علي الحاج: الإنقلاب الذى قمنا به كان عملاً خاطئاً
9 October, 2009
الدكتور علي الحاج محمد، نائب الامين العام المساعد، لحزب المؤتمر الشعبي الذى يتراسه الدكتور حسن عبد الله الترابي، شخصية غنية عن التعريف نسبة لدوره المؤثر في الحركة الاسلامية وبصماته الواضحة في حكومة (الإنقاذ) في بداياتها الاولي، وفوق هذا و ذاك، فهو شخصية مصادمة. اتي الي الحركة الإسلامية علي ظهر (جمل) من منواشي، وعندما اختلف مع قادة (الإنقاذ) ترك لهم (الجمل) بما حمل، و ذهب الي المانيا حيث يقيم الان. أجرينا معه هذا الحوار عبر الهاتف، وكان صبوراً علي اسئلتنا حتي نهاية الحوار، فالي مضابط الحوار:
اجرى الحوار لاجراس الحرية من واشنطن: عبد الفتاح عرمان
علي الحاج: مستعد لمحاكمتي علي مشاركتي في (الإنقاذ)
إجتماع جوبا نقلة نوعية و افضل من الإجتماع في اسمرا
الاولوية اليوم توحيد السودان و ليس الحركة الاسلامية
حدثت تجاوزات في عهد الإنقاذ
جوبا اصبحت عاصمة المعارضة
الحركة الاسلامية التي يتراسها علي عثمان هي حركة حكومية!
* دكتور علي الحاج محمد، ماهو رايكم في المقررات التي خرج بها مؤتمر جوبا الذى شارك فيه حزبكم؟
و الله انا بصورة عامة، اعتقد بان الحدث في حد ذاته مهم، و لقاء جوبا علي الرغم من انه تاخر كثيراً ولكنه كان إيجابياً و مثمراً بغض النظر عن المداولات التي حدثت، وكذلك بغض النظر عن النتائج. انا اعتقد بان هذه مسالة مهمة جداً، وانا اعتقد بان الحركة الشعبية بدون شك بدأت تعمل بالموجهات التي كانت تعمل بها منذ تاسيسها، لذلك انا اعتقد بان الحدث مهم، وجاء في وقت الشعب السوداني كان في إنتظاره. و الشىء المهم بان احزاب المعارضة التقت في جوبا بحزب هو شريك في الحكومة، فهذه مسالة إيجابية لان الحركة الشعبية بثقلها في الحكومة بعد ان قضت فترة في الحكومة وهذه الفترة مكنتها بان تكتشف اشياء كثيرة في الحكومة لم تكن واضحه لها وهي خارجها. فمن حيث المبدأ، انا موافق علي ما تم في جوبا، وهي كانت فرصة سانحة و يجب علي الجميع التامين عليها و تطويرها في المستقبل.
- ولكن بعض التوقعات كانت تشير الي ان مؤتمر جوبا سوف يخرج بتحالف لاحزاب المعارضة لمنازلة المؤتمر الوطني في الانتخابات القادمة، و هذا ما لم يحدث، كيف ترى هذه المسالة؟
و الله، كما يقولون بان العافية درجات، اعتقد بان هذه كانت بداية موفقة خصوصاً بان احزاب المعارضة ارادت ان تعطي المؤتمر الوطني فرصة ليغير الوضع الحالي. و مؤتمر و إعلان جوبا اعطي الفرصة للمؤتمر الوطني للتغيير من سياساته و توجهاته المعروفه لدى الناس، و إعطاءه الفرصة لينتهج النهج المبني علي المؤسسيه و الدستورية كما تم الاتفاق عليها في الدستور الانتقالي، و إطلاق الحريات و ما الي ذلك. انا بفتكر بان القوى السياسية حاولت ان تعطي فرصه للمؤتمر الوطني، و اعلان جوبا جاء متسامح، متوازن و متعادل، و الان الكرة في معلب المؤتمر الوطني، و علي مقدرته في التصالح مع الاخرين لان كل مقررات جوبا إستندت علي الدستور الإنتقالي و علي (نيفاشا) و علي الفهم العام للحريات و التداول السلمي للسلطة. و عليه انا اعتقد بان القوى السياسية تحدثت عن الانتخابات، و لم تتحدث عنها الا في ما يتعلق بالمسائل الإجرائية و هذه فرصة للمؤتمر الوطني حتي يتعامل بايجابية مع قرارات جوبا.
