حوار مع علي الحاج

 


 

 

حول ما يتردد أخيراً عن المحاولة الانقلابية المنسوبة إلى حزبكم المؤتمر الشعبي والخلافات بينكم و المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) هل نحن أمام مسرحية جديدة من الإسلاميين كما حدث في انقلاب 30 يونيو1989 حينما ذهب البشير الى القصر رئيسا وذهب د الترابي إلى السجن حبيسا وما هي أسباب هذه الخلافات ؟

الخلافات الداخلية أمر عادي ولكن نهجنا أن أي خلافات تحسم داخلياً بالشورى والتشاور وفي الأخير نصل لرأي جماعي وهذا هو ما يخرج للإعلام.. أما عن انقلاب 30 يونيو 89 فقد كان قراراً اتخذته هيئة الشورى في الجبهة الإسلامية القومية ولم يكن قراراً فردياً وهيئة الشورى تتكون من 60 عضواً وأن النصاب كان مكتملاً عندما تم إقرار الانقلاب وكان هناك حوالي 3 أو 4 أشخاص غير موافقين على القرار لكن ما حدث أو ما يتعلق بذهاب الترابى للسجن أسيراً والبشير للقصر رئيساً فقد كانت هناك مجموعة ثالثة عليها أن تسافر خارج السودان وأنا كنت على رأس وفد من الأحزاب الأخرى ذهبنا إلى أمريكا وبريطانيا وكل ذلك كان جزءاً من التكتيك (وهذا الكلام أصرح به للمرة الأولى) أما تخطيط الانقلاب فقد أوكل أمره للأمين العام وقد طلب منه مجلس الشورى أن يختار الأشخاص المناسبين لأن الأمر يحتاج لدرجة عالية من السرية وقد اختار الأمين العام الدكتور حسن الترابي 6 أشخاص وقد كنت أنا ضمن هؤلاء السبعة أشخاص وقد خططنا للإنقاذ قبل فترة وكل ذلك مدون وموجود ... أما عمر البشير فلم يكن عضواً في هيئة الشورى لذلك فهو لم يكن يعلم بأي شئ عن أمر الانقلاب لأن العسكريين الإسلاميين غير موجودين كفصيل ممثل داخل هيئة الشورى ونحن لا نعرفهم إلا بالأسماء الحركية وقد كان الأمين العام يقوم بالتنوير كل ثلاثة أشهر على مسار الأمر.
الرئيس عمر البشير ذكر في لقاء تلفزيوني أجراه معه أحمد البلال الطيب عن الكيفية التي قام بها في تمويه الضباط وتحركه من ميوم إلى الأبيض ومن الأبيض إلى الخرطوم وذكر مجموعة من الوقائع كيف تقول أن دوره كان ثانوياً ؟
كما ذكرت لك نحن لا نعرف عمر البشير بالاسم لأننا نستخدم أسماء حركية وسط الجيش وعندما تم إحضار عمر البشير من ميوم لم يقم عمر البشير بذكر أسماء الأشخاص الذين أحضروه وهم الأخوه عمر سليمان من أبناء كردفان الذي لا يزال يتعرض للاعتقال لأنه من المؤتمر الشعبي.. كما لم يذكر اسم النحيلة الذي كان يقيم معه عمر البشير في الأبيض ومن ثم تحرك للخرطوم وقد كان حضوره للخرطوم للتنفيذ فقط لا غير.. البيان الأول كان جاهزاً قبل حوالي 3 أو 4 أسابيع من الانقلاب وقد تم تسجيله في شريط فيديو بمباني منظمة الدعوة الإسلامية بالخرطوم وكل الذين ساهموا في هذا الموضوع لا زالوا أحياء.. الحركة الإسلامية مسئولة عن كل ما يتعلق بأمر الإنقاذ وهدفنا لم يكن إقامة دكتاتورية مدى الحياة فقد كانت لدينا خطط مرحلية تنفذ على فترات.. أما في ما يتعلق بأن السلطات قد وضعت يدها على المحاولة الانقلابية الأخيرة واعتقلت مجموعة من الضباط بدعوى أنهم كانوا يجتمعون في القيادة العامة فلماذا لم يتم تسجيل لمحاضر اجتماعاتهم أو تصويرها ونشرها لوسائل الإعلام إذا كان الأمر صحيحاً هذه مجرد كذبة وفبركة من قبل أشخاص جهلاء لا يجيدون صنعة الأمر.. في موضوع الإنقاذ فقد أدينا بيعةً وقسماً مغلظاً لم يكن هدفنا أن نستعلي على الناس وتكون السلطة في أيدينا نحن فقط.. لأن الحركة الإسلامية لا تفكر بهذه الطريقة.
تتحدثون الآن عن الحريات بأنواعها المختلفة وتتباكون من دكتاتورية السلطة لماذا لم تطالبوا بذلك إلا بعد خلافكم مع السلطة ؟
 الخلافات موجودة وقد كانت حتى قبل وقوع الانقلاب.. ومن هذه  الاختلافات ان البعض كان يطالب بالتصفية الجسدية لقادة الأحزاب الأخرى.. أمر المطالبة بالحريات لم يكن بالجديد وهناك أوراق مكتوبة .. نحن شعرنا بأن الغرب وعلى أيام الديمقراطية كان لا يريد نهوض التيار الاسلامي في السودان لذلك كان لا بد من تدبير أمر الانقلاب وما حدث في الجزائر وتركيا كانت أمثلة بالنسبة لنا.. ما ظهر الآن في السطح من خلافات فهي قديمة ولكل تنظيم خلافاته.. لا تنسى أن الدستور يتضمن موضوع الحريات العامةإلخ وحتى في أمر الدستور كانت هنالك خلافات كبيرة حوله وعندما كنا ننادي بأمر الدستور كان هنالك من يطالب بأن يتم تأجيل الأمر بحجة أن الكرمك محتلة وكنا نقول أنه لا يمكن أن تكون هناك حريات، وأمر الكرمك يجب أن لا يحول دون إنجاز موضوع الدستور. وقد تأجل أمر إصدار الدستور لأكثر من عام ونصف بعد نقاشه، وقد اختلفنا في قضايا يتضمنها الدستور نفسه مثل هل يجب أن تكون هناك حريات ؟ وإلى أي مدى تكون هذه الحريات ؟ كيف يمكن أن نقوم باقتسام عادل للثروة والسلطة ؟ كيف نشرك الناس في أمر الحكم الاتحادي والولايات ؟ ماذا عن قضية الجنوب وموضوع تقرير المصير؟ كل هذه الأشياء تناقشنا فيها والقائمين على أمر السلطة الآن كانوا ضد كل هذه الأشياء وهذه هي الخلافات الحقيقية بيننا.
