفهم الحوجة لنظام حكم ديمقراطي متحضر بعيدًا عن العنصرية ويرتكب المجازر ويمارس أسوأ الجرائم بحق الأطفال والمدنيين العزّل ونعلم أن الحركة الإسلامية السودانية بَنَت واقعها ومستقبلها على محددات وأسس سياسية أمنية داخلية وخارجية، رسّختها منذ قيامها بالانقلاب في العام 1989، حتى أصبحت من سمات عامة للحركة ومناصريها والمنتفعين الذين عاشوا على استقرار تلك الصورة، مستبعدين اهتزازها أو تراجعها أو حتي تغير الأوضاع وفقدان السلطة .ولا سيّما مع تراجع حضور الأحزاب التقليدية ومحليًا في محيط الحراك السياسي البسيط وتكلس القيادات والولاء الطائفي مع اتّساع دائرة القمع في سنوات ما قبل الأخيرة من السقوط لنظام الإنفاذ جعل من الجامعات والأنشطة الشبابية إلي تحوّلها إلى منصّة سياسية بعيدًا عن الساسة والأحزاب التقليدية و استحقاقات أصحاب نزاعات المناطق التي يتعاملون معها السلاميين وقادة النظام البائد وشركاؤه علي أنهم ليسوا أصحاب قضية أو حقوق وهنا لابد أن اتذكر أنه خلال الأزمة اقتصادية والأمنية اندثرت ملامح القوات النظامية الوطنية والقومية، حتى أضحت بضاعة يمكن المقايضة بها لاكتساب مزيد السلطة وديمومتها لتعزيز شرعية نظامهم
لقد اتّكأ الإسلاميون في استقرارهم على استمرار الدعم السريع كحارس لهم ولقد ورثوا مكانة ودورا ما كانوا يحلمون بذلك فقدانها هو قضية وجود لهم تعالَوا هؤلاء لحكم التاريخ ومحاسبة الخالق يوم الموقف العظيم
مضت الان عشرة أشهر، ولكنها لي عام مضي بكل قسوة الغربة وضنك العيش، بل حقيقة التعايش مع الحوجة وقلة المال لدرجة العوز والسبب هذه الحرب التي جعلت منا نازحين وعالقين ولاجئين وكم من المرضي ولا علاج لهم وبالداخل في مناطق الجانبين الحياة لا تطاق سقطت إنسانية العسكر في بر السودان كم هائل من الجرائم ضد الإنسانية وانتهاك لقيم أهل السودان ومن أجل ماذا السلطة والثروة وان لا يطلهم القصاص لكم الجرائم التي أرتكبها منذ سقوط البشير إلي يومنا هذا
فمَا لم يكن بالأمس ممكنَا أصبح اليوم ممكنَا قابلا للتحقق، بفضل هذه الحرب، ولم يعد هنالك دارسة لا في المدارس لا في الجامعات والمدارس فحسب، بل حتى في الدوائر الرسمية وقوات الأمن والجيش أضحوا المجرمين الجدد في ساحات المدن بلا خجل أو خوف من القانون لأنه حقيقة لا قانون في ظل هذه الفوضى السائدة وهناك أشياء كثيرة أصبحت اليوم في دائرة الغير ممكن وفي الإمكان، بالرغْم أنها كانت من المستحيلات قبل حوالي عشرة أشهر وكما أن هناك أشياء أخرى ما زالت خارج تلك الدائرة. بالرغم مما يقال عن عدم وجود معسكر للثورة موحد إن حركة المعارضة المنقسمة التي تكافح من أجل تقديم رؤية بديلة واضحة للمستقبل يمكن أن تعرقل التعبئة والعمل الفعال من اجل وقف الحرب فيجب على القوى العاملة أن تُوحّد جهودها وتشكل جبهة موحدة ضد الحكم العسكري ووجود قيادة موحدة تُنسق جهودها هذا نظل ننادي به ونعمل من أجله ولكن تجد أن هنالك بعض الذين يبحثون عن أقامة نجاحاهم من دماء الابرياء هم من يظن أنه بعد الانتصار المستحيل في هذا الاقتتال سوف يحكم السودان أو الأجزاء الأهم في المعادلة القادمة لمن يحكم السودان أنه تخمت أكل اللحم مع العسل والسمن ليلا الحالمين بالطائل بيننا جيوش لا حصر لهم وفي الضلال يعمهون
