“حصاد” القطرية .. رسالة “محبة” للسودانيين

 


 

 

 

محمد المكي أحمد

modalmakki@hotmail.com

 

زرت في اطار عملي الصحافي قبل يومين أي في التاسع والعشرين من أغسطس 2009  رئيس مجلس ادارة شركة "حصاد الغذائية" السيد ناصر محمد الهاجري ودار حديث عن دور الشركة وأهدافها، ومدى اهتمامها بالسودان كموقع لشراكة استثمارية.

 

غداة  هذا اللقاء حضرت اول مؤتمر صحافي عقده الهاجرى منذ تأسيس شركة "حصاد" في عام 2008، وكان السودان حاضرا بقوة في وقائع المؤتمر الصحافي .

 

قبل الخوض في دلالات الاهتمام القطري بالاستثمار في السودان أشير الى أن "حصاد" القطرية هي  نتاج  قرار استراتيجي اتخذه أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني  في سبيل توفير الأمن الغذائي للقطريين ولدول المنطقة وعدد من دول العالم، ووفق رؤية عملية تحقق من خلالها قطر ارباحا من خلال استثماراتها المتعددة المجالات.

 

القيادة القطرية عندما اتخذت قرار بانشاء شركة ستثتثمر مليارات الدولارات في آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية و أوروبا،  فانها تدرك  عمليا لا نظريا أن تأمين مصادر الغذاء للناس هو صمام أمان حقيقي سيدفع بخطط التنمية الى الأمام، ولا يخفى على أحد في العالم أن تأمين "لقمة العيش" تساهم بشكل كبير في تعزيز استقلالية أي بلد في العالم وترسيخ كرامة أهله.

 

في لقائه مع الصحافيين قال رئيس مجلس ادارة شركة حصاد الغذائية إن  توجيهات أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة  تركز على تأمين الغذاء لقطر والمنطقة، وفي هذا السياق قال إن السودان هو أول بلد زاره وفد من الشركة في يوليو عام 2008.

 

الهاجري نوه بالعلاقات القطرية السودانية وبالتعاون والتنسيق بين البلدين، وأعلن أن الشركة ستقيم مشروعا "كبيرا وجبارا" في السودان"، وهو لم يكشف تفاصيله التي سيتم  الكشف عنها قريبا.

 

القطريون أصحاب مبادرات ايجابية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتعليميا وفي مجالات عدة .

 من يعرف معرفة حقيقة شاملة  نهج القيادة القطرية   أو سمع عن ذلك  من مصادر أمينة  منصفة غير مغرضة فانه يدرك أن الموقف القطري تجاه السوداني  هو الأكثر وضوحا وثباتا وهو   ممزوج  بالكثير من المحبة للسودانيين.

 

 ومن دون شك هناك حرص على تحقيق المصلحة المشتركة، لأن  التعاون المفيد والمثمر والقابل للاستمرار ية والبقاء  هو الذي يبنطلق من مرتكزات المصالح المشتركة لا من العواطف فقط  أوتريد الأغاني السياسية وعبارات المجاملة.

 

عندما اختارت قطر السودان أول موقع في العالم لاستثمارات شركة "حصاد"  التي تعبر عن رؤية قطرية عصرية واستراتيجية،  فان من حق الشعب السوداني أن يعرف أن قطر لا تقف جسور تواصلها مع السودان في حدود السعي لمساعدة السودانيين على التوصل الى حل توافقي سلمي لأزمة دارفور بل يتجاوز دورها هذا المسعى النبيل الى ميادين الاستثمار والشراكة النافعة .

 

في هذا الاطار لا أضيف جديدا عندما أقول إن  السودان مؤهل  بامكاناته وقدراته  لاستقطاب استثمارات عربية ودولية،  لكن هناك ضرورات ملحة لتثبيت دعائم الاستقرار السياسي  لأن المستثمر -أي مستثمر- سواء كان عربيا او غيره يهتم بمناخ  الاستقرار والأمن والطمأنينة.

 

كما يهتم  المستثمر بأجواء الشفافية والقضاء على الروتين والكثير من العراقيل والمعوقات  والأساليب "القبيحة" التي تشوه سمعة المناخ الاستثماري و تثبط همم المستثمرين.