* ولكن المؤتمر الوطني رفض المشاركة في مؤتمر جوبا لانهم قالوا بانكم تريدون من مؤتمر جوبا محاكمة (الإنقاذ) و هدم إتفاقية السلام، بل مضوا اكثر من ذلك و قالوا بان مؤتمركم تم بتمويل من الخارج، ما هو قولكم؟
انا لا اتحرج من محاكمة (الإنقاذ)، و انا جزءاً من (الإنقاذ)، ولا ارى حرجاً سياسياً في محاكمة (الانقاذ). و بدون شك، من الناحية السياسية (الإنقاذ ) كمشروع ليس هنالك حرجاً في محاكمتها، وانا جزءاً منها. و هذا علي الرغم من ان مؤتمر جوبا لم يقل بمحاكمة (الانقاذ)، ولكني لا امانع في محاكمة (الانقاذ) خصوصاً لانها حققت اشياء ايجابية و اخرى سلبية، و اقول هذا الحديث و انا جزءاً منها، لكن مؤتمر جوبا لم يشر الي ذلك. و اعتقد بان هذه حجة ضعيفة للذين تخلفوا، لان (الإنقاذ) اذا كانت مطمئنة و مؤمنة بما قامت به و ما تصرفت به لذهبت الي جوبا. وانا بالعكس اؤمن بالمراجعة و المحاسبة لان هذه طبيعة العمل السياسي.
- ولكن ربما يقول البعض انكم مستعدون الان لمحاكمة (الإنقاذ) لانكم لستم جزءاً منها الان و تقفون في صف المعارضة؟
فليكن هذا، و لكن الواقع موجود الان، كنا جزءاً منها في بدايتها الاولي و خرجنا منها بعد اتخذت طريقاً اخر، ولكن فترة حكم (الانقاذ) كلها تدخل في المحاكمة ليس لدى شك في ذلك، علي الرغم من ان (إنقاذ) اليوم ليست (إنقاذ) البداية، و مشروع اليوم ليس هو مشروع (الإنقاذ). و القضايا التي نتكلم عنها اليوم ليست هي القضايا التي اتت من اجلها (الإنقاذ)، لذلك ان لا اتحرج من المحاكمة. و الحديث عن عدم رغبة الاخرين في المحاكمة فيه كثير من الحرج وتهرب من المسؤولية، لذلك انا اقول لا امانع في محاكمة (الإنقاذ)، و انا لا اقول هذا الحديث اليوم لاني في المعارضة بل مستعد لاى محاكمة علي الفترة التي شاركت فيها في (الإنقاذ)، و لا اود ان اتدثر بثياب المعارضة او الحكومة ولكني اقول يجب ان تكون هنالك محاسبة، هذا علي الرغم من ان مؤتمر جوبا لم يطالب باى محاكمات.
