بين لام أكول والحركة الشعبية !!! 2-2
الطيب مصطفى
26 June, 2009
26 June, 2009
زفرات حرى
الطيب مصطفى
قبل أن يجف مداد مقالنا الذي ذكَّرنا فيه بإنذار الرئيس البشير للحركة الشعبية بأن عليها أن تتيح حرية العمل السياسي في جنوب السودان وإلا فإن حكومته ستطبِّق مبدأ المعاملة بالمثل على نشاط الحركة الشعبية في شمال السودان تأتينا الأنباء تترى بأن شرطة جوبا قد فضّت ندوة أقامتها حركة التغيير الديمقراطي التي يتزعمها د. لام أكول بالقوة الأمر الذي أوقع إصابات بالغة في أعضاء حركة لام أكول حيث تم نقل 22 منهم إلى المستشفى بعد أن أسيئ إليهم واتُّهموا بالعمالة للشمال! الآن وليس غداً ينبغي أن يُوضع حديث الرئيس موضع التنفيذ وتُمنع الحركة من ممارسة أي نشاط لها في الشمال وأن يُستخدم نفس الأسلوب الذي استخدمته الحركة في جوبا مع ندوة »التغيير الديمقراطي« فذلك وحده هو التطبيق الفعلي لعبارة الرئيس »العين بالعين والسن بالسن« بل إن على جلابة الحركة الشعبية أن يسمعوا ذات العبارة التي استُخدمت ضد جماعة »التغيير الديمقراطي« وأن يوصفوا بأنهم عملاء للجنوب! آن الأوان لإسكات باقان وعرمان ومن لف لِفّهم من أولاد قرنق ومناصريهم من الشيوعيين الذين لطالما تشدّقوا بعبارة التحول الديمقراطي والحريات السياسية التي كانوا ولا يزالون يظنون أنها لا تعني أو تشمل جنوب السودان الذي تحكمه شريعة الغاب ويجثم على صدره الجيش الشعبي بالحديد والنار وإسكاتهم إلى أن يتيحوا الحريات في جنوب السودان. آن الأوان لإلقام هؤلاء حجراً كبيراً بعد أن تكشفت الحقيقة... حقيقة أن فاقد الشيء لا يعطيه... آن الأوان لأن تصمت صحافة وأقلام الحركة الشعبية وحلفائها الشيوعيين ممن يقودون إعلام الحركة إلى أن ترى ما تدعو إليه في الشمال مطبَّقاً في الجنوب. لقد انتهى عهد المعارضة المدجنة في جنوب السودان.. معارضة الأحزاب الجنوبية التي يُخرس لسان كل واحد منها وجود عضو واحد منها في صفوف حكومة الحركة الشعبية أو »كشكشة« مبلغ هزيل من المال يُحشى به فم زعيمها وجاء للحركة الشعبية أخيراً »السم القدر عشاها«.. نعم لقد جاء لام أكول الذي سيمثل المعارضة الحقيقية لأول مرة في جنوب السودان أما المنهزمون من الجنوبيين المنتمين للمؤتمر الوطني والأحزاب الشمالية الذين يُرهبهم ويُخيفهم وصفهم بالجلابة فإنهم لن يقودوا معارضة حقيقية في جنوب السودان إلى أن يوفد المؤتمر الوطني والأحزاب الشمالية القومية شماليين »عديل« ليخوضوا المعركة هناك كما يخوض أبناء الجنوب المنتمون للحركة الشعبية المعركة في الشمال. لقد رأينا كيف يتحول رؤساء المؤتمر الوطني في بعض ولايات الجنوب ـ أقول رؤساء وليس أعضاء ـ يتحولون إلى الحركة الشعبية بإغراء تافه من منصب أو مال ولذلك فإن مثل هذه الزعامات والولاءات الهشّة لا يمكن أن توفر معارضة حقيقية لسلطة الحركة الشعبية وإنما يوفرها رجال صادقون من أمثال لام أكول الذي يعارض بشرف ويحالف بشرف كونه يتمتع بخلق يعصمه من البيع والشراء في سوق نخاسة السياسة المعطونة في »الوساخة« »politics is a dirty game « جاء لام أكول إلى جنوب السودان بحزبه الجديد والجنوب يعاني من الانهيار بعد أن أنهكه الجوع والفقر والخوف والجهل والمرض والاقتتال القبلي والفساد الذي قضى على أكثر من سبعة مليارات من الدولارات ذهبت هباء منثوراً.. لذلك