المتفحص لمشروع كتائب البراء وشتات الإسلاميين المناصرين للحرب وما حولها يرى اندياحا وتوسعا في المشروع؛ إن كان من حيث اللحاظ العسكري ودمجه للقوى العسكرية المتعددة ضمن غرفة المقاومة الشعبية ، وقدرته على التصدي لاختراقات للمليشيات، بالإضافة إلى شن عمليات عسكرية في عمق معاقلهم , أما على صعيد الواقع الحراك المدني، فكل من يتابع تجمع القوي المدنية ومن حولها يرى الفرق والبون الشاسع بينهم و مناطق الخضوع لكلا الطرفين ومجريات الأحداث نعم هم المناط بهم العمل السياسي ولكن عليهم أيضا أن يكونوا الأكثر حضور في الأعلام من هؤلاء السخفاء والماجورين المناصرين للعسكر والمليشيات , إن محاولة اختطاف البلاد وتماسكها المجتمعي وموروثها الثقافي لمصلحة أجندة بعينها، لن يقود للاستقرار، وسيؤدي للمزيد من التشظي، والقوى المدنية اليوم أضعف مما سبق وأقل تأثيرًا وفاعلية، والتيارات الشبابية وقوي اليسار تعمل علي استعادت قدرتها في الشارع ومن الصعب تجاوزها، لأن لهم قَبُول وطرح وطني فمن الأفضل تحقيق تراضٍ وفق مصلحة البلاد العليا ولا نركن للحرب التي أفقرتنا وشردت الملايين وسلبتنا أعز من نملك من قيم أخلاقية بالإضافة إلي أنسايتنا بين الشعوب, وأخيرَا أقول فعلًا بلغ الاختلاف بيننا حد الصمت عن الكلام وكل منا يتحسس مسدسه ليقتل الأخر وأخير انتهي زمن الحديث الناعم يا صديقي
zuhair.osman@aol.com
كنت أجادل أحد الأصدقاء في قضية الاختلاف السياسي بيننا وجري علي لساني هذا التعبير هو أننا من شدة الاختلاق أضحي الكلام بلا جدوي, وبالفعل الصمت يحكي الاختلاف وهنا تذكرت ما قاله لم يَسلم السياسي أو «قناع ابن المقفع»، إن صحَّ التعبير، من فعل التكرار أيضًا، وبدأ يكرر عبارات من قبيل التأكيد والإبانة «ما ندمت على ما لم أتكلم به قط، ولقد ندمت على ما تكلمت به كثيرًا». «عجبت لمن يتكلم بالكلمة فإن كانت له لم تنفعه، وإن كانت عليه أو أبقته». «إذا تكلمتُ بالكلمة ملكَتني، وإذا لم أتكلم بها ملكتها»., كنت دوما أقول لهذا الصديق حديثَا لرسول الله هو من الأحاديث التي وجدت في نفسي مساحة من الفهم والرضي لا وجد لها مثل أحاديث كثيرة يقال عنها أنها ضعيفة السند (يقول ﷺ: أنا زعيمٌ ببيتٍ في ربض الجنة لمن ترك المراءَ وإن كان مُحقًّا، ويقول أهل اللغة العربية أن كلمة المراء هم مرادف النقاش والجدال وبالفعل عندما تكون علي حق والآخرين علي ضلال صريح وما فائدة النقاش
شهد المجتمع السوداني تحوّلات في الرأي العام، فتغيّرت نظرتها للجيش والعسكر وبيدا يتفهم الحوجة لنظام حكم ديمقراطي متحضر بعيدًا عن العنصرية ويرتكب المجازر ويمارس أسوأ الجرائم بحق الأطفال والمدنيين العزّل ونعلم أن الحركة الإسلامية السودانية بَنَت واقعها ومستقبلها على محددات وأسس سياسية أمنية داخلية وخارجية، رسّختها منذ قيامها بالانقلاب في العام 1989، حتى أصبحت من سمات عامة للحركة ومناصريها والمنتفعين الذين عاشوا على استقرار تلك الصورة، مستبعدين اهتزازها أو تراجعها أو حتي تغير الأوضاع وفقدان السلطة .ولا سيّما مع تراجع حضور الأحزاب التقليدية ومحليًا في محيط الحراك السياسي البسيط وتكلس القيادات والولاء الطائفي مع اتّساع دائرة القمع في سنوات ما قبل الأخيرة من السقوط لنظام الإنفاذ جعل من الجامعات والأنشطة الشبابية إلي تحوّلها إلى منصّة سياسية بعيدًا عن الساسة والأحزاب التقليدية و استحقاقات أصحاب نزاعات المناطق التي يتعاملون معها السلاميين وقادة النظام البائد وشركاؤه علي أنهم ليسوا أصحاب قضية أو حقوق وهنا لابد أن اتذكر أنه خلال الأزمة اقتصادية والأمنية اندثرت ملامح القوات النظامية الوطنية والقومية، حتى أضحت بضاعة يمكن المقايضة بها لاكتساب مزيد السلطة وديمومتها لتعزيز شرعية نظامهم
