السودان: عشرون شهرا من التضييق ومحاولات تكميم الأفواه مقتل 13 صحافيا وتعرض 500 آخرين للاعتداء
رئيس التحرير: طارق الجزولي
24 November, 2024
24 November, 2024
دخلت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، شهرها العشرين، في ظل انتهاكات واسعة النطاق، بينما تتواصل عمليات التضييق والتعتيم الإعلامي، الأمر الذي يضع حياة وسلامة العاملين في المؤسسات الإعلامية والصحافيين المستقلين في خطر متفاقم ويبدد جهود رصد وتوثيق الجرائم التي يواجهها السودانيون كل يوم.
وحسب مراسلون بلا حدود فإن استهداف الصحافيين السودانيين يتجاوز الأفراد والأشخاص من أجل فرض تعتيم إعلامي مطبق وكامل على ما يجري في الميدان، بالإضافة إلى الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة وإبقائها بعيدة عن المحاسبة. فيما لفتت نقابة الصحافيين السودانيين إلى أن العديد من العاملين والعاملات في مجال الإعلام يعيشون أوضاعا صعبة ويواجهون مخاطر يومية بحثًا عن الحقيقة وسط القتال.
وأشارت إلى أنه في ظل عدم رضى الطرفين المتحاربين عن الأخبار والمعلومات التي ينقلها وينشرها صحافيون مستقلون، قد تعرض عدد من الصحافيين لتهديدات بالتصفية في ظل مناخ تسيَّده خطاب الكراهية والتضليل الإعلامي.
القتل على خلفية العمل الصحافي
ومنذ اندلاع الحرب منتصف نيسان/إبريل الماضي قتل 13 صحافيا وصحافية سودانية، منهم من قتل أثناء أداء مهامه الصحافية ومنهم من يُرجح أنه قتل على خلفية عمله الصحافي، أو نتيجة القيام بعمليات عسكرية في المناطق المدنية من دون وضع أي اعتبار لسلامة المدنيين، ومن بينهم الصحافيون. كما يتعرض الصحافيون والصحافيات الذين يعملون على تغطية وقائع الحرب لانتهاكات خطيرة من الأطراف المتقاتلة تشمل الاعتقال والتعذيب والتهديد بالقتل والعنف الجنسي والإخفاء القسري، بجانب المنع من التغطية المتوازنة واتهامات التخوين، ما يجعلهم عرضة للخطر.
ورصدت نقابة الصحافيين السودانيين عددا من الانتهاكات تجاه الصحافيين والصحافيات ما مثل تهديداً لحياتهم وسلامتهم وتضييقا على حرية الإعلام. حيث تم قصف عدد من مكاتب وغرف الأخبار وسط الخرطوم، وظل العشرات من الصحافيين عالقين في أماكن عملهم التي كانت تقع في خطوط النار بين الأطراف المتقاتلة، وتعرض بعض الصحافيين للقتل والانتهاكات والقمع أثناء تغطيتهم للاشتباكات.
وفي الأسبوع الأول للحرب، استولت قوات الدعم السريع على مقر الإذاعة والتلفزيون السوداني، فيما احتجزت ثماني صحافيين وفنيين، وتعرض مقر صحيفة «الجريدة» لإطلاق نار مرتين في أول وثاني أيام الحرب. واحتجز 15 صحافيا بوكالة «السودان للأنباء» لمدة 72 ساعة في مقر عملهم بجانب اثنين من العمال بالوكالة.
وكذلك احتجز صحافيون يعملون لصالح قناتي «الحرة» و«روسيا اليوم» في بناية وسط الاشتباكات لمدة 72 ساعة. وتم احتجاز 5 مراسلين آخرين يعملون في وكالة «تانا فورميديا» لمدة 72 ساعة كما تعرض مكتبهم لإطلاق نار. بالإضافة إلى مراسل قناة «الشرق» الإخبارية والمصور اللذين احتجزا في اليوم الأول لإندلاع المعارك بين الجيش والدعم السريع من قبل قوة مسلحة بالقرب من مطار مروي وأطلق سراحهما لاحقا. وتعرض مكتب ذات القناة إلى إطلاق نار في اليوم التالي.
