أوباما… بناء عالم خيالي!!
عادل الباز
13 June, 2009
13 June, 2009
مثل كثيرين بهرني الخطاب الذي سحر به أوباما العالم من القاهرة. فأعدتُ قراءته مرات، وتأملت هذه القدرة الهائلة لدى الفريق المتنوع الذي أعدّ هذا الخطاب. استطاع هذا الفريق نظم مجموعة هائلة من الأفكار بتداعٍ حُر سهّل على أوباما ممارسة فن الإلقاء الذي يتقنه ببراعة. أحسست في كثير من مقاطع الخطاب أنه يخاطب قضايانا مباشرة، وينثر أفكاراً ملهمة إذا ما تأملتها في ضوء ما يعانيه عالمنا العربي والإسلامي من مواجع.نوه اوباما لكلمات توماس جيفرسون الذي قال “إنني أتمنى أن تنمو حكمتنا بقدر ما تنمو قوتنا، وأن تعلمنا هذه الحكمة درسا مفاده أن القوة ستزداد عظمة كلما قل استخدامها”. ياترى كم من الرؤساء العرب المسلمين يدركون معنى هذه الحكمة؟. القوة عند حكام العرب، تزداد عظمة كلما نجحتَ في قهر الشعوب، وبقدر ما نمتْ تعاظمت معدلات رعونة أنظمتنا.قال اوباما: (لقد أتيت الى هنا للبحث عن بداية جديدة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، استنادا الى المصلحة المشتركة، والاحترام المتبادل. وهي بداية مبنية على أساس حقيقة أن أمريكا والإسلام لا يعارضان بعضهما البعض، ولا داعي أبدا للتنافس فيما بينهما، بل ولهما قواسم ومبادئ مشتركة يلتقيان عبرها، ألا وهي مبادئ العدالة والتقدم والتسامح وكرامة كل إنسان.) نعم هذه هي قيم العدالة والتسامح وكرامة الإنسان، وهي قيم تفتقدها أنظمتنا وهي قيم ليست مشتركة إلا في مستواها النظري. فكرامة الإنسان في عالمنا الثالث هي آخر ماتهتم به دولنا. والعدالة أبعد ما تكون عن التحقق، أما التسامح فتشهد عليه الحروب المستمرة التي تشتعل في أركان العالمين العربي والإسلامي.همس اوباما في أسماعنا بخلاصة ما توصلت إليه التجربة البشرية قائلا: (اسمحوا لي أن أتحدث بوضوح وأقول ما يلي: لا يمكن لأية دولة ولا ينبغي لأية دولة أن تفرض نظاما للحكم على أية دولة أخرى. ومع ذلك لن يقلل ذلك من التزامي تجاه الحكومات التي تعبّر عن إرادة الشعب، حيث يتم التعبير عن هذا المبدأ في كل دولة وفقا لتقاليد شعبها. إن أمريكا لا تفترض أنها تعلم ما هو أفضل شيء بالنسبة للجميع، كما أننا لا نفترض أن تكون نتائج الانتخابات السلمية هي النتائج التي نختارها، ومع ذلك يلازمني اعتقاد راسخ أن جميع البشر يتطلعون لامتلاك قدرة التعبير عن أفكارهم وآرائهم في أسلوب الحكم المتبع في بلدهم ويتطلعون للشعور بالثقة في حكم القانون، وفي الالتزام بالعدالة والمساواة في تطبيقه، ويتطلعون كذلك لشفافية الحكومة وامتناعها عن نهب أموال الشعب، ويتطلعون لحرية اختيار طريقهم في الحياة. إن هذه الأفكار ليست أفكارا أمريكية فحسب بل هي حقوق إنسانية، وهي لذلك الحقوق التي سوف ندعمها في كل مكان). الحقيقة أن اوباما لم يدرك أن الشعوب في عالمنا لم تعد تحلم بالمساواة ولا العدالة، كما أنها يئست من أن تضطلع للتعبير عن آرائها بشفافية أو بغيرها، والقيادات التي سوف تسمع هذا الحديث ستسخر من جهل اوباما بأحوال هذه الشعوب التي لم تعد تحلم بشيء سوى لقمة عيش كريمة.. وهيهات!!العالم الذي يحلم به اوباما (هو عالم لا يهدّد فيه المتطرفون شعوبنا.. عالم تعود فيه القوات الأمريكية الى ديارها.. عالم ينعم فيه الفلسطينيون والإسرائيليون بالأمان في دولة لكل منهم.. وعالم تستخدم فيه الطاقة النووية لأغراض سلمية.. وعالم تعمل فيه الحكومات على خدمة المواطنين.. وعالم تحظى فيه حقوق جميع البشر بالاحترام.. هذه هي مصالحنا المشتركة، وهذا هو العالم الذي نسعى من أجله.. والسبيل الوحيد لتحقيق هذا العالم هو العمل معا). عالم خيالي خاصة في عوالمنا نحن، حيث لاتخدم الحكومات إلا ذواتها وأهلها وعشيرتها الأقربين، ولاتعرف خدمة المواطنين الذين لايحظون بأي احترام كبشر. دعونا نحلم مع اوباما لعلنا نستطيع بناء هذا العالم الخيالي قبل أن يأتي يوم القيامة!!