- هل انتم مستعدون لاى محاكمات في المستقبل، خصوصاً بان بدايات (الإنقاذ) الاولي تم فيها الكثير من التجاوزات، من تشريد لخصومكم السياسيين الي الفصل التعسفي من العمل، الي تجاوزات الاجهزة الامنية، ثم الي القتل و الحرق؟
نحن مستعدون الي كل جانب، يا اخي، وفي نهاية المطاف هنالك محاسبة سياسية و اخرى جنائية. المحاسبة السياسية، نتولاها نحن جميعاً و هذا في ما يتعلق بالقضايا السياسية الكبرى. وهذه ليست المرة الاولي ان يقوم حزب سياسي بعمل عسكرى، و سبقتنا احزاب اخرى مثل حزب الامة و الحزب الشيوعي و هكذا. انا اعتقد بان المحاسبة السياسية هي بدون شك محاسبة مطلوبة ونحن جاهزون لها. و هنالك محاسبة جنائية، وهي ليست محاسبة عامة و إنما كل إنسان مظلوم و كل إنسان قُتل او عُذب يعرف من ظلمه او عذبه، و نحن نعرف ذلك، و مستعدين اليه ايضاً، ولا نمانع من وجود محاسبة سياسية او جنائية. و يبقي السؤال: من يقوم بالمحاسبة؟ و علي اية حال ليس لدينا مانع من المحاسبة. و إعترافنا بالواقع، و اعترافنا بان هنالك إشكاليات و إعترافنا بان هنالك تجاوزت قد حدثت هو جزء من المحاسبة، وهذه حقيقة يجب ان نقولها.
- اذاً انت تقر بان هنالك تجاوزات تمت علي المستويين السياسي و التنفيذى علي ايام (الإنقاذ) الاولي، اذا صح التعبير؟
(الإنقاذ) الاولي او الاخيرة، انا بالنسبة لي التجاوزات السياسية سوى كانت في (الإنقاذ) الاولي او الثانية او الاخيرة هي تجاوزات يجب ان يُحاسب عليها الناس، و انا لا اشعر بوجود إشكالية في المحاسبة.
* دعنا نعود الي مؤتمر جوبا مرة اخرى، المؤتمر الوطني لم يشارك في مؤتمر جوبا، ماهي البدائل لديكم اذا لم يُنفذ المؤتمر الوطني توصيات مؤتمر جوبا؟
انا اعتقد بان إعلان جوبا هو إعلان سياسي، وهو إعلان يتخذ من الوسيلة المدنية نهج للمعارضة و نهج لتصحيح الاوضاع، وهو ليس حرباً ضد احد، و الذين إجتمعوا في جوبا لا يحملون السلاح و إنما هم يقاومون مقاومة مدنية و سياسية، و هذا هو الجانب الإيجابي في إعلان جوبا. و هذا هو الجانب الذى يخيف الحكومة، لانها كانت دائماً تخشي من العمل السياسي، وانا اعتقد بان العمل السياسي مُقدم علي غيره. وعدم تجاوب الحكومة مع العمل السياسي يشجع الاخرين للقيام باعمال اخرى غير سياسية، وعدم إستجابة الحكومة للعمل السياسي شجع الاخرين لحمل السلاح، و لمقاومة الحكومة عبر العمل المسلح. و لذلك انا اعتقد بان مؤتمر جوبا هو فرصة و سانحة للتعافي، وعلي كل، المعارضة الان اصبحت في جوبا، وانا يهمني جداً، كسوداني و سياسي كون المعارضة تلتقي في جوبا، و تصبح جوبا عاصمة للمعارضة. وانا اعتبر جوبا الان هي العاصمة السياسية للسودان رضيت الحكومة ام رفضت، و لذلك انا اعتقد هذا الامر في حد ذاته يمثل نقله نوعيه بالنسبة لقوى المعارضة، لانه بدل ان تجتمع المعارضة في اسمرا او اى مكان خارج السودان اصبحت الان تجتمع داخل السودان. و الان اصبحت المعارضة في الداخل، وهذه مسالة إيجابية، و لمصلحة كل السودان يجب ان تكون هنالك معارضة مدنية تعمل من داخل السودان. و لماذا اصبحت جوبا عاصمة سياسية للسودان؟ اصبحت كذلك لان هنالك حرية للعمل المعارض في جوبا، اذا الحرية هي التي تشجع الناس، وانا اعتقد بانه ما لم تكن هنالك حريات تسع كل الناس الموجودين في كل انحاء السودان سوف تكون جوبا عاصمة السودان السياسية الاولي، و التي بدون شك سوف تكتسح كل المدن الاخرى، و سوف تصبح الخرطوم منطقة طاردة و قابضة فيها تشريد و قمع..الخ. وفي هذا الجانب،بدون شك اعتقد بان مؤتمر جوبا احدث قفزه نوعيه.