وتعرض مقر صحيفة «الحراك السياسي» بالخرطوم لعملية سلب ونهب وتخريب.
كما أن قوات الدعم السريع، اقتحمت مقر إذاعة «هلا 96» والتي سبق واحتجز الصحافيين داخلها لمدة 72 ساعة.
واحتجز 9 من صحافيي التلفزيون «العربي» بمكاتبهم بأبراج النيلين. لاحقا في الأسبوع الثاني للمعارك تم إجلاء 13 من الإعلاميين المحتجزين في أبراج النيلين وسط الخرطوم عن طريق الهلال الأحمر، بعد أن قضوا تسعة أيام بلياليها في مكاتبهم بالخرطوم في منطقة خطرة ملتهبة بالصراع بلا مؤن غذائية. وتعرض عدد من الصحافيين والصحافيات ومن بينهم أعضاء في المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين للتهديد بالقتل عبر مكالمات هاتفية ورسائل عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي.
سلسلة من الانتهاكات المروعة
ولم تكن تلك الأيام العصبية إلا مقدمة لسلسلة من الانتهاكات المروعة، وحسب سكرتيرة الحريات في نقابة الصحافيين السودانيين إيمان فضل السيد فإن «معدلات الإفلات من العقاب في السودان مرتفعة بشكل مثير للقلق، خاصة فيما يتعلق بجرائم قتل الصحافيين التي تمر من دون أي إجراءات قضائية أو تحقيق أو مساءلة مع حالة العبث والفوضى التي تمر بها البلاد جراء الحرب اللعينة وتداعياتها الكارثية التي قتل خلالها 13 صحافيا وصحافية». وسجلت النقابة ما لا يقل عن 500 حالة انتهاك على الصحافيين ووسائل الإعلام.
وأكدت إيمان «أن كل جريمة حدثت بحق صحافي وصحافية في السودان مرصودة وموثقة بحيثياتها». بينما قالت مراسلون بلا حدود ان لديها معطيات تؤكد تعرض صحافيين في السودان لأعمال انتقامية بناءً على هجمات مقصودة وليست صدفة.
وسجّلت النقابة خلال نحو عشرين شهر من الحرب مقتل 13 صحافيا وصحافية، بينهم صحافيتان. وتعرّض 11 صحافيا بينهم 3 صحافيات لاعتداءات جسدية وإصابات، بالإضافة إلى حالة اعتداء جنسي واحدة. كما واجه 30 صحافيا وصحافية بينهم 10 صحافيات، إطلاق نار وقصفاً، مما أسفر عن وفاة 15 من ذويهم وإلحاق أضرار جسيمة بمنازلهم.
إلى جانب ذلك، وثّقت النقابة 60 حالة اختطاف واحتجاز قسري بينهم 9 صحافيات، و6 بلاغات تعسفية تعيق عمل الصحافيين وتقيد حركتهم. وسُجلت 58 حالة تهديد شخصي منها 26 ضد صحافيات، إضافة إلى 27 حالة اعتداء جسدي ونهب ممتلكات بينها 3 ضد صحافيات.
الإفلات من العقاب
ورأى ممثل منظمة مراسلون بلا حدود، أسامة بوعجيل في حلقة نقاش أجرتها نقابة الصحافيين السودانيين بالتزامن مع اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب، أن استهداف الصحافيين والتعتيم الإعلامي يشجع مرتكبي الانتهاكات على مواصلة الهجمات وتطوير مختلف أشكال التضييق القمعية ضد الصحف والصحافيين على مستوى الميدان في السودان.
ووصفت منظمة مراسلون بلا حدود، أوضاع الصحافة والصحافيين في السودان خلال فترة الحرب الحالية التي تشهدها البلاد بين الجيش والدعم السريع بـ«الصعبة جدا» بناء على معطيات بحوزتها.
