الأستاذ عبد الواحد محمد نور، رئيس حركة تحرير السودان، في حوار خاص لـ”سودانايل”
رئيس التحرير: طارق الجزولي
3 January, 2009
3 January, 2009
الجزء الأول من الحوار:
الاستاذ عبد الواحد محمد نور، رئيس حركة تحرير السودان، في حوار خاص لـ"سودانايل" : "1ــ5"
وجود البشير في السلطة لا يحقق السلام للسودان ودارفور
وصفوني بإني "قطاع طرق".. وعميل سي آي ايه.. وشيوعي وحركة شعبية و"بتاع موساد"..!!
********
أنا حافظ للقرآن الكريم ولا أرى تعارضا بينه والعلمانية
نستطيع التوحد عبر جسم سياسي وليس لدي أي خلاف مع مناوي..ونختلف مع إسلاموية د.خليل
رافعت في قضايا جنائية بالخرطوم ودارفور
ليس لدي أي احساس بالحقد تجاه أي احد..وأطالب فقط بتقسيم عادل لموارد البلد
60% من أفكارنا مستمدة من الدكتور جون قرنق علي وجه التحديد..
هذا الرجل هو الذي عبأني سياسيا..!!
حاوره في واشنطن: صلاح شعيب
قال الاستاذ عبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان في حوار أجرته معه سودانايل إنه لا يمكن تحقيق السلام بينما الرئيس عمر البشير في السلطة، مضيفا "واذا ظل البشير موجودا في السلطة فإنه يصعب الحفاظ على السودان بوضعه الحالي، كما أننا نرى أن وجوده لا يسهم في حل المشاكل العالقة في الجنوب والخرطوم وشندي وكردفان وكجبار..نحن موقفنا واضح في الحركة بخصوص التفاوض وقلنا إنه لابد من توفر اسس الامن ونزع سلاح الجنجويد ووجود قوة في الارض لحماية المواطنين واستعادة اراضي الذين تشردوا وارجاعها إليهم.."
وأشار عبد الواحد بقوله في الحوار الخاص لـ"سودانايل" والذي ينشر اليوم لأول مرة، على مدى خمس حلقات "ثقتنا صفر في الحكومة الحالية والتجربة الماثلة أكدت لنا هذا..لا بد من إيقاف الموت والاغتصاب وطرد الذين أتت بهم الحكومة من النيجر ومالي للتوطين في اراضي المهجرين، ولا بد من تحرير السودان من السلفية السياسية وهي مسؤولة من استدامة القتل والفشاد. وبقية المشاكل الأخرى..".
وقال في الحوار الذي أجري معه إبان زيارته الأخيرة لواشنطن إنه "إذا توافرت هذه الشروط الضرورية فإننا بعدها سنأتي للتفاوض اولا حول مفهومنا لتحرير السودان من الظلم وخلق دولة سيادة قانون حتى لا ياتي رئيس آخر ليفتك بالاخرين لمجرد أنهم عرب أو مسلمين وحتى لا يأتي آخرون لنهب اقتصاد السودان..وحتما سيكون من السهل بعدها حل مشكلة دارفور.."
*بداية أرجو أن تعطينا نبذة عن الاسرة والظروف التي صاحبت النشأة؟
ـ انا عبد الواحد محمد احمد النور...ولدت بمدينة زالنجي ـ غرب دارفور في عام 1968..أصول ابي وامي من منطقة "طرة" بجبل مرة، والتي كانت عاصمة دارفور عندما كانت سلطنة...درست المرحلة التعليمية الابتدائية بمدرسة (دال) ) والمتوسطة في زالنجي الجنوبية المتوسطة "يمكن تكون تغيرت حسب ما يطلق المشروع الحضاري حالياً من اسماء ويغير أخرى قائمة" ثم درست بزالنجي الثانوي سنة اولي ثم دارفور الثانوية "سنتين" ثم مدني الثانوية ثم جامعة الخرطوم ـ كلية القانون..
*وماذا تتذكر من زمن الطفولة؟
بالتأكيد لكل فرد منا ذكريات في حياته واذكر بشدة دائماً دور والداي في تربيتي وإحسانهما لي.. أولى أزماتي في الحياة بدأت عندما عانيت من ظرف صحي وكان عمري حينها 8 سنوات وظل معي هذا الظرف لأكثر من اربع سنوات...وظللت اعاني من هذا الظرف الذي أثر على رئتي اليمني.. وكان ذلك في منتصف السبعينيات تقريبا..
*وكيف تعاملت مع هذا الطارئ..؟
دخلت المدرسة وعمري 5 سنوات كمستمع وواجهت موقفا طريفة.. أولا تم تشخيص مرضي كونه ملاريا بمستشفى الفاشر وذلك بسبب الامكانيات المتواضعة حينها وعدم وجود اختصاصي للصدر.. فذهبت للخرطوم إلى دكتور عابدين شرف على ما اذكر ومكثت لشهر برفقة جدي زين العابدين عبد اللطيف وهو عم أبي والذي كان قد تعرض لحادث حركة بزالنجي أدى الى إصابته بشلل، فجيئ بنا سويا الى الخرطوم لإجراء العلاج اللازم..مكثنا لأربعة شهور بالمستشفى حسب طلب الطبيب لمواصلة علاجي.. ولكن لم تكن هناك امكانية لبقائنا في الخرطوم كل هذه الفترة وذلك لسببين، الأول هو عدم وجود مرافق معنا بالمستشفى، والثاني كان هو ان العلاج يحتاج الى استمرارية، اضافة الى التكاليف المادية. في تلك الفترة (عام 77) صاحبت وجودنا بالخرطوم احداث المرتزقة والاقاويل التي تتحدث عن ان "ناس الصادق جابو المرتزقة من دارفور".
في عام 83 عدنا مرة اخرى للخرطوم وتم اجراء عملية جراحية لي علي يد طبيب أكن له كل احترام وتقدير وأتمني من الله ان يطول في عمره وهو الجراح "ميرغني....." اختصاصي الصدر والجراحة العامة.. وتم اجراء العملية بنجاح.. *ما هو تأثير هذا الحدث عليك آنذاك؟
صراحة هذا الأمر ترك في نفسي آثارا عدة..اولاً عانيت بسبب الرحلة الطويلة بالسيارة عبر طريق نيالا- كاس- زالنجي في عام 76 وكانت الرحلة تستغرق ما بين ساعتين الي ساعتين ونصف الساعة في الظروف العادية..ولكن في الخريف حين سافرنا استغرقت الرحلة اربعة ايام حتى وصلنا نيالا..بعدها ركبنا "قطر الهم" وأقصد به قطار نيالا، والذي أوصلنا إلى الخرطوم في اسبوع وتلك كانت الرحلة الاولي للخرطوم.
وفي الرحلة الثانية جئت بنفس الطريقة ولكن هذه المرة بعد سفلتة طريق (نيالا- كاس- زالنجي) وهو الطريق المسفلت الوحيد في دارفور في ذلك الوقت، ثم استقلينا القطار الي الخرطوم. المهم هو أن الرحلتين اثبتتا لي أن السودان قارة و"شُفت" الفرق الهائل في التنمية في مناطق السودان.. مثلا ان تجئ من زالنجي الي نيالا ومن نيالا الي الخرطوم فإن المسافة كانت عبارة عن قارة تقطعها بصعوبة بالغة.. وتبين لي عدم وجود اي عدالة في توزيع الخدمات..وانا شخصياً كنت ضحية لعدم توزيع العدالة بين اقاليم السودان، مثلاً، الدولة هي التي تصرف في المستشفى فالعنبر كان به شماليين وجنوبيين وكل ألوان طيف السودان كانوا معاي واذكر كان هناك أحد المرضى من الجنوبيين واسمه ريتشارد وأجريت له عملية في الصدر.. وعبد الله من شمال السودان ... والدولة هي التي تعين الدكتور وتصرف عليه والسكان الموجودين في دارفور هم أكثر بكثير من اي اقليم آخر في السودان ولكن ما كان هناك مجال للدولة لتعيين اختصاصي للصدر في كل ربوع دارفور..أو اي اختصاصات اخري "غريبة جدا"!
*وهل خلق هذا غبنا في داخلك؟
لا..لا..ذلك لم يخلق لدي أي احساس بالحقد تجاه اي احد ولكن خلق لدي احساس بعدم التقسيم العادل لموارد البلد.ففي المستشفى زارني أناس من دارفور ومن كل أقاليم السودان الذين ارتبطنا معهم وإرتبط أهلي بهم.. ولم أشعر بغربة.
*وكم كان عمرك آنذاك؟
كان عمري حينها ما بين 13 الي 14 سنة..والمهم أننا كمرضى كنا نتناقش انا وعبد الله من أقصى الشمال وريتشارد واضافة الى آخر يدعى حسن أوهاج من شرق السودان وكذلك محمد علي وهو شخص كان كبير في السن مقارنة بنا وهو من منطقة شندي وكنا في عنبر به 8 سراير وعبد الله كان يعاني من السرطان وتوفي بعد ذلك "رحمه الله".. كنا نتناقش حول حالنا وأوضاع أقاليمنا، خصوصا وأننا بقينا سويا في مستشفى الشعب أربعة اشهر..وبرغم صغر سني لم اشعر بفارق في العمر بيني والذين يكبروني من المرضى والذين يمثلون كل بقاع السودان..الأهم في كل نقاشاتنا المميزة كان كل واحد منا يحكي عن منطقته وكنا نقر جميعا بأن هناك شئ غير طبيعي وكل واحد يحكي عن مرارات منطقته.. كنت اسأل محمد علي وأقول له "انت بتجي من شندي في كم يوم"..وكان يقول إن الزمن قصير مقارنة بنا.. ويقول ان اهله اغلبهم في الخرطوم وبحكم ذلك كان يواجه بكثير الزيارات..
*وهل كنت تحس بغربة وسط زملائك المرضى؟
لم احس بغربة..وذلك لأني كنت اصغرهم سناً، فكل شخص يزور أحدنا يحن علي ويسلم علي وشعرت ان السودانيين كشعب ليس بينهم اية فوارق.. ولكن السلطة الحاكمة في البلد هي التي تأتي بالفساد والعقلية التي تحكم تسبب الفوارق وليس الشعب.. فالعنصرية موجودة في كل العالم. لكن في السودان غير موجودة في وسط الشعب وأعتقد أن الطريقة التي تحكم بها البلد وتوجد عدم توزيع الخدمات هي التي تولد المشاكل وهذا ما رسخ في ذهني تماما حينها..وأقسمت منذ صغري ان استميت علي تحقيق العدالة.. "فأنا كان ممكن أن أجد العلاج الكافي واوفر الكثير من الزمن لي ولأهلي لو توفرت الخدمات الضرورية في دارفور وتم علاجي في وقتها رغم ايماني التام بقضاء الله وأجله فايماني ويقيني بالله كامل والحمد لله.." وأفترض كذلك أنه مثلاً لو كانت هناك عدالة في توزيع الخدمات الضرورية لتم تشخيصي حالتي ومعالجتي الفورية.
الرحلة من زالنجي "ورتني" عندما أمر ببعض الاقاليم سواء بالليل أو النهار والكم الهائل من المساحات وكل تلك المدن تشعر انك جاي من العصور الوسطى وفي مناطق اخري تجدها متقدمة ومتحضرة ولا شئ ناقص.. وكل ذلك في بلد واحد وعندما ترى معاناة الناس تحس بألم كبير... فمثلاً عندما تذهب حاليا الي الحاج يوسف تجد كل اهل السودان الشمالي والغرباوي ومن الشرق والجنوب والحاج يوسف منطقة جامعة ولكن بلا خدمات ضرورية..بعقلي البسيط كل تلك الأشياء تركت في نفسي أثراً.. بأنه يجب ان يحدث تغيير في السودان "..لأنه ما ماشي بطريقة صحيحة.."
*وهل إنعكس هذا التفكير المبكر على مراحل تعليمك..؟
كان كل اهتماماتي بعد مرضي هو التساؤل عن كيف اقرأ وكيف اعمل. وكان لدي أحساس بأن طريقنا طويل ويحتاج الي تغيير. أتذكر أن أبي وأخي عامر قررا بعد نجاح العملية أن نسافر ولكن الطبيب طلب منهما أن يحضروني بعد ثلاثة شهور اضافة الى عدم تعريضي للغبار خلال الرحلة الى البلد.. فما كان منهم أن ذهبوا بي الي خالي احمد سليمان في مدني والذي أكن له كل الحب والاحترام.. وكما يقولون في المثل "الخال والد" فقد غمرني بحبه ومازال..
من خلال سردك يحس المرء أن مرحلة الوعي الكامل بالمظالم تشكلت في المستشفي، ولكن يتشكل وعي أغلب الشباب في المرحلة الثانوية..ألا يعني هذا بعض مفارقة وهل كانت لديك في مرحلة الجامعة اي انتماءات سياسية؟
نعم ما قلته صحيح حول تشكل الوعي في المرحلة الثانوية تقريبا.. ودعني أكون صريحا معك..فخالي الذي كنت معه في مدني كان يعمل في الري وهو من المحبين للجدل السياسي..ويملك كثيرا من الكتب وكنت اقرأ بعضها وكان يحكي لي هو نفسه عن السياسة وهو الذي ساهم في تشكيل وعيي.. وفي ذلك الوقت كان الرئيس نميري قد طبق قوانين سبتمبر ورأيت من قطعت يديه وأثرت تلك المناظر في نفسيتي تجاه السلطة التي تحاكم الناس قبل أن توفر لهم ما يبعدهم عن السرقة وأشياء من هذا القبيل. وشعرت ان كل الناس الذين تمت محاكمتهم وفق قوانين سبتمبر كانوا نتاج لغياب العدالة وهذا ركز في ذهني ان معظم التنظيمات وانا في مقتبل عمري في المتوسطة عبارة عن وهم..وهم سبب ازمة السودان.."عشان كده طول عمري ما انتميت لأي تنظيم سياسي ولا اقتنعت انو في تنظيم عنده برنامج ممكن يحل لينا مشكلة البلد.."
*هذا يعني انك في الجامعة كنت محايدا؟
في الجامعة كان كل تفكيرنا واقعيا بشكل مطلق..
*وماذا كنت تفعل في الاجازات؟
كنت أدرس في البلد في العطلات الصيفية وننشئي فصول التقوية وهي عادة طلاب الجامعة هناك..يفعلون هذا الصنيع من أجل رفع المستوي الاكاديمي للطلاب في المنطقة نسبة لشح المعلمين في دارفور.. وفي تلك الفترة وجدت أحد الطلاب ويدعى أحمد عبد الله "الاستاذ" وكان يملك كثير من التفكير المتقدم حول القضايا العامة..واستغربت "اني القي زول في الثانوية بهذا المستوي من التفكير وعندو خط واضح.... "
* اي تفكير تقصد؟.
يعني نفس افكاري الحالية... تماما...
*ألم تفكر عندما كنت في الجامعة في الانتماء إلى أي تنظيم او تكون على مقربة من اتجاه سياسي ما وتراه يحقق أفكارك خاصة وأن الحركة الشعبية في تلك الفترة تنادي بمثل الافكار التي تحملها؟
انا دخلت الجامعة سنة 90 ونعم الحركة الشعبية كانت فعلا تناضل في تلك الفترة.. صراحة ما فوق ال60% من أفكارنا مستمدة من الحركة الشعبية ومن الدكتور جون قرنق علي وجه التحديد.. ولكن كنت أشعر ان افكار الحركة جيدة لكن تحتاج اضافة..