* الا تتفق معي بان الحركة الشعبية ارادت من مؤتمر جوبا إستخدامكم ضد المؤتمر الوطني؟
و الله انا لا اعتقد ذلك، ولكن لنفترض جدلاً بان الحركة الشعبية تريد إستخدام القوى السياسية ضد المؤتمر الوطني ما العيب في ذلك؟!. انا اعتقد بان المؤتمر الشعبي الذى شارك في هذا المؤتمر او اى حزب من الاحزاب الاخرى التي شاركت في المؤتمر هي احزاب واعية و تعلم ما تفعل، و لذلك لا اعتقد بان الحركة الشعبية تريد إستغلال هذه الاحزاب، و لنفترض بانها تريد إستغلالهم فما العيب في ذلك؟! فهذا عمل سياسي. و هنالك مسائل كثيرة جداً مثل الإستفتاء و الانتخابات و غيرها من القضايا لا يمكن تركها للحكومة او الحركة الشعبية، ويجب ان تشارك فيها كل الاحزاب. و لا اعتقد بان الحركة تريد إستغلال القوى السياسية لصالها، و القوى السياسيه بمقدروها ان ترى بنفسها من يريد استغلالها و من لا يريد ذلك.
- اذا نظرنا الي (إعلان جوبا) نجده قد حوى كل ما تريده الحركة الشعبية، ما قولكم؟
انا لا اقول ما تريده الحركة الشعبية، بل اقول (إعلان جوبا) هو ما يريده الشعب السوداني، يا اخي. و (إعلان جوبا) تحدث عن الحرية، الديمقراطية، حل قضية دارفور و تحدث عن العدالة و المحاكمات، و قسمة السلطة و الثروة، كل هذه الاشياء وردت في الدستور الانتقالي، وهذا ما يريده الشعب السوداني و ليس الحركة الشعبية.
* في إجتماعات مجلس شورى المؤتمر الوطني، كانت هنالك بعض الاراء تنادى بفصل منصب رئيس الجمهورية عن منصب رئيس المؤتمر الوطني..هل هذه الاراء تنذر بانشقاق قادم في صفوف (الوطني)؟
طبعاً هذه القضية تعود بنا الي المشاكل التي حدثت منذ اكثر من عشرة اعوام، و كما تذكر (مذكرة العشرة) في عام 1998م، وما يحدث الان هو نفس ما قلناه من قبل، بان يكون هنالك رئيساً للمؤتمر الوطني و اخر للحكومة، وان يكون الحزب هو الاساس و ليس الحكومة. و ما ظهر في إجتماعات مجلس شورى المؤتمر الوطني يعيد الكرة مرة اخرى خصوصاً بان هنالك قيادات في المؤتمر الوطني رفضت هذه الإتجاه من قبل و رفضته الان. و لكني اعتقد بان الوضع السليم ان يكون هنالك رئيس للمؤتمر الوطني و اخر لرئاسة الجمهورية، ولكن بعد (مذكرة العشرة) اصبح رئيس الجمهورية هو كل شىء، لديه صلاحيات و هو الذى يقرر في كل شىء. و لا اعتقد بان هذا الإقتراح سوف يقود الي إنقسام داخل المؤتمر الوطني، وعلي كل هذا شان يخص المؤتمر الوطني. و المؤتمر الوطني الان مواجه بقضايا شائكة اكبر من فصل منصب رئيس الجمهورية عن رئيس المؤتمر الوطني.