وأشارت إلى أنه وبناءً على المعطيات التي بحوزة المنظمة ومختلف التقارير التي توثق الانتهاكات الصادرة بحق الصحافيين فإن استهداف الصحافيين وتعرض غالبيتهم لأعمال انتقامية بناءً على استهداف وليس بناء على هجمات تمت بالصدفة.
وتقديرات منظمة مراسلون بلا حدود تؤكد أن استهداف الصحافيين السودانيين يتجاوز الأفراد والأشخاص من أجل فرض تعتيم إعلامي كامل على ما يجري على الميدان.
وفضلا عن عمليات القتل، يتعرض الصحافيون والصحافيات لتهديدات عبر الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي حيث تتزايد منذ اندلاع الحرب في السودان هذه التهديدات بصورة كبيرة.
وحسب تقارير رصد دولية، كلما زادت حالات الإفلات من العقاب ازدادت جرائم القتل، ويدلّ في معظم الأحيان على تفاقم النزاع وعلى تداعي النظامين التشريعي والقضائي. لذلك جاء شعارنا لهذا العام لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة بحق الصحافيين هو (مناصرة الضحايا ومحاكمة الجناة) من أجل تحقيق العدالة للصحافيين.
العنف ضد الصحافيين
ورأت نقابة الصحافيين أن العنف والترهيب التي يتعرض لها الإعلاميون تستهدف تكميم الأفواه وإسكات الحقيقة، مؤكدة رفضها القاطع لجرائم القتل والعنف ضد الصحافيين. وشددت على أنه لن تكون هناك حصانة لأي شخص أو جهة تورطت في ارتكاب الجرائم بحق الصحافيين. وأن العدالة والمساءلة ضرورة لضمان حرية الصحافة وحمايتها من كافة أشكال الانتهاكات.
وقالت أنه منذ اندلاع الحرب في السودان في 15 نيسان/ابريل من العام الماضي، تصاعدت الانتهاكات ضد الصحافيين والصحافيات بشكل غير مسبوق، مطالبة الجهات المعنية، داخلياً وخارجياً، بتحمل مسؤولياتها لضمان محاسبة المعتدين وتوفير الحماية اللازمة للعاملين في الصحافة، الذين يخاطرون بحياتهم لإيصال الحقيقة.
وأكدت نقابة الصحافيين السودانيين التزامها بملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الصحافيين واتخاذ كافة الإجراءات القانونية لتحقيق العدالة، مشيرة إلى أن هذه الجرائم تتطلب تحقيقات نزيهة ومحاكمات شفافة، تكفل للضحايا وعائلاتهم الإنصاف وتوفر الردع الضروري لمنع تكرار هذه الاعتداءات الوحشية. ودعت النقابة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والمجموعات المسلحة إلى احترام القانون الدولي الذي يكفل حماية الصحافيين كمدنيين، ويضمن أمنهم وسلامتهم أثناء أداء عملهم الإعلامي، مؤكدة أن حجب خدمات الاتصالات والإنترنت عن مناطق النزاع يعدُ تصرفاً غير إنساني، يعيق الصحافيين عن أداء مهامهم ويمنع المواطنين من الحصول على المعلومات.
ودعت لإعادة هذه الخدمات باعتبارها حقاً أصيلاً، يسهم في تمكين الصحافيين من الوصول إلى الحقائق وتوثيقها بأمان، موجهة نداءً عاجلاً إلى الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بصيانة حرية الصحافة لدعم جهود محاسبة المعتدين وحماية الصحافيين السودانيين من المخاطر المحدقة، كي يتمكنوا من أداء عملهم وإيصال الحقيقة للعالم.
وناشدت جميعَ المدافعينَ عن حقوقِ الإنسان، والمنظماتِ العاملةِ في مجالِ حمايةِ الصحافيين وحريةِ التعبير، وكذلك المجتمعَ الدولي، بالتحركِ العاجلِ ضدَّ هذه الانتهاكات، مؤكدة على ضرورة كشفُ هذه الجرائمِ ومحاسبةُ مرتكبيها.