ما هو الأمر الذي أدى لتفجير الموقف الداخلي بالنسبة لكم ونتج عن ذلك ظهور هذه الخلافات ؟
محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك هي التي فجرت الأمر لأن الإنقاذ لم تتخذ الأمر وأن هذا التصرف هو تصرف أجهزة أمنية وهناك جهات شاركت مع الأمن في تنفيذ موضوع محاولة الاغتيال الفاشلة وهذا الموضوع هو الذي ألقى بظلاله على كل المسار بعد ذلك.
نعود لأمر انقلاب 30 يونيو فقد أوردت مجلة الدستور التابعة لحزب البعث أن المقدم عمر البشير يعد لانقلاب في صالح الجبه الإسلامية كذلك توفرت معلومات تفصيلية عن الانقلاب لقيادة الحزب الشيوعي منذ يوليو 1988 هل كان هناك تسريب للمعلومات من جهة ما بمعنى أنكم كنتم مخترقين كتنظيم أم أنكم كنتم تقومون بتسريب تلك المعلومات لمعرفة ردود أفعال الشارع السوداني ؟
 لم تكن هناك معلومات تتسرب كما أننا لم نقم بنشر أي معلومة عن الانقلاب وأنت كما تعلم فإنه لا يوجد سر في المجتمع السوداني ويحمد للحركة الإسلامية أنه عند نجاح الانقلاب أن فوجئ به الغرب.
تحدثت عن أمر الدستور دونما تفصيل هل يمكن أن تعطينا المزيد من التفاصيل؟
كما ذكرت فإن محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك هي التي أدت إلى ظهور الخلافات بشكل واضح ونتج عن ذلك ضرورة المطالبة بإقرار الدستور وترجمته لأرض الواقع وقد بدأنا ذلك بحرية الصحافة، المجموعة التي تدور حول الرئيس هي التي تحول دون التوقيع وإجازة الدستور وهم يعلمون أنه في حالة عدم توقيع الرئيس على الدستور لمدة شهر فإنه يكون تلقائياً ساري المفعول، وقد وقع عليه الرئيس ليس إيماناً وإنما استسلاما له، هذا هو الذي حدث.
في إجابتك عن موضوع محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك أصابع الاتهام تشير إلى علي عثمان ومجموعة أخرى والسؤال هل يمكن لعلي عثمان أن يقوم بتدبير عمل كهذا دونما وجود ضوء أخضر من حسن الترابي في ذلك الوقت علماً بأن علي عثمان كان لا يقوم بأي عمل قبل أن يجد التأييد والمباركة من الدكتور حسن الترابي؟
هذا الكلام هناك جهات كثيرة تردده خاصةً المصريين والذين يعتقدون أنه من المستحيل أن يتم مثل هذا العمل دون علم دكتور الترابي وأنا أجد لهم العذر لأنهم لا يعرفون الترابي ولا علي عثمان وأنا كعضو في الحركة الإسلامية منذ عام 1953 أؤكد أننا لم نجتمع لاغتيال شخص.
هل هنالك قرارات تتخذ من خلف الترابي؟
نعم وكما هو واضح فإن قرار حل المجلس الوطني أتى من خلف ظهر الترابي وكذلك مذكرة العشرة الشهيرة، هذه الأشياء وقف خلفها وبكل أسف نائب الأمين العام، وهذه الفتنه فوقية لم تشارك فيها القواعد..لا يمكن للشخص الأدنى أن يتجاوز الشخص الأعلى إلا في حالة الخيانة كما حدث في حالة نائب الأمين العام السيد علي عثمان محمد طه ويبدو أنها لم تكن المرة الأولى وربما سبقتها أشياء أخرى..هذا هو المؤشر الحقيقي..أما كنت مسئولاً عن عدة ملفات في الحكومة وقد علمت أن هناك تدخلات أمنية كانت تحدث عند وقوع محاولة اغتيال حسني مبارك كنت خارج البلاد وعند عودتي جلست مع الرئيس عمر البشير ومع دكتور الترابي ومع مجموعة من جهاز الأمن وقد تشكلت لي الصورة العامة ومن ثم بدأت توضح لي الصورة عما كان يكتب حول بيوت الأشباح والتعذيب..الخ والذين قتلوا, الذين صودرت أموالهم..ظهر لي أن هذا الحديث فيه نوع من الصحة لذلك أطالب بحل الأجهزة الأمنية كلها لسببين الأول هو أننا نريد أن نعرف الحقائق ولا يمكن أنن نعرف هذة الحقائق إلا بعد حل الجهاز ومن ثم لكل شخص الحق في رفع تظلماته وشكواه بحرية تامة.
في لقاء معك نشرته جريدة الحياة اللندنية بتاريخ 9/2/2003 تحدثت عن نقد العهود والمواثيق والحفاظ عليها وأن أمر حفظ العهود من صلب الشريعة الإسلامية. يلاحظ أن الغدر والخيانة والتأمروالإقصاء صفة ملازمة للإسلاميين في السودان وخير دليل على ما نقول إقصاء الترابي من قبل تلاميذه وقبله حالات الإقصاء كما حدثت مع السادة مصطفى نوراي، محمد أحمد عمر، التجاني عبد القادر، عباس علي السيد وأسماء كثيرة وأشياء كثيرة غير معروفة ما هو تعليقكم؟
لا بد من الاعتراف بالأخطاء وأنا لم أكن أتصور أصلاً أن يكون هناك غدر في إطار الحركة الإسلامية وبالطريقة التي حدث بها، مثل هذة التصرفات لم تخطر ببالي ابداً.. الارتباط الديني لا بد أن يكون فيه حد من الثقة وبأمر يشبه الدين، وكما قلت أنت فهم تقضوا العهود وقاموا بهذا العمل وذلك من وراء ظهورنا. ونحن كنا (عميانين)وعندما كان الأعلام يكتب ويهاجم كنا نقوم نحن بالدفاع وننفي ذلك ولكن في الأخير اتضحت لنا صحة المواضيع وظهر لنا الغدر وبشكل واضح.  ربما تكون للطريقة التي تعاملنا بها مع هؤلاء الاخوه   اقصد طريقة الأخوان والصفائية الموجودة   جعلتنا ننسى أو نتغافل حتى عن النهج القرآني.. ولا يمكن أن نتصور أن شخصا كنائب الأمين العام وبالزخم الذي أتي به يمكن أن يقدم على هذا النوع من العمل.. وفي اجتماعاتنا التي تمت لمجلس الشورى بعد الانقسام هناك نقد ذاتي لكنه محدود ونحن عندما نطالب بالحريات فان ذلك يعني نقدا ذاتيا بالنسبة لنا وفي نفس الوقت فإننا نقوم أنفسنا.. وعن سؤالك حول موضوع الغدر والخيانة في أوساط الإسلاميين اذكر العام الماضي كان هناك مؤتمرا للمهمشين والأقليات في ألمانيا وقد كان هناك وصف حاد بالجهوية والقبيلة وأنا كنت ضد هذا النهج وهذه جاهليات وليست جهويات.. أنا شخصيا كنت جزء من القصر وأنا قلت انه عندما اخترنا الناس المتواجدين الآن في قمة السلطة فان الاختيار لم يكن قبليا.. نحن اخترناهم باعتبار أنهم من الحركة الإسلامية وهذا ليس دفاعا عما يحدث.. لكن الحجة التي واجهوني بها ومنطقهم كان أقوى بكثير وقالوا لي هل يعقل أن يتولى 4 أشخاص مثلا ومن جهة واحدة مناصب رفيعة؟ إذن المعيار غير عادل ودقيق.. وهناك اقتصادي كبير ذكر لي إن العينة العشوائية لا يمكن أن تأتي ب4  أشخاص ولابد أن يكون هناك تربص وواضح أن هناك غدر.. وبعد فترة نكتشف أنهم من قرية واحدة.. هذه مأساة..هذه ليست غدر وخيانة فقط فالغدر والخيانة يمكن أن تحدث في شركة أو في أعمال تجارية وهناك إجراءات مدنية يمكن أن تتم ضد ذلك ولكني أتحدث في اطار العمل الإسلامي..هذا ليس بالعمل البسيط وأنا أقول أن الجرح والأذى كبير.. وهؤلاء لابد من أزاحتهم من السلطة ومحاسبتهم.
