التحول الديمقراطي منصور خالد و عمانويل تود
طاهر عمر
13 June, 2024
13 June, 2024
طاهر عمر
الشعب السودان شغوف بمسألة التحول الديمقراطي و سوف يصل لتحقيقه و كل المؤشرات تدل على أن مسألة التحول الديمقراطية آتية لا ريب فيها و لتوضيح هذه النقطة سوف أحاول تقريب أراء ثلاثة مفكرين و عبر فكرهم أستطيع أن أدلل على مسيرة الشعب السوداني بإتجاه تحقيق التحول الديمقراطي.
أول هؤلاء المفكرين هو عمانويل تود الفيلسوف الفرنسي و ملقب بالفيلسوف النبي عندما تنباء بالسقوط النهائي و الشامل للشيوعية في منتصف السبعينيات و قد كانت فقد إختفت الشيوعية كأنها لم تكن بعد أربعة عقود من نهاية الحرب العالمية الثانية و هي تقضي على النازية و الفاشية و كل من النازية و الفاشية الشيوعية نظم شمولية بغيضة جاءت في زمن إضطراب فكر و كانت تسد الفراغ في زمن الفكر العابر و المؤقت.
عمانويل تود من ضمن حقول فكره فكرة البناء الأسري و دوره في إنتاج النظم السياسية مثلا نظام البناء الأسري الذي يشكل بالأسرة النووية هو المسؤول من إنتاج نظم ديمقراطية و تأسيس مجتمع يؤمن بالحرية و العدالة و نجده في إنجلترى و أمريكا و فرنسا أما نظام الأسرة الجذعية فهو المسؤول من إنتاج النظم الشمولية و نجده في المانيا و تسبب في قيام النازية و كذلك في روسيا و بسببه كانت أول حاضنة للشيوعية و كذلك في اليابان و كوريا و بالطبع في العالم العربي بثقافته العربية الإسلامية التقليدية و هذا هو سبب عشعشة الدكتوريات في العالم العربي و الإسلامي و الأسر الملكية و السلاطيين و الامراء في دول الخليج العربي.
عمانويل تود يؤكد بأن إرتفاع نسبة التعليم و إرتفاع مستوى الوعي في العالم العربي و الإسلامي أفرز تشكيل أسرة تكون الأم فيها لكل طفلين و هذا سوف يكون بؤرة التحول نحو الأسرة النووية و بداية التحول الديمقراطي في كثير من الدول العربية و بالتالي على المدى البعيد لا مستقبل للدكتاتوريات و نظم حكم التسلط في مصر و تونس و ايران و كل مؤشرات إرتفاع مستويات الوعي تؤكد بأن لا مستقبل لخطاب الإسلام السياسي.
فكرة عمانويل تود عن التحول الديمقراطي في العالم العربي و الإسلامي التقليدي نجدها متوافقة مع نظريات النمو الإقتصادي و مسألة التحول الأكيد نحو قبول العالم العربي التقليدي لنمط الإنتاج الرأسمالي و بالتالي سوف يخرج العالم العربي و الإسلامي من حيز أزمة الحضارة العربية الإسلامية التقليدية و هذه الازمة هي المنتجة للأزمة السياسية و في ظلها عم الفكر السياسي التقليدي الذي لا يفضي لإنتاج المعنى لكي تصبح الحرية مطلب شعبي و قد ظهرت ملامحمها في موجات الربيع العربي و سقوط الدكتوريات في تونس و مصر و ليبيا و اليمن و إطمحلال نظام الأسد في سوريا و أخيرا سقوط الكيزان في السودان بثورة ديسمبر حرية سلام و عدالة.
كتبت هذا المقال و لا يغيب عن البال أن الفكر السياسي للنخب السياسية الفاعلة الآن في الساحة السياسية السودانية هو إنعكاس لشعاع عقل سبعينيات القرن المنصرم و قطعا هم أسيري فكر سياسي تقليدي نتاج أزمة الحضارة العربية الإسلامية التقليدية و لهذا يصبح فشل النخب السودانية في التحول الديمقراطي حتمي و الهدف من هذا القول هو لفت الإنتباه للنخب السودانية بأن عقلها الذي تحاول به نقل المجتمع فكره تقليدي لا يفضي الى أي تحول ديمقراطي في مجتمع سوداني هش التراكيب في هياكله الإجتماعية.
