مسارب الضي
رئيس التحرير: طارق الجزولي
10 January, 2009
10 January, 2009
دعوة لابتدار حركة:الاعتراف والاعتذار والمعافاة
حوالي شهرين ونصف على 9 يناير، عيد توقيع اتفاقية السلام، أدعو أن يكون ضربة البداية لابتدار حركة للاعتراف بالمظالم والحيوف التي حاقت بأبناء القوميات المهمشة، تبدأ بجنوب البلاد- لأنه الأكثر تضرراً -، ثم تنتقل إلى جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق، ومن ثمّ إلى دارفور وإلى المناطق الأخرى.
اعتراف بالمظالم التنموية والخدمية، وبالاستعلاء الثقافي والعنصري والديني، وبممارسات وثقافة الاسترقاق، وبفظائع
وويلات الحرب- استهداف المدنيين العزّل، واقتلاع الملايين من سكناهم ومن جذورهم الاجتماعية والثقافية، وانتهاك الحرمات والحرم-، ومن ثمّ الاعتذار عن ذلك، بلا تحفّظ ومن غير تأتأة أو استدراكات.
• وإذ يتم الاعتذار باسم الديمقراطيين والإنسانيين في الشمال، يسعى إلى أن يجذب في تياره المسؤولين عن الانتهاكات، فإذا لم يفلح في ذلك يحرر ضمير الشمال من الانتهاكات التي تمّت باسمه وباسم ثقافته، كخطوة أساسية لازمة لبناء الوجدان السوداني المشترك، ومن ثمّ النسيج الوطني المشترك.
• والهدف النهائي من الحملة معافاة الضحايا أو ذويهم من الأحياء، معافاتهم نفسياً واجتماعياً، بالاعتراف بما حاق بهم وإعطائهم فرصتهم كاملة لسرد معاناتهم، لإكسابها المعنى التاريخي العام، وذلك انطلاقاً من مبدأ علم النفس الاجتماعي في أن التفريج عن المعاناة يشكل خطوة مهمة ولازمة للمعافاة النفسية والوجدانية، فتخرج المعاناة من كونها
انشغالاً ذاتياً إلى حكاية موضوعية تجد مكانتها ضمن التاريخ السوداني العام، ومن بعد التفريج عن المعاناة يتم الاعتذار وإعادة الاعتبار والتكريم، وفي النهاية فإن امتلاك المقدرة على الصفح والغفران لا تعني الجلادين فحسب، وإنّما الضحايا أنفسهم، فالمرارات المكبوتة تأكل من الداخل، وإذ نصفح، فإننا بذات القدر، نتجاوز ونرتقي إنسانياً.
وتوثق حركة الاعتراف والاعتذار والمعافاة لفظائع الحرب، وإن كانت تلك الفظائع قد تمّت باسم الشمال، فإنّ ديمقراطيي الشمال نفسه يوثقونها من موقع الإدانة والتبرؤ، فيفتتحون متحفاً للذاكرة السودانية، يحرر ضمير الشمال المعذب، ويعلّم الأجيال الجديدة بأنه وإن كان تاريخنا مليء بالقسوة والوحشية، فقد استطعنا في لحظة من لحظاته أن نتفرّس فيه بجرأة وضمير يقظ، ولهذا السبب، فإننا ممتلئون تصميماً وإرادة بألا يتكرر مرة أخرى ما حدث في السابق.
• وتضع حركة الاعتراف والاعتذار مهاماً عملية خلاف مهامها الرمزية الأخرى، مهاماً عملية كحذف كل الايحاءات العنصرية من مناهجنا التعليمية، وأن يشمل المنهج الدراسي مادة عن سوءات العنصرية وأسبابها ودواعيها، وعن أهمية قبول واحترام التعدد الثقافي والديني. إضافة إلى وضع ميثاق إعلامي يحرّم ويجرّم التعابير والمفردات والإيحاءات العنصرية أو مفردات تحقير واستتفاه الآخر المختلف.
• وتكرّم حركة الاعتراف والاعتذار أولئك الذين كشفوا عن حس إنساني رفيع في ملمات تاريخنا- الشماليين الذين وقفوا سداً أمام استهداف الجنوبيين على أساس الهوية في أحداث الاثنين والثلاثاء، وكذلك الجنوبيين الذين حموا الشماليين العزّل من الاستهداف على أساس الهوية في مجرى الحرب، والمسئولين والمعلمين الذين رفضوا ممارسات القهر الثقافي والديني، وأولئك الذين تخطوا حواجز اللغة والعرق ليبنوا جسوراً للإنسانية والتكامل الوطني.