بتاريخ 30ابريل 1989 صرح الدكتور الترابي لصحيفة الراية الناطقة باسم الجبهة الإسلامية بعد توقيع اتفاقية قرنق والميرغني في 16 نوفمبر 1988قال بعد توقيع اتفاقية الميرغني قرنق( فقد ركع واستسلم زعيم ديني في ارض الكفر لمتمرد وهي قضية ردة تخرج من الدين جملة واحدة..) انتهى كلام الترابي.. والحركة الشعبية كما هو معروف من ألد أعداءكم وكل الشعارات عن الجهاد والاستشهاد والحور العين..الخ.. كل هذه الشعارات انطلقت من الجبهة الإسلامية وعلى لسان د. الترابي.... بعد كل هذا الكلام وقعتم اتفاق تفاهم مع الحركة الشعبية وتم تطوير هذا الاتفاق لأكثر من مرة.. والسؤال هو أين ذهبت تلك الشعارات وأين المبدئية فيما تقولون؟ وبعد الانقسام أو الانشطار قيل إن د الترابي قال لناس سعاد الفاتح لا توجد حور عين إنما انتن الحور العين وان الذين قتلوا في المعارك الدائرة في الجنوب ليسوا بشهداء ما هذا التناقض؟ هل يمكن أن نوصف ذلك بأنه تكتيك مرحلي أم أن الحركة الإسلامية بشقيها يريد كل جناح منها أن يتقوى بالآخرين صرف النظر عن كل الشعارات والمقولات السابقة؟ هل لكم مبادئ حقيقية؟
الشق الأول من السؤال فيما يختص الحور العين وما قاله الترابي هناك أشياء كثيرة أنا لاأريد الخوض فيها لان فيها مجالات كثيرة وكتبت عنها كتب والترابي ليس الشخص الأوحد الذي قال هذا الكلام لذلك لاأود الخوض في هذا الحديث.. المهم أننا كنا على عداء مع الحركة الشعبية    قاتلنا وجاهدنا ضدها هذه حقيقة وهناك قناعات في هذا الموضوع والحركة الشعبية كان هدفها هو القضاء على هذا النظام الأصولي الاسلامي و الرد الطبيعي لمثل هذه النداءات هو أن نشحذ الهمم وندعو لمواجهة العدو..هذه كانت المعادلة في ذلك الوقت نعم كان هناك عداء..وتوقيع السلام يكون مع الأعداء وليس مع الأصدقاء.. نحن الذين دعونا للسلام وأنا اجتمعت مع د جون قرنق في فبراير 1993 في كمبالا.. والحكومة الحالية ليس هدفها السلام بل هنالك ضغوط ممارسة على الطرفين كما تعلم.. أما فيما يخص اتفاق الميرغني قرنق في 16 نوفمبر 1988 فان البرلمان كان في طريقة لمرحلة القراءة الثالثة للدستور الإسلامي والسيد الصادق المهدي قال لنا انه تعرض لضغوط لعدم إجازة الدستور الإسلامي.. بالنسبة لنا نحن ذهبنا في العهد الذي قطعناه وعندما أتت اتفاقية الميرغني قرنق كنا مستمرين مع الصادق وفي تلك الفترة ظهرت مذكرة القوات المسلحة في فبراير 1989 وهذه المذكرة كانت بمثابة انقلاب وعندما اتصلنا بالصادق المهدي قلنا له أن هذه المذكرة هي انقلاب وإذا كانت هذه هي مذكرة الجيش فلابد من حسم الموضوع والا سيستولى الجيش على السلطة.. الصادق المهدي قبل هذا الكلام في البداية لكن كانت هنالك ضغوطات كبيرة عليه لإخراجنا من الحكومة وموضوع الشريعة لم يكن هناك تكتيكات حولها ولكن ظهر لنا الآن.. وعندما تتحدث الحكومة الآن عن الشريعة فإننا نضحك.. أين شريعة السلطان؟ السلطان لابد أن يكون عادلا ويكون هناك ميثاق يحفظ العهود وهذه الحكومة تريد شريعة تحتية على الرعية فقط لكنها لا تريد شريعة تحكمها هي.
سبق للجبهة الإسلامية أن بايعت نميري إماما للمسلمين ماذا تقول؟
نحن بايعتاه على الشريعة والدين وليس إماما للمسلمين ونميري كان قد طرح لمجموعة عوض الجيد محمد احمد والنيل أبو قرون وبدرية سليمان أن يكون إماما ويعمل وصية لمن يخلفه وهذه الوصية يجب أن تكون سرية ويجب عدم الإطلاع عليها إلا بعد  موته.. وعندما طرحوا الأمر على الترابي تحدث د. الترابي مع نميري وقال له هل تريد أن تفرض علينا من يحكمنا حتى بعد موتك؟
المشروع الحضاري المطروح من الجبهة الإسلامية بدأ بالقمع والإقصاء ألا تعتقد أن هذا المشروع قد فشل وان الإنقاذ بشقيها قدمت كل ما لديها.. أم إننا نتوقع المزيد من القمع والإقصاء ولا تنسى أن هنالك حملة اعتقالات هذه الأيام في السودان لمختلف المعارضين وربما يعقب ذلك أحكام بالإعدام الخ..والسؤال هو هل توصلتم لقناعة إن مشروعكم الحضاري قد انتهى تماما إلى غير رجعة أم لا؟
أقول أن المشروع الحضاري الإسلامي الموجود في الكتب لم ينتهي والذي انتهى هو القمع والإقصاء... صحيح انه تم قمع والقيام بانقلاب عسكري هو قمع.. والضغوط على الناس فشل لكن هذا الفشل يحسب على البشر وليس على الفكر.. لذلك نحن ناقشنا في داخلنا إن ما تم هو تكميل للمشروع الإسلامي وهذه السلبيات ظهورها مهم ويمكن أن نستفيد منها.