عقل نخب الستينيات و السبعينيات من القرن المنصرم في السودان نقده الدكتور منصور خالد و الدكتور منصور خالد يعتبر مفكر سوداني منتبه لتطور الفكر من حوله و هذا ما جعله يتفرد من بين النخب السودانية و يلاحظ الخطاء الجماعي الذي مارسته النخب في التاريخ المذكور و كانت أغلب النخب تظن أن أقرب طريق للتنمية الإقتصادية هو طريق الحزب الواحد و فكر الإشتراكيين و أغلبهم كانوا ضحايا فكر الأبوية المستحدثة و كانت تضمهم بوتقتهم الصاهرة و هم يظنون بأن الفكر الليبرالي فكر رميم مقابل الفكر الإشتراكي و نظريته المكتملة كما يظنون و هنا يتساوى الشيوعي السوداني و أصدقاءه و القوميين و الإسلاميين من كل شاكلة و لون و ظنهم في إشتراكية أبوذر.
في ظل هذا الهرج لا أحد قد إنتبه الى أن الديمقراطية الليبرالية ليست نظام حكم فحسب بل ترسيخ لفكرة العيش المشترك و تجسيد لعلاقة الفرد بالدولة من أجل تحقيق المسؤولية الإحتماعية نحو الفرد و عبرها يتم التضامن الوجداني لكل فرد عبر الدولة مع مجتمعه المكون من أفراد.
منصور خالد يحمد له بأنه إنتبه للخطاء الجماعي في الإعتقاد في الحزب الواحد و وهم الإشتراكية إلا أنه سكت عن كيفية تحقيق التحول الديمقراطي كما نجده في فكر عمانويل تود المذكور في أعلى المقال و أهمية إنزال فكر ينتصر لنمط الإنتاج الرأسمالي و يساعد في فك طوق ثقافة الأسرة الجذعية السائدة في السودان و هي لا تنتج غير أفراد كل طرقهم تقودهم لأحزاب لا تنتج غير نظم حكم تسلطية كما نجدهم في الحزب الشيوعي السوداني و في أحزاب البعث السوداني و أحزاب المرشد و الختم و الامام. و ربما لهذا السبب تجد المحاولات الفكرية اليائسة للنخب السودانية من أقصى اليسار السوداني الرث الى أقصى اليمين الغارق في وحل الفكر الديني يجيدون فكر التوفيق الكاذب كما نجده في علمانية محمد ابراهيم نقد المحابية للأديان.
في وقت نجد فكر هشام شرابي يحاول فك طوق الدوائر الخبيثة التي لا تدرك بأن الفكر الديني هو أكبر حاضنة لفكرة الأبوية المستحدثة التي تورط الكل في سلطة الأب و ميراث التسلط. و هنا نجد هشام شرابي في طموحه الفكري و كيفية الخروج من أزمة الحضارة العربية الإسلامية التقليدية و نقده لفكرة الأبوية المستحدثة يلتقي مع فكر عمانويل تود المعتمد على فكرة البناء الأسري و ظلال الأسرة الجذعية في العالم العربي و الإسلامي التقليدي و كيفية فك طوقها و كسرها كحلقة خبيثة و الشب عنها من أجل المضي نحو تشيد مجتمع ينشد الحرية و فكرهما غائب عن دفاتر النخب السودانية التقليدية.
و بدلا عنه نجد التوفيق الكاذب لمؤالفة النور حمد بين العلمانية و الدين أو علمانية محمد ابراهيم نقد المحابية للأديان أو كما يعتقد كمال الجزولي في لقاء نيروبي الذي نظمه الكوز خالد التجاني النور و فيه يؤكد كمال الجزولي بأن الدين يمكن أن يلعب دور بنيوي في السياسة و الإقتصاد و الإجتماع و هذا مضحك و محزن إذا قارنا فكر كمال الجزولي بفكر كل من هشام شرابي و عمانويل تود.
الهدف من كتابة هذا المقال هو محاولة تنبيه النخب السودانية أن فكرهم إنعكاس لفكر نخب السبعينيات و هو كما قلنا إنتبه لفشله دكتور منصور خالد و من هنا ننبه النخب السودانية أن مشاكل الراهن السياسي في السودان تحتاج لفكر أفقه ملئ بفكر جديد غير مطروق في راهننا و لم ينظر بإتجاهه أحد و عليه واقع عالمنا المعاصر يحتاج لمراجعة النخب السودانية لفكرها و هي محبوسة في فكر السبعينيات من القرن المنصرم كما ذكر منصور خالد و عليها أن تتسلح بفكر له القدرة على مجابهة التحدي و الإنتصار عليه.