وأضافت: « إن الصمتُ ليس خيارًا في وجهِ هذا العبث. إنَّ التضامنَ والمقاومةَ هما السبيلُ الوحيدُ لوقفِ هذه الانتهاكاتِ وحمايةِ حقوقِ المدنيينَ والصحافيين في السودان».
ونوه منتدى الإعلام السوداني إلى أن الصحافيين والصحافيات السودانيين يعملون في ظل ظروف بالغة التعقيد تفتقر لأبسط مقومات الأمن والسلامة، ويقدمون تضحيات كبيرة في سبيل تأدية واجبهم المهني، ويواجهون محاولات التعمية والتغطية وإخفاء الحقائق، والضغوط والإغراءات لتشويه الحقائق لإرضاء أحد الأطراف وتغليب وجهة نظره، ويدفعون ثمنا غاليا للتمسك بالقيم المهنية والاخلاقية للعمل الصحافي.
وأكد على ضرورة ضمان سلامة الصحافيين والصحافيات وضمان حقهم في ممارسة عملهم في جو يضمن أمنهم وسلامتهم، متهما الحكومة باتخاذ كثير من الخطوات التي تعرقل عمل الصحافيين والصحافيات وتهدد أمنهم وسلامتهم، وتشجع على الانتهاكات والجرائم التي ترتكب ضدهم. مبديا قلقه من الاعتداء العشوائي الذي شنته قوات الدعم السريع والجماعات التابعة لها ضد الصحافيين الذين يغطون الهجمات المتعمدة ضد المدنيين والصحافيين على حد سواء.
وحث المجتمع الدولي على بذل المزيد من الجهود للضغط على الأطراف المتحاربة لاحترام حرية الصحافة والحق في التغطية الإعلامية. وأكد أن الإعلام السوداني ما يزال متمسكا بالوقوف بصلابة ضد محاولات ترهيب الصحافيين والصحافيات ومنعهم من أداء مهنتهم، مشددا على ضرورة إنهاء حالة الإفلات من العقاب ومحاسبة المجرمين والمنتهكين.
وأضاف: «لن يتحقق ذلك إلا بالعمل الجاد لفضح الانتهاكات والجرائم المصاحبة للحرب، خاصة تلك التي ترتكب ضد الصحافيين والصحافيات، والتضامن فيما بينهم لنصرة كل فرد منهم يتعرض لهذه الانتهاكات».
الخرطوم ـ «القدس العربي»:
وحسب مراسلون بلا حدود فإن استهداف الصحافيين السودانيين يتجاوز الأفراد والأشخاص من أجل فرض تعتيم إعلامي مطبق وكامل على ما يجري في الميدان، بالإضافة إلى الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة وإبقائها بعيدة عن المحاسبة. فيما لفتت نقابة الصحافيين السودانيين إلى أن العديد من العاملين والعاملات في مجال الإعلام يعيشون أوضاعا صعبة ويواجهون مخاطر يومية بحثًا عن الحقيقة وسط القتال.
وأشارت إلى أنه في ظل عدم رضى الطرفين المتحاربين عن الأخبار والمعلومات التي ينقلها وينشرها صحافيون مستقلون، قد تعرض عدد من الصحافيين لتهديدات بالتصفية في ظل مناخ تسيَّده خطاب الكراهية والتضليل الإعلامي.
القتل على خلفية العمل الصحافي
ومنذ اندلاع الحرب منتصف نيسان/إبريل الماضي قتل 13 صحافيا وصحافية سودانية، منهم من قتل أثناء أداء مهامه الصحافية ومنهم من يُرجح أنه قتل على خلفية عمله الصحافي، أو نتيجة القيام بعمليات عسكرية في المناطق المدنية من دون وضع أي اعتبار لسلامة المدنيين، ومن بينهم الصحافيون. كما يتعرض الصحافيون والصحافيات الذين يعملون على تغطية وقائع الحرب لانتهاكات خطيرة من الأطراف المتقاتلة تشمل الاعتقال والتعذيب والتهديد بالقتل والعنف الجنسي والإخفاء القسري، بجانب المنع من التغطية المتوازنة واتهامات التخوين، ما يجعلهم عرضة للخطر.