الم تسمعوا من الجيران أو الأهل أو الأصدقاء عن الممارسات التي تمت بحق المعارضين لكم من اعتقالات وتعذيب وفصل من العمل واختفاء من الوجود أين كنتم؟
نحن سمعنا بذلك لكننا لم نكن نعلم أن هذا يحدث وكان هناك تشويش من قبل الأجهزة الإعلامية ونحن نتحمل ذلك مادام إنهم حكموا باسمنا.. ويجب معرفة ما اتم وكيف تم لابد من إجراء التحقيقات... اذكر انه وقبل خروجي من السودان هناك اناس كثيرون حكوا لي عن أنواع مختلفة من الانتهاكات تعرضوا لها وطلبوا مني أن يبقى الأمر سرا بيننا لأنهم يخافون على أنفسهم... لذلك لابد من الإقرار بأننا بعد محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها الرئيس حسني مبارك إننا بدأنا نستمع للناس وللشكاوي وأصبحنا نواجه ناس الأمن أنفسهم وهذا ما قاد للمشاكل معهم.. أنا كنت مسئول عن ملف الحكم الاتحادي وعندما كنا نود تعيين وزير أو أي شخص الجهات الأمنية تطالب بضرورة مدهم بقائمة الأسماء المرشحة أنا كنت ضد هذا الاتجاه وهذه كانت من أكبر الخلافات الداخلية في أوساطنا وهذا الكلام أنا أقوله للمرة الأولى لذلك كانوا يعتبرون أن ديوان الحكم الاتحادي خارج عن السلطة الأمنية وبالتالي فيه خطورة على البلاد وعلى الجهات الأمنية.
في الفترة من 1989وحتى انشطاركم عن الحزب الحاكم لم يقم أي فرد في السلطة أو الحزب الحاكم بإدانة إي عملية اعتقال أو اغتيال أو فصل أو تشريد وإنما حدث العكس فالدكتور حسن الترابي مثلاً عندما كان الأمر الناهي عقد ندوة في لندن في مايو 1992 ونفى فيها أن يكون هناك تعذيب وكان ضمن الحضور الأستاذ عبد الباقي عبد الحفيظ الريح الذي لوح برجلة المبتورة نتيجةً للتعذيب الذي مورس ضده، عندها تلعثم الدكتور الترابي ولم يستطيع الدفاع عن الموقف وفي أمريكا وبعد أقل من أسبوعين تعرض الترابي لنفس الموقف والسؤال المحرج وكان النموذج أيضاً حالة عبد الباقي عبد الحفيظ الريح. وفي إجابته دفاعاً عن الموقف قال دكتور الترابي أن المواطن المذكور قد بترت رجله نتيجة لإصابته بمرض السرطان وليس نتيجة للتعذيب. سؤالي هو لماذا لم يطالب دكتور الترابي بالتحقيق في الأمر وإعلان ذلك علي الملأ ولماذا لم تحدث إدانات لحالات الاغتيالات التي تمت في حق العديد من المواطنين نذكر منهم حالة المرحوم المهندس أبو بكر راسخ الذي اغتيل في الحاج يوسف على يد رائد الأمن عبد الحفيظ أحمد البشير والذي بدلاً عن محاكمته تم تسفيره خارج السودان. حادثة اغتيال الدكتور علي فضل كانت معروفة ومشهورة وهناك عناصر في هرم السلطة ساهموا في تعذيبه واغتياله حتى الآن لم يقر إي شخص بهذه الممارسات رغم ثبوتها وبالأدلة سوى من حزبكم (الشعبي) أو الحزب الحاكم(الوطني)لماذا لم تطالبوا بإجراء تحقيق فوري وإعلان نتيجة التحقيق؟
هنالك معلومات جديدة لأول مره أسمع بها الآن لذلك طالبت أنا بحل الأجهزة الأمنية. ما أود قوله أنه في الإطار الداخلي هناك أشياء كثيرة وقعت وهناك فرد من الأمن قتل شخصاً صدر بحقه الحكم بالإعدام وفي الأخير تغير الحكم إلى المؤبد وبعد فترة قصيرة تم تعيين القاتل قنصلاً في إحدى السفارات لكني لا أعلم بأمر عبد الحفيظ الريح وأقول أن أي شخص تعرض للظلم مهما كانت المبررات فإنني ادين ذلك العمل ودعوة الحكومة لنا بالعودة ولم الصف القصد من ذلك هو التغطية على ما حدث من تجاوزات. وأنا بعد كل الذي علمته وشاهدته وسمعته لن أعود للعمل مرة أخرى مع هؤلاء الناس.. الهجوم الشديد الذي تعرضت له الإنقاذ في بدايتها هو الذي أدى إلى عدم الاهتمام بالكثير من القضايا الداخلية كذلك بعدنا عن الأجهزة الأمنية. والذين وقفوا على أمر الأجهزة الأمنية هم المطلوبين الآن في القائمة الشهيرة.