و التحدي للنخب السودانية هو وحل الفكر الديني و هو المسؤول عن فشل النخب في تنزيل شعار ثورة ديسمبر على أرض الواقع و بالمناسبة ثورة ديسمبر و شعارها هو تجسيد لتقدم الشعب و سقوط النخب غير القادرة على مواجهة وحل الفكر الديني و لذلك قد لاحظ الكل أن ثورة ديسمبر كثورة كبرى لم تلحقها تشريعات كبرى تنتصر للعقل و الفرد و الحرية و كانت أغلب النخب التي إستلمت قيادتها لا يختلف فكرهم عن فكر الكيزان في شئ.
و هذا ما شجع الكيزان على التطاول من جديد على أعظم ثورة يقودها مثقف تقليدي فاشل و أفق فكر مفكريه المؤالفة بين العلمانية و الدين أو علمانية محابية للأديان بدلا من فكر ينتصر لعقلنة الفكر و علمنة المجتمع و فكر قادر على تفكيك ثقافة الأسرة الجذعية التي لا تنتج إلا نظم حكم شمولي و نجده في أفق الشيوعي السوداني و البعثي و الكوز و غيرهم من أتباع أحزاب اللجؤ الى الغيب كأبناء بررة لثقافة و فكر الأبوية المستحدثة و نجده واضح في إشتراك الحاج وراق و كمال الجزولي في تخليد فكر الامام الصادق المهدي و هو أكبر مجسد لثقافة الأسرة الجذعية و ثقافة و فكر الأبوية المستحدثة كما تحدث عنه هشام شرابي و بالتالي لم يفرّق المثقف التقليدي السوداني بين الفلسفة السياسية و فكر الامام الصادق المهدي الأقرب لفكر رجل الدين من رجل السياسة.
في ختام المقال قصدت في أعلى المقال بالمفكرين الثلاثة في المقال كل من هشام شرابي و منصور خالد و عمانويل تود و نقاط لقاءهم في الفكر و كما قلت يحمد لمنصور خالد أنه إنتبه أن فكر السبعينيات للنخب السودانية كان مكمن الفشل في التحول نحو نظم حكم يفضي لإستقرار سياسي.
taheromer86@yahoo.com
الشعب السودان شغوف بمسألة التحول الديمقراطي و سوف يصل لتحقيقه و كل المؤشرات تدل على أن مسألة التحول الديمقراطية آتية لا ريب فيها و لتوضيح هذه النقطة سوف أحاول تقريب أراء ثلاثة مفكرين و عبر فكرهم أستطيع أن أدلل على مسيرة الشعب السوداني بإتجاه تحقيق التحول الديمقراطي.
أول هؤلاء المفكرين هو عمانويل تود الفيلسوف الفرنسي و ملقب بالفيلسوف النبي عندما تنباء بالسقوط النهائي و الشامل للشيوعية في منتصف السبعينيات و قد كانت فقد إختفت الشيوعية كأنها لم تكن بعد أربعة عقود من نهاية الحرب العالمية الثانية و هي تقضي على النازية و الفاشية و كل من النازية و الفاشية الشيوعية نظم شمولية بغيضة جاءت في زمن إضطراب فكر و كانت تسد الفراغ في زمن الفكر العابر و المؤقت.
عمانويل تود من ضمن حقول فكره فكرة البناء الأسري و دوره في إنتاج النظم السياسية مثلا نظام البناء الأسري الذي يشكل بالأسرة النووية هو المسؤول من إنتاج نظم ديمقراطية و تأسيس مجتمع يؤمن بالحرية و العدالة و نجده في إنجلترى و أمريكا و فرنسا أما نظام الأسرة الجذعية فهو المسؤول من إنتاج النظم الشمولية و نجده في المانيا و تسبب في قيام النازية و كذلك في روسيا و بسببه كانت أول حاضنة للشيوعية و كذلك في اليابان و كوريا و بالطبع في العالم العربي بثقافته العربية الإسلامية التقليدية و هذا هو سبب عشعشة الدكتوريات في العالم العربي و الإسلامي و الأسر الملكية و السلاطيين و الامراء في دول الخليج العربي.