ماذا تقصد بالاضافة؟
لأكن معك صريحا احنا فكرنا مع شباب كتيرين اصحابنا قعدنا معاهم.. من الجامعة ومن خارج الجامعة.. الليلة منهم 17 من مؤسسي الحركة لا استطيع اذكر اسماءهم نهائي الآن. الكلام ده سنة 92 ومعانا اربعة بنات والبقية شباب من شمال السودان اقصد الشمال الجغرافي..اعني الشمالية وناس من الوسط وناس من الجنوب وناس من جبال النوبة وناس من دارفور انا من ضمنهم وناس من الخرطوم ايضا.. كننا نتناقش.. ولكن في الأيام ديك كان مجرد التفكير في تكوين تنظيم هو فكرة خطرة جدا.. عشان نتناقش كان مشكلة.. والناس عارفين كان في شنو ..كان في صيف العبور.. وبيوت الأشباح وكان في موت في دارفور..بعد ذلك تناقشنا عن كل المشاكل والمرارات التي تحدث فالشرق بدأت فيه ارهاصات التمرد ظهرت والنيل الازرق ايضا وجبال النوبة اضافة الى مشاكل الصالح العام..البلد تحولت الي حقل الغام وزالت كل مقومات الأمان في السودان.
لم اشعر وقتها ويوماً ان السودان ملك لأحد ولا فرق عندي بين رئيس الجمهورية ولا الغفير ولم اشعر انو في زول عندو حق في السودان اكتر مني ولم اشعر اني افضل ا من زول.. نقاشاتنا كانت عفوية.. عن الدين والعرق.. وعن كل شئ وبدأت النقاشات تتبلور.. وبقينا ما بنخاف..
و90% من قيادات الحركة موجودين في السودان وده طبعاً نجاح لاننا عملنا تعبئة سياسية لعشر سنوات عشان كدا الفكرة نجحت لأن في ذلك الوقت كان ناس المؤتمر الوطني والاسلاميين اي زول بعارض يقولوا ليهو علماني وكفرة ضد الدين وذلك لاغتيال المعارض اعلامياً ولذلك نجحنا في تجاوزهم بسبب التعبئة العملناها من عشر سنين..جهزنا مواطننا في دارفور واي مكان في السودان والليلة لو مشيت الجامعات والمجتمع المدني ستج لنا تاثير وفكرتنا كانت تغيير المتجتمع وعقل المجتمع لوطن واحد فيهو مسيحي ومسلم فيهو عربي وافريقي فيهو ابيض وأحمر لذلك الامر كان صعباً جداً لكن اعتقد اننا قدرنا نتخطى الصعوبات..
*لنأتي إلى مرحلة الحياة العملية..مع من تدربت على المحاماة؟
تدربت مع محام يدعى بريمة وكذلك الاستاذ صالح محمود.. بريمة دا كان في الشمالية.. لا استطيع ان اذكر اسمه بالكامل..احتمال يكون خايف..هناك كثر سألوني عنه لكن هو احتمال يكون ما بسمح لي اذكر عنه شيء..المهم هو اول من تدربت عنده.. ومارست المحاماة وترافعت في قضايا في زالنجي ومن القضايا المهمة..
*اي نوع من القضايا وهل ترافعت في قضايا بالخرطوم؟
رافعت في قضايا جنائية وقضايا مدنية..ولم اشتغل في الخرطوم كتيرا ولكن كانت معظم مرافعاتي في محكمة زالنجي..وأحيانا اذهب إلى الخرطوم من اجل القضايا التي اعمل فيها..
*هل أحسست ان مجال المحاكم يمتاز بتحقيق العدالة؟
كان في قضايا مؤلمة بالنسبة لي كمحام، فالفساد كان موجود في كل الجسم القانوني.. لا اقصد الجهاز القضائي تحديداً ولكن الفساد كان في الشرطة والنيابة..وأذكر من القضايا أنه حدثت جريمة نهب وقتل فيها شخص وتم الاستيلاء على الثروة الحيوانية لإحدى القرى ولم يتم القبض علي السارقين بواسطة الشرطة..وحدث بعدها تجاوزات في القبض على أفراد أبرياء وعايشت كيف أن بعض الرجال "يحلفون بالزور" في هذه القضية..هذه كانت من الاشياء التي تؤلمني جدا وجعلتني احس بعدم بوجود اي عدالة إذ أن كل القانون الذي قرأته لا يمكن تطبيقه في الممارسة ولا يمكن لدولة القانون ان تنتهك القانون.. فلماذا امارس القانون والمحاماة اذن...؟
*لكن يا استاذ هل كنت عضوا بنقابة المحامين من أجل أن تجيز لك العضوية بعض الصلاحيات وتساعدك في ممارسة المهنة؟
لم يكن وقتها توجد نقابة للمحامين بل اتحاد المحامين ولم اعترف به ولم اكن به عضوا.
*وماذا عن علاقتك الاجتماعية مع الزملاء المحامين والمحامين الكبار؟
اعرف مجموعة من المحامين الكبار... استاذ "..." ما بتعرفوا؟؟ كيف ماتعرفوا دا استاذ مشهور جداً.. وتاني في استاذ عبد الله وهو المحامين الممتازين في تقديري ومكتبه في ام درمان جوار موقف مواصلات الهجرة.. شخص ممتاز وانا شخصياً معجب بيهو جداً. ولي زملاء في زالنجي منهم اسماعيل ابو نوبة ولدي صديق أسمه عبد الرحمن كرتي في نيالا واكن ليهم احتراما شديدا..
*دعني أسال عن الاسرة وهل أنت حفيد لأي من سلاطين الفور؟
انا لست حفيد سلاطين ولكن كل أجدادي كانوا حفظة قرآن ولا يزالوا الى اليوم وكانوا أيضا ائمة للمساجد. فانا عبد الواحد محمد احمد النور عبد اللطيف عثمان صالح وكل هؤلاء من قبلي أئمة مساجد وحفظة للقرآن ولقد حفظت القرآن ووصلت هذه المرحلة بصعوبة وكان ممكن في ستة شهور يكون عندي "اللسان" وهو مصطلح في الحفظ المتقدم و"لكن ما قدرت بسبب الجامعة.."
*هل لعب حفظ القران دورا في حياتك؟
اعتقد أن بالقران الكثير من القيم والاخلاق.. وكل ما يمارس بإسمه الان هو امر "ما عندو علاقة بالاسلام كل الاخذوهو من الدين كان عشان غرضهم السياسي.. بينما هم تركوا الدين الاسلامي كمعني انساني سامي وشامل.."وأعتقد أن القرآن يلعب دورا عظيما في حياة أي مسلم. وأهلنا يقولون إن "الما حافظ يعتبر "ودر"
"*وبأي القراءات كنتم تحفظون القرآن؟
كنا نقرأ بالعمري... ويتم الحفظ علي مراحل الي ان تصل الي مرحلة تسميع القران
*بإعتبارك حافظ للقرآن الكريم ما هو رأيك في العلمانية هل وجدت تعارضا بينها والدين؟
العلمانية هي الحل الشامل.. ولا تتعارض مع الدين اطلاقاً فبعض الاسلاميين شوهوا معني العلمانية وهي لا تعني إلا فصل الدين عن الدولة.."الدين هو القيم بتاعتنا احنا... انا اكون مسلم واعتقد اعتقاد تام في الله ولكن ده في نفسي ولا اجبر اي شخص علي الاسلام او دين اخر.. دي العلمانية الانا مؤمن بيها ودي القيم الاحنا بنعمل بيها.."
وما هو إمكانية تطبيقها في السودان والبلدان المسلمة؟
"السودان ما عندو اي حل غير ده.. وريني دولة فيها زول مسيحي وفيها زول مسلم وفيها زول ياكل بقرة وفيها زول بعبد بقرة وفي زول ما عندو دين ولكن ديل كلهم عندهم الحق انهم يعيشوا في البلد ده متساوين لانو مافي زول مخاوق عشان يكون اقل من زول.."
*لكن مسألة العلمانية تحتاج إلى وعي بقيمتها ونشر الافكار حولها ولا بد أن نهيئ الناس فكريا حتى يقبلوا العلمانية؟
عشان كده انا قلت ليك احنا عملنا تعبئة سياسية لعشر سنوات قبل ما نعمل الجناح العسكري.. تعلمنا من الايام..
وهل يمكن فرض العلمانية رغم صعوبة الخطوة وهل ترى فرضها من خلال حكومة قومية؟
الخطوة تتم بعد توفير الأمن وحق المواطنة المتساوية بين الشعب السوداني كله والحكومة القومية وحكومة الوحدة الوطنية الانت بتقولها دي ما تكون شكليات نحن يا سيدي الشكليات دي ما شغالين بيها .. مهمتنا اول حاجة ان حكومة الوحدة الوطنية توفر الأمن لكل اهل السودان ومواطنو دارفور يرجعوا لقراهم وتتم مساواتهم مع باقي الناس كلهم ..وأن تكون عناك اسس الديمقراطية وهي توفير الامن وحرية التعبير وحرية النشر وحرية التعبئة وحرية التنظيم وحرية الاعتقاد والانتماء لتوصلنا في النهاية الي الانتخابات الحرة والنزيهة ودا في ظل الحكومة اللي توجهها اسلامي وعروبي وتقتل الناس في الاتجاه ده وبتقسم الشعب السوداني بالطريقة دي ما ممكن.
*هل يوجد تنسيق بينكم والاحزاب الأخرى مثل الامة والاتحادي والشيوعي.. ؟
نحن ما عايزين نكرر تجربة التجمع الوطني وهي قد فشلت لانها اضداد افكار اجبرت للتجمع وفشلوا لانه اي واحد اعتقد انو التجمع هو الطريقة التكتيكية لتكسير الاخر ولما جو في المحك الحقيقي الحركة الشعبية تفاوض في CPA والباقي فاوضوا في القاهرة وفي القاهرة انتهي كل شئ.. نحن نقول ننتمي مع الناس في الفكرة اولاً.. في زول بقول عايز يعمل دولة مدنية ايه يعني دولة مدنية.. نحن نتمني طرح واضح بفصل الدين عن الدولة ودولة المواطنة يكون الناس فيها متساوين القوة البتؤمن بالا فكار دي ممكن نتفاوض معها..
• يعني زي الشيوعيين؟
•
يمكن لنا أن نتحاور مع الشيوعيين حول العلمانية وحول الدين أيضا بغعتباره من قيم الشعوب ومكوناتها ومعتقداتها.
*هناك تصنيفات تقول أنك شيوعي..؟
والله... قالوا همباتي.. وقالوا قطاع طرق.. وعملاء سي اي ايه.. وشيوعيين وحركة شعبية واحنا موساد.. ولكل شخص الحق أن يقول كما يشاء..وستبقى الحقيقة..
*ماذا اذا توحدت كل الجبهات والفصائل في دارفور.... هل هناك امكانية لتعملوا من خلال جسم سياسي واحد؟
انا عايز كلامي تنشروا للتاريخ..اولاً في السودان في اخلاق وثقافة سياسية مثيرة للجدل وبعض الناس قالوا ان معنى التنظيم السياسي هو وسيلة للكسب السريع وحصد القروش والعمارات والشركات وبعضهم يرى أن التنظيم هو وسيلة للوصول للسلطة..تبقي وزير..سفير.. أي حاجة بينما نحن في حركة تحرير السودان نرى أن التنظيم هو وسيلة لخدمة الشعب السوداني وبالطرح اللي ذكرناه وهو ان نخلق دولة علمانية ليبرالية موحدة ونبني دولة المواطنة.. والتاريخي السوداني قبل الاستقلال يحدثنا أنه كان هناك جسم اسمه مؤتمر الخريجين والذي كانت معمته أن يحارب الاستعمار البريطاني.. ولكن قبل الاستقلال اختلف الخريجون فيما بينهم وانقسموا الي اثنين..ومعظمهم إرتموا في أحضان السيدين الدينيين.. اما كانوا ختمية مع الوحدويين مع مصر أو حزب الامة والكان هدفهم انو السودان يتحول لمملكة المهدية وبعدها إنقسم ناس الميرغني فيما بينهم.. لقد كان الصراع من اجل السلطة او الثروة..ثم هناك نرى ناس المهدي حيث بقي الصراع بين جناح الصادق والامام وتطور هذا الصراع الآن اليوم بين مبارك الفاضل والصادق المهدي..أما قادة الحكومة الحالية فقد كانوا هم الاخوان المسلمين فإنشق الترابي وعمل الجبهة الاسلامية ثم عمل انقلاب وإختلف الأخوان المسلمون وتحولا إلى مؤتمر وطني وشعبي مؤتمر وطني الحكومة القائمة اليوم فيها كم حكومة جوه فيها جناح عمر البشير وجناح علي عثمان وبقية الأجنحة المعروفة.. اذن دي اخلاق وثقافة سياسية فاشلة ولتفادي هذا كله كله اعلنا طرحنا وملكناه للشعب.. ونحن نرى أنه من أجل وجود سلام لابد من يكون في امن على مستوى البلد ومساواة وعدل وعشان نتوحد انا وانت اولاً لابد نتفق في الرؤيا والسلام ده بيجي كيف؟.. فمثلاً انا طارح دولة علمانية وفي واحد عايز دولة اسلامية وبجي الشيوعي بطرحوا.وحتى تتفق معنا الجبهات الفصائل في دارفور فإننا نحتاج إلى توافق في الطرح حول المشكلة السودانية في المبتدأ ومن ثم يسهل الاتفاق حول موضوع دارفور.
*ومن أجل تحقيق هذا الطرح لماذا لا يقوم الاستاذ عبد الواحد بمبادرة لتوحيد الحركات المسلحة في الساحة الدارفورية وأن يتوحد دريج وخليل ومناوي وشريف حرير حتى تستطيعوا محاورة الحكومة متحدين .؟
هذا التوحد من الممكن جداً .. وليس لدي كبير خلاف مع مني أركوي فهو قد انشق عنا والباب مفتوح أمامه ، وليس لدينا مشكلة مع دريج..دعيه يؤمن بأفكارنا وليس لدينا اي اعتراض نحوه ولكن مشكلتنا مع خليل هي أننا ندعو إلى دولة علمانية.. "خليهو الليله يقول عايز دولة علمانية وما في مشكلة..ولكن في تقديرنا هو قال داير يعمل دولة اسلامية.. لكن المشكلة توجد في الدعوة إلى الدولة الاسلامية..وهي التي أوصلتنا إلى هذا الدرك.."
وماذا عن علاقتكم بالحركة الشعبية؟
نحن والحركة الشعبية على تقارب كبير..فالحركة تقول ان السودان الجديد مبني علي دولة بنظامين.. والانفصاليين نقدرهم ونحترمهم لكني ما مع الانفصال انا مع وحدة السودان والناس البيؤمنو بوحدة السودان والسودان الجديد نحن معاهم جداً..في قوي اخري ناس كجبار وقوى اخري كتيرة نحن ماشين معاها وحنغير البلد..
هل من الممكن أن تكون هناك فرصة لتحقيق السلام في ظل وجود الحكومة الحالية في السلطة؟
طبعاً لا.. في فهمي وقناعاتي المطلقة.. ما في دارفور بس واذا البشير موجود في السلطة فإننا سنفقد الجنوب فالبشير عندو مليشيات يقتل بها الناس وبقاءه في السلطة مبني علي دماء الآخرين.. واذا البشير في السلطة ما ممكن يكون في سلام في دارفور أو في الجنوب أو في الخرطوم أو في شندي ولا بورتسودان ولا في نيمولي ولا حلفا الجديدة ولا في كردفان ما ممكن.. نحن في حركة تحرير السودان التفاوض عندنا ليه اسس يكون في امن اولاً للناس كما قلت.. ولن نوقع اي اتفاقية ما لم يتحقق الأمن للمواطنين..رفضنا التفاوض لأننا نريد امن حقيقي وثقتنا في الحكومة صفر أو معدومة تماما والتجارب موجودة والناس الوقعوا هم وكل الاتفاقيات يركون هذا.. يجب ان ينزع سلاح الجنجويد ويوقف الاغتصاب ويقوم الناس الاستقبلوهم في اراضي الناس في عملية التعريب الجابوهم من النيجر ثم نأتي الي تحرير السودان.. تحريره من السلفية "السلبية" السياسية الوصلت البلد لحد هنا وهي مسؤولة لما وصل اليه السودان ونحرر السودان من العقلية التي تعتقد انها خلقت لحكم الناس..نخلص السودان من القسموهو الي شماليين وجنوبيين والي عرب وزرقة ومسلمين ومسيحيين وعشان نحرر السودان لابد ان نخلق دولة سيادة القانون حتى لا يكون هناك زول اعلي من القانون.. وين.
