الدوحه… ومزاد التفاوض القادم ….. تقرير: خالد البلوله إزيرق

 


 

 

قدرات المنابر

 

dolib33@hotmail.com

 بعد حيوية اتسمت بها قبيل وبعد انعقاد الجولة الأولى لتفاوض بين الحكومة وحركة العدل والمساواة، عاد الجمود مرة أخري يخيم على الجهود القطرية لإحلال السلام في دارفور من خلال المبادرة العربية التى تتطلع بها الدوحة. هدأت دينامكية وسطاء الدوحة مرة أخري ولم تعد انطلاقاتهما بمثل بداياتها، التى طوفوا بها على جميع الأطراف والمعنين بعملية السلام.الجمود الذي لازم الجهود القطرية بعد توقيع اتفاقية حسن النوايا، برغم من التأثير الكبير الذي أوجدته له مذكرة توقيف الرئيس البشير من قبل المحكمة الجنائية الدولية، الا ان فاعلين وعوامل أخرى كانت تقف وراء ذلك الجمود، ومواقف اخرى تدعوا الى الانفضاض من الدوحه الى سواها، وبرغم تأكيد الدكتور أمين حسن عمر القيادى في المؤتمر الوطنى وعضو وفدها المفاوض في حديث صحفي على استئناف الحوار بعد ثلاث اسابيع في العاصمة القطرية الدوحه، إلا أن مجريات الأمور حول العملية التفاوضيه مازال يكتنفها الكثير من الغموض لجهة المشاركين فيها بين مقاطعين لها ومتفرجين عليها، واختلاف حركاتها على اجندتها وجداول أعمالها.ولا يستبعد مراقبون أن يكون تباين المواقف الداخلية تجاه منبر الدوحه التفاوضي ببعيدة عن التقاطعات الاقليميه للدول العربية الفاعلة والمؤثرة على العملية التفاوضية في دارفور، فما بين الدوحه التى تتطلع بجهود العملية السلمية والقاهرة ذات التاثير الأكبر على المسرح السودانى بمختلف مكوناته مسافات ومسافات، فقد احدثت حرب غزة شرخ كبير في علاقات البلدين امتدت لحرب اعلامية بينهما، قادت في مآلاتها الى مقاطعة الرئيس المصري حسنى مبارك لقمة الدوحه القطرية وإكتفت مصر بالمشاركة بوزير دوله للعدل. وقد انعكست تلك التطورات على العملية السلمية في دارفور. وبرغم تلك الاختلافات التى أضحت أكثر وضوحاً إلا أن مراقبون يصفون تحركات القاهرة بأنها ليست مكايدات سياسيه بينها والدوحه بقدر ما إنها نابعه من مصلحة مصر الحقيقية في القضية، فقد نشطت القاهرة مؤخراً في دعوة كثير من الحركات المسلحه بدارفور لتباحث معها حول احلال السلام بدارفور، وأعلنت استضافتها مؤتمراً للحركات المسلحه بالقاهرة، وهو المؤتمر الذي أكدت الخرطوم على انه لا يشكل منبراً موازياً لمفاوضات الدوحه، ورأت أن حرص القاهرة على احداث تسوية بشأن أزمة دارفور يأتى ضمن اولوياتها بحسبان ان زعزعة الاوضاع في السودان من شأنها التأثير عليها بشكل مباشر، حسبما اشارت لقاءات وزير الدولة بالخارجية على كرتى للقاهرة نهاية الاسبوع الماضي الذي ابلغته القاهرة بترتيباتها لإستضافت مؤتمر الحركات المسلحه. ونفي مدير الادارة العربية بوزارة الخارجية السفير عبد الله الازرق لـ"الصحافه" بشدة ان تكون مصر قد طرحت عقد مفاوضات بين الحكومة والحركات المسلحه في القاهره، واوضح انها ابدت مساعي لإقناع الحركات الدارفورية بالانضمام لمفاوضات الدوحه، واكد ان الامر مطلقاً لا يشكل مفاوضات موازية لمحادثات الدوحه، انما يأتى ضمن المساعى الحثيثه لمصر لتنقية الاجواء العربية باعتبار ان مصر عضو في اللجنة الوزارية العربية التى رشحت قطر لقيادة المحادثات بين الحكومة والحركات المسلحه.وفي نفس الوقت كانت جهود ليبيه ومصرية قد اسفرت بطرابلس قبل ايام بتوقيع خمس فصائل من الحركات المسلحه بطرابلس على ميثاق وحده بينها، في وقت رفضت فيه هذه الفصائل المشاركة في منبر الدوحه بعد لقاءها قبل ثلاثه ايام للمبعوث المشترك جبريل باسولى والوسيط القطرى وزير الدوله بالخارجية احمد بن عبد الله آل محمود، بحجة إعطاءها فرصة لتوحيد مزيد من الحركات والاتقاف على رؤية موحده حول القضايا المطروحه، ومن ثم تحديد موقفها من المشاركة في مفاوضات الدوحه. وكان الوسيط المشترك باسولى والقطرى احمد بن عبد الله الذين شاركا في مفاوضات الحركات المسلحه لتوقيع اتفاق طرابلس قد طلبا من تلك الحركات ادراج بند المشاركة في مفاوضات الدوحه ضمن بنود الميثاق الامر الذي رفضته تلك الحركات، واقترحت الحركات الموقعة علي ميثاق طرابلس، ان يتم  