التقدم المرهون و هل يغير الدعم الخارجي ميزان الصراع في السودان؟

 


 

 

يشهد السودان صراعًا عسكريًا معقدًا يتصدره الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث تتفاوت الكفة بين الطرفين. على الرغم من تحقيق الجيش بعض المكاسب، فإن الوضع ما يزال هشًا في ظل مخاوف من احتمال تلقي قوات الدعم السريع دعمًا خارجيًا قويًا يقلب موازين القوة. تكمن خلف هذه المخاوف عدة عوامل تتعلق بتعقيد المشهد السوداني وتشابك العلاقات الإقليمية والدولية حوله.
أسباب التقدم الحالي للجيش السوداني
يرجع النجاح الحالي للجيش السوداني في مجابهة قوات الدعم السريع إلى عدة أسباب. أولاً، الجيش يمتلك تاريخًا طويلًا في التنظيم العسكري، كما أن له شبكة قوية داخل السودان، تشمل مؤسسات حكومية وأجهزة أمنية، فضلاً عن دعم من النخب التقليدية. من جهة أخرى، الجيش يملك الموارد المتاحة بفضل سيطرته على أجزاء كبيرة من الدولة السودانية، مما يمكنه من توظيفها في مواجهة قوات الدعم السريع. إضافةً إلى ذلك، هناك تعاطف من قطاعات واسعة في المجتمع السوداني مع الجيش، حيث يُنظر إليه كضامن محتمل للاستقرار.
مكمن القلق من الدعم الخارجي لقوات الدعم السريع
على الرغم من هذا التقدم، يبقى التخوف الأساسي لدى المحللين والمراقبين هو احتمال تلقي قوات الدعم السريع دعمًا خارجيًا يقلب معادلة الصراع لصالحها. وفي هذا السياق، يبرز دور عدد من الدول الإقليمية، التي قد ترى في استمرار قوات الدعم السريع فرصة لتحقيق مصالحها الخاصة في السودان.
يعتبر الدعم الخارجي "كميًا ونوعيًا" عاملًا رئيسيًا في قلب ميزان القوى، حيث قد يشمل تقديم معدات وأسلحة متطورة وتكنولوجيا قتالية، فضلاً عن المعلومات الاستخباراتية التي قد تمنح قوات الدعم السريع الأفضلية في بعض المناطق الاستراتيجية. مثل هذا الدعم قد يمكّن القوات من استعادة السيطرة على مواقع هامة، ويحول دون تقدم الجيش في مناطق أخرى.
العوامل التي تؤدي إلى استقطاب الدعم الخارجي
يبدو أن الوضع الجيوسياسي للسودان يجعله موقعًا استراتيجيًا ذا أهمية للعديد من القوى الإقليمية، فالسودان يمثل محورًا حيويًا للتجارة والنقل البري يربط إفريقيا بالشرق الأوسط. وكنتيجة لذلك، ترغب بعض الدول في التأثير على مسار الصراع السوداني، سواء لخلق مناطق نفوذ أو لدعم الأطراف المتحالفة معها. ومع وجود ثروات طبيعية مثل الذهب والموارد الزراعية والمائية، يصبح السودان ساحة صراع بالوكالة بين هذه الدول.
الانعكاسات المحتملة لقلب ميزان القوى
إذا ما حصلت قوات الدعم السريع على دعم خارجي كبير، فإن النتائج المحتملة قد تكون مدمرة. أولاً، قد يطيل هذا الدعم أمد الصراع بشكل كبير، ويزيد من عدد الضحايا المدنيين، حيث ستصبح المعارك أكثر ضراوة وانتشارًا في مناطق جديدة. كما أن التدهور المستمر للوضع الأمني قد يدفع بموجات جديدة من النزوح الداخلي، ويضاعف من معاناة السكان الذين يعيشون بالفعل أوضاعًا إنسانية صعبة.
في حالة حصول الدعم السريع على هذا النوع من المساعدات، فإن احتمالات تحقيق تسوية سياسية ستتضاءل، حيث سيشعر الطرفان بقدرة أكبر على الاستمرار في الصراع للوصول إلى حلول عسكرية، مما يزيد من تعقيد الجهود الدولية الرامية - .إلى تهدئة الأوضاع في السودان. أما على الصعيد الإقليمي، فقد يؤدي ذلك إلى تدخلات إضافية من دول تسعى إلى حماية مصالحها، مما يخلق بيئة غير مستقرة ويزيد من تشابك المصالح والنزاعات.
الحلول الممكنة
للخروج من هذا المأزق، يتطلب الوضع تدخلًا دوليًا مكثفًا، يركز على منع تدفق الأسلحة والمساعدات العسكرية للأطراف المتنازعة. كما يجب دعم مبادرات المصالحة الوطنية وتقوية دور المجتمع المدني السوداني في بناء عملية سلام شامل. وفي هذا السياق، يمكن للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي لعب دور فعّال، من خلال فرض ضغوطات ديبلوماسية على الأطراف الخارجية التي تدعم قوات الدعم السريع.

وفي النهاية، يبدو أن التقدم الحالي للجيش السوداني هو مكسب على المدى القصير، لكنه غير مضمون على المدى الطويل، في ظل احتمالية حصول قوات الدعم السريع على دعم خارجي كبير. هذا الدعم قد يعيد الصراع إلى نقطة البداية، ويعمّق من الأزمة التي يعاني منها السودان. لذا، فإن التحرك السريع والفعال من قبل المجتمع الدولي لفرض قيود على التدخلات الخارجية ودعم الحلول السلمية قد يكون الفرصة الأفضل للسودان لتحقيق الاستقرار وتجنب تفاقم الصراع.

zuhair.osman@aol.com

 

 

آراء