فإنه جاء في الوقت المناسب بعد أن تهيأت له الساحة ليرتع في ميدان خالٍ من المنافسة انسحب منه كل اللاعبين وبقي هو ليصول ويجول ويحصل على نصر سهل لا يحتاج إلى أن يوجف عليه خيلاً ولا ركاباً خاصة وأن الحركة الشعبية تعاني من حالة احتضار وترقد على سرير الموت وكل المطلوب من المؤتمر الوطني أن يطبِّق مبدأ »المعاملة بالمثل« إنفاذاً لتوجيهات الرئيس خلال انعقاد مؤتمر الشورى الأخير وذلك حتى يتمكن لام أكول والأحزاب الشمالية بما فيها المؤتمر الوطني من دخول الملعب الخالي! أرجو أن تقرأوا معي الخبر التالي والذي يحكي عن حالة الولاءات الهشّة في جنوب السودان فقد انضم رئيس المؤتمر الوطني بولاية واراب وعضو المكتب القيادي المركزي دور شول إلى الحركة الشعبية ومعه 25 من قيادات الحزب ويعتبر هذا الرجل حسب الخبر أقدم رؤساء المؤتمر الوطني بالولايات الجنوبية وقد أعلن أن ما دفعه للانضمام للحركة »برامجها وجديتها في محاربة الفساد وضبط الأمن وتقديم خدمات تنموية في جنوب السودان بالرغم من مماطلة الحكومة المركزية في سداد متأخرات الجنوب« على حد زعمه... بربكم هل من »نكتة« ألطف من تبريرات الرجل لانضمامه للحركة الشعبية وهل من مسخرة أكبر من هذه؟! اسمعوا خبرًا آخر فقد قال والي أعالي النيل السابق داك دوب بيشوب في ندوة »أخبار اليوم« عن تحويل أموال جنوب السودان إلى أوروبا والخارج لمصلحة النافذين في الحركة إن »أفخم منزل في أستراليا يمتلكه جنوبي«!! هاكم خبرًا آخر: فقد كشفت تقارير اليونسيف التابعة للأمم المتحدة أن فتاة واحدة من بين كل مائة فتاة تكمل تعليمها الابتدائي!! هذه أخبار اليومين الماضيين وقد كتبت مراراً عن تصريحات المبعوثين الدوليين واعترافات بعض قيادات الحركة الشعبية عن تردي الأوضاع في جنوب السودان لكن آخر أخبار المنظمات الدولية ما صرح به الناطق الرسمي لبعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان »يوناميس« المستر كوايدر زورق والذي عبر عن » قلقه من انهيار السلام في جنوب السودان بسبب انتشار السلاح والنزاعات القبلية« وطالب كوايدر حكومة جنوب السودان بالعمل على الحفاظ على أرواح المدنيين وحمَّلها مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية!! ونُشر الخبر في صحيفة »الرأي العام« بتاريخ 17/6/2009م هذا هو واقع الحال في جنوب السودان بربكم أليست الساحة مهيأة تماماً للام أكول ليحصد ثمار الفراغ الناشئ عن الفوضى والتي تضرب جنوب السودان والعجز الذي جعل جنوب السودان دولة منهارة؟؟ حدث خطأ في المقال السابق حين قارنت بين لام أكول الذي توقف عن إلقاء بيانه عندما أذن الأذان لصلاة الظهر وذلك احتراماً لمشاعر المسلمين وباقان وعرمان اللذين رفضا إيراد »البسملة« في صدر الدستور الانتقالي للسودان وليس لجنوب السودان وقد قلت إن لام أكول الذي لا يقاتلنا في الدين تنطبق عليه الآية »لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين« بينما تنطبق الآية التالية على باقان وعرمان والحركة الشعبية الذين يشنون الحرب على الإسلام »إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون« إن حركة تزيل المساجد في جنوب السودان وتمنع الأذان وتعطل الجامعات والمؤسسات الإسلامية وتستكثر أن تعيِّن مسلماً واحداً في حكومة جنوب السودان لا يجوز شرعاً التحالف أو التراضي معها.