بين دينق ألور والمجلس الوطني وعلي الصادق!!
10 June, 2009
زفرات حرى
الطيب مصطفى
حسنًا فعل المجلس الوطني حين رفض تهرُّب دينق ألور الوزير (المفترض) لحكومة جمهورية السودان عن المثول أمامه ولا يخالجني أدنى شك في أن الرجل يخشى أن (يتمرمط) أمام نواب البرلمان ولذلك حاول أن يُنيب عنه وزير الدولة الوسيلة السماني)!! الأمر الذي غاب عن الناطق باسم الخارجية علي الصادق وزملائه!!
دينق ألور يعلم أن البرلمان يريده شخصيًا ليسائله عما إذا كان يمارس دوره كوزير لخارجية السودان أم كوزير لخارجية الحركة الشعبية ولن يستطيع ألور أن يقنع أحدًا بأنه وزير للسودان أولاً لأنه يعلم أنه ما جيئ به إلى الوزارة خلفًا لدكتور لام أكول إلا لأن أكول لم يكن يعمل لخدمة أجندة الحركة الشعبية التي تتناقض تمامًا في كل شيء تقريبًا مع أجندة وإستراتيجية شريكها وشركائها في الحكم وسيكون البرلمان قد فوَّت فرصة كبيرة بل هي فرصة العمر إذا لم يمارس سلطته في إزاحة الوزير من منصبه بسحب الثقة عنه وذلك حتى يُكتب له في أضابير التاريخ أنه أثبت ولو لمرة واحدة أنه يمارس دوره كرقيب حقيقي على السلطة التنفيذية.
الوزير بالطبع سيعمل وفق العُرف ويقدِّم تقريرًا عن أداء وزارته لكن لا أحد يعلم ما إذا كان الرجل سيقدم تقرير وزارة الخارجية أم تقرير الحركة الشعبية؟!
على البرلمان والبرلمانيين أن يرصدوا كل مصائب ألور في حق السودان بدءًا من ملف أبيي ومرورًا بتصريحاته المنتقدة للحكومة التي يُفترض أنه يمثلها أمام المنابر الدولية بما في ذلك تصريحاته خلال زيارته الأخيرة لأمريكا وانتهاءً بموقف الحركة من مذكرة مدعي الجنائية الدولية ثم قرار محكمة الجنايات بتوقيف البشير وزياراته واجتماعاته المشبوهة ودعمه للموقف الفرنسي حول قضية المحكمة الجنائية!!.
أزيدكم بعضًا مما يمكن أن يُسأل عنه وزير الحركة الشعبية فبالله عليكم ماذا تتوقعون أن يكون قد قال للمبعوث البريطاني مايكل أونيل الذي اجتمع به داخل مبنى وزارة الخارجية يوم الثلاثاء الماضي؟! ما رشح من أنباء الاجتماع أن الوزير والمبعوث البريطاني ناقشا تنفيذ اتفاقية مايسمى (السلام) وتحكيم أبيي التي تعلم الدنيا أن دينق ألور يتخذ حولها موقفًا متعنتًا انطلاقًا من حقيقة أنه من أبناء أبيي ثم انه قيادي في الحركة الشعبية التي تخوض معركة التحكيم ضد شريكها في الحكومة فبأي منطق يحق للرجل أن يناقش أبيي داخل وزارة الخارجية وليس في مكاتب الحركة الشعبية؟!
ناقش الاجتماع كذلك الانتخابات القادمة التي أكاد أجزم أن قضية التعداد قد طُرحت خلال مناقشتها ولا أحتاج إلى التذكير بموقف الحركة الرافض لنتائج التعداد بالرغم من أن كل المراقيبن الدوليين قد حكموا بصحتها وطالبوا باعتبارها نموذجًا يُحتذى في إفريقيا والعالم.
كذلك ناقش الاجتماع قرار المحكمة الجنائية الذي تتفق الحركة مع بريطانيا حول أهمية التعامل معها بالرغم من رفض الحكومة التي تشارك الحركة فيها بالحصة الأكبر وينطق ألور باسمها في المحافل الدولية!! ماذا تُراه قال للمبعوث البرياطني يا تُرى!!
معلوم أن وزير الخارجية وفقًا لمصادر لا أشك في صدقها يطرد السفراء الذين يُفترض أن يشاركوا في اجتماعاته لكتابة المحضر حتى يخلو له الجو ليبيض ويفرخ سمًا زعافًا ضد حكومته وبلاده!!
كذلك قابل ألور القائم بالأعمال الأمريكي وكان قبله قد قابل المبعوث الأمريكي قرايشن ورئيس لجنة الشؤون الخارجية بالكونجرس الأمريكي جون كيري فماذا تُراه قال لكل هؤلاء غير الكيد والتآمر على حكومته رغم القسم المغلّظ الذي أدّاه؟!
لكن المدهش أكثر من كل تصرفات دينق ألور الذي كنا قد حذرنا قبل تعيينه في منصبه الحالي وتنبأنا بكل ما اقترفه بعد ذلك من ممارسات في حق الوطن الذي ائتمنه على أحد أهم مناصبه.. المدهش هو غضب علي الصادق وربما امتعاض وزير الدولة الوسيلة السماني اللذين فات عليهما طبيعة الاستدعاء!!
هل يُعقل أن يغيب عن الوزير الوسيلة كل (البلاوى) التي ألحقها ألور بالبلاد وهل فات على الرجل أن من حق البرلمان أن يسائل دينق ألور عمّا إذا كان يباشر عمله بما ينسجم مع توجهات السياسة لخارجية التي خطتها الدولة ممثلة في رئيسها وحكومتها؟! هل فات عليه أنه على المستوى الشخصي يختلف عن دينق ألور وإلا لاكتفى البرلمان به كممثل لوزارة الخارجية حين يكون كل وزرائها ودبلوماسييها يتحدثون لغة واحدة؟!.
ثم أعجب أن يكون علي الصادق أسدًًا على البرلمان ونعامة مرتجفة أمام كل المبعوثين الدوليين والسفراء الغربيين الذين يجيد عند التعامل معهم اللغة الدبلوماسية الناعمة... أعجب أن يتعامل بتعالٍ مع رئيس السلطة التشريعية ويبدي (استغرابه) بل ورفضه لأسلوب رئيس المجلس الوطني مولانا أحمد إبراهيم الطاهر الذي وصفه بالحاد!!
وهكذا يركب علي الصادق موجة عرمان وألور في التهجُّم على رئيس البرلمان وكان الأولى به أن يترك التعبير عن دينق ألور باعتبار أن ألور ليس وزيرًا لخارحية السودان التي ينطق علي الصادق باسمها وإنما وزير لخارجية الحركة الشعبية!! إنني لا أطالب فقط بمساءلة دينق ألور وإنما بمساءلة ومحاسبة علي الصادق على جرأته على رئيس البرلمان حتى يعلم وغيره حدودهم عند التعامل مع السلطة التشريعية.