• وتبدأ حركة الاعتراف والاعتذار بعمل رمزي كبير وواسع، كأن يتوجه رموز الشمال- من السياسيين والمثقفين والمبدعين- في 9 يناير القادم إلى جوبا، للفريق سلفاكير ميارديت كرمز لحكومة الجنوب وأهل الجنوب، فيتقدمون باعتذارهم المعنوي، بذات طقوس الاعتذار عند القومية الجنوبية، بقبائلها المختلفة.
• واقترح أن تشكل وثيقة الاعتذار المرفقة وثيقة تاريخية، ذات قيمة أخلاقية وإنسانية وسياسية وأدبية، مثلها مثل (لدي حلم) لمارتن لوثر كنج، ولذا أقترح أن يتوفر عليها أفضل وأرفع ما في الشمال من قدرات فكرية وأخلاقية وإبداعية.
• وتتصاعد حركة الاعتراف والاعتذار لتصل ذروتها في أغسطس القادم لتغسل عن شوارع الخرطوم وعن عقول وقلوب أهل السودان أحداث الاثنين والثلاثاء.
• وتتدرج حركة الاعتراف والاعتذار من الأعمال الرمزية والمعنوية، ومن الإصلاحات التعليمية والإعلامية، لتتشكل في حركة مدنية جبّارة تستقطب جهود الديمقراطيين في الداخل وفي المهاجر، وإسهامات المجتمع المدني الإقليمي والدولي، للمساهمة في إعادة إعمار ما خرّبته الحرب.
• والأهم، أن تنفتح حركة الاعتراف والاعتذار إلى أقصى مدى، لتشمل كل ديمقراطيّ وكل إنسانيّ وكل مستنير في الشمال- من قوى سياسية ومنظمات مجتمع مدني وأفراد.
• وقد يثور تساؤل من بعض الانغلاقيين والعنصريين: لِمَ نعترف ونعتذر وهناك احتمال الانفصال؟ وأجيب، ولو، الاعتراف والاعتذار يحررنا من سيئات أنفسنا وتاريخنا، وهو يلزمنا لإنماء وجداننا الإنساني، فإذا انفصل الجنوب نعيش بسلام مع أنفسنا، ومع جيران يدركون بأننا إذ نعيش بسلام مع أنفسنا نستطيع العيش بسلام معهم.
• ويمكن أن تشكّل صحيفة (أجراس الحرية) نقطة الارتكاز(Focal Point) لحملة الاعتراف والاعتذار.
حوالي شهرين ونصف على 9 يناير، عيد توقيع اتفاقية السلام، أدعو أن يكون ضربة البداية لابتدار حركة للاعتراف بالمظالم والحيوف التي حاقت بأبناء القوميات المهمشة، تبدأ بجنوب البلاد- لأنه الأكثر تضرراً -، ثم تنتقل إلى جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق، ومن ثمّ إلى دارفور وإلى المناطق الأخرى.
اعتراف بالمظالم التنموية والخدمية، وبالاستعلاء الثقافي والعنصري والديني، وبممارسات وثقافة الاسترقاق، وبفظائع
وويلات الحرب- استهداف المدنيين العزّل، واقتلاع الملايين من سكناهم ومن جذورهم الاجتماعية والثقافية، وانتهاك الحرمات والحرم-، ومن ثمّ الاعتذار عن ذلك، بلا تحفّظ ومن غير تأتأة أو استدراكات.
• وإذ يتم الاعتذار باسم الديمقراطيين والإنسانيين في الشمال، يسعى إلى أن يجذب في تياره المسؤولين عن الانتهاكات، فإذا لم يفلح في ذلك يحرر ضمير الشمال من الانتهاكات التي تمّت باسمه وباسم ثقافته، كخطوة أساسية لازمة لبناء الوجدان السوداني المشترك، ومن ثمّ النسيج الوطني المشترك.
• والهدف النهائي من الحملة معافاة الضحايا أو ذويهم من الأحياء، معافاتهم نفسياً واجتماعياً، بالاعتراف بما حاق بهم وإعطائهم فرصتهم كاملة لسرد معاناتهم، لإكسابها المعنى التاريخي العام، وذلك انطلاقاً من مبدأ علم النفس الاجتماعي في أن التفريج عن المعاناة يشكل خطوة مهمة ولازمة للمعافاة النفسية والوجدانية، فتخرج المعاناة من كونها
انشغالاً ذاتياً إلى حكاية موضوعية تجد مكانتها ضمن التاريخ السوداني العام، ومن بعد التفريج عن المعاناة يتم الاعتذار وإعادة الاعتبار والتكريم، وفي النهاية فإن امتلاك المقدرة على الصفح والغفران لا تعني الجلادين فحسب، وإنّما الضحايا أنفسهم، فالمرارات المكبوتة تأكل من الداخل، وإذ نصفح، فإننا بذات القدر، نتجاوز ونرتقي إنسانياً.
