مؤتمر القاهرة
طلعت محمد الطيب
10 July, 2024
10 July, 2024
تابعت باهتمام بالغ ، لا يخلو من توجس، مؤتمر القوي المدنية والسياسية الذي إستضافته الحكومة المصرية في يوم السبت ٦ يوليو ٢٠٢٤م.
" معا من أجل إيقاف الحرب" كان شعار المؤتمر كما نعلم جميعا وهو شعار يستوجب توسيع القاعدة المدنية الرافضة للحرب، وقد كان توافق أكبر عدد من القوي والمنظمات والشخصيات المدنية، كان هو الهدف الأول للمؤتمر. تليه في الأولوية، قضية التفاكر حول الدعم، وضرورة وكيفية إنسياب المساعدات الإنسانية داخل المناطق المتضررة بالحرب ومساندة الأسر السودانية ممن شردتهم الحرب من منازلهم داخل وخارج السودان وهم يقدروا بالملايين. كما أن مسألة حماية المدنيين كانت ضمن الاجنده الحاضرة بإلحاح في سلم أولويات مؤتمر القاهرة ، والذى حقق بعض النجاح فيما يخص الجند الثاني المتعلق بإنسياب المساعدات الإنسانية لضحايا الحرب من المدنيين وربما الثالث والخاص بحمايتهم ، حيث كان المؤتمر فرصة لتعزيز التفاهم مع الحكومة المصرية، إضافة إلي فتح قنوات حوار وتبادل للمعلومات مع ممثلي المنظمات الاقليميه والدولية. نأمل أن يتم الإستمرار في هذا الاصطفاف الجديد ضد الحرب وما خلفته من مآسي، نظرا لحجم المعاناة التي يواجهها النازح السوداني، وقد صدق د. عبد الله حمدوك حينما صرح لإحدى الفضائيات بأن كارثة الحرب في السودان تعتبر أسوأ مما يحدث في غزة وأوكرانيا.
إما فيما يخص شعار المؤتمر وهو " معا من أجل وقف الحرب" فقد فشل في تحقيق الهدف الأول وإن كسب بعض الناشطين إلي معسكر السلام وتوسيع التحالف المدني ضد الحرب.
ويمكن فهم هذا الفشل على ضوء معايير فض النزاعات conflicts resolution حيث يحتاج هدف بحجم " التوافق من أجل وقف الحرب المدمرة" علي تحقق الشروط التالية:
أولا توفر الحرية لكل المشتركين في الحوار والتفاوض بغرض الاتفاق الطوعي علي بيان ختامي يشكل رؤية الجميع حول كيفية وقف الحرب. لكن كان من الواضح أن ممثلى الكتلة الديمقراطية لديهم أجندة أخري غير معلنة، ولا تتوفر لهم حرية إتخاذ القرار، بدليل أن عقار وجبريل ومناوي كانوا قد رفضوا التوقيع علي البيان الختامي للمؤتمر رغم إن مجموعتهم كان لها الأغلبية في صياغته ( ستة أشخاص مقابل خمسة من تقدم).
ثانيا الجلوس سويا مع وجود وسطاء لإدارة حوار شفاف يطرح فيه كل طرف تصوراته ومخاوفه. لكن ممثلو الكتلة الديمقراطية كانوا قد رفضوا الجلوس مع ممثلي التنسيقية لإدارة حوار صادق وشفاف حول ضرورة وقف الحرب في السودان وفضلوا الجلوس داخل قاعة منفصلة.
ثالثا الإلتزام بمناقشة كل القضايا التي تشغل الفرقاء بصدق ، أي خلو النوايا من أي اجندة خفية.
علي ضوء ذلك يمكن رصد أسلوب وطريقة كل فريق قبل إطلاق الاحكام علي أي طرف ، وما إذا كان هذا الطرف أو ذاك ، حريصا علي تحقيق التوافق من أجل وقف الحرب أم لا.
في تقديري أن ممثلي تنسيقية القوي المدنية الديمقراطية "تقدم " كانوا يتبعون أسلوب ما عرف ب"الاستيعاب" و"التعاون" من أجل بلوغ الهدف accomodative and collaborative styles
وقد تبين ذلك من خلال حرصهم علي وجود وسطاء يحظون بالقبول impartial entities وتجسد ذلك في تقديم الكلمة الافتتاحية للمؤتمر بواسطة شخصية محايدة تمثلت في د. الشفيع خضر سعيد.