تشكل لجنة تفاوضية موحدة تضم رؤساء الفصائل الخمسة، تكون مرجعية للمفاوضات المقبلة مع الحكومة لتفادى الخلافات بينها، وقال القيادي في "حركة تحرير السودان" اسماعيل عمر لـ"الصحافة" ان اللجان المجتمعة بليبيا تجري مشاورات للتنسيق في القضايا الاساسية ومناقشتها، لتحديد سقف متفق عليه للتفاوض، مؤكدا ان قضايا  دارفور هى "الثروة، السلطة، التعويضات". وكانت مصر قد استضافت في الفترة الاخيرة عدد من قادة الفصائل الدافورية، بداءاً من كبير مساعدى الرئيس منى أركو مناوى اكبر المعارضين لمنبر الدوحه، وكذلك وفد حركة العدل المساواة لمفاوضات الدوحة والذي مكث ثلاث ايام بالقاهرة قبيا انطلاقة التفاوض في نوفمبر الماضي، واحمد ابو قرده الذي يمكث بها الأن ضمن آخرين. قبل ان تعلن استضافتها لمؤتمر للحركات المسلحه، وكان وزير الخارجية المصرية احمد ابو لغيط قد بحث مع الادارة الامريكي إبان زيارته الاخيره لواشنطون جهود احلال السلام في دارفور بجانب تداعيات مذكرة توقيف الرئيس البشير من المحكمة الجنائية الدوليه، ويبدو من خلال تلك التحركات أن الموقف المصري والأمريكي يتطابقان بشأن رؤيتهما لإحلال السلام في دارفور. فقد أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما عشية لقاءه مبعوثه للسودان اسكود غرايشن قبل زيارته للسودان، استرتيجيته للتعامل مع السودان والتى تضمنت ثلاث محاور، وهى تنشيط اتفاقية السلام الشامل، والبحث عن آليه لإجراء مفاوضات بين الحكومة والحركات المسلحه في دارفور تؤدى لإستتباب الأمن في الاقليم، وعودة المنظمات الانسانية لدارفور، وقال باراك أوباما ان مهمة مبعوثه سكوت غرايشن ستكون صعبة، وان تطبيق هذه الاستراتيجيه سيكون عملا شاقا ويستغرق وقتا طويلا، وأنه لا يتوقع حلا بين عشية وضحاها لمشاكل مزمنه. ويري مراقبون أنه لأول مرة تتحدث الادارة الامريكيه عن آليه تجمع الحكومة والحركات المسلحه بدارفور، والتى رجحت مصادر ان تستضيفها العاصمة الكينية نيروبي، خاصة وأن استراتيجية باراك أوباما جاءت فيما يتعلق بآلية اجراءات مفاوضات بين الحكومة والحركات المسلحه دون ان تتطرق لجهود العربية ومنبر الدوحه التفاوضي، ما يرحج ان هناك تنسيق ربما يجري مع اطراف أخري في المنطقه بعيداً عن الدوحه، التى تقاطعها غير القليل من الحركات وتتحفظ عليها أخري. وكان وفد لحركة العدل والمساواة قد أنهى في يناير الماضي زيارة هى الأولى من نوعها الى الولايات المتحدة الأمريكيه بحث من خلالها مع الادارة الامريكيه مستقبل السلام في دارفور والجهود المبذولة لتحقيقه، وهى الزياة التى عدها بعض المراقبين انقلاباً في العلاقات بين الطرفين بعد أن كانت واشنطون قد صنفت حركة العدل والمساواة ضمن الحركات الارهابية.ومما يؤزم من موقف منبر الدوحه التفاوضي، التمنع الذي تبديه حركة العدل والمساواة اعادة الكرة مرة اخري منه، بعد صدور مذكرة التوقيف بحق السيد رئيس الجمهورية من المحكمة الجنائية الدولية في الرابع من مارس المنصرم، والتى أعلنت حركة العدل والمساواة تأييدها، بل ومضت الى استعدادها لتنفيذها، ليتطور موقفها الى اعلانها مقاطعة المحادثات بالدوحة احتجاجاً على طرد الحكومة "13" منظمة انسانية من دارفور، وهو القرار الذي تعتبره حركة العدل والمساواة اختراقاً حكومياً لاتفاق حسن النوايا الموقع بالدوحه والذي ينص على تسهيل العمل الانساني في الاقليم، هذا من جهة ومن الجهة الأخري فإن هناك فصائل أبدت استعدادها الذهاب الى الدوحة والمشاركة في المفاوضات، ولحركة العدل والمساواة موقف معلن يرفض مشاركة هذه الفصائل في المفاوضات، ما يعني ان توسيع قاعدة المشاركين في الدوحه من الحركات الأخري يعني تلقائياً إبتعاد العدل والمساواة منها.موقف صعب تقف الدوحه عنده، وهى تكابد من أجل انجاح منبرها التفاوضي، فما بين رفض الحركات المسلحه لها وتحفظ أخرى عليها، وتقاطعاتها الاقليمية التى يتفوق فيها مناؤوها خبرة ودراية في الترجيح بكفتها، ليبقي انجاح منبرها التفاوضي بشأن سلام دارفور أكبر تحديات دبلوماسيتها..فهل تنجح في امتحان القدرات أم انها انها ستفسح المجال وتترك الملف للاعبين جدد قادمون!!.

 

آراء