ورصدت نقابة الصحافيين السودانيين عددا من الانتهاكات تجاه الصحافيين والصحافيات ما مثل تهديداً لحياتهم وسلامتهم وتضييقا على حرية الإعلام. حيث تم قصف عدد من مكاتب وغرف الأخبار وسط الخرطوم، وظل العشرات من الصحافيين عالقين في أماكن عملهم التي كانت تقع في خطوط النار بين الأطراف المتقاتلة، وتعرض بعض الصحافيين للقتل والانتهاكات والقمع أثناء تغطيتهم للاشتباكات.
وفي الأسبوع الأول للحرب، استولت قوات الدعم السريع على مقر الإذاعة والتلفزيون السوداني، فيما احتجزت ثماني صحافيين وفنيين، وتعرض مقر صحيفة «الجريدة» لإطلاق نار مرتين في أول وثاني أيام الحرب. واحتجز 15 صحافيا بوكالة «السودان للأنباء» لمدة 72 ساعة في مقر عملهم بجانب اثنين من العمال بالوكالة.
وكذلك احتجز صحافيون يعملون لصالح قناتي «الحرة» و«روسيا اليوم» في بناية وسط الاشتباكات لمدة 72 ساعة. وتم احتجاز 5 مراسلين آخرين يعملون في وكالة «تانا فورميديا» لمدة 72 ساعة كما تعرض مكتبهم لإطلاق نار. بالإضافة إلى مراسل قناة «الشرق» الإخبارية والمصور اللذين احتجزا في اليوم الأول لإندلاع المعارك بين الجيش والدعم السريع من قبل قوة مسلحة بالقرب من مطار مروي وأطلق سراحهما لاحقا. وتعرض مكتب ذات القناة إلى إطلاق نار في اليوم التالي.
وتعرض مقر صحيفة «الحراك السياسي» بالخرطوم لعملية سلب ونهب وتخريب.
كما أن قوات الدعم السريع، اقتحمت مقر إذاعة «هلا 96» والتي سبق واحتجز الصحافيين داخلها لمدة 72 ساعة.
واحتجز 9 من صحافيي التلفزيون «العربي» بمكاتبهم بأبراج النيلين. لاحقا في الأسبوع الثاني للمعارك تم إجلاء 13 من الإعلاميين المحتجزين في أبراج النيلين وسط الخرطوم عن طريق الهلال الأحمر، بعد أن قضوا تسعة أيام بلياليها في مكاتبهم بالخرطوم في منطقة خطرة ملتهبة بالصراع بلا مؤن غذائية. وتعرض عدد من الصحافيين والصحافيات ومن بينهم أعضاء في المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين للتهديد بالقتل عبر مكالمات هاتفية ورسائل عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي.
سلسلة من الانتهاكات المروعة
ولم تكن تلك الأيام العصبية إلا مقدمة لسلسلة من الانتهاكات المروعة، وحسب سكرتيرة الحريات في نقابة الصحافيين السودانيين إيمان فضل السيد فإن «معدلات الإفلات من العقاب في السودان مرتفعة بشكل مثير للقلق، خاصة فيما يتعلق بجرائم قتل الصحافيين التي تمر من دون أي إجراءات قضائية أو تحقيق أو مساءلة مع حالة العبث والفوضى التي تمر بها البلاد جراء الحرب اللعينة وتداعياتها الكارثية التي قتل خلالها 13 صحافيا وصحافية». وسجلت النقابة ما لا يقل عن 500 حالة انتهاك على الصحافيين ووسائل الإعلام.
وأكدت إيمان «أن كل جريمة حدثت بحق صحافي وصحافية في السودان مرصودة وموثقة بحيثياتها». بينما قالت مراسلون بلا حدود ان لديها معطيات تؤكد تعرض صحافيين في السودان لأعمال انتقامية بناءً على هجمات مقصودة وليست صدفة.
