الخدعة الكبرى!!
2 June, 2009
زفرات حرى
الطيب مصطفى
آخر المضحكات المبكيات أن الرئيس البشير قد تلقَّى الدعوة لزيارة السنغال لحضور (مهرجان الفنون الزنجية) ولا يخفى على أحد أن السنغال تعتبر الحليف الأكبر في افريقيا لفرنسا تحت ساركوزي ذي الأصول اليهودية وأكثر الرؤساء الفرنسيين عداء للسودان وتشددًا في المطالبة بتوقيف الرئيس البشير ومساندة لدولة الكيان الصهيوني.
لا أحتاج إلى كلام كثير للحديث عن الدور الإسرائيلي في حماية الرئيس التشادي إدريس ديبي وإنقاذه بعد أن حوصر داخل قصره في انجمينا ثم مساعدته في ضرب كل التمردات ومحاولات الغزو التي شنتها المعارضة بما في ذلك المحاولة الأخيرة بل وفي الاعتداء على السودان كما أن ديبي طلب وعلى رؤوس الأشهاد من إسرائيل مساعدته خلال الهجوم الأخير على أراضي تشاد بالرغم من أن إسرائيل ضالعة من قديم في قضية دارفور ودعم متمرديها ولعل علاقتها بعبد الواحد نور لا تحتاج إلى تذكير.
هل تذكرون عودة دينق ألور، الوزير المفترض لخارجية السودان، من باريس حاملاً معه مبادرة فرنسية من ساركوزي حول مذكرة مدعي محكمة الجنايات الدولية وصفها ألور بالجيدة بالرغم من أنها تتعارض تمامًا مع الموقف السوداني الرافض للجنائية؟! عقب زيارته للاهاي وباريس قام ألور بزيارة السنغال الموقِّعة على ميثاق روما وذات المواقف التابعة تبعية عمياء لفرنسا!!
الأدهى والأمر أن أوكامبو مدعي الجنائية كان قد التقى الرئيس السنغالي عبد الله واد الذي أعلن عن مساندته للمحكمة وبالرغم من ذلك يرسل مبعوثه لتوجيه دعوة للرئيس البشير لزيارة السنغال وكأن الرجل رأى (القنابير) تتدلى من رؤوسنا!!
إن ما يؤلمني ليس التآمر الدولي خاصة من فرنسا وعملائها إنما هذا »الاستعباط« الذي يعتبرنا من الغباء بحيث نمشي بأرجلنا إلى جحر الأفعى ووالله إني لا أجد فرقاً كبيرًا بين أن يزور الرئيس البشير السنغال وبين أن يذهب برجليه إلى مقر محكمة أوكامبو في لاهاي ولا أجد فرقاً البتة بين أن يزور البشير السنغال وبين أن يزور فرنسا العدو اللدود للسودان فكلاهما دولة واحدة ذلك أن السنغال معقل الفرانكفونية في إفريقيا وإذا كنا قد اعترضنا حتى على زيارة الرئيس البشير للدوحة بالرغم من علاقتها الحميمة بالخرطوم فمن باب أولى أن نستخدم مختلف الوسائل لمنع الرئيس من زيارة السنغال ذلك أني لا أجد وصفًا لزيارة الرئيس للسنغال أو باريس سوى أنه الانتحار المحرَّم عند الله تعالى.
الغافلون!!
تُعتبر الشيوعية من الفيروسات السرطانية التي يصعب اقتلاعها خاصة عندما تتمكن من القلب والعقل لذلك كثيراً ما (تتاور) المنسلخين عنها من حين لآخر بالرغم من أن ذلك الداء اللعين قد اقتُلع من الجذور أي في موطنه الأساسي »الاتحاد السوفيتي والمعسكرالاشتراكي«، لكنك تجد الرفاق يتشبثون حتى الموت بالملحد ماركس ويعتكفون في محرابه كالجائع بينما طيب الطعام بين يديه والظامئ الذي يسيل الماء بين فكيه!! إنه الماء الزلال الذي آمن به أهلوهم ممن آمنوا بالله العزيز الحكيم وقدسوا شريعته ووقروا رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وليس كارل ماركس الذي مات على الكفر.