•في تصورك هل ممكن تكون هناك حكومة انتقالية في الخرطوم.. وإذا جاءت حكومة قومية وان كان البشير فيها هل ممكن تتفاوضوا معها؟
نحن نتفاوض بعض توفير الأمن للناس وتحقيق المواطنة المتساوية بين الشعب السوداني كله والحكومة القومية وحكومة الوحدة الوطنية الانت بتقولها دي ما تكون شكليات نحن يا سيدي الشكليات دي ما شغالين بيها .. مهمتنا اول حاجة ان حكومة الوحدة الوطنية إذا تم اقتراحها توفر الأمن لكل اهل السودان ومواطني دارفور ونأتي من ثم لخلق اسس الديمقراطية وهي توفير الامن وحرية التعبير وحرية النشر وحرية التعبئة وحرية التنظيم وحرية الاعتقاد والانتماء لتوصلنا في النهاية الي الانتخابات الحرة والنزيهة ودا في ظل الحكومة اللي توجهها اسلامي وعروبي وتقتل الناس في الاتجاه ده وبتقسم الشعب السوداني بالطريقة دي ما ممكن.
ذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذ
الجزء الثاني من الحوار
الاستاذ عبد الواحد محمد نور، قائد حركة تحرير السودان، في حوار خاص لـ"سودانايل": " 2 ــ 5 "
الحكومة والدول الأخرى عرضت علينا "مليارات الدولارات" كإغراءات للتوقيع في أبوجا ورفضناها
انا من أتيت بمني أركوي في فترة التعبئة العسكرية..ولا خيار له غير العودة لنا
منذ نشاتي كنت من المعجبين جدا بالفنان النور الجيلاني..ومحمد وردي..
لا نستخدم مفهوم "الزرقة والعرب" حتى نقع في فخ النظام
أكد الاستاذ عبد الواحد محمد نور قائد حركة تحرير السودان لـ"سودانايل" أن سجلهم في حقوق الإنسان هو "الأنظف من حيث معاملة الأسرى وأنهم لم يرتكبوا جرائم تتعلق بحقوق الإنسان، مشيرا أن منظمات حقوقية عالمية زارت مواقع الحركة "أكثر من مرة وأنجزوا تقاريرهم." وقال "اهم شئ لنا في الحركة هو حقوق الانسان..."
وأشار عبد الواحد في الجزء الثاني من الحوار " أنه رفض التوقيع على إتفاق ابوجا برغم مساومات مادية تتجاوز "المليارات من الدولارات" سواء كانت من قبل الحكومة أو من دول وذلك عن طريق رؤساء او مبعوثين لرؤساء.." ورفض تسمية هذه الدول أو مبعوثيها.
الاستاذ عبد الواحد محمد نور، رئيس حركة تحرير السودان، في حوار خاص لـ"سودانايل": " 2 ــ 5 "
الحكومة والدول الأخرى عرضت علينا المليارات كإغراءات للتوقيع في أبوجا ورفضناها
منذ نشاتي كنت من المعجبين جدا بالفنان النور الجيلاني..ومحمد وردي..
انا من أتيت بمني أركوي في فترة التعبئة العسكرية..ولا خيار له غير العودة لنا
لا نستخدم مفهوم "الزرقة والعرب" حتى نقع في فخ النظام
نحن الحركة الوحيدة التي ستجد أن سجلها نظيف في المنظمات الحقوقية العالمية
لا نتعامل مع المكون العربي بعقلية "هم ونحن" ونحن ضد إستخدام عبارة جلابة في مقابل الآخرين
حاوره في واشنطن: صلاح شعيب
هناك إتهامات من المحكمة الجنائية وجهت ضد بعض قادة الحركات المسلحة والسؤال هو هل قام أفراد من حركتكم بإنتهاك حقوق الانسان وإذا كان الجواب بنعم فهل قمت بمحاكمتهم؟
قبل أن أكون رئيس للحركة كنت محاميا واعرف حقوق الإنسان جيدا.. نحن قاتلنا من أجل المواطن السوداني ولو كنا اصلاً نمارس اي شئ يتعارض مع حقوق الانسان اذن فلا فرق بيننا والانقاذ.. نحن هدفنا توفير حقوق الانسان لكل المواطنين ونؤمن بان جيشنا المقاتل هو لحماية المواطن ولا يمكن أن نستخدمه كوسيلة لإنتهاك حقوق المواطن نفسه.. لدينا في الحركة جناح قانوني واخر انساني، فمهمة القانوني محاسبة اي شخص خرج عن لوائح الحركة والتي من اهم بنودها هو عدم انتهاك حقوق الانسان، فنحن نؤمن أن أي فرد لديه الحرية في الانتماء والاعتقاد والتفكير..وعقدنا محاكمات كتيرة وادعوا الصحفيين أن يذهبوا إلى الميدان ليبحثوا حول الاجراءات القضائية والجنائية التي نتبعها...
وهل وفرتم للذين قمتم بمحاكمتهم محامين وخلافه؟
طبعاً.."ما ممكن تحاكم زول بدون ما تجيب ليهو محامي.. أولاً لدينا قضاة بتأهيل عال وعلي درجة من الكفاءة.. وكذلك لدينا محامين مؤهلين ولكل شخص متهم له الحرية في ان يحدد المحامي بالطريقة التي يراها.. ولا اريد ان اذكر أن هناك محامين أتوا إلى الميدان وترافعوا وحضروا محاكمنا وعادوا من حيث أتوا.. وسيأتي اليوم الذي ننشر سجلنا في هذا الجانب...
وماذا عن سجلكم لدى منظمات الحقوقية العالمية؟
نحن الحركة الوحيدة التي ستجد أن سجلها نظيف من حيث معاملة الأسرى وقد زارتنا منظمات حقوقية عالمية أكثر من مرة وأنجزوا تقاريرهم.. اهم شئ لنا في الحركة هو حقوق الانسان.. وهناك حركات انفصلت عنا وكان سبب الخلاف بيننا وبينهم حدوث انتهاكات لحقوق المواطن..هؤلاء الذين إنفصلوا عنا كانوا يهاجمون المواطنين ويسلبونهم وفي ذلك لا يوجد فرق بينهم والجنجويد.. كان في العقل الباطني لهؤلاء هو أن الإنتماء للتنظيم السياسي يتم من اجل الهيمنة ..أؤكد لك أن كل شخص ينتمي إلينا وقام بعمل فردي فيه انتهاك لحقوق آخرين أتينا به وحاكمناه حتى نصلحه.
ما هو سبب الخلاف بينكم ومني اركوي والذي حال دون توقيعك في إتفاق أبوجا؟
مني هو صديق واحترمه جداً واختلف معه في اشياء..وانا من أتيت به من دار زغاوة في فترة التعبئة العسكرية عام 2001 بجبل مرة وهو رجل متقدم ومؤمن بفكرة النضال..المشكلة ان مني تحول إلى مهووس بالسلطة اكتر مما يجب و الـmilitary "اداهو" قوة وصراحة تحول الي قبلي والحركة هي للناس كلهم.. ورأيتم الذي حدث في حسكنيته فالحركة ليست للعسكريين إنما هي عبارة عن جسم كبير والجناح العسكري جزء بسيط من جسم الحركة، والذي يشمل قطاعات اخري مثل السياسيين والاطباء والمرأة والمهنيين والعمال وآلاف شرائح المجتمع المدني..ومازال مكان مني موجودا في الحركة لأن الحركة هي مفتوحة لكل الشعب ومن يؤمن بأفكارها وفكرها يستوعب كل الشعب السوداني وليس مني فقط..
ولكنكم حين شاركتما في مفاوضات أبوجا كنتم تمثلون أنت ومناوي جسم الحركة؟
نعم حتي أبوجا السادسة كنا نمثل جسما واحدا ولكن مني ظن أنني ربما أوقع قبله إتفاقا مع الحكومة وكان معظم الذين حوله انتهازيين واستغلوا الحركة لتحقيق اغراضهم واوعزوا له بضرورة التوقيع وقادوه للتوقيع حتى يجدوا المناصب والقروش.. وفي تقديري ان مني كان مؤمنا بصلابة بالقضية أثناء فترة النضال.. والآن إكتشف مدى انتهازية من حوله..وفي تقديري ان مني وغيره سيعودون للحركة بدون شك.. ولا خيار آخر لهم..
ولكن نشر حديث بأنه كان من المفترض انك توقع مع الحكومة في ابوجا قبل مني..؟
الناس الذين كانوا حول مني هم الذين اذاعوا ذلك ولهذا ضغطوا عليه من أجل التوقيع وأوعزوا له بأن يقود جناح المؤمنين بالتوقيع.. أؤكد أنهم قالوا له أن عبد الواحد سيوقع وسيفوز بالثروة والسلطة ولذلك أصبح هو مهووسا بالثروة والسلطة..ومع ذلك كنت أذهب إليه في غرفته لأنني كنت أسمع هذه الأقاويل وقلت له "يا مني مافي أي نية لكي اوقع.." وفي تقديري ان مني استثمار كبير للحركة ومن الخطر ان يستثمره الاخرين و"عشان كدا كنت أصر على ان اكون دائما في اتصال معه حتي بعد أن وقع في أبوجا.." وما حدث علي الاقل درس حتى يعرف مني أنه لم يأت للميدان من أجل نزهة صغيرة وانما جاء لتحقيق اهداف وفي تقديري اننا في الوقت الحالي اكثر صلابة في الحركة وما اقوله ليس شماتة في مني ولكن دائماً ما يخطئ الانسان... المهم أنا حافظت على المبادئ..
هل واجهت أي مساومات مادية لترغيبك من أجل التوقيع في اتفاقية أبوجا؟
نعم كانت هناك مساومات كتيرة جداً وبكميات هائلة من المليارات سواء كان من الحكومة أو من دول لا اود ذكرها وذلك عن طريق رؤساء او مبعوثين لرؤساء.. وكنت أقول انه لا يمكن ان ابدل طرحي بقروش الدنيا كلها... كان صعبا علي أن أبدل أمن وحقوق المواطنين بأي قروش..
هل يمكن أن تحدثنا عن المساومات الحكومية وباي شكل كانت؟
كانت في شكل اغراء وعيد وتهديد.. التهديد بطريقة انكم مفروض توقعوا واذا لم توقعوا لن يكون لديكم وجود..والاغراء كان ماديا وفي شكل مناصب.. وكانوا يقولون لي "انتو وقعوا إحنا بنديكم اي حاجة" وكانوا يقدمون مغريات سخية جداً..
لا بد أن لديك اصدقاء شاركوا معك لحظات الفرح في مرحلة الطفولة، هل تذكر بعضهم؟
في منطقتنا تتلازم الاشياء وتتعايش..وحينما كنا أطفالا ذهبنا إلى الخلوة وحفظنا اغاني كتيرة بلغة أهلي الفور وبذات الطريقة حفظت الكثير من أغاني أهلنا العرب، وكنت أذهب مع صديقي داؤود حمدان لمنطقة "ام زعيفة" اثناء الصبا..نذهب هناك لنرقص على أنغام "السنجك" وهي أهزوجة عربية وداؤود موجود حاليا في السعودية وينتمي إلى أحد القبائل العربية..والحقيقة أن الغناء عندنا في دارفور تعبير عن ذات الناس وسواء كنت من العرب او الفور فلا بد أنك رقصت على أنغام إيقاعات قبائل الفور والعرب والمساليت أو القبائل الأخرى.. واذكر من اصدقائي في مرحلة الطفولة الدكتور عبد الحفيظ وهو من قبيلة الدناقلة واسرته موجودة إلى اليوم في زالنجي.. مع عبد الحفيظ نشأنا سويا وربطتنا علاقات عائلية متينة مع أسرته... وهناك ايضاً الاخ حافظ يوسف وهو صديق من الفاشر وأهله من قبيلة عربية اسمها المغاربة وكذلك دكتور جعفر عبد الرحمن وهو صديق طفولة من قبيلة الفور والاخ بكري اسماعيل..هؤلاء جميعاً اصدقاء طفولتي وكان اهلي يبحثون عني دائماً في بيوتهم...
في هذا الجو الطفولي ألم تحس بمفارقات في التكوين الثقافي للبيئة، وما هو دور المدرسة في التاثير الفكري على عبد الواحد؟
لم اكن اري ان إختلاف التكوين الثقافي مشكلة في حد ذاته..المشكلة تكمن في سيادة ثقافة ضد ثقافات اخري وفي بلد متعدد الثقافات والاعراف..لم أكن شخصا منعزلا ليتخذ موقفا غيجابيا من ثقافة ما، فمثلا إنني كنت شاعرا وكانوا ينادوني بإبن زيدون وكنت احفظ اغلب المعلقات وانا في المتوسطة وكان استاذي محمد سعيد، وهو الآن وكيل نيابة، يساعدنا في حفظ القصائد ويساعدنا أيضا في كتابة الانشاء وكذلك كان هناك استاذي بري عبد الرحمن وهو مدير المدرسة وكذلك استاذ بكري كان يحدثنا عن الصدق في زمن شقاوتنا.. وفي يوم صادفنا المدير بري ووجدنا نغني في الشارع وأحس اننا نقوم بإزعاج الناس وعندما سألني عن ما نحن فيه قلت له إنني أرنم بأغنية أعجبتني ولذلك بقيت أرددها..ولم يتضايق بل قال إن ذلك نوع من الثقافة المحلية ولم يتشدد أكثر من ذلك..وكان لدينا في المرحلة الابتدائية استاذ يدعى نصر الدين كنقور وكان اهم شيء يحثنا عليه هو الإهتمام بمكوننا المحلي والثقافي وكان يقولنا لنا يجب ان تكون "انت أنت وبس" ولا شئ آخر..لذلك انا مؤمن تماماً بأن المكون الثقافي السوداني مكون جيد جدا..
وكيف ترد عن ما يقال عن صراع ثقافات في السودان؟
السودان ليس فيه صراع ثقافات..الواقع ينم في جوهره عن صراعات في السلطة وهي التي تريد ان تفرض ثقافة معينة وهي الثقافة العروبية..هذا الإصرار السلطوي صنع لدى الآخرين مجالا لمواجهة الصراع من أجل البقاء..
معنى هذا أن الصراع ليس بين الثقافة العربية والثقافات الأخرى؟
لم تكن الثقافة العربية مشكلة في دارفور..فاذا رجعنا الي سلطنة دارفور التي كانت في يوم ما اسلامية فإن المجلس القيادي في السلطنة يضم الرزيقات والدناقلة والتعايشة والزغاوة وكل القبائل موجودة حتى لغة التخاطب الدارفورية إنما عربية ودراسة القران بالعربي أيضا..مرة ثانية أقول لم تكن هناك مشكلة مع الثقافة العربية لكونها كذلك.. فقط المشكلة تنجم من محاولة فرض اشياء اخري علي حساب الثقافة المحلية. فاذا نظرنا اليوم للتلفزيون القومي مثلاً نجد أن لغة التلفزيون تعبر عن لهجة أهل الوسط العربية..ولكن هل يمكن أن يقبل اهل التلفزيون أن أقدم برنامجا واللهجة التي استخدمها هي لهجة دارفور العربية التي تختلف عن عربي شندي؟ وقس المسألة على بقية اقاليم السودان ..إذن كل قبيلة لها لهجتها في التحدث بالعربية بغير لهجتها الأساسية، بمعنى أن هناك قبائل لديها لغتها الخاصة بها وليست هي العربية.. في كل دول العالم المتقدم لا تهمل اللغة المحلية في الدراسة الابتدائية علي الأقل...ولكننا في السودان لا نعطي أدنى إعتبار لها.. وأذكر وأنا عمري خمس سنوات أدخلوني المدرسة مع اخي وصديقي عامر.. وعندما سألوني في اول يوم عن اسمي قلت لهم إنني عبد الواحد محمد النور عبد اللطيف عثمان صالح.. لجنة القبول اندهشت لأني أحفظ اسمي بهذه الصورة فقبلوني كمستمع وفي الامتحان النهائي أحرزت مرتبة الثاني في الامتحان.. ولولا امتحان التربية الاسلامية لصرت الأول.. كان الامتحان شفهيا فسألوني عن زواج الرسول صلي الله عليه وسلم من السيدة خديجة.. فكانت المشكلة في الترجمة الحرفية حسب فهمي لكلمة زواج وعندما اردت ان اقول تزوج الرسول الكريم السيدة خديجة قلت إن الرسول "أخد" السيدة خديجة.. وحينها لم اسمع اطلاقاً بكلمة زواج العربية فلا يوجد احد من أهلي قد حدثني عن معناه أو تداولها أثناء الحديث بل ولم تأت مناسبة ليقول لي أبي معني كلمة زواج وكان هذا هو الخطأ الوحيد الذي ارتكبته بسبب اللهجة المحلية وبسببه أحرزت المركز الثاني.. فقد كنت افهم المعني جيداً لكن لا استطيع التعبير عنه بالعربية. والي اليوم اشعر انني كنت مظلوما.