* برز ايضاً اتجاه داخل إجتماعات مجلس شورى المؤتمر الوطني بمنح منصب نائب رئيس الجمهورية لشخصية بارزة في حزبكم تنتمي الي اقليم دارفور.. هل هذا عربون صداقة من (الوطني) لحزبكم لراب الصدع ما بين (القصر و المنشيه)؟
و الله حسب علمي، هذا الراى تم تداوله قبل اكثر من شهر داخل اروقة المؤتمر الوطني، او بالاحرى يتم تداوله في رئاسة الجمهورية، او بالتحديد رئيس الجمهورية. وانا اعتقد بان حل الاشكاليات بالمناصب و باشخاص بعينهم هي محاولات فاشلة، لان القضية ليست قضية مناصب او اشخاص تاتي بهم في مناصب لحل قضية بعينها، وحتي لو تم منح دارفور منصب رئيس الجمهورية فهذا لن يحل المشكلة لان المشكلة في الحكومة او المؤتمر الوطني الذى يعتقد بان القضايا سوف تحل بالمناصب، لان كل هذه المحاولات هي محاولات فطيرة، بائسة و يائسة ولن تحل القضية. وعلي كل، ليس مشكلة اهل دارفور الوظائف. وكل هذه المحاولات لكسب بعض الاشخاص ولكنها لم تات بنتائج.
* يرى بعض المراقبون بان الساحة السياسية مقبلة علي توحد حزبكم مع المؤتمر الوطني قبل الانتخابات القادمة.. ما صحة هذا الامر؟
انا استبعد ذلك، و ليس هنالك شىء مستحيل لكن بالمعطيات الموجودة انا اشك بان يحدث نوع من التحالف او التقارب ما بين (الوطني) و (الشعبي) لان هناك خلافات جذرية، يا اخي. و هذه الخلافات تتعلق بالشورى و إطلاق الحريات العامة و قضية الفساد نفسها، وانتم تعملون قضايا الفساد الموجودة الان، و لا يمكن للحركة الاسلامية ان تتوحد في ظل قضايا الفساد الموجودة اليوم، بغض النظر عن انها صحيحه او غير صحيحه لكن يجب ان يتم تحقيق فيها. و هنالك قضية محكمة الجنايات الدولية، ما هو الموقف من هذه القضية؟ هذه القضية تتحدث عن تجاوزات قام بها افراد. انا استبعد حدوث اى تقارب و لا اقول بانه مستحيل لكن استعبد ان يتم تحالف لدخول الانتخابات لان الاراء مختلفه تماماً، و عندما اقول اراء لا اعني اشخاص و انما اعني ان نهجنا يختلف تماماً عن نهج المؤتمر الوطني خصوصاً في ما يتعلق بالحريات. وفي قضايا مثل إنتخاب الولاة، وهي القضية التي فجرت الموقف كله، وقادت الي الإنقسام. لاننا كنا نرى حينها، بانه يجب إنتخاب الولاة و الاخرين رفضوا هذا الامر، و قالوا يجب ان يتم تعين الولاة، و كنا نرى في موضوع الجنوب ان يتم منحه حق تقرير المصير و الالتزام بالاتفاقيات الموجودة، فكل هذه اراء ما زلنا متمسكين بها و لن نتزحزح عنها. و كذلك راينا في ان يكون هنالك حكم إتحادى حقيقى و في كل ولايات السودان لم يتغير موقفنا منه. و اذا الجنوب قرر ان ينفصل فهذا حقه، وكل هذه القضايا نحن مختلفون فيها اختلاف كبير مع المؤتمر الوطني. وعلي كل، انا اعتقد بان الاولوية اليوم ليس التقاء المؤتمر الشعبي و الوطني او توحيد الحركة الاسلامية بل ارى بان الاولوية هي توحيد السودان، اعتقد بان هذه هي الاولوية التي خرج بها مؤتمر جوبا.