 

 سمعت من مستثمرين خليجيين التقيتهم في صنعاء على هامش اجتماع استثماري خليجي يمني قبل فترة كلاما عجيبا عن عراقيل وأساليب غريبة عجيبة  واجهت بعض  المستثمرين  في السودان..

 

أشدد على  هذا الكلام  للتأكيد  على ضرورة الاستفادة القصوى من توجهات خليجية وعربية ودولية تهدف الى الاستثمار في السودان،  خاصة في مجال الغذاء،.

 رب ضارة نافعة حملتها الأزمة الغذائية العالمية الى السودانيين، حيث زارت  الخرطوم وفود استثمارية من دول عدة خلال الفترة الماضية لاستكشاف فرص استثمارية و لخوض معاراك الاستثمار لا حبا في السودان ولكن بحثا عن المصلحة المشتركة.

 

أشير في هذا السياق الى أن القطريين يركزون في أولوياته  كما قال رئيس مجلس ادارة شركة حصاد الغذائية على انتاج اللحوم و القمح والارز والشعير كما يسعون في مرحلة ثانية الى انتاج الخضر والفواكه كما سيرتادون  آفاق التغليف والتعليب.

 

السودان يتيوأ موقعا متقدما في خارطة الاهتمامات الاستثمارية القطرية والخليجية بشكل عام، والمطلوب أن تسعى الحكومة السودانية الى استثمار هذا التوجه بشكل ايجابي  يضع في اولوياته أيضا  ضرورة السعى لحل مشكلات السودان التي تعكر صفو الاستقرار في السودان وتعكس صورا سلبية عن الأوضاع  في البلد.

 

هذا معناه أن التحدي الأكبر الذي يواجه  نظام الحكم في السودان يكمن في مدى ادراكة عمليا لا نظريا لعلاقة الترابط   بين كيفيات  جذب المزيد من  المستثمربن لخير السودان  وأهله وبين ضرورات الاستقرار السياسي الذي يمثل كلا غير قابل للتجزئة.

 

لا يمكن أن نتغنى بخيراتنا وثرواتنا  في وقت يشهد حتى الآن  فشلا  في خلق مجتمع التعايش والتراضي الذي يقوم على قيم المواطنة والحرية والمساواة والعدل.

 

في هذا السياق أعتقد أن هناك ضرورات ملحة تستدعي عدم تركيز الاستثمارات في مناطق معينة في السودان، لأن في ذلك ما يرسخ قناعات بان الظلم الاستثماري كما الظلم السياسي  يشمل مناطق المهمشين وبينها  كردفان ودارفور على الرغم من وجود امكانات وثروات كبيرة في هذين الاقليمين على سبيل المثال.

 

لا أعرف لماذا تفرض  الحكومة المركزية في الخرطوم حصارا على المستثمر  ولا تتيح لكل  حكومات الولايات فرص التحرك الخارجي و الترويج لمشاريع استثمارية استراتيجية انطلاقا من رؤية تنسيقية سودانية شاملة تساهم في  وضعها والاشراف عليها الحكومة المركزية.

 

عدد من  أبناء السودان في الخارج  مستاؤون من  عدم اتاحة الفرص أمام المستثمرالخليجي والعربي  للتعرف على فرص الاستثمار في بعض مناطق الريف السوداني، وهذا يخلق غبنا ويؤكد أن معادلة العمل الاستثماري تحتاج الى الاحتكام لنهج المساواة والعدالة والشفافية .

 

نظام الحكم في السودان يحتاج اذا اراد أن يخلق  استقرارا في عدد من مناطق السودان أن يسعى الى   تشجيع الاستثمارات في مناطق التهميش والغبن  بل في كل بقاع السودان، حتى لا تزداد معدلات الظلم، وحتى يساهم الاستثمار المدروس في خلق الاستقرار في مجتمع مازال يعاني من صراع سياسي لا سبيل لمعالجته الا من خلال التوافق الوطني على أسس الحرية والعدل.

 

برقية: "حصاد" القطرية  رسالة  ايجابية  للسودانيين

              عن صحيفة (الأحداث) 21 أغسطس 2009

 

آراء