إضافة إلي ثلاث وسطاء آخرين يحظون بقبول كل الاطراف تقريبا بغرض تقريب وجهات النظر، وكان يمكن أن يساعد ذلك علي الخروج بتوافق مطلوب لوقف الحرب يستطيع ان يجد السند الاقليمي والدولي. وقد كانت هذه النقطة بالذات من أهم أجندة المؤتمر علي الإطلاق.
بينما إتبع الطرف الآخر المتمثل في ممثلى الكتلة الديمقراطية الاسلوب التنافسي في الحوار competitive approach وهو اسلوب متبع في ثقافة فض النزاعات لتغليب وجهة نظر معينة ولكنه لا يساعد علي التوافق، بقدر ما يميل إلي فرص التصورات والرؤي ومثال ذلك إنهم كانوا قد رفضوا تسجيل إدانة للجيش لدوره في القتل والانتهاكات التي حدثت في الحرب، والإصرار في ذات الوقت علي إدانة الدعم السريع. لكن قبول المشاركين من " تقدم" لمقترح الإكتفاء بإدانة الانتهاكات دون الإشارة إلي مرتكبيها كان من باب حرصهم علي حصول قبول من الطرف الآخر، وكان واضحا أنه بمثابة تنازلا من جانبهم يهدف إلي تحقيق التوافق، وهو ما يعرف بالاسلوب التعاوني collaborative style في الحوار .
الامثله متعددة لتاكيد وجهة نظرنا حول حرص تنسيقية تقدم وصدقها تجاه ما رفعته من شعارات وما طرحته من أهداف، وذلك بعكس الكتلة الديمقراطية التي لم تظهر أي نوع من الحرص تجاه وقف
الحرب والمعاناة والموت والدمار ، وهذا التقييم طبعا لا ينطبق علي الأفراد الذين وقعوا علي البيان الختامي للمؤتمر ممن انتموا إلي تلك الكتلة، بل أن موقفهم هذا يحسب لصالحهم.
أعتقد أن مثل هذه الملاحظات قد تم رصدها من قبل الضيوف والدولة المضيفة علي السواء، وربما كان ذلك وراء غضب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وربما يفسر كذلك، سبب عدم دعوته لكل من عقار ومناوي وجبريل لحضور اللقاء الذي جمعه في اليوم التالي مع المؤتمرين.
طلعت محمد الطيب
talaat1706@gmail.com
" معا من أجل إيقاف الحرب" كان شعار المؤتمر كما نعلم جميعا وهو شعار يستوجب توسيع القاعدة المدنية الرافضة للحرب، وقد كان توافق أكبر عدد من القوي والمنظمات والشخصيات المدنية، كان هو الهدف الأول للمؤتمر. تليه في الأولوية، قضية التفاكر حول الدعم، وضرورة وكيفية إنسياب المساعدات الإنسانية داخل المناطق المتضررة بالحرب ومساندة الأسر السودانية ممن شردتهم الحرب من منازلهم داخل وخارج السودان وهم يقدروا بالملايين. كما أن مسألة حماية المدنيين كانت ضمن الاجنده الحاضرة بإلحاح في سلم أولويات مؤتمر القاهرة ، والذى حقق بعض النجاح فيما يخص الجند الثاني المتعلق بإنسياب المساعدات الإنسانية لضحايا الحرب من المدنيين وربما الثالث والخاص بحمايتهم ، حيث كان المؤتمر فرصة لتعزيز التفاهم مع الحكومة المصرية، إضافة إلي فتح قنوات حوار وتبادل للمعلومات مع ممثلي المنظمات الاقليميه والدولية. نأمل أن يتم الإستمرار في هذا الاصطفاف الجديد ضد الحرب وما خلفته من مآسي، نظرا لحجم المعاناة التي يواجهها النازح السوداني، وقد صدق د. عبد الله حمدوك حينما صرح لإحدى الفضائيات بأن كارثة الحرب في السودان تعتبر أسوأ مما يحدث في غزة وأوكرانيا.
إما فيما يخص شعار المؤتمر وهو " معا من أجل وقف الحرب" فقد فشل في تحقيق الهدف الأول وإن كسب بعض الناشطين إلي معسكر السلام وتوسيع التحالف المدني ضد الحرب.
