هل للطغاة تنظيم يجمعهم ؟!

 


 

 

هل للطغاة تنظيم يجمعهم ؟! ام أن السؤال ساذج ، لأن هؤلاء الصنف من البشر لو كانوا يؤمنون بالتنظيمات لما أصبحوا طغاة اصلا !!..

لو أننا تحرينا جيدا في أعماق أي دكتاتور لوجدنا أنه طيلة الفترة التي كان فيها يركب علي رؤوس الشعب نراه مازال غير سعيد بهذا الركوب وفي اعتقاده وغرارة نفسه كان الاصوب عنده أن يمنعهم حتي من التنفس وهو في جلسته تلك التي بها تكتمل سعادته وتحسسه بأنه زعيم ابن زعيم ...
ويظل علي هذا المنوال سنين عددا ودماغه شغله الشاغل إفراز مادة ( المورفين ) التي تنقله الي بساتين وبساتين وطيور ملونة وأسماك صغيرة في أحواض من البلور ويبدو كرضيع ( مكنكش علي ثدي أمه بكلتا يديه وفمه الصغير يتلذذ بالحليب السحري الذي ينقله الي عالم ( بويهمي ) يري فيه نفسه سلطان زمانه وهو لم يشب بعد عن الطوق ...
ودليلنا علي أن الدكتاتور الجملة الوحيدة التي يفهمها هي ( حبيبتي الرئاسة ) أنه مهما مرت بناظريه مشاهد بالالوان والترجمة علي الشريط لزملاء له سبقوه وقد انتهي بهم المطاف بعد ( سكرة ) ظلت تبيت معهم سنة بعد سنة حتي أوصلتهم محطة الإدمان مهما راي من نهاية مطافهم وانزال متاعهم في غرفة معزولة مكتوب علي بابها ( مرحبا ) هنا ستخلد للراحة الأبدية ولن تري النور مرة أخرى وستموت من غير جنازة عسكرية وإطلاق ٢١ طلقة وداع ووفود ووفود من أركان الدنيا الأربعة يأتون للعزاء ويكتبون في السجل الموضوع في صدر الصالون الفخم بقلم مذهب اجمل العبارات وافخمها في مدح الفقيد الذي كان مثالا في حبه لشعبه وتسخير نفسه لهم بالسهر علي راحتهم الذي لايالو جهدا في تقديم ارقي الخدمات لهم بكل تجرد وحب وعطف لانه ابن الشعب الذي سعادته منهم ويبادلهم ويبادلونه نفس الشعور الطيب والألفة والتقدير والاحترام .
طبعا مازال العالم الاول والثاني والثالث يعج بالطفاة والدكتاتورية ترعي وتمرح قرب المسطحات الخضراء للديمقراطية والناس من غير فرز يعانون من الدلال والراحة التي يتمرغ في نعيمها هؤلاء القوم الذين رسخ في وجدانهم أن حقهم في أن يكونوا في ( العلالي ) هو شيئ موروث بل يعد من التراث القومي والتاريخ الوطني نابعا من الجذور الحرة والتربة الثرة الغنية بالفلكلور ورقصات الكمبلا والطنبور والربابة وموسيقى ( القرب ) الاسكتلندية واغاني الريف الأمريكية والافلام التسجيلية عن مشروع الجزيرة والنقل النهري ومشاريع الإعاشة و ( بنطون ) الدويم ومتحف اللوفر والتزحلق علي جبال الألب والتمتع ببريق ذهب جبل عامر وحدائق بابل المعلقه والمعلقات السبع أو العشر لا ادري !!..
هل سيكون بشار اخر الهاربين ؟! طبعا لا وكلا والف لا لأن الدكتاتوريين يرون الإبرة في القش ولكنهم يستنكفون عن رؤية فعالهم وفنونهم السريالية التي يطبعونها علي جباه الشعب المسكين ومع ذلك يتملكهم ضيق كبير وزعل لأن الشعب مقصر معهم ولم يقدر لهم تضحياتهم وسهرهم وتواضعهم في أن يقبلوا بأن يكونوا حكاما لهم !!..
بشار سبقه الي النفي والطرد والقتل والتجريد من الرتبة كثير من الحكام الذين الي ماقبل ثواني من نهاية عهدهم الذي يرونه زاهرا وما ( فيش احسن من كدة ) لم يدر بخلدهم أن الستار قد أسدل والانوار أطفئت وما هي إلا برهة ويتم شحنهم مثل ربطة البرسيم في طائرة أو قطار نقل الي حيث يقضون بقية عمرهم وإمامهم شريط حافل بالذكريات عن ايام الهناء والسعد بين الأسرة والأهل والأصدقاء والمحاسيب والهتفية ومخاطبة الرعية عبر الشاشة والمايكرفون بكلام جاف مثل التمر ( الجاو ) لا طعم ولا رائحة والشعب قد قتله النعاس وحتي المخرج والمنتج ومهندس الصوت ومدير التلفزيون وعامل البوفيه وأعضاء الغرفة التجارية كلهم ناموا وقد حسبوهم قد فارقوا الحياة لولا أنهم مازالوا يتنفسون !!..
ايها الطغاة خلو عندكم شوية دم وامشوا علي النور واطفوه وعلي الستار فانزلوه بأنفسكم قبل أن يقوم غيركم بالمهمة وبعدين الندم مابفيدك فالعملتو كان بي ايدك !!..

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .

ghamedalneil@gmail.com

 

آراء