لو كان الاستاذ "صالح" وهو من منطقتنا موجودا في الامتحان لعرف ما كنت اريد ان اقول.. لذلك نحن نرى في الحركة ان الثقافات المحلية والافريقية غنية ولها تاريخها ولا بد أن توظف في مراحل التدريس الأولية حتى لانظلم القبائل التي لا تتحدث العربية.. ومع ذلك أضيف هنا أيضا أنه ليست هناك أسباب بألا تكون العربية هي اللغة الرسمية في السودان..اللغة العربية إطلاقا لم تكن هي المشكلة بل هي أصبحت واقع في السودان ودليلنا للمخاطبة بدليل أن هناك عربي جوبا وعربي الشمال وعربي دارفور.. وأيضا لا يمنع أن تكون اللغة الانجليزية هي اللغة الثانية..
وماذا عن فنانك المفضل؟
منذ أن نشات كنت من المعجبين جدا بالفنان النور الجيلاني وكذلك الفنان محمد وردي..
وهل هناك بعض الفنانين في دارفور أعجبت بهم؟
كانت هناك فنانة اسمها مريم مابو وهي تغني بلهجة الفور وهي مشهورة جدا ولكن لأنها تغني بالرطانة واجهت مضايقات من الحكومة وإنضمت للحركة وهي الان بنيروبي بعد أن صعب عليها العيش في دارفور.. الحكومة لم تستطيع ان تتحمل جزء من هذا المكون السوداني فحولت هذه المغنية مباشرة الي معارضة لها.. لذلك لا بد لنا من مقاومة سيطرة الثقافة الاحادية واستعلاءها وتميزها علي بقية الثقافات..وهذا يعني أن السلطة تتسبب في جعل الثقافات متصارعة بدلا من تعايشها ولو كانت الثقافات الاخري قد وجدت الاهتمام بالتساوي لما شعر شخص باستعلاء ثقافة علي اخري وإذا أحس أمرئ أن اللغة العربية مفروضة عليه وكذلك الدين الاسلامي فإن الحروبات ستأتي لا محالة.. نحن لا نشعر أن الثقافات السودانية معزولة عن بعضها البعض فكل ثقافة تأخذ من الأخرى. أهل السلطة يقولون إن "ناس عبد الواحد ديل عايزين سلطة شان يستأصلوا اللغة العربية ويقولو إننا لو إستلمنا السلطة حنبيد الكتب العربية والدين..".. بالعكس نحن نعتقد ان الثقافة العربية جزء من مكون الثقافة السودانية ولا تستطيع قوة في الارض القضاء عليهما.. وما حدث في دارفور أنه تم التأثير علي أفراد من بعض القبائل العربية لمقاومتنا بتلك الأسباب الواهية ولكن نحن مؤمنون بمكونهم العربي ولا نتعامل مع المكون العربي بعقلية "هم ونحن" ونحن في الحركة ضد إستخدام عبارة جلابة في مقابل الآخرين..أو العكس..نحن ضد هذه التمييز العرقي بشدة لأنه يرجعنا الي عبارة "نحن وهم" وهذه من لب سياسة الانقاذ.. نحن نقول اننا كلنا سودانيين بمختلف ثقافاتنا وانتماءاتنا الدينية والعرقية واهم شيء ان الفرد منا يجب أن يناضل حتى يجد ذاته وفرصة للتعبير عن مكونه وموروثه وأن يجد حظوظه متساوية مع الآخرين..
ما هو رأيك مفهوم زرقة وعرب؟
هذه هي سياسة الانقاذ، فهي تفرق الناس إلى زرقة وعرب.. انا ضد هذه الفكرة بكل ما املك من القوة وما اعنيه بعبارة نحن وهم هو أن حكومة الحركة الاسلامية في السودان تضع الناس متقابلين كأثنيتين وبالتالي تستطيع أن تتشبث بالسلطة عبر الاحتراب العرقي الذي تقود الناس إليه.. الاسلاميون أعتبروا دارفور منطقة مقفولة لحزب الامة ولذلك سعوا لتحطيم هذه المنطقة ولذلك ضخوا في نفوس الناس مفهوم الزرقة والعرب حتى يقتتل الناس وتتم الابادة العرقية..نحن لا نستخدم مفهوم "الزرقة والعرب" حتى نقع في فخ النظام.. نحن ضد أن تتطاحن القبائل بسبب العرق..الحكومة تقسم الناس جغرافيا او دينيا وقبليا حتى يكونوا بحاجة إليها وبالتالي تضمن البقاء في السلطة... لذلك يجب ان نحارب مفهوم "نحن وهم" ونبقي فقط نحن السودانيين الذين نناضل جميعا من أجل إرجاع حقوقنا التي إستلبها النظام..
•هل هذا يعني أن تكوينكم داخل الحركة لا يستخدم مفهوم عرب زرقة وهل أن كل المنضويين في القيادة والقاعدةه يمثلون كل ألوان الطيف في دارفور مثلا؟.
"خليهم يمشوا الميدان عشان يشوفوا.." سبق أن قلت ان مؤسسي الحركة من كل اقاليم السودان..هناك 17 شخص من المؤسسين، كان بعضهم من الجنوب والشمالية بما فيها منطقة شندي..تكويننا في الحركة ليس له علاقة بالقبلية..نحن عندما كونا الحركة والجناح العسكري ذهبنا إلى كل القبائل في دارفور ولأن الظرف العسكري يتطلب منطقة مؤمنة اخترنا جبل مرة باعتبارها معروفة بالنسبة لنا من اجل الحماية..وفي البداية كنا نهاجم ونأتي إلى جبل مرة لندافع. الآن كل قادة الحركة ينتمون إلى كل القبائل في السودان والافراد المقاتلين كذلك لكن من الطبيعي ان الحكومة القادرة بإمكانياتها على تقسيم الناس تستطيع أن تعكس غير ذلك لأهل السودان وللدبلوماسيين الغربيين.. ولقد حاربنا في الحركة بشدة وقلنا بأن قضيتنا هو إنسان السودان ونجحنا الآن في تعميم هذا المفهوم لدي العالم..وتم هذا بعد جهد هائل والواقع اننا نحاول ان نخلق إلفة بين الناس وذهبنا للمسعكرات وساهمنا في التوعية واحيانا تجد في معسكر واحد اكثر من 56 قبيلة بين عرب وزرقة وجلسنا معهم وأعلمناهم أن المشكلة لم تكن بين عرب وزرقة مثلما تقول الحكومة واقنعنا قواعدنا على التعايش في سلام وبلا تمييز..
ذذذذذذذذذذذذذذذ
الاستاذ عبد الواحد محمد نور، قائد حركة تحرير السودان لـ"سودانايل": "3-5"
علي عثمان محمد طه هو الشخص الوحيد الذي اجريت معه حوارا جادا ومؤسسا .. ولم يعرض علينا مغريات مادية
المسؤول السياسي لحركة تحرير السودان من شندي .. وينتمي إلى قبيلة الجعليين
90 % من القبائل العربية التي لديها حواكير لم تحاربنا ورفضت أن تقف بجانب الحكومة
الحديث عن أصول عربية للفور يعتبر تزييف ثقافي
اكن للأستاذ احمد ابراهيم دريج كل تقدير واحترام وهو رمز تاريخي
صراع "أولاد البحر مع أولاد الغرب" قصد به تفتيت الشعب السوداني
قال الاستاذ عبد الواحد محمد نورقائد حركة تحريرالسودان لـ"سودانايل" في الجزء الثالث من الحوار إن "الشخص الوحيد الذي اجريت معه حوارا جادا ومؤسسا هو علي عثمان محمد طه النائب الأول للرئيس السوداني" مشيرا أن الضغوط التي وجدها علي عثمان في الخرطوم جعلته يتخلى عن كل الإتفاقات التي تمخض عنها ذلك الحوار.
وقال عبد الواحد إن مشكلة الاتحاد الافريقي هي ان "كل مندوبيه رؤساء ولا يختلفوا عن عمر البشير كثيرا وعادة الديكتاتوريين أنهم يرسلون مناديبهم من أجل أن يخدموا مصالح نادي الرؤساء وليس المواطن الأفريقي.."
حاوره في واشنطن: صلاح شعيب
تحدث لنا عن علاقتك بالمرحوم مجذوب الخليفة؟
مشكلتي مع مجذوب الخليفة هي أنه كان دائما أنني أفاوضه لوحدي وليس إنطلاقا مما تقره مؤسسات الحركة وكان بيننا فرق كبير في التفكير... جلست معه بحضور اوبسانجو ومع عدد من الرؤساء من اجل التفاوض وجه لوجه.. ولكن كان تفكيره دائماً انه يأتي ليعرض "لينا قروش ومناصب ودي كل استراتيجيتو.. وكنت اقول ليهو انا محامي وقادر ألقي قروش وانا ما عايز منصب وما ممكن اضحي بالملايين من الناس ديل عشان يكونوا اصل بتضحياتهم للمناصب.."
وماذا عن علي عثمان محمد طه..وكما نعرف أنك تحاورت معه؟
الشخص الوحيد الذي اجريت معه حوارا جادا ومؤسسا هو النائب الأول علي عثمان محمد طه.. وانا متأكد انه ندمان بأنه لم يستمع لكلامنا.. "كنا بنتكلم جادين إنو السودان إما يكون فيه سلام حقيقي او مافي سلام نهائي..سلام يبدأ بتوفير الأمن للناس ثم بعد داك نضع خارطة طريق لتكون هناك ديمقراطية حقيقية في البلد..لكن في تقديري إنو في الوقت داك كان علي عثمان في موقف سياسي ضعيف.. المهم إنو علي عثمان أداني احساس بالجدية وأقول صادقا بأنه الوحيد الما عرض علينا قروش أو مناصب.. ونحنعلي الاقل أجرينا معاهو حوار موضوعي وجاد..ولكن بعد الضغوط التي وجدها في الخرطوم أخل علي عثمان بكل الإتفاقات ولكن للصراحة أقول إنه الوحيد الحاورنا حوار ود بلد مع ود بلد.. ولو كان قد عرض علينا أي عرض مادي لكان قد نسف أجواء الحوار لما اتفقنا معه في تلك الاتفاقيات التي أخلى بها..."
ما هو انطباعك عن الاتحاد الأفريقي؟
مشكلة الاتحاد الافريقي ان كل مندوبيه رؤساء ولا يختلفوا عن عمر البشير كثيرا وعادة الديكتاتوريين أنهم يرسلوا مندوبيهم من أجل أن يخدموا مصالح نادي الرؤساء وليس المواطن الأفريقي..وأتذكر أن سالم أحمد سالم ممثل الاتحاد الافريقي قال لي انه ذهب إلى دارفور مرات ومرات قبل التفاوض وبعده.. مشي لكل النازحين وسألني عن لماذا "كل الناس في دارفور بيقولو عبد الواحد عبد الواحد واقف مع عبد الواحد".ورديت عليه بالقول "بس لأني كنت لسان حالهم وانا الوحيد الكنت بدافع عنهم وقلت له: ياخي دي مسؤولية اخلاقية لأني أنا مناصر للنازحين وما ممكن اخونهم ومهمتي في الاول توفير الأمن عبر التفاوض عشان الناس يمشوا قراهم" و"عندما رفضنا نوقع سالم طردنا من الفندق وده اكتر وقت احنا اتعرضنا فيهو لضغوط.. نعم سالم أمر بطردنا من فندق شيدا بابوجا.. انا ود. أحمد وكل كادرنا..شنطنا موجودة للآن في الفندق.. ورفضوا يدفعوا القروش كنوع من الضغوط النفسية عشان نوقع علي الاتفاقية.. وكنا بنوم في شوارع أبوجا وتم تزوير وثائق تؤكد بأننا طالبنا بسقف مادي..سالم هذا قام بجولة حول العالم وكان بيقولو عبد الواحد رفض يوقع وطالب بمنصب نائب رئيس الجمهورية.. وكانت تلك فرية عجيبة بالنسبة لي فأنا اولاً ما مؤمن بثورة الانقاذ عشان هي تديني سلطة فالسلطة حق لنا كلنا.. وهي لا تملك هذا الحق عشان تصرف للناس السلطة وإذا كنت عايز اكون رئيس السودان فهو حق شرعي ولكن لا أتحصل علي ذلك بالديكتاتورية.. ولكن بسلطة الشعب وعبر التصويت في نظام ديمقراطي.
شاهدنا صورة لك مع الرئيس ابوسانجو في أبوجا.. كيف صارت علاقتك بالرئيس أوباسانجو أثناء المفاوضات؟
كانت لدي علاقة شخصية معه وتطورت إلى صداقة.. كنت أزوره في بيته وفي مكتبه.. المهم أن ابوسانجو كان يحاول يقنعني في تلك اللحظات حتى اوقع.. وكان يضغط علي عاطفياً بحكم علاقتي به.. لكن المهم الذي يجب ان يعرفه الناس ان الجانب العاطفي بعيد في اشياء "زي دي سواء كان الضغط من امي او ابي أو اي شخص أخر لأننا ناس واقعيين.. لأن هذا مصير ناس وليس امرا يخصني شخصيا وأنا لا تؤثر فيني لا ضغوط ولا اغراءات.."
في أي حالة يمكن أن توقع سلاما مع الحكومة؟
في كل الحالات أستطيع التوقيع إلا في حالة واحدة.
وماهي هذه الحالة؟
في حالة عدم نزع سلاح الجنجويد..
ألا ترى بعض صعوبة في تحقق هذه الحالة؟.
لا تهمني الصعوبة بقدرما يهمني " إنو دي وسيلة السلام..."
ألا يمكن أن يتحقق هذا الشرط بعد السلام....؟
طبعاً تجربتنا مع الانقاذ كانت صعبة وطويلة جدا وانا شخصياً خبرت الانقاذيين جدا.. وكنت دائماً اقول ان كل الاتفاقيات التي وقعتها الانقاذ مع الناس عبارة عن حبر في ورق، ومع ذلك أرجو من الله ان تفي الانقاذ بوعدها سواء الذي قطعته في إتفاقية نيفاشا أو ابوجا أو اتفاقية الشرق أو القاهرة .."احنا مشكلتنا مع الحكومة عدم الثقة..ثقتنا فيها صفر لأننا فاهمنهم تماماً. إحنا اكتر ناس فاهمين ناس الانقاذ ديل عشان كدا ما قدروا يخدعونا ابداً.."
ماهو المطلب الآخر بعد نزع سلاح الجنجويد.. هل هو منصب نائب الرئيس؟
ابداً.. توفير الامن ونزع سلاح الجنجويد وتعويض المواطنين فردياً وجماعيا وإرجاعهم إلى قراهم هذه هي كل مطالبناا..إضافة الي التعويض النفسي وذلك بمحاكمة القتلة "عشان الناس يقدروا تاني يعيشوا مع بعض"..وفكرتنا المركزية ان نضع مبادئ لتمكين السلام.. ولا يهمنا بعدها منصب نائب رئيس أو حتي رئيس جمهورية.."