لقد اتّكأ الإسلاميون في استقرارهم على استمرار الدعم السريع كحارس لهم ولقد ورثوا مكانة ودورا ما كانوا يحلمون بذلك فقدانها هو قضية وجود لهم تعالَوا هؤلاء لحكم التاريخ ومحاسبة الخالق يوم الموقف العظيم
مضت الان عشرة أشهر، ولكنها لي عام مضي بكل قسوة الغربة وضنك العيش، بل حقيقة التعايش مع الحوجة وقلة المال لدرجة العوز والسبب هذه الحرب التي جعلت منا نازحين وعالقين ولاجئين وكم من المرضي ولا علاج لهم وبالداخل في مناطق الجانبين الحياة لا تطاق سقطت إنسانية العسكر في بر السودان كم هائل من الجرائم ضد الإنسانية وانتهاك لقيم أهل السودان ومن أجل ماذا السلطة والثروة وان لا يطلهم القصاص لكم الجرائم التي أرتكبها منذ سقوط البشير إلي يومنا هذا
فمَا لم يكن بالأمس ممكنَا أصبح اليوم ممكنَا قابلا للتحقق، بفضل هذه الحرب، ولم يعد هنالك دارسة لا في المدارس لا في الجامعات والمدارس فحسب، بل حتى في الدوائر الرسمية وقوات الأمن والجيش أضحوا المجرمين الجدد في ساحات المدن بلا خجل أو خوف من القانون لأنه حقيقة لا قانون في ظل هذه الفوضى السائدة وهناك أشياء كثيرة أصبحت اليوم في دائرة الغير ممكن وفي الإمكان، بالرغْم أنها كانت من المستحيلات قبل حوالي عشرة أشهر وكما أن هناك أشياء أخرى ما زالت خارج تلك الدائرة. بالرغم مما يقال عن عدم وجود معسكر للثورة موحد إن حركة المعارضة المنقسمة التي تكافح من أجل تقديم رؤية بديلة واضحة للمستقبل يمكن أن تعرقل التعبئة والعمل الفعال من اجل وقف الحرب فيجب على القوى العاملة أن تُوحّد جهودها وتشكل جبهة موحدة ضد الحكم العسكري ووجود قيادة موحدة تُنسق جهودها هذا نظل ننادي به ونعمل من أجله ولكن تجد أن هنالك بعض الذين يبحثون عن أقامة نجاحاهم من دماء الابرياء هم من يظن أنه بعد الانتصار المستحيل في هذا الاقتتال سوف يحكم السودان أو الأجزاء الأهم في المعادلة القادمة لمن يحكم السودان أنه تخمت أكل اللحم مع العسل والسمن ليلا الحالمين بالطائل بيننا جيوش لا حصر لهم وفي الضلال يعمهون
المتفحص لمشروع كتائب البراء وشتات الإسلاميين المناصرين للحرب وما حولها يرى اندياحا وتوسعا في المشروع؛ إن كان من حيث اللحاظ العسكري ودمجه للقوى العسكرية المتعددة ضمن غرفة المقاومة الشعبية ، وقدرته على التصدي لاختراقات للمليشيات، بالإضافة إلى شن عمليات عسكرية في عمق معاقلهم , أما على صعيد الواقع الحراك المدني، فكل من يتابع تجمع القوي المدنية ومن حولها يرى الفرق والبون الشاسع بينهم و مناطق الخضوع لكلا الطرفين ومجريات الأحداث نعم هم المناط بهم العمل السياسي ولكن عليهم أيضا أن يكونوا الأكثر حضور في الأعلام من هؤلاء السخفاء والماجورين المناصرين للعسكر والمليشيات , إن محاولة اختطاف البلاد وتماسكها المجتمعي وموروثها الثقافي لمصلحة أجندة بعينها، لن يقود للاستقرار، وسيؤدي للمزيد من التشظي، والقوى المدنية اليوم أضعف مما سبق وأقل تأثيرًا وفاعلية، والتيارات الشبابية وقوي اليسار تعمل علي استعادت قدرتها في الشارع ومن الصعب تجاوزها، لأن لهم قَبُول وطرح وطني فمن الأفضل تحقيق تراضٍ وفق مصلحة البلاد العليا ولا نركن للحرب التي أفقرتنا وشردت الملايين وسلبتنا أعز من نملك من قيم أخلاقية بالإضافة إلي أنسايتنا بين الشعوب, وأخيرَا أقول فعلًا بلغ الاختلاف بيننا حد الصمت عن الكلام وكل منا يتحسس مسدسه ليقتل الأخر وأخير انتهي زمن الحديث الناعم يا صديقي
zuhair.osman@aol.com