ويمكن فهم هذا الفشل على ضوء معايير فض النزاعات conflicts resolution حيث يحتاج هدف بحجم " التوافق من أجل وقف الحرب المدمرة" علي تحقق الشروط التالية:
أولا توفر الحرية لكل المشتركين في الحوار والتفاوض بغرض الاتفاق الطوعي علي بيان ختامي يشكل رؤية الجميع حول كيفية وقف الحرب. لكن كان من الواضح أن ممثلى الكتلة الديمقراطية لديهم أجندة أخري غير معلنة، ولا تتوفر لهم حرية إتخاذ القرار، بدليل أن عقار وجبريل ومناوي كانوا قد رفضوا التوقيع علي البيان الختامي للمؤتمر رغم إن مجموعتهم كان لها الأغلبية في صياغته ( ستة أشخاص مقابل خمسة من تقدم).
ثانيا الجلوس سويا مع وجود وسطاء لإدارة حوار شفاف يطرح فيه كل طرف تصوراته ومخاوفه. لكن ممثلو الكتلة الديمقراطية كانوا قد رفضوا الجلوس مع ممثلي التنسيقية لإدارة حوار صادق وشفاف حول ضرورة وقف الحرب في السودان وفضلوا الجلوس داخل قاعة منفصلة.
ثالثا الإلتزام بمناقشة كل القضايا التي تشغل الفرقاء بصدق ، أي خلو النوايا من أي اجندة خفية.
علي ضوء ذلك يمكن رصد أسلوب وطريقة كل فريق قبل إطلاق الاحكام علي أي طرف ، وما إذا كان هذا الطرف أو ذاك ، حريصا علي تحقيق التوافق من أجل وقف الحرب أم لا.
في تقديري أن ممثلي تنسيقية القوي المدنية الديمقراطية "تقدم " كانوا يتبعون أسلوب ما عرف ب"الاستيعاب" و"التعاون" من أجل بلوغ الهدف accomodative and collaborative styles
وقد تبين ذلك من خلال حرصهم علي وجود وسطاء يحظون بالقبول impartial entities وتجسد ذلك في تقديم الكلمة الافتتاحية للمؤتمر بواسطة شخصية محايدة تمثلت في د. الشفيع خضر سعيد.
إضافة إلي ثلاث وسطاء آخرين يحظون بقبول كل الاطراف تقريبا بغرض تقريب وجهات النظر، وكان يمكن أن يساعد ذلك علي الخروج بتوافق مطلوب لوقف الحرب يستطيع ان يجد السند الاقليمي والدولي. وقد كانت هذه النقطة بالذات من أهم أجندة المؤتمر علي الإطلاق.
بينما إتبع الطرف الآخر المتمثل في ممثلى الكتلة الديمقراطية الاسلوب التنافسي في الحوار competitive approach وهو اسلوب متبع في ثقافة فض النزاعات لتغليب وجهة نظر معينة ولكنه لا يساعد علي التوافق، بقدر ما يميل إلي فرص التصورات والرؤي ومثال ذلك إنهم كانوا قد رفضوا تسجيل إدانة للجيش لدوره في القتل والانتهاكات التي حدثت في الحرب، والإصرار في ذات الوقت علي إدانة الدعم السريع. لكن قبول المشاركين من " تقدم" لمقترح الإكتفاء بإدانة الانتهاكات دون الإشارة إلي مرتكبيها كان من باب حرصهم علي حصول قبول من الطرف الآخر، وكان واضحا أنه بمثابة تنازلا من جانبهم يهدف إلي تحقيق التوافق، وهو ما يعرف بالاسلوب التعاوني collaborative style في الحوار .
الامثله متعددة لتاكيد وجهة نظرنا حول حرص تنسيقية تقدم وصدقها تجاه ما رفعته من شعارات وما طرحته من أهداف، وذلك بعكس الكتلة الديمقراطية التي لم تظهر أي نوع من الحرص تجاه وقف
الحرب والمعاناة والموت والدمار ، وهذا التقييم طبعا لا ينطبق علي الأفراد الذين وقعوا علي البيان الختامي للمؤتمر ممن انتموا إلي تلك الكتلة، بل أن موقفهم هذا يحسب لصالحهم.
أعتقد أن مثل هذه الملاحظات قد تم رصدها من قبل الضيوف والدولة المضيفة علي السواء، وربما كان ذلك وراء غضب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وربما يفسر كذلك، سبب عدم دعوته لكل من عقار ومناوي وجبريل لحضور اللقاء الذي جمعه في اليوم التالي مع المؤتمرين.
طلعت محمد الطيب
talaat1706@gmail.com