اولكن كان هناك إصرار في أبوجا على منصب نائب الرئيس؟
كان ذلك جزء من المطالب على الورق ولكن لم يكن شرطا لتوقيع الاتفاق ولم نهتم به كثيراً...
نعود مرة اخري الي جانب النشأة..انت عشت في منطقة تداخل بين العرب والفور هل هناك تداخل في اسرتكم كتداخل دم ونسب وثقافات؟
طبعاً كان أصدقاء أبي منذ الصغر من العرب.. "كان عند ابي مخزن كبير وكعادة القبائل العربية دائما لديها رحلات الشتاء والصيف وكانوا دايما يمرو بينا ويختوا ممتلكاتهم في مخزن ابي سواء كانوا ماشين للجنوب او للصيد وكانت زالنجي في خط سير هؤلاء المراحيل.. ومنذ ان كنت صغيرا كنت أعرف عادات كتيرة عن العرب لأني كنت دايما اقعد مع ضيوف ابي وكانوا يهدونني الجلاليب وابي كذلك بديهم العسل."
هل تصاهرتم معهم، خصوصا وإنه نشر أن أصول عبد الواحد عربية؟
عمي شقيق ابي زوجته عربية وامها كذلك..."اجدادنا كتير جداً اتزوجوا عرب.. حبوبتي ام امي امها عربية يعني الجيل الرابع من قبيلة عربية..لا اذكر اي قبيلة لكن كانوا بيقولوا هوارة.. لكن الوالد فوراوي.."
هناك أقاويل بأن الفور يتحدرون من أصول عربية؟
لا.. لا.. ده تزييف ثقافي..هل ضروري عشان تكون سوداني لازم ترتبط بالعرب..؟ تار يخ السودان لا يبدأ بدخول العرب للسودان.. هذه الإدعاءات جزء من استلاب ثقافي وانا ارفضه بشدة "لأنك ما ممكن تكون سوداني إلا تكون اصولك عريبة.. عشان كدا بيقولوا ان الفور اصلهم عرب استناداً علي إنو تاريخ الفور بيبدأ بسليمان سولونق ومعني سولونق هو العربي.. لكن ده غلط انا عندي ود عمي اسمه ادم سولونق عشان لونو احمر مش لأنو عربي.." مثلاً الامريكي ممكن يكون ابيض واصفر واسود.. وابن عمي سموهو سولونق مش لانو عربي..بس لأنه لونو احمر وهو مربوط بالعروبة.. المشكلة إنو ناس الانقاذ دايماً بيحاولوا يسلبوا الزول إنتماءاته ويختوه في الانتماء العربي..يعني مثلاً انا عندي لهجة دارفور.. وداير اتكلم بلهجتي دي هناك في الخرطوم.. بس عندهم ما مقبوله وبيعتبروني متخلف.. ده اصلاً سبب الصراع في السودان لما يسلبوا هويتك ويدوك هوية جديدة ويعتبروا هويتك الاصلية دي شينة وحقيرة يجب التخلص منها دا البخلينا نحارب..في فهمي إنو اي زول في السودان متساوي للآخر ولكل زول هويته..انتا كونك عربي وكونك افريقي وكونك مسلم وكونك مسيحي وكونك لا ديني فهذا شئ يخصك..المهم إنو السودان هو حقنا وهو مكونا الذي نعتز به كلنا بالتساوي ولا احتاج انك تسلبني هويتي وتديني هوية جديدة عشان تديني الجنسية السودانية.. ده مرفوض عندي تماما واحاربه بشدة وهذه هي السلفية السياسية التي احاربها وبرضو يقولوا ليك ديل صليحاب.. إيه يعني هم أصلا برقو وهم افارقة ونعتز بيهم جدا وايضاً يقولوا ليك الفور اصولهم عربية نسبة لسليمان سولونق ما الفور تاريخهم يبدأ قبل سليمان سولونق ده أها كان اصلهم شنو.. انا اعتبر انو حالياً في وعي سياسي في السودان بس الناس بنكرو ده وأنا اعتبر نفسي ابن لهذا الوعي.. وانا اعتبر رد أصول الناس للعروبة اختزال لهوية الناس وتلبيسهم هوية جديدة وده بتعارض مع القيم والاخلاق الانسانية بانك تنزع هوية الانسان وتديهو انتماء جديد..وبالمقابل في ناس بقولوا العرب ديل كلهم اجانب ما سودانيين.. انا ارفض هذا أيضا..
يقال ان عدد القبائل العربية في دارفور اكثر من القبائل الأخري..؟
اعتبر ده غير حقيقي كل الدارفوريين اي زول بقبيلته.. السودانيين كلهم بقبائلهم.. لكن ولا اعرف ان كان العرب اكثر او الافارقة..المهم هم دارفوريين وسودانين....إنني أعتبر أن الصراع لا علاقة له بواقع كثرة عدد العرب أو الأفارقة في دارفور وما كان سبب المشكلة في دارفور وإنما سبب الصراع يكمن في الخرطوم.. أهل السلطة دائما بتعمل علي حث النعرة العنصرية بين أهل السودان واهل دارفور لشغلهم بذاتهم بينما هم يواصلون استمراريتهم في السلطة وهي ما نسعي نحن في الحركة لغيقافها بكل ما أوتينا من جسارة وقوة.. وسنسعي لتوحيد اهل السوان كجسم واحد وواعي على أن يلتفتوا لقضاياهم الاصلية المتعلقة بتنميتهم ووجودهم كشعب في الارض..نحن لا نهتم بما يقال بأن عدد العرب أكثر أو الأفارقة ما نعول عليه أن كل أبناء دارفور جسم واحد كما هم أبناء السودان..صحيح أن هناك قبائل وعشائر ولكننا في الحركة لا نحملها المسؤولية في الفشل فالذين يجب أن يكونوا محل المساءلة هم النخبة التي تأخذ نصيب الاسد من الحكومة ثم توزع الناس إلى عرب وأفارقة..نحن سوانيون ويجب أن ندير صراعاتنا وفق هذه الهوية وبذلك نستطيع أن نبني وطنا يسع لكل القبائل والعشائر، وكما قلت مرارا أن هذه هي مكوناتنا العرقية..فكيف يستطيع المرء أن يثور ضدها بينما أن السلطة هي المخرب الأول لهذا المكون..
اذن نستطيع القول انو مافي صراع أبناء الغرب وابناء البحر تاريخياً؟
ما يسمونه بصراع أولاد الغرب وأولاد البحر غير حادث وهذه التسمية جاءت لتفتيت الشعب السوداني..الذين يريدون أن يسيطروا على السودان والمحافظة على مصالحهم يقسمون الناس بطريقة "نحن وهم" كما أشرت إلى ذلك.
ولكنك هنا كأنك تريد نفي مقولات تشير أنه يوجد صراع داخل المكون السوداني..هل تؤمن بأن هناك صراع بين مجموعة من الناس الذين إستولوا علي السلطة تاريخيا؟
نعم...فالحكومات تحاول تحويلنا إلى أعراق محتربة "ويقولو جلابة ويقصدون الشايقية والجعلية والدناقلة.. ولكن نجد اصلاً الشايقي شالو نخلو والجعلي ممكن يكون اتشرد وشالوهو للصالح العام او طردوه او قتلوا لأنه ما اسلامي ولو كنت دنقلاوي من الممكن يعتقلوك من بيتك ولا يعرف أي زول مصيرك..نعم يمكن الاغلبية من صفوتنا يكونوا من الشمال لأسباب تاريخية انت بتعرفها زي التعليم وغيره..لكن احنا بنقول ان الصفوة ديل ما عندهم قبيلة..انا عندي قريبي اسمه احمد يوسف حسي بقي مع الحكومة وهناك عمل لينا مركز تاني في دارفور..وحتى لو قلنا الخرطوم مركز..لكن المركز فيهو كم هامش وشوف ناس الحاج يوسف وأمبده والدخينات وغيرو.. في المنشية مثلاً في كم هامش.. تلقى زول ساكن مثقف ومتعلم وعندو قروش لكنو محروم من اتخاذ أي قرار في البلد لأنو ما بنتمي للحركة الاسلامية ولا يستطيع يتخذ قرار اقتصادي او سياسي او اجتماعي للبلد ولو اتكلم يقولوا ليهو انتا عميل اسرائيلي خاين ويودوهو السجن.. ودي سياسة المؤتمر الوطني والتي حاولت أن تشق الطرق الصوفية برضو ويخلوا الناس المتدينين داخل طريقة واحدة منقسمين.. لاحظ كل المشردين والناس الجو امريكا فيهم الفوراوي والجعلي والشايقي والجنوبي والمسيري ولو كان السودان بستوعبهم ما كان جو اصلاً لأنهم وجدوا هناك اضطهاد عرقي او سياسي او ديني او ما لقو سبل تعليم او عمل وكسودانيين صفوة عليهم أن يحاربوا والنظام القاعد مرتاح هناك وقسمهم جلابه ودارفورين و جنوبيين ومسلمين ومسيحيين يتقاتلوا فيما بينهم. نحن امامنا عمل هائل ولا بد أن نخلي السوداني سوداني بانتمائه ومكونه الإتولد بيهو وانا مؤمن بالله أقول إنو لو كان ممكن ربنا يخلقنا كلنا عرب أو افارقة لإستطاع بس هو دايرنا كدا عشان نكون سودانيين.
ومن هم الجنجويد في تعريفك؟
الاغلبية الساحقة منهم عبارة عن القبائل العربية الرحل التي ليست لهم حواكير والبعض أتوا بهم من الدول الاخري لأجل أن يحاربو لصالح الحكومة ضد القبائل الافريقية التي سموها بالزرقة.. لانو الحكومة في فهمها اني انا عبد الواحد ومني من قبائل افريقية ومفروض يحاربونا.. وكان في اتفاق بينهم مع الحكومة ويقول الإتفاق لهم "بأن تقتلوا الناس ديل وتحرقوهم وتشردوهم وكل ممتلكاتنا هي عبارة عن غنائم وتستولوا على اراضيهم وتسكنوا فيها" ولقد قاتلوا بضراوه لجهلهم انهم ينفذون سياسة فرق تسد.. والآن اغلب الجنجويد عرفوا الحقيقة إلا الزول العندو مصلحة لأننا قعدنا معاهم وشرحنا ليهم اهدافنا والآن جزء منهم انضم للحركة وبعضهم عملوا حركات بيحاربوا ضد الحكومة.. وده كان عمل شاق وجهد قمنا بيهو لإقناع من حاورناهم..
وهل يعني هذا أن الجنجويد لا يمثلون القبائل العربية في دارفور أو أن القبائل العربية تنظر إليهم بأنهم لا يمثلونها ؟
هناك الكثير من الخلط حول هذا الجانب وأوضح أن 90 % من القبائل العربية التي لديهم حواكير لم تحارب ورفضت أن تقف بجانب الحكومة وانا لا أريد أن اذكرهم بالتحديد.. حتي بعض مشايخهم قاوموا كلموا الناس بالمايكرفون قبل ما الحكومة تجي تعمل التعبئة بتاعتها وتحرضم علي الحرب وبعملوا تعبئة مضادة واصطدموا مع ناس الحكومة.. ويعني هذا ان الكثير من القبائل العربية ما عندهم علاقة بالجنجويد.. وفي بعض منهم في الحركة كقيادات وبقوموا بعمل سياسي كبير ولا يمكن ان اذكر اسماءهم تحديداً حفاظاً على سلامتهم.
وهل نستطيع القول أنه لا يوجد هناك صراع بين الحركات المسلحة والقبائل العربية؟
انا لا أمثل كل الحركات المسلحة ولكن اقول أن حركتنا التي أقودها..نحن ليس لدينا أي علاقة بصراع ديني أو عرقي ونحترم مكوناتنا ونعتز بها مكوناتنا وظللت مرارا وتكرارا أؤكد هذا..
وهل المكتب السياسي للحركة يضم قيادات عربية؟
بأعداد هائلة.. والحكومة فشلت في ان تعمل تعبئة في القبائل العربية مثلما هو حادث في الأول لأننا ساهمنا في توعيتهم وهم عرفوا الواقع واعتقد اننا بذلنا جهدا سياسيا هائلا في هذا الجانب لذلك..وأكشف لك سرا أن المسؤول الاستراتيجي لحركة تحرير السودان ومن المؤسسين هو حافظ يوسف وهو من اصول عربية وقبيلته عربية ومن القبائل النشطة جداً.. انا وأعضاء الحركة ما مؤمنين بفلان عربي وما عربي.. قلت لك من قبل أن الحركة لكل السودانيين بكل مكوناتهم وثقافاتهم واعراقهم.
* وهل لديكم بعض القادة من الوسط النيلي؟
نعم وبأعداد كبيرة..المسؤول السياسي لحركة تحرير السودان في دارفور هو من شمال السودان وتحديداً من شندي.. من الجعليين وموجود داخل السودان وكل الناس بتلقوا التعليمات منه وبنزلها ليهم وما في زول حس مجرد احساس انه في مشكلة.. الشخص بكفاءته وليس بقبيلته.
الإعلام الحكومي خلق تخوفا من الحركات المسلحة..كيف ترى اسباب هذا التخوف التي يستند إليها هذا الإعلام؟
نعم.. تقسيم الناس الي نيليين وشماليين ودارفوريين لم يتم عبر حركة تحرير السودان والأجهزة الإعلامية للحكومة هي التي تقول ديل ناس دارفور دايرين يجو يستلموا السلطة في النيل والسلطة كما نعلم هي ملك وحق للشعب السوداني سواء كان جذوره منت النيلي او الشرق او الغرب او الجنوب وحركتنا تتكون من كل هذه الجهات.. وعندما نقول حق المواطنة نقصد بها مكوناتها هذه فكلها متساوية تماما في الدولة.. نقول للناس في المنطقة المسماة بالوسط النيلي أننا ليست لدينا قضية ضد المواطنين هناك، ولهذا ليس هناك من سبب للتخوف من نضالنا وأؤكد أن هذا الوهم والخوف صنعته الانقاذ وهي دائما ما تنمي ثقافة الخوف لدى الشعب. وتشهد أنني في كل ما ذكرت في هذا الحوار لم أتفوه بكلمة أو تعبير ضد السوداني العربي أو الافريقي او ضد الاسلام او ضد المسيحية أو اي شئ يدل علي العنصرية... حتى ننهض بالسودان لابد أن نقر بأن كل مكونات السودان على "العين والراس والكلام ده بصدر من اعماقنا ومجرب في سلوكنا".. نحن في الحركة ليس لدينا اي إحساس أو غبن ضد ما يسموه بالوسط النيلي وثورتنا لم تأت ضد قبائل أو مناطقنا وعدونا جميعا هو الفكر السلفي السياسي الذي يقسم الناس إلى مناطقهم الجغرافية وقبائلهم..وكل زول يعتز بقبيلته لن نغير إعتزازه وسيكون كما هو وسيكون كما يشاء وأي شخص يريد أن يقلب هذه الحقائق سنحاربه...إسم حركتنا هو حركة تحرير السودان وليست هي قامت لتكون ضد أفراد..أو قبائل.
يعتبر دريج من السياسيين القدامي الذين إهتموا بقضايا دارفور ولكن ألا ترى أن الحركات المسلحة لم تعطه أي دور أثناء التفاوض مع الحكومة والمجتمع الدولي؟
اولاً اكن للأستاذ أحمد ابراهيم دريج كل تقدير واحترام وهو رمز له الكثير من الادوار التاريخية في التنبيه لقضايا دارفور منذ تكوينه لجبهة نهضة دارفور في الستينات ونحن في حركة تحرير السودان جينا بفكر وطرح الدولة العلمانية الليبرالية الديمقراطية التي تفصل الدين عن الدولة وقدر دريج ان لديه تنظيمه والمبدأ السياسي الذي يؤمن به.. لكن ما عندنا معاهو مشكلة وحرية تنظيمه جزء من مبادئ الحركة...