- علي ذكر الحركة الاسلامية، هنالك حوار صحفي اجرى مع المفكر الاسلامي د. الطيب زين العابدين، قال فيه بان الحركة الاسلامية (إتفرتقت) هل توافقه الراى؟
ايوه، الحركة الاسلامية بمفهومها القديم ليس لها وجود، و لكنها (اتفرتقت) علي اسس و ليس علي اشياء شخصية. انا اعتقد، نحن كحركة اسلامية مع الحريات ومع الحكم الاتحادى ومع إنتخاب الولاة و الايفاء بالعهود و المواثيق، و الحركة الاسلامية ضد الفساد، واذا كان هنالك من يدعي بان هنالك حركة اسلامية ولا تقول شيئاً عن الحريات و الفساد و ما يجرى في الساحة السياسية فهذه ليست الحركة الاسلامية.
- ولكن ماذا عن الحركة الاسلامية الموجودة الان برئاسة الاستاذ علي عثمان محمد طه؟
والله هذه حركة حكومية، الحركة الاسلامية هي التي تحكم و لكن هذه حركة محكومة، و حركة حكومة. الحركات الاسلامية لا تقوم في كنف الحكومة، و لم نسمع من قبل بحركة تقوم في كنف الحكومة.
- ولكنكم قبل ان تخرجوا من الحكومة كنتم في الحركة الاسلامية و كنتم في الحكومة، فما العيب في ذلك؟
وقتها، الحركة الاسلامية كانت هي الحاكمة ولم تكن محكومة بحكومة، لانها كانت تحكم و اتت بـ(الانقاذ) و لم يقم بذلك عساكر. و بالتالي كانت حركة حاكمة و ليست محكومة كما هو موجود الان. و الخلاف الذى دار الان حول ان لا يكون رئيس الجمهورية هو رئيس المؤتمر الوطني هو خلاف قديم، وقلنا من قبل اذا اصبح رئيس الجمهورية رئيساً للمؤتمر الوطني سوف يصبح الحزب مثل الاتحاد الاشتراكي، وانتم تعلمون ماهو الاتحاد الاشتراكي.
* الازمة في دارفور طالت و إستطالت، في وجهة نظرك ماهو المخرج منها؟
الازمة ليست ازمة دارفور و إنما ازمة السودان، الحديث عن ان هنالك ازمة في دارفور كلام خاطىء، و من الناحية السياسية هو كلام مبتور لان الازمة هي ازمة السودان و ازمة مركزية. و لذلك الحلول في المركز و ليس في دارفور، و الحديث عن الحوار الدارفورى-الدارفورى و ما الي ذلك هو ملهاة زمنية لان المشكلة هي مشكلة كل السودان، و لنتخذ من دارفور مثال و نموذج لما يحدث في كل السودان. فالقضية في المركز، و المركزية اليوم قابضة علي كل شىء، و المركزية نفسها دخيله علي السودان اتت مع الاستعمار، انا اعتقد بان هذه هي القضية. ليس هنالك قضية في دارفور اليوم حتي يذهب الناس لحلها و انما قضية مركز، ومؤتمر جوبا اشار الي هذا ايضاً. و البعض يقول قضية الجنوب، الشرق و الغرب و هذا شىء خاطيء ليس هنالك قضية في هذه المناطق و انما القضية قضية مركز، ولذلك لا بد من وضع حد للمركز او للمركزية. وهنالك خلط ما بين المركزية و الوحدة، و هذا ليس صحيح لانه ربما اكون وحدوياً ولكني لست مركزياً. و المركزية ليست صنواً للوحدة، و الوحدة مطلوبة و المركزية مرفوضة. و المركزية هي، ان يكون شخص واحد يقرر للاخرين ماذا يفعلون، فانا ضد هذا و ارفضه تماما. ونحن شاركنا في الحكم الاتحادى، و الحكم الاتحادى اتت به الحركة الاسلامية ليس هنالك شك. و الحكم الاتحادى و