باقان وليامسون وونتر.. ضد غرايشن!! (2) … بقلم: عادل الباز
17 August, 2009
2/8/2009
بالأمس قلنا حين تعاطى العالم مع المؤتمر الوطني ايجابا ورفع الجزرة، استطاعت أمريكا و العالم أن يحصلا على اتفاقية سلام تاريخية، ولذا فإن سياسة رفع الجزرة آتت أُكُلها، فى حين فشلت العصا فى تحقيق مكسب واحد السياسية الأمريكية. الآن يحاول غرايشن مبعوث الرئيس الامريكي أن يجرّب سياسة جديدة تجاه الخرطوم، مستنكرا فكرة العصا والجزرة قائلا (تعرفون أن سياسة العصا والجزرة تتعلق بالحمير). في جلسة الكونغرس أمس الأول حدد غرايشن أهدافا وركائز السياسة الأمريكية تجاه السودان كالآتي (أقول لكم ما نريد تحقيقه, اننا نريد بلدا يحكم بشكل مسؤول وعادل وبصورة ديمقراطية، بلدا يعيش في سلام مع نفسه ومع جيرانه، بلدا مزدهرا إقتصاديا.. وبلدا يعمل جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة على المصالح المشتركة. نريد سلاما شاملا دائما في إقليم دارفور, نريد تنفيذاً كاملاً لاتفاق السلام الشامل وفترة سلمية لفترة ما بعد الاستفتاء على حدٍ سواء , وأن يقسم السودان سلميا وبشكل منظم الى دولتين منفصلتين اذا اختار الجنوب الانفصال, إننا نرغب فقط في الأفضل للشعب السوداني. هذه هي رؤيتنا.). . المؤتمر الوطني كحزب مسؤول عن ادارة البلاد، لا أظن أن له أهدافا مغايرة ولا اعتقد ان سودانيا يمكن ان يقف ضدها اللهم الا باقان أموم!!.
قدم غرايشن ركائزه الأربع لتحقيق هذه الاهداف. الاولى ايجاد حل لمسألة دارفور، والثانية هي الحفاظ على اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب، والركيزة الثالثة تدعو لتوظيف وإستقرار الحكومة السودانية، والتي تتضمن إما حكومة جنوبية قادرة علي التعايش سلميا أو دولة الجنوب المستقلة. أما ركيزتنا الرابعة والأخيرة فهي السعي لزيادة وتعزيز التعاون مع الحكومة السودانية لمكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الإقليمي، بما يتسق مع أهدافنا الكلية للسلم والأمن في السودان, كما أننا نسعى الى وضع حد لجهود السودان لإضعاف أو تهميش المعارضين في الخارج أو الإصطفاف مع الدول الهدامة.
الملاحظ أن هذه الأهداف والركائز التي وردت في افادة غرايشن لاخلاف عليها داخل الحكومة الأمريكية، ولا مع المؤتمر الوطني، إنما الخلاف في الأولويات بالنسبة للمؤتمر الوطني وفي النهج الذي يتبعه غرايشن في تعامله مع الحكومة السودانية وهذا ما يصرّح به خصوم غرايشن.
المؤتمر الوطني يوافق على الأهداف والركائز، ولكنه يبحث عن تعاطي ايجابي، وثمّن لهذا التعاطي. المؤتمر الوطني لكي يقبل بأمريكا شريكا كاملا يسعى لتحقيق اهدافه هو ايضا المتمثلة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهارب توطئة لرفع العقوبات عنه ومن ثم فتح الباب واسعا للتعامل مع الموسسات الاقتصادية العالمية ومن ثم أوروبا وبنوكها وصناديقها، وتتبعها بلا شك المؤسسات العربية التي تطالب السودان بحسن سير وسلوك من صندوق النقد والبنك الدوليين.!!.الآن وفي مثل هذا الوضع الاقتصادي المأزوم أحوج مايكون المؤتمر الوطني لمثل هذا الاختراق حتى يفك الطوق عن عنقه، ولذا فإن تلويح غريشن برفع العقوبات بهدف تليين موقف المؤتمر الوطني فى عدد من القضايا المتوقفة الآن فى اتفاقية السلام الشامل أو في مفاوضات دارفور. تقديري أن المؤتمر الوطني لن يأكل من مائدة هذه الوعود بل سيسعى لحصد نتائج آنية ومباشرة.
المؤتمر الوطني يدرك أن ادارة أوباما تعاني هي الأخرى من أوضاع حرجة على مستوى الداخل والخارج. فالأزمة الاقتصادية لاتزال تلقي بظلالها على الاقتصاد الأمريكي ولم تثمر الخطط، ومليارات الدعم عن نتائج ملموسة حتى اللحظة. خارجيا تغوص أمريكا لازالت فى وحل العراق الذي يغرق هو الآخر من غياهب حرب أهلية بدأت تعود من جديد بعد الانسحاب الأمريكي من المدن العراقية. في افغانستان لاتزال أمريكا تواجه أوضاعا خطرة. إذن أوباما وفريقه يبحثون عن نصر خارجي سريع وليس اسهل من ملف دارفور وسلام الجنوب. الملفان بالإمكان تحقيق تقدم بشأنهما بل يمكن طيّهما نهائيا اذا ما تعاونت الأطراف بشكل جدي. المؤتمر الوطني يلعب على وتر الحاجة الماسة للسياسة الأمريكية لأي انجاز ممكن، ولهذا ثمنٌ يرغب المؤتمر الوطني فى استلامه كاملا. هل سينجح؟ هذا ما سنعرفه قريبا بعد اتضاح نتائج الحراك الدائر الآن بين الخرطوم وواشنطون او بين الثنائي غازي-غرايشن.