الأراضي السودانية ، بأي أمر منحت؟
4 July, 2009
الاراضي في السودان غالية جدا رغم اتساع البلاد. لكي تحصل علي قطعة سكنية عليك انتظار دورك في الخطة السكنية لسنين طويلة و ان تدفع شقي عمرك في دفع رسومها و تسجيلها و تنتظر ، اذا مد الله في أيامك سنين طويلة لتبني بها منزلا عاديا بمقاييس العصر. في هذا الوضع تحصل الشركات و الدول علي أراضي بغرض الاستثمار و قد تقوم باستثمارها و قد لا تفعل. ما يدور حول الأرض كثير و لكن اخره هو حصول الصين علي اراضي " خالية من الموانع". لا بد من ان هناك حكمة و هدف و مصالح من وراء ذلك الإجراء الحكومي ، لان الحكومة أي حكومة لا يمكنها التصرف في أراضي البلد التي تحكمها دون حساب و حساب دقيق ، خاصة اذا كان ذلك التصرف خالي من الموانع و لدول اخري او شركات او أشخاص أجانب. لذلك لابد من التساؤل كيف تم التصرف في الأراضي ؟ هل بالبيع ام الإيجار ام الهبة؟ و لاي فترة من الفترات ؟ هل لأجل محدد ام الي الأبد؟ و أين تقع تلك الأراضي ، و ما هي مساحتها و بأي أمر منحت؟ لماذا تم التصرف في تلك الارض و ما هي المنافع التي ستعود علي شعب السودان جراء التصرف فيها؟ و ما هي القيمة المضافة للاقتصاد السوداني جراء ذلك؟
الإجابة علي تلك الأسئلة في غاية الأهمية نسبة لحساسية الموضوع و ما يمكن ان تترتب عليه من اثار في ظل التقارير العالمية التي تتحدث عن بيع السودان لأراضيه و تمليكها لجهات أجنبية و في ظل دعاوي الاستعمار الجديد و ما هو مفهومه و شكله . لا يتوقف الأمر عند ذلك الحد و إنما يذهب الي التصرف في أراضي واسعة لصالح حكومات و شركات و أفراد في جنوب السودان ، و هو الأمر الذي لم يجد حظه من التغطية الإعلامية مقارنة بما حدث في الشمال.
رغم ان السودان بلد شاسع المساحة و ان الكثير من الأراضي الصالحة للزراعة غير مستغلة ، لكن الأرض لا تعتبر بلا حدود. السودان يعاني من مشاكل كثيرة ذات علاقة بالأرض منها التصحر و التغيرات المناخية التي امتد أثرها الي دارفور و شكل بعدا مهما من أسباب الأزمة الحادة في ذلك الإقليم الواسع . من المفيد عقد الشراكات الاقتصادية لكن كل ذلك يجب ان يكون بمنتهي الشفافية و الوضوح و ان يكون في اطار المعايير الاقتصادية المعروفة بفوائدها و مزاياها لطرفي الشراكة ، وان يتم ذلك في العلاقة بالأيدي العاملة. السودان أيضا مواجه بتقرير المصير خلال عامين و ربما ينتج عن ذلك انفصال الجنوب لدولة مستقلة. اذا حدث ذلك فانه سيشكل ضغطا علي الموارد الطبيعية بما فيها الأرض. الي ان يحين ذلك الوقت و الي حين الفراغ من ترتيبات المرحلة الانتقالية و إجراء الانتخابات و تكوين مؤسسات جديدة علي المستويين التشريعي و التنفيذي علي شركاء حكومة الوحدة الوطنية التمسك بالدستور و الاحتكام الي المؤسسات الناتجة عن نيفاشا و التي ارتضاها طرفا اتفاقيات السلام الشامل بما فيها مفوضية الأراضي. من هنا ندعو الي ان تمر التعاملات في الأراضي للأغراض الاستثمارية الداخلية و الخارجية عبر تلك المفوضية سواء كان ذلك في الشمال او الجنوب. بذلك تأخذ الاتفاقيات شكلها القانوني. كما يستدعي الأمر إحاطة السلطة التشريعية بجميع تفاصيل العقود المبرمة في الشمال و الجنوب بحكم ان المجلس الوطني مؤسسة سيادية قومية و ما لا يمكن الوصول اليه عبر الحكومة القومية يمكن الوصول اليه عبر مؤسسة الرئاسة الجامعة للوضع السيادي في البلاد بشماله و جنوبه. بهذا الشكل يمكن الإجهاز علي أي قول و الإجابة عن كل سؤال و قفل الباب أمام التكهنات بمآل الأراضي السودانية. و اذا كانت هناك انتخابات ستقوم في السودان فعلي الجميع تقبل الأسئلة الموجهة إليهم بصدر رحب و الإجابة عليها ، هذا أذا رغبوا بالفعل في كسب أصوات ناخبين لا ينتمون الي أحزابهم.