حرب السودان والأجندات المختلفة

 


 

 

زين العابدين صالح عبد الرحمن
بدأ كل عام و السودان و شعبه بخير و نسأل الله في هذه الأيام المباركة أن يخفف وطأة المعاناة على الشعب و يمن عليه بالأمن و الأمان و ينصر القوات المسلحة صمام أمان السودان و وحدته...
أن الأيام المباركة لم توقف الحرب، و لا كانت هناك هدنة في كل الجبهات، بل أن الميليشيا ذات في هجماتها الانتحارية دون هدف غير أنها تجبر عناصرها على الانتحار.. أن الحرب جعلت كل الأجندة على السطح دون مواربة، و كل فرد حدد الجانب الذي أراد أن يقف معه و يتحمل مسؤوليته الأخلاقية و القانونية في ذلك. أن الحرب التي يشهدها السودان الآن ليس خلافا سياسيا أو إختلافا على المشاريع السياسية التي تقدم من قبل الأحزاب السياسية، بل هي حرب بسبب محاولة انقلابية للإستيلاء على السلطة لخدمة أجندة خارجية، و قد فشل الانقلاب، و تحولت إلي حرب ضد المواطنين في مالهم و ممتلكاتهم و اعراضهم و تهدف أيضا لتغير ديمغرافي، هي حرب الهدف منها تقسيم السودان و الاستيلاء على ثرواته، لذلك انتفت فيها الأخلاق و القيم .. و التغيير الذي يأتي بعدها يجب أن يكون تغييرا جوهريا..
في أول أيام عيد الفطر قال الفريق أول شمس الدين الكباشي نائب القائد العام للجيش في ولاية نهر النيل ( إن القوات المسلحة لا تحارب ما يسمى بميليشيا الدعم السريع لكن تحارب دول تطع في موارد السودان و تغيير و طمس الهوية) و أضاف قائلا ( أن ما تعرض له السودان هو غزو أجنبي بمشاركة العديد من الدول و العملاء بالداخل و الخارج و أن ميليشيا الدعم عبارة عن أداة لإنفاذ المخطط الأجنبي الذي يستهدف تقسيم الوطن و القضاء على القوات المسلحة باعتبارها صمام الأمان للسودان، و أن المعركة الحالية معركة بقاء وطن و أن موقف الشعب مع قواته المسلحة يعد سببا رئيس في اجهاض المخطط المتأمر على البلاد) أن المخطط لم يقف عند الحرب كأدات لتحقيق الأجندة داخل السودان، بل كانت هناك خيارات متعددة تعمل من أجل إنجاحها العديد من المجموعات بصور شتى، منها مجموعات تطالب بالتدخل الأجنبي العسكري تحت البند السابع بهدف نجاح المخطط.. و عندما علم هؤلاء صعوبة التدخل العسكري بقرار يصدر من مجلس الأمن.. بدأت مجموعة أخرى تطالب برفع مذكرة تحمل إمضاءات لكي تجعل السودان تحت الوصاية الدولية.. و للأسف أن هؤلاء لم يقرأوا جيدا ميثاق الأمم المتحدة الخاص بمسألة الوصاية، رغم الدرجات العلمية التي يحملونها. و مجموعة أخرى أصبحت تمثل الجناح السياسي للميليشيا و هؤلاء يبحثون عن تفاوض ليس بهدف وقف الحرب اعتقادا منهم أن التفاوض بين الجيش و الميليشيا سوف ينتج عنها " تسوية سياسية" تعيد هذه المجموعة إلي السلطة تحت رعاية الرباعية و الثلاثية و الاتحاد الأوروبي و من المنظمات الإقليمية و غيرها..
قال الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للجيش في خاطب له أول أيام العيد للضباط و الجنود بمنطقة أم درمان العسكرية (أي حلم منقوص و تفاوض دون حفظ للحقوق ما هو إلآ تأجيل للحرب ليس إلا، و عهدا علينا أي شخص عنده رؤية عنده تفاوض يبلها و يشرب مويتها) و أضاف قائلا ( إن القوات المسلحة أصًبحت أفضل حالا حيث تطورت قدراتها أضعاف مضاعفة عما كانت عليه بداية الحرب) أن الحرب الدائرة لم تخلف فقط دمارا في المؤسسات العامة للدولة، أنما أحدثت جروحا غائر في قلوب 90% من المواطنين، و هؤلاء لا يمثلهم حفنة من الناس في مفاوضات كانت النخب سببا فيها، و راهنت على انقلاب الميليشيا من أجل مصالحها السلطوية، و مادام أغلبية الشعب يقف مع الجيش إذا كان تأييدا أو استنفارا تصبح هذه الكتلة هي التي ترجح كفة الميزان و هي التي لها القرار..
أن التنازلات التي تقدمها بعض القيادات السياسية في كل مرحلة، بعد أن تتأكد أن خطابها غير مقبول، تؤكد من خلال تنازلاتها المستمرة عدم المبدئية عندها، انما هي تحاول أن تعيد العجلة فقط للوراء لكي ترجع للمربع الأول الذي يمكن أن يوصلها مرة أخرى للسلطة.. أن المرحلة بعد 15 إبريل 2023م لا يمكن العودة لها، و حتى الأجندة الوطنية أختلفت تماما، و أيضا ميزان القوى اًصبح يميل على جانب واحد.. و غابت الأحزاب السياسية بصورة واضحة عن المشهد السياسي، و أصبح دور المستقلين أكبر، وهو الذي يقود العملية السياسية داعما للميليشيا.. و القوى السياسية الأخرى تحركها الأحداث التي يصنعها الجيش، و خطابات قيادته أمام الجنود و المواطنين داخل البلاد.. و أغلبية آهل اليسار لا يختلفون عن الآخرين كثيرا و يتبارون جميعهم كل حسب أداته في غزل الميليشيا..
أن حرب التي اندلعت بسبب إنقلاب الميليشيا ليست هي خلافا سياسيا و لا نظاما سياسيا مارس انتهاكات الحقوق ضد المواطنين، و مارس أيضا الفساد، لآن النظم التي مارست ذلك قد سقطت بالتظاهرات السلمية، و كان على الحكومات التي جاءت أن تقدم المتهمين للعدالة و لكنهم فشلوا. أما الذي يجري الآن حرب طالت المواطنين في منازلهم ،و اغتصبت الحرائر، و شردت ثمانية ميلون مواطن و مواطنة من مساكنهم، و قتلت عشرات الآلاف من المواطنين، و نهبت البنوك و المؤسسات و سرقت ممتلكات المواطنين و غتلتهم.. هذه الحرب لابد أن يكون لها جرد حساب بالقانون، يطال كل الذين شاركوا فيها ضد الوطن و قهر المواطن، و الذين تبنوا اجندة الأجنبي و سعوا إلي تحقيقها، و الذين سعوا لتدمير الوطن بشتى الطرق، لا تنفع الطبطبة على ظهور الناس ، كل يجب أن يتحمل سوأت موقفه.. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com

 

آراء