الذى يتحدثون عنه الان، و تقسيم الولايات كل هذا اتت به الحركة الاسلامية، و نُحاسب عليه في المستقبل. و حق تقرير المصير الذى انجزناه في فرانكفورت في 1992م عليهم ايضاً ان يحاسبوننا عليه لاننا اتينا به ايضاً. و اتت الحركة الاسلامية بحق تقرير المصير لاننا ادركنا باننا لا نستطيع فرض الوحدة علي الجنوب، ولا نستطيع فرض اى شيء علي الاخرين، و لا اكراه في الدين، ولا اكراه في الوحدة، و لا اكراه في الحريات و لا اكراه في اى شىء اخر، وهذا هو الدين. و يُحمد للحركة الاسلامية انها فطنت لحق تقرير المصير باكراً منذ يناير في عام 1992م و ما عرف وقتها بـ(إعلان فرانكفورت). و لذلك انا اعتقد بان هذه قرارات الحركة الاسلامية، و لم تكن قرارات افراد. وهنالك افراد يقولون هذه كانت قرارات افراد لكن هذا كله حديث غير صحيح. و مؤتمر جوبا الان تجاوز كل هذه الاشياء، وحكاية (دا الناس ما قالوه قبل كده!) انتهت، و انا مع حق تقرير المصير و مع الحريات، و لا يمكن ان ناتي بالوحدة الا باختيار اهل الجنوب، و لذلك انا اعتقد بان الحريات اساسية و اهم من كل شىء.
* الي ماذا تعزو التغييرات الاخيرة التي حدثت في قيادة جهاز الامن و المخابرات الوطني؟
و الله هذه التغييرات في اشخاص، وانا اعتقد بان المشكلة ليست في الاشخاص و انما في قانون الامن الوطني الذى لم يتغير، حدث تغيير شكلي وهو تغيير اشخاص و لم يحدث تغيير في قانون الامن و يجب ان يتم تغيير القانون نفسه. وانت ذكرت لي بان الرقابة رُفعت عن الصحف، و لكن قانون الامن الوطني لم يتغير و بالتالي ليس هنالك معني لتغيير الاشخاص. و الرئيس خاف من رئيس الجهاز لان رئيس الجهاز اصبح يتخذ قرارت تخالف قرارات رئيس الجمهورية، وعلي اي حال هذا شان الرئيس، ولكني اعتقد بان الرئيس غير قيادة جهاز الامن لمسالة شخصية بحته و خوفاً علي نفسه. وانت تعيش في الخارج و تعلم بالمعلومات التي تقول بان رئيس الجهاز مختلف مع الرئيس، و كان يمكن ان تحدث اشياء كثيرة، و الامثلة كثيرة، علي اي حال هذا شان يخصهم.
* اذا عادت بك الايام الي ليلة الثلاثين من يونيو عام 1989م، هل كنت سوف تنصح بالانقلاب علي الحكومة الديمقراطية وقتها؟
بالمعطيات التي كانت موجودة وقتها اقول نعم، ولكن بالممارسة، اليوم اقول لا. و بالمعطيات التي كانت موجودة وقتها اتخذنا القرار بالانقلاب، وهو قرار لم يات من فراغ، ولكن بالممارسة و النتائج التي رايناها اكتشفنا بان قرار الإنقلاب كان قرار خاطىء. وهذان وضعان مختلفان، لان القرار بان الانقلاب وقتها كان صائباً، و لكن بعد الممارسة اكتشفنا باننا كنا علي خطأ. و انا هنا لا اعتذر ولكن اقول بان فترة الديمقراطية الاخيرة النتائج كانت سلبية بالنسبة لنا في الحركة الاسلامية، بل كانت سلبيه حتي للحركة الشعبية، ولكن الان الاوضاع و القبضة الامنية في دارفور و الشرق و كل انحاء السودان قوية و لم نكن نرِد ذلك، ولذلك انا اقول بما نراه الان من نتائج الانقلاب كان عمل خاطىء.