في تصريحات سابقة لك ذكرت أن الخلاف الذي حدث هو خلاف دنيوي هل يمكن أن توضح ذلك؟
أنا قلت الخلاف حدث في أمور الحكم مثل موضوع تعيين الولاة ما قصدت إن الخلاف لم يكن في أمر الدين وقد ظهر لي أن الرئيس عمر البشير ونائبه علي عثمان يريدون أن يمسكوا بكل الخيوط ولا يريدون قيام انتخابات لاختيار الولاة. الذين جئنا بهم باسم الحركة الإسلامية لم نكن نتصور أن يقوموا بهذا العمل فنحن أبناء (مساكين) وأتينا بأولاد المساكين ولم نتصور أنهم يمكن أن يتشبثوا بكرسي الحكم لهذه الدرجة والذي كان متوقعاً أنهم لم يرفضوا إي طلب من القيادة وكلنا كنا وزراء وعندما طلبوا منا المغادرة غادرنا كرسي الوزارة دونما تردد ولكن القائمين بأمر السلطة الآن أفسدتهم السلطة بشكل كامل وحدوث هذا الأمر مفيد بالنسبة لنا ونبهنا لكثير من الأشياء.. وعندما يقول عبد الرحيم محمد حسين أن الترابي سيقدم لمحاكمة بسبب الفتنة والعلماء يصدرون الفتاوى..الخ في إحدى المرات سألني أحد الأشخاص قائلاً (هل حقيقة هؤلاء الناس كانوا معكم)..واضح أن هؤلاء الناس كانوا يقومون بكل هذه الأشياء ونحن لا ندري بها وسأورد لك قصة عندما كنا طلاب في الجامعة كان هناك قرار بتنفيذ إضراب في الجامعة وهناك بعض الذين لم ينفذوا الإضراب فقمنا بفصلهم من الحركة الإسلامية وفي اليوم الثاني كان هناك حفل في كلية الطب قام واحد من هؤلاء المفصولين بالرقص. والسؤال هل تعلم هذا الشخص الرقص بعد فصله مباشرة؟ واضح أن هذا الشخص كان يرقص من زمان طويل. يبدو أن هذه الجماعة كانت تفعل أفاعيلها ونحن غير واعين بالأمر. في أخر مرة التقينا بمنزل الأستاذ محمد الحسن أحمد  كان هناك جمع من المثقفين السودانيين من أمثال الطيب صالح ومنصور خالد وجعفر كرار ومجموعة أخرى وأثناء النقاش طرحت علينا الأسئلة مثل كيف إنكم لم تلاحظوا ذلك من المرة الأولى؟ وقبل خروجي من السودان سألني شخص هل هذا الأمر خلاف بينكم أم تمثيلية منكم؟ وللتاريخ نقول أننا لا نمثل وأن الموضوع ليس مسرحية هذه حقيقة واقعة أمامنا.
هل حدثت خطوات عملية للتقارب بينكم وماذا عن الرسائل المتبادلة بين دكتور الترابي وغازي صلاح الدين؟
نعم كانت هنالك رسائل تم تبادلها ومعروف أين مصير غازي الآن.. د.غازي كان الأقرب للترابي مننا جميعاً..المجموعة الموجودة علي قمة السلطة الآن كانوا أكثر الأشخاص مداهنةً للترابي..المذكرات المتبادلة كان فيها نوع من السرية ود.غازي كان يريد أن يحتفظ بهذه السرية إلا أنني كنت ضد ذلك وطالبت بنشرها وقد تم نشرها بالخارج حيث أنك إذا لم تكن واضحاً وتقوم بكشف الأشياء فلن يحترمك الناس..توبتنا كانت لله وليس للسودانيين.
نعود بك مرة أخرى لسؤال سابق أنتم في المؤتمر الشعبي إلا زلتم تؤمنون بالدولة الدينية لأن الدولة الدينية فيها فرق بين المسلم وغير المسلم وفيها فرق بين المرأة والرجل؟
نحن نريد دولة كما في عهد الرسول يحتكم فيها الناس بصحيفة (المدينة) التي ضمت اليهود والنصارى والمهاجرين والمنافقين هذه الوثيقة هي التي نريد لها أن تحكمنا.. نحن من ناحية عملية لا نريد أن يكون هناك تمايزاً بين السودانيين بسبب اللون أو القبيلة أو الجهة ولا بالدين نحن نريد سودان يتساوى فيه جميع الناس بكامل الصلاحيات نحن نريد سودانً بدون سقوف.
إذا علمتم بما جاء بصحيفة المدينة كما ذكرت ما هو موقفكم من الحريات والمعاهدات والمواثيق التي تتضمن حقوق الإنسان والحريات الأساسية؟
كما ذكرت يجب ألا يكون هناك تمايز بسبب الدين أو الجنس أو العرق, نحن نريد أن يكون هناك سودان بدون تمايز ويجب أن يكون هناك إعمال لتثبيت هذه الأشياء.
في جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 1 أبريل الجاري صرح د. عصام العريان القيادي في تنظيم الأخوان المسلمين في مصر(أنهم في مصر لا يدعون لإقامة دولة دينية إنما يطالبون بدولة مدنية هل يمكن أن تطالبوا بنفس الشئ في السودان؟
أنا لا أتحدث عن مدنية أو دينية أنا أريد أن أقول نحن نسعى لقيام دولة على أساس صحيفة المدينة حتى نبسط المسألة نريد سودان لا يتمايز فيه الناس.
عند وقوع الانقلاب في 30 يونيو 89 كان هناك وفداً يستعد للسفر لمفاوضات السلام مع الحركة الشعبية والآن هناك مفاوضات للسلام في نيفاشا وأثناء ذلك أعلنت الحكومة عن محاولة انقلابية فاشلة سؤالي هو هل تعتقد أنه وفي داخل النظام من يعمل ضد السلام وأن هذه القوى أقوى من السلطة لكنها تعمل في الظل؟
أكيد هناك أيدي تعمل ضد السلام والذين يتواجدون الآن في نيفاشا هم الذين يعملون ضد السلام لأنهم لا يؤمنون به وقد قبلوا بالفكرة نتيجةً للضغوط التي تمارس عليهم من عدة جهات.. أنا أتحدث عن أشخاص لديهم سوابق والقائمين علي أمر السلطة ليست لهم كلمة ولا عهد أنا أتحدث عنهم لأنني أعرفهم وأعرف مواقفهم وأعلم تماماً أنهم ليسوا متجانسين مع الجنوبيين في موضوع الجنوب ولا يقبلون بالمواطن الجنوبي.
هل يمكن أن تسمي لنا أسماء بعينها؟
هؤلاء كانوا ضد السلام وضد المشاركة الحقيقية للجنوبيين في السلطة وفي السودان تاريخياً الاتفاقيات ينقضها الذين قاموا بها وما قمنا به في الإنقاذ نقضه الذين شاركناهم في السلطة واتفاقية الخرطوم خير دليل على ما أقول. قرار اعتقال د الترابي والبقية من عضويتنا بحجة الانقلاب قالوا إن الموضوع ليس هو المحاولة الانقلابية إنما هناك فتنة من البيان الذي صدر، هذا كله كلام بائس..أقول لكل الناس ولقادة الأحزاب عن ما تعرضنا له من كذب وتلفيق بحجة المحاولة الانقلابية أنهم سيتعرضون لنفس الموضوع وهذا هو ديدن الحكومة فإما أن تسايرها وتستمر معها أو تخالفها وتستعد لما سيحدث لك. وقد قال السيد مسجل الهيئات أن لجنة التحقيق وجدت أدلة تؤكد الضلوع في المحاولة الانقلابية.. ونحن نتساءل لماذا لا تقوم السلطات بنشر هذه الحقائق، حتى إذا اقتنعت بكذبها في أمر البيان الملفق وبامكانها أن تفعل ما تشاء في ظل سريان قانون الطوارئ. أقول إن أكبر وأهم عمل يمكن أن يقوم الآن هو أن تذهب هذه الحكومة غير مأسوف عليها.
