من محطة للقطارات – من بلاد بعيدة تحية للشاعر “من جنوب السودان ” إدوارد كورنيلو

 


 

 

بقلم د. طبيب عبدالمنعم عبدالمحمود العربي
المملكة المتحدة

قبل أسابيع قليلة وأنا على متن قطار هيثرو إكسبرس إلى منتهاه في محطة بادينغتون بلندن كنت أطالع صباحات سودانايل لمتابعة أخبار حرب السودان اللعينة فلفت انتباهي نظم منٌ الشعر الذي فيه بصيص من ضوء أمل خافت وتعبير يفيض رقة وحنو للأرض الطيبة والسلام والمحبة والعدل ووحدة الأوطان لشاعر رائع من جنوب السودان الحبيب. كنت قد قرأت له من قبل لكن قصائده الأخيرة زادتني شوقا وحزنا معا على جزء كبير وعزيز من الوطن الكبير قد افتقدناه عبر الفشل نتيجة المرض السياسي وضيق الأفق الذي يتحكم والتهميش البغيض الإجتماعي الكبير. من الدياسبورا والشمال البعيد التحية إلى أخي من الجنوب "البلد النضر" الشاعر المرهف "إدوار كورنيلو" أبعث هذه التحية سائلا الله تحقيق كل الأمنيات الجميلة المرجوّة :

محطات القطارات الكثيرة يكثر فيها العجب العجاب
أحيانا تجمعني صدفة بالمستطاب من الصحاب
وأحيانا بما لا يطاق من نوع بئيس معاب
هذه المرة كانت تذكرتي كاملة للذهاب والإياب
على خط عنكبوتي رحلتي كانت قصيرة
على الأرصفة شاهدت شعوبا كثيرة
والذكريات تجول بي حلوة ومريرة
ترجلت في محطة عتيقة صغيرة
قابلت شاباً طويلاً أبنوسي الملامح الجميلة
ووسط الزحام شدتني عيون المسافرين الحزينة
تسافر نظراتها شاردة في السموات البعيدة
إلى مستقر لها وقطار كل منهم في انتظار
كان الشاب يبدو عجلا ليركب أي قطار
وكما لكل منهم عيون تحمل قصصاً مثيرة
قصته كان يحملها مكتوبة على صحيفة
لا تحتاج كلماتها إلى توضيح أو ترجمان
قصة شاب مثقل بجراحات الزمان
هموم النساء والأطفال ووحدة الأوطان
هموم شاب يشتاق للمساواة للسلم والأمان
لكن حقيبته القديمة محملة بورود لا تموت
قلبه ينبض بالحب والسلام والتفاؤل
ينثر بذور الحلم الجميل في حقول الأمل
على أرض الأوطان والجدود الأول
لتغني الدنيا وترقص طربا لتجدد الحياة
وأنا على الرصيف المعاكس بادلته التحية
ملوحا بباقة ورود قرنفل وردية اللون ندية
قلت له صدقني مــعك لــلحياة الحلوة سنغني
لتشرق كل صبح محملة بجميل التمني
ولأرض تحتضننا زرعــا أخضرا سيكون
زرعا يــنبت سـنابـل قمح يشبع البطون
سنغني معك دوما للحب والأمل العريض
لنمسح دموع التهميش والكره البغيض
نور يشع من ثغر كلّ طفل رضيع
فجر قادما يتجدد نعيشه معا
نراعيه نؤمنه لكيلا يضيع سدا
لـلوحـدة الخضراء تجمعنا في الوطن
لإنسانية حقيقية تعود رغم الغياب
لا تولد على أرض الدمار والخراب
لا على سفك الدماء ومفارقة الأحباب
سنغني لك وللجنوب وغاباته والأصحاب
من على البعد يا طاغور أوطاننا الضائعة
يا من أرض كانت أخت بلادي البارحة
شـــكرا لمـــشاعـــرك الـــحنونـــة الباذخة
فـــي حـــقل الـــوجـــود بذورك ستنبت
رغم الأعاصير على آرض الجدود ستثبت
حصاد زرعها الثمين حتما لن يضيع
سيكتمل مثلما ينمو ويكبر الوليد الرضيع
و يوما قريبا سيولد السلام والعدل والأمان
سنعود للأرض الحبيبة للبيوت وللأوطان
حتما غدا ستعود صحبة الأهل والجيران

تحياتي
عبدالمنعم

aa76@me.com

 

آراء