عمانويل تود يؤكد بأن إرتفاع نسبة التعليم و إرتفاع مستوى الوعي في العالم العربي و الإسلامي أفرز تشكيل أسرة تكون الأم فيها لكل طفلين و هذا سوف يكون بؤرة التحول نحو الأسرة النووية و بداية التحول الديمقراطي في كثير من الدول العربية و بالتالي على المدى البعيد لا مستقبل للدكتاتوريات و نظم حكم التسلط في مصر و تونس و ايران و كل مؤشرات إرتفاع مستويات الوعي تؤكد بأن لا مستقبل لخطاب الإسلام السياسي.
فكرة عمانويل تود عن التحول الديمقراطي في العالم العربي و الإسلامي التقليدي نجدها متوافقة مع نظريات النمو الإقتصادي و مسألة التحول الأكيد نحو قبول العالم العربي التقليدي لنمط الإنتاج الرأسمالي و بالتالي سوف يخرج العالم العربي و الإسلامي من حيز أزمة الحضارة العربية الإسلامية التقليدية و هذه الازمة هي المنتجة للأزمة السياسية و في ظلها عم الفكر السياسي التقليدي الذي لا يفضي لإنتاج المعنى لكي تصبح الحرية مطلب شعبي و قد ظهرت ملامحمها في موجات الربيع العربي و سقوط الدكتوريات في تونس و مصر و ليبيا و اليمن و إطمحلال نظام الأسد في سوريا و أخيرا سقوط الكيزان في السودان بثورة ديسمبر حرية سلام و عدالة.
كتبت هذا المقال و لا يغيب عن البال أن الفكر السياسي للنخب السياسية الفاعلة الآن في الساحة السياسية السودانية هو إنعكاس لشعاع عقل سبعينيات القرن المنصرم و قطعا هم أسيري فكر سياسي تقليدي نتاج أزمة الحضارة العربية الإسلامية التقليدية و لهذا يصبح فشل النخب السودانية في التحول الديمقراطي حتمي و الهدف من هذا القول هو لفت الإنتباه للنخب السودانية بأن عقلها الذي تحاول به نقل المجتمع فكره تقليدي لا يفضي الى أي تحول ديمقراطي في مجتمع سوداني هش التراكيب في هياكله الإجتماعية.
عقل نخب الستينيات و السبعينيات من القرن المنصرم في السودان نقده الدكتور منصور خالد و الدكتور منصور خالد يعتبر مفكر سوداني منتبه لتطور الفكر من حوله و هذا ما جعله يتفرد من بين النخب السودانية و يلاحظ الخطاء الجماعي الذي مارسته النخب في التاريخ المذكور و كانت أغلب النخب تظن أن أقرب طريق للتنمية الإقتصادية هو طريق الحزب الواحد و فكر الإشتراكيين و أغلبهم كانوا ضحايا فكر الأبوية المستحدثة و كانت تضمهم بوتقتهم الصاهرة و هم يظنون بأن الفكر الليبرالي فكر رميم مقابل الفكر الإشتراكي و نظريته المكتملة كما يظنون و هنا يتساوى الشيوعي السوداني و أصدقاءه و القوميين و الإسلاميين من كل شاكلة و لون و ظنهم في إشتراكية أبوذر.
في ظل هذا الهرج لا أحد قد إنتبه الى أن الديمقراطية الليبرالية ليست نظام حكم فحسب بل ترسيخ لفكرة العيش المشترك و تجسيد لعلاقة الفرد بالدولة من أجل تحقيق المسؤولية الإحتماعية نحو الفرد و عبرها يتم التضامن الوجداني لكل فرد عبر الدولة مع مجتمعه المكون من أفراد.
منصور خالد يحمد له بأنه إنتبه للخطاء الجماعي في الإعتقاد في الحزب الواحد و وهم الإشتراكية إلا أنه سكت عن كيفية تحقيق التحول الديمقراطي كما نجده في فكر عمانويل تود المذكور في أعلى المقال و أهمية إنزال فكر ينتصر لنمط الإنتاج الرأسمالي و يساعد في فك طوق ثقافة الأسرة الجذعية السائدة في السودان و هي لا تنتج غير أفراد كل طرقهم تقودهم لأحزاب لا تنتج غير نظم حكم تسلطية كما نجدهم في الحزب الشيوعي السوداني و في أحزاب البعث السوداني و أحزاب المرشد و الختم و الامام. و ربما لهذا السبب تجد المحاولات الفكرية اليائسة للنخب السودانية من أقصى اليسار السوداني الرث الى أقصى اليمين الغارق في وحل الفكر الديني يجيدون فكر التوفيق الكاذب كما نجده في علمانية محمد ابراهيم نقد المحابية للأديان.