تحدثت في عدة ندوات عن العمارات الأربعة التي يمتلكها الرئيس.. ولأن الشئ بالشئ يذكر وفي عدة تصريحات للدكتور الترابي ذكر أن هناك دعم مالي كبير كانت تتلقاه الجبهة الإسلامية وأن كل ذلك تم توظيفه لدعم حكومة الإنقاذ وسد الضائقة المالية التي كانت تعاني منها ما مدى صحة القول؟
عمارات أخوان الرئيس أنا شاهدتها بعيني وهي موجودة في مدينة الخرطوم بحري في حي كافوري وهناك من أكد لي أشياء أكثر من ذلك أما فيما يختص بأن التمويل الخارجي تحول إلى دعم الإنقاذ هذا أيضاً صحيح، الإنقاذ طوال سنينها الأولى كانت تتلقى دعماً مادياً وبطريقة مباشرة من الحركات والشخصيات الإسلامية الخارجية وهذا الدعم يأتي للحركة الإسلامية في السودان ونتيجة للضائقة المالية التي تواجهها الحكومة تم تحويل هذه الأموال لها وهذه الأموال أتى بها أصحابها مباشرةً ولم تذكر الأسماء وقد سلمت للبشير شخصياً.
هل سلمت له هذه الأموال بدون وثائق؟
هذه مسألة معروفة وموثقة والقائمين بأمر الحكومة يتحدثون كأن كل شئ من فعلهم بدأً بأمر الانقلاب. هناك أشخاص امتعضوا بسبب ذهاب هذه الأموال مباشرةً للحكومة وقد كان منطق الشيخ الترابي أننا نحتاج لدعم الحكومة والدولة ونقف معها بالمال وهناك أعداد كبيرة من ناسنا كانوا ضد هذه الفكرة. وكانوا يتساءلون عن كيفية ولاء هؤلاء الناس للمشروع الإسلامي، على المستوى الشخصي كنت أقول أن هؤلاء الناس موثوق بهم وهم أخوة والتزموا بالبيعة وبالعهد المغلظ، هناك من يعتقد بأن الحركة الإسلامية أخذت الأموال من خزينة الدولة ما أود توضيحه أن مصنع التصنيع الحربي وشركة جياد كل هذه المشاريع لم تساهم فيها حكومة السودان بشئ وأن الدعم الحقيقي لقيام هذه المصانع أتى من الحركات الإسلامية.  
في الوقت الذي ظللتم تصفون كل معارضيكم بالعمالة والارتماء في أحضان الدول الأجنبية وأنهم يتلقون الدعم الأجنبي كيف تحرمون الأمر على الآخرين وتقبلونه لنفسكم؟
هذا الكلام غير دقيق (مقاطعة من المحاور ولكن إعلام الإنقاذ ظل يصف كل معارضيه بالخيانة وأنهم يتلقون دعماً خارجياً ماذا تقول) ما أود أن أقوله إن إعلام الإنقاذ ليس هو إعلام الحركة الإسلامية وأن كل ما يقال في وسائل الإعلام صادر عن الحركة الإسلامية، هذا الكلام فيه كثير من الظلم أنا أتحدث عن الأشياء التي تتم بقرارات من الحركة الإسلامية نفسها مثل الانقلاب لأن الانقلاب ليس نوبة ثورية وإنما هو عمل تم التخطيط والتدبير له بشكل كامل والمبالغ التي نستلمها و نسلمها تتم بقرارات والحركة الإسلامية السودانية كانت لديها مساهمات كبيرة في دعم الحركات الإسلامية الأخرى قبل الإنقاذ بفترة طويلة والحركات الإسلامية تدعم نفسها والأمر ليس به عمالة..نعم هناك أصوات خافتة تقول ذلك.
باعتبارك أحد الممسكين بخيوط اللعبة في السودان حول ضرب مصنع الشفاء يقال أن الهدف كان هو ضرب مصنع التصنيع الحربي في كافوري ويعود إلى أن البعض يعتقد أن المصنع ينتج أسلحة دمار شامل وقد تم استخدام جزء مما أنتجه هذا المصنع في ضرب جيش الحركة الشعبية في جبل تلوشي ما مدى صحة المعلومة؟
مصنع الشفاء كما هو معروف كان يمتلكه السيد بشير حسن بشير عضو الجبهة الإسلامية وهو مصنع للدواء والزعم بأن هناك إنتاج لأسلحة دمار هذا كلام غير صحيح والذين كانوا يروجون لذلك هم الآن في الحكومة أمثال السيد مبارك الفاضل وحتى الاستخبارات الأمريكية قالوا أنهم فحصوا التربة حول المصنع وهي التي دلتهم على أن هناك أشياء كيماوية تصنع وعندما ضرب مصنع الشفاء كانت ملكيته قد تحولت لصلاح إدريس أما مصنع التصنيع الحربي فهو لا ينتج أسلحة دمار شامل.
هل حركة العدالة والمساواة هي الجناح العسكري للمؤتمر الشعبي؟
لا حركة العدالة ليست جناح عسكري لنا وأنهم اتجهوا للعمل العسكري بعد أن ضاقوا ذرعاً بالوسائل السلمية رغم أنهم كانوا جزاً من الحكومة وهم يقولون أن الحكومة التي أتينا بها للسلطة حكومة غاشمة وظالمة ومنذ مدة كانت تعلو أصواتهم حتى عندما كنا في الإنقاذ وحركة العدالة والمساواة تتعامل بنفس منطق القائمين بأمر السلطة الآن فقد خرجوا عليها وضربوها وهؤلاء يريدون أخذ حقهم بالقوة وأن منطق د. خليل إبراهيم هو نفس منطق عمر البشير وعلي عثمان محمد طه ولأن علي عثمان محمد طه ومجموعته تقضوا كل العهود والمواثيق ومنطقهم هو الذي قاد الآخرين للخروج عليها.
نعود لموضوع المحاولة الانقلابية وللمجموعة التي وجهت لها التهم وماذا عن صحة أن هذه المجموعة قد رفضت تنفيذ أوامر السلطة بضرب بعض الأهداف المدنية؟
نعم فقد طلب من مجموعة من الضباط الطيارين ضرب أهداف مدنية مثل خزانات المياه أو تجمعات سكانية وعندما اكتشفوا ذلك رفضوا الانصياع للأوامر.