وهل تحاورت معه فيما يخص المشكلة الدارفورية وإذا كنت ترى أنه رمز سياسي هل استفدتم في التنسيق بينكم وبينه؟
التنسيق مع السيد ابراهيم دريج يحتاج إلى كلام طويل ومشكلتنا مع دريج أنه يوجد فارق اجيال.. يعني نحنا جينا بفكرة محددة ونؤمن بها بشدة وهي النافذة الوحيدة لخلق سودان موحد وننتهي من الصراعات الدموية منذ الاستقلال لليوم، وهو ما نؤمن به ايمانا عميقا وهناكالبعض الذي يؤمن بما نؤمن به ولكنه غير قادر على إعلان هذا الرأي.. لأنهم بفترضوا أن هناك اضطهاد اعلامي وحصل ليهم حاجة سيكولوجية.. نحن استفدنا من اخطاء الآخرين واعلنا ان فصل الدين عن الدولة بعد ما هيأنا المواطن.... وإذا كان دريج يؤمن بهذا الخط فنحن يمكننا أن نتحاور معه وننسق لمصلحة البلد.
نترك السياسية جانبا ونعود إلى جوانب من الذكريات...فأنت قلت إنهم كانوا ينادونك في المدرسة بالشاعر ابن زيدون..هل كتبت أي شعر باللغة الفوراوية؟
"ابداً باللغة الفوراوية ما كتبت شعر.. لكن اصحابي كانوا بكتبوا باللغة الفوراوية.. والآن اللغة الفوراوية أصبحت تكتب وهناك معاهد بتدرس اللغة في مايو والحاج يوسف.... كتابتي كانت باللغة العربية.. ولقد كتبت شعرا كتيراً وربما أنشره يوما.."
* في اي مجال كنت تكتب.. في الحبيبة أم في الوطن..؟
طبعاً في فترة المراهقة دايما الشعر بكون في الحبيبة...
وهل تذكر لنا مطلع شعري من ذلك الزمان؟
مثلاً كتبت وقلت في المتوسطة:
اذا سألت العصفور اين قاصد...
لأجاب أحمل تحيات لعبد الواحد..
ودي من القصائد المشهورة وكان زملائي في المتوسطة بيطلبوا مني اقراها ليهم وكان اساتذتي يشجعوني للمضي قدما في الكتابة الشعرية.
ذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذ
الاستاذ عبد الواحد محمد نور، قائد حركة تحرير السودان لـ"سودانايل" (4 - 5)
حاوره في واشنطن: صلاح شعيب
جون قرنق أرسل لنا طائرة بعد أن حاصرتنا قوات الحكومة
في الميدان إنكسرت يدايا .. وقام المقاتلون بإطعامي في فمي
مصطفى سيد أحمد روحني مع "الطيور" و"البت الحديقة"
بعد مقتل بولاد قامت الحكومة بحملات تطهير عرقي بواسطة الجنجويد
وضعونا في معتقل أشبه ب"قفص الدجاج" والفريق الطيب عبد الرحمن مختار أحسن معاملتنا
"قابلتو مع البياح".."كدراوية".."جوبا"..هذه هي أغنياتي المفضلة عند نور الجيلاني
قال الأستاذ عبد الواحد محمد نور قائد حركة تحرير السودان لـ"سودانايل" إن الزعيم الراحل جون قرنق ساعد حركته يوما وأرسل له طائرة لإخلائه بعد أن تمت محاصرته من قبل قوات الحكومة في دارفور. وقال نور إنه"لم تكن له علاقة بالمرحوم داؤود يحي بولاد، مضيفا أنه سمع به ولم يتوفق في مقابلته أثناء بدء خروجه عن صف الحركة الإسلامية وقيادته لحركة تمرد ضد حكومة الإنقاذ في منطقة جبل مرة إبان التسعينات. وقال قائد حركة تحرير السودان في "الحوار الخاص" إنه يولي إهتماما كبير بالأدب وظل يكتب النثر ولا يزال يحتفظ بهذه الأعمال حتى الآن.
قلت إنك كتبت الشعر وماذا عن النثر؟
نعم كتبت الكثير من النثر وحتى الان أحتفظ ببعض هذه الأبيات... وكانت إهتماماتي الأدبية كبيرة وكنت أحفظ للشعراء كالمعلقات السبعة والعشرة وانا في المتوسط واكتر معلقة أعجبتني هي معلقة عنترة ابن شداد وكنت معجبا بها أيما إعجاب.. لأن عنتر عاش في بيئة وحياة جعلتني أتعاطف معه جدا.
وهل من مقارنة بين بيئته وبيئتك الآن؟
بيئتي لم تكن مثله فأنا تربيت وسط اهلي..
وما هي أكثر الأبيات التي أعجبت بها في معلقة عنترة؟
يعجبني في قصيدة مشهورة في قصيدته اللامية :
حكم سيوفكم في رقاب العزل
واذا نزلت بدار ذل فارحل
حتي يصل الي :
وأنا ابو سوداء الجبين كأنها
ضبع ترعرع في رسوم المنزل
الساق منها مثل ساق نعامة
والشعر منها مثل حب الفلفل
والثغر من تحت اللثام كأنه
رق تلألأ في الظلام المسدل
يا نازلين على الحمى ودياره
هلا رأيتم في الديار تقلقلي
إلى أن يخلص:
لا تسقني ماء الحياة بذلة
بل فأسقني بالعز كأس الحنظل
وهل تعاطفت معه لأنه أفريقي الجذور؟
ابداً كان تعاطفا انسانيا لأنه كان يتميز بخصال الفروسية.. ولكن كان الناس ينكرون عليه إنسانيته ولقد فجر عنترة مشاعر انسانية هائلة وحول فرسه لإنسان وقال في فرسه كتيرا من المعاني إذ أنشد:
وشكى إلى بعبرة وتحمحـم
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى
ولكان لو علم الكلام مكلمي
ولقد شفى نفسي و أبرا سقمها
قيل الفوارس ويك عنتر أقدمي
والخيل تقتحم الغبار عوابسا
ما بين شيظمة وأجرد شيظم
فحتى مع فرسه كان عنترة في علاقة حميمة.. و"الصفة دي ما كانت موجودة وقتها فالناس كانوا في حرب وقتل وما بهتموا بالفرس بس لتحقيق مآربهم الخاصة ولكن هو كانت علاقته خاصة مع حصانه"
هل تحقق نموذج عنتر في دارفور؟
لا.أعتقد
ومن خلاف عنترة لفت نظرك في الأدب العربي الجاهلي؟
من الشعراء الذين عتز بهم جدا كان هناك أبو فراس الحمداني.. وقصائده هائلة واثر في تكويني وتجده يقول ساعة الاسر:
فليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر
وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين
وكل الذي فوق التراب تراب
وهذا يدل على نكران ذاته بعد ان حافظ علي علاقته مع اخوه وابن عمه من أجل المصلحة العامة وتحمل الأسر لسبع سنوات رغم انه كان اميرا.. لذلك احفظ له العديد من القصائد.. واشعر إني قريب جداً لهذا الشاعر...
وماذا عن أبي الطيب المتنبئ؟
اهم ما كان يهمه هو مدح الحكام.. ولكني لا أحب مدح الشخص لآخر واكره جداً التملق.. ومفروض العلاقة بين الناس تكون عادية وندية ولا احب التملق نهائيا.
وهل أعجبت بشعر سوداني؟
طبعاً عبد الله الطيب.. ومحمد المهدي المجذوب.. "أرتضع السجارة وهي انثى تغفو في يدي وتستنيم".. وكذلك التجاني يوسف بشير ولشعره اثر علي حبي للأدب وكان التيجاني يوسف بشير عبقريا في زمانه..
قلت أن فنانك المفضل نور الجيلاني..ولكن ما هي أجمل الأغاني التي تجد نفسك فيها؟
نعم النور الجيلاني هو فناني المفضل.. و"حافظ اغاني كتيره ليه.. انا بسمع ليهو من السبعينيات.. أحب الأغنيات إلي قابلتو مع البياح وكدراوية وجوبا.. ومره صادفتو في الخرطوم في الجامعة وقلت ليه انا بحبك جدا..وردي بحبو جداً.. بس مرة لاقيت وردي في بيت صالح محمود..وطبعاً صالح شيوعي وبتربطو علاقة تنظيمية بوردي في الوقت داك ووردي عندي معاهو صور..ومرة جا يغني في نيالا تقريبا سنة 87 وبسبب المطر اتلغت الحفلة وجا في الاذاعة اعتذر وغني تاني..ومعرفتي بوردي الانسان اكتر من الفنان.. وكنت حتي بحفظ اغانيه بالبرطانة رغم اني ما فهمتها الا لما قابلت واحد في الخرطوم شرحها لي.. وبستغرب انو الناس بيقولوا إنو وردي متعالي ومتكبر فأنا كان كان عمري 18 سنة تقريبا لما قابلتو وكان بقعد معاي وبتونس معاي كأني شخص كبير ودا غير مفهومي عنه لأني كنت بسمع انو متعال.
وماذا عن مصطفي سيد احمد؟
كنت بحبو جدا لما يغني بلابل الدوح وغدار دموعك... لكن لما رجع للطيور روحني مع الطيور و"البت الحديقة" بعد داك ما كنت بستمع ليهو ودا اكبر خلاف كان بيني وبعض زملائي.. لأني ما كنت بفهم أغانيهو الجديدة لأني لا إستلطف الشعر الرمزي نهائيا..
ألم تغن يوما؟
أستطيع أن أغني بالرطانة..
كيف كان الرباط بينك والثقافة القومية وأنت بعيد في زالنجي النائية؟
ثقافيا الحكومات خلتنا ما نرتبط ببلدنا نهائي..هناك ما عندك تلفزيون..واذاعة ام درمان ما كانت بتجي إلا بالليل خالص إلا تكون منتظر تسمع نتيجة كورة او حاجة معينة.. وعلي العكس إذاعة تشاد كانت بتجي بصورة واضحة جداً حتي الدولة كانت الحكاية دي خسارة ليها لإنو اذاعة ام درمان ما بتصل الاذاعة ما كان بتخاطب منطقتنا ولاتشعر بأي علاقة بينك والاذاعة وبينك وبين بلدك..
ورغم ان زالنجي كانت مدينة يعني فيها مدارس وكدا إلا انها كانت مدارس بالعون الذاتي من الأهالي.. واذا طلعت منها ميلين تفقد كل معاني المدنية.. لا طرق لا مدارس لا أمن.. ورغم كدا الدولة كانت بتلاحق المواطنين في مزارهم وتاخد منهم الضرائب.. ومن اكثر الاشياء الحزت في نفسي ودفعني للتمرد مشيت سنة 90 الي سوق كتروم في جبل مرة.. جات إمرأة عندها ريكة مليئة جوافة وجوها ناس الزكاة.. واقول لك بكل صدق انها ما كانت فاهمة معني الزكاة.. فقالت انها تذكي كل سنة لأنو الناس متمسكة بالفروض الإسلامية..يعني الناس بتجمع الزكاة بتوديها للشيخ أو السلطان أو الادارة الاهلية زي ما متعارف عليه من زمان.. وقالوا ليها انهم ديوان الزكاة.. وما رفضت بس طلبت إنهم ينتظروها تبيع حاجاتها وتديهم.. لكن رفضوا وفي النهاية قالت ليهم خلاص شيلوا كل حاجاتي لأني ما عندي قروش ولما جات تشيل الريكة رفضوا يدهوها ليها.
وفي مدخل زالنجي ..في جبل عصيدة مشيت عشان اذاكر سنة 2001 والجامعة كانت مقفلة بسبب المظاهرات وفي شهر 11 في زول عندو شوالين بامبي شايلهم في جمل مسكوهو ناس الزكاة..والناس ديل بعرفهم انا شخصياً.. وطلب منهم الرجل يدوهو زول لغاية ما يمشي يبيع حاجاتو في السوق ويديه حق الزكاة الطالبنو.. ولكنهم رفضوا واصروا إنو يديهم فأداهم البامبي كلو ورجع بجمله.. وهذه الاحداث ليست صدفة ولكنها جزء من نظام دائم في المنطقة..
هل كانت لك علاقة مع المرحوم بولاد؟
"لم تكن لي معه اي علاقة سمعت بيهو ولم اتوفق اني اقابله ومشكلته التي اثرت فيني هي الذي واجهه بعض تمرده.. ناس الحكومة مارسو نفس حالات التطهير العرقي الحادثة الآن لكنها كانت سريعة ووقتها قتلوا الناس وشردوهم بنفس طريقة الجنجويد.. وكنت حينها في زالنجي.. حتي بعد ما قتلوه كانت الدولة بتجي تمارس عنصريتها وتقول عليهم الخونة..القتلة..المرتزقة واعطت الضمان للجنجويد إنهم لما يجو مارين يقتلوا الناس ويرددوا في عبارات عنصرية كالعبيد بإيعاز من الدولة.. ولما يمروا بمزارع المواطنين يدخلوا جمالهم عشان تأكل في المزرعة واذا اعترضت يقتلوك.. كل ده كان تحت حماية الدولة. وبنفس الطريقة اذا مشيت الخلا وشفتهم كانو دمويين جدا يقاتلو احيانا بعضهم ويقتتلو بالجملة.. ناس الدولة كان بيستغلوا مواطن دارفور لتنفيذ اهدافهم وبزرعو الفتن بين الاهالي.. مثلا يقولوا ناس التمرد فيهم مسيحيين ولابسين صليب واحياناً لأنهم في عقلهم الباطن الحكومة عشان ما يفكروا في اي حاجة تخليهم يقاتلوا بعض عشان كل طرف يكونوا محتاج للمؤتمر الوطني او للحكومة عشان تحميه لتنفيذ سياسة فرق تسد وتصالحهم وقت هي عايزة.
حين بدأتم العمل العسكري هل وجدتم اي دعم من الخارج في البداية في شكل قروش أو سلاح؟
للأمانة والتاريخ لم نجد أي دعم باي شكل كان.. انا ما اقدر اصف ليك كرم الناس الدعمونا.. ممكن الليلة انا انسي زول حتى لو اداني مليار لكن ما ممكن انسي زول اداني كل الفي بيتو وهو ألف جنيه.. في ناس ادونا كم كورة عيش أو كم كورة كول أو ويكة.. واحياناً يخلوا اولادهم يخشوا جيش الحركة..انا كنت ولأني من منطقة جبل مرة وتعبت جدا في اقناع الناس بتقبل الفكرة في البداية بحكم تنوع القبائل الموجودة هناك..وكل الاشياء الجميلة والايجابية الذكرتها عن اهل المنطقة كانت سببا لأن اقعد مع الاهالي واتناقش معاهم وأزيل مخاوفهم.
كم كان عددكم الكلي حينما بدأت حركتكم؟
"..نحن كنا في جبل مرة بالمئات.. ناس مني أركوي ديل لما جونا كانوا 17 شخص لكن الناس كانوا بيجوا وبيرجعوا للحلال عشان يمارسوا حياتهم كانوا أكثر.. كان صعبا جدا وقتها انو الناس يخلوا حياتهم ويجو يقاتلو ويقعدوا في معسكر واحد بسبب طبيعة الحياة هناك. لكن ما بيمانعوا انهم يشاركوا معانا في كم معركة ويرجعوا لمناطقهم.
هل كان يوجد عمل تأميني للمعسكر؟
طبعاً كانت هناك تأمينات هائلة
ألم تستطع الحكومة إختراقكم؟
نهائيا لم تستطع.. "ولو كان في اختراق كان قتلونا في الوقت داك.. كانت استخباراتنا قوية جداً لا يمكن اذكر ليك طرقنا في الاستخبارات.. وكل ما تقوم به الحكومة بنعلم به"
وما هي أول عملية قمتم بها.. ؟
عساكرنا بعد أن تدربوا شعروا انهم تدربوا بما فيه الكفاية ولازم يعملوا حاجة... انا كان رأيي مخالف إنو لازم نتريث.. كنا انا ومني في القيادة..مني مشي نيالا عشان يجيب قروش من هناك.. وكان مفروض ألاقيهو عشان نمشي ..المهم العساكر فضلوا هناك في المعسكر.. وتوكلوا وضربوا "قولو" كانت دي اول ضربة في يوم الثلاثاء 8/7/ 2001 وبعدها اعتقلتني الحكومة يوم 10 ولما جيت كان المعتقل كان أملي إنو مني ما يمسكوهو.. ولما اتأكدت إنو مني وصل بالبص وصيت ليهو بإنو يختفي وما يظهر في المحطة..
