ريح الحرب.. تصرصر على الباب “1”
24 June, 2009
في صيوان عزاء والدة السيد باقان أموم دار حوار هامس بيني وبينه لم يستغرق الحوار أكثر من ربع ساعة ولكني بعدها سرحت لعدة أيام متأملاً فحوى كلامه (لست مأذوناً بنشر الحوار) فتوصلت لنتيجة واحدة هي أن المخاوف التي كنت أفزع منها غدت أقرب مما تصورت وقدَّرت.
النخب السياسية ماتزال غارقة في جدالها العقيم والقديم حول السلطة والقواننين والانتخابات والمناورات في الوقت الذي يمضي فيه الوطن باتجاه المجهول. قلت لباقان مالم تتحلى النخب السياسية شمالية وجنوبية بقدر عالٍ من المسئولية فسنضع الوطن في مهب الريح. قال باقان (لن نكون مسئولين عن استدعاء هذه الريح أو النفخ فى أشرعتها). الريح تصرصر الآن على الباب هل تسمعونها؟ هاتوا آذانكم إن لم يكن بها وقر!!.
هل تعرفون من أي باب ستصرعكم ريح الحرب؟ من باب الانتخابات أم الاستفتاء أم من هناك من أبيي؟ لا أحد يعرف ولكن هذه هي البوابات المتقدة التي تنتظر هبة ريح. الغريب أن ذات هذه البوابات كانت مدخرة لصنع الاستقرار بالبلاد!!.
الانتخابات أهم منعطفات التحول الديمقراطي تحولت بقدرة قادر لمصيبة. فالأحزاب التي ستتنافس على مسرحها تشكك في حريتها ونزاهتها منذ الآن ساعدها في ذلك تلكؤ المؤتمر الوطني في تهيئة الأوضاع السياسية والقانونية الأزمة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة. أضيف لهذا التلكؤ رفض عبثي للحركة الشعبية لنتائج الإحصاء فكأن الإحصاء ينبغي أن يصمم ليثبت نسب نيفاشا لا أكثر ولا أقل.!! هكذا أصبحت الانتخابات مرفوضة بسبب خلافات الشريكين وموضوعاً لتشكك القوى السياسية والدعوات تمضي الآن لنزع الشرعية عن حكومة الوحدة الوطنية مما يعني أن أي انتخابات ستجريها الحكومة ستكون بحسب الداعين غير شرعية لفقدان الحكومة نفسها للشرعية!! إذن الانتخابات مشكوك في نزاهتها وشرعيتها مقدماً ومرفوضة من شريك نيفاشا، كل هذه المؤشرات تؤكد أن الانتخابات ستكون بوابة لحرب جديدة.
الاستفتاء الذي سيقرر مصير الجنوب يواجه مصيراً مظلماً. فقضية الحدود تنتظر الحسم واي نتيجة يمكن أن تتوصل لها لجان ترسيم الحدود ستكون موضع شك من أحد الأطرف وسيتطاول الجدل ولن يحسمه تحكيم في لاهاي. فالحدود من محددات التصويت لتقرير المصير ويلعب الترسيم دوراً في توزيع بعض آبار النفط, فمعركة قانون الاستفتاء معركة كسر عظم فهي ليست كمعركة قانون الصحافة (الماعندها وجيع) وليس مثل أي قانون آخر إذ يستحيل تمريره بالأغلبية الميكانيكية في البرلمان فلابد من وصول لتوافق مع الحركة الشعبية، وهذه ستسعى لتفرض شروطها بشكل نهائي ولن يكون بمقدورها تقديم تنازلات توثر في حق تقرير المصير وحقوق الدولة المنتظرة وثروتها، وبالتأكيد ستفضل العودة للحرب من باب الاستفتاء وخاصة في ظل هذا الصراع الداخلي ومزايدات ستشهدها الحركة في الأيام القادمة.
بوابة أخرى يُنتظر أن تفتح باباً جديداً للحرب ستهب ريحها هذه المرة من لاهاي. في العاشر من شهر يوليو المقبل سيصدر قضاة محكمة التحكيم في لاهاي قرارهم حول أبيي وهو القرار الذي لن يرتضية أي طرف من الأطراف. بل إن القرار المنتظر بدلاً أن يكون حلاً لمشكلة سيصبح صفارة البداية لانطلاقة حرب جديدة بين المسيرية ودينكا نقوك ومن ورائهما شريكا نيفاشا.
النخب التي لا تسمع ولا ترى ستعلم علم اليقين حين تقتلعها العواصف التي تزمجر الآن من جنة أوهامها ومصالحها وألاعبيها الصغيرة أن الله حق.