ما هو دور العميد علي سالم في هذه المحاولة الانقلابية الفاشلة؟
العميد علي سالم ضابط في الأمن الإيجابي وهو الذي أوكلت إليه فبركة هذه المسرحية مثل أن يقوم هو محاولة الربط بين الترابي والمؤتمر الشعبي والعميد علي سالم هو الذي قام بكل هذا الدور وعناصرنا تعرف هذه الحقيقة جيداً وما أود توضيحه في هذا الأمر هو أنه وبعد افتضاح أمر المحاولة الانقلابية المزعومة قام العميد علي سالم خلال الأسبوع الماضي بتنوير وسط القوات المسلحة وكان أهم شئ في هذا التنوير أنه كان يحمل معه مصحفاً يقسم عليه ويقول أنه سيقول الحقائق كاملة ويقوم بتلاوة (سورة ق) ويوضح أنه لم تكن هناك أي محاولة انقلابية وأن هؤلاء الضباط رفضوا الانصياع للتعليمات التي أعطيت إليهم كطيارين وأن القائمين بأمر جهاز الأمن هم الذين ادعوا إنه كانت هناك محاولة انقلابية بدلاً عن ذكر حقيقة عصيان الضباط في تنفيذ الأوامر وضرب الأهداف المدنية والعميد علي سالم يريد تبرئة ذمته وهو لم يكن يتصور أن الأمور ستسير بهذه الطريقة والسبب في اعتقال دكتور الترابي هو تسرب هذه المعلومة بعد تصريحه لمحطة تلفزيون العربية بعد أن نفى أن تكون هناك إي محاولة انقلابية وإنما هناك عصيان للأوامر.
كيف يمكن للعميد أن يواصل في فضح أمر هذا الانقلاب وتوضيح الحقائق كما تقول وهل يجد الحماية من جهة ما داخل السلطة؟
كما ذكرت فإن الأمر كله مجرد فرية وعندما انكشف أمرها بداوا في محاولة تبرئة الذمة مما حصل. ولأدلل لك على ما أقول قبل اعتقال فاروق أبو النجا القيادي في المؤتمر الشعبي دخلت مجموعة من عناصر الأمن إلى منزله في غيابه هو وأفراد أسرته وقاموا بوضع متفجرات داخل المنزل وذهبوا وعادوا بعد فترة أخرى برفقة مجموعة من الجيران كشهود على الأمر إلا أن الجيران رفضوا بشكل قاطع أن يتحولوا إلى شهود زور إلا شخص واحد أسمه عبدالرحمن الزومة.. أما الآن ففاروق أبو النجا تم إطلاق سراحه وهذا يؤكد أن الموضوع كله فرية وهل يعقل أن يطلق سراح شخص ضبطت في منزله متفجرات؟ كما تم إطلاق سراح نور الدين محمد علي وقد خضع لتعذيب قاس لأنه من دار فور..ووكيل النيابة هو من جهاز الأمن وعندما أراد أن يسرد التهم الموجهة ضد الشيخ الترابي استخرج أشرطة فيديو كأدلة اتهام عليها تسجيلات للقاءات أجريت مع الشيخ الترابي عبر القنوات الفضائية.
يقال أنك أحد الداعمين للكتاب الأسود هل هذا الكلام صحيح؟
أنا ليست لي صلة بالكتاب الأسود وما ورد في الكتاب ليس بالجديد فقد سبق وأن كتب الأستاذ محمد إبراهيم كبج كذلك وبالإحصائيات مثله مثل الكتاب الأسود الحكومة هي التي تروج إلى أنني أقف وراء الكتاب الأسود كذلك القسم العنصري في جهاز الأمن قام بكتابة تقرير عن الكتاب الأسود ورفع هذا التقرير لعلي عثمان محمد طه والرئيس على أساس أن هذا الكتاب وقفوا ورائه مجموعة من أبناء دار فور وذكروا أسماء منها اللواء التجاني أدم الطاهر واللواء إبراهيم سليمان بل وذهبوا لأبعد من ذلك بقولهم إن المجموعة الموجودة في السلطة من أبناء دار فور هي التي دعمت الكتاب وأصدرته لذلك سأجد نفسي أطالب في كل مرة بضرورة حل جهاز الأمن وداخل الجهاز العنصري هناك قسم خاص بجبال النوبة والجنوب والغرب وإذا تم السلام فلا داع لهذا القسم. عندما تحصلت على هذا التقرير الذي ورد من القسم العنصري حول الكتاب الأسود قمت بتمرير هذه الورقة على أبناء كردفان ودار فور الموجودين في الحكومة ليطلعوا على التقرير كذلك قمت بإرسال التقرير نفسه للواء إبراهيم سليمان والتجاني أدم الطاهر وبعد إطلاعهم على ما جاء في التقرير تم أخذه منهم وهذه ستنشر في يوم ما.
في جريدة أخبار اليوم بتاريخ 28 فبراير 2001  العدد 2279 وأثناء تفويج لمناطق العمليات ذكر الرئيس عمر البشير أن الدكتور الترابي هو الذي أصدر قرار إعدام داوؤد يحي  بولاد. وداوؤد من أبناء دار فور ومن أوائل الذين استشعروا بالظلم قبل غيره سؤالي هو هل سيتم فتح هذه الملفات إحقاقاً للحق و محاسبةً مقترفي الظلم أم أنكم ستتناسون كل شئ بعد وصولكم للسلطة؟
أنا لم أسمع بهذا الكلام من قبل وأشعر بأن البشير سكران وطغيان بالسلطة, هذه معلومة جديدة بالنسبة لي الشئ الوحيد الذي أعرفه هو أن عمر البشير يمكن أن يقول أي شئ. (مقاطعة من المحاور هذا الكلام نشر في جريدة سودانية تصدر في الخرطوم) هناك كلام كثير يصدر من جهاز الأمن وينسب لعمر البشير والبشير لا يستطيع أن ينفي ذلك.. أنا لا أريد الدفاع عنه والجرائد السودانية تكون كلها أو جلها خاضعة تحت تأثير جهاز الأمن وجهاز الأمن هو الذي يكتب ويعدل ويبدل.
ذكر الرئيس عمر البشير أن الترابي كذاب ومنافق ويريد أن يفتح البارات.. ولكن ما لم يورده الإعلام هو أن البشير قال أنه سيعدم دكتور الترابي كما ورد في صحيفتكم ما مدى صحة هذا الكلام؟
نعم هذا صحيح فقد ذكر عمر البشير إنه سيعدم الشيخ الترابي إلا أن الإعلام لم ينشر ذلك وأود أن أضيف لك بأن هيئة الشورى التابعة للمؤتمر الوطني(الحكومة) وأثناء مناقشاتهم هناك أفراد منهم الطيب إبراهيم محمد خير(الطيب سيخة) إضافة إلى أحد الولاة في إقليم دار فور وهو من العساكر طالب هؤلاء بأن يكون مصير الترابي ومجموعته كمصير محمود محمد طه إي أن يتم إعدامهم لأنهم قاموا بعمل فتنة وهناك عدد كبير منهم تحدث في هذا الأمر وهذا جزء مما ناقشته هيئة شورى الحزب الحاكم وعندما أرادوا إخراج الأمر إعلامياً تم حجب هذه النقطة.