وكيف تم إعتقالك؟
انا كنت في زالنجي وقعدت يومين لغاية يوم الخميس عن قصد.. وفعلاً تم اعتقالي في نرتتي.. كنت ماشي اضرب تلفون لإنو كان تلفون هوائي ولازم اضرب من هناك.. كنت متوقع يعتقلوني لأنهم اعتقلوا ناس كتار ومنهم العمدة.. ودي كانت اول عملية عسكرية للحركة..
ولماذا كنت ترى تأخير الضربة؟
انا كنت أرى انو الجيش ما كان مستعد لعمل عسكري لإنو كان ناقصانا قروش وحاجات تانية.. المهم انا بعد ما اعتقلوني وانا جوه عرفت انو مني اتمكن يمشي فوق.. وتميت كم شهر في المعتقل.. ومرة تانية ضربو "طور" .
ومع من من القياديين أعتقلت؟
اعتقلوني انا وبابكر محمد عبد الله حاليا وانشق مننا وكذلك د. جعفر عبد الرحمن لانو كان صديقي وانا دايما معاهو ودخلونا كلنا في السجن وبعد داك سفرونا نيالا..
كيف كانت المعاملة في السجن؟
كانت أسواء معاملة..كنا في قفص مثل بيت الدجاج تقريبا 16 متر مربع وكنا 14 شخص..القفص ما كان عندو اي فتحة تهوية كان هناك الباب فقط..قضينا في الغرفة دي اكتر من 36 يوم ومرضت بالملاريا وكدت أن اموت ورفضوا يعالجوني وكنت بعاني من رئتي لانو مافي تهوية.. والغريب كنا بنتعارف احنا وضباط الشرطة والامن بحكم ان زالنجي مدينة صغيرة ونحن بنتعارف في اماكن عامة بتلمنا ومع ذلك لم يكن هناك أي تعامل انساني.. وقلنا ما مشكلة اننا كنا معتقلين وهم ناس امن مفروض ده شغلهم ولكن حتى الحاجات الانسانية ما كان موجودة وحتى المحكوم عليه بالاعدام ينفذ فيهو الحكم برحمة.. كان ده مثال للعقلية الصفوية الأنا بحاربها..عاملونا كوحوش في المعتقل.. وما أذكره انهم مسكوا مئات من الناس ومن ضمنهم استاذ "نصر الدين......" وعاملوهم معاملة سيئة لكن ما قدروا يكسروا ارادة الناس وبالعكس كان سوء المعاملة زرع في نفوس الناس ثورة حقيقية ولقينا تعاطف من كل الناس.. حتى من الرفضوا التعبئة العملناها في الأول..
ثم ماذا بعد الإعتقال؟
نقلونا الفاشر لكن مدير جهاز الأمن رفض استلامنا.. جابونا نيالا تاني..وكان الوالي الفريق الطيب عبد الرحمن مختار...كان شخصا محترما واكن ليه كثير تقدير واحترام لانو زارنا في السجن وهو من ابناء المنطقة.. فرق تماما بين موقعه كوالي وعلاقته الخاصة مع اهل زالنجي كان بيدخل جوه الغرفة الإحنا معتقلين فيها..وكان انسان نبيل وسمح لينا ناكل كويس ونشرب كويس ويخيرنا ناكل شنو كمان..
في هذه الفترة زادت اصراري علي سلامة افكاري.. حتى الناس المعتقلين معاي قدر ما عذبوهم ما قدروا يطلعوا منهم اي معلومة لانهم اصلاً ما كان بيملكوا اي معلومات..موقف المعتقل دا انا ما اخدتو بصورة شخصية لكن كنت بفكر فيهو بصورة عامة لانو ما ممكن يكون في عدم معاملة انسانية للدرجة دي.. كان في اهانة بشرية مرتبة عشان تشعر بالاذلال والدونية.. كان في ناس كبار عندهم سكري وما بخلوهم يتبولوا..
وهل كان كل أفراد الأمن يقاسون في معاملتكم؟
علي العكس كان في ناس كويسين في الامن.. كان في ضابط امن اسمو "مدثر...." حتي الان اهل زالنجي بيعرفوه كويس كنت قبل ما يعتقلونا كنا اناقشوا وبقعد معاهو وهو بيجي يقعد معانا ويناقشنا ويدافع عن الحكومة ويسمع راينا بصراحة لما نهاجم الحكومة ونقول ليهو الحكومة عملت وعملت وكان بيجي في البيت.. وانا شخصيا اذا كان ناس الحكومة مثله كل مشاكل السودان اتحلت..
كم استمرت فترة الاعتقال؟
استمر اعتقالنا 38 يوما في زالنجي و18 يوم في نيالا... ولما تاني ضربوا طور بتخطيط من صلاح بوب وعبد الكبير وقد توفي حالياً وهو كان نائب القائد العام وكانت ضربة قوية جداً.. كتير من السياسيين من الفور طالبوا بإطلاق سراحنا.. وعملوا مؤتمر بموجبو افرجوا عننا..بعد داك عدت للجبل وواصلت النضال.
هل خضت معارك بشخصك؟
كتيرة جداً وفي منطقة وادي صالح.. خضنا معارك صعبة وشرسة جداً وكان لازم اخرج من المعركة حي.. ولا استطيع اديك تفاصيل اكتر..
أين كانت اول معاركة في حياتك؟
في منطقة سندو.. احياناً يهاجمنا الجنجويد.. واحياناً الحكومة تقوم بكمين اثناء التعبئة البنقوم بيها في القرى بغرض تصفيتنا.. لكن كان لازم نواصل التعبئة ونجيب الشباب معانا.. ولاني انا رئيس الحركة لازم كان امشي بنفسي.. ومن اكثر المواقف الحزينة.. ان بعض الناس الإنشقوا ولانهم عندهم قروش شالوا كل السلاح.. ومشوا بيهو الشمال عشان يفهموا انه احنا خلاص انتهينا.. وتكون الحركة والثورة انتهت وخلقوا واقع جديد.. فقدنا مئات من العساكر والسلاح.. لكن بعد ده لقينا مساعدة أكبر وتعاطف اكبر من المواطنين..في ناس باعوا كل ممتلكاتهم عشان يدعمونا وولاءهم بقى اعمق.. لكن المشكلة في ناس اعترضوا طريقهم قبل ما توصلنا الحاجات دي...
وما هي اسوأ الظروف التي جابهتكم في الميدان؟
بعد إختلاف حدث بيننا وجدنا أنفسنا نتكون من 13 عسكري تقريبا وببنادق معطلة.. وكده حسينا الثورة شبه انتهت ووقتها الحكومة طاردتنا لغاية راس الجبل.. وبقيت انا شخصياً مطلوب من اكتر من جهة حتى من الاهالي الدفعوا لينا القروش والسلاح.. وخلاص بقينا قاعدين في الجحور... لكن لقينا انه دا ما حل. ومن اجمل الاشياء مرة في صلاة الجمعة وانا مطلوب حتى من الاهالي نزلت للناس في الجامع وقلت ليهم: انا عبد الواحد ابنكم المتمرد.. كانوا اكتر من مئة نفر أو مئتي نفر وقلت ليهم انا عبد الواحد وانتو كلكم بتطالبوا بسلاحكم عشان زول بعينو اهو في النهاية الناس شالوا سلاحم وفاتوا..وديك الحكومة جات حرقت الحلال بتاعتكم وانا كان دايرين سلموني ودوني للحكومة لكن في النهاية برضوا حتجي تحرق الحلال.. واستخدمت كل بلاغتي والآيات القرآنية وامثالنا العامية وكل الشجاعة الممكنة.. الناس اتأثروا جدا وفي ناس بكوا..في نفس الليلة وصلتنا 300 بندقية.. وفي اسبوع كسبنا ناس وتعاطف اكبر والحركة رجعت اقوي مرة تانية. وكان هذا موقف مؤثر جداً..
وماذا تم بعدها؟
الاخ احمد عبد الشافع مشى غرب زالنجي وعمل جبهة هناك.. وكذلك الاخ "........." عمل جبهة تانية وفي اقل من شهرين او ثلاثة عملوا اكتر من عشرين معسكرا.. وكان لازم اتكتم عشان ما اعلن انو في اي انشقاقات عشان الحكومة ما تنفرد بكل المجموعة وتتخلق الفتنة بينا..
وهل واجهت لحظات عصيبة بين الحياة والموت؟
كتيرة جداً.. واي شخص مننا لازم يكون اصيب بطلقة علي الاقل.. ومرة كنا محاصرين لكم يوم.. وما ممكن انسي انو مرة د.جون رسل لينا طيارة واحنا محاصرين عشان نمشي المفاوضات في نيروبي..ومرة كنا محاصرين وذخيرتنا كملت بعد ما الحكومة رسلت جنجويد بأعداد هائلة وبرضوا اكتر من مرة الحكومة رسلت ناس وجواسيس عشان يغتالوني.. واكتر حاجة مؤلمة انك تفقد زملاء اعزاء..ومرة كنت قاعد بتكلم مع ناس في تلفون الثريا.. ولما مشيت أتبول وجيت لقيت اتقتلوا بس احنا اتنين الطلعنا..كان هذا من المواقف المؤلمة جداً..ومرة وقعت من الحصان لانو التعبئة مرات بتكون في اماكن وعرة واتكسرت يدي وبعد اقل من اسبوع اتكسرت يدي التانية لدرجة انو كان المقاتلين بيأكلوني في خشمي.. كان دي حاجة عاطفية شديد.. ومرة اثناء الحصار لعب الاخ حسين صالح دورا حاسما في حمايتنا.. وكذلك اذكر كرجكولة... ومرة في زول استشهد وهو ما عندو علاقة رسمية بالحركة بس كان بيجيب لينا معلومات.. وفي مرة طلعنا وكنت متقدم عشان استطلع معاهو اتهاجمنا وهو استمات عشان يحميني أنا.. في حاجات ما اقدر اوصفها أو أنساها.. المهم الورتني ليهو الثورة انو الناس متحمسة للثورة بس مجرد ما تحصل ليهم التعبئة الحقيقية بتحولوا لمقاتلين مؤمنين بالقضية.
ذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذ
الاستاذ عبد الواحد محمد نور، قائد حركة تحرير السودان، في حوار خاص لـ"سودانايل": "5ــ5"
تحررنا من الكراهية العرقية والدينية جعلنا نفتح مكتبا في إسرائيل.. وكم دولة عربية لديها علاقة رسمية مع اسرائيل..؟
لم أفكر يوما في إنفصال دارفور..وللدارفوريين تأثير تاريخي واجتماعي وإقتصادي وسياسي على السودان
الجرائم التي إرتكبها قادة "الجبهة الاسلامية والمؤتمر الوطني" بإسم الدين تفوق ماقامت به إسرائيل
إعتذر للإخوة الجنوبيين..ولكن لا بد من محاكمة أمراء حرب الجنوب عبر محكمة الجنايات الدولية
فقدنا عددا كبيرا من الشهداء وسيأتي اليوم الذي نخلد فيه ذكرى كل شهداء الحركة
دافع الاستاذ عبد الواحد محمد نور قائد حركة تحرير السودان عن القرار الذي أتخذته الحركة بإفتتاح مكتب لها في إسرائيل، مضيفا أن عوامل الشجاعة والتحرر من الكراهية وخدمة المواطنين السودانيين في إسرائيل هي التي قادت إلى ذلك الفعل. فيما تسائل نور في الحلقة الأخيرة من الحوار عن عدد الدول العربية التي تقيم علاقات رسمية وسرية مع دولة إسرائيل.
حاوره في واشنطن: صلاح شعيب
*خطوة افتتاحكم مكتب الحركة بإسرائيل واجهت بالعديد من الآراء السالبة تجاهكم سواء داخل السودان أو خارجه..إلى أي مدى تقيمون رد الفعل السوداني والعربي..؟
كل الكلام الذي كتب حول إفتتاح مكتبنا في اسرائيل كان زوبعة في فنجان كما يقولون.. أولاً لنتكلم عن مكتب اسرائيل ونؤمن أولا إنو الفكرة تعود لحاجتين أولاً : السودانيين القاعدين في اسرائيل سواء كان لظروف امنية او اقتصادية هم اتوجدوا هناك وصاروا جزء من المجتمع في اسرائيل ونحن في حركة تحرير السودان قررنا أن تكون لقواعدنا في أي مكان في العالم مكاتب تفيدهم حتى يساهموا بفكرهم وجهدهم وبمالهم للحركة وللسودان.. اذن نحن لازم نصل الناس الذين شردتهم سياسة الحكومة اينما كانوا وبغض النظر عن هم وين.. ده من ناحية قناعتنا المبداية. ثانيا: من ناحية الواقع وجدنا أن واقع الحكومة المركزية في الخرطوم أوجد الكراهية ضد الملايين من السودانيين..هناك ناس ماتو بسبب الكراهية الدينية في الجنوب..وفي دارفور بسبب الكراهية العرقية..وهناك قضايا الصالح العام بسبب الكراهية التنظيمية، حيث أن السلطة كرهت وجود السودانيين في مرافق الدولة بناء على عدم الانتماء التنظيمي للاخوان المسلمين جناح الترابي.. إذن كلنا أصبحنا ضحايا كراهية الإسلام السياسي ضدنا.. وبالتالي من المنطقي أن يكون أكبر عدو لنا هو الكراهية ممارسة وقناعة..
وكقادة للحركة وعشان اولاً نوقف هذه الكراهية لازم نتحرر من الكراهية الدينية والعرقية تجاه الآخر في السودان وفي عالمنا ووفق هذه المبادئ قررنا أن نفتح مكتبا لنا لرعاية مواطنينا الذين
وصلوا إلى إسرائيل.. نحن نري ان اسرائيل دولة مثلها مثل اي دولة ومن حقنا ان نكون عندنا معاها علاقة جيدة..ولم ار اسرائيل يوماً بإنها تعادي السودان.. واسرائيل ما عملت العملتو الجبهة الإسلامية أو المؤتمر الوطني الذي قتل الناس بالملايين في الجنوب باسم الدين ومئات الالاف في دارفور وإفقار الناس وإذلالهم بإسم الإسلام. السودانيين الذين مشوا اسرائيل تطبعوا معها .. بيأكلوا معاهم وساكنين معاهم وبتكلموا بلغتهم وبيدرسوا في جامعاتهم وبقوا جزء من المجتمع سواء رضينا او ابينا التطبيع الاجتماعي بقي واقع.. التطبيع السياسي نراه ضروري أيضا ويكون بين دولة ودولة.. ونحن في حركة تحرير السودان نؤمن بضرورة أن تكون لنا علاقة مع اسرائيل وما الذي يمنع أن نفتح ليها مكتب في الخرطوم لمصلحة الشعب السوداني الاقتصادية والثقافية وكل المصالح الممكنه.
أقول للناس البتكلموا عن القضية الفلسطينية إنو نحنا ضد قتل اي مدني سواء كان في اسرائيل أو في فلسطين ونؤمن ان يكون للفلسطيين والاسرائيلين دولتين مستقلتين ومتجاورتين.. اي دولة تحترم سيادة الاخر ويتفقوا وفق الطريقة البيروها.. أما الذين يتساءلون عن جدوى التوقيت الحالي لفتح مكتب للحركة في اسرائيل فنحن نري ان نبذ الكراهية شيء جيد جداً اذا الوقت مناسب أم غير مناسب.. وأنت متى ما عملت شئ جيد في وقتو المناسب أوغير المناسب فهو جيد..والسؤال هو كم عدد الدول العربية التي لديها علاقات وإتفاقات إقتصادية مع اسرائيل..وماذا عن العلاقات السرية..؟نحن كنا اشجع من الكثير من الحكومات العربية التي حتمت مصالحها إقامة علاقات مع اسرائيل..والسؤال هو لماذا يهاجموننا لخطوة فتح المكتب ولا يهاجمون بعض الملوك والامراء وبعضهم يزور اسرائيل سريا..