وسجّلت النقابة خلال نحو عشرين شهر من الحرب مقتل 13 صحافيا وصحافية، بينهم صحافيتان. وتعرّض 11 صحافيا بينهم 3 صحافيات لاعتداءات جسدية وإصابات، بالإضافة إلى حالة اعتداء جنسي واحدة. كما واجه 30 صحافيا وصحافية بينهم 10 صحافيات، إطلاق نار وقصفاً، مما أسفر عن وفاة 15 من ذويهم وإلحاق أضرار جسيمة بمنازلهم.
إلى جانب ذلك، وثّقت النقابة 60 حالة اختطاف واحتجاز قسري بينهم 9 صحافيات، و6 بلاغات تعسفية تعيق عمل الصحافيين وتقيد حركتهم. وسُجلت 58 حالة تهديد شخصي منها 26 ضد صحافيات، إضافة إلى 27 حالة اعتداء جسدي ونهب ممتلكات بينها 3 ضد صحافيات.
الإفلات من العقاب
ورأى ممثل منظمة مراسلون بلا حدود، أسامة بوعجيل في حلقة نقاش أجرتها نقابة الصحافيين السودانيين بالتزامن مع اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب، أن استهداف الصحافيين والتعتيم الإعلامي يشجع مرتكبي الانتهاكات على مواصلة الهجمات وتطوير مختلف أشكال التضييق القمعية ضد الصحف والصحافيين على مستوى الميدان في السودان.
ووصفت منظمة مراسلون بلا حدود، أوضاع الصحافة والصحافيين في السودان خلال فترة الحرب الحالية التي تشهدها البلاد بين الجيش والدعم السريع بـ«الصعبة جدا» بناء على معطيات بحوزتها.
وأشارت إلى أنه وبناءً على المعطيات التي بحوزة المنظمة ومختلف التقارير التي توثق الانتهاكات الصادرة بحق الصحافيين فإن استهداف الصحافيين وتعرض غالبيتهم لأعمال انتقامية بناءً على استهداف وليس بناء على هجمات تمت بالصدفة.
وتقديرات منظمة مراسلون بلا حدود تؤكد أن استهداف الصحافيين السودانيين يتجاوز الأفراد والأشخاص من أجل فرض تعتيم إعلامي كامل على ما يجري على الميدان.
وفضلا عن عمليات القتل، يتعرض الصحافيون والصحافيات لتهديدات عبر الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي حيث تتزايد منذ اندلاع الحرب في السودان هذه التهديدات بصورة كبيرة.
وحسب تقارير رصد دولية، كلما زادت حالات الإفلات من العقاب ازدادت جرائم القتل، ويدلّ في معظم الأحيان على تفاقم النزاع وعلى تداعي النظامين التشريعي والقضائي. لذلك جاء شعارنا لهذا العام لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة بحق الصحافيين هو (مناصرة الضحايا ومحاكمة الجناة) من أجل تحقيق العدالة للصحافيين.
العنف ضد الصحافيين
ورأت نقابة الصحافيين أن العنف والترهيب التي يتعرض لها الإعلاميون تستهدف تكميم الأفواه وإسكات الحقيقة، مؤكدة رفضها القاطع لجرائم القتل والعنف ضد الصحافيين. وشددت على أنه لن تكون هناك حصانة لأي شخص أو جهة تورطت في ارتكاب الجرائم بحق الصحافيين. وأن العدالة والمساءلة ضرورة لضمان حرية الصحافة وحمايتها من كافة أشكال الانتهاكات.
وقالت أنه منذ اندلاع الحرب في السودان في 15 نيسان/ابريل من العام الماضي، تصاعدت الانتهاكات ضد الصحافيين والصحافيات بشكل غير مسبوق، مطالبة الجهات المعنية، داخلياً وخارجياً، بتحمل مسؤولياتها لضمان محاسبة المعتدين وتوفير الحماية اللازمة للعاملين في الصحافة، الذين يخاطرون بحياتهم لإيصال الحقيقة.