في وقت نجد فكر هشام شرابي يحاول فك طوق الدوائر الخبيثة التي لا تدرك بأن الفكر الديني هو أكبر حاضنة لفكرة الأبوية المستحدثة التي تورط الكل في سلطة الأب و ميراث التسلط. و هنا نجد هشام شرابي في طموحه الفكري و كيفية الخروج من أزمة الحضارة العربية الإسلامية التقليدية و نقده لفكرة الأبوية المستحدثة يلتقي مع فكر عمانويل تود المعتمد على فكرة البناء الأسري و ظلال الأسرة الجذعية في العالم العربي و الإسلامي التقليدي و كيفية فك طوقها و كسرها كحلقة خبيثة و الشب عنها من أجل المضي نحو تشيد مجتمع ينشد الحرية و فكرهما غائب عن دفاتر النخب السودانية التقليدية.
و بدلا عنه نجد التوفيق الكاذب لمؤالفة النور حمد بين العلمانية و الدين أو علمانية محمد ابراهيم نقد المحابية للأديان أو كما يعتقد كمال الجزولي في لقاء نيروبي الذي نظمه الكوز خالد التجاني النور و فيه يؤكد كمال الجزولي بأن الدين يمكن أن يلعب دور بنيوي في السياسة و الإقتصاد و الإجتماع و هذا مضحك و محزن إذا قارنا فكر كمال الجزولي بفكر كل من هشام شرابي و عمانويل تود.
الهدف من كتابة هذا المقال هو محاولة تنبيه النخب السودانية أن فكرهم إنعكاس لفكر نخب السبعينيات و هو كما قلنا إنتبه لفشله دكتور منصور خالد و من هنا ننبه النخب السودانية أن مشاكل الراهن السياسي في السودان تحتاج لفكر أفقه ملئ بفكر جديد غير مطروق في راهننا و لم ينظر بإتجاهه أحد و عليه واقع عالمنا المعاصر يحتاج لمراجعة النخب السودانية لفكرها و هي محبوسة في فكر السبعينيات من القرن المنصرم كما ذكر منصور خالد و عليها أن تتسلح بفكر له القدرة على مجابهة التحدي و الإنتصار عليه.
و التحدي للنخب السودانية هو وحل الفكر الديني و هو المسؤول عن فشل النخب في تنزيل شعار ثورة ديسمبر على أرض الواقع و بالمناسبة ثورة ديسمبر و شعارها هو تجسيد لتقدم الشعب و سقوط النخب غير القادرة على مواجهة وحل الفكر الديني و لذلك قد لاحظ الكل أن ثورة ديسمبر كثورة كبرى لم تلحقها تشريعات كبرى تنتصر للعقل و الفرد و الحرية و كانت أغلب النخب التي إستلمت قيادتها لا يختلف فكرهم عن فكر الكيزان في شئ.
و هذا ما شجع الكيزان على التطاول من جديد على أعظم ثورة يقودها مثقف تقليدي فاشل و أفق فكر مفكريه المؤالفة بين العلمانية و الدين أو علمانية محابية للأديان بدلا من فكر ينتصر لعقلنة الفكر و علمنة المجتمع و فكر قادر على تفكيك ثقافة الأسرة الجذعية التي لا تنتج إلا نظم حكم شمولي و نجده في أفق الشيوعي السوداني و البعثي و الكوز و غيرهم من أتباع أحزاب اللجؤ الى الغيب كأبناء بررة لثقافة و فكر الأبوية المستحدثة و نجده واضح في إشتراك الحاج وراق و كمال الجزولي في تخليد فكر الامام الصادق المهدي و هو أكبر مجسد لثقافة الأسرة الجذعية و ثقافة و فكر الأبوية المستحدثة كما تحدث عنه هشام شرابي و بالتالي لم يفرّق المثقف التقليدي السوداني بين الفلسفة السياسية و فكر الامام الصادق المهدي الأقرب لفكر رجل الدين من رجل السياسة.
في ختام المقال قصدت في أعلى المقال بالمفكرين الثلاثة في المقال كل من هشام شرابي و منصور خالد و عمانويل تود و نقاط لقاءهم في الفكر و كما قلت يحمد لمنصور خالد أنه إنتبه أن فكر السبعينيات للنخب السودانية كان مكمن الفشل في التحول نحو نظم حكم يفضي لإستقرار سياسي.
taheromer86@yahoo.com