*وهل كان لفتح المكتب في اسرائيل مردود عملي سلبي علي مستوي الحركة، على الأقل على المستوى السوداني...؟
بالعكس الحكومة حاولت تعمل تعبئة عكسية ضد هذه الخطوة .. ولكن الشعب السوداني يدرك كل شئ ..حين فتحنا المكتب كثر الكلام ضدنا في الجرايد والراديو لكن ما لقت اي تجاوب من الشعب حتى ناس الامن البتلبسهم جلاليب وتطلعهم في مسيرات ما قدروا يطلعوهم شان يتظاهروا ضدنا.. واتحدى الحكومة بأن تعمل استطلاع وسط الشعب السوداني من موقفنا من إسرائيل..شعبنا واعي وما ممكن يغشوهوا.. واحنا ورينا قواعدنا قبل ما نفتح المكتب رسميا اننا عاوزين نعمل شنو..اذا مسكنا الموضوع ده على مستوى الدين إتحدي اي زول يقول لي إنو النبي صلي الله عليه وسلم ما كانت دولتو لكل الناس المؤمنين بالله.. واذا كان على مستوى العروبة فكم دولة عربية عندها علاقة رسمية مع اسرائيل؟.. ونحن عشان نحرر الناس لابد نتحرر من الاوهام والكراهية ومن الناس البيخلقوا مسلمات ويسموها مبادئ.. متين السودانيين اتفقوا واستفتوهم انو ما يكون في علاقة مع اسرائيل دي افكار الصفوة البيخلقوا عدو وهمي في حين ان العدو الحقيقي بيمارس في الناس ابشع ا نواع القتل والتطهير والابادة..
*وهل موقفكم من إسرائيل لا يؤثر في موقفكم من إنتماء السودان للعالم العربي؟
لا نرى أي شذوذ في إنتماء السودان لجامعة الدول العربية..ولكن كما قلت لك من قبل انا ما حصل شعرت انو عندي مشكلة مع الثقافة العربية بدليل اني بتكلم لغة عربية واعتز بذلك... ولكن انا غير ملزم بالدفاع عن الثقافة العربية التي أنتجها العالم العربي او غير ملزم تحديدا بالدفاع عن أي ثقافة غير عربية..في السودان هناك عرب وهم جزء من مكوناتنا واي شخص عايز يحارب المكون العربي انا ضدو اصلاً.. فليكن السودان دولة عربية وافريقية..ولكن اهم شئ هو ألا يكون هناك فرض لثقافة علي حساب ثقافة أخرى..يعني ما تجي تفرض ثقافة احادية.. فلتكن اللغة العربية هي لغة التداول والتواصل بين الناس في كل انحاء السودان.. ونحن ما بنقدر نحارب مكون من مكوناتنا بس احنا لازم ندي كل المكونات حقوقها بالتساوي وننزع غبن الناس تجاه لغة معينة.
دعنا نسأل عن عدد القتلي من جانب حركتكم منذ بداية الصراع؟
فقدنا عددا كبيرا من الشهداء من كل مناطق دارفور، من دار زغاوة ودار مساليت.. لقد فقدنا اعز الناس الذين لا يمكن أن ننساهم..أذكر الاخ عبد الله ابكر وكان من كبار المثقفين وهو من ابناء الزغاوة الذين إستماتوا بكل جدية لتحرير بلده.. ولا أنس عمي شيخ الدين عمي في ناس لا يمكن انساهم نهائياً..ايضاً في شخص اسمه جدو صبور.. وهو أيضا من اولاد الزغاوة وما كان متعلما.."كنت دائما اتشاكل معاهو في النقاش.. لكن البعجبني فيهو انه شخص ثوري ولما يشاكلك بعتقد انه عايز يعمل الحاجات بطريقة صاح.. ورغم انو ناس مني انفصلوا لكن هو كان دايما بتصل بينا.. وهو من أكثر المقاتلين الذين تأثرنا لموته.. سيأتي اليوم الذي نخلد فيه ذكرى كل شهداء الحركة..
*هل كان معكم عدد من النساء..كرفقاء سلاح وكن من ضمن القتلى؟
طبعاً.. بدون شك.
*هناك خلافات في تقدير عدد الضحايا في حرب دارفور...الحكومة السودانية تقول إنهم لا يتجاوزون العشرة الاف والمجتمع الدولي يقول إنهم ما بين 400 و600 قتيلا؟
العدد الحقيقي سيظهر في يوم من الايام... لكن في قناعتي الشخصية أنهم اكثر من مليون شخص.. لاني انا بعرف انو في ناس بيبيدوهم وبيدفنوهم عشان المعلومة ما تطلع...نعم الامم المتحدة بتقول اكتر من 400 ألف أو 600 ألف.. في ناس ماتو في الجبال.. في حاجات بنعرفها إحنا بس.. مثلاً في ناس لما الجنجويد هاجموهم بجروا ويحتموا بالجبل لأن الجنجويد بيقتلوهم تحت وفوق ما في موية ومافي اكل.. بيموتوا .. في ناس حرقوهم في قراهم بالإجماع.. ما في زول بيطلع..لكن المسافة لغاية ما تصل المعسكرعشان تكون آمن بعيدة..وما حتقدر وبالتالي بتموت....
مرة بتذكر في "سنقو" كنا بنسير بالليل ولقينا اكتر من 12 شخص ميتين ودي مواقف انا ما بقدر انساها لانك بتلقاهم طلعوا من القتل لكن ما قدروا يقاوموا الجوع وبكونوا ماشين اكتر من يوم وبتلقاهم ميتين في صف طويل حسب اي زول وقدرتو علي الحياة. دي حاجات ما بتنمحي من ذاكرتي نهائياً..احياناً تلقي ناس في الجبال اكتر من عشرين تلقاهم ميتين من الجوع وما قادرين ينزلوا وبرضو خايفين من الجنجويد.
*أسمح لي أن أتوجه لك بهذا السؤال الافتراضي..اذا رجع التاريخ إلى لحظة قراركم بخوض الثورة ضد السلطة في دارفور.. وأنت الآن قد وقفت على حجم المأساة التي حدثت في حرب دارفور.. فهل يكون قرار بدء الحرب على الحكومة عندئذ غير وارد ؟
جميل..أنا حالياً بتكلم معاك لكني فرضا من الموتى.. ودي حياة اضافية انا بعيشها.. الناس الماتو ديل ده تمن الحرية.. كل شعوب العالم المتحضر في امريكا هذه ماتو كم عشان يتحرروا من بريطانيا وكذلك اليهود المارس فيهم هتلر القتل في المطاحن والافران.. انا واثق ان شعبنا حيكون اقوي شعب لانو مافي مأساة تاني ممكن تمر بيهم اكبر من كده.. وما في زول بيقدر يستعمرهم تاني.. ديل خلاص اتحرروا لأنه ما عندهم حاجة تاني يخسروها. بالتأكيد المأساة موجودة في دارفور لانو مهما اتخيل انو في ناس سيئين وبالسلوك الأنا شفته ده وما بقدر اتخيل انو في بشر ممكن يتعاملوا مع اخوانهم البشر بالطريقة دي... ده ما معناهو انا ما ممكن اتمرد لو عرفت نتيجة الحرب الآن..مثلاً.. لنخرج قليلاً من دارفور.... افترض انو في شخص موظف ناجح جداً في الدولة وما دارفوري.. بس هو ما بنتمي لتنظيم الحركة الاسلامية..ستجد فجأة الجماعة يجيبوا ليهو جواب الصالح العام وهو عنده اسره يعولها ...زوجة وام وابناء في المدارس.. إذن فجأة مصدر الرزق انقطع.. هذا الرجل سيفقد احترامه لدى الاسرة وسيحدث التفكك.. إحدى البنات مثلا ممكن تعمل اي حاجة عشان تشتغل وتجيب قروش وممكن تتنازل عن عرضها شان تساعد اسرتا.. رغم انها يمكن أن تكون نبيلة لكن بتفكر بطريقة واقعية في مسألة حياة أو موت..حتى أبوها يمكن عارف هي بتعمل في شنو.. لكن حيكون امام خيار الحياة أو الموت..وده حاصل لكن ما في زول بيقدر يقول..
بالنموذج ده.. في كم اسرة... وكم قيم اتحطمت وقطاع كبير من المجتمع انتهى.. وكم ناس فقدوا كرامتهم.. حرية الانسان انا ما عندي معاها قضية اذا كان الزول مشى للبطال أو الكويس دي حاجة بتخصو مع ربو.. لكن المشكلة في الحوجة ده.. نحن حين حاربنا حاربنا مش لناس دارفور وبس..لا نحنا شايفين إنو ناس الجبهة حطموا كرامة الناس في كل وطننا ووصلوهم للأمثلة التي ذكرتها وعلى الناس أن يركزوا على المآسي التانية الما قدرين نتكلم عنها..وصحيح هناك أرباب أسر ناضلوا وكم من الأولاد والبنات ضحوا بالتعليم واشتغلوا طوال اليوم عشان يجوا يأكلوا الاسرة.. من أجل كل هذا كان لا بد لنا أن نثور من أجل كرمة الانسان وحريتو والعبرة بنتيجة النضال التي سنحققها بإذن الله.
*هل فكرت لحظة في ضرورة المناداة بفصل دارفور عن السودان؟
الواحد بينفصل لما يحس انه ما بينتمي للمكان.. مثلاً الجنوبيين عندهم الحق في تقرير مصيرهم.. واذا في زول من دارفور عايز ينفصل ده برضو حق ما اقدر اقول ليهو لا..فحق تقرير المصير حق لكل شعوب العالم... ولكن على المستوى الشخصي.. مثلاً انا كنت بتاجر في الكتب ومشيت كل انحاء السودان.. وعرفت انو اكتر ناس مثقفين وبقروا كتب هم ناس كردفان.. كنت بفرش الكتب وببيعها في ام روابة وابو جبيهة وكادوقلي والابيض وبكون معاي اكتر من 200 صنف من الكتب وكنت بقراها كلها لانو البيع دايما في الصباح للطلاب او وقت ما يرجعو كنت بلقي وقت كبير عشان اقرا وعرفت اكبر قدر من المثقفين رغم اني مشيت الشمال والشرق لكن ما لقيت ناس بقرو زي ناس كردفان..
المهم السودانيين في طبعهم كريمين يعني في ناس انا بعرفهم كانوا بيصروا علي انو انزل في بيوتهم ومشكلتي كان اني بطلع ستة صباحاً وكان لازم تستأذن من الاسرة وده ربما يسبب لي الضيق من إني أصحي الناس بدري.. الحاجات دي علمتني كتير عشان كده كنت بتأسف وكنت بقعد في لكونده.. وده طبع السودانيين في اي مكان حيث رغم انو ما في معرفة كبيرة لكن الناس بيصروا انك تقعد معاهم في البيت.. في بابنوسة كنت بفرش هناك.. كان عندي اصحابي جنوبيين بيجوني من معسكرهم في بابنوسة بعد ما حرقوا ليهم قراهم في الضعين.. كانوا مسيحيين لكن يوم ما شعرت انو في اي فرق بيني والجنوبي لا ثقافيا ولا دينيا ولا سياسيا. طيب ناس زي ديل انا انفصل منهم بأي سبب..انفصل عشان شنو..انا في رأيي ان كل العقد والمشاكل البتقود للانفصال هي من صناعة الحكومات..اذا ازحنا الاسباب دي ما في زول بطالب بالانفصال..
في تكوين السودان وواقعوا تجد لدارفور مثلاً تأثير تاريخي واجتماعي وإقتصادي وسياسي بما لا يقارن مع أقاليم كثيرة ..اغلب الاحياء الكبيرة والقديمة حتى في الخرطوم اسسها الدارفوريين سواء كان في ام درمان..الملازمين او العباسية أو الموردة أو الديم في الخرطوم أو مايو أو الحاج يوسف وكذلك الجزيرة والمشاريع وشرق السودان والقضارف وحلفا وبورتسودان اي مكان في السودان يوجد حي الفور وأي حي موجود في السودان فيهو ناس دارفور.. ناس دارفور مرتبطين بكل السودان اذا انفصلت ديل ح اخليهم وين.. مافي اسباب للانفصال بس في زول في السلطة استخدم الدين والعرق عشان يفرق بين الناس عشان يستمر في السلطة..لذلك لازم نناضل ونزيل السبب البخلي الناس يعيشوا في كراهية.
*السفير السوداني السابق بواشنطن جون أكويج، وبعض الاخوة الجنوبيين يشيرون إلى أن معظم المقاتلين الذين خاضوا حرب الجنوب من جانب الحكومة يمثلون أبناء دارفور..وهناك آراء عن ضرورة الإعتذار للجنوبيين عما إقترفته الحكومات المركزية تجاه الجنوبيين..ماذا تقول؟
انا بعتبر توظيف أبناء دارفور في الجيش عشان يحاربوا في حرب الجنوب كان توظيف سلبي..اولاً في حرب الجنوب كان في قسمين.. في ناس ايدلوجيين اسلاميين البكونوا أمراء وكانوا بربطوا راسهم بشريط وبمشوا يقتلوا الناس في الجنوب وديل مفروض يودوهم المحكمة الدولية ويتحاكموا..وأصلاًَ أنا ضدهم..
في قسم تاني هم اميين وما قروا ومشوا اشتغلوا عساكر وهم ناس صفا وانتباه ساكت وما عارفين هم بقاتلوا في شنو.. وعشان شنو.. ولكن عشان يمشوا يقاتلوا كان بيعملوا ليهم تعبئة بطريقة محددة..ده استغلال وانا شخصياً اعتذر للاخوة في جنوب السودان.. لكن الناس المشوا لأسباب عقائدية ونيتهم كانت إنو يقتلوا الناس في الجنوب وجبال النوبة وجنوب النيل الازرق بس عشان هم ما مسلمين ديل مفروض يمشوا المحكمة الدولية كما ذكرت.. وصحيح إنو استغلال جهل البعض من ابناء دارفور في حرب الجنوب سبب غبن لدي الجنوبيين ولكن يجب ألا ننسي انو في جنوبيين داخل الجيش السوداني وخارجه حاربوا الجنوبيين بنفس اللغة..
*الاسلاميون كمكون من مكونات الجسم السياسي السودانييين..هل يمكن يواصلوا بنفس الايدلوجيا في دولة عبد الواحد؟
اي زول عايز يقسم السودان علي اساس ديني هو عدو فالسودان فيهو مسلمين ومسيحيين وغيره. ما ممكن اقبل انو زول يفرض علي بالقوة أي مسمى للفكر السياسي المسيحي وكذلك العكس...وبتوضيح أكثر أعني الاسلام السياسي..كما أنه لا يمكن تفرض الاسلام أو اللغة العربية علي شخص بالقوة.. اذا العلمانية البنطالب بيها انك تكون كما انت افريقي او عربي او مسلم او كجور او غيره.
*وبتوضيح أكثر هل من الممكن ان يكون لدى شكل الدولة المفترضة في ذهنك حزب اسلامي مثل حزب العدالة والتنمية في تركيا؟
مجرد ما انت عملت حزب علي اساس ديني ده بيرجعنا للحروبات.. وتجربة حزب العدالة في تركيا لا تقارن مع تجربتنا السودانية فمثلا المسيحيين في تركيا قليلين جدا ونسبة المسلمين اكتر من 95% وهذا عكس السودان.. ودستور الدولة في تركيا يحظر قيام الأحزاب على خلفية دينية ومافيش دين ينتج هناك بواسطة السلطة ويفضل علي دين اخر.. رأيي هو أن من حق اي شخص أن يجد حرية التعبد والانتماء الديني في أي دولة دون أن يكون ذلك علي حساب دين آخر..