ذلك التائب من إفك ماركس عاوده الحنين فكتب في (آخر لحظة) مستخفًا بالتشريعات الإسلامية ما يلي: (فالأمانة تقتضي القول بأن »الوطني« لم يتحرك من موقفه التاريخي القاضى بإقامة دولة الشريعة مهما كان الثمن، حتى لو كان الثمن انفصال جزء عزيز من الوطن)!!
هذا المسكين يصر على ألا يفهم أن الوحدة ثمن بخس في مقابل دولة الشريعة وأن الشريعة هذه التي يحتقرها ويعتبرها (الحيطة القصيرة) التي ينبغي أن تُركل لا أن يُضحى في سبيلها هي عند الله وعند المؤمنين عزيزة وتستحق أن تُفدى بالمهج والأرواح (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليما). ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون).
أما القول بأن الوحدة أو قل التضحية بالغالي والنفيس في سبيل الإبقاء على جزء عزيز من الوطن فإن زمنه قد ولى بعد أن انتبه الناس وأفاقوا على الحقيقة المرة... حقيقة أنه لا خلاص للسودان من مسلسل الدماء والدموع إلا باختيار الطريق الذي سلكه غيرنا بدون أن تُراق قطرة دم واحدة... إن الدعوة إلى التضحية بالشريعة في سبيل الوحدة يتخذها العلمانيون وسيلة لبلوغ هدفهم المتمثل في نبذ الشريعة أكثر منه حرصًا على الوحدة فمتى يفيق هؤلاء ويستيقظوا من غيبوبتهم الطويلة؟!
الانتخابات والأزمة الدستورية
أنا مندهش بحق وحقيقة مما يحدث في البلاد اليوم حيث تقوم الحركة الشعبية بدور المعارضة والحكومة في وقت واحد بينما يقف شريكها المؤتمر الوطني موقف العاجز عن مواجهتها بسيناريوهات تحرجها وتضيِّق الخناق عليها وترد لها الصاع صاعين حتى ترعوي وتقلع عن ألاعيبها الصبيانية ومشاكساتها الحاقدة.
ليست المشكلة في أن تجتمع العديد من الأحزاب وتعلن عن عدم شرعية الحكومة بسبب مخالفتها لدستور نيفاشا الذي حدد يوليو القادم لقيام الانتخابات إنما المشكلة في أن تحضر الحركة الشعبية وتشارك في اجتماعات تلك الأحزاب بالرغم من أنها شاركت في اتخاذ قرار تأجيل الانتخابات وبالرغم من أنها ستكون الخاسر الأكبر من سقوط الحكومة الحالية التي تشارك فيها وفي بقية الحكومات الولائية بما في ذلك الجنوب السوداني الذي تحكمه بالكامل!! كذلك فإن الأخطر من ذلك والأدهى والأمر أن يغيب على المؤتمر الوطني الترتيب والإعداد لمعالجة هذه المشكلة الدستورية.
إن بمقدور المؤتمر الوطني أن يقدم على عدة سيناريوهات أولها أن يطلب من الحركة بأن »ترعى بي قيدا«، وتقلع عن أساليب البلطجة التي ظل يمارسها أولاد قرنق الذين يلعبون على الحبلين في لا أخلاقية يندر تكرارها في التاريخ فكما حضروا اجتماع المعارضة فإنهم درجوا على التحدث عن التحول الديمقراطي وحرية الصحافة في وقت يقومون فيه بتقديم قانون الصحافة المقيِّد للحريات إلى البرلمان!!
ثاني السيناريوهات هو أن تعالج الحكومة قضية تأجيل الانتخابات بأن تعلن عن استعدادها لخوضها اليوم وتترك للقوى المعترضة اليوم على التأجيل مهمة المطالبة بتأجيلها اضطرارًا ذلك أن المؤتمر الوطني أكثر استعدادًا من غيره لخوض الانتخابات.
ثالث السيناريوهات أن تمضي الحكومة في اتجاه تعديل الدستور بما يمكن من تأجيل الانتخابات ومما يسهل الأمر على الحكومة أن هذا الدستور أُجيز من قبل البرلمان ولم تتم إجازته باستفتاء شعبي ويسهل تعديله بنفس الصورة التي تم إقراره بها علاوة على أنه ليس من الصعب إجازة التعديل حتى ولو عن طريق الاستفتاء الشعبي.!!