وتوثق حركة الاعتراف والاعتذار والمعافاة لفظائع الحرب، وإن كانت تلك الفظائع قد تمّت باسم الشمال، فإنّ ديمقراطيي الشمال نفسه يوثقونها من موقع الإدانة والتبرؤ، فيفتتحون متحفاً للذاكرة السودانية، يحرر ضمير الشمال المعذب، ويعلّم الأجيال الجديدة بأنه وإن كان تاريخنا مليء بالقسوة والوحشية، فقد استطعنا في لحظة من لحظاته أن نتفرّس فيه بجرأة وضمير يقظ، ولهذا السبب، فإننا ممتلئون تصميماً وإرادة بألا يتكرر مرة أخرى ما حدث في السابق.
• وتضع حركة الاعتراف والاعتذار مهاماً عملية خلاف مهامها الرمزية الأخرى، مهاماً عملية كحذف كل الايحاءات العنصرية من مناهجنا التعليمية، وأن يشمل المنهج الدراسي مادة عن سوءات العنصرية وأسبابها ودواعيها، وعن أهمية قبول واحترام التعدد الثقافي والديني. إضافة إلى وضع ميثاق إعلامي يحرّم ويجرّم التعابير والمفردات والإيحاءات العنصرية أو مفردات تحقير واستتفاه الآخر المختلف.
• وتكرّم حركة الاعتراف والاعتذار أولئك الذين كشفوا عن حس إنساني رفيع في ملمات تاريخنا- الشماليين الذين وقفوا سداً أمام استهداف الجنوبيين على أساس الهوية في أحداث الاثنين والثلاثاء، وكذلك الجنوبيين الذين حموا الشماليين العزّل من الاستهداف على أساس الهوية في مجرى الحرب، والمسئولين والمعلمين الذين رفضوا ممارسات القهر الثقافي والديني، وأولئك الذين تخطوا حواجز اللغة والعرق ليبنوا جسوراً للإنسانية والتكامل الوطني.
• وتبدأ حركة الاعتراف والاعتذار بعمل رمزي كبير وواسع، كأن يتوجه رموز الشمال- من السياسيين والمثقفين والمبدعين- في 9 يناير القادم إلى جوبا، للفريق سلفاكير ميارديت كرمز لحكومة الجنوب وأهل الجنوب، فيتقدمون باعتذارهم المعنوي، بذات طقوس الاعتذار عند القومية الجنوبية، بقبائلها المختلفة.
• واقترح أن تشكل وثيقة الاعتذار المرفقة وثيقة تاريخية، ذات قيمة أخلاقية وإنسانية وسياسية وأدبية، مثلها مثل (لدي حلم) لمارتن لوثر كنج، ولذا أقترح أن يتوفر عليها أفضل وأرفع ما في الشمال من قدرات فكرية وأخلاقية وإبداعية.
• وتتصاعد حركة الاعتراف والاعتذار لتصل ذروتها في أغسطس القادم لتغسل عن شوارع الخرطوم وعن عقول وقلوب أهل السودان أحداث الاثنين والثلاثاء.
• وتتدرج حركة الاعتراف والاعتذار من الأعمال الرمزية والمعنوية، ومن الإصلاحات التعليمية والإعلامية، لتتشكل في حركة مدنية جبّارة تستقطب جهود الديمقراطيين في الداخل وفي المهاجر، وإسهامات المجتمع المدني الإقليمي والدولي، للمساهمة في إعادة إعمار ما خرّبته الحرب.
• والأهم، أن تنفتح حركة الاعتراف والاعتذار إلى أقصى مدى، لتشمل كل ديمقراطيّ وكل إنسانيّ وكل مستنير في الشمال- من قوى سياسية ومنظمات مجتمع مدني وأفراد.
• وقد يثور تساؤل من بعض الانغلاقيين والعنصريين: لِمَ نعترف ونعتذر وهناك احتمال الانفصال؟ وأجيب، ولو، الاعتراف والاعتذار يحررنا من سيئات أنفسنا وتاريخنا، وهو يلزمنا لإنماء وجداننا الإنساني، فإذا انفصل الجنوب نعيش بسلام مع أنفسنا، ومع جيران يدركون بأننا إذ نعيش بسلام مع أنفسنا نستطيع العيش بسلام معهم.
• ويمكن أن تشكّل صحيفة (أجراس الحرية) نقطة الارتكاز(Focal Point) لحملة الاعتراف والاعتذار.