أؤكد أن البشير يريد إعدام الترابي وأذكر أنه وقبل عامين في مدينة بروكسيل عاصمة بلجيكا وأثناء زيارة الرئيس عمر البشير وقد كان معه محمد محي الدين الجميعابي قال الرئيس البشير أنه سيقتل الترابي بيده والرئيس البشير سبق له أن قال لإبراهيم السنوسي في نيالا عندما كان والياً قال أنه سيأتي يوم وأقوم فيه بهدم البرلمان بدبابة (هذا الكلام حدث قبل الانقسام) عندما ضاق زرعاً بموضوع الحريات. الشئ الثاني قال عمر البشير أنه سيقوم بضرب المؤتمر الشعبي العربي بالدبابة وسينتهي منه وفي الأخير قال بالحرف الواحد(حاشلتكم كلكم) ويبدو أن الرجل ساع في تنفيذ ما يقول.
هل تعتقد بأن الرئيس البشير يتصرف وفق ما يشاء أم يتشاور مع أحرين ويأخذ الضوء الأخضر منهم من أمثال نائبه السيد علي عثمان محمد طه؟
ما أود قوله إن الرئيس عمر البشير والسيد علي عثمان محمد طه صنوان وقد قاموا بقتل بعض الناس من الحركة الإسلامية بعد محاولة الاغتيال الفاشلة على الرئيس المصري حسني مبارك وأرادوا بقتل هؤلاء الناس أن يخفوا الأثر.
هل تقصد اغتيال المهندس علي احمد البشير في الدروشاب؟
لا أبداً هناك اناس كثيرين قاموا بقتلهم وعلي عثمان محمد طه هو الشخص الذي يقوم بتقديم الفتوى ويجوز لهم المسالة ويطمئنهم من الناحية الفقهية.
  الا تعتقدون أنه آن الأوان لتمليك الحقائق للناس؟
ليس الآن إنما بعد حدوث السلام أو إزالة هذا النظام وبحل جهاز الأمن أما قبل أن يحل هذا الجهاز لا يمكن للكثيرين أن يأتوا ويتحدثوا عما حدث لهم من ظلم.
هل أنتم مستعدون لقول إي معلومات تعرفونها؟
 بالنسبة لي شخصياً سأقول كل ما أعرف إذا حل الجهاز أو لم يحل وقد قلت ذلك لصلاح قوش في اجتماع وهذا الكلام مسجل وموجود.
وهل أنت مستعد للمحاكمة؟
نعم أنا شخصياً مستعد لذلك وفي إي لحظة وأكرر الأنفع والأبلغ هو حل هذا الجهاز, مثلاً محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك الذين قاموا بها هم في قمة السلطة الآن ولا يمكن محاسبتهم دون حل هذا الجهاز وأنا سعيد بما يدور في نيفاشا حول ما يتعلق بحل جهاز الأمن.
ألا تعتقد أنه من الأفضل أن تتوفر أولاً  كل الأدلة والبراهين وأن يقوم كل الأشخاص من الذين تضرروا من ممارسات جهاز الأمن بتقديم شكواه ويتم تسليط الضوء عليها عن طريق المنظمات المحلية والعالمية العاملة في هذا المجال حتى تساعد في الضغط لحل هذا الجهاز؟
أنا لا أتفق معك في هذا الرأي لأن هناك أشخاص لا يودون التحدث الآن. واعتقد أن محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك أمر كبير(مقاطعة من المحرر هذا شان خارجي ما رأيك في الأمر الداخلي) خلاصة حديثي أن الأجهزة الأمنية تعمل الكثير وما أعرفه أنا قليل جداً فهناك من يعرف الكثير والتصحيح يجب أن يتم لأن جراحة التجميل لن تؤدي إلى نتائج إيجابية.
انقلابكم في 30 يونيو89 أتى بشعار الإنقاذ الوطني وقد شهدنا تدهوراً مريعاً في كل شئ من تعليم وصحة وعلاقات اجتماعية هل كانت هذه هي خطتكم وهل هذا ما كنتم تنشدون إليه ولماذا أوصلتم البلاد إلى هذا الحد باسم الإنقاذ والإسلام ومتى ستعلن الحركة الإسلامية بكاملها أو جزء منها التبرؤ  مما حدث؟       
النتائج الحالية لم تكن هدفنا وأقول أنه وعقب حادثة اغتيال حسني مبارك تقلبت كل الأوضاع وهذه المحاولة أكدت أن الأجهزة الأمنية كانت خارج النطاق كله ومعهم نائب الأمين العام. وقد أدى ذلك لتفجير الموقف ومن ذلك الوقت حدثت المشاكل والنتائج الماثلة أمامنا هي نتيجةً لسيطرة الأجهزة الأمنية.. نحن قلنا أن أي شئ حدث ونحن مشاركين في السلطة يجب أن نتحمل تبعاته بشكل كامل..لكن الأمر يجب ان يقال في إطار الحرية نفسها ويجب كشف ذلك أمام الشعب السوداني وفي جعبتنا الكثير لم نقله بعد وسنعلنه عندما تكون هناك حريات وأعتقد أنه ليس من شيم الرجولة أن تصف شخص ما بأنه جبان وكذاب بعد أن تعتقله.. هذا شئ فيه كثير من الجبن وعدم الأخلاق.
هل سمعت بحالة العميد محمد أحمد الريح الذي تعرض للتعذيب والاغتصاب؟ وهل سمعت بحالة المهندس بدر الدين من أبناء الجريف غرب، الذي عذب حتى فقد عقله وقام بقتل زوجته وأولاده ووالدة زوجته؟ ألا تعتقد أن هذه الأشياء دخيلة على قيم شعبنا وتاريخ السودان السياسي لم يشهد بهذه الأشياء إلا بعد الإنقاذ؟
أنا لم أعط الإذن بقتل احد أنا أقول لا بد من أن تكون هناك حريات ليقول كل شخص ما يريده.. على المستوى العام ممكن أن تكون مسئوليتنا ولكن في الأخر هناك منفذ ولا بد من التبرؤ من أي عمل مشين قامت به الإنقاذ وأنا لأول مرة أسمع بهذه الأشياء وكل مرة اسمع منك شيئاً جديداً. من المحزن أن يحدث ذلك ممن كانوا في صلب الحركة الإسلامية.   
                
 

 

آراء