وأكدت نقابة الصحافيين السودانيين التزامها بملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الصحافيين واتخاذ كافة الإجراءات القانونية لتحقيق العدالة، مشيرة إلى أن هذه الجرائم تتطلب تحقيقات نزيهة ومحاكمات شفافة، تكفل للضحايا وعائلاتهم الإنصاف وتوفر الردع الضروري لمنع تكرار هذه الاعتداءات الوحشية. ودعت النقابة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والمجموعات المسلحة إلى احترام القانون الدولي الذي يكفل حماية الصحافيين كمدنيين، ويضمن أمنهم وسلامتهم أثناء أداء عملهم الإعلامي، مؤكدة أن حجب خدمات الاتصالات والإنترنت عن مناطق النزاع يعدُ تصرفاً غير إنساني، يعيق الصحافيين عن أداء مهامهم ويمنع المواطنين من الحصول على المعلومات.
ودعت لإعادة هذه الخدمات باعتبارها حقاً أصيلاً، يسهم في تمكين الصحافيين من الوصول إلى الحقائق وتوثيقها بأمان، موجهة نداءً عاجلاً إلى الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بصيانة حرية الصحافة لدعم جهود محاسبة المعتدين وحماية الصحافيين السودانيين من المخاطر المحدقة، كي يتمكنوا من أداء عملهم وإيصال الحقيقة للعالم.
وناشدت جميعَ المدافعينَ عن حقوقِ الإنسان، والمنظماتِ العاملةِ في مجالِ حمايةِ الصحافيين وحريةِ التعبير، وكذلك المجتمعَ الدولي، بالتحركِ العاجلِ ضدَّ هذه الانتهاكات، مؤكدة على ضرورة كشفُ هذه الجرائمِ ومحاسبةُ مرتكبيها.
وأضافت: « إن الصمتُ ليس خيارًا في وجهِ هذا العبث. إنَّ التضامنَ والمقاومةَ هما السبيلُ الوحيدُ لوقفِ هذه الانتهاكاتِ وحمايةِ حقوقِ المدنيينَ والصحافيين في السودان».
ونوه منتدى الإعلام السوداني إلى أن الصحافيين والصحافيات السودانيين يعملون في ظل ظروف بالغة التعقيد تفتقر لأبسط مقومات الأمن والسلامة، ويقدمون تضحيات كبيرة في سبيل تأدية واجبهم المهني، ويواجهون محاولات التعمية والتغطية وإخفاء الحقائق، والضغوط والإغراءات لتشويه الحقائق لإرضاء أحد الأطراف وتغليب وجهة نظره، ويدفعون ثمنا غاليا للتمسك بالقيم المهنية والاخلاقية للعمل الصحافي.
وأكد على ضرورة ضمان سلامة الصحافيين والصحافيات وضمان حقهم في ممارسة عملهم في جو يضمن أمنهم وسلامتهم، متهما الحكومة باتخاذ كثير من الخطوات التي تعرقل عمل الصحافيين والصحافيات وتهدد أمنهم وسلامتهم، وتشجع على الانتهاكات والجرائم التي ترتكب ضدهم. مبديا قلقه من الاعتداء العشوائي الذي شنته قوات الدعم السريع والجماعات التابعة لها ضد الصحافيين الذين يغطون الهجمات المتعمدة ضد المدنيين والصحافيين على حد سواء.
وحث المجتمع الدولي على بذل المزيد من الجهود للضغط على الأطراف المتحاربة لاحترام حرية الصحافة والحق في التغطية الإعلامية. وأكد أن الإعلام السوداني ما يزال متمسكا بالوقوف بصلابة ضد محاولات ترهيب الصحافيين والصحافيات ومنعهم من أداء مهنتهم، مشددا على ضرورة إنهاء حالة الإفلات من العقاب ومحاسبة المجرمين والمنتهكين.
وأضاف: «لن يتحقق ذلك إلا بالعمل الجاد لفضح الانتهاكات والجرائم المصاحبة للحرب، خاصة تلك التي ترتكب ضد الصحافيين والصحافيات، والتضامن فيما بينهم لنصرة كل فرد منهم يتعرض لهذه الانتهاكات».
